البحث

عبارات مقترحة:

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

الغني

كلمة (غَنِيّ) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (غَنِيَ...

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

غلاء الأضاحي

العربية

المؤلف عبد الله المؤدب البدروشي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الهدي والأضاحي والعقيقة - المعاملات
عناصر الخطبة
  1. تسخير الله الناس بعضهم لبعض في التعامل .
  2. خطر جشع التجار واغتنامهم حاجة المضطرين .
  3. أهمية القناعة وأثرها .

اقتباس

تعالوا نرجع إلى الله تعالوا نتصالح مع ديننا نفتح أبواب الخير نفتح أبواب البر نفتح أبواب الأخوة الصادقة ليقف البائع عارضاً ما عنده بكل أمانة وبكل صدق وبكل إخلاص وليتقدم المشتري قابلا لحاجته بكل مودة واطمئنان فتتنزل البركات من رافع السماوات وتجمع بين الطرفين أواصر المودة والرحمة والأخوة في الله فيبيع البائع وشاهده في ذلك خالقه الذي يراه ويرى تصرفه وتعامله ..

 

 

 

الحمد لله الذي جعل المؤمنين إخوة في الدين وأمرهم بالتراحم وحسن التعامل والتعاون المتين أشهد أن لا إله إلا الله أحل البيع والشراء وحرم التحايل, والإفراط في الغلاء وأشهد أن سيدنا وحبيب قلوبنا محمداً عبدك ورسولك بعثته رحمة للناس أجمعين وهاديا بوحيك لسماحة هذا الدين

اللهم صل عليه في الأولين والآخرين وارض اللهم على آله وأصحابه الأكرمين الأطهرين واجعلنا اللهم من أتباع نهجه المبين واحشرنا تحت لوائه المتين واجعله شفيعنا وقائدنا إلى جوارك الأمين

أما بعد:

إخوة الإيمان والعقيدة: الذي قسم الأرزاق بين الناس هو خالق الناس جعل من التفاوت بينهم في الرزق حكمة وجعل من وسائل عيشهم, وأماكنها رأفة منه ورحمة يقول الله تبارك وتعالى: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا) فالغني يحتاج إلى الفقير لأعماله والفقير يحتاج إلى الغني في الترزق من ماله وأهل المدينة مسخرون بما لديهم لأهل البادية وكذلك أهل البادية مسخرون لأهل المدينة بما عندهم وما عند هؤلاء وهؤلاء كله من عند الله ولذلك جعل الله ما عند الجميع ابتلاء منه للجميع فقال عز وجل (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ)

فالمال مال الله -إن توفر أو ندر- فهو امتحان من الله، والرزق من عند الله -إن كثر أو قل- فهو ابتلاء من الله يقول جل وعلا: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ).

ومن أنواع الإبتلاء: الغلاء عند البيع والشراء وما نعيشه هذه الأيام ونتحير منه شدة غلاء الأضاحي وارتفاع أسعار الأغنام فيعجز الفقراء عن الشراء ويلجأ آخرون إلى السلفة والاقتراض وقد يستعمل البعض طرقاً غير مشروعة لتوفير ما يحتاجون إليه وبذلك يظهر الفساد ويكثر التحايل ويستحل الغش وبذلك كذلك ينتشر الكسب الحرام القائم على المغالاة واستغلال المناسبات واغتنام تلهف الناس وإقبالهم على الشراء مضطرين فيربح البائع ولكن ما يربح إلا خسارا

روى الإمام البيهقي في السنن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "مَنْ دَخَلَ في شيء مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَقْذِفَهُ في مُعْظَمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

فما قيمة هذه الدنيا إذا قامت على الغش والتحايل ما قيمة الدنيا إذا قامت على الاحتكار والزيادة المشطة في الأسعار لماذا يلجأ البائع إلى ارتفاع التكلفة ليبيع بأغلى الأثمان رغم نزول الغيث وخصب المراعي ثم إذا وقع التوريد وكثر العرض لماذا تنزل الأثمان لماذا لا يحافظ صاحب التكلفة على أسعاره المرتفعة لماذا يخفض فهل يبيع خاسرا؟

من أجل ذلك اغتنام حاجة المضطرين بالزيادة في رفع الأثمان حرام في الإسلام وما دمنا مسلمين فالذي بيننا قول ربنا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) لا بد أن أعود بأضحيتي وأنا راض عن ثمنها حتى يكون ثمنها حلالاً عليك هذا الدين العظيم أمرني وأمرك أن نكون مختارين وصادقين في بيعك وشرائي

جاء في صحيح الإمام مسلم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا, محقت بركة بيعهما" وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتعفف والسماحة. فقال: "رحِم الله رجلاً سمحًا إذا باع, وإذا اشتَرى وإذا اقتَضَى" رواه الإمام البخاري.

فلماذا المغالاة؟ وقد نهانا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه ولا يحقره ".

ومن أين جاء الغش للمسلمين؟ وهل رأيت -أيها المسلم- من استفاد من الغش؟ هل رأيت من كون ثروة بالتحايل؟ هل رأيت من عاش سليماً في جسمه من أكل الحرام ثم هذه الأيام تجري والأعوام تجري والأعمار تنقضي؛ فهل رأيت من حمل معه شيئاً إلى قبره؟

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعائه الذي كان كثيراً ما يدعو به "اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه".

هي القناعة لا تبغي بها بدلاً

فيها النعيم وفيها راحة البدنانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن

فلماذا هذا الصخب ولماذا هذا الجري والتعب.

بائع الأغنام يقنع بالربح القليل تتنزل فيه البركة من عند الله وذلك القليل -بإذن الله- يثمر الكثير، والمشتري يقنع بما يكفي وبما يستر؛ فلماذا هذا الشطط وما سببه لقد بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ خمسة عشر قرنا فقال وقوله في صحيح الإمام مسلم "مَنْ يَأْخُذْ مَالاً بِحَقِّهِ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ وَمَنْ يَأْخُذْ مَالاً بِغَيْرِ حَقِّهِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الذي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ" يصيبه النهم كلما جمع مالاً رغب في المزيد فإذا أردنا الأمان والبركة والرضا والهناء ورخص المعيشة والتراحم والتآلف -الحل بين أيدينا- أن نعود لديننا أن نعود للدين القيم أن نطبق شرائع الإسلام أن نحتمي بمحمد صلى الله عليه وسلم

أن نخشى الله أن نخاف الله أن نتقي الله يقول خالقنا وقوله الحق (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) تعالوا نصطلح مع الله تعالوا نجعل الله رقيبا على أعمالنا رقيباً على أقوالنا رقيباً على معاملاتنا لقد جعل لنا في كتابه العزيز آيات تهدينا وآيات تذكرنا وآيات توقظنا

أليس في كتابنا قوله جل وعلا (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) أليس في كتابنا قوله تبارك وتعالى (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) أليس في كتابنا قول ربنا (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) أليس في قرآننا قول خالقنا (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)

تعالوا نرجع إلى الله تعالوا نتصالح مع ديننا نفتح أبواب الخير نفتح أبواب البر نفتح أبواب الأخوة الصادقة ليقف البائع عارضاً ما عنده بكل أمانة وبكل صدق وبكل إخلاص وليتقدم المشتري قابلا لحاجته بكل مودة واطمئنان فتتنزل البركات من رافع السماوات وتجمع بين الطرفين أواصر المودة والرحمة والأخوة في الله فيبيع البائع وشاهده في ذلك خالقه الذي يراه ويرى تصرفه وتعامله ويعود المشتري بأضحيته وهو مطمئن على سلامتها من العيوب راض على ماله الذي قدمه ثمنا لها لتعود الأمة كما كانت من قبل وكما مجدها ربها وخالقها بقوله جل جلاله (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).

اللهم إنا نسألك من النعمة تمامها ومن الصحة دوامها ومن العيش أرغده ومن العمر أسعده اللهم عمم وفاقنا ومتن ميثاقنا ويسر أرزاقنا وسهل معيشتنا ورخص أقواتنا واجعلنا على البر متآلفين أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم.