الرحيم
كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...
الإيماء، والتلويح بشيء يُفهم منه ما يُفهم من النطق، سواء كانت الإشارة باليد، أو العين، أو الحاجب، ونحو ذلك .
التَّعْرِيفُ:
1 - الإِْشَارَةُ لُغَةً: التَّلْوِيحُ بِشَيْءٍ يُفْهَمُ مِنْهُ مَا يُفْهَمُ مِنَ النُّطْقِ، فَهِيَ الإِْيمَاءُ إِلَى الشَّيْءِ بِالْكَفِّ وَالْعَيْنِ وَالْحَاجِبِ وَغَيْرِهَا. وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِكَذَا: أَبْدَى لَهُ رَأْيَهُ، وَالاِسْمُ الشُّورَى.
وَهِيَ عِنْدَ الإِْطْلاَقِ حَقِيقَةٌ فِي الْحِسِّيَّةِ، وَتُسْتَعْمَل مَجَازًا فِي الذِّهْنِيَّةِ، كَالإِْشَارَةِ بِضَمِيرِ الْغَائِبِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ عُدِّيَ " إِلَى " تَكُونُ بِمَعْنَى الإِْيمَاءِ بِالْيَدِ، وَنَحْوِهَا، وَإِنْ عُدِّيَ بِ " عَلَى " تَكُونُ بِمَعْنَى الرَّأْيِ (1) .
وَالإِْشَارَةُ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ مِثْلُهَا فِي اللُّغَةِ، وَيَسْتَعْمِلُهَا الأُْصُولِيُّونَ فِي مَبْحَثِ الدَّلاَلاَتِ، وَيُعَرِّفُونَ دَلاَلَةَ الإِْشَارَةِ بِأَنَّهَا: دَلاَلَةُ اللَّفْظِ عَلَى مَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ، وَلَكِنَّهُ لاَزِمٌ لَهُ. كَدَلاَلَةِ قَوْله تَعَالَى: {لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} (2) عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ بِدُونِ ذِكْرِ الْمَهْرِ، لأَِنَّ صِحَّةَ الطَّلاَقِ فَرْعُ صِحَّةِ النِّكَاحِ.
أَمَّا عِبَارَةُ النَّصِّ فَهِيَ الْمَعْنَى الَّذِي يَتَبَادَرُ فَهْمُهُ مِنْ صِيغَتِهِ، وَيَكُونُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ سِيَاقِهِ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيل مَا يَتَّصِل بِذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ. الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الدَّلاَلَةُ:
2 - الدَّلاَلَةُ: كَوْنُ الشَّيْءِ بِحَيْثُ يُفْهَمُ مِنْهُ شَيْءٌ آخَرُ، كَدَلاَلَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى، وَهِيَ أَعَمُّ مِنَ الإِْشَارَةِ (3) .
ب - الإِْيمَاءُ:
3 - الإِْيمَاءُ: مُرَادِفٌ لِلإِْشَارَةِ لُغَةً، وَعِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ عَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ: إِلْقَاءُ الْمَعْنَى فِي النَّفْسِ بِخَفَاءٍ (4) .
صِفَتُهَا (الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ) :
4 - الإِْشَارَةُ تَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ فِي أَغْلَبِ الأُْمُورِ، لأَِنَّهَا تُبَيِّنُ الْمُرَادَ كَالنُّطْقِ، وَلَكِنَّ الشَّارِعَ يُقَيِّدُ النَّاطِقِينَ بِالْعِبَارَةِ فِي بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ كَالنِّكَاحِ، فَإِذَا عَجَزَ إِنْسَانٌ عَنْهَا، أَقَامَ الشَّارِعُ إِشَارَتَهُ مَقَامَ نُطْقِهِ فِي الْجُمْلَةِ (5) .
إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ:
5 - إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ مُعْتَبَرَةٌ شَرْعًا، وَتَقُومُ مَقَامَ عِبَارَةِ النَّاطِقِ فِيمَا لاَ بُدَّ فِيهِ مِنَ الْعِبَارَةِ، إِذَا كَانَتْ مَعْهُودَةً فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ، وَالإِْجَارَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالنِّكَاحِ، وَالْحُلُول: كَالطَّلاَقِ، وَالْعَتَاقِ، وَالإِْبْرَاءِ. وَغَيْرِ ذَلِكَ كَالأَْقَارِيرِ - مَا عَدَا الإِْقْرَارِ بِالْحُدُودِ، فَفِيهِ خِلاَفٌ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا - وَالدَّعَاوَى " وَالإِْسْلاَمُ. وَهَذَا الْقَدْرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِيمَا نَعْلَمُ، وَفِي اللِّعَانِ وَالْقَذْفِ خِلاَفٌ. فَقَدْ قَال الْحَنَفِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّ الإِْشَارَةَ لاَ تَقُومُ مَقَامَ النُّطْقِ فِيهِمَا، لأَِنَّ فِي الإِْشَارَةِ شُبْهَةً يُدْرَأُ بِهَا الْحَدُّ، وَقَال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ كَنُطْقِهِ فِيهِمَا (6) .
وَلاَ فَرْقَ فِي اعْتِبَارِ إِشَارَةِ الأَْخْرَسِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْكِتَابَةِ، أَوْ عَاجِزًا عَنْهَا، وَلاَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخَرَسُ أَصَالَةً أَوْ طَارِئًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (7) .
وَنُقِل عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّمَا تُعْتَبَرُ إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ إِذَا كَانَ عَاجِزًا عَنِ الْكِتَابَةِ، لأَِنَّهَا أَضْبَطُ (8) . وَلَمْ يُفَرِّقِ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ إِشَارَةِ الأَْخْرَسِ وَكِتَابَتِهِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ لِقَبُول إِشَارَتِهِ الْعَجْزُ عَنِ الْكِتَابَةِ (9) .
وَيَشْتَرِطُ الْحَنَفِيَّةُ لِقَبُول إِشَارَتِهِ مَا يَلِي:
أ - أَنْ يَكُونَ قَدْ وُلِدَ أَخْرَسَ، أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْخَرَسُ وَدَامَ حَتَّى الْمَوْتِ. وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْحَاكِمِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي هَذَا مِنَ الْحَرَجِ مَا فِيهِ، وَقَدَّرَ التُّمُرْتَاشِيُّ الاِمْتِدَادَ لِسَنَةٍ. وَفِي التَّتَارَخَانِيَّةِ: أَنَّهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ الْخَرَسُ وَدَامَ حَتَّى صَارَتْ إِشَارَتُهُ مَفْهُومَةً اُعْتُبِرَتْ إِشَارَتُهُ كَعِبَارَتِهِ وَإِلاَّ لَمْ تُعْتَبَرْ (10) . ب - أَلاَّ يَقْدِرَ عَلَى الْكِتَابَةِ. جَاءَ فِي تَكْمِلَةِ حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: قَال الْكَمَال: قَال بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: إِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ لاَ يَقَعُ طَلاَقُهُ بِالإِْشَارَةِ، لاِنْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِمَا هُوَ أَدَل عَلَى الْمُرَادِ مِنَ الإِْشَارَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ، وَبِهِ قَال بَعْضُ مَشَايِخِنَا.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: بَل هَذَا الْقَوْل تَصْرِيحٌ بِمَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، فَفِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ كَانَ الأَْخْرَسُ لاَ يَكْتُبُ، وَكَانَ لَهُ إِشَارَةٌ تُعْرَفُ فِي طَلاَقِهِ، وَنِكَاحِهِ، وَشِرَائِهِ، وَبَيْعِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ شُكَّ فِيهِ فَهُوَ بَاطِلٌ. ثُمَّ قَال: فَيُفِيدُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ لاَ تَجُوزُ إِشَارَتُهُ (11)
وَفِي الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ: أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ لَيْسَ شَرْطًا لِلْعَمَل بِالإِْشَارَةِ (12) .
وَقَال السُّيُوطِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي إِقَامَةِ إِشَارَةِ الأَْخْرَسِ مَقَامَ نُطْقِهِ مَسَائِل لاَ تَقُومُ فِيهَا إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ مَقَامَ النُّطْقِ، مِنْهَا:
(11) إِذَا خَاطَبَ بِالإِْشَارَةِ فِي الصَّلاَةِ لاَ تَبْطُل صَلاَتُهُ فِي الأَْصَحِّ.
(12) إِذَا نَذَرَ بِالإِْشَارَةِ لاَ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ.
(15) إِذَا شَهِدَ بِالإِْشَارَةِ لاَ تُقْبَل شَهَادَتُهُ فِي الأَْصَحِّ، لأَِنَّ إِقَامَتَهَا مَقَامَ النُّطْقِ لِلضَّرُورَةِ، وَلاَ ضَرُورَةَ فِي شَهَادَتِهِ لإِِمْكَانِ شَهَادَةِ النَّاطِقِ. (16) إِذَا حَلَفَ لاَ يُكَلِّمُ زَيْدًا فَكَلَّمَهُ بِالإِْشَارَةِ لاَ يَحْنَثُ.
(17) إِذَا حَلَفَ بِالإِْشَارَةِ لاَ تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ إِلاَّ فِي اللِّعَانِ (18) .
إِقْرَارُ الأَْخْرَسِ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ:
6 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ إِقْرَارِ الأَْخْرَسِ بِالزِّنَى وَغَيْرِهِ مِنَ الْحُدُودِ. فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يُحَدُّ إِنْ أَقَرَّ بِالزِّنَى بِإِشَارَتِهِ، قَالُوا: لأَِنَّ مَنْ صَحَّ إِقْرَارُهُ بِغَيْرِ الزِّنَى صَحَّ إِقْرَارُهُ بِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُحَدُّ بِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَى، لأَِنَّ الإِْشَارَةَ تَحْتَمِل مَا فُهِمَ مِنْهَا وَغَيْرُهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْحَدِّ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ (19) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَيْ: (حُدُود، وَإِقْرَار) .
إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ بِالإِْقْرَارِ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ:
7 - إِشَارَتُهُ فِي ذَلِكَ مَقْبُولَةٌ فِي قَوْل الْفُقَهَاءِ فِي الْقِصَاصِ، لأَِنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ (20) .
تَقْسِيمُ إِشَارَةِ الأَْخْرَسِ:
8 - صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ إِذَا كَانَتْ إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ بِحَيْثُ يَفْهَمُهَا كُل مَنْ وَقَفَ عَلَيْهَا فَهِيَ صَرِيحَةٌ (21) . وَإِنْ كَانَ يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا ذَوُو الْفَطِنَةِ وَالذَّكَاءِ، فَهِيَ كِنَايَةٌ وَإِنِ انْضَمَّ إِلَيْهَا قَرَائِنُ.
وَتُعْرَفُ نِيَّةُ الأَْخْرَسِ فِيمَا إِذَا كَانَتْ إِشَارَتُهُ كِنَايَةً بِإِشَارَةٍ أُخْرَى أَوْ كِتَابَةٍ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَفْهَمْ إِشَارَتَهُ أَحَدٌ فَهِيَ لَغْوٌ (22) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لاَ تَكُونُ إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ كِنَايَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُفْهِمَةً فَهِيَ صَرِيحَةٌ وَإِلاَّ فَلَغْوٌ (23) .
وَلَمْ نَعْثُرْ لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى قِسْمَةِ الإِْشَارَةِ مِنَ الأَْخْرَسِ إِلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ، وَتَفْصِيل مَا يَخُصُّ الإِْشَارَةَ فِي الطَّلاَقِ يَأْتِي فِي بَابِهِ.
إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ:
9 - لِلْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَةِ اتِّجَاهَانِ:
الأَْوَّل: يَجِبُ تَحْرِيكُ الأَْخْرَسِ لِسَانَهُ فِي تَكْبِيرِ الصَّلاَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، لأَِنَّ الصَّحِيحَ يَلْزَمُهُ النُّطْقُ بِتَحْرِيكِ لِسَانِهِ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ الآْخَرُ. وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَقَوْل الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ.
وَالثَّانِي: لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
وَخَرَجَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى قَوْلِهِمْ بِوُجُوبِ التَّحْرِيكِ، تَحْرِيمُ تَحْرِيكِ الأَْخْرَسِ لِسَانَهُ بِالْقِرَاءَةِ وَهُوَ جُنُبٌ (24) .
الشَّهَادَةُ بِالإِْشَارَةِ:
10 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ الأَْخْرَسِ بِحَالٍ، وَإِنْ فَهِمَ إِشَارَتَهُ كُل أَحَدٍ. لأَِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الشَّهَادَةِ الْيَقِينُ، وَالإِْشَارَةُ لاَ تَخْلُو عَنِ احْتِمَالٍ (25) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا تُقْبَل إِذَا كَانَتْ مُفْهِمَةً (26) .
مُعْتَقَل اللِّسَانِ:
11 - مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ صَوَّبَهُ صَاحِبُ الإِْنْصَافِ أَنَّ مُعْتَقَل اللِّسَانِ - وَهُوَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ النَّاطِقِ وَالأَْخْرَسِ - إِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنِ النُّطْقِ فَهُوَ كَالأَْخْرَسِ، وَتَقُومُ إِشَارَتُهُ الْمُفْهِمَةُ مَقَامَ الْعِبَارَةِ، فَإِنْ أَوْصَى بِالإِْشَارَةِ، أَوْ قُرِئَتْ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ، وَأَشَارَ أَنْ " نَعَمْ " صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ.
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْمُعْتَقَل اللِّسَانِ لاَ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ (27) .
إِشَارَةُ النَّاطِقِ:
12 - مَنْ كَانَ مُسْتَطِيعًا لِلنُّطْقِ فَفِي إِقَامَةِ إِشَارَتِهِ مَقَامَ النُّطْقِ اتَّجَهَانِ: الأَْوَّل: أَنَّهَا لَغْوٌ فِي الْجُمْلَةِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، إِلاَّ فِي مَسَائِل مَعْدُودَةٍ نَصَّ عَلَيْهَا الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَقَامُوا فِيهَا الإِْشَارَةَ مَقَامَ النُّطْقِ. وَإِنَّمَا قَالُوا بِإِلْغَائِهَا، لأَِنَّهَا مَهْمَا قَوِيَتْ دَلاَلَتُهَا فَإِنَّهَا لاَ تُفِيدُ الْيَقِينَ الَّذِي تُفِيدُهُ الْعِبَارَةُ، وَمِنَ الْمَسَائِل الَّتِي اسْتَثْنَوْهَا:
أ - إِشَارَةُ الْمُفْتِي بِالْجَوَابِ.
ب - أَمَانُ الْكُفَّارِ، يَنْعَقِدُ بِالإِْشَارَةِ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ، فَلَوْ أَشَارَ الْمُسْلِمُ إِلَى الْكَافِرِ بِالأَْمَانِ، فَانْحَازَ إِلَى صَفِّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَحِل قَتْلُهُ.
ج - إِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ فِي الصَّلاَةِ فَرَدَّ بِالإِْشَارَةِ لَمْ تَفْسُدْ صَلاَتُهُ.
د - الإِْشَارَةُ بِالْعَدَدِ فِي الطَّلاَقِ.
هـ - لَوْ أَشَارَ الْمُحْرِمُ إِلَى الصَّيْدِ فَصِيدَ، حَرُمَ عَلَيْهِ الأَْكْل مِنْهُ. وَزَادَ الْحَنَفِيَّةُ الإِْشَارَةُ بِالإِْقْرَارِ بِالنَّسَبِ لِتَشَوُّفِ الشَّرْعِ إِلَى إِثْبَاتِهِ، وَبِالإِْسْلاَمِ وَالْكُفْرِ.
الثَّانِي: أَنَّ إِشَارَةَ النَّاطِقِ مُعْتَبَرَةٌ كَنُطْقِهِ، مَا دَامَتْ مَفْهُومَةً بَيْنَ النَّاسِ وَمُتَعَارَفًا بَيْنَهُمْ عَلَى مَدْلُولِهَا. وَقَالُوا: إِنَّ التَّعَاقُدَ بِالإِْشَارَةِ أَوْلَى مِنَ التَّعَاقُدِ بِالأَْفْعَال (التَّعَاطِي) ، لأَِنَّ الإِْشَارَةَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا كَلاَمٌ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {قَال آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا} (28) وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ إِلاَّ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ خَاصَّةً، دُونَ تَعْيِينِ الْمَنْكُوحَةِ أَوِ النَّاكِحِ (29) . تَعَارُضُ عِبَارَةِ النَّصِّ مَعَ إِشَارَتِهِ:
13 - سَبَقَ بَيَانُ الْمُرَادِ بِعِبَارَةِ النَّصِّ وَبِإِشَارَتِهِ (ر: ف 1) ، فَإِذَا تَعَارَضَتْ عِبَارَةُ نَصٍّ وَإِشَارَةِ آخَرَ يُرَجَّحُ مَفْهُومُ الْعِبَارَةِ فِي الْجُمْلَةِ، عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
رَدُّ السَّلاَمِ فِي الصَّلاَةِ:
14 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ رَدِّ السَّلاَمِ فِي الصَّلاَةِ، فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي الرَّدِّ بِالْقَوْل كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَتَادَةَ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُلِّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ رَدَّهُ حَتَّى يَسْمَعَ (30) . وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَرُدُّ بَعْدَ الاِنْصِرَافِ مِنَ الصَّلاَةِ (31) . وَاتَّفَقَ الأَْئِمَّةُ الأَْرْبَعَةُ عَلَى أَنَّ رَدَّ السَّلاَمِ بِالْقَوْل. فِي الصَّلاَةِ مُبْطِلٌ لَهَا (32) . عَلَى اخْتِلاَفٍ بَيْنَهُمْ فِي بَعْضِ التَّفْصِيل.
فَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ الرَّدَّ بِالإِْشَارَةِ وَاجِبٌ (33) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الرَّدُّ بِالإِْشَارَةِ (34) . وَذَهَبَ الأَْحْنَافُ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ رَدُّهُ بِالإِْشَارَةِ بِالْيَدِ، وَلاَ تَفْسُدُ بِهِ الصَّلاَةُ، جَاءَ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: رَدُّ السَّلاَمِ بِيَدِهِ لاَ يُفْسِدُهَا، خِلاَفًا لِمَنْ عَزَا إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ مُفْسِدٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ نَقْلُهُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْل الْمَذْهَبِ (35) . وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يُرَدُّ بِالإِْشَارَةِ (36) . وَقَدِ اسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِالرَّدِّ بَعْدَ الاِنْصِرَافِ مِنَ الصَّلاَةِ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَال: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا وَقَال: إِنَّ فِي الصَّلاَةِ شُغْلاً. (37)
وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِالرَّدِّ بِالإِْشَارَةِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ قَال: إِنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ بَعَثَنِي لِحَاجَةٍ، ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَسِيرُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَأَشَارَ إِلَيَّ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي فَقَال: إِنَّكَ سَلَّمْتَ عَلَيَّ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال: إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي. (38)
وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّهُ قَال: مَرَرْتُ بِرَسُول اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ إِلَيَّ إِشَارَةً (39) . الإِْشَارَةُ فِي التَّشَهُّدِ:
15 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي فِي التَّشَهُّدِ الإِْشَارَةُ بِسَبَّابَتِهِ، وَتُسَمَّى فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ " الْمُسَبِّحَةَ " وَهِيَ الَّتِي تَلِي الإِْبْهَامَ، وَيَرْفَعُهَا عِنْدَ التَّوْحِيدِ وَلاَ يُحَرِّكُهَا (40) ، لِحَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ ﷺ كَانَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ إِذَا دَعَا، وَلاَ يُحَرِّكُهَا (41) وَقِيل يُحَرِّكُهَا، لِحَدِيثِ وَائِل بْنِ حُجْرٍ أَنَّهُ ﷺ: رَفَعَ أُصْبُعَهُ فَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُهَا (42) وَتَفْصِيل كَيْفِيَّةِ الإِْشَارَةِ مِنْ حَيْثُ عَقْدُ الأَْصَابِعِ أَوْ بَسْطُهَا، وَالتَّحْرِيكُ وَعَدَمُهُ يَأْتِي فِي (الصَّلاَةِ) .
إِشَارَةُ الْمُحْرِمِ إِلَى الصَّيْدِ:
16 - إِذَا أَشَارَ الْمُحْرِمُ إِلَى صَيْدٍ، أَوْ دَل حَلاَلاً عَلَيْهِ فَصَادَهُ حَرُمَ عَلَى الْمُحْرِمِ أَكْلُهُ (43) . وَهَذَا الْقَدْرُ لاَ يُعْلَمُ فِيهِ خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ فِي قِصَّةِ اصْطِيَادِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، قَال: فَقَال النَّبِيُّ ﷺ: مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِل عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا؟ قَالُوا: لاَ قَال: فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا (44) . وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْهُ إِعَانَةٌ عَلَى قَتْلِهِ بِشَيْءٍ حَل لَهُ الأَْكْل مِنْهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ (45) .
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَى الْمُشِيرِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ، لأَِنَّ الإِْشَارَةَ إِلَى الصَّيْدِ مِنْ مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ بِدَلِيل تَحْرِيمِ الأَْكْل مِنْهُ، فَتَكُونُ جِنَايَةً عَلَى الصَّيْدِ بِتَفْوِيتِ الأَْمْنِ عَلَى وَجْهٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ قَتْلُهُ، فَصَارَتْ كَالْقَتْل (46) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ لاَ جَزَاءَ عَلَى الْمُشِيرِ، لأَِنَّ النَّصَّ عَلَّقَ الْجَزَاءَ بِالْقَتْل. وَلَيْسَتِ الإِْشَارَةُ قَتْلاً (47) .
الإِْشَارَةُ إِلَى الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ:
17 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ اسْتِلاَمِ الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ بِالْيَدِ أَوْ غَيْرِهَا عِنْدَ الطَّوَافِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَال: مَا تَرَكْتُ اسْتِلاَمَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ فِي شِدَّةٍ وَلاَ رَخَاءٍ مُنْذُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَسْتَلِمُهُمَا (48) . كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحْبَابِ الإِْشَارَةِ إِلَى الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الاِسْتِلاَمِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَال: طَافَ النَّبِيُّ ﷺ بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ (49) .
وَاخْتَلَفُوا فِي الإِْشَارَةِ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ عِنْدَ تَعَذُّرِ الاِسْتِلاَمِ. فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُشِيرُ إِلَيْهِ إِنْ عَجَزَ عَنِ اسْتِلاَمِهِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى أَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ قِيَاسًا عَلَى الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ (50) .
التَّسْلِيمُ بِالإِْشَارَةِ:
18 - لاَ تَحْصُل سُنَّةُ ابْتِدَاءِ السَّلاَمِ بِالإِْشَارَةِ بِالْيَدِ أَوِ الرَّأْسِ لِلنَّاطِقِ، وَلاَ يَسْقُطُ فَرْضُ الرَّدِّ عَنْهُ بِهَا. لأَِنَّ السَّلاَمَ مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي جَعَل لَهَا الشَّارِعُ صِيَغًا مَخْصُوصَةً، لاَ يَقُومُ مَقَامَهَا غَيْرُهَا، إِلاَّ عِنْدَ تَعَذُّرِ صِيغَتِهَا الشَّرْعِيَّةِ. وَتَكَادُ تَتَّفِقُ عِبَارَاتُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْقَوْل: بِأَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنَ الإِْسْمَاعِ، وَلاَ يَكُونُ الإِْسْمَاعُ إِلاَّ بِقَوْلٍ (51) . وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: لاَ تُسَلِّمُوا تَسْلِيمَ الْيَهُودِ، فَإِنَّ تَسْلِيمَهُمْ بِالأَْكُفِّ وَالرُّءُوسِ وَالإِْشَارَةِ (52) . وَرَوَى عَلْقَمَةُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَال: " كَانُوا يَكْرَهُونَ التَّسْلِيمَ بِالْيَدِ (53) ". يَعْنِي الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.
أَمَّا الأَْصَمُّ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ، وَغَيْرُ الْمَقْدُورِ عَلَى إِسْمَاعِهِ كَالْبَعِيدِ، فَالإِْشَارَةُ مَشْرُوعَةٌ فِي حَقِّهِ، وَقَال بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إِذَا سَلَّمَ عَلَى أَصَمَّ لاَ يَسْمَعُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَلَفَّظَ بِالسَّلاَمِ، لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَيُشِيرُ بِالْيَدِ (54) . وَيَسْقُطُ فَرْضُ الرَّدِّ مِنَ الأَْخْرَسِ بِالإِْشَارَةِ، لأَِنَّهُ مَقْدُورُهُ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ بِالإِْشَارَةِ وَالتَّلَفُّظِ مَعًا (55) . وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ: (سَلاَم) .
الإِْشَارَةُ فِي أَصْل الْيَمِينِ:
19 - لاَ تَنْعَقِدُ يَمِينُ النَّاطِقِ بِالإِْشَارَةِ، لأَِنَّهَا لاَ تَنْعَقِدُ إِلاَّ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ. أَمَّا الأَْخْرَسُ فَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ يَمِينَهُ لاَ تَنْعَقِدُ (56) . وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَتْ لَهُ إِشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ حَلَفَ، وَتَصِحُّ يَمِينُهُ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُفْهِمَةٍ، وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينُهُ، وَقَفَ حَتَّى تُفْهَمَ إِشَارَتُهُ (57) . وَنَسَبَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا لِلإِْمَامِ الشَّافِعِيِّ. وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (أَيْمَانٌ) .
إِشَارَةُ الْقَاضِي إِلَى أَحَدِ الْخُصُومِ:
20 - لاَ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَعْمَل أَعْمَالاً تُسَبِّبُ التُّهْمَةَ وَسُوءَ الظَّنِّ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، مِمَّا يُوهِمُ أَنَّهُ يُفَضِّلُهُ عَلَى خَصْمِهِ، كَالإِْشَارَةِ لأَِحَدِ الْخَصْمَيْنِ بِالْيَدِ، أَوْ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالرَّأْسِ، لأَِنَّ ذَلِكَ يُسَبِّبُ انْكِسَارًا لِقَلْبِ الْخَصْمِ الآْخَرِ، وَقَدْ يَحْمِلُهُ ذَلِكَ عَلَى تَرْكِ الدَّعْوَى وَالْيَأْسِ مِنَ الْعَدَالَةِ، مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ضَيَاعُ حَقِّهِ.
وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ (58) .
وَقَدْ رَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ قُضَاةِ الْبَصْرَةِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: مَنْ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلْيَعْدِل بَيْنَهُمْ فِي لَحْظِهِ وَإِشَارَتِهِ وَمَقْعَدِهِ، وَلاَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ مَا لاَ يَرْفَعُ عَلَى الآْخَرِ وَفِي رِوَايَةٍ: فَلْيُسَوِّ بَيْنَهُمْ فِي النَّظَرِ وَالإِْشَارَةِ وَالْمَجْلِسِ (59) . إِشَارَةُ الْمُحْتَضَرِ إِلَى الْجَانِي عَلَيْهِ:
21 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ قَوْل الْمُحْتَضَرِ: قَتَلَنِي فُلاَنٌ، وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ لَوْثًا، لأَِنَّهُ لاَ يُقْبَل دَعْوَاهُ عَلَى الْغَيْرِ بِالْمَال، فَلاَ يُقْبَل ادِّعَاؤُهُ عَلَيْهِ بِالدَّمِ، وَلأَِنَّهُ مُدَّعٍ فَلاَ يَكُونُ قَوْلُهُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ (60) . لِحَدِيثِ: لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لاَدَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ (61) فَإِذَا لَمْ تُعْتَبَرْ أَقْوَالُهُ فَلاَ تُقْبَل إِشَارَتُهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى. وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ إِذَا قَال الْمُحْتَضَرُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْعَاقِل: قَتَلَنِي فُلاَنٌ عَمْدًا، ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَوْثًا، فَيَثْبُتُ الْقِصَاصُ بَعْدَ حَلِفِ أَوْلِيَاءِ الدَّمِ يَمِينَ الْقَسَامَةِ.
أَمَّا إِذَا قَال: قَتَلَنِي خَطَأً، فَفِي ذَلِكَ عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: لاَ يُقْبَل قَوْلُهُ، لأَِنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إِغْنَاءَ وَرَثَتِهِ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ قَوْلَهُ يُقْبَل، وَتَكُونُ مَعَهُ الْقَسَامَةُ، وَلاَ يُتَّهَمُ، لأَِنَّهُ فِي حَالٍ يُصَدَّقُ فِيهِ الْكَاذِبُ، وَيَتُوبُ فِيهِ الْفَاجِرُ، فَمَنْ تَحَقَّقَ مَصِيرُهُ إِلَى الآْخِرَةِ وَأَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ فَلاَ يُتَّهَمُ فِي إِرَاقَةِ دَمِ مُسْلِمٍ ظُلْمًا، وَغَلَبَةُ الظَّنِّ فِي هَذَا يَنْزِل مَنْزِلَةَ غَلَبَةِ الظَّنِّ فِي صِدْقِ الشَّاهِدِ، وَالْغَالِبُ مِنْ أَحْوَال النَّاسِ عِنْدَ الْمَوْتِ التَّوْبَةُ وَالاِسْتِغْفَارُ وَالنَّدَمُ عَلَى التَّفْرِيطِ. وَتَزَوُّدُهُ مِنْ دُنْيَاهُ قَتْل نَفْسٍ خِلاَفُ الظَّاهِرِ وَغَيْرُ الْمُعْتَادِ (1) .
إِشَارَةُ الْمُحْتَضَرِ إِلَى تَصَرُّفَاتٍ مَالِيَّةٍ:
22 - إِذَا كَانَ الْمُحْتَضَرُ قَادِرًا عَلَى النُّطْقِ فَلاَ تُقْبَل إِشَارَتُهُ، أَمَّا إِذَا كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى النُّطْقِ فَإِشَارَتُهُ تَقُومُ مَقَامَ عِبَارَتِهِ. وَفِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَقَل اللِّسَانِ لَمْ تُعْتَبَرُ إِشَارَتُهُ إِلاَّ فِي أَرْبَعٍ: الْكُفْرِ، وَالإِْسْلاَمِ، وَالنَّسَبِ، وَالإِْفْتَاءِ (2) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ الإِْشَارَةَ الْمُفْهِمَةَ كَالنُّطْقِ مُطْلَقًا (3) . وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ إِشَارَةَ الْمُحْتَضَرِ إِلَى تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ كَعِبَارَتِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ قَادِرًا عَلَى النُّطْقِ أَمْ لاَ.
__________
(1) الكليات 1 / 184 - 185، واللسان، والمصباح مادة: (شور) .
(2) سورة البقرة / 236.
(3) الكليات 1 / 336.
(4) الكليات 2 / 320.
(5) المنثور في القواعد 1 / 164 - 165.
(6) روضة الطالبين 8 / 39، والمغني لابن قدامة 3 / 566، 7 / 396 ط الرياض، وحاشية ابن عابدين 2 / 425، والقوانين الفقهية ص 161.
(7) إعانة الطالبين 4 / 11، وروضة الطالبين 3 / 341، ومواهب الجليل 4 / 229.
(8) روضة الطالين 8 / 39.
(9) الدسوقي 2 / 412 ط التجارية.
(10) حاشية ابن عابدين 2 / 425. واللجنة ترى أن هذا القول الأخير هو الذي ينبغي أن يعتمد درءا للحرج.
(11) حاشية ابن عابدين 2 / 425، وتكملة ابن عابدين 2 / 82 ط الميمنية.
(12) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 138.
(13) حاشية ابن عابدين 2 / 425، وتكملة ابن عابدين 2 / 82 ط الميمنية.
(14) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 138.
(15)
(16)
(17)
(18) الأشباه والنظائر ص 247، والمنثور 1 / 164، وإعانة الطالبين 4 / 16، وروضة الطالبين 8 / 39 - 40.
(19) المغني 8 / 196 ط الرياض.
(20) بدائع الصنائع 10 / 4593، 9 / 4187، وروضة الطالبين 8 / 39، والمغني 3 / 566، وحاشية ابن عابدين 2 / 425.
(21) حاشية ابن عابدين 2 / 425، وشرح الزرقاني 4 / 104.
(22) إعانة الطالبين 4 / 16.
(23) شرح الزرقاني 4 / 104.
(24) تكملة ابن عابدين 2 / 82، والمغني لابن قدامة 1 / 463 ط الرياض، والقوانين الفقهية ص 44، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 248 ط التجارية.
(25) تحفة المحتاج 8 / 421، والبحر الرائق 7 / 77، ونهاية المحتاج 8 / 277.
(26) الكافي في فقه أهل المدينة ص 899، والدسوقي 4 / 168.
(27) الأشباه والنظائر ص 248 - 249، والإنصاف 7 / 188، وحاشية ابن عابدين 4 / 9.
(28) سورة آل عمران / 41.
(29) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 248، ومواهب الجليل 4 / 229، والبدائع 4 / 16، وابن عابدين 4 / 452، والمغني 3 / 562، والروضة 8 / 39، وإعانة الطالبين 4 / 16، وكشاف القناع 6 / 453 ط الرياض.
(30) الأثر عن أبي هريرة أورده صاحب عون المعبود 1 / 347 ط الهند، ولم ينسبه إلى كتاب من كتب الحديث.
(31) حاشية عون المعبود 1 / 347، وسبل السلام 1 / 141، والمغني لابن قدامة 1 / 815.
(32) شرح منح الجليل 1 / 183، والمغني لابن قدامة مع الشرح الكبير 1 / 815، وحاشية ابن عابدين 1 / 415، ونهاية المحتاج 2 / 44.
(33) منح الجليل 1 / 183.
(34) إعانة الطالبين 4 / 190، ونهاية المحتاج 2 / 44.
(35) حاشية ابن عابدين 1 / 414، 415.
(36) المغني لابن قدامة مع الشرح الكبير 1 / 715، 4 / 716.
(37) حديث: " كنا نسلم على رسول الله ﷺ. . . ". أخرجه البخاري ومسلم، من حديث عبد الله بن مسعود ﵁. (فتح الباري 3 / 72 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 382 ط عيسى الحلبي 1374 هـ، وجامع الأصول في أحاديث الرسول 5 / 485، 486 نشر مكتبة الحلواني 1390 هـ) .
(38) حديث: " أن رسول الله ﷺ بعثني لحاجة. . . . " أخرجه مسلم من حديث جابر ﵁ مرفوعا (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 383، 384 ط عيسى الحلبي) .
(39) حديث: " مررت برسول الله ﷺ وهو يصلي ". أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي من حديث صهيب ﵁، وقال الترمذي: حديث صهيب حسن. (تحفة الأحوذي 2 / 363 نشر المكتبة السلفية، وسنن أبي داود 1 / 568 ط استانبول، وسنن النسائي 3 / 5 ط المطبعة المصرية بالأزهر، وجامع الأصول 5 / 497 نشر مكتبة الحلواني) .
(40) الروضة 1 / 262، والمغني لابن قدامة 1 / 383.
(41) حديث: " أنه ﷺ كان يشير بأصبعه إذا دعا. . . " أخرجه أبو داود والنسائي من حديث عبد الله بن الزبير ﵁، وقال النووي: إسناده صحيح (سنن النسائي 3 / 32 ط مصطفى الحلبي 1383 هـ، وعون المعبود 1 / 374 - 375 ط الهند، وجامع الأصول 5 / 404 نشر مكتبة الحلواني، والمجموع للنووي 3 / 454 ط المنيرية) .
(42) حديث: " أنه ﷺ رفع أصبعه " أخرجه النسائي وابن ماجه وابن خزيمة والبيهقي من حديث وائل بن حجر ﵁، قال الحافظ البوصيري تعليقا على إسناد ابن ماجه: إسناده صحيح ورجاله ثقات، وقال محقق صحيح ابن خزيمة: إسناده صحيح. (سنن النسائي 3 / 37 ط المطبعة المصرية بالأزهر، وسنن ابن ماجه 1 / 295 ط عيسى الحلبي 1372 هـ، وصحيح ابن خزيمة 1 / 354 نشر المكتب الإسلامي، وسنن البيهقي 2 / 132 ط الهند) .
(43) فتح القدير 1 / 256، وروضة الطالبين 3 / 149، ومغني المحتاج 1 / 524.
(44) حديث: أبي قتادة في قصة اصطياده. أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي قتادة واللفظ للبخاري (فتح الباري 4 / 28، 29 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 853، 854 ط عيسى الحلبي 1374 هـ) .
(45) سبل السلام 2 / 193.
(46) فتح القدير 2 / 257، والمغني لابن قدامة 3 / 418.
(47) مغني المحتاج 1 / 524، وروضة الطالبين 3 / 149، والقوانين الفقهية 92 ط دار القلم - بيروت، والحطاب 3 / 176.
(48) حديث: " ما تركت استلام هذين الركنين. . . " أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عمر ﵄ (فتح الباري 3 / 471 ط السلفية) .
(49) حديث: " طاف النبي ﷺ بالبيت على بعير. . . " أخرجه البخاري من حديث ابن عباس ﵄ (فتح الباري 3 / 476 ط السلفية) .
(50) مغني المحتاج 1 / 488، والبحر الرائق 2 / 355، وابن عابدين 2 / 166، والدسوقي 2 / 41، والخرشي 2 / 325 - 326، وكشاف القناع 2 / 478 - 479، والمغني 3 / 393 - 396 ط أولى.
(51) نهاية المحتاج 8 / 48، وكفاية الطالب 2 / 378، وحاشية ابن عابدين 5 / 265.
(52) حديث: " لا تسلموا تسليم اليهود. . . " أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة من حديث جابر ﵁ مرفوعا، وقال عنه صاحب فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد: سنده جيد (تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف 2 / 290 نشر الدار القيمة بالهند 1386 هـ، وفضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد 2 / 463 ط السلفية 1378 هـ) .
(53) الأثر عن عطاء بن أبي رباح أخرجه البخاري في الأدب المفرد (فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد 2 / 464 ط السلفية 1378 هـ) .
(54) الأذكار للنووي ص 220 - 221، ونهاية المحتاج 8 / 48.
(55) المراجع السابقة.
(56) المنثور في القواعد 1 / 165.
(57) المغني لابن قدامة 9 / 190 ط بولاق، والمنثور في القواعد 1 / 115، وكشاف القناع 6 / 417.
(58) المغني لابن قدامة 10 / 71، والبحر الرائق 6 / 306 - 307، ودرر الحكام شرح جملة الأحكام تأليف علي حيدر 4 / 538 مادة 1798.
(59) حديث: " من ابتلي بالقضاء. . . . " أخرجه أبو يعلى والدارقطني والطبراني من حديث أم سلمة ﵂، قال الهيثمي والشوكاني: وفي إسناده عبادة بن كثير الثقفي وهو ضعيف (نيل الأوطار 8 / 275 ط المطبعة العثمانية، ومجمع الزوائد 4 / 197 نشر مكتبة القدسي، وسنن الدارقطني 4 / 205 نشر السيد عبد الله هاشم يماني بالمدينة المنورة 1386 هـ) .
(60) المجموع للنووي 19 / 380، والمغني لابن قدامة 8 / 501، والجمل على شرح المنهج 5 / 106، وروضة الطالبين 10 / 11.
(61) حديث: " لو يعطى الناس. . . " أخرجه البخاري ضمن قصة من حديث ابن عباس ﵄، ومسلم - واللفظ له - مرفوعا، ولم يذكر القصة (فتح الباري 8 / 213 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 3 / 1336 ط عيسى الحلبي 1375 هـ) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 277/ 4