الحيي
كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...
ما أُخِذ من الغنيمة، والركاز، ونحوهما مما يُخمَّس خمسة أجزاء متساوية . ومن أمثلته تقسيم الغنيمة أربعة أخماس للمجاهدين، وخمساً لمن ذكرهم الله –تَعَالَى - في قوله : ﭽﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭼالأنفال : ٤١ .
ما أُخِذ من الغنيمة، والركاز، ونحوهما مما يُخمَّس خمسة أجزاء متساوية.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْخُمُسُ - بِضَمِّ الْخَاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ أَوْ ضَمِّهَا - الْجُزْءُ مِنْ خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ، وَالْخَمْسُ - بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ - أَخْذُ وَاحِدٍ مِنْ خَمْسَةٍ، يُقَال: خَمَسْتُهُمْ أَخْمُسُهُمْ - بِضَمِّ الْمِيمِ فِي الْمُضَارِعِ - أَيْ أَخَذْتُ خُمْسَ أَمْوَالِهِمْ، وَخَمَسْتُهُمْ أَخْمِسُهُمْ - بِكَسْرِ الْمِيمِ فِي الْمُضَارِعِ - أَيْ كُنْتُ خَامِسَهُمْ أَوْ كَمَّلْتُهُمْ خَمْسَةً بِنَفْسِي، وَيُقَال: خَمَّسْتُ الشَّيْءَ - بِالتَّثْقِيل - أَيْ جَعَلْتُهُ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ، وَيُقَال: أَخَمَسَ الْقَوْمُ أَيْ صَارُوا خَمْسَةً (1) . وَالْخُمُسُ: خُمُسُ الْغَنِيمَةِ أَوِ الْفَيْءِ، وَالتَّخْمِيسُ: إِخْرَاجُ الْخُمُسِ مِنَ الْغَنِيمَةِ (2) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْمِرْبَاعُ:
2 - الْمِرْبَاعُ هُوَ الرُّبُعُ: قَال قُطْرُبٌ: الْمِرْبَاعُ الرُّبُعُ، وَالْمِعْشَارُ الْعُشْرُ وَلَمْ يُسْمَعْ فِي غَيْرِهِمَا، وَمِنْهُ قَوْل النَّبِيِّ ﷺ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَبْل إِسْلاَمِهِ: إِنَّكَ لَتَأْكُل الْمِرْبَاعَ وَهُوَ لاَ يَحِل لَكَ فِي دِينِكَ (3) كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا غَزَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَغَنِمُوا أَخَذَ الرَّئِيسُ رُبُعَ الْغَنِيمَةِ خَالِصًا دُونَ أَصْحَابِهِ وَقَال الشَّاعِرُ:
لَك الْمِرْبَاعُ مِنْهَا وَالصَّفَايَا
وَحُكْمُكَ وَالنَّشِيطَةُ وَالْفُضُول (4)
وَالْفَرْقُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ اخْتِلاَفُ الْقَدْرِ بَيْنَهُمَا.
ب - الصَّفِيُّ:
3 - الصَّفِيُّ: مَا كَانَ يَصْطَفِيهِ الرَّئِيسُ فِي الْحَرْبِ قَبْل الإِْسْلاَمِ لِنَفْسِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ دُونَ أَصْحَابِهِ، وَمَا لاَ يَسْتَقِيمُ أَنْ يُقْسَمَ عَلَى الْجَيْشِ.
وَالصَّفِيُّ فِي الإِْسْلاَمِ شَيْءٌ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَصْطَفِيهِ لِنَفْسِهِ قَبْل الْقِسْمَةِ كَسَيْفٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ أَمَةٍ، وَقَدِ اصْطَفَى ﷺ سَيْفَ مُنَبِّهِ بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ - وَهُوَ ذُو الْفَقَارِ - يَوْمَ بَدْرٍ (5) ، وَاصْطَفَى صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ ﵂.
(6) وَقَدِ انْقَطَعَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ ﷺ. (7)
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخُمُسِ وَالصَّفِيِّ أَنَّ الْخُمُسَ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْغَنَائِمِ وَغَيْرِهَا لَهُ مَصَارِفُ مُعَيَّنَةٌ، أَمَّا الصَّفِيُّ فَكَانَ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَلِلرَّئِيسِ فِي الْحَرْبِ قَبْل الإِْسْلاَمِ.
ج - النَّشِيطَةُ:
4 - النَّشِيطَةُ مِنَ الْغَنِيمَةِ: مَا يُصِيبُهُ الْقَوْمُ قَبْل أَنْ يَصِلُوا إِلَى الْحَيِّ الَّذِي يُرِيدُونَ الإِْغَارَةَ عَلَيْهِ فَيَنْشُطُهُ الرَّئِيسُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَيَأْخُذُهُ قَبْل الْقِسْمَةِ. (8)
وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّشِيطَةِ وَالْخُمُسِ مِنَ الْغَنِيمَةِ أَنَّ النَّشِيطَةَ كَانَ يَسْتَأْثِرُ بِهَا الرَّئِيسُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، أَمَّا الْخُمُسُ فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى مَصَارِفَهُ
د - الْفُضُول:
5 - الْفُضُول مِنَ الْغَنِيمَةِ: بَقَايَا تَبْقَى مِنْهَا لاَ تَسْتَقِيمُ قِسْمَتُهَا عَلَى الْجَيْشِ لِقِلَّتِهَا وَكَثْرَةِ الْجَيْشِ فَيَخْتَصُّ بِهَا رَئِيسُ الْجَيْشِ قَبْل الإِْسْلاَمِ (9) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفُضُول مِنَ الْغَنِيمَةِ وَالْخُمُسِ أَنَّ الْفُضُول كَانَ يَخُصُّ بِهَا رَئِيسُ الْجَيْشِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ نَفْسَهُ وَيَسْتَأْثِرُ بِهَا دُونَ أَصْحَابِهِ، أَمَّا الْخُمُسُ فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى مَصَارِفَهُ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
6 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ تَخْمِيسِ الْغَنِيمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُول وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيل} (10)
وَاخْتَلَفُوا فِي تَخْمِيسِ الْفَيْءِ عَلَى مَا سَيَأْتِي.
الأَْمْوَال الَّتِي تُخَمَّسُ:
أَوَّلاً: الْغَنِيمَةُ:
7 - وَهِيَ الْمَال الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْكُفَّارِ بِالْقُوَّةِ وَالْقَهْرِ بِإِيجَافِ الْخَيْل وَالرِّكَابِ (11) .
وَلَمْ تَكُنِ الْغَنَائِمُ تَحِل لِمَنْ مَضَى مِنَ الأُْمَمِ، وَفِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي. . . وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ (12) وَكَانَتِ الْغَنَائِمُ فِي أَوَّل الإِْسْلاَمِ لِرَسُول اللَّهِ ﷺ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَْنْفَال قُل الأَْنْفَال لِلَّهِ وَالرَّسُول} (13) ثُمَّ صَارَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْغَانِمِينَ، وَالْخُمُسُ لِغَيْرِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُول. . .} (14) فَأَضَافَ الْغَنِيمَةَ إِلَيْهِمْ وَجَعَل الْخُمُسَ لِغَيْرِهِمْ فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ سَائِرَهَا (الْبَقِيَّةَ) لَهُمْ، وقَوْله تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّبًا} (15) فَأَحَلَّهَا اللَّهُ لَهُمْ. (16)
وَالْغَنِيمَةُ إِذَا كَانَتْ أَرْضًا فُتِحَتْ عَنْوَةً فَفِي تَخْمِيسِهَا خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ يُنْظَرُ فِي: (تَخْمِيسٌ وَغَنِيمَةٌ وَأَرْضٌ وَخَرَاجٌ) .
وَإِنْ كَانَتِ الْغَنِيمَةُ مِنَ الأَْمْوَال الْمَنْقُولَةِ وَجَبَ تَخْمِيسُهَا وَقَسْمُ أَخْمَاسِهَا الأَْرْبَعَةِ عَلَى الْغَانِمِينَ، وَصَرْفُ الْخُمُسِ فِي مَصَارِفِهِ.
وَيَبْدَأُ الإِْمَامُ أَوِ الأَْمِيرُ فِي قَسْمِ الْغَنِيمَةِ بِالسَّلَبِ فَيُعْطِيهِ لِلْقَاتِل، ثُمَّ يُخْرِجُ الْمُؤَنَ اللاَّزِمَةَ كَأُجْرَةِ حَمَّالٍ وَحَافِظٍ وَغَيْرِهِمَا، ثُمَّ يَجْعَل الْبَاقِيَ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ مُتَسَاوِيَةٍ، خُمُسٌ لأَِهْل الْخُمُسِ، وَالأَْرْبَعَةُ الأَْخْمَاسِ لِلْغَانِمِينَ. (17)
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ قَسْمِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ عَلَى أَقْوَالٍ: الْقَوْل الأَْوَّل:
8 - قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُقْسَمُ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُول وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيل} (18) وَلِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقْسِمُ الْخُمُسَ عَلَى خَمْسَةٍ (19) وَبِهَذَا قَال عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَابْنُ جُرَيْجٍ (20) .
وَبَيَانُ هَذِهِ الأَْسْهُمِ كَالآْتِي:
1 - سَهْمٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ ﷺ: وَكَانَ هَذَا السَّهْمُ لَهُ ﷺ فِي حَيَاتِهِ يَضَعُهُ فِي مَصَارِفِهِ الَّتِي يَرَاهَا، ثُمَّ صَارَ مِنْ بَعْدِهِ ﷺ يُصْرَفُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلاَحِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، كَسَدِّ الثُّغُورِ، وَشَحْنِهَا بِالْعُدَدِ، وَالْمُقَاتِلَةِ، وَكَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ، وَالْقَنَاطِرِ، وَالْحُصُونِ، وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ، وَالأَْئِمَّةِ، وَالْعُلَمَاءِ بِعُلُومٍ تَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، لأَِنَّ بِالثُّغُورِ حِفْظَ الْمُسْلِمِينَ، وَلِئَلاَّ يَتَعَطَّل مَنْ ذُكِرَ بِالاِكْتِسَابِ عَنِ الاِشْتِغَال بِهَذِهِ الْعُلُومِ وَعَنْ تَنْفِيذِ الأَْحْكَامِ وَعَنِ التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ، فَيُرْزَقُونَ مَا يَكْفِيهِمْ لِيَتَفَرَّغُوا لِذَلِكَ. وَيُقَدَّمُ الأَْهَمُّ فَالأَْهَمُّ وُجُوبًا. وَقَالُوا: إِنَّ سَهْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَالرَّسُول ﷺ وَاحِدٌ، لأَِنَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ بِقَوْلِهِ {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} لاِفْتِتَاحِ الْكَلاَمِ بِاسْمِهِ تَعَالَى تَبَرُّكًا بِهِ لاَ لإِِفْرَادِهِ سُبْحَانَهُ بِسَهْمٍ، فَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى الدُّنْيَا وَالآْخِرَةَ. (21)
2 - سَهْمٌ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ابْنَيْ عَبْدِ مَنَافٍ: وَهُمُ الْمُرَادُ بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَلِذِي الْقُرْبَى} دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ وَإِنْ كَانَ الأَْرْبَعَةُ أَبْنَاءَ عَبْدِ مَنَافٍ، لاِقْتِصَارِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْقَسْمِ عَلَى بَنِي الأَْوَّلَيْنِ مَعَ سُؤَال ابْنِ الآْخَرَيْنِ لَهُ، رُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قَال: لَمَّا قَسَمَ رَسُول اللَّهِ ﷺ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى مِنْ خَيْبَرَ بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ أَتَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَقُلْنَا: يَا رَسُول اللَّهِ، أَمَّا بَنُو هَاشِمٍ فَلاَ نُنْكِرُ فَضْلَهُمْ لِمَكَانِكَ الَّذِي وَضَعَكَ اللَّهُ بِهِ مِنْهُمْ، فَمَا بَال إِخْوَانِنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتُهُمْ وَتَرَكْتَنَا، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ؟ فَقَال ﷺ: إِنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ إِسْلاَمٍ، وَإِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. (22) وَالْعِبْرَةُ فِي الاِسْتِحْقَاقِ مِنْ هَذَا السَّهْمِ بِالاِنْتِسَابِ إِلَى الآْبَاءِ، أَيْ بِكَوْنِ الأَْبِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَوْ بَنِي الْمُطَّلِبِ، أَمَّا مَنْ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْهُمْ وَأَبُوهُ مِنْ غَيْرِهِمْ فَإِنَّهُ لاَ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَدْفَعْ إِلَى أَقَارِبِ أُمِّهِ وَهُمْ بَنُو زُهْرَةَ شَيْئًا، وَإِنَّمَا دَفَعَ إِلَى أَقَارِبِ أَبِيهِ، وَلَمْ يَدْفَعْ إِلَى بَنِي عَمَّاتِهِ وَهُمُ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَعَبْدُ اللَّهِ وَالْمُهَاجِرُ ابْنَا أَبِي أُمَيَّةَ، وَبَنُو جَحْشٍ.
وَيَشْتَرِكُ فِي الاِسْتِحْقَاقِ مِنْ هَذَا السَّهْمِ الذُّكُورُ وَالإِْنَاثُ، لأَِنَّ الْقَرَابَةَ تَشْمَلُهُمْ، وَلِحَدِيثِ جُبَيْرٍ السَّابِقِ، وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ الزُّبَيْرَ ﵁ كَانَ يَأْخُذُ مَعَهُمْ أُمَّهُ صَفِيَّةَ عَمَّةَ النَّبِيِّ ﷺ وَفِي النَّسَائِيِّ أَنَّهُ ﷺ أَسْهَمَ يَوْمَ خَيْبَرَ لِصَفِيَّةَ، وَكَانَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا يَدْفَعُ لِلسَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا مِنْ هَذَا السَّهْمِ.
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ - وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ - أَنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَ ذَوِي الْقُرْبَى لِلذَّكَرِ مِثْل حَظِّ الأُْنْثَيَيْنِ، لأَِنَّهُ سَهْمٌ اسْتُحِقَّ بِقَرَابَةِ الأَْبِ شَرْعًا فَفُضِّل فِيهِ الذَّكَرُ عَلَى الأُْنْثَى كَالْمِيرَاثِ، وَيُفَارِقُ الْوَصِيَّةَ وَمِيرَاثَ وَلَدِ الأُْمِّ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ اسْتُحِقَّتْ بِقَوْل الْمُوصِي، وَمِيرَاثَ وَلَدِ الأُْمِّ اسْتُحِقَّ بِقَرَابَةِ الأُْمِّ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ وَمَا نُقِل عَنِ الْمُزَنِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ جَرِيرٍ أَنَّهُ يُسَوَّى بَيْنَ الذَّكَرِ وَالأُْنْثَى، لأَِنَّهُمْ أُعْطُوا بِاسْمِ الْقَرَابَةِ وَالذَّكَرُوَالأُْنْثَى فِيهَا سَوَاءٌ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَصَّى لِقَرَابَةِ فُلاَنٍ أَوْ وَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ الْجَدَّ يَأْخُذُ مَعَ الأَْبِ، وَابْنَ الاِبْنِ يَأْخُذُ مِنَ الاِبْنِ، وَهَذَا يَدُل عَلَى مُخَالَفَةِ الْمَوَارِيثِ، وَلأَِنَّهُ سَهْمٌ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ لِجَمَاعَةٍ فَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالأُْنْثَى كَسَائِرِ سِهَامِهِ.
وَيَسْتَوِي فِي الاِسْتِحْقَاقِ - عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ - الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ لاِسْتِوَائِهِمْ فِي الْقَرَابَةِ فَأَشْبَهَ الْمِيرَاثَ.
وَغَنِيُّ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَفَقِيرُهُمْ فِي الاِسْتِحْقَاقِ مِنْ هَذَا السَّهْمِ سَوَاءٌ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَلِذِي الْقُرْبَى} وَلاَ يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُعْطِي أَقَارِبَهُ كُلَّهُمْ وَفِيهِمُ الأَْغْنِيَاءُ كَالْعَبَّاسِ ﵁ وَكَانَ مِنْ أَغْنِيَاءِ قُرَيْشٍ، وَلَمْ يُنْقَل تَخْصِيصُ الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ، وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَعْطَى الزُّبَيْرَ سَهْمًا، وَأُمَّهُ سَهْمًا، وَفَرَسَهُ سَهْمَيْنِ (23)
وَإِنَّمَا أَعْطَى أُمَّهُ مِنْ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى وَقَدْ كَانَتْ مُوسِرَةً وَلَهَا مَوَالٍ وَأَمْوَالٌ، وَلأَِنَّهُ مَالٌ مُسْتَحَقٌّ بِالْقَرَابَةِ فَاسْتَوَى فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ كَالْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ لِلأَْقَارِبِ، وَلأَِنَّ عُثْمَانَ وَجُبَيْرًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا طَلَبَا حَقَّهُمَا مِنْهُ وَسَأَلاَ عَنْ عِلَّةِ مَنْعِهِمَا وَمَنْعِ قَرَابَتِهِمَا وَهُمَا مُوسِرَانِ فَعَلَّلَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِنُصْرَةِ بَنِي الْمُطَّلِبِ دُونَهُمْ وَكَوْنِهِمْ مَعَ بَنِي هَاشِمٍ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَلَوْ كَانَ الْيَسَارُ مَانِعًا وَالْفَقْرُ شَرْطًا لَمْ يَطْلُبَا مَعَ عَدَمِهِ، وَلَعَلَّل النَّبِيُّ ﷺ مَنْعَهُمَا بِيَسَارِهِمَا وَانْتِفَاءِ فَقْرِهِمَا.
وَقِيل: لاَ حَقَّ فِي هَذَا السَّهْمِ لِغَنِيٍّ قِيَاسًا عَلَى بَقِيَّةِ السِّهَامِ. (24)
3 - سَهْمٌ لِلْيَتَامَى: وَهُمُ الَّذِينَ مَاتَ آبَاؤُهُمْ وَلَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ، فَإِنْ بَلَغُوا الْحُلُمَ لَمْ يَكُونُوا يَتَامَى لِحَدِيثِ: لاَ يُتْمَ بَعْدَ احْتِلاَمٍ. (25)
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ قَوْلٌ لِبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ. أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لاِسْتِحْقَاقِ الْيَتِيمِ مِنْ هَذَا السَّهْمِ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا، لأَِنَّ لَفْظَ الْيَتِيمِ يُشْعِرُ بِالْحَاجَةِ، وَلأَِنَّ اغْتِنَاءَهُ بِمَال أَبِيهِ إِذَا مَنَعَ اسْتِحْقَاقَهُ فَاغْتِنَاؤُهُ بِمَالِهِ أَوْلَى بِمَنْعِهِ.
وَمُقَابِل الْمَشْهُورِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ ابْنُ قُدَامَةَ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ لاِسْتِحْقَاقِ الْيَتِيمِ مِنْ هَذَا السَّهْمِ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا لِشُمُول لَفْظِ الْيَتِيمِ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ، وَلأَِنَّ عُمُومَ الآْيَةِ يَشْمَل الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لاِسْتِحْقَاقِ الْيَتِيمِ الإِْسْلاَمَ، فَلاَ يُعْطَى أَيْتَامُ الْكُفَّارِ مِنْ هَذَا السَّهْمِ شَيْئًا، لأَِنَّهُ مَالٌ أُخِذَ مِنَ الْكُفَّارِ فَلاَ يُرْجَعُ إِلَيْهِمْ، وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يَنْدَرِجُ فِي تَفْسِيرِ الْيَتِيمِ: وَلَدُ الزِّنَى وَاللَّقِيطِ وَالْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ. (26)
4 - سَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ: وَهُمْ أَهْل الْحَاجَةِ، وَيَدْخُل فِيهِمُ الْفُقَرَاءُ، فَالْمَسَاكِينُ وَالْفُقَرَاءُ فِي الاِسْتِحْقَاقِ مِنْ هَذَا السَّهْمِ صِنْفٌ وَاحِدٌ، وَفِي الزَّكَاةِ صِنْفَانِ لأَِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا بِوَاوِ الْعَطْفِ فِي آيَةِ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ، وَفَرَّقَ فُقَهَاءُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - فِي بَابِ الزَّكَاةِ - بَيْنَ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ فَقَالُوا: الْفَقِيرُ: مَنْ لاَ مَال لَهُ وَلاَ كَسْبَ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ، وَالْمِسْكِينُ: مَنْ لَهُ مَالٌ أَوْ كَسْبٌ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ وَلاَ يَكْفِيهِ (27) .
5 - سَهْمٌ لاِبْنِ السَّبِيل: وَقَدِ اخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي تَعْرِيفِ ابْنِ السَّبِيل الَّذِي يَسْتَحِقُّ مِنْ هَذَا السَّهْمِ وَمِنَ الزَّكَاةِ. وَانْظُرْ تَفْصِيل الْقَوْل فِي ابْنِ السَّبِيل مُصْطَلَحَ: (زَكَاةٌ) .
وَاخْتَلَفَ الرَّأْيُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي تَعْمِيمِ الْمُسْتَحِقِّينَ أَصْحَابِ السِّهَامِ الأَْرْبَعَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ بِالْعَطَاءِ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ أَنْ يَعُمَّ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ سِهَامِ ذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيل بِالْعَطَاءِ إِنْ وَفَّى الْمَال، نَعَمْ يُجْعَل مَا فِي كُل إِقْلِيمٍ لِسَاكِنِيهِ، فَإِنْ عَدِمَهُ بَعْضُ الأَْقَالِيمِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَعْضِهَا شَيْءٌ، أَوْ لَمْ يَسْتَوْعِبْهُمْ بِأَنْ لَمْ يَفِ بِمَنْ فِيهِ إِنْ وُزِّعَ عَلَيْهِمْ نُقِل إِلَيْهِمْ بِقَدْرِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَنْقُول إِلَيْهِمْ وَغَيْرِهِمْ، وَلاَ يَجُوزُ الاِقْتِصَارُ عَلَى ثَلاَثَةٍ مِنْ كُل صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ هَذِهِ السِّهَامِ الأَْرْبَعَةِ كَمَا يَقُول بَعْضُهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يُفَاضَل بَيْنَ الْيَتَامَى، وَبَيْنَ الْمَسَاكِينِ، وَبَيْنَ أَبْنَاءِ السَّبِيل، لأَِنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ بِالْحَاجَةِ فَتُرَاعَى حَاجَتُهُمْ، بِخِلاَفِ ذَوِي الْقُرْبَى فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ بِالْقَرَابَةِ، فَإِنْ كَانَ الْحَاصِل يَسِيرًا لاَ يَسُدُّ مَسَدًّا بِالتَّوْزِيعِ قُدِّمَ الأَْحْوَجُ فَالأَْحْوَجُ وَلاَ يُسْتَوْعَبُ، لِلضَّرُورَةِ، وَتَصِيرُ الْحَاجَةُ مُرَجَّحَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَبَرَةً فِي الاِسْتِحْقَاقِ.
وَقَال بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةُ: يُخَصُّ أَهْل كُل نَاحِيَةٍ بِخُمُسِ مَغْزَاهَا، لِمَا يَلْحَقُ فِي نَقْلِهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ، وَلأَِنَّهُ يَتَعَذَّرُ تَعْمِيمُ أَصْحَابِ السِّهَامِ بِهِ فَلَمْ يَجِبْ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالصَّحِيحُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - أَنَّهُ لاَ يَجِبُ التَّعْمِيمُ لأَِنَّهُ يَتَعَذَّرُ.وَمَنْ فُقِدَ مِنْ هَذِهِ الأَْصْنَافِ أُعْطِيَ الْبَاقُونَ نَصِيبَهُ. (28)
وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِيمَنِ اجْتَمَعَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ وَصْفٍ، أَوْ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الاِسْتِحْقَاقِ مِنَ الْخُمُسِ:
فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مَنِ اجْتَمَعَ فِيهِ وَصْفَانِ أُخِذَ بِأَحَدِهِمَا بِاخْتِيَارِهِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَزْوًا جَازَ الأَْخْذُ بِهِمَا. (29)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنِ اجْتَمَعَ فِي وَاحِدٍ أَسْبَابٌ كَالْمِسْكِينِ إِذَا كَانَ يَتِيمًا وَابْنَ سَبِيلٍ، اسْتَحَقَّ بِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا لأَِنَّهَا أَسْبَابٌ لأَِحْكَامٍ، فَوَجَبَ أَنْ نُثْبِتَ أَحْكَامَهَا كَمَا لَوِ انْفَرَدَتْ، فَلَوْ أَعْطَاهُ لِيُتْمِهِ فَزَال فَقْرُهُ لَمْ يُعْطَ لِفَقْرِهِ شَيْئًا. (30)
الْقَوْل الثَّانِي:
9 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: يُقْسَمُ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ ثَلاَثَةَ أَسْهُمٍ: لِلْيَتَامَى، وَالْمَسَاكِينِ (وَيَشْمَلُونَ الْفُقَرَاءَ) وَأَبْنَاءِ السَّبِيل.
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُول وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيل} (31) وَقَالُوا: إِنَّ ذِكْرَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى لِلتَّبَرُّكِ فِي افْتِتَاحِ الْكَلاَمِ إِذِ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلأَِنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ لَمْ يُفْرِدُوا هَذَا السَّهْمَ وَلَمْ يُنْقَل عَنْهُمْ، وَأَمَّا سَهْمُ النَّبِيِّ ﷺ فَكَانَ يَسْتَحِقُّهُ بِالرِّسَالَةِ كَمَا كَانَ يَسْتَحِقُّ الصَّفِيَّ مِنَ الْمَغْنَمِ، فَسَقَطَا بِمَوْتِهِ جَمِيعًا، وَقَدْ قَال ﷺ: إِنَّهُ لاَ يَحِل لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ قَدْرُ هَذِهِ إِلاَّ الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ. (32) وَكَذَلِكَ الأَْئِمَّةُ الْمَهْدِيُّونَ لَمْ يُفْرِدُوهُ بَعْدَهُ ﵊، وَلَوْ بَقِيَ بَعْدَهُ أَوِ اسْتَحَقَّهُ غَيْرُهُ لَصَرَفُوهُ إِلَيْهِ.
وَأَمَّا سَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَحِقُّونَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِالنُّصْرَةِ وَبَعْدَهُ بِالْفَقْرِ، لِحَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " الَّذِي سَبَقَ " وَهُوَ يَدُل عَلَى أَنَّ الاِسْتِحْقَاقَ كَانَ بِالنُّصْرَةِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ قُرْبُ النُّصْرَةِ لاَ قُرْبُ النَّسَبِ، وَلأَِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ قَسَمُوهُ عَلَى ثَلاَثَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَفَى بِهِمْ قُدْوَةً.
وَقَالُوا: إِنَّمَا يُعْطَى مِنَ الْخُمُسِ مَنْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى عَلَى صِفَةِ الأَْصْنَافِ الثَّلاَثَةِ لِقَوْلِهِ ﵊: يَا بَنِي هَاشِمٍ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِهَ لَكُمْ أَوْسَاخَ النَّاسِ، وَعَوَّضَكُمْ عَنْهَا بِخُمُسِ الْخُمُسِ (33) وَالصَّدَقَةُ إِنَّمَا حُرِّمَتْ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، لأَِنَّهَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى أَغْنِيَائِهِمْ وَأَغْنِيَاءِ غَيْرِهِمْ، فَيَكُونُ خُمُسُ الْخُمُسِ لِمَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، وَمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَانَ يُنْكِحُ مِنْهُ أَيِّمَهُمْ، وَيَقْضِي مِنْهُ غَارِمَهُمْ، وَيَخْدِمُ مِنْهُ عَائِلَهُمْ، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.
وَقَالُوا: إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لاَ سَهْمَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَسَهْمُ النَّبِيِّ ﷺ سَقَطَ، وَسَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى يَسْتَحِقُّونَهُ بِالْفَقْرِ، لَمْ يَبْقَ إِلاَّ الأَْصْنَافُ الثَّلاَثَةُ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ وَابْنُ السَّبِيل فَوَجَبَ أَنْ يُقْسَمَ عَلَيْهِمْ، وَيَدْخُل ذَوُو الْقُرْبَى فِيهِمْ إِذَا كَانُوا بِصِفَتِهِمْ.
وَقَالُوا: يُشْتَرَطُ لاِسْتِحْقَاقِ الْيَتِيمِ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا، لأَِنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ الأَْصْنَافِ الثَّلاَثَةِ فِي الْخُمُسِ احْتِيَاجٌ بِيُتْمٍ، أَوْ مَسْكَنَةٍ، أَوْ كَوْنِهِ ابْنَ سَبِيلٍ، فَلاَ يَجُوزُ الصَّرْفُ لِغَنِيِّهِمْ، ثُمَّ إِنَّهُمْ مَصَارِفُ لاَ مُسْتَحِقُّونَ حَتَّى إِنَّهُ لَوْ صُرِفَ إِلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَازَ (34) .
الْقَوْل الثَّالِثُ:
10 - وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَضَعُ الإِْمَامُ الْخُمُسَ إِنْ شَاءَ فِي بَيْتِ الْمَال، أَوْ يَصْرِفُهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شِرَاءِ سِلاَحٍ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ شَاءَ قَسَمَهُ فَيَدْفَعُهُ لآِل النَّبِيِّ ﷺ أَوْ لِغَيْرِهِمْ، أَوْ يَجْعَل بَعْضَهُ فِيهِمْ وَبَقِيَّتَهُ فِي غَيْرِهِمْ.
فَالْخُمُسُ مَوْكُولٌ إِلَى نَظَرِ الإِْمَامِ وَاجْتِهَادِهِ، فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، وَيُعْطِي الْقَرَابَةَ بِاجْتِهَادِهِ وَيَصْرِفُ الْبَاقِيَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَبِهِ قَال الْخُلَفَاءُ الأَْرْبَعَةُ وَبِهِ عَمِلُوا، وَعَلَيْهِ يَدُل قَوْلُهُ ﷺ: مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إِلاَّ الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ (35) فَإِنَّهُ لَمْ يَقْسِمْهُ أَخْمَاسًا وَلاَ أَثْلاَثًا، وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِي الآْيَةِ مَنْ ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِمْ لأَِنَّهُمْ أَهَمُّ مَنْ يُدْفَعُ إِلَيْهِ، قَال الزَّجَّاجُ مُحْتَجًّا لِمَالِكٍ: قَال اللَّهُ ﷿: {يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُل مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَْقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيل} (36) وَجَائِزٌ لِلرَّجُل بِإِجْمَاعٍ أَنْ يُنْفِقَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الأَْصْنَافِ إِذَا رَأَى ذَلِكَ.
وَذَكَرَ النَّسَائِيُّ عَنْ عَطَاءٍ قَال: خُمُسُ اللَّهِ وَخُمُسُ رَسُولِهِ وَاحِدٌ، (37) كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَحْمِل مِنْهُ وَيُعْطِي مِنْهُ، وَيَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ، وَيَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ (38) .
الْقَوْل الرَّابِعُ:
11 - قَالَتْ طَائِفَةٌ: يُقْسَمُ الْخُمُسُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَسَهْمٌ لِرَسُول اللَّهِ ﷺ وَسَهْمٌ لِذَوِي الْقُرْبَى، وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى، وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ، وَسَهْمٌ لاِبْنِ السَّبِيل، وَذَلِكَ لِظَاهِرِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ. . .} الآْيَةَ، فَعَدَّ سِتَّةً، وَجَعَل تَعَالَى لِنَفْسِهِ سَهْمًا سَادِسًا وَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ أَهْل الْحَاجَةِ. (39)
الْقَوْل الْخَامِسُ:
12 - قَال أَبُو الْعَالِيَةِ: سَهْمُ اللَّهِ ﷿ هُوَ أَنَّ الإِْمَامَ إِذَا عَزَل الْخُمُسَ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَيْهِ فَمَا قَبَضَ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ جَعَلَهُ لِلْكَعْبَةِ، ثُمَّ يَقْسِمُ بَقِيَّةَ السَّهْمِ عَلَى خَمْسَةٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَوْلُهُ: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يُؤْتَى بِالْغَنِيمَةِ فَيَقْسِمُهَا عَلَى خَمْسَةٍ، تَكُونُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ لِمَنْ شَهِدَهَا، ثُمَّ يَأْخُذُ الْخُمُسَ فَيَضْرِبُ بِيَدِهِ فِيهِ، فَيَأْخُذُ مِنْهُ الَّذِي قَبَضَ كَفُّهُ فَيَجْعَلُهُ لِلْكَعْبَةِ، وَهُوَ سَهْمُ اللَّهِ، ثُمَّ يَقْسِمُ مَا بَقِيَ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ فَيَكُونُ سَهْمٌ لِلرَّسُول، وَسَهْمٌ لِذِي الْقُرْبَى، وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى، وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَهْمٌ لاِبْنِ السَّبِيل، قَال: وَالَّذِي جَعَلَهُ لِلْكَعْبَةِ هُوَ السَّهْمُ الَّذِي لِلَّهِ. (40)
ثَانِيًا: الْفَيْءُ:
13 - الْفَيْءُ مَصْدَرُ فَاءَ إِذَا رَجَعَ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} (41) أَيْ تَرْجِعَ.
وَالْفَيْءُ فِي الاِصْطِلاَحِ: الْمَال - وَنَحْوُهُ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ - الْحَاصِل لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكُفَّارِ مِمَّا هُوَ لَهُمْ بِلاَ قِتَالٍ وَلاَ إِيجَافِ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ. (42)
وَيَشْمَل الْفَيْءُ: مَا جَلاَ عَنْهُ الْكُفَّارُ، وَمَا أَخَذَهُ الْعَاشِرُ مِنْهُمْ، وَالْجِزْيَةَ، وَالْخَرَاجَ، وَتَرِكَةَ ذِمِّيٍّ أَوْ نَحْوِهِ مَاتَ بِلاَ وَارِثٍ، وَتَرِكَةَ مُرْتَدٍّ مَاتَ أَوْ قُتِل عَلَى الرِّدَّةِ - عَلَى تَفْصِيلٍ فِي الْمَذَاهِبِ - وَمَا أُخِذَ مِنْ مَال تَغْلِبِيٍّ وَتَغْلِبِيَّةٍ، وَهَدِيَّةَ الْكُفَّارِ لِلإِْمَامِ عَنْ بَعْضِهِمْ (43) . وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْفَيْءِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ - وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الْقَاضِي مِنْ رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّ الْفَيْءَ لاَ يُخَمَّسُ، وَمَحَلُّهُ بَيْتُ مَال الْمُسْلِمِينَ وَيَصْرِفُهُ الإِْمَامُ بِاجْتِهَادِهِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَسَدِّ الثُّغُورِ وَبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ وَالْجُسُورِ، وَكِفَايَةِ الْعُلَمَاءِ وَالْمُتَعَلِّمِينَ وَالْقُضَاةِ وَالْعُمَّال، وَرِزْقِ الْمُقَاتِلَةِ وَذَرَارِيِّهِمْ وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَبْدَأُ بِآل النَّبِيِّ ﷺ نَدْبًا.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الْخِرَقِيُّ مِنْ رِوَايَتَيْ أَحْمَدَ: يُخَمَّسُ الْفَيْءُ، وَخُمُسُهُ لأَِصْحَابِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ - وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُمْ - وَالأَْخْمَاسُ الأَْرْبَعَةُ لِلْمُرْتَزِقَةِ، وَهُمُ الأَْجْنَادُ الْمُرْصَدُونَ لِلْجِهَادِ. . فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْخِرَقِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ.
وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهَا تُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَلاَ يَخْتَصُّ بِهَا الْمُرْتَزِقَةُ (44) .
وَلِمَزِيدٍ مِنَ التَّفْصِيل يُنْظَرُ: (فَيْءٌ) . ثَالِثًا: السَّلَبُ:
14 - السَّلَبُ: ثِيَابُ الْقَتِيل - مِنَ الْكُفَّارِ - وَسِلاَحُهُ، وَمَرْكُوبُهُ وَمَا عَلَيْهِ وَمَعَهُ مِنْ قُمَاشٍ، وَمَالٍ (عَلَى تَفْصِيلٍ وَاخْتِلاَفٍ) .
وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - إِلَى أَنَّ السَّلَبَ - إِنِ اسْتَحَقَّهُ الْقَاتِل - لاَ يُخَمَّسُ، لِمَا رَوَى عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ﵄ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِل وَلَمْ يُخَمِّسِ السَّلَبَ (45) وَلِقَوْلِهِ ﷺ: مَنْ قَتَل قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ (46) فَهُوَ بِعُمُومِهِ يَقْتَضِي أَنَّ السَّلَبَ كُلَّهُ لِلْقَاتِل وَلَوْ خُمِّسَ لَمْ يَكُنْ كُلُّهُ لَهُ.
وَمُقَابِل الْمَشْهُورِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - وَهُوَ مَا حَكَاهُ ابْنُ قُدَامَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَمَكْحُولٍ - أَنَّ السَّلَبَ يُخَمَّسُ فَيُدْفَعُ خُمُسُهُ لأَِهْل الْفَيْءِ، وَالْبَاقِي لِلْقَاتِل، لِعُمُومِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ. . .} وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا لَمْ يُنَفَّل بِالسَّلَبِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ يُخَمَّسُ، وَلاَ يَسْتَحِقُّهُ الْقَاتِل لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لَيْسَ لِلْمَرْءِ إِلاَّ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إِمَامِهِ (47) فَإِذَا جَعَل الإِْمَامُ السَّلَبَ لِلْقَاتِل انْقَطَعَ حَقُّ الْبَاقِينَ عَنْهُ، وَلاَ يُخَمَّسُ السَّلَبُ إِلاَّ أَنْ يَقُول: مَنْ قَتَل قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ بَعْدَ الْخُمُسِ، فَإِنَّهُ يُخَمَّسُ.
وَقَال إِسْحَاقُ: إِنِ اسْتَكْثَرَ الإِْمَامُ السَّلَبَ خَمَّسَهُ وَذَلِكَ إِلَيْهِ، لِمَا رَوَى ابْنُ سِيرِينَ أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ بَارَزَ مَرْزُبَانَ الزَّارَةِ بِالْبَحْرَيْنِ فَطَعَنَهُ فَدَقَّ صُلْبَهُ وَأَخَذَ سِوَارَيْهِ وَسَلَبَهُ، فَلَمَّا صَلَّى عُمَرُ الظُّهْرَ أَتَى أَبَا طَلْحَةَ فِي دَارِهِ فَقَال: إِنَّا كُنَّا لاَ نُخَمِّسُ السَّلَبَ، وَإِنَّ سَلَبَ الْبَرَاءِ قَدْ بَلَغَ مَالاً وَأَنَا خَامِسُهُ، فَكَانَ أَوَّل سَلَبٍ خُمِّسَ فِي الإِْسْلاَمِ سَلَبَ الْبَرَاءِ، رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي السُّنَنِ، وَفِيهَا أَنَّ سَلَبَ الْبَرَاءِ بَلَغَ ثَلاَثِينَ أَلْفًا. (48)
رَابِعًا: الرِّكَازُ:
15 - الرِّكَازُ: الْمَدْفُونُ فِي الأَْرْضِ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ رَكَزَ إِذَا أَخْفَى، يُقَال: رَكَزَ الرُّمْحَ إِذَا غَرَزَ أَسْفَلَهُ فِي الأَْرْضِ، وَمِنْهُ الرِّكْزُ وَهُوَ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ قَال اللَّهُ تَعَالَى: {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} (49) وَالْوَاجِبُ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال:. وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ (50) .
وَلِبَيَانِ الْوَاجِبِ فِي الرِّكَازِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْمَعَادِنِ وَالْكُنُوزِ، وَالشُّرُوطِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوُجُوبُ مِنْ حَيْثُ طَبِيعَةُ الدَّفْنِ، وَصِفَتُهُ، وَمَوْضِعُهُ وَمَصْرِفُ الْخُمُسِ، وَمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ. يُنْظَرُ: (زَكَاةٌ، رِكَازٌ، مَعْدِنٌ، كَنْزٌ) .
__________
(1) المصباح المنير، القاموس المحيط، ولسان العرب في المادة.
(2) قواعد الفقه للبركتي المجددي 254.
(3) حديث: " إنك لتأكل المرباع وهو لا يحل لك في دينك ".، أخرجه أحمد (4 / 257 - ط. اليمنية) من حديث عدي بن حاتم.
(4) المصباح المنير ولسان العرب مادة: " ربع ".
(5) حديث: " اصطفى ﷺ سيف منبه بن أبي الحجاج - وهو. . . " أخرجه الترمذي (4 / 130 - ط. الحلبي وابن ماجه (2 / 939 - ط. الحلبي) من حديث عبد الله بن عباس، وقال الترمذي: " حديث حسن ".
(6) حديث: " اصطفى صفية بنت حيي. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 480 - ط. السلفية) ، ومسلم (2 / 1044 - ط. الحلبي) من حديث أنس بن مالك.
(7) المصباح المنير، التعريفات 175، والمغني 6 / 409، وكشاف القناع 3 / 85.
(8) المفردات في غريب القرآن / 493، ومعجم مقاييس اللغة 5 / 426.
(9) المصباح المنير ولسان العرب مادة: " فضل ".
(10) سورة الأنفال / 41.
(11) رد المحتار 3 / 228، كفاية الطالب 2 / 7، قليوبي وعميرة 3 / 191، المغني 6 / 403.
(12) حديث: " أعطيت خمسًا لم يعطهن نبي قبلي. . . وأحلت لي الغنائم "، أخرجه البخاري (الفتح 1 / 436 -. ط السلفية) البخاري (ومسلم 1 / 371 -. ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.
(13) سورة الأنفال / 1.
(14) سورة الأنفال / 41.
(15) سورة الأنفال / 69.
(16) المغني 6 / 403.
(17) روضة الطالبين 6 / 376.
(18) سورة الأنفال / 41.
(19) المغني 6 / 401 - 407.
(20)
(21) مغني المحتاج 3 / 93، المغني 6 / 406.
(22) حديث جبير بن مطعم: " إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام ".، أخرجه البخاري (الفتح 6 / 244 -. ط السلفية) دون قوله: " إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام "، وأخرجه أحمد (4 / 81 -. ط الميمنية) ، والنسائي (7 / 131 -. ط المكتبة التجارية) .
(23) حديث: " أن النبي ﷺ أعطى الزبير سهمًا وأمه سهمًا. . . " أخرجه أحمد (1 / 166 -. ط الميمنية) ، ولمح ابن حجر إلى الانقطاع في سنده، كذا في (تعجيل المنفعة ص335 - نشر دار الكتاب العربي) . والأسهم المعطاة للزبير وفرسه هي من الغنيمة بصفته من المجاهدين
(24) مغني المحتاج 3 / 94، أسنى المطالب 3 / 88، المغني 6 / 411 - 413.
(25) حديث " لا يتم بعد احتلام. . . " أخرجه أبو داود (3 / 293 - 294 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث علي بن أبي طالب وفي إسناده مقال، ولكنه صحيح لطرقه، التلخيص لابن حجر (3 / 101 -. ط شركة الطباعة الفنية) .
(26) المحلي على المنهاج 3 / 189، مغني المحتاج 2 / 95، المغني 6 / 413، وكشاف القناع 3 / 86.
(27) مغني المحتاج 3 / 95 - 106 - 108، المغني 6 / 413 - 421.
(28) مغني المحتاج 3 / 95، القليوبي 3 / 189، المغني 6 / 12.
(29) القليوبي 3 / 189.
(30) المغني 6 / 414.
(31) سورة الأنفال / 41.
(32) حديث: " إنه لا يحل مما أفاء الله عليكم قدر هذه إلا. . . " أخرجه النسائي (7 / 131 -. ط المكتبة التجارية) من حديث عبادة بن الصامت. وإسناده حسن.
(33) حديث: " يا بني هاشم، إن الله كره لكم أوساخ الناس ". قال الزيلعي في نصب الراية 2 / 403 -. ط المجلس العلمي بالهند) : " غريب " يعني أنه لا أصل له بهذا اللفظ، ثم ذكر لفظ مسلم وهو: " إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس " وهو فيه (2 / 753 -. ط الحلبي) من حديث عبد المطلب بن ربيعة وأخرج الطبراني في الكبير (11 / 217 -. ط وزارة الأوقاف العراقية) من حديث عبد الله بن عباس مرفوعًا: " لا يحل لكما أهل البيت من الصدقات شيء ولا غسالة الأيدي إن لكن في خمس الخمس لما يغنيكم أو يكفيكم ". وأورده الهيثمي في المجمع (3 / 91 -. ط القدسي) وقال: (فيه حسين بن قيس الملقب بحنش، وفيه كلام كثير، وقد وثقه أبو محصن)
(34) ابن عابدين 3 / 236 - 237، فتح القدير 4 / 328، الاختيار 4 / 131 - 132.
(35) الحديث سبق تخريجه ف / 9.
(36) سورة البقرة / 215.
(37) الأثر عن عطاء: " خمس الله وخمس رسوله واحد ". أخرجه النسائي (7 / 132 - 133. ط المكتبة التجارية) .
(38) كفاية الطالب 2 / 7، تفسير القرطبي 8 / 11.
(39) المغني 6 / 46، تفسير القرطبي 8 / 10.
(40) المغني 6 / 406، الأموال لأبي عبيد 14، تفسير القرطبي 8 / 10.، وقول أبي العالية: " كان رسول الله ﷺ يؤتى بالغنيمة فيقسمها على. . . " أخرجه ابن جرير في تفسيره (13 / 550 - 551. ط المعارف) .
(41) سورة الحجرات / 9.
(42) بدائع الصنائع 7 / 116، جواهر الإكليل 1 / 260، مغني المحتاج 3 / 92، المغني 6 / 403.
(43) الدرر المختار 3 / 280، الزرقاني 3 / 127، مغني المحتاج 3 / 93، المغني 6 / 402.
(44) الدرر المختار 3 / 280، الزرقاني 3 / 127، المغني 6 / 404 - 414، مغني المحتاج 3 / 95.
(45) حديث " قضى رسول الله ﷺ بالسلب للقاتل. . . " أخرجه أبو داود (3 / 165، تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وأورده ابن حجر في " التلخيص " (3 / 105 -. ط شركة الطباعة الفنية) ، وقال: " وهو ثابت في صحيح مسلم من حديث طويل فيه قصة لعوف بن مالك مع خالد بن الوليد ".
(46) حديث: " من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه "،. أخرجه البخاري (الفتح 6 / 247 -. ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1371 -. ط الحلبي) من حديث أبي قتادة.
(47)
(48) الاختيار 4 / 133، جواهر الإكليل 1 / 261، مغني المحتاج 3 / 100 - 103، المغني 8 / 390 - 392.
(49) سورة مريم / 98.
(50) حديث: " أن رسول الله ﷺ قال: ". . . وفي الركاز الخمس "، أخرجه البخاري (الفتح 3 / 364 -. ط السلفية) من حديث أبي هريرة.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 10/ 20