الغفور
كلمة (غفور) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) نحو: شَكور، رؤوف،...
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «أقْرَبُ ما يَكون العبد مِنْ رَبِّهِ وهو ساجد، فَأَكْثروا الدُّعاء».
[صحيح.] - [رواه مسلم.]
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"، وذلك لأن الإنسان إذا سجد، فإنه يضع أشرف ما به من الأعضاء في أماكن وضع الأقدام التي توطأ بالأقدام، وكذلك أيضاً يضع أعلى ما في جسده حذاء أدنى ما في جسده -يعني: أن وجهه أعلى ما في جسده وقدميه أدنى ما في جسده-، فيضعهما في مستوى واحد خضوعاً وتذللاً وتواضعاً لله عز وجل، ولهذا كان أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد، وقد أمر النبي ﷺ بالإكثار من الدعاء في حال السجود، فيجتمع في ذلك الهيئة والمقال تواضعاً لله عز وجل، ولهذا يقول الإنسان في سجوده: سبحان ربي الأعلى، إشارة إلى أنه جل وعلا وهو العلي الأعلى في ذاته وفي صفاته، وأن الإنسان هو السافل النازل بالنسبة لجلال الله -تعالى- وعظمته.
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".