البحث

عبارات مقترحة:

الظاهر

هو اسمُ فاعل من (الظهور)، وهو اسمٌ ذاتي من أسماء الربِّ تبارك...

التواب

التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...

عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما مرفوعًا: «مَثَلُ القَائِم في حُدُود الله والوَاقِعِ فيها كمَثَل قَوم اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَة فصارَ بعضُهم أَعلاهَا وبعضُهم أسفَلَها، وكان الذين في أسفَلِها إِذَا اسْتَقَوا مِنَ الماءِ مَرُّوا على من فَوقهِم، فَقَالُوا: لَو أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقاً وَلَم نُؤذِ مَنْ فَوقَنَا، فَإِنْ تَرَكُوهُم وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيدِيهِم نَجَوا وَنَجَوا جَمِيعاً».

[صحيح.] - [رواه البخاري.]

شرح الحديث :

حديث النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنهما في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عن النبي أنه قال: "مثل القائم في حدود الله والواقع فيها" القائم فيها يعني الذي استقام على دين الله فقام بالواجب، وترك المحرم، والواقع فيها أي: في حدود الله، أي: الفاعل للمحرم، أو التارك للواجب. "كمثل قوم استهموا على سفينة" يعني ضربوا سهما، وهو ما يسمى بالقرعة، أيهم يكون الأعلى؟. "فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء"، يعني إذا طلبوا الماء؛ ليشربوا منه "مروا على من فوقهم"، يعني الذين في أعلاها؛ لأن الماء لا يقدر عليه إلا من فوق. "فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا"، يعني لو نخرق خرقا في مكاننا نستقي منه، حتى لا نؤذي من فوقنا، هكذا قدروا وأرادوا وتمنوا. قال النبي عليه الصلاة والسلام: "فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا"؛ لأنهم إذا خرقوا خرقا في أسفل السفينة دخل الماء، ثم أغرق السفينة كلها. "وإن أخذوا على أيديهم" ومنعوهم من ذلك "نجوا ونجوا جميعا"، يعني نجا هؤلاء وهؤلاء. وهذا المثل الذي ضربه النبي هو من الأمثال التي لها مغزى عظيم ومعنى عال، فالناس في دين الله كالذين في سفينة في لجة النهر، فهم تتقاذفهم الأمواج، ولابد أن يكون بعضهم إذا كانوا كثيرين في الأسفل وبعضهم في أعلى، حتى تتوازن حمولة السفينة وقد لا يضيق بعضهم بعضا، وفيه أن هذه السفينة المشتركة بين هؤلاء القوم إذا أراد أحد منهم أن يخربها فإنه لابد أن يمسكوا على يديه، وأن يأخذوا على يديه؛ لينجوا جميعا، فإن لم يفعلوا هلكوا جميعا، هكذا دين الله، إذا أخذ العقلاء وأهل العلم والدين على الجهال والسفهاء نجوا جميعا، وإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، كما قال الله -تعالى-: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب).


معاني الكلمات :

القَائِم في حُدُود الله المنكر لها، القائم في دفعها وإزالتها.
الحُدُود ما نهى الله عنه.
اسْتَهَمُوا اقترعوا.
والوَاقِعِ فيها والمرتكب لهذه المناهي.
فَوقهِم أعلى السفينة.
خَرَقْنَا فتحنا ثقبا نستخرج منه الماء.
أَخَذُوا عَلَى أَيدِيهِم منعوهم وكفَوْهم عما أرادوا من الخرق.

فوائد من الحديث :

  1. في هذا المثل دليل على أنه ينبغي لمعلم الناس أن يضرب لهم الأمثال؛ ليقرب لهم المعقول بصورة المحسوس، قال الله -تعالى-: (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون)، وكم من إنسان تشرح له المعنى شرحاً كثيراً وتُردِّدُه عليه فلا يفهم، فإذا ضربت له مثلا بشيء محسوس يفهمه ويعرفه.
  2. إثبات القرعة، وأنها جائزة.
  3. يجوز قسمة العقار المُتَفاوت بالقرعة وإن كان فيه علو وسفل.
  4. يحق لصاحب العلو أن يمنع صاحب السُّفل أن يلحق ضرراً بالعقار.
  5. ليس لصاحب السفل أن يحدث ما يلحق الضرر بصاحب العلو، فإن فعل ذلك؛ لزمه إصلاحه.
  6. فائدة ترك المنكر لا تعود على تاركه فحسب بل على المجتمع بأسره، وكذلك مفسدة فعل المنكر.
  7. هلاك المجتمع مُتَرَتِّب على ترك أصحاب المنكر يعثون في الأرض فسادا.
  8. إن كل منكر يرتكبه الإنسان في مجتمعه، إنما هو خرق خطير في سفينة المجتمع.
  9. حرية الإنسان ليست مطلقة بل مقيدة بضمان حقوق الناس من حوله، وضمان مصالحهم.
  10. إن كل منكر يرتكبه الإنسان في مجتمعه إنما هو خرق خطير في سلامة المجتمع.
  11. قد يتصرف بعض الناس بما يضر المجتمع بدافع اجتهاد خاطئ ونية حسنة، فيجب منعهم وتبصيرهم بنتائج ما يفعلون.
  12. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صمام أمان للمجتمعات من غضب الله -تعالى-.
  13. المسؤولية في المجتمع المسلم مشتركة لا تناط بفرد بعينه، بل كلهم راع ومسؤول عن رعيته.

المراجع :

بهجة الناظرين شرح رياض الصالحين، سليم بن عيد الهلالي، دار ابن الجوزي، الدمام، الطبعة: الأولى 1415هـ.
تطريز رياض الصالحين، فيصل بن عبد العزيز المبارك، تحقيق: عبد العزيز بن عبد الله آل حمد، دار العاصمة للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة: الأولى 1423هـ، 2002م.
دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين، محمد علي بن البكري بن علان، اعتنى بها: خليل مأمون شيحا، دار المعرفة، بيروت، الطبعة: الرابعة 1425هـ.
رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين، أبو زكريا محيي الدين النووي، تحقيق ماهر الفحل، دار ابن كثير، دمشق، بيروت، الطبعة: الأولى 1428هـ، 2007م.
رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين، أبو زكريا محيي الدين النووي، تحقيق: عصام هادي، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية، دار الريان، بيروت، الطبعة: الرابعة 1428هـ.
شرح رياض الصالحين، محمد بن صالح العثيمين، مدار الوطن، الرياض، 1426هـ.
صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي، تحقيق: محمد زهير الناصر، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي)، الطبعة: الأولى 1422هـ.
صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة: 1423هـ.
كنوز رياض الصالحين، مجموعة من الباحثين برئاسة حمد بن ناصر العمار، كنوز إشبيليا، الرياض، الطبعة: الأولى1430هـ.
نزهة المتقين شرح رياض الصالحين، مجموعة من الباحثين، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة: الرابعة عشر 1407هـ، 1987م.

مفردات ذات علاقة :


ترجمة هذا الحديث متوفرة باللغات التالية