الحليم
كلمةُ (الحليم) في اللغة صفةٌ مشبَّهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل)؛...
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كنا إذا أتينا النبي ﷺ جلس أحدنا حيث ينتهي.
[صحيح لغيره.] - [رواه أبو داود والترمذي وأحمد.]
الحديث فيه بيان أدب الصحابة رضي الله عنهم في مجلس النبي ﷺ, حيث كانوا إذا جاء أحدهم مجلس النبي ﷺ جلس حيث انتهى به المجلس سواء كان في صدر المحل أو أسفله، فالإنسان إذا دخل على جماعة يجلس حيث ينتهي به المجلس، ولا يتقدم إلى صدر المجلس إلا إذا آثره أحد بمكانه أو كان قد ترك له مكان في صدر المجلس فلا بأس، وأما أن يشق المجلس وكأنه يقول للناس ابتعدوا وأجلس أنا في صدر المجلس، فهذا خلاف هدي النبي ﷺ وهدي أصحابه رضي الله عنهم، وهو يدل على أن الإنسان عنده شيء من الكبرياء والإعجاب بالنفس.
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".