البحث

عبارات مقترحة:

المقتدر

كلمة (المقتدر) في اللغة اسم فاعل من الفعل اقْتَدَر ومضارعه...

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

المحيط

كلمة (المحيط) في اللغة اسم فاعل من الفعل أحاطَ ومضارعه يُحيط،...

شرط الشفيع

الشفعة شرعت لدفع الضرر المتوقع، وهذا المعنى قد يكون في الشريك، وقد يكون في غيره كالجار الملاصق مثلًا، ولكن الشرع خصه في الشريك الذي لم يقاسم، وهو الذي يشترك مع غيره في الأصل وملحقاته، كأن يكون شريكًا في الدار - مثلًا - ومرافقها وطريقها، او في الأرض وحق شربها وحظائرها ونحو ذلك، كما صرح به الحديث: "في كل ما لم يقسم". وصاحب الحق هذا يسمى: ‌الشفيع. فإذا قسمت الدار او الأرض، واصبح كل من الشركاء مستقلا بنصيبه، فباع احدهم ما يملكه لأجنبي، أي غير واحد من الشركاء السابقين، فليس لهم ان يأخذوا هذا النصيب بحق الشفعة، حتى ولو كانت المرافق - كالممر وحق الشرب ونحو ذلك - مشتركة، لما جاء في الحديث: "فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة" وهؤلاء المستقلون بحصصهم، والمشتركون بالمرافق، يسمى كل منهم بالشريك المخالط. واذا لم تثبت الشفعة للشريك المخالط فلا تثبت للجار الملاصق وغيره من باب أولى. ولم تثبت الشفعة لغير الشريك الذي لم يقاسم - مع ان المعنى الذي شرعت من اجله، وهو دفع الضرر المتوقع، قد يوجد في غيره - لأنها شرعت كما علمت على خلاف الأصل، اذ الأصل ان لا يتملك احد شيئا قهرا عمن ملكه، وقد علمت ان الشفيع يتملك الحصة قهرا عن المشترى الذي ملكها بالشراء من الشريك القديم الشفيع. والمراد بالأصل هنا: المعنى الذي يراعيه التشريع في غالب احكامه، وهو الذي يسميه العلماء: علة الحكم، وقد يطلقون عليه كلمة: القياس. والقاعدة في التشريع الاسلامي: ان كل ما ثبت على خلاف الأصل يقتصر فيه على ما ورد بالنص، ولا يلحق به غيره، وقد يعبرون عن هذا بقولهم: ما ثبت على خلاف القياس فغيره عليه لا يقاس. وقد ورد النص الصحيح الصريح هنا بثبوت الشفعة للشريك الذي لم يقاسم، فلا يلحق به غيره من شريك مقاسم اوجار ولا يقاس عليه. وما جاء من قوله : "الجار احق بسبقه" ليس صريحا في ثبوت حق الشفعة، انما هو من باب الحث على تحصيل النفع للجار وانه اولى بالإحسان من غيره. على ان كلمة الجار عامة في اللغة، فتشمل الشريك وغيره. والأولى تفسيرها في الحديث بالشريك الذي ذكرناه، لأن ابا رافع رضى الله عنه اورده بهذا المعنى حين طلب من شريكه ان يشتري بيتيه - أي غرفتيه - اللتين في داره، وواضح ان الدار لم تكن مقسومة، والله تعالى اعلم. تزاحم الشفعاء: علمنا أن الشفيع هو الشريك، فقد يكون للشريك البائع حصته اكثر من شريك، فيكون اصحاب الحق في الشفعة متعددين، وقد تكون حصصهم متساوية - كما لو كانوا يملكون الدار المبيعة ثلاثًا مثلًا - وقد تكون متفاوتة، كما لو كان احدهم يملك الربع والثاني الربع والثالث النصف مثلا، فاذا باع احدهم حصته، وليكن صاحب الربع مثلا، واراد شركاؤه جميعا اخذ نصيبه بالشفعة، فهل يأخذونه بالسوية حسب عددهم، ام ان كلا منهم يأخذ بنسبة حصته؟ والجواب: ان كلا منهم يأخذ بنسبة حصته، فمن كان له الربع يأخذ ثلث الحصة، ومن كان له النصف يأخذ ثلثيها، لأن سبب الاستحقاق هو الملك وهم متفاوتون فيه، فيتفاوتون في الاستحقاق. تجزئة الشفعة: حق الشفعة من الأمور التي لا تتجزأ، فالشفيع: اما ان يأخذ نصيب شريكه المباع جميعه، واما ان يتركه. فاذا كان هناك اكثر من شفيع - كما سبق - ولم يرد بعضهم الأخذ بالشفعة، واسقط حقه: فالأصح ان باقي الشفعاء - او الشفيع الآخر - يخير بين اخذ الجميع او ترك الجميع، كما لو كان شفيع واحد، وليس لمن لم يسقط حقه ان يأخذ بقدر حصته. وذلك لكي لا تفرق الصفقة وتبعض على المشتري، فيناله بذلك ضرر، لأن مصلحته قد تكون في الجميع، ولا يتحق غرضه في البعض. غيبة بعض الشفعاء: اذا كان احد الشفعاء او بعضهم غائبا كان للحاضرين طلب الشفعة والأخذ بها، وتقسم بينهم على قدر حصصهم كما علمنا، لأن الغائب في حكم من اسقط حقه، فلم يبق للحاضرين مزاحم، فلهم ان يأخذوا الكل، وليس لهم الاقتصار على قدر حصصهم كما علمنا، اذ من المحتمل ان لا يأخذ الغائب حصته اذا حضر فتتفرق الصفقة على المشتري: فإذا اخذ الحاضرون الكل ثم حضر الغائب، كان له الحق ان يطالب بنصيبه، وقاسم الشركاء فيما اخذوا بنسبة ما كان يملك. والأصح: أن لمن حضر من الشفعاء أن يؤخر الأخذ بالشفعة حتى يحضر الغائب، وذلك لأنه قد يكون له غرض ظاهر في هذا، فقد يكون غير قادر على أخذ الجميع، أو لا يرغب أن يأخذ ما قد يؤخذ منه إذا حضر الغائب. "الفقه المنهجي" لمجموعة من المؤلفين.