البحث

عبارات مقترحة:

المتعالي

كلمة المتعالي في اللغة اسم فاعل من الفعل (تعالى)، واسم الله...

الكريم

كلمة (الكريم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل)، وتعني: كثير...

المليك

كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...

البنوك الطبية ونقل الأعضاء

يقصد بالنقل والتعويض الإنساني: نقل قطعة من جلد إلى مكان آخر من بدنه، أو نقل عضو، أو دم، من بدن إنسان متبرع به إلى بدن إنسان آخر، يقوم مقام ما هو تالف فيه أو مقام ما لا يقوم بكفايته، ولا يؤدي وظيفته بكفاءة وقد اشتهر بلقب: زراعة الأعضاء الإنسانية. غرس الأعضاء. انتفاع الإنسان بأعضاء الإنسان. ترقيع الأعضاء. والدم بخصوصه اشتهر بلقب: " نقل الدم "، و " التلقيح بالدم ". لكن هنا من النقولات ما لم يشمله هذان اللقبان وهو: النقل لغير دمٍ أو عضو كنقل قطعة من جلد، إذ لا يطلق عليها " عضو "، وأن يكون النقل إليه أو إلى إنسان آخر. ويمكن تقسيمها باعتبارين: أولاً: أقسامها باعتبار المنقول وهي ثلاثة: 1- نقل الدم. 2- نقل عضو. 3- نقل ما دون العضو كقطعة جلد، أو بعض شريان. ثانياً: أقسامها باعتبار طرفي النقل: 1- النقل الذاتي أي من بدن الإنسان إليه ذاته من مكان إلى آخر مثل ترقيع الشفة بقطعة من الفخذ، وترقيع الجفن بقطعة من الشفة. 2- النقل من حي إلى حي. 3- النقل من ميت إلى حي. وللترابط بين هذين التقسيمين بهذين الاعتبارين في ترتيب الحكم فإنه يمكن لنا حصر النقولات في أقسامها الأربعة الآتية: القسم الأول: نقل الدم من إنسان حي إلى آخر. ويقال: التبرع بالدم وهذا أوسعها انتشاراً. القسم الثاني: النقل الذاتي: من الإنسان إليه ذاته. وهذا يليه في الانتشار، خاصة في عمليات التجميل. القسم الثالث: النقل لعضو ونحوه من حي إلى حي، للعلاج. القسم الرابع: النقل لعضو ونحوه من إنسان ميت إلى حي، للعلاج. وقد وصل الطب إلى عدد من مفردات النقل منها: 1- نقل القرنية: وقد أقيم لها مراكز عالمية. والقرنية، هي الجزء الأمامي من جدار المقلة، وهي قرص صلب شفاف يغطي سواد العين وتمتاز عن معظم أنسجة العين، وأنسجة الجسم كلها بأنها شفافة للضوء. 2- نقل الكلى وزرعها. وقد أقيم مراكز عالمية لها. 3- العظام. 4- نقل شريان من الساق مثلاً للقلب. 5- توصيل الأمعاء المستأصلة. استئصال الأمعاء، وتوصيلها. 6- المفاصل. 7- البنكرياس وخلاياه. 8- نقل القلب وزرعه. 9- الكبد. 10- الرئتان. 11- العضو التناسلي، والغدد التناسلية. النقل والتعويض بين رتب المصالح الضرورية والحاجية والتحسينية يمكن تصنيف دواعي النقل والتعويض إلى ثلاث مراتب: 1- ما يقع في مرتبة الضرورة، والضرورة تكون فيما تتوقف حياة الإنسان عليه. 2- ما يقع في مرتبة الحاجة، كالقرنية. 3- ما يقع في مرتبة التحسينات، كسن وتسوية شفة ونحوها. تقسيمها باختلاف الدين النقل والتعويض ينقسم باعتبار اختلاف الملة إلى قسمين: النقل من مسلم إلى كافر، وعكسه، لا سيما إذا كان بين ولد مسلم ووالدته الكتابية. وللأطباء تقسيمات أخر باعتبار: الذاتية: أي كونها من الجسم ذاته وإليه من منطقة إلى أخرى. والتماثل: كالنقل بين التوأمين. والتباين: كالنقل بين آدميين. والدخيلة: كالنقل من حيوان، أو مصنَّعة إلى آدمي. لكن هذه التقسيمات الطبية لا يترتب عليها اختلاف في الحكم الشرعي، سوى " الدخيلة ". وباعتبار عملية التعويض يقسمها الأطباء إلى تقسيم آخر إلى قسمين : 1- الموضع السوي: بمعنى غرس أو زرع العضو في مكان التالف ذاتاً أو منفعة. وهذا في: القلب والرئتين والكبد والقرنية. 2- الموضع المختلف: بمعنى زرع العضو في غير محله التالف. مثاله: زرع الكلى في الحفرة الحرقفية بدلاً من موضعها في الخاصرة. النقل من ميت لحي يتصور من حيث الإذن وعدمه إلى الصور الآتية: 1- ميت أذن قبل وفاته. 2- ميت لم يعقب وارثاً. 3- ميت عقب وارثاً ولم يأذن الوارث. 4- ميت عقب ورثة فأذن بعضهم. 5- ميت عقب ورثة فأذنوا جميعهم. التخريج الشرعي للمنقولات أولاً: التخريج للتغذية بالدم في أعقاب الإنجاز الطبي الحديث بنقل الدم من إنسان إلى آخر تعويضاً له عن نقص في مادة الدم أو عن نزيف حصل له كالحال في بعض الحوادث، وحالات الولادة ولقاء إجراء العمليات وهكذا - حصل تقليب العلماء للنظر فيها وتخريجها على ما يمكن تخريجها عليه، والتنظير لها بفروع من بابها، وكيف الاعتذار في نظر المبيح عن حديث النهي عن التداوي بالمحرمات وكتبت في هذا أبحاث، ورسائل، وبعد تطواف كبير استقرت كلمة أهل العلم على الجواز في محيط الشروط والضوابط الآتية وهي: 1- قيام الضرورة وتحققها. 2- عدم وجود بديل له مباح. 3- غلبة الظن على نفع التغذية به. 4- تحقق عدم الخطر على المأخوذ منه. 5- توفر رضا المأخوذ منه وطواعيته. 6- أن يكون النقل بالتعويض بإجراء طبيب ماهر. 7- أن تكون التغذية به بقدر ما ينقذه فالضرورة تقدر بقدرها. والمدرك الفقهي لهذه المسألة، الذي ينفي الاضطراب ويقطع اختلاف الأقوال هو: أن نقل الدم من إنسان إلى آخر في إطار الشروط المذكورة ومن أهمها (الاضطرار) هو: (من باب الغذاء لا الدواء) فكمية الدم نقصت مادتها فيحتاج إلى تغذيتها، ولهذا فهو داخل في حكم المنصوص عليه بإباحة تناول المضطر في مخمصة من المحرمات لإنقاذ نفسه من الهلكة كما في آيات الاضطرار ومنها قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنْزِيرِ﴾ إلى قوله: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. ولو قيل هو من باب الدواء فيقال: (إذا اضطررنا إليه فلم يحرم علينا حينئذ، بل هو حلال فهو لنا حينئذ شفاء). هذا وقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مواضع: أن دم الآدمي طاهر ما دام في جسده فإذا ظهر وبرز كان نجساً، ورد على من قال بنجاسته ما دام في جسد الآدمي بوجوه متعددة من أهمها: عدم الدليل على تنجيسها والأصل الطهارة، وإن خاصية النجس وجوب مجانبته في الصلاة، وهذا مفقود فيها في البدن من الدماء وغيرها، ومنها: (أن الدماء المستخبثة في الأبدان وغيرها، هي أحد أركان الحيوان التي لا تقوم حياته إلا بها حتى سميت نفساً، فالحكم بأن الله يجعل أحد أركان عباده من الناس والدواب نوعاً نجساً في غاية البعد). لكن بقي هنا أبحاث: الأول: أن الأصل هو التبرع به، وبيعه فيه إهدار لكرامة الإنسان وقيمته. وفي هذا بحث سيأتي إن شاء الله تعالى في آخر أبحاث هذه النازلة. الثاني: النقل والتعويض للدم بين مختلفي الديانة كمسلم وكافر، كحال من كانت أمه كتابية ووالده مسلم. الثالث: جمع الدم في (بنوك الدم) تحسباً لوجود المضطر ومفاجأة أحوال الاضطرار وتكاثرها، تقتضي ذلك. فهو تبرع من مالكه بشرطه من عدم التأثير على صحته. .. لمضطر يحتاج إليه. وقد نص بعض أهل العلم على ما هو أقل من هذا في تزود المضطر مما أبيح له أكله ضرورة. قال البهوتي في (كشاف القناع) : (وللمضطر أن يتزود من المحرَّم إن خاف الحاجة إن لم يتزود) اهـ. ثانياً: التخريج الشرعي للنقل الذاتي النقل الذاتي من مكان من بدن الإنسان إلى مكان آخر منه ذاته هو في الحكم كإجراء عملية له كالفتق، والزائدة الدودية، وقطع العضو المتآكل، وهذا طرداً لقاعدة التداوي: " الجواز " في إطار شروط التداوي العامة. والله أعلم. ثالثاً: النقل من حي إلى حي النقل من حي إلى حي، لا يخلو من حيث التأثير على حياة المنقول منه وصحته من واحد من الأحوال الآتية: 1- لا تأثير له بأي ضرر مطلقاً كنقل قطعة من جلد ونحوه مما لا تتوقف حياته ولا صحته عليه. وهذا أمر افتراضي ولم نعلم في أبحاث الطب نقلاً من هذا النوع. 2- نقل يؤدي إلى ضرر جزئي محتمل لا خطر معه على صحته ولا حياته، مثل: نقل سن، أو نقل دم. فهذا افتراض لا نعلمه في أبحاث الطب سوى نقل الدم للتغذية به وقد تقدم بيانه. 3- نقل يؤدي إلى ضرر بالغ بتفويت أصل الانتفاع أو جلّه كقطع كلية، أو يد، أو رجل. .. والذي يظهر والله أعلم تحريمه وعدم جوازه، لأنه تهديد لحياة متيقنة بعملية ظنية موهومة أو إمداد بمصلحة مفوتة لمثلها بل أعظم منها. ولأن حق الله تعالى متعلق ببدن الإنسان قال الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ فمن يفتقد عضواً عاملاً في بدنه يرتفع عنه بمقدار عجزه عدد من تكاليف الشريعة ﴿لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى المَرِيضِ حَرَجٌ. .. ﴾. فكيف يفعل الإنسان هذا بنفسه وإرادته ويفوت تكاليف مما خلق من أجْلِها ليوفرها لغيره بسبيل مظنون، فالضرر لا يزال بمثله، فهذه المصلحة المظنونة بتفويت المتيقنة مما يشهد الشرع بإلغائها وعدم اعتبارها. 4- نقل يؤدي إلى الخطر على الحياة أو الصحة، أو يؤدي إلى الموت، كنزع القلب، والرئة. .. فهذا قتل للنفس، وانتحار بطيء، والله تعالى يقول: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ وهو من أشد المحرمات في الشرع والفطرة. الرابع: النقل من ميت إلى حي اعلم أن المراد بالميت هنا هو من فارقت روحه بدنه بانقطاعها عن بدنه انقطاعاً تاماً من توقف دقات قلبه طبعياً، أو صناعياً، واستكمال أماراته. فهذه هي الوفاة التي تترتب عليها أحكام مفارقة الإنسان للدنيا من انقطاع أحكام التكليف، وخروج زوجته من عهدته، وماله لوارثه، وتغسيله، وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه. .. أما نصب (موت الدماغ، أو: جذع الدماغ) تحقيقاً لمدته مع نبض قلبه ولو آليا فهذا في نفس الأمر ليس موتاً لكنه نذير وسير إلى الموت، فما زال له حكم الأحياء حتى يتم انفصال الروح عن البدن. ولذا: لا بد لنا هنا من تصور الأحوال حتى يكون بإذن الله تعالى تنزيل الحقيقة الشرعية على الحقيقة الواقعية الطبعية لكل مسألة بخصوصها، وهنا طرفان: ميت، وحي. أما الميت المأخوذ منه: فتصور الحال من حيث الإذن وعدمه إلى ما يلي: 1- ميت أذن قبل وفاته بانتزاع عضو منه لمعين أو لغير معين. 2- ميت لم يعقب وارثاً. 3- ميت عقب وارثاً ولم يأذن الوارث. 4- ميت عقب ورثة فأذن البعض. 5- ميت عقب ورثة فأذن جميعهم. أما الحي فلا تخلو مصلحته من مراتب المصالح الثلاث: 1- إما أن تكون ضرورية تتوقف حياته إلى ذلك العضو. 2- وإما أن تكون حاجية لا تتوقف حياته عليه كالحاجة إلى قرنية ونحوها. 3- وإما أن تكون تحسينية كترقيع شفة أو نحوها. وعليه: فإذا كانت المصلحة تحسينية فلا ينبغي الخلاف بعدم الجواز، سواء أذن الميت قبل وفاته أم لا، لأن حرمته ميتاً كحرمته حياً، فلا يجوز انتهاك حرمته المحرمة لتوفير مصلحة تحسينية تجميلية، وفي هذا تعريض لجثة الميت للانتهاك، وتسويغ العبث بها. وأما إن كانت مصلحة الحي حاجية، فإن حرمة الميت واجبة كحرمة الحي، وهتكها وقوع في محرم. فلا ينبغي خرق الحرمة والوقوع في الحرام لمصلحة مكملة للانتفاع. وأما إن كانت ضرورية، والضرورية هنا مفسرة بما تتوقف حياته عليه كالقلب، والكلى، والرئتين ونحوها من أصول الانتفاع الضرورية. فهنا يتخرج الجواز عند من قال به، لما يأتي: 1- بالموازنة بين المصالح والمفاسد، والمنافع والمضار، فإن مصلحة الحي برعاية إنقاذ حياته أعظم من مصلحة الميت بانتهاك حرمة بدنه وقد فارقته الروح، وأذن به فتفوت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما. ولهذا نظائر في الفروع المتقدمة عند عدد من أهل العلم من التناول في حال الاضطرار من: لبن المرأة الميتة، ولحم الآدمي، وشق بطن المرأة الميتة الحامل إذا كان حملها يضطرب وقد علمت ما فيه، ونبش القبر لمصلحة حي، وبقر بطن ميت ابتلع مال حي وقد علمت ما فيه أيضاً. .. إلخ. إلى آخر ما تقدم من فروع على قواعد الضرر من أنه يزال، وأن الضرورات تبيح المحظورات. والله أعلم. 2- وَشُرِطَ إذنه أو إذن ورثته، لأن رعاية كرامته حق مقرر له في الشرع لا ينتهك إلا بإذنه، فهو حق موروث كالحال في المطالبة من الوارث في - حدّ قاذفه - ولذا فإن الإذن هو إيثار منه أو من مالكه الوارث - لرعاية حرمة الحي على رعاية حرمته بعد موته في حدود ما أذن به. ولذا صح ولزم شرط الإذن منه قبل موته، أو من ورثته جميعهم. أما إن فات هذا الشرط ولم يتحقق بإذنه، أو أذن جميع ورثته بأن أذن بعض دون بعض فلا يجوز انتزاع عضو منه بل المراغمة في هذا: هتك تعسفي للحق وحرمة الرعاية له. أما من لا وارث له إذا مات ببلد إسلام تحت ولاية سلطان مسلم يحكم الشرع ويقيم الحدود، وينفذ أحكام الإسلام فالسلطان ولي من لا ولي له فهو مقام الوارث له. وللمخالف أن يقول: وهذا الوجه غير وجيه، لأن (الكرامة) لا يجوز لمسلم أن يتنازل عنها، فكيف يتنازل وارث عن كرامة مورثه. "فقه النوازل" بكر أبو زيد.