الحكيم
اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...
وصف للراوي يدل على وجود شيء من الضعف في ضبطه . وهو من ألفاظ المرتبة السادسة، أدنى مراتب التعديل . ومن أمثلته قول الإمام الذهبي : "العلاء بن سالم الحذاء، عن أبي معاوية، وشعيب بن حرب، وعنه ابن ماجه، وابن صاعد، وابن مخلد وسط "
المُعْتَدِلُ وَالمُتَوَازِنُ، وَالوَسَطِيَّةُ وَالتَّوَسُّطُ: الاعْتِدالُ وَالتَّوازُنُ بين أَمرَيْنِ أو طَرَفَيْنِ، يُقالُ: طُولُهُ وَسَطٌ أيْ مُعْتَدِلٌ بين الطُّولِ وَالقِصَرِ، والوَسَطُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ، تَقُولُ: وَسَطُ الطَّرِيقِ أَيْ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَيُطْلَقُ الوَسَطُ عَلَى مَجَالِ الشَّيْءِ وَبِيئَتِهِ، وَأَصْلُ كَلِمَةِ الوَسَطِ: نِصْفُ الشَّيْءِ وَشَطْرُهُ، وَمِنْ مَعَانِي الوَسَطِ أَيْضًا: الأَفْضَلُ والأجْوَدُ.
يُطْلَقُ مُصْطَلَحُ (الوَسَطِ) فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ مِنَ الفِقْهِ مِنْهَا: كتابُ الصَّلاة في بابِ أحكام الإمامةِ، كِتَابُ الزَّكَاةِ فِي بَابِ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ، وَكِتَابُ النّكَاحِ فِي بَابِ الصَّدَاقِ، وَكِتَابِ الحُدُودِ فِي بَابِ كَيْفِيَةِ إِقَامَةِ الحَدِّ، وَغَيْرُهَا، وَكِتَابِ الأَطْعِمَةِ فِي بَابِ آدَابِ الطَّعَامِ، وَكِتَابُ القَضَاءِ فِي بَابِ آدَابِ القَاضِي.
وسط
المُعْتَدِلُ مِنَ الأَوْصَافِ بِحَيْثُ يَكونُ طَرَفَاهُ مُتَسَاوِيينِ.
المُعْتَدِلُ، وَالوَسَطِيَّةُ وَالتَّوَسُّطُ: الاعْتِدالُ وَالتَّوازُنُ بين أَمرَيْنِ أو طَرَفَيْنِ، والوَسَطُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَأَصْلُ كَلِمَةِ الوَسَطِ: نِصْفُ الشَّيْءِ وَشَطْرُهُ، وَمِنْ مَعَانِي الوَسَطِ أَيْضًا: الأَفْضَلُ والأجْوَدُ والبِيئَةُ.
وصف للراوي يدل على وجود شيء من الضعف في ضبطه. وهو من ألفاظ المرتبة السادسة، أدنى مراتب التعديل.
* مقاييس اللغة : (108/6)
* مختار الصحاح : (ص:338)
* لسان العرب : (427/7)
* بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع : (33/2)
* شرح مختصر خليل للخرشي : (217/5)
* مقاييس اللغة : (108/6) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْوَسَطُ - بِالتَّحْرِيكِ - الْمُعْتَدِل، يُقَال: شَيْءٌ وَسَطٌ أَيْ بَيْنَ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ، وَفِي التَّنْزِيل قَال اللَّهُ تَعَالَى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ (1) } أَيْ مِنْ وَسَطٍ بِمَعْنَى الْمُتَوَسِّطِ، وَوَسَطُ الشَّيْءِ: مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَهُوَ مِنْهُ، وَمَا يَكْتَنِفُهُ أَطْرَافُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُتَسَاوٍ، وَهُوَ مِنْ أَوْسَطِ قَوْمِهِ: أَيْ مِنْ خِيَارِهِمْ.
وَالْوَسْطُ - بِالسُّكُونِ - ظَرْفٌ بِمَعْنَى بَيْنَ، يُقَال: جَلَسَ وَسْطَ الْقَوْمِ أَيْ بَيْنَهُمْ، جَاءَ فِي اللِّسَانِ: وَكُل مَوْضِعٍ ذُكِرَ فِيهِ " وسط " إِذَا صَلَحَ فِيهِ بَيْنَ فَهُوَ بِالتَّسْكِينِ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ فِيهِ ذَلِكَ فَهُوَ بِالْفَتْحِ، وَرُبَّمَا سُكِّنَ وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ (2) .
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ مَعَانِيهِ اللُّغَوِيَّةِ (3) . الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْغُلُوُّ:
2 - الْغُلُوُّ فِي اللُّغَةِ: مِنْ غَلاَ فِي الدِّينِ أَوِ الأَْمْرِ غُلُوًّا: تَشَدَّدَ فِيهِ حَتَّى جَاوَزَ الْحَدَّ وَأَفْرَطَ، فَهُوَ غَالٍ (4) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (5) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْوَسَطِ وَالْغُلُوِّ التَّضَادُّ.
ب - التَّفْرِيطُ:
3 - التَّفْرِيطُ فِي اللُّغَةِ: مِنْ فَرَّطَ فِي الأَْمْرِ تَفْرِيطًا: قَصَّرَ فِيهِ وَضَيَّعَهُ (6) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْوَسَطِ وَالتَّفْرِيطِ: التَّضَادُّ.
ج - الإِْفْرَاطُ:
4 - الإِْفْرَاطُ فِي اللُّغَةِ: مِنْ أَفْرَطَ فِي الشَّيْءِ إِفْرَاطًا: أَسْرَفَ وَجَاوَزَ فِيهِ الْحَدَّ. وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (7) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الإِْفْرَاطِ وَالْوَسَطِ التَّضَادُّ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوَسَطِ:
تُطْلَقُ كَلِمَةُ وَسَطٍ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى ثَلاَثَةِ مَعَانٍ سَبَقَ بَيَانُهَا، وَنَذْكُرُ فِيمَا يَلِي الأَْحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِكُل مَعْنًى مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي:
أَوَّلاً: الْوَسَطُ بِمَعْنَى مُعْتَدِلٍ:
5 - الأَْصْل أَنَّ الْوَاجِبَ فِي كُل جِنْسٍ لَهُ وَسَطٌ الْوَسَطُ (8) .
وَمِنْ تَطْبِيقَاتِ هَذَا الأَْصْل:
أ - أَخْذُ الْوَسَطِ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ.
6 - يَرَى الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ هُوَ الْوَسَطُ (9) ؛ لِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال: ثَلاَثٌ مَنْ فَعَلَهُنَّ فَقَدْ طَعِمَ طَعْمَ الإِْيمَانِ: مَنْ عَبَدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَأَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، وَأَعْطَى زَكَاةَ مَالِهِ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ رَافِدَةً عَلَيْهِ كُل عَامٍ، وَلاَ يُعْطِي الْهَرِمَةَ، وَلاَ الدَّرِنَةَ، وَلاَ الْمَرِيضَةَ، وَلاَ الشَّرَطَ اللَّئِيمَةَ، وَلَكِنْ مِنْ وَسَطِ أَمْوَالِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَسْأَلْكُمْ خَيْرَهُ وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ بِشَرِّهِ " (10) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (زَكَاةٌ ف 64) .
ب - الْجَلْدُ بِسَوْطٍ مُعْتَدِلٍ:
7 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْجَلْدَ فِي الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ يَكُونُ بِسَوْطٍ وَسَطٍ، لاَ جَدِيدَ فَيَجْرَحُ، وَلاَ خَلِقًا فَيَقِل أَلَمُهُ وَلاَ ثَمَرَةَ لَهُ، وَأَنْ يَضْرِبَ بِهِ ضَرْبًا مُتَوَسِّطًا، وَالْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْمُبَرِّحِ وَغَيْرِ الْمُؤْلِمِ، لإِِفْضَاءِ الأَْوَّل إِلَى الْهَلاَكِ، وَخُلُوِّ الثَّانِي مِنَ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ الاِنْزِجَارُ (11) .
فَقَدَ رَوَى حَنْظَلَةُ السَّدُوسِيُّ قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ﵁ قَال: " كَانَ يُؤْمَرُ بِالسَّوْطِ فَتُقْطَعُ ثَمَرَتُهُ، ثُمَّ يُدَقُّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ حَتَّى يَلِينَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِهِ، فَقُلْتُ لأَِنَسٍ: فِي زَمَنِ مَنْ كَانَ هَذَا؟ قَال: فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ " (12) .
وَعَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، فَدَعَا رَسُول اللَّهِ ﷺ بِسَوْطٍ جَدِيدٍ عَلَيْهِ ثَمَرَتُهُ، فَقَال: لاَ، سَوْطٌ دُونَ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ مَكْسُورِ الْعَجُزِ، فَقَال: لاَ، سَوْطٌ فَوْقَ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ بَيْنَ السَّوْطَيْنِ، فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ " (13) .
ج - التَّوَسُّطُ فِي حِجَارَةِ الرَّجْمِ:
8 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ يُرْجَمُ بِحِجَارَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ كَالْكَفِّ، فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُثْخَنَ بِصَخْرَةٍ كَبِيرَةٍ، وَلاَ أَنْ يُطَوَّل بِحَصَيَاتٍ صَغِيرَةٍ (14) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (زِنًى ف 44) .
د - التَّوَسُّطُ فِي التَّكْفِيرِ بِالإِْطْعَامِ:
9 - مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِالْحِنْثِ كَفَّارَةٌ، وَاخْتَارَ أَنْ يُكَفِّرَ بِالإِْطْعَامِ فَهُوَ يُطْعِمُ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ مُسْلِمِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا يُطْعِمُ أَهْلَهُ (15) .
قَال الْجَصَّاصُّ: هُوَ مَرَّتَانِ فِي الْيَوْمِ غَدَاءً وَعَشَاءً؛ لأَِنَّ الأَْكْثَرَ فِي الْعَادَةِ ثَلاَثُ مَرَّاتٍ، وَالأَْقَل وَاحِدَةٌ، وَالأَْوْسَطُ مَرَّتَانِ، وَقَدْ رَوَى لَيْثٌ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِذَا كَانَ خُبْزًا يَابِسًا فَهُوَ غَدَاؤُهُ وَعَشَاؤُهُ (16) .
وَرُوِيَ " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵁ قَال: كَانُوا يُفَضِّلُونَ الْحُرَّ عَلَى الْعَبْدِ، وَالْكَبِيرَ عَلَى الصَّغِيرِ فَنَزَلَتْ: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} . (17)
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلُهُ (18) .
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ إِخْرَاجِ الْعَشَرَةِ الأَْمْدَادِ شِبَعُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مَرَّتَيْنِ كَغَدَاءٍ وَعَشَاءٍ فِي يَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَالْمُرَادُ بِالشِّبَعِ عِنْدَهُمْ الشِّبَعُ الْوَسَطُ فِي كُل مَرَّةٍ (19) .
وَلِلْفُقَهَاءِ فِي الْمُرَادِ بِأَوْسَطِ الطَّعَامِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (إِطْعَامٌ ف 12 - 13، كَفَّارَةٌ ف 17 وَمَا بَعْدَهَا) .
ثَانِيًا: الْوَسَطُ بِمَعْنَى الْخِيَارِ:
10 - يَأْتِي الْوَسَطُ بِمَعْنَى الْخِيَارِ فِي أُمُورٍ مِنْهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى (20) } . وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَالتَّفْصِيل فِي (الصَّلاَةُ الْوُسْطَى ف2 وَمَا بَعْدَهَا) .
ثَالِثًا: الْوَسَطُ بِمَعْنَى مَا بَيْنَ طَرَفَيِ الشَّيْءِ:
أ - وُقُوفُ الإِْمَامِ فِي مُقَابَلَةِ وَسَطِ الصَّفِّ:
11 - يَنْبَغِي لِلإِْمَامِ أَنْ يَقِفَ بِإِزَاءِ الْوَسَطِ (21) لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: وَسِّطُو الإِْمَامَ وَسُدُّوا الْخَلَل (22) . وَقَال فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ نَقْلاً عَنِ التَّبْيِينِ: فَإِنْ وَقَفَ الإِْمَامُ فِي مَيْمَنَةِ الْوَسَطِ أَوْ فِي مَيْسَرَتِهِ فَقَدْ أَسَاءَ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ (23) .
وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (صَفٌّ ف 3، إِمَامَةُ الصَّلاَةِ ف 20) .
ب - وُقُوفُ إِمَامَةِ النِّسَاءِ وَسَطَهُنَّ:
12 - يُنْدَبُ وُقُوفُ إِمَامَةِ النِّسَاءِ وَسَطَهُنَّ، وَلاَ تَتَقَدَّمُ عَلَيْهِنَّ عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّ لَهَا أَنْ تَؤُمَّهُنَّ، لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْ فِعْل عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا (24) ، وَلأَِنَّ الْمَرْأَةَ يُسْتَحَبُّ لَهَا التَّسَتُّرُ، وَكَوْنُهَا فِي وَسَطِ الصَّفِّ أَسْتَرُ لَهَا، لأَِنَّهَا تَسْتَتِرُ بِهِنَّ مِنْ جَانِبَيْهَا، فَاسْتُحِبَّ لَهَا ذَلِكَ كَالْعُرْيَانِ (25) .
وَلِمَعْرِفَةِ حُكْمِ صَلاَةِ جَمَاعَةِ النِّسَاءِ (ر: صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ ف 7) . ج - الأَْكْل مِنْ وَسَطِ الْقَصْعَةِ:
13 - مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لاَ يَأْكُل مِنْ وَسَطِ الْقَصْعَةِ، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِل فِي وَسَطِهَا (26) ، فَقَدْ وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: " الْبَرَكَةُ تَنْزِل وَسَطَ الطَّعَامِ فَكُلُوا مِنْ حَافَتَيْهِ وَلاَ تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهِ " (27) .
قَال الشَّافِعِيَّةُ: وَيُكْرَهُ الأَْكْل مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ، وَمِنَ الأَْعْلَى وَالْوَسَطِ، وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُشْتَمِل عَلَى الإِْيذَاءِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ نَحْوُ الْفَاكِهَةِ مِمَّا يُنْتَقَل بِهِ فَيَأْخُذُ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ شَاءَ (28) .
د - الأَْكْل مِنْ وَسَطِ الْخُبْزِ:
14 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ مِنَ الإِْسْرَافِ أَنْ يَأْكُل شَخْصٌ وَسَطَ الْخُبْزِ وَيَدَعَ حَوَاشِيَهُ، أَوْ يَأْكُل مَا انْتَفَخَ مِنْهُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ يَأْكُل مَا تَرَكَهُ فَلاَ بَأْسَ بِهِ، كَمَا لَوِ اخْتَارَ رَغِيفًا دُونَ رَغِيفٍ (29) . هـ - الْجُلُوسُ فِي وَسَطِ الْحَلْقَةِ:
15 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْجُلُوسِ فِي وَسَطِ الْحَلْقَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْحَلْقَةُ حَلْقَةَ ذِكْرٍ أَمْ عِلْمٍ أَمْ طَعَامٍ.
فَيَرَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ حَرَامٌ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ عِنْدَ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ ﵁ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ لَعَنَ مَنْ قَعَدَ وَسَطَ الْحَلْقَةِ (30) ، وَعَدَّهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ أَخْذًا مِنَ اللَّعْنِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ، قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ أَخْذٌ ظَاهِرٌ إِنْ آذَى بِجُلُوسِهِ غَيْرَهُ إِيذَاءً لاَ يَحْتَمِل عُرْفًا، وَعَلَيْهِ يُحْمَل الْحَدِيثُ.
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ كَرَاهَتَهُ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: ظَاهِرُ اللَّعْنِ فِي الْحَدِيثِ الإِْطْلاَقُ؛ لِتَأَذِّي الْجَالِسِينَ بِهِ، وَقِيل: مُخْتَصٌّ بِمَنْ يَجْلِسُ اسْتِهْزَاءً كَالْمُضْحِكِ، وَبِمَنْ يَجْلِسُ لأَِخْذِ الْعِلْمِ نِفَاقًا.
وَأَمَّا تَفْسِيرُهُ بِمَنْ يَتَخَطَّى الرِّقَابَ وَيَقْعُدُ وَسَطَ الْحَلْقَةِ، وَيَحْجُبُ الْبَعْضَ عَنِ الْبَعْضِ، فَقَدْ قَال الْمُنَاوِيُّ: لَيْسَ بِقَوِيمٍ إِلاَّ إِنْ قِيل بِقَصْدِ الضَّرَرِ، أَوْ أُوِّل اللَّعْنُ بِالأَْذَى، وَوَجْهُ اللَّعْنِ أَنَّهُمْ يَلْعَنُونَهُ وَيَذُمُّونَهُ (31) .
__________
(1) سُورَة الْمَائِدَة: 89.
(2) الْمِصْبَاح الْمُنِير وَلِسَان الْعَرَبِ وَالْمُعْجَم الْوَسِيط.
(3) قَوَاعِد الْفِقْهِ لِلْبَرَكَتِي، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 1 / 247.
(4) الْمِصْبَاح الْمُنِير.
(5) قَوَاعِد الْفِقْهِ لِلْبَرَكَتِي.
(6) الْمِصْبَاح الْمُنِير، وَالْمُعْجَم الْوَسِيط.
(7) التَّعْرِيفَات للجرجاني.
(8) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 2 / 348.
(9) فَتْح الْقَدِير 1 / 501 502، وَالْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَة 2 / 600 602.
(10) حَدِيث: " ثَلاَث مِنْ فَعَلَهُنّ فَقَدْ طَعَّمَ طَعْم الإِْيمَانِ. . . " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد (2 / 240 ط حِمْص) مِنْ حَدِيثِ عَبْد اللَّه بْن مُعَاوِيَة الْغَاضِرِي.
(11) الْهِدَايَة وَشُرُوحهَا 4 / 126 ط الأَْمِيرِيَّة، وَشَرْح الزُّرْقَانِيّ 8 / 114، رَوْضَة الطَّالِبِينَ 10 / 172، وَالْمُغْنِي 8 / 315.
(12) أَثَر أَنَس بْن مَالِك: " كَانَ يُؤْمَرُ بِالسَّوْطِ فَتُقْطَعُ ثَمَرَته. . . ". أَخْرَجَهُ ابْن أَبِي شَيْبَة فِي الْمُصَنَّفِ (10 / 50 51 ط السَّلَفِيَّة) .
(13) حَدِيث يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير مُرْسَلاً " أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي أَصَبْت حَدًّا. . " أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق فِي الْمُصَنَّفِ (7 / 369 ط الْمَجْلِس الْعِلْمِيّ - ال وَذَكَرَ ابْن حَجَرٍ فِي التَّلْخِيصِ (3 / 211 ط الْعِلْمِيَّة) طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ لَهُ مُرْسِلَيْنِ، وَقَال: فَهَذِهِ الْمَرَاسِيل الثَّلاَثَة يَشُدُّ بَعْضهَا بَعْضًا.
(14) حَاشِيَة الدُّسُوقِيّ وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ 10 / 99.
(15) الْمُغْنِي 8 / 734 736.
(16) حَدِيث: " إِذَا كَانَ خَبْزًا يَابِسًا. . " أَوْرَدَهُ الْجَصَّاص فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ (1 / 458 ط دَار الْكِتَابِ الْعَرَبِيِّ) وَلَمْ نَهْتَدِ إِلَيْهِ فِيمَا لَدَيْنَا مِنْ مَرَاجِعَ التَّخْرِيج.
(17) أَثَر ابْن عَبَّاسٍ: " كَانُوا يُفَضِّلُونَ الْحُرَّ عَلَى الْعَبْدِ. . " أَخْرَجَهُ ابْن جَرِير فِي تَفْسِيرِهِ (10 / 542 ط الْمَعَارِف) .
(18) أَحْكَام الْقُرْآنِ الْجَصَّاصِ 2 / 458 ط الْكِتَاب الْعَرَبِيّ. وَأَخْرَجَ أَثَرَ سَعِيد بْن جُبَيْرٍ ابْن جَرِير (10 / 542 ط الْمَعَارِف) .
(19) الشَّرْح الصَّغِير 2 / 213، وَانْظُرْ تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ 6 / 276 - 277.
(20) سُورَة الْبَقَرَة: 238.
(21) الدَّرّ الْمُخْتَار 1 / 382، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 1 / 89، وَالْمَجْمُوع 4 / 192 ط الْمُطِيعِي، وَالْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَةَ 2 / 219.
(22) حَدِيث " وَسَّطُوا الإِْمَامَ وَسَدُّوا الْخَلَل ". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد (1 / 439 ط حِمْص) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي إِسْنَادِهِ جَهَالَة كَمَا فِي فَيْض الْقَدِير للمناوي (6 / 362 ط الْمَكْتَبَة التِّجَارِيَّة) .
(23) الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 1 / 89.
(24) أَثَر عَائِشَة أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق فِي الْمُصَنَّفِ (3 / 141 ط الْمَجْلِس الْعِلْمِيّ) . وَأَثَر أَمْ سَلَمَة أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق (3 / 140) . وَصَحَّحَهُمَا النَّوَوِيّ كَمَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ للزيلعي (2 / 131 ط الْمَجْلِس الْعِلْمِيّ) .
(25) مُغْنِي الْمُحْتَاج 1 / 247، وَالْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَةَ 2 / 202، وَحَاشِيَة ابْن عابدين1 / 380.
(26) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 5 / 216، وَالْمُغْنِي 7 / 15.
(27) حَدِيث: " الْبَرَكَة تَنْزِل وَسَطَ الطَّعَامِ. . " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ (4 / 260 ط الْحَلَبِيّ) وَقَال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(28) مُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 250، وَتُحْفَة الْمُحْتَاج وَحَاشِيَة الشرواني 7 / 438.
(29) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 5 / 216.
(30) حَدِيث حُذَيْفَة " أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ " لَعَنَ مَنْ قَعَدَ. . . " أَخْرَجَهُ أَحْمَد (5 / 398 ط الميمنية) عَنْ أَبِي مُجَلَّزٍ عَنْ حُذَيْفَةَ، ثُمَّ نَقَل أَحْمَد عَنْ شُعْبَةٍ أَنَّهُ قَال: لَمْ يُدْرِكْ أَبُو
(31) بِرِيقَة مَحْمُودِيَّة 2 / 166 - 167، وَالزَّوَاجِر لاِبْنِ حَجَر الهيتمي 1 / 152، وَكَشَّاف الْقِنَاع 2 / 159، وعذاء الأَْلْبَاب 1 / 319، وَتُحْفَة الأَْحْوَذِيّ 8 / 28 - 29.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 138/ 43
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".