الخلاق
كلمةُ (خَلَّاقٍ) في اللغة هي صيغةُ مبالغة من (الخَلْقِ)، وهو...
الثبات على الشيء، ولزومه . ومنه قبول الله –تَعَالَى - التوبة مع عدم الإصرار على المعصية، وشاهده قوله تعالى : ﱫﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﴾ ﴿ ﮂ ﮃﱪ آل عمران : 135.
الإقامَةُ على الشَّيْءِ ومُلازَمَتُهُ والدَّوامُ عليهِ، وأكثَرُ ما يُستَعْمَلُ في الشَّرِّ والذُّنوبِ والآثامِ، يُقال: أَصَرَّ على الذَّنْبِ، يُصرُّ، إصراراً، فهو مُصِرٌّ: إذا لم يُقلِعْ عنه. وأَصْلُ الكلِمَة مِن الصَّرِّ، وهو: الجَمْعُ والشَّدُّ، فيُقال: أصرَّ الحِمارُ أُذُنَيْهِ، أيْ: نَصَبَهُما وعَزَمَ على الشَّدِّ، وصَرَرْتُ الصُّرَّةِ: شَدَدْتُها. ويُطْلَقُ الإصرارُ على العَزْمِ والتَصْميمِ، من قَوْلِهِم: أصرَّ على فِعلِهِ إصراراً: إِذا عَزَم على أَن يَمضِيَ فِيهِ ولا يَرْجِعَ عنه.
يَرِد مُصطَلح (إصرار) في الفقه في عِدَّة مواطِن، منها: كتاب الشَّهادات، باب: موانِع الشَّهادَة، وفي كتاب الحدود، باب: حدّ الرِّدَّة عند الكلام على إصرارِ المُرتَدِ بعد استِتابَتِه على رِدَّتِهِ. ويُطلَق في كتاب الأقضية والشَّهادات، باب: أحكام الدَّعوى، ويُراد به: مُلازَمَةُ المُدَّعَى عليه السُّكُوتَ على جَوابِ الدَّعْوَى أمام القاضِي. ويُطلَق أيضاً ويُراد به: التَّأكِيد على الحَقِّ، كالمُداوَمَة على فِعلِ الطّاعات وتَرْكِ المَعاصِي، وكالإصْرارِ على عَدَمِ إِفْشاءِ أَسْرارِ المُسْلِمِينَ لِلْعَدُوِّ رَغْمَ ما يُلاقِيهِ مِن أذى الأَْعْداءِ، وغير ذلك.
صرر
الثبات على الشيء، ولزومه.
* تهذيب اللغة : (12/76)
* مقاييس اللغة : (3/282)
* مشارق الأنوار : (2/42)
* النهاية في غريب الحديث والأثر : (3/22)
* لسان العرب : (4/453)
* تاج العروس : (12/305)
* التعريفات للجرجاني : (ص 28)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 255)
* كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم : (1/212)
* التعريفات الفقهية : (ص 29)
* إحياء علوم الدين : (4/47)
* الآداب الشرعية والمنح المرعية : (1/56)
* الذريعة إلى مكارم الشريعة : (1/240)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 71) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الإِْصْرَارُ لُغَةً: مُدَاوَمَةُ الشَّيْءِ وَمُلاَزَمَتُهُ وَالثُّبُوتُ عَلَيْهِ (1)
وَاصْطِلاَحًا: الإِْصْرَارُ: هُوَ الْعَزْمُ بِالْقَلْبِ عَلَى الأَْمْرِ وَعَلَى تَرْكِ الإِْقْلاَعِ عَنْهُ. (2) وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَل الإِْصْرَارُ فِي الشَّرِّ وَالإِْثْمِ وَالذُّنُوبِ. (3)
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - الإِْصْرَارُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَنْ جَهْلٍ، أَوْ عَنْ عِلْمٍ. فَإِذَا كَانَ الإِْصْرَارُ عَنْ جَهْلٍ فَقَدْ يُعْذَرُ مَنْ لاَ يَعْلَمُ حُرْمَةَ الْفِعْل الَّذِي أَصَرَّ عَلَيْهِ. أَمَّا إِذَا كَانَ عَنْ عِلْمٍ بِالْحُكْمِ فَإِنَّ الْفَاعِل يَكُونُ آثِمًا إِذَا كَانَ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَيَتَضَاعَفُ إِثْمُهُ بِمِقْدَارِ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ جُرْمٍ، لأَِنَّ الإِْصْرَارَ عَلَى الصَّغِيرَةِ كَبِيرَةٌ، وَالإِْصْرَارُ عَلَى الْكَبَائِرِ يُؤَدِّي إِلَى عِظَمِ ذَنْبِهَا وَزِيَادَةِ وِزْرِهَا. (4) وَأَمَّا إِذَا كَانَ الإِْصْرَارُ عَلَى غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ، كَالإِْصْرَارِ عَلَى عَدَمِ إِفْشَاءِ أَسْرَارِ الْمُسْلِمِينَ لِلْعَدُوِّ رَغْمَ مَا يُلاَقِيهِ مِنْ عَنَتِ الأَْعْدَاءِ.
وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا، كَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى فِعْل الطَّاعَاتِ وَتَرْكِ الْمَعَاصِي.
أَمَّا الإِْصْرَارُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ دُونَ تَحَقُّقِهَا فَفِيهِ رَأْيَانِ:
الأَْوَّل: يُؤَاخَذُ بِهِ الإِْنْسَانُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} ، (5) وَقَوْلُهُ ﵊: إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِل وَالْمَقْتُول فِي النَّارِ. قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ هَذَا الْقَاتِل فَمَا بَال الْمَقْتُول، قَال: إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْل صَاحِبِهِ. (6)
الثَّانِي: لاَ يُؤَاخَذُ بِهِ الإِْنْسَانُ، لِقَوْلِهِ ﷺ: مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ (7) وَقَدْ ضَعَّفَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الرَّأْيَ، وَحَمَل الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَلَمْ يَعْزِمْ عَلَى عَمَلِهَا. (8)
مُبْطِلاَتُ الإِْصْرَارِ:
3 - أ - يَبْطُل الإِْصْرَارُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ بِالتَّوْبَةِ، حَيْثُ لاَ إِصْرَارَ مَعَ التَّوْبَةِ، لِمَا رُوِيَ: مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ، وَإِنْ عَادَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً (9) وَلِلْقَاعِدَةِ الْمَعْرُوفَةِ: " لاَ كَبِيرَةَ مَعَ الاِسْتِغْفَارِ، وَلاَ صَغِيرَةَ مَعَ الإِْصْرَارِ ".
ب - يَبْطُل الإِْصْرَارُ بِتَرْكِ الْمُصَرِّ عَلَيْهِ وَاتِّبَاعِ غَيْرِهِ. (10)
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
4 - أ - قَرَّرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الإِْصْرَارَ عَلَى الصَّغَائِرِ مُسْقِطٌ لِلْعَدَالَةِ - انْظُرْ (شَهَادَةٌ، وَتَوْبَةٌ) .
ب - إِصْرَارُ الْمُرْتَدِّ بَعْدَ اسْتِتَابَتِهِ يُوجِبُ الْقَتْل، لِحَدِيثِ رَسُول اللَّهِ ﷺ: مَنْ بَدَّل دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ (11) اُنْظُرْ (رِدَّةٌ) .
ج - إِصْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السُّكُوتِ عَلَى جَوَابِ الدَّعْوَى يُعَدُّ مِنْهُ إِنْكَارًا وَنُكُولاً. انْظُرْ (دَعْوَى) (12) .
__________
(1) المصباح المنير ولسان العرب مادة (صرر) .
(2) القرطبي 4 / 211، والتعريفات للجرجاني.
(3) لسان العرب مادة (صرر) .
(4) طهارة القلوب للدريني ص 112، والقليوبي 2 / 94، والفخر الرازي 9 / 11.
(5) سورة الحج / 25.
(6) حديث: " إذا التقى المسلمان. . . . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 85 ط السلفية) وأخرجه مسلم (4 / 2213 - 2214 ط الحلبي) بلفظ مقارب.
(7) حديث: " من هم بسيئة. . . . " أخرجه البخاري من حديث ابن عباس ﵄ مرفوعا بلفظ: " من هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة " (فتح الباري 11 / 323 ط السلفية) .
(8) القرطبي 4 / 215.
(9) حديث: " ما أصر من استغفر. . . . " أخرجه أبو داود (2 / 177 - ط عزت عبيد دعاس) والترمذي (5 / 558 ط الحلبي) . وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وليس إسناده بالقوي.
(10) القرطبي 4 / 211، والنسفي 1 / 183، والشهاب 3 / 64.
(11) حديث: " من بدل دينه فاقتلوه ". أخرجه البخاري (الفتح 12 / 267 ط السلفية) .
(12) ابن عابدين 3 / 303، 4 / 376، 4 / 430 ط بولاق، وقليوبي 4 / 177، 319، 338، ومسلم الثبوت 2 / 143، والخرشي 7 / 175، وجواهر الإكليل 2 / 278، والمغني 6 / 167، 674، 8 / 124، 9 / 64، 66، 271 ط الرياض.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 54/ 5