البحث

عبارات مقترحة:

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

الغفار

كلمة (غفّار) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (غَفَرَ يغْفِرُ)،...

العالم

كلمة (عالم) في اللغة اسم فاعل من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

من أسباب التوفيق

العربية

المؤلف أحمد بن محمد العتيق
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك
عناصر الخطبة
  1. عِظَمُ نعمةِ التوفيق .
  2. سمتُ العبد الموفَّق .
  3. من أسباب التوفيق .

اقتباس

إن من أعظم النعم التي ينعم الله بها على عبده, نعمة التوفيق, فإنها نعمة عظيمة, لا تحصل لكلّ أحد, وإنما تحصل لمن قام بأسبابها؛ لأن العبد لا يملكها, وإنما هي بيد الله وحده؛ قال -تعالى- عن عبده شعيب -عليه السلام-: (وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) [هود:88]...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران:102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِين ءَامَنُواْ اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإنّ خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النّار.

عباد الله: إن من أعظم النعم التي ينعم الله بها على عبده, نعمة التوفيق, فإنها نعمة عظيمة, لا تحصل لكلّ أحد, وإنما تحصل لمن قام بأسبابها؛ لأن العبد لا يملكها, وإنما هي بيد الله وحده؛ قال -تعالى- عن عبده شعيب -عليه السلام-: (وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) [هود:88]. فينبغي للمؤمن أن يبذل أسبابها كي يكون من الموفقين.

والعبد الموفق, هو الذي قام بطاعة الله وانشغل بها, وحرص عل تحصيل ما ينفعه في أمور الدين والدنيا.

وأسباب التوفيق كثيرة:

أولها: التبرؤ من الحول والقوة؛ فإن العبد لا حول له ولا قوة إلا بالله, فإن نسي ذلك وتعلق بغير الله, أو أعجب بنفسه, فرآها أهلا للنجاح على وجه الاستقلال, خاب وخسر في سعيه, ويخشى أن يعجّل الله عقوبته, ليريه خيبته قبل موته، والعياذ بالله!.

وقد ذكر الله -تعالى- في كتابه قصة قارون وما بدر منه من الاعتداد بنفسه, وأنه صاحب الفضل الأول في حصول ثروته، كما أخبر الله عنه بقوله: (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي) [القصص:78], حيث نسب النعمة إلى نفسه ونسي الله, فذكر الله -تعالى- عاقبة هذا العجب والغرور بقوله: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ) [القصص:81].

ومثله أيضا, صاحب الجنتين الذي قصّ الله خبره في سورة الكهف, وما أخبر الله عنه من الاغترار بما أوتي, وكانت نهاية هذا العجب والغرور ما ذكره الله بقوله: (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا) [الكهف:42].

فهذه -يا عباد الله- حال من أعجب بنفسه وعمله, ونسي الله, هذه هي سنّة الله فيه.

فيجب على المؤمن أن يستحضر ذلك, وأن يعلم بأنه ما من نعمة أو حسنة تحصل له, سواء كانت علما, أو منصبا, أو شهادة دراسية, أو تجارة, أو عمارة, أو قوة وجاها, فإنها من الله سبحانه, وأنه لولا الله, ما تقدم خطوة واحدة نحو النجاح. ولا يعني ذلك ترك الأسباب؛ فإن بذل السبب في تحصيل المنافع أمر لا بد منه.

الثاني من أسباب التوفيق: الدعاء, فإنه باب عظيم لا ينبغي للمسلم أن ينساه, وذلك بأن يطلب العبد التوفيق وصلاح الشأن في أموره, ممن بيده الأمر كلّه, وهو الله سبحانه وتعالى. ويدخل في الدعاء, المداومة على قراءة الأوراد الصباحية والمسائية.

الثالث: التوكل على الله, والثقة به؛ فإن من توكل على الله كفاه.

الرابع: بذل أسباب الفوز بمحبة الله تعالى, فإن من أحبه الله حاز على كل فضيلة ومصلحة في الدين والدنيا, ويكفي في ذلك, ما أخبر الله به في الحديث الذي يرويه النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ربّه تبارك وتعالى, أن الله لما ذكر عبده المحبوب, قال: "فإذا أحببته, كنت سمعه الذي يسمع به, وبصره الذي يبصر به, ويده التي يبطش بها, ورجله التي يمشي بها, وإن سألني لأعطينّه, ولئن استعاذني, لأعيذنّه".

فمن أحبه الله فاز بهذا الفضل العظيم، وليس كلّ أحد يناله, لأن محبة الله لا تنال إلا بأسبابها, كما قال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [آل عمران:31]، وقال تعالى: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [آل عمران:76]، والتقوى -يا عبد الله- باب عظيم من أبواب التوفيق, (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) [الطلاق:4].

الخامس: الاستشارة؛ فإنها باب مهم من أبواب التوفيق، وكلّ باب تطرقه, ينبغي أن تستشير أهل المعرفة فيه, وإياك أن تعتدّ برأيك, فلا تبالي بمن يشير عليك وينصح لك! وكذلك إذا أتتك مشورة من ناصح, بخصوص عمل تريده, فاستمع إليها وإن كنت لست ملزما بالأخذ بها, ولكن لابد من سماعها؛ لأنك قد تحتاجها, خصوصا الشباب, فإن كثيرا منهم لا يبالون بما يسمعونه من مشورة ونصائح ذوي الخبرة والمعرفة, وكذلك لا يهتمون بنصح وتوجيه آبائهم لهم, فيما فيه مصلحتهم, فيقعون كثيرا في الحرج.

والشابّ الموفّق, هو الذي يجمع بين معرفته وعلمه, وبين خبرة غيره ممّن هم أكبر سنا وأكثر تجربة.

وقد أمر الله -تعالى- نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالاستشارة فقال: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) [آل عمران:159]، وقال -تعالى- في وصفِ عباده المؤمنين: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) [الشورى:38].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذّكر الحكيم. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب؛ إنّه هو الغفور الرّحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

أمّا بعد: عباد الله: ومن أسباب التوفيق, الحرص على صلاة الاستخارة, فإنها مهمة جدا, ويكفي في ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم-, كان يعلّم الصحابة -رضي الله عنهم- الاستخارة في الأمور كلها, كما يعلّمهم السورة من القرآن؛ لأهميتها في حياة المسلم، وما ندم من استخار أرحم الراحمين, وخير الرازقين, واستشار المؤمنين الناصحين.

اللهم رحمتك نرجو, فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين, وأصلح لنا شأننا كله, لا إله إلا أنت، اللهم وفقنا لما يرضيك عنا، وجنبنا ما يسخطك علينا.

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وفقهنا في دينك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا وأحوالنا، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر.

اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا عسيرا إلا يسرته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا أعنتنا على قضائها ويسرتها، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاما ومحكومين، اللهم أنزل على المسلمين رحمة عامة، وهداية عامة يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلّ الشرك والمشركين واحم حوزة الدين، وانصر عبادك المؤمنين في كل مكان.

اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين في كل مكان.

اللهم عليك بالكفرة والملحدين الذين يصدون عن دينك ويقاتلون عبادك المؤمنين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم، اللهم سلط عليهم من يسومهم سوء العذاب يا قوي يا متين.

اللهم وفق ولاة أمرنا لما يرضيك، اللهم وفقهم بتوفيقك، وأيّدهم بتأييدك، واجعلهم من أنصار دينك, وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، اللهم حببّ إليهم الخير وأهله، وبغّض إليهم الشر وأهله يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت:45].