المليك
كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...
من مات أبوه، وهو دون سن البلوغ . ومن شواهده حديث سهل بن سعد -رَضِيَ اللهُ عَنْه - قال : قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : "أنا، وكافل اليتيم في الجنة هكذا ." وأشار بالسبَّابة، والوسطى، وفرَّج بينهما شيئًا . البخاري :4892.
اليَتِيمُ: الصَّغِيرُ الذي لا أَبَ لَهُ، يُقال: يَتِمَ الصَّبِيُّ، يَيْتَمُ، يُتْماً ويَتْماً: إذا فَقَدَ أَباهُ. واليُتْمُ في النَّاسِ مِن قِبَلِ الأَبِ، وفي البَهائِمِ مِن قِبَلِ الأُمِّ. وأَصْلُ اليُتْمِ: الانْفِرادُ، واليَتِيمُ: المُفْرَدُ والوَحِيدُ، وكُلُّ شَيْءٍ مُفْرَدٍ لا نَظِيرَ له فهو يَتِيمٌ. ويأْتي اليُتْمُ بِمعنى الغَفْلَةِ، واليَتِيمُ: الغافِلُ. ويُطْلَق اليُتْمُ على الإِبْطاءِ، ومنه سُمِّيَ فاقِدُ الأَبِ يَتِيماً؛ لأنَّه صارَ وَحِيداً بِلا أَبٍ، أو لأنَّهُ يُتَغافَلُ عن بِرِّهِ، أو لأنَّ البِرَّ يُبْطِئُ عنه. وجَمْعُه: أَيْتامٌ ويَتامَى.
يَرِد مُصْطلَح (يَتِيم) في عِدَّة مواضِع، منها: كِتاب الزَّكاة، وكتاب الوَصِيَّة، وكتاب النِّكاحِ، وكِتاب الحَجْرِ، وفي كتاب الجامع للآداب، باب: كفالة اليتيم، وغير ذلك مِن الأبواب.
يتم
من مات أبوه، وهو دون سن البلوغ.
* تهذيب اللغة : (14/241)
* مختار الصحاح : (ص 348)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (2/679)
* التعريفات للجرجاني : (ص 258)
* الكليات : (ص 978)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 346)
* تاج العروس : (34/134)
* مجموع فتاوى ابن تيمية : (11/264)
* إحياء علوم الدين : (2/208)
* رد المحتار على الدر المختار : (5/440)
* مطالب أولي النهى : (4/361)
* طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية : (ص 42)
* القاموس الفقهي : (ص 392) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْيَتِيمُ فِي اللُّغَةِ: الْفَرْدُ وَكُل شَيْءٍ يَعِزُّ نَظِيرُهُ وَالْيَتِيمُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِهَا: الاِنْفِرَادُ أَوْ فِقْدَانُ الأَْبِ، وَالأُْنْثَى يَتِيمَةٌ وَالْجَمْعُ أَيْتَامٌ وَيَتَامَى.
قَال ابْنُ السِّكِّيتِ: الْيَتِيمُ فِي النَّاسِ مِنْ قِبَل الأَْبِ، وَفِي الْبَهَائِمِ مِنْ قِبَل الأُْمِّ، وَلاَ يُقَال لِمَنْ فَقَدَ الأُْمَّ مِنَ النَّاسِ يَتِيمٌ. (1)
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: عَرَّفَ الْفُقَهَاءُ الْيَتِيمَ بِأَنَّهُ مَنْ مَاتَ أَبُوهُ وَهُوَ دُونُ الْبُلُوغِ. (2) لِحَدِيثِ: " لاَ يُتْمَ بَعْدَ احْتِلاَمٍ " (3) . الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - وَلَدُ الزِّنَا:
2 - وَلَدُ الزِّنَا هُوَ الَّذِي تَأْتِي بِهِ أُمُّهُ مِنَ الزِّنَا (ر: وَلَدُ الزِّنَا ف1) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ وَلَدِ الزِّنَا وَالْيَتِيمِ أَنَّ كِلَيْهِمَا لاَ أَبَ لَهُمَا إِلاَّ أَنَّ وَلَدَ الزِّنَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ شَرْعًا بِخِلاَفِ الْيَتِيمِ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ أَبٌ. (4)
ب - وَلَدُ اللِّعَانِ:
3 - وَلَدُ اللِّعَانِ هُوَ الْوَلَدُ الَّذِي نَفَى الزَّوْجُ نَسَبَهُ مِنْهُ بَعْدَ مُلاَعَنَتِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ. (5)
وَالصِّلَةُ بَيْنَ وَلَدِ اللِّعَانِ وَالْيَتِيمِ أَنَّ كِلَيْهِمَا لاَ أَبَ لَهُ إِلاَّ أَنَّ وَلَدَ اللِّعَانِ يَخْتَلِفُ عَنِ الْيَتِيمِ فِي أَنَّ الْيَتِيمَ مَنْ فَقَدَ أَبَاهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ، وَوَلَدُ اللِّعَانِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ شَرْعِيٌّ وَيُحْتَمَل أَنْ يَسْتَلْحِقْهُ أَبُوهُ. (6)
ج - اللَّقِيطُ:
4 - اللَّقِيطُ اسْمٌ لِحَيٍّ مَوْلُودٍ طَرَحَهُ أَهْلَهُ خَوْفًا مِنَ الْعَيْلَةِ أَوْ فِرَارًا مِنَ التُّهْمَةِ. (7)
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْيَتِيمِ وَاللَّقِيطِ أَنَّ كِلَيْهِمَا لاَ أَبَ لَهُ، إِلاَّ أَنَّ الْيَتِيمَ يَخْتَلِفُ فِي أَنَّهُ فَقَدْ أَبَاهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ، أَمَّا اللَّقِيطُ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ إِلاَّ أَنَّهُ يُحتَمَل أَنْ يَظْهَرَ فِي وَقْتٍ مَا. (8)
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْيَتِيمِ:
يَتَعَلَّقُ بِالْيَتِيمِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
الإِْحْسَانُ إِلَى الْيَتِيمِ:
5 - يَجِبُ الاِعْتِنَاءُ بِالْيَتِيمِ وَالْعَطْفُ عَلَيْهِ وَالرَّأْفَةُ بِهِ وَبِرُّهُ وَالإِْحْسَانُ إِلَيْهِ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: أَنَا وَكَافِل الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى (9) .
كَمَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَهَى عَنْ إِذْلاَل الْيَتِيمِ وَظُلْمِهِ وَنَهَرِهِ وَشَتْمِهِ وَالتَّسَلُّطِ عَلَيْهِ بِمَا يُؤْذِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ (10) } .
وَلِلْوَصِيِّ تَعْلِيمُ الْيَتِيمِ وَتَسْلِيمُهُ لِلْمَكْتَبِ، لأَِنَّ الْمَكْتَبَ مِنْ مَصَالِحِهِ، فَجَرَى مَجْرَى نَفَقَتِهِ كَمَأْكُولِهِ وَمَشْرُوبِهِ وَمَلْبُوسِهِ، وَيَجُوزُ إِسْلاَمُهُ فِي صِنَاعَةٍ إِذَا كَانَتْ مَصْلَحَتُهُ فِي ذَلِكَ، رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ أَنَّهُ قَال: قُلْتُ: " يَا رَسُول اللِّهِ، مِمَّا أَضَرَبُ عَلَيْهِ يَتِيمِي؟ فَقَال: مِمَّا كُنْتَ ضَارِبًا مِنْهُ وَلَدَكَ غَيْرَ وَاقٍ مَالَكَ بِمَالِهِ، وَلاَ مُتَأَثِّلٍ مِنْ مَالِهِ مَالاً (11) . وَعَلَى الْوَصِيِّ أَنْ يُطْعِمَ الْيَتِيمَ الْحَلاَل وَلاَ يُطْعِمَهُ الْحَرَامَ. (12)
تَصَرُّفَاتُ الْوَصِيِّ فِي مَال الْيَتِيمِ:
6 - تَصَرُّفَاتُ الْوَصِيِّ فِي أَمْوَال الْيَتَامَى مُقَيَّدَةٌ بِالنَّظَرِ وَالْمَصْلَحَةِ.
وَلِمَعْرِفَةِ التَّفْصِيل فِي ضَوَابِطِ تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ فِي مَال الأَْيْتَامِ الْمُوصَى عَلَيْهِمْ وَشُرُوطُ إِنْفَاذِهَا يُنْظَرُ (إِيصَاء ف 13 - 14) .
الْمُضَارَبَةُ وَالاِتْجَارُ بِمَال الْيَتِيمِ:
7 - الاِتِّجَارُ بِمَال الْيَتِيمِ لاَ يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَتَّجِرَ الْوَصِيُّ بِمَال الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَتَّجِرَ بِمَال الْيَتِيمِ لِلْيَتِيمِ، وَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَ الْوَصِيُّ مَال الْيَتِيمِ الْمُوصَى عَلَيْهِ لِمَنْ يَعْمَل فِيهِ مُضَارَبَةً.
وَلِلتَّفْصِيل فِي آرَاءِ الْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالاَتِ تُنْظَرُ مُصْطَلَحَاتُ (إِيصَاء ف14، وِصَايَة ف 41 - 44، وِلاَيَة ف 53 - 55) . الإِْنْفَاقُ عَلَى الْيَتِيمِ:
8 - إِنْ كَانَ لِلْيَتِيمِ مَالٌ فَعَلَى الْوَصِيِّ الإِْنْفَاقُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ لاَ عَلَى وَجْهِ الإِْسْرَافِ وَلاَ عَلَى وَجْهِ التَّضْيِيقِ (ر: وِصَايَة 36، 74، وِلاَيَة ف 62) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْيَتِيمِ مَالٌ فَنَفَقَتُهُ عَلَى قَرَابَتِهِ (ر: نَفَقَة ف 78) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلاَ أَقَارِبَ لَهُ فَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَال (ر: بَيْتُ الْمَال ف 12)
رُجُوعُ الْوَصِيِّ فِيمَا أَنْفَقَهُ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْيَتِيمِ الْغَنِيِّ:
9 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي طَلَبِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا أَنْفَقَهُ وَلِيُّ الْيَتِيمِ مِنْ مَال نَفْسِهِ عَلَى الْيَتِيمِ.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: الْوَصِيُّ كَالأَْبِ مُتَطَوِّعٌ، إِلاَّ أَنْ يُشْهِدَ أَنَّ مَا أَنْفَقَهُ مِنْ مَال نَفْسِهِ عَلَى الْيَتِيمِ قَرْضٌ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ.
وَفِي الْخُلاَصَةِ: أَنَّ قَوْل الْوَصِيِّ وَإِنْ اعْتُبِرَ فِي الإِْنْفَاقِ لَكِنْ لاَ يُقْبَل فِي الرُّجُوعِ فِي مَال الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالْبَيِّنَةِ.
وَقَال زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ الشَّافِعِيُّ: لَوْ أَنْفَقَتِ الأُْمُّ عَلَى طِفْلِهَا الْمُوسِرِ مِنْ مَالِهَا لِتَرْجِعَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَبِيهِ إِنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ رَجَعَتْ إِنْ أَشْهَدَتْ بِذَلِكَ عِنْدَ عَجْزِهَا عَنِ الْقَاضِي وَإِلاَّ فَوَجْهَانِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْيَتِيمِ فِيمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، أَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَمْيُشْهِدْ إِذَا قَال: إِنَّمَا كُنْتُ أُنْفِقُ عَلَيْهِ بِهِ عَلَى أَنْ أَرْجِعَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ. (13)
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ يُقْبَل قَوْل الْوَلِيِّ فِي إِنْفَاقِهِ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْمُولَى عَلَيْهِ مَا لَمْ يُعْلَمْ كَذِبُ الْوَلِيِّ بِأَنْ كَذَّبَ الْحِسُّ دَعْوَاهُ، أَوْ تَخَالُفُهُ عَادَةٌ وَعُرْفٌ، فَلاَ يُقْبَل قَوْلُهُ حِينَئِذٍ لِمُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ. (14)
وَقَال تَقِيُّ الدِّينَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: مَا أَنْفَقَهُ وَصِيٌّ مُتَبَرِّعٌ بِالْمَعْرُوفِ فِي ثُبُوتِ الْوَصِيَّةِ فَمِنْ مَال الْيَتِيمِ. قَال الْبُهُوتِيُّ: وَعَلَى قِيَاسِهِ كُل مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهُ. (15)
خَلْطُ الْوَصِيِّ مَالَهُ بِمَال الْيَتِيمِ الْمُوصَى عَلَيْهِ:
10 - تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ فِي مَال الْيَتِيمِ الْمُوصَى عَلَيْهِ مُقَيِّدٌ بِالْمَصْلَحَةِ وَلِمَعْرِفَةِ آرَاءِ الْفُقَهَاءِ فِي خَلْطِ مَال الْوَصِيِّ بِمَال الْيَتِيمِ يُنْظَرُ (وِصَايَة ف 74) .
أَخْذُ الْوَصِيِّ الأُْجْرَةَ مِنْ مَال الْيَتِيمِ:
11 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ إِذَا فُرِضَ لَهُ الأُْجْرَةَ مُقَابِل الْقِيَامِ بِالْوِصَايَةِ كَانَ لَهُ أَخْذُهَا، سَوَاءً كَانَ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا.
وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ أَخْذِ الْوَصِيِّ الأُْجْرَةَ إِذَا لَمْ يُفْرَضُ لَهُ شَيْءٌ.
وَلِلتَّفْصِيل (ر: وِصَايَة ف 63 - 64، وِلاَيَة ف 59 - 60، وَإِيصَاء ف 14) .
إِجَارَةُ الْيَتِيمِ:
12 - إِجَارَةُ نَفْسِ الْيَتِيمِ لاَ يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يُؤَجِّرَ الْوَصِيُّ نَفْسَ الْيَتِيمِ لِلْغَيْرِ وَإِمَّا أَنْ يُؤَجِّرَهُ لِنَفْسِهِ وَإِمَّا أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِلْيَتِيمِ وَإِمَّا أَنْ يُؤَجِّرَ الْيَتِيمَ نَفْسَهُ. كَمَا أَنَّ إِجَارَةَ مَال الْيَتِيمِ لاَ يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْغَيْرِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْوَصِيِّ نَفْسَهُ.
وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ (وِصَايَة ف 44 - 47، إِجَارَة ف 24 - 25) .
رَهْنُ مَال الْيَتِيمِ:
13 - رَهْنُ مَال الْيَتِيمِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِدَيْنٍ عَلَى الصَّغِيرِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِدَيْنٍ عَلَى الْوَصِيِّ.
وَلِمَعْرِفَةِ آرَاءِ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (وِصَايَة ف59 - 60) .
هِبَةُ مَال الْيَتِيمِ:
14 - هِبَةُ مَال الْيَتِيمِ لاَ تَخْلُو إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِعِوَضٍ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ بِغَيْرِ عِوَضٍ.فَإِذَا كَانَتْ هِبَةُ مَال الْيَتِيمِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلاَ يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ بِعِوَضٍ فَلِلْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِهَا خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (وِصَايَة ف 49 - 50) .
زَكَاةُ مَال الْيَتِيمِ:
15 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَال الْيَتِيمِ.
وَلِمَعْرِفَةِ التَّفَاصِيل الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَوْضُوعِ يُنْظَرُ (زَكَاة ف 11) .
إِنْكَاحُ الْيَتِيمِ:
16 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ إِنْكَاحِ الْيَتِيمِ.
يُنْظَرُ فِي (نِكَاح ف64، 80 - 85، 112) .
كَمَا اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ تَخْيِيرِ الْيَتِيمِ أَوِ الْيَتِيمَةِ بَعْدَ بُلُوغِهِمَا فِي فَسْخِ النِّكَاحِ. يُنْظَرُ فِي (بُلُوغ ف 39 - 42) .
سَهْمُ الْيَتِيمِ فِي خُمْسِ الْغَنَائِمِ:
17 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ لِلْيَتَامَى سَهْمًا مِنْ خُمْسِ الْغَنَائِمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُول وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيل (16) } . وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (خُمُس ف 8 - 12) .
سَهْمُ الْيَتَامَى فِي الْفَيْءِ:
18 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَخْمِيسِ الْفَيْءِ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْفَيْءَ لاَ يُخَمَّسُ، وَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ كَافَّةً يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِمْ.
وَذَهَبَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ أَنَّ الْفَيْءَ يُخَمَّسُ وَيُصْرَفُ خُمُسَهُ إِلَى مَنْ يُصْرَفُ إِلَيْهِ خُمُسُ الْغَنِيمَةَ وَمِنْهُمْ الْيَتَامَى.
وَالتَّفْصِيل فِي (خُمُس ف 13، فَيْء 11، وَتَخْمِيس ف 3) .
فَكُّ الْحَجْرِ عَنِ الْيَتِيمِ وَطَرِيقَتُهُ:
19 - يُفَكُّ الْحَجْرُ عَنِ الْيَتِيمِ وَيُسَلَّمُ مَالَهُ إِلَيْهِ إِذَا بَلَغَ رَشِيدًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ (17) } .
وَالتَّفْصِيل فِي (حَجْر ف 6، 8 وَمَا بَعْدَهَا، رُشْد ف 7 - 10، بُلُوغ ف 2 وَمَا بَعْدَهَا، تَجْرِبَة ف7) .
الْوَصِيَّةُ لِلْيَتِيمِ:
20 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ أَوْصَى لِيَتَامَى بَنِي فُلاَنٍ، فَإِنْ كَانَ يَتَامَاهُمْ يُحْصَوْنَ جَازَتِ الْوَصِيَّةُ؛ لأَِنَّهُمْ إِذَا كَانُوا يُحْصَوْنَ وَقَعَتِ الْوَصِيَّةُ لَهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ لِكَوْنِهِمْ مَعْلُومِينَ فَأَمْكَنَ إِيقَاعُهَا تَمْلِيكًا لَهُمْ فَصَحَّتِ الْوَصِيَّةُ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِيَتَامَى هَذِهِ السِّكَّةِ أَوْ هَذِهِ الدَّارِ.
وَيَسْتَوِي فِي الْوَصِيَّةِ لِلْيَتَامَى الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، لأَِنَّ الْيَتِيمَ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِمَنْ مَاتَ أَبُوهُ وَلَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ، وَهَذَا لاَ يَتَعَرَّضُ لِلْفَقْرِ وَالْغِنَى قَال اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا (18) } ، وَقَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁: " ابْتَغُوا بِأَمْوَال الْيَتَامَى، لاَ تَأْكُلَهَا الصَّدَقَةُ " (19) . فَقَدْ سُمُّوا يَتَامَى وَإِنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ فَكُل صَغِيرٍ مَاتَ أَبُوهُ يَدْخُل تَحْتَ الْوَصِيَّةِ وَمَنْ لاَ فَلاَ.
وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُصْرَفُ إِلَى الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ وَهَذَا الأَْشْبَهُ.
وَأَمَّا إِنْ كَانُوا لاَ يُحْصَوْنَ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ وَتُصْرَفُ إِلَى الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ لأَِنَّهَا لَوْ صُرِفَتْ إِلَى الأَْغْنِيَاءِ لَبَطَلَتْ لِجَهَالَةِ الْمُوصَى لَهُ، وَلَوْ صُرِفَتْ إِلَى الْفُقَرَاءِ لَجَازَتْ لأَِنَّهَا وَصِيَّةٌ بِالصَّدَقَةِ وَإِخْرَاجٌ لِلْمَال إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَاللَّهُ تَعَالَى وَاحِدٌ مَعْلُومٌ. وَأَمْكَنَ أَنْ تُجْعَل الْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّفْظُ مِمَّا يُنْبِئُ عَنِ الْحَاجَةِ لُغَةً لَكِنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ سَبَبِ الْحَاجَةِ وَعَمَّا يُوجِبُ الْحَاجَةَ بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ، لأَِنَّ الصِّغَرَ وَالاِنْفِرَادَ عَنِ الأَْبِ أَعْظَمُ أَسْبَابِ الْحَاجَةِ، إِذِ الصَّغِيرُ عَاجِزٌ عَنْ الاِنْتِفَاعِ بِمَالِهِ وَلاَ بُدَّ لَهُ مِمَّنْ يَقُومُ بِإِيصَال مَنَافِعَ مَالِهِ إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ هُوَ عَازِمٌ عَنِ الْقِيَامِ بِحِفْظِ مَالِهِ لَهُ وَاسْتِئْمَانِهِ وَلاَ بَقَاءَ لِلْمَال عَادَةً إِلاَّ بِالْحِفْظِ وَالاِسْتِثْمَارِ، وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَيَصِيرُ فِي الْحُكْمِ كَمَنْ انْقَطَعَتْ عَلَيْهِ مَنَافِعُ مَالِهِ بِسَبَبِ بُعْدِهِ عَنْ مَالِهِ وَهُوَ ابْنُ السَّبِيل فَصَارَ الاِسْمُ بِهَذِهِ الْوَسَاطَةِ مُنْبِئًا عَنِ الْحَاجَةِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى جَعَل اللَّهُ لِلْيَتَامَى سَهْمًا مِنْ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُول وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى (20) } وَأَرَادَ بِهِ الْمُحْتَاجِينَ مِنْهُمْ دُونَ الأَْغْنِيَاءِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ أَمْكَنَ تَصْحِيحُ هَذَا التَّصَرُّفِ بِجَعْلِهِ إِيصَاءً بِالصَّدَقَةِ.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَحِيحَةٌ وَتُصْرَفُ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالأَْغْنِيَاءِ مِنْهُمْ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لِلأَْغْنِيَاءِ قُرْبَةٌ وَقَدْ نَدَبَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الْهَدِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ لِغَنِيٍّ (21) .
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْيَتِيمِ لاَ تَشْمَل وَلَدَ الزِّنَا وَالْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ كَمَا أَنَّهَا لاَ تَشْمَل اللَّقِيطَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَلِمُعْرِفَةِ آرَاءِ الْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِ تَعْمِيمِ الْمُوصَى بِهِ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ الْمَحْصُورِينَ وَغَيْرِ الْمَحْصُورِينَ يُنْظُرُ مُصْطَلَحُ (وَصِيَّة ف 27) .
__________
(1) لسان العرب، والصحاح والقاموس المحيط.
(2) رد المحتار على الدر المختار 5 / 440، كافية الطالب الرياني 2 / 206، ومطالب أولي النهى 4 / 361، وأسنى المطالب 3 / 88.
(3) حديث: " لا يتم بعد احتلام " أخرجه الطبراني في الكبير (4 / 14) من حديث حنظلة بن حذيم، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4 / 266) : رجاله ثقات.
(4) الإقناع للشربيني 2 / 566، وكشاف القناع 4 / 364.
(5) الاختيار 3 / 169 - 170.
(6) الإقناع للشربيني 2 / 566، وكشاف القناع 4 / 364.
(7) أنيس الفقهاء ص 188.
(8) كشاف القناع 4 / 364.
(9) حديث: " أنا وكافل اليتيم كهاتين. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 436) من حديث سهل بن سعد.
(10) سورة الضحى / 9.
(11) حديث جابر: " مما أضرب عليه يتيمي؟ . . " أخرجه الطبراني في الصغير (1 / 157 - 158 - ط المكتب الإسلامي) . وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8 / 163) : فيه معلى بن مهدي، وثقه ابن حيان وغيره، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات. ورجح البيهقي في السنن الكبرى (4 / 6) إرساله من حديث الحسن العرني.
(12) أحكام القرآن للقرطبي 20 / 100 - 101، والمغني 4 / 468.
(13) الفتاوى المهدية 7 / 28، 30، والمدونة 4 / 396، وأسنى المطالب 3 / 445.
(14) كشاف القناع 3 / 456.
(15) كشاف القناع 4 / 398.
(16) سورة الأنفال / 41.
(17) سورة النساء 6.
(18) سورة النساء 10.
(19) أثر عمر ﵁: " ابتغوا بأموال اليتامى. . " أخرجه الدارقطني (2 / 110) والبيهقي (4 / 106) ، وقال البيهقي: هذا إسناد صحيح.
(20) سورة الأنفال 41.
(21) بدائع الصنائع 7 / 344، مغني المحتاج 3 / 61، وروض الطالب 3 / 54، 55، وروضة الطالبين 6 / 181، ونهاية المحتاج 6 / 78، والمغني لابن قدامة 6 / 56، عقد الجواهر الثمينة 3 / 416.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 254/ 45
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".