· كثيرًا ما يرد اسم الله العزيز مقترنًا باسمه الحكيم متقدّمًا عليه، وذلك فيما يقرب من (50) موضعًا منها قوله تعالى: } تَنزِيلُ اْلْكِتَٰبِ مِنَ اْللَّهِ اْلْعَزِيزِ اْلْحَكِيمِ { [الزمر: 1] ووجه تقدمه هو أن الله عزَّ، فلمّا عزَّ حكم، وربما كان هذا من تقديم السبب على المسبَّب. انظر "بدائع الفوائد" لابن القيم (1/59). واقترن اسم العزيز أيضًا باسمي (الغفور، الغفّار) كما في قوله تعالى: {اْلَّذِي خَلَقَ اْلْمَوْتَ وَاْلْحَيَوٰةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلٗاۚ وَهُوَ اْلْعَزِيزُ اْلْغَفُورُ} [الملك: 2] وقوله: {رَبُّ اْلسَّمَٰوَٰتِ وَاْلْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا اْلْعَزِيزُ اْلْغَفَّٰرُ} [ص: 66] والغفور والغفار يدلّان على السَّتر، وهما صيغتان للكثرة باعتبار تكرّر المغفرة، والغفّار أدل على الكثرة - لا على الذات - من الغفور. ووجه التناسب بين اسم العزيز وهذين الاسمين هو أن الله الغالبَ على أمره القاهرَ فوق عباده، قادرٌ على أن يأخذ الخلق بذنوبهم ويعذبهم بما شاء، ولكنه على عزته وقوته وقهره كثير المغفرة والعفو، فمغفرته إذن تكون عن كمال عزة وقدرة لا عن ضعف وعجز، فهو الكامل في مغفرته، وفي عزته، وفي الجمع بين العزة والمغفرة.
يقول رأسهم عبد الله بن أُبيّ: لئن عدنا إلى المدينة ليُخْرِجنّ الأعز - وهم أنا وقومي - منها الأذلّ؛ وهم محمد وأصحابه، ولله وحده العزة ولرسوله وللمؤمنين، وليست لعبد الله بن أُبيّ وأصحابه، ولكن المنافقين لا يعلمون أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
من كان يريد العزة في الدنيا أو في الآخرة فلا يطلبها إلا من الله، فللَّه وحده العزة فيهما، إليه يصعد ذكره الطيب، وعمل العباد الصالح يرفعه إليه، والذين يدبرون المكايد السيئة - كمحاولة قتل الرسول صلّى الله عليه وسلّم - لهم عذاب شديد، ومكر أولئك الكفار يبطل ويفسد، ولا يحقق لهم مقصدًا.
تفسير وترجمة الآية
مقترحات لموسوعة الجمهرة
إعدادات العرض
معاينة
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ
الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ
مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ
دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ
حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ
زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ
طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ
وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ
المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ
يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".