الفتاح
كلمة (الفتّاح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من الفعل...
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: دَفَعَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يومَ عَرَفَة فَسَمِعَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وَرَاءَهُ زَجْرًا شَدِيدًا وَضَربًا وَصَوتًا لِلإِبِل، فَأَشَارَ بِسَوطِهِ إِلَيهِم، وقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيكُم بِالسَّكِينَةِ، فَإِنَّ البِرَّ لَيسَ بِالإيضَاعِ».
[صحيح.] - [متفق عليه: رواه البخاري بلفظه تاما، وأما مسلم فأخرج «عليكم بالسكينة». ]
أنَّ النبي ﷺ أفاض من عرفة فسمع وراءه صوتًا شديدًا وضربًا وزجرًا للإبل وأصواتًا للإبل، وكان هذا المشهد من الناس نتيجة ما تعودوه زمن الجاهلية؛ لأنهم كانوا في أيام الجاهلية إذا دفعوا من عرفة أسرعوا إسراعًا عظيمًا يبادرون النهار قبل أن يظلم الجو، فكانوا يضربون الإبل ضربًا شديدًا، فأشار النبي ﷺ إليهم بسوطه، وقال: أيها الناس الزموا الطمأنينة والهدوء، فإن البر والخير ليس بالإسراع والإيضاع وهو نوع من السير سريع.
دَفَع | أفاض وسار من عرفات لمزدلفة. |
زَجْرًا شَدِيدًا | أي صِيَاحًا لحث الإبل. |
صَوتًا لِلإِبِل | أي من الرغو، وهو صوت الإبل. |
فَأَشَارَ بِسَوطِهِ | أي تأنوا ودعوا العجلة. |
البِر | الطاعة. |
الإيضَاع | الإسراع. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".