الحسيب
(الحَسِيب) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على أن اللهَ يكفي...
عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: «أن النبي ﷺ قَبَّلَ بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضَّأ»، قال: قلت: من هي إلا أنت؟ فَضَحِكت.
[صحيح.] - [رواه الترمذي وأحمد وأبو داود والنسائي في الكبرى وابن ماجه.]
تخبر عائشة رضي الله عنها في هذا الحديث، أنه ﷺ قَبَّلَ إحدى زوجاته، ثم ذهب إلى الصلاة ولم يتوضأ. ثم إن عروة -رضي عنه الله- وهو الراوي عن عائشة رضي الله عنها تَفَطَّن لهذا الأمر وعلم بأن الزوجة المبهمة في الحديث هي عائشة رضي الله عنها فلما أخبرها بذلك ضَحِكَت رضي الله عنها إقرارا منها على فهمه. "ولم يتوضأ" وهذا هو الأصل: أن مسَّ الرجل زوجته أو تقبيلها لا ينقض الوضوء مطلقا، سواء كان بشهوة أو بغير شهوة؛ لأن الأصل سلامة الوضوء وسلامة الطهارة، فلا يجوز القول بأنها منتقضة بشيء إلا بحجة قائمة لا معارض لها، وليس هنا حجة قائمة تدل على نقض الوضوء بلمس المرأة مطلقًا والأصل بقاء الطهارة، أما قوله -تعالى-: (أو لامستم النساء) فالصواب في تفسيرها: أن المراد به الجماع وهكذا القراءة الأخرى "أو لمستم النساء" فالمراد بها الجماع، كما قال ابن عباس وجماعة من أهل العلم. ولأن الغالب في تقبيل الرجل زوجته يكون عن شهوة، فدل ذلك على أن مسَّ المرأة بشهوة لا ينقض الوضوء، إلا إذا صاحب ذلك إنزال، فهنا ينتقض الوضوء بسبب الإنزال.
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".