البارئ
(البارئ): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله -تعالى- فيه، إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة».
[صحيح.] - [رواه أبو داود.]
معنى الحديث: أن من جلسوا في مجلس لم يذكروا الله -تعالى- فيه فحالهم كمثل حال الذي يجلس في مائدة ضيافتها جِيفَةُ حمار، التي هي غاية في النتانة والقذارة، ويقوم عن ذلك المجلس كمن يقوم عن هذه الجيفة، وهذا مثال للتفريط في ذكر الله، فيتندمون أشد الندم على ما فرطوا في أوقاتهم وأضاعوها فيما لا نفع فيه. فينبغي على المسلمين: أن يحرصوا كل الحرص على أن تكون مجالسهم طاعة وعبادة وأن يفروا من مجالس اللهو كما يفرون من النتانة والقذارة، فإن الإنسان مسؤول عن أوقاته، ومحاسب عليها، فإن كان خيرًا فخير وإن كان شرًا فشر.
قَوْمٌ | يطلق على الرجال خاصة، لكن هنا يشمل النساء. |
جِيفَةُ حمار | أي: جُثَّةُ حمار ميت مُنْتِنَة. |
حسرة | ندامة. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".