مساوئ آخر الزمان

عناصر الخطبة

  1. ذكر بعض مساوئ آخر الزمان
  2. الطمع في الدنيا والحرص على الاستكثار من أعراضها
  3. بعض مفاسد انتشار الإنترنت
  4. التحذير من ذنوب الخلوات
  5. انتشار النساء الكاسيات العاريات
  6. من مساوئ آخر الزمان طاعة النساء في غير طاعة
  7. ذم الحرص على الدنيا من قِبل الشيوخ.
اقتباس

ومن مساوئ آخر الزمان: انتشار الإنترنت في بيوت المسلمين وهو سِلاح ذو حدين فيه سلبيات وإيجابيات، ولكن سلبياتِه أكثر من إيجابياته، وانتشرت مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت التي هدمت أسراً كثيراً من أسر المسلمين، فهي تفرق بين المرء وزوجه، كما يفرّق سحر هاروت وماروت بين المرء وزوجه. ومن مساوئ الإنترنت أنه أورث ذنوب الخلوات عند الشباب والبنات، قال ابن القيم-رحمه الله-: “ذنوب الخلوات من أعظم أسباب الانتكاسات”.

الخطبة الأولى:

الحمد لله…

عباد الله: من مساوئ آخر الزمان التعلق بالدنيا بشدة مما يؤدي هذا إلى الغفلة عن عبادة الله ونسيان الآخرة، قال أبو حازم-رحمه الله-: "نحن لا نريد أن نموت حتى نتوب، وإذا متنا تبنا".

وقال إبراهيم بن فضيل: "لو قيل لصِفوان بن سُليمٍ: غداً القيامة، ما زاد على عمله شيئاً"، -لله دره- لأنه كان دائماً مستعداً إلى لقاء الله-عز وجل-. أما نحن لو قيل لنا: غداً سنموت ماذا سنفعل؟!

عباد الله: قال تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ﴾ [الحديد: 20]، شبَّه الله الدنيا بلعبة الطفل يبكي على أبيه كي يشتريها له ثم يلعب بها قليلاً ثم يمل منها فيرميها.

وقوله: ﴿وَزِينَةٌ﴾ أي: يتزينون الناس بالمطاعم والمشارب والملابس، فأصبح الطعام تذوقه العيون قبل أن تذوقه البطون بسبب نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي عبرَ الإنترنت مباهاةً للزينة والتفاخر.

وقوله: ﴿وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ﴾ أي: يتمنى كل واحد من الناس أن يكون أكثرَ مالاً من هذا وأكثرَ ولداً من هذا، قيل: "اثنان لا يشبعان؛ طالبُ علمٍ وطالبُ مال".

عباد الله: هناك أناس فقراء يحزنون ويتحسرون على الدنيا، وهناك أناس أغنياء يفرحون ويبطرون ويختالون، وقد خاطب الله الفقراء بقوله: (لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ) أي: على ما فاتكم من الأموال والمتاع، وخاطب الله الأغنياء بقوله: ﴿وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [الحديد: 23]، أي: لا تفرحوا بما آتاكم الله من النعم والأموال.

 قال أهل التفسير: "قوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ المختال: المعجب بنفسه. والفخور: المفتخر على غيره".

وقيل: "الدنيا يومان؛ يوم فرح ويوم همّ، وكلاهما زائل".

حبس بعض السلاطين رجلاً زمناً طويلاً ثم أخرجه فقال له: كيف وجدتَ محبسك؟ قال: ما مضى من نعيمك يوم إلا وقد مضى من بؤسي يوم حتى يجمعنا يوم.

والدنيا لا أحد يرتاح بها حتى الأغنياء المبطرون المترفون، قال شميطُ بن عِجلان-رحمه الله-: "إنسانان معذبانِ في الدنيا غنيّ أُعطي الدنيا فهو بها مشغول، وفقير زُويت عنه فهو يتقطع نفسه، ونفسه تقطع عليها حسرات".

عباد الله: ومن مساوئ آخر الزمان عدم المبالاةِ من أخذ المال، سواءٌ أكان هذا المال حلالاً أم حراماً؛ كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أحياناً قلة المال تمنع الإنسان عن فعل الخير، قال الشاعر:

أرى نفسي تتوق إلى أمورٍ*** يقصرُ دون مبلغِهنَّ مالي

فلا نفسي تطاوعني ببخلٍ *** ولا مالي يبلغني فِعالي.

وأحياناً قلة المال تكون خيراً على صاحبها قال عمر-رضي الله عنه-: "من نبلِ الفقرِ على الغنى أنك لا تجد أحداً يعصي الله ليفتقر".

عباد الله: ومن مساوئ آخر الزمان: انتشار الإنترنت في بيوت المسلمين وهو سِلاح ذو حدين فيه سلبيات وإيجابيات، ولكن سلبياتِه أكثر من إيجابياته، وانتشرت مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت التي هدمت أسراً كثيراً من أسر المسلمين، فهي تفرق بين المرء وزوجه، كما يفرّق سحر هاروت وماروت بين المرء وزوجه.

 ومن مساوئ الإنترنت أنه أورث ذنوب الخلوات عند الشباب والبنات، قال ابن القيم-رحمه الله-: "ذنوب الخلوات من أعظم أسباب الانتكاسات".

وقال عمر-رضي الله عنه-: "الراحة للرجال غفلة وللنساء غُلمة"، أي: شهوة.

 وقد حذَّر السلف الصالح من الخلوات وقالوا: الخلوات تفسد العقول. وذنوب الخلوات تجعل الله أهون الناظرين إليك. قال أحد السلف: "خوفك من الريح التي تهز بابك وأنت تعصي الله أعظم من فعل المعصية نفسِها".

ومن مساوئ الإنترنت أنه شغل الشباب والبنات عن العلم والهمم العالية، وساهم في تضييع وقتهم وشبابهم وفراغهم.

عباد الله: ومن مساوئ آخر الزمان انتشار النساء الكاسيات العاريات قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "سيكون في آخر الزمان رجال يركبون على سروجٍ كأشباه الرحال ينزلون بها على أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البختِ العِجاف، العنوهنَّ فإنهنَّ ملعونات" (صححه الشيخ الألباني-رحمه الله-).

قوله: "يركبون على سروج كأشباه الرحال" هي السيارات.

وقوله: "العنوهن فإنهن ملعونات"، لا يجوز اللعن على التخصيص كقولك: لعن الله فلانة كاسية عارية، إنما اللعن يكون على التعميم، كقولك: لعن الله النساء الكاسيات العاريات.

قال شيخنا الألباني-رحمه الله-: "يوم الجمعة تجتمع السيارات أمام المسجد حتى يكاد الطريق يضيق برحبه ينزل منها رجال ليحضروا صلاة الجمعة وجمهورهم لا يصلون الصلوات الخمس، أو على الأقل لا يصلونها في المساجد، فكأنهم قنعوا من الصلوات بصلاة الجمعة، ولذلك يتكاثرون يوم الجمعة، وينزلون بسيارتهم أمام المساجد، فلا تظهر ثمرة الصلاة عليهم، وفي معاملتهم لأزواجهم وبناتهم فهم بحقٍّ نساؤهم كاسيات عاريات".

قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "صنفان من أهل النار لم أرَ مثلَهما، وذكر منهما: ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" (رواه مسلم).

قالت عائشة -رضي الله عنها-: "رحم الله نساء الأنصار! لما نزلت أية الحجاب شققن مروطَهن واختمرن بها كأنهن غرابيب سود".

قال حكيم: "النساء كلهن شر، ومن شرهن قلة الاستغناء عنهن"، هو لا يقصد أن النساء شر بمعاملاتهن، فلا، فالنساء منهن الصالحات ومنهن الفاجرات، ولكنه بين ما هو شرهن قلة الاستغناء عنهن؛ لأن هذا يؤدي إلى الفتنة.

قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "النساء حبائل الشيطان". وقيل: "إبليس أستاذ الرجل وتلميذ المرأة".

ومن مساوئ آخر الزمان: طاعة النساء. قال النخعي-رحمه الله-: "من علامات اقتراب الساعة: طاعة النساء". لأن الأصل في الشرع والعادات الطاعة للرجل لا للمرأة، ولكن عندما تنقلب الموازين تصبح الطاعة للمرأة، ونحن نعيش هذا الزمان.

ومن مساوئ آخر الزمان عدم الانتفاع بالموعظة؛ لأن القلوب قست، وأصبحنا نعيش بأجسادٍ لا بأرواحٍ، قال سفيان الثوري -رحمه الله-: "سيأتي على الناس زمان تحيى فيه الأبدان، وتموت فيه القلوب. قال علي-رضي الله عنه-: "لا تكن ممن لا تنفعه الموعظة إلا إذا بالغت في إيلامه؛ فإن العاقل يتعظ بالأدب والبهائمَ تتعظ بالضرب".

ومن مساوئ آخر الزمان: الحرص على الدنيا من قِبل الشيوخ. قيل لحكيم: "ما بال الشيخ الكبير أحرص من الشاب على الدنيا؟ قال: لأنه ذاق من طعم الدنيا ما لم يذقه الشاب".

الخطبة الثانية:

عباد الله: قيل: "إن عيسى-عليه السلام- رأى إبليس عليه -لعنة الله- يحمل أربعة أحمرةَ فسأله عن ذلك، فقال: أحمل تجارة، وأطلب مشترين، أما أحدها الجور، قال: من يشتريه؟ قال: السلطان، قال فما الثاني؟ قال: الحسد. قال: فمن يشتريه؟ قال: العلماء، قال: فما الثالث؟ قال: الخيانة، قال: من يشتريها؟ قال: التجار، قال: فما الرابع؟ قال: الكيد، قال: فمن يشتريه قال: النساء".

عباد الله: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن من أشراط الساعة أن يُرفع العلم ويثبتَ الجهل، ويكثر الزنا، ويُشرب الخمر، وتكثر النساء، وتقلَ الرجال حتى يكونَ لخمسينَ امرأةً قيم واحد" (رواه مسلم).

لماذا يرفع العلم الشرعي؟ لأن الناس انشغلت بالدنيا والفتن كثرت، والهمم ضعفت، والمشاغل كثرت، قال رجل للحسن البصري -رحمه الله- يا أبو سعيد! فقال له الحسن: "شغلتك الدنيا تكسب دانقاً –أي: أجراً- على أن تقول يا أبا سعيد".

والعلم أفضل من المال، قيل لِبُزُر جُمُهر -وهو عالم فارسي وكان حكيمًا-: "أيهما أفضل العلم أم المال؟ فقال: بل العلم قالوا: فما بالنا نرى العلماء على أبواب الأغنياء ولا نكاد نرى الأغنياء على أبواب العلماء؟ فقال: لمعرفة العلماء بمنفعة المال وجهل الأغنياء بفضل العلم".

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ويكثر الزنا" بسبب تعسير الزواج، وغلاء المهور، والمتطلبات والشروط الفاسدة التي تحول أمام الراغبين بالعفاف.

وقد يكون سبب كساد الزواج وكثرة الزنا بسبب انتشار زواج إبليس في المجتمع، وفي الجامعات، وفي الإنترنت، وقد قالوا: طالما الرجل يشرب الحليب بالمجان لا يشتري البقرة.

فشرب الخمر والزنا والربا وسماع الغناء، ولبس الحرير أصبح حلالاً عند كثيرٍ من الناس. قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "ليكوننَّ في أمتي أقوام يستحلون الحرَ والحرير والخمر والمعازف" (رواه البخاري).

تأمل في قوله: "يستحلون"، أي: أنها حرام فيجعلونها حلالاً اتباعاً للأهواء، قال أهل العلم: "وقوله: "يستحلون" أي: لما كثر استعمال هذه الأشياء عند الناس أصبحت كأنها حلال".

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "وتكثر النساء، وتقل الرجال"، قال أهل العلم: بسبب الحروب "حتى يكون لخمسين امرأةً قيم واحد"، أي: رجل واحد يقوم على خمسين امرأة، يقوم على نفقاتهن وشؤونهن، وهذا يسبب الهم والغم.

نسأل الله العفوَ والعافية. وصلِّ اللهمَّ وباركْ على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.