المعاني الشعورية والاجتماعية في الأعياد

عناصر الخطبة

  1. من معاني العيد: تقوية الروابط العقدية والروحية
  2. اجتماع الأبدان يؤدي إلى تقارب القلوب
  3. الشعور بالآخرين ممن حرموا فرحة العيد
  4. التكافل الاجتماعي في المجتمع النبوي
  5. تجديد أواصر الحب والود بين الأقرباء والأصدقاء
اقتباس

ولما كان حديثي عن الجوانب الاجتماعية فإني أسجل في هذه اللحظات ما يؤدي إليه اجتماع الأبدان وتقارب الأجساد من اجتماع القلوب وتقاربها، فاجتماع الأبدان على الخير في وقت واحد، وفي مكان واحد، يورث اجتماع القلوب، ومِن ثم شَرَع الله للمسلمين الجُمَع والجماعات والأعياد، وحرص -صلى الله عليه وسلم- على أن يلصق المسلم بأخيه في الصلاة، فهو أوعى لتقارب النفوس وإبعاد الشيطان ..

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(71)﴾ [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد –صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها المسلمون: نتحدث في هذا اليوم المبارك، وفي هذه الساعة الشريفة، عن سنة الله تعالى في الأعياد، وعن المعاني الاجتماعية والروحية والشعورية وعن الحكم الجمة التي جعلها الله عز وجل فيها، والتي منها:

أولاً: الوحدة الشعورية، وتقارب القلوب، وتقوية الروابط العقدية والروحية بين أبناء هذا الدين:

ونتحدث أول ما نتحدث عن يوم عرفة: فالآن، وفي هذه اللحظات يتأهب عدة ملايين من الحجيج للانطلاق من عرفات، وينتظرون جميعًا لحظة واحدة، لحظة الغروب، لحظة الدفع إلى مزدلفة، ولعلهم الآن في الدقائق الأخيرة من اجتماعهم الحاشد في عرفات قد اجتمعت أبدانهم وأرواحهم في صعيد واحد، وتلاقت قلوبهم واتفقت ألسنتهم على أمر واحد، ألا وهو ذكر الله ودعاؤه، وكأني بهم جميعًا وقد رفعوا أيديهم متضرعين إلى الرحمن الرحيم، في أشد لحظات اجتهادهم وطمعهم فيما يتفضل به ذو الجلال والإكرام من المغفرة على عباده، وعتقهم من النار عشية عرفة، روى الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟!".

ويخطر على الذهن -دون كد أو ربط معين- مشاعر شتى لكل مسلم, فمنهم من يشعر بلحظة قرب من ربه وقد امتلأت نفسه بالأمل في النجاة، ومنهم من تتأجج في نفسه مشاعر الاعتزاز بالدين والتفاؤل بانتصار أهل الإسلام، ويتطلع إلى فرج الله القريب ورحمته بهذه الأمة، ومنهم من يقول كما قال محمد بن واسع: نظرت إلى أهل الموقف يوم عرفة فظننت أنهم غُفر لهم لولا أني كنت فيهم. ومنهم من يتذكر من خَلَّفَهم وراءه من المسلمين من أقاربه، أو مِن غيرهم ممن حيل بينهم وبين تلك البقاع لأسباب شتى، فيتمنى لو كانوا معه، ويدعو الله لهم بخير… إلى غير ذلك مما تسبح فيه النفس ويهاجر إليه القلب.

ولما كان حديثي عن الجوانب الاجتماعية فإني أسجل في هذه اللحظات ما يؤدي إليه اجتماع الأبدان وتقارب الأجساد من اجتماع القلوب وتقاربها، فاجتماع الأبدان على الخير في وقت واحد، وفي مكان واحد، يورث اجتماع القلوب، ومِن ثم شَرَع الله للمسلمين الجُمَع والجماعات والأعياد، وحرص -صلى الله عليه وسلم- على أن يلصق المسلم بأخيه في الصلاة، فهو أوعى لتقارب النفوس وإبعاد الشيطان، بل ما هو أقل من الصلاة والدعاء يحصل بالاجتماع عليه اجتماع القلوب أو تقاربها، وذلك كالاجتماع على الطعام أو الولائم ونحوها.

ثاني ما نتحدث عنه من خلال تلك المعاني الشعورية والاجتماعية هو العيد، فإذا تجاوزنا ما يثيره اجتماع المسلمين في عرفة من تقارب القلوب والشعور بوحدة الأمة، وانتقلنا إلى اليوم التالي له -وهو يوم العيد- فإننا نجد معنى قريبًا من هذا مع شموله لعدد أكبر من المسلمين، فالعيد يشرك أعدادًا لا حصر لها من أبناء الشرق والغرب بالفرح والسرور في وقت واحد، فلا تشرق شمس العيد إلا والبسمة تعلو شفاه المسلمين جميعًا، والبهجة تغمر قلوب أبناء المجتمع قاطبة، فإذا بأهل الإسلام في كل مكان يلتقون على الشعور المشترك بالغبطة، وإذا بأبناء الأمة الواحدة على اختلاف ديارهم يشتركون في السراء كما يشتركون في الضراء، وفي هذا معنى عظيم، وهو الوحدة المعنوية والشعورية التي يوجدها العيد بين المسلمين، وفي ذلك تقوية للروابط العقدية والروحية التي يعقدها الدين بين أبنائه مهما اختلفت لغاتهم وأقوالهم، فتلك أولى المعاني الإيجابية في العيد؛ الوحدة الشعورية وتقارب القلوب، وتقوية الروابط العقدية والروحية بين أبناء هذا الدين.

ثانيًا: الشعور بالآخرين ممن حرموا فرحة العيد أو لم تكتمل فرحتهم: فمن هؤلاء معذبون أو مضطهدون في بقاع شتى من الأرض، وقابعون وراء الأسوار لا يعلم أحد بمكانهم، ولا يجدون فرحة لعيد، ولا يذوقون طعم عيد، نسأل الله -جل وعلا- في هذه الساعة أن يفك أسرهم، اللهم فك أسرهم وفرج كربهم، وارفع المحن عن المضطهدين في هذه الأمة، وتفضل عليهم وعلينا بالفرحة الكبرى والعيد الأكبر: فرحة انتصار الإسلام واندحار أعدائه ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ(5)﴾ [الروم: 4، 5].

فإن سأل سائل: وما عسى أن نصنع لهؤلاء الذين حرموا بهجة العيد؟! وهل تريد أن نحول العيد مأتمًا من أجلهم؟! فأقول لهذا القائل: مهلاً.. مهلاً.. فأولاً: ما أردت أن يلبس الناس ثياب الحداد في العيد، ولا أن يعتكفوا في البيوت حزنًا وكمدًا، ولا أن يصوموا عن الطعام والشراب والنكاح، ولكن أريد أن يكون حالنا في أعيادنا وأن نكون في مشاعرنا مثال الأمة الواعية، التي لا يحول احتفاؤها بأعيادها دون الشعور بمصائبها ومحنها، فلا يسوغ أن تكون مظاهر فرحنا وضحكاتنا ومشاعرنا هي نفسها التي اعتدناها وقت الرخاء، وحال ظهور الإسلام والمسلمين، وخلو ديار الإسلام من المحن، لا يسوغ أن تكون مشاعرنا ومظاهر فرحنا كأن دنيانا -معشر المسلمين- لا تمتلئ بالكوارث والأرزاء، وكأن أمتنا لا تقيم في بعض أجزائها مأتم الحزن على ضحاياها وشهدائها وأسراها، أعني أنه ينبغي أن نقتصد من لهونا وسرفنا لنوفر من ذلك ما تحتاج إليه أمتنا في مسيرتها من أجل نصرة دينها وجهادها الدامي المرير مع أعدائها، وأعني أن نقتصد في ضحكاتنا، فتزول الضحكات الهستيرية الفجة التي اعتادها البعض، ويحل محلها الابتسامة الهادئة، والسمت الوقور، الذي ينبع ويدل على مبلغ عنايتنا بقضايانا الإسلامية، بل وأحيانًا ينبغي أن تظهر على وجوهنا مسحة من الحزن الكريم الذي يتولد من تأثرنا واهتمامنا بما يجري في وطننا الكبير، أو الضيق من الأحداث والنكبات، ومن شعورنا بما يصيب إخواننا في سبيل الله من الضراء والبأساء.

ففرحتنا بالعيد لا يلزم منها أن نضرب الذكر صفحًا عن تلك النكبات وعن أولئك المنكوبين، بل الإيمان والمروءة والوفاء كل ذلك يدفع المؤمن في مثل هذه المواطن أن يذكِّر بأحوال هؤلاء، ويدعو لهم، ويتأثر ويتألم لهم، فمجرد الإحساس والتأثر من أعمال الإيمان القلبية، ومن التعاطف المحمود والتراحم المشار إليه في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى". مسلم وأحمد.

فالمؤمن حقًّا هو الذي يتمتع بدرجة عالية من الإحساس والتأثر، والحس المرهف، وحياة القلب؛ حتى ينعكس ذلك على سلوكه، فيتفاعل بما يجري حوله سرورًا وحزنًا, وينفعل بما يثير ويحرك ويغضب لله، ويفرح لنصرة دين الله, ويغيظ قلبه سطوة أعداء الله، ويهتم لحال إخوانه من الدعاة والمجاهدين، فيتأثر بما يصيبهم، ويحزن لحزنهم، بل ويبكي لبكائهم، لا كذلك البليد الجامد، ميت الشعور، خامل الإحساس، الذي يتلقى كل ما يجري حوله بفتور، إلا أن يكون أمرًا يمس مصالحه الشخصية.

أخي الحبيب: إن لم يعجبك كلامي هذا فدعه ولا عليك, ولكن إلى أين تفر من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى"؟! وماذا تقول في واقع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في هذا الجانب -أعني مسألة الإحساس والتأثر- فهذا الإمام مسلم يروي في صحيحه أنه مال -صلى الله عليه وسلم- لقبول الفداء من أسرى بدر وعدم قتلهم، فنزل قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(68)﴾ [الأنفال: 67، 68]، فلما نزلت أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبكي، وأبو بكر يبكي معه، ووجدهما عمر على هذا الحال فقال: يا رسول الله: أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟! فإذا وجدت بكاءً بكيت، وإن لم أجد بكاءً تباكيت لبكائكما -تأمل الإحساس والتأثر- فقال -صلى الله عليه وسلم-: "أبكي للذي عرض عليّ أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عُرض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة".

وحين أذن الله لرسوله -صلى الله عليه وسلم- بزيارة قبر أمه -والحديث في صحيح مسلم وغيره- بكى هناك وأبكى من حوله من الصحابة، أي أنهم بكوا تأثرًا وإحساسًا به -صلى الله عليه وسلم-. وفي صحيح البخاري أنه -صلى الله عليه وسلم- لما زار سعد بن عبادة وهو يحتضر رأى ما غشيه من نزع الروح فبكى، فلما رأى القوم بكاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بكوا. فلقد كان -صلى الله عليه وسلم- رقيق القلب، بالغ التأثر، قوي الإحساس، وكذلك كان أصحابه من حوله، فكيف نجد قلوبنا من بعدهم؟! ومن شواهد هذا الإحساس وذلك التأثر في مجتمع المسلمين ما رواه البخاري في صحيحه أن امرأة من الأنصار لما علمت حزن عائشة -رضي الله عنها- لِما رُميت به من حديث الإفك، ذهبت إليها وجلست تبكي معها.

فهل يطيب لك نوم وأنت تعلم أن أخًا لك في محنة؟! إذا وجدت مصائب إخوانك تمر على مشاعرك دون أن تحركها، وتعبر أمام عينيك ولا تدمعها، فاعلم أن قلبك بحاجة إلى جلاء وإحياء.

إذن فمجرد الإحساس والتأثر بإخوانك شيء له قيمة في ميزان الإيمان، وفي واقع مجتمع النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة، فكيف وأنت تملك أن تقدِّم ما هو أكثر من الإحساس والتأثر، تملك أن تواسي مواساة مادية، تملك أن تنصر إخوانك الدعاة الذين ابتلوا وحرموا المشاركة في فرحة العيد مع سائر المسلمين، وأن تواسيهم بأن تستمر على عطائك لهذا الدين وقيامك بواجب الدعوة إليه والتبليغ والتربية، إما بنفسك وإما بمناصرة القائمين بذلك، أو بهما معًا، فإن تركك لذلك خذلان لأخيك من بعده، وقد يكون أقسى على نفسه مما هو فيه من بلاء. وما أبلغ مقالة أنس بن النضر لأصحابه في هذا المقام حين وجدهم قاعدين يبكون خائفين يوم أحد، فسألهم عن ذلك فقالوا: قد مات محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقال لهم: ما تصنعون من بعده؟! قوموا فموتوا على ما مات عليه، وقال: اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء, وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء. ثم قاتل حتى قتل، رضي الله عنه وأرضاه.

ومن الطوائف أيضًا الذين حرموا فرحة العيد وينبغي أن نشعر بهم أولئك الفقراء والعاجزون والبؤساء، الذين هم بحاجة إلى من يتوجه إليهم بخلق التكافل.

ولا ينعدم التكافل إلا حينما تسود الأنانية وتفتر المشاعر الأخوية، ويستغرق الناس في همومهم الفردية ومشاغلهم الشخصية.

وقد بلغ التكافل بين الصحابة مبلغًا عظيمًا، حتى كان المهاجر يرث أخاه الأنصاري دون ذوي رحمه -كما في صحيح البخاري- حتى نزلت آية المواريث، وحين قدم أبو هريرة مع رهط من قومه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد فتحت خيبر وأخذ الناس سهامهم كلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسلمين، فأشركوا أبا هريرة ورهطه في سهامهم. وإذا لم تكن النفوس تطيب بمثل هذا فسوف تفتقدها في ميادين التضحية، وسوف لا تجدها عند الهيعة ومظان الموت.

وبلغ من تكافله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يتفقد صحابته الذين لا يراهم ويسأل عن مشاكلهم، ومن أمثلة ذلك ما ورد في قصة إسلام سلمان، وفي آخرها: أنه جاءت النبي -صلى الله عليه وسلم- من بعض المغازي مثل بيضة الدجاجة من ذهب، فتذكر سلمان، وأنه بقي عليه مال ليعتق نفسه، فقال: "ما فعل الفارسي المكاتب؟!"، فأرسل إليه، فلما جاء قال له: "خذ هذه فأدِّ ما عليك يا سلمان". قال سلمان: فأوفيتهم حقهم وعتقت، فشهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخندق، ثم لم يفتني معه مشهد.

وإذا كان هذا واقع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بشأن التكافل، فقد كان في واقعهم خلق آخر رفيع عند المحتاجين، وهو خلق العفة، وعدم الطمع، حيث قابلوا بهذا الخلق التكافل المقدم إليهم!! فهذا عبد الرحمن بن عوف يرفض ما عرض عليه الأنصاري من تقاسم المال والزوجتين وقال له: (بارك الله لك في أهلك ومالك، أين سوقكم؟!).

وكان الآخر حين يأخذ لا يأخذ بروح الطمع، ولكن بروح التكافل أيضًا، بمعنى أنه ينوي أن يرد ما أخذ أو أكثر حين القدرة، دون أن يكون ذلك شرطًا عليه، بل كانت ظاهرةً عامة بعد فتح خيبر واستغناء المهاجرين بما نالوه أنهم ردوا إلى الأنصار ما كانوا أكرموهم به، كما روى البخاري في صحيحه أنه بعد الفراغ من قتال أهل خيبر وانصراف المسلمين إلى المدينة رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم من ثمارهم.

ومن قصص التاريخ الإسلامي التي تشبه الخيال في مجال التكافل قصة يرويها الواقدي عن نفسه -وهو من علماء القرن الثاني الهجري- حيث ذكر قصة عجيبة طريفة جرت له مع أصدقائه فقال: كان لي صديقان: أحدهما هاشمي، وكنا كنفس واحدة، فنالتني ضائقة شديدة، وحضر العيد، فقالت امرأتي: أما نحن في أنفسنا فنصبر على البأس والشدة، وأما صبياننا فقد قطعوا قلبي رحمة لهم لما عليهم من الثياب الرثة، فانظر كيف تعمل لكسوتهم. قال الواقدي: فكتبت إلى صديقي الهاشمي أسأله التوسعة عليّ، فوجه إليّ كيسًا مختومًا فيه ألف درهم، فما استقر في يدي حتى كتب إليّ الصديق الآخر يشكو مثل ما شكوت إلى صديقي الهاشمي، فوجهت إليه الكيس بختمه، ثم أخبرت امرأتي بما فعلت، فاستحسنته ولم تعنفني عليه، فبينما أنا كذلك إذ وافاني صديقي الهاشمي ومعه الكيس كهيئته، فقال لي: اصدقني عما فعلت بالكيس الذي وجهته إليك، فعرفته الخبر، فقال لي: إنك حين طلبت مني المال لم أكن أملك إلا ما بعثت به إليك، ثم أرسلت إلى صديقي الثالث أسأله المواساة، فوجه إليّ الكيس الذي بعثت به إليك، قال الواقدي: فتواسينا الألف الدرهم فيما بيننا، كل واحد ثلاثمائة، ثم أخرجنا للمرأة مائة درهم، ونما الخبر إلى المأمون، فدعاني وسألني فشرحت له الخبر، فأمر لنا بسبعة آلاف دينار، لكل واحد منا ألفا دينار، وللمرأة ألف دينار. اهـ.

فتأمل حال هذا المجتمع السعيد، وكيف تذوقت أمتنا طعم السعادة حين كان أحدهم يفكر ليلة العيد بجاره وصديقه قبل أن يفكر في نفسه، ويقدم حاجة أولاد أصدقائه على حاجة أولاده، ولكن مجتمعاتنا اليوم -وإن كانت تتسم في الأعياد ببعض مظاهر التعاون الاجتماعي من صدقات للبيوت الفقيرة والعائلات البائسة- إلا أن ذلك في الغالب قليل بالنسبة لما ينبغي أن يكون، وبالنسبة لمظاهر الترف والإنفاق الذي ننفقه على ملذاتنا أو ملابسنا أو في بيوتنا وأسفارنا وولائمنا، فنحن نكتفي بالعطاء القليل مع استطاعتنا أن نبذل الكثير، وقل أن نذكر بالعطاء من لا يُذكِّرنا بنفسه، وإذا ذكَّرنا بنفسه ودفعنا إليه فإننا ندفع إليهم التافه اليسير الذي لا يقيم أَوَدَهم وأود أطفالهم ونسائهم، وأما من لا يذكرنا بنفسه من أصحاب البيوت المستورة، من أولئكم الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، إذ تأبى عليهم كرامتهم وعفتهم أن يتعرضوا لذل السؤال، فهؤلاء يمر عليهم العيد بالحسرات دون أن ينتبه إليهم أحد، وقد يكونون من ألصق الناس بنا رحمًا أو معرفةً أو جوارًا، وليس هذا من المجتمع السعيد في شيء.

وإذا كنا قد تطرقنا للواقع العملي لصدر هذه الأمة بشأن التكافل والتعفف، فقد وردت السنة القولية أيضًا بالحث على التكافل، من ذلك ما رواه مسلم وغيره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة".

وفي صحيح البخاري: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل الصائم النهار"، بل وعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري- كافل اليتيم بأن يكون رفيقه في الجنة.

وبالإضافة إلى ما علم بالشرع من فضل التكافل فقد أدرك العقلاء بالاستقراء أن التكافل صفة محمودة، وقد اتصف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك قبل البعثة وبعدها، كما علم العقلاء بالاستقرار أن صاحب خلق التكافل لا يخزيه الله أبدًا، ولذا لما أرادت خديجة -رضي الله عنها- أن تخفف عن النبي تخوفه حين نزل عليه الوحي قالت له: (كلا، والله ما يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق)، وهو استدلال عقلي أو استقراء تؤيده السنة الصحيحة؛ فقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة".

ومن أحق الناس بالتكافل معهم من أوذوا أو أصيبوا في سبيل الله، فهؤلاء لا ينبغي أن يُبخل عليهم بشيء مهما كثر وعظم، فهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يدخل عليه رجل أصيب في وجهه في غزوة، فأمر عمر -رضي الله عنه- بإعطائه ألف درهم، وكل ساعة يزيده ألف درهم، حتى استحيا الرجل فخرج، فقال عمر -رضي الله عنه-: أما والله لو أنه مكث، ما زلت أعطيه ما بقي من المال درهم، رجل ضُرِبَ ضربةً في سبيل الله خضّرت وجهه.

ونقل عنه أيضًا أنه قال في الأسرى: لأن أستنقذ رجلاً من المسلمين من أيدي الكفار أحب إليّ من جزيرة العرب.

وفي صحيح سنن ابن ماجه -والحديث حسن- أن سلمة بن الأكوع غزا هوازن مع أبي بكر، فنفّله جارية من بني فزارة من أجمل العرب، فلقيه النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة، فقال له: "لله أبوك، هبها لي"، فوهبها له، ففادى بها أسارى من أسارى المسلمين كانوا بمكة.

وهذا كله يدل على ما ينبغي أن يكون عليه الحال من التعاطف بكل غال مع من أوذوا في سبيل الله، أو فاتهم شيء من مالهم بسبب إيثارهم لدين الله، أو هجرتهم أو جهادهم لنصرته.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن ثالث المعاني الشعورية والاجتماعية في العيد والتي علينا أن نفعِّلها لتكون واقعًا معيشًا في حياتنا: التصافي والاصطلاح والتسامح:

فمن المعاني التي تدعو إليها الأعياد: تجديد أواصر الحب والود بين الأقرباء والأصدقاء، ففي العيد تتقارب القلوب على الود، وتجتمع الأمة، وفي العيد يتناسى ذوو النفوس الطيبة أضغانهم، فيجتمعون بعد افتراق، ويتصافون بعد كدر، ويتصافحون بعد انقباض، فلنجعل عيدنا كذلك، ولنحول هذه المعاني إلى واقع عملي على الفور.

وإن المتشبع بروح التضحية، والمتسنم لذروة سنام الإسلام، والمتطلع لمقامات الفضل والشهادة لن يصعب عليه أن يقوى على فورة الانفعال البشري ليعفو ويصفح، بل ينتظر منه أن يكسر شوكة الهوى ونزعة الضعف لديه ولدى المسيء إليه بمقابلة الإساءة بالإحسان.

وتعلم ذلك من عائشة -رضي الله عنها- فقد روى البخاري في صحيحه في كتاب الأدب أنها كانت قد نذرت أن تهجر ابن أختها عبد الله بن الزبير، ثم رجعت عن ذلك وصالحته، فكانت تذكر نذرها بعد ذلك فتبكي حتى تَبُل دموعُها خمارَها. فتأمل كل ذلك الحزن والندم والبكاء منها -رضي الله عنها- على مجرد نذرها هجران ابن أختها مع أنها لم تفعل ذلك.

ونحن قد نهجر الأحبة والأقرباء، ونقاطع ونشنع ولا يحدث لنا ندم، ولا يحزن لنا قلب، ولا تدمع لنا عين.

وتأمل أيضًا ما روي عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أنه كان بينه وبين خالد بن الوليد كلام -أي مغاضبة- فذكر رجل خالدًا بسوء، فقال سعد: "مه" -كلمة زجر لهذا الرجل- إن ما بيننا لم يبلغ ديننا -يعني أن يأثم بعضنا في بعض- فلم يسمع السوء في أخيه -مع ما بينهما من مغاضبة- فكيف يجوز أن يقوله.

ولذا قال جعفر بن محمد لابنه: يا بني: من غضب من إخوانك ثلاث مرات فلم يقل فيك سوءًا فاتخذه لنفسك خلاًّ.

فتعلم هذا -أخا الإسلام-، وحذار أن تكون من أصحاب ردود الفعل الطائشة أو أصحاب النفوس التي تتبارى في الكيد ردًا على الإساءة، أو لا تطمئن حتى تكيل الصاع صاعين لمن أخطأ في حقها.

واستعن على ضبط نفسك وكظم غيظك بقوله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه ابن ماجه بإسناد حسن: "من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره في أي الحور شاء".

وتعلم هذا الانتصار العظيم على النفس، وذلك الصفح أو العفو لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- حين أقسم أن لا ينفق على مِسطح بن أثاثة الذي كان يأكل من نفقة أبي بكر، وذلك لما شارك في اتهام ابنته عائشة -رضي الله عنها- بالإفك، فنزل قوله تعالى: ﴿وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: 22]، فما أن سمع أبو بكر خاتمة الآية حتى صاح: (بلى -والله- إني لأحب أن يغفر الله لي)، وتغلب على عواطفه التي تدعوه للثأر لعرض ابنته البريئة، فرجع إلى مسطح بالنفقة التي كان ينفق عليه وقال: (والله لا أنزعها منه أبدًا).

ونحن أفلا ننتصر على أنفسنا حين نسمع مثل هذه الآيات، أو مثل قوله تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ [محمد: 22]، أو قوله تعالى: ﴿وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: 34] الآية. أو مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: "تعرض الأعمال يومي الاثنين والخميس، فيغفر لكل مؤمن إلا المتخاصمين فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا"، وفي رواية: "اتركوا هذين حتى يفيئا"، أو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام". ولما سأله رجل فقال: الرجل أمرّ به فلا يقريني ولا يضيّفني، فيمر بي، أفأجزيه؟! قال: "لا، أقْرِه".

وسأله آخر: يا رسول الله: إن لي ذوي أرحام، أصِل ويقطعون، وأعفو ويظلمون، وأحسن ويسيئون، أفأكافئهم؟! قال: "لا، إذًا تتركون جميعًا، ولكن خذ بالفضل وصلهم، فإنه لا يزال معك من الله ظهير ما كنت على ذلك".

وسأل آخر: إن لي خادمًا يسيء ويظلم، أفأضربه؟! قال: "تعفو عنه كل يوم سبعين مرة".

وهكذا مضى -صلى الله عليه وسلم- يعلِّم أصحابه خلق العفو والانتصار على النفس والدفع بالتي هي أحسن، وقد كان -صلى الله عليه وسلم- إمامهم وقدوتهم في ذلك، فلم ينتصر ولم ينتقم لنفسه قط، ووصفته عائشة -رضي الله عنها- بقولها: (لا يجزئ السيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح). وكان يقول لأصحابه: "وطِّنوا أنفسكم؛ إن أحسن الناس تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا".

ومن صور الدفع بالتي هي أحسن أن تقابل المسيء بالدعاء له، وبهذا فسّر أنس قوله تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [المؤمنون: 96]، حيث قال: (يقول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول له: إن كنت كاذبًا فإني أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقًا فإني أسأل الله أن يغفر لي). [تفسير المراغي].

بل استنكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على من قال لفاعل كبيرة: (أخزاك الله)، رغم شناعة فعله، وقال: "لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان، ولكن قولوا: رحمك الله".

ومن آخر ما أوصى به -صلى الله عليه وسلم- صحابته وهو يوصي الأنصار خيرًا أن قال لهم: "فمن ولي شيئًا من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- فاستطاع أن يضر فيه أحدًا، أو ينفع فيه أحدًا، فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم".

فلنجعل عيدنا هكذا تصافيًا من الكدر، وتصافحًا بعد انقباض، ولا توحشنا سورة من حدة أو من غضب نالتنا من صاحب، فقلما يخلو من ذلك أحد حتى الصالحون، ولكنهم يسرعون الفيئة. وتأمّل إنصاف عائشة -رضي الله عنها- وشهادتها في ضَرَّتها زينب -رضي الله عنها- وما ذكرته من خلقها حيث قالت: (لم أر امرأة قط خيرًا من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثًا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالاً لنفسها في العمل الذي تَصَدَّق به وتقرَّب به إلى الله تعالى، ما عدا سورة من حدة كانت فيها، تسرع منها الفيئة).

فلم تكن تنكر عليها سوى حدة في طبعها، ولكنها -رضي الله عنها- كانت تسارع فتستدرك، وتصلح ما ينتج عن حدتها؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف: 201]، وإذًا فلا ينبغي أن يدفعنا الانفعال والانتقام لأنفسنا أن نهدم صلاح شخص ودينه لمجرد سورة من حدة أو غضب وقعت منه علينا أَسْرَعَ منها الفيئة, ولنقتدِ بعائشة -رضي الله عنها- في إنصافها لزينب -رضي الله عنها- بشهادتها لها العظيمة بالصلاح، مع وجود تلك الحدة مع أنها ضرتها، وعلى من تعتريه مثل هذه الحدة أن يسرع الفيئة والرجوع، ويسابق إلى الصلح وإصلاح ما نتج عن هذه الحدة، فليس المستنكر وقوع المؤمن الصالح في عيب؛ فكل بني آدم خطاء, ولكن المستنكر الإصرار واللجاج في الخصومة وعدم الفيئة، "فخير الناس بطيء الغضب سريع الفيئة, وشرهم سريع الغضب شديد الفيئة، وأبغض الرجال إلى الله تعالى الألد الخصم"، وفسره ابن حجر بأنه شديد العوج كثير الخصومة، بل عد -صلى الله عليه وسلم- من صفات المنافق أنه إذا خاصم فجر.

فحبل الخيرية بيدك -أيها المؤمن-، وما عليك إلا أن تضبط عواطفك فلا تغضب ولا تسيء، وإن لم تتمالك نفسك فلا يطل عليك الأمد، ويتراكم على قلبك الران، وإنما تفيء إلى دائرة الحق بسرعة، ولا تلجُّ في الخصومة أو تغرق في التمادي، وكم يكون فاضلاً عظيمًا ذلك الذي يذل لإخوانه المؤمنين وإن كان هو المظلوم، أو ذلك الذي يؤوب إلى الرشد عن قريب ويعجل إلى ربه ليرضى عنه.

نسأل الله -جل وعلا- أن يعيننا على أنفسنا وعلى الشيطان، وأن يجعل عيدنا هذا عيد صفاء وإخاء، وتكافل وترابط، وشعور بوحدة أهل الإسلام، وإحساسٍ بآلامهم وآمالهم، وسعي لنصرة الدين. وجزاكم الله خيرًا.