المحيط
كلمة (المحيط) في اللغة اسم فاعل من الفعل أحاطَ ومضارعه يُحيط،...
البَيْتُ: مَأْوَى الإِنْسانِ بِاللَّيْلِ، يُقال: باتَ فُلانٌ، أيْ: أَقامَ بِاللَّيْلِ، ويأْتي بِمعنى إِدْراكِ اللَّيلِ، يُقال: باتَ، يَبِيتُ، بيْتاً، وبَياتاً، ومَبِيتاً، أيْ: أَدْرَكَهُ اللَّيْلُ. ومِن مَعانِيهِ: المَسْكَنُ والدّارُ، وهو: كُلُّ ما لَهُ جِدارٌ وسَقْفٌ، وإِن لم يَكُن بِهِ ساكِنٌ. وجَمْعُهُ: أَبْياتٌ وبُيوتٍ. ومِن مَعانِيهِ أيضاً: المَنْزِلُ والقَصْرُ والمَسْجِدُ والكَعْبَةُ والقَبْرُ.
يَرِد مُصْطلَح (بَيْت) في الفِقْهِ في مَواضِعَ كَثِيرَةٍ، منها: كتاب الصَّلاةِ، باب: صَلاة الجَماعَةِ، وفي كِتاب الاعِتِكافِ، باب: شُروط الاِعْتِكافِ، وفي كتاب البُيوع، باب: الإِجارَة، وباب: الشُّفْعَة، وفي كِتابِ الآدابِ، باب: أَدب دُخول البَيْتِ. ويُطْلَق في كِتابِ الحَجَّ باب: الطَّواف، ويُراد بِهِ: الكَعْبَةُ المُشَرَّفَةُ. ويُطلَق في علم العَروض، ويُراد به: البَيْتُ مِن الشِّعْرِ، وهو: مَجموعَة كَلِمات صَحِيحَة التَّركِيب، مَوزونَة حسب عِلْمِ القَواعِد والعَروضِ، ويتكوَّن مِن شَطْرَيْن مُتَساوِيَيْن، يُسمَّى الشَّطر الأوَّل مِنهما: صَدْراً، ويُسمَّى الشَّطر الثّاني: عَجُزاً.
بيت
* العين : (8/138)
* تهذيب اللغة : (14/237)
* مقاييس اللغة : (1/324)
* المحكم والمحيط الأعظم : (9/524)
* مختار الصحاح : (ص 42)
* لسان العرب : (2/14)
* الكليات : (ص 356)
* كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم : (1/351)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 112)
* القاموس الفقهي : (ص 43)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (8/225)
* روضة الطالبين : (11/30) -
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي الْبَيْتِ فِي اللُّغَةِ: الْمَسْكَنُ، وَهُوَ كُل مَا كَانَ لَهُ جِدَارٌ وَسَقْفٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ سَاكِنٌ. وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْبَيْتِ الشُّقَّةُ. وَيُجْمَعُ الْبَيْتُ عَلَى أَبْيَاتٍ، وَبُيُوتٍ.
وَيُطْلَقُ الْبَيْتُ عَلَى الْقَصْرِ، وَمِنْهُ قَوْل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَامُ لِرَسُول اللَّهِ ﷺ بَشِّرُوا خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ (1) قَال فِي اللِّسَانِ: يَعْنِي بَشِّرُوهَا بِقَصْرٍ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ. وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَسْجِدِ. قَال اللَّهُ ﷿: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} (2) قَال الزَّجَّاجُ: أَرَادَ الْمَسَاجِدَ (3) .
وَقَدْ يَكُونُ الْبَيْتُ مُسْتَقِلًّا بِذَاتِهِ، أَوْ جُزْءًا مِنَ الْمَسْكَنِ الْمُسْتَقِل كَحُجْرَةٍ مِنْ دَارٍ (4) . وَيَصْدُقُ عَلَى الْمَبْنِيِّ مِنْ طِينٍ، أَوْ آجُرٍّ وَمَدَرٍ وَحَجَرٍ، وَعَلَى الْمُتَّخَذِ مِنْ خَشَبٍ، أَوْ صُوفٍ، أَوْ وَبَرٍ، أَوْ شَعْرٍ، أَوْ جِلْدٍ، وَأَنْوَاعِ الْخِيَامِ (5) .
وَلاَ يَخْرُجُ مَعْنَاهُ الاِصْطِلاَحِيُّ عَمَّا وَرَدَ فِي اللُّغَةِ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الدَّارُ:
2 - الدَّارُ لُغَةً: اسْمٌ لِمَا اشْتَمَل عَلَى بُيُوتٍ وَمَنَازِل وَصَحْنٍ غَيْرِ مُسَقَّفٍ. وَاسْمُ الدَّارِ يَتَنَاوَل الْعَرْصَةَ وَالْبِنَاءَ جَمِيعًا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْتِ وَالدَّارِ: أَنَّ الدَّارَ تَشْتَمِل عَلَى بُيُوتٍ وَمَنَازِل (6) .
ب - الْمَنْزِل:
3 - الْمَنْزِل لُغَةً: اسْمُ مَكَانِ النُّزُول، وَفِي بَعْضِ الأَْعْرَافِ: هُوَ اسْمٌ لِمَا يَشْتَمِل عَلَى بُيُوتٍ، وَصَحْنٍ مُسَقَّفٍ وَمَطْبَخٍ يَسْكُنُهُ الرَّجُل بِعِيَالِهِ (7) . وَهُوَ دُونَ الدَّارِ وَفَوْقَ الْبَيْتِ، وَأَقَلُّهُ بَيْتَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ. وَتَخْتَلِفُ الأَْعْرَافُ فِي هَذِهِ الأَْلْفَاظِ بِاخْتِلاَفِ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ (8) .
الْمَبِيتُ عَلَى ظَهْرِ الْبَيْتِ:
4 - جَاءَ التَّحْذِيرُ فِي السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ عَنِ الْمَبِيتِ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ حَائِطٌ يَمْنَعُ مِنَ السُّقُوطِ. فَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ شَيْبَانَ ﵁ عَنِ الرَّسُول ﷺ قَال: مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ حِجَارٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ (9)
وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ: حِجَابٌ، وَفِي أُخْرَى: حِجَازٌ. وَهِيَ بِمَعْنَى السُّتْرَةِ الَّتِي تَمْنَعُ وَتَحْجِزُ النَّائِمَ عَنِ السُّقُوطِ. وَمَعْنَى بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ: أَيْ أَزَال عِصْمَةَ نَفْسِهِ، وَصَارَ كَالْمُهْدَرِ الَّذِي لاَ ذِمَّةَ لَهُ، أَيْ لاَ يَجِبُ لَهُ عَلَى أَحَدٍ شَيْءٌ بِسَبَبِ مَوْتِهِ؛ إِذْ أَنَّ الَّذِي نَامَ كَذَلِكَ رُبَّمَا انْقَلَبَ مِنْ نَوْمِهِ فَسَقَطَ فَمَاتَ هَدَرًا. ثُمَّ إِنَّهُ إِنْ مَاتَ كَذَلِكَ مَاتَ مِنْ غَيْرِ تَأَهُّبٍ، وَلاَ اسْتِعْدَادٍ لِلْمَوْتِ (10) . الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْبَيْتِ:
أ - الْبَيْعُ:
5 - يَجُوزُ بَيْعُ الْبَيْتِ الْمَمْلُوكِ الْمُعَيَّنِ وَالْمَحْدُودِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (11) وَيَدْخُل تَبَعًا لِلأَْرْضِ.
وَقَال مَالِكٌ: إِنَّ بَيْعَ الْبَيْتِ يَتَنَاوَل الأَْرْضَ الَّتِي بِهَا الْبَيْتُ، وَكَذَا بَيْعُ الأَْرْضِ يَتَنَاوَل الْبِنَاءَ، وَمَحَل تَنَاوُل الْعَقْدِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلأَْرْضِ، وَتَنَاوُل الْعَقْدِ عَلَى الأَْرْضِ مَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ - كَانَ الْعَقْدُ بَيْعًا أَوْ غَيْرَهُ - إِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ، أَوْ عُرْفٌ بِخِلاَفِهِ، وَإِلاَّ عُمِل بِذَلِكَ الشَّرْطِ، أَوِ الْعُرْفِ.
فَإِذَا اشْتَرَطَ الْبَائِعُ إِفْرَادَ الْبِنَاءِ عَنِ الأَْرْضِ، أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِإِفْرَادِهِ عَنِ الأَْرْضِ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، فَلاَ تَدْخُل الأَْرْضُ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْبِنَاءِ، وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ إِفْرَادَ الأَْرْضِ عَنِ الْبِنَاءِ، أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِذَلِكَ، فَإِنَّ الْبِنَاءَ لاَ يَدْخُل فِي الْعَقْدِ عَلَى الأَْرْضِ (12) .
وَالتَّفْصِيل مَوْطِنُهُ مُصْطَلَحُ (بَيْع) .
ب - خِيَارُ الرُّؤْيَةِ:
6 - يَثْبُتُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لِلْمُشْتَرِي فِي شِرَائِهِ لِلْبَيْتِ إِنْ لَمْ يُعَايِنْ وَلَمْ تَحْصُل رُؤْيَتُهُ؛ لأَِنَّ الْبَيْتَ مِنَ الأَْعْيَانِ اللاَّزِمِ تَعْيِينُهَا، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَعَلَى قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (13) . قَالُوا: يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ، وَهُوَ مَا لَمْ يَرَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الرُّؤْيَةِ، وَتُعْتَبَرُ فِي رُؤْيَةِ الْبَيْتِ رُؤْيَةُ السَّقْفِ وَالْجُدْرَانِ وَالسَّطْحِ وَالْحَمَّامِ وَالطَّرِيقِ.
وَفِي الأَْظْهَرِ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَالْمُقَدَّمِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنِ اشْتَرَى إِنْسَانٌ مَا لَمْ يَرَهُ، وَمَا لَمْ يُوصَفْ لَهُ، لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ (14) . وَالتَّفْصِيل مَوْطِنُهُ مُصْطَلَحُ (بَيْع - خِيَارُ الرُّؤْيَةِ) .
ج - الشُّفْعَةُ:
7 - يَثْبُتُ حَقُّ طَلَبِ الشُّفْعَةِ فِي الْبَيْتِ الْمَبِيعِ لِلشَّرِيكِ فِيهِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ تَبَعًا لِلأَْرْضِ الْمَبِيعَةِ، وَأَمَّا الْجَارُ فَلاَ شُفْعَةَ لَهُ؛ لِحَدِيثِ جَابِرٍ ﵁ قَال: قَضَى النَّبِيُّ ﷺ بِالشُّفْعَةِ فِي كُل مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ فَلاَ شُفْعَةَ (15) وَلاَ شُفْعَةَ فِي بِنَاءٍ مُفْرَدٍ عَنْ أَرْضٍ؛ لأَِنَّ مِنْ شُرُوطِ الشُّفْعَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ أَرْضًا؛ لأَِنَّهَا هِيَ الَّتِي تَبْقَى عَلَى الدَّوَامِ، وَيَدُومُ ضَرَرُهَا، وَالْبِنَاءُ يُؤْخَذُ تَبَعًا لِلأَْرْضِ؛ لِحَدِيثِ جَابِرٍ ﵁ قَال: قَضَى رَسُول اللَّهِ ﷺ بِالشُّفْعَةِ فِي كُل شَرِكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ رَبْعَةٍ، أَوْ حَائِطٍ. . . (16) وَيَدْخُل فِيهِ الْبِنَاءُ، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (17) .
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: الشُّفْعَةُ تَكُونُ لِلشَّرِيكِ وَلِلْجَارِ تَبَعًا لِلْعَقَارِ الْمَمْلُوكِ، وَهَذَا إِنْ تَحَقَّقَتْ شُرُوطُ الشُّفْعَةِ (18) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (شُفْعَة) .
د - الإِْجَارَةُ:
8 - لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ عَقْدِ إِجَارَةِ الْبَيْتِ هُوَ بَيْعُ مَنْفَعَتِهِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، اشْتُرِطَ فِي الْمَنْفَعَةِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، وَهُوَ أَنْ لاَ يَمْنَعَ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهَا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ، بِأَنْ تَكُونَ مُحَرَّمَةً كَالْخَمْرِ وَآلاَتِ اللَّهْوِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ. فَلاَ يَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إِجَارَةُ الْبَيْتِ لِغَرَضٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ، كَأَنْ يَتَّخِذَهُ الْمُسْتَأْجِرُ مَكَانًا لِشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ لَعِبِ الْقِمَارِ، أَوْ أَنْ يَتَّخِذَهُ كَنِيسَةً أَوْ مَعْبَدًا وَثَنِيًّا. وَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ أَخْذُ الأُْجْرَةِ كَمَا يَحْرُمُ إِعْطَاؤُهَا، وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الإِْعَانَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ (19) .
مُرَاعَاةُ حَقِّ الْجَارِ فِي مَرَافِقِ الْبَيْتِ:
9 - جَاءَتِ السُّنَّةُ الشَّرِيفَةُ بِالتَّأْكِيدِ عَلَى حَقِّ الْجَارِ وَالأَْمْرِ بِمُرَاعَاتِهِ وَالْحِفَاظِ عَلَيْهِ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ: مَا زَال جِبْرِيل يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ. (20)
وَقَوْلُهُ ﷺ: وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ قِيل: مَنْ يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ. (21) وَالْبَوَائِقُ تَعْنِي: الْغَوَائِل وَالشُّرُورَ.
وَلِذَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يُحْدِثَ مَالِكُ الْبَيْتِ فِيهِ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ. كَأَنْ يَحْفِرَ كَنِيفًا إِلَى جَنْبِ حَائِطِ جَارِهِ، أَوْ يَبْنِيَ حَمَّامًا، أَوْ تَنُّورًا، أَوْ أَنْ يَعْمَل دُكَّانَ حِدَادَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنَ الْمِهَنِ الَّتِي يَتَأَذَّى مِنْهَا جَارُ الْبَيْتِ.
أَمَّا فِي الْمَرَافِقِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الْبَيْتَيْنِ، كَالْجِدَارِ الْفَاصِل بَيْنَهُمَا، فَلَهُ حَالَتَانِ: إِمَّا أَنْ يَخْتَصَّ بِمِلْكِهِ أَحَدُهُمَا، وَيَكُونُ سَاتِرًا لِلآْخِرِ فَقَطْ. فَلَيْسَ لِلآْخِرِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يَضُرُّ مُطْلَقًا. فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَضْعُ الأَْخْشَابِ، أَوْ مَدُّ الْجُسُورِ، أَوْ بِنَاءُ الْعُقُودِ، وَنَحْوُهَا مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَضُرُّ الْجِدَارَ وَتُؤَثِّرُ فِي تَحَمُّلِهِ، وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ (22) ؛ وَذَلِكَ لِعُمُومِ الْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ: (لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ) ؛ وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ ﷺ: لاَ يَحِل مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ. (23)
أَمَّا إِذَا كَانَ التَّصَرُّفُ لاَ يَضُرُّ الْجِدَارَ وَلاَ يُضْعِفُهُ، فَيَجُوزُ، بَل يُنْدَبُ لِصَاحِبِهِ الإِْذْنُ لِجَارِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الإِْرْفَاقِ بِالْجَارِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَيْهِ.
وَالتَّفْصِيل يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (ارْتِفَاقٌ. جِوَارٌ) . دُخُول الْبُيُوتِ:
10 - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ دُخُول بَيْتِ الْغَيْرِ إِلاَّ بِإِذْنٍ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَى الْخَلْقِ أَنْ يَطَّلِعُوا عَلَى مَا فِي بُيُوتِ الْغَيْرِ مِنْ خَارِجِهَا، أَوْ يَلِجُوهَا مِنْ غَيْرِ إِذْنِ أَرْبَابِهَا؛ لِئَلاَّ يَطَّلِعَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى عَوْرَةٍ، وَذَلِكَ لِغَايَةٍ هِيَ: الاِسْتِئْنَاسُ، وَهُوَ: الاِسْتِئْذَانُ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّصَ الْبُيُوتَ لِسُكْنَى النَّاسِ، وَمَلَّكَهُمُ الاِسْتِمْتَاعَ بِهَا عَلَى الاِنْفِرَادِ، قَال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} . (24) وَاسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ حَالَةَ الْغَزْوِ، فَيَجُوزُ دُخُول الْبَيْتِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْبَيْتُ مُشْرِفًا عَلَى الْعَدُوِّ، فَلِلْغُزَاةِ دُخُولُهُ لِيُقَاتِلُوا الْعَدُوَّ فِيهِ وَكَذَا فِي حَالَةِ الْعِلْمِ، أَوِ الظَّنِّ الْغَالِبِ بِوُجُودِ فَسَادٍ فِيهِ (25) ، فَيَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ الْهُجُومُ عَلَى بَيْتِ الْمُفْسِدِينَ، وَقَدْ هَجَمَ عُمَرُ ﵁ عَلَى نَائِحَةٍ فِي مَنْزِلِهَا، وَضَرَبَهَا بِالدِّرَّةِ حَتَّى سَقَطَ خِمَارُهَا، فَقِيل لَهُ فِيهِ، فَقَال: لاَ حُرْمَةَ لَهَا. أَيْ لاِشْتِغَالِهَا بِالْمُحَرَّمِ (26) وَالْتَحَقَتْ بِالإِْمَاءِ.
وَقَدْ نَفَّذَ عُمَرُ ﵁ التَّعْزِيرَ لِهَتْكِ حُرُمَاتِ الْبَيْتِ، وَذَلِكَ فِي رَجُلٍ وُجِدَ فِي بَيْتِ رَجُلٍ بَعْدَ الْعَتَمَةِ مُلَفَّفًا، فَضَرَبَهُ عُمَرُ مِائَةَ جَلْدَةٍ (27) .
وَكَمَا يَحْرُمُ الدُّخُول بِلاَ اسْتِئْذَانٍ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَى دَاخِل الْبُيُوتِ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَحَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ (28)
إِبَاحَةُ دُخُول الْبَيْتِ:
11 - أَبَاحَ اللَّهُ عَدَمَ الاِسْتِئْذَانِ فِي كُل بَيْتٍ لاَ يَسْكُنُهُ أَحَدٌ، فَقَال تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} (29) ذَلِكَ لأَِنَّ الْعِلَّةَ فِي الاِسْتِئْذَانِ إِنَّمَا هِيَ لأَِجْل خَوْفِ الاِطِّلاَعِ عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ، فَإِذَا زَالَتِ الْعِلَّةُ زَال الْحُكْمُ (30) . وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ (اسْتِئْذَان) . وَلاَ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهَا إِلاَّ بِإِذْنِ زَوْجِهَا، أَوْ بِغَلَبَةِ ظَنِّهَا بِأَنَّهُ يَرْضَى بِذَلِكَ لِحَاجَةٍ مَشْرُوعَةٍ (31) لِقَوْلِهِ ﷺ: لاَ يَحِل لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلاَ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ. (32)
دُعَاءُ دُخُول الْمَرْءِ بَيْتَهُ، وَدُعَاءُ الْخُرُوجِ مِنْهُ:
12 - مِنَ الآْدَابِ الَّتِي سَنَّهَا رَسُول اللَّهِ ﷺ الدُّعَاءُ عِنْدَ دُخُول الْبَيْتِ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ. مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ - ﵂ - أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ قَال: بِاسْمِ اللَّهِ، وَتَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِل، أَوْ أُضَل، أَوْ أَزِل أَوْ أُزَل، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَل أَوْ يُجْهَل عَلَيَّ. (33)
وَجَاءَ فِي دُعَاءِ دُخُول الْبَيْتِ مَا رَوَاهُ أَبُو مَالِكٍ الأَْشْعَرِيُّ - ﵁ - قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِذَا وَلَجَ الرَّجُل بَيْتَهُ فَلْيَقُل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَوْلَجِ، وَخَيْرَ الْمَخْرَجِ، بِاسْمِ اللَّهِ وَلَجْنَا، وَبِاسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا، وَعَلَى اللَّهِ رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا، ثُمَّ لْيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ. (34)
صَلاَةُ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ الْفَرِيضَةَ فِي الْبَيْتِ:
13 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى صِحَّةِ أَدَاءِ صَلاَةِ الْفَرِيضَةِ فِي الْبَيْتِ لِلرَّجُل وَالْمَرْأَةِ. وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الرَّجُل يَأْثَمُ إِنْ صَلَّى الْفَرِيضَةَ مُنْفَرِدًا فِي الْبَيْتِ، مَعَ صِحَّةِ صَلاَتِهِ، بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمْ بِوُجُوبِ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الرِّجَال الأَْحْرَارِ الْقَادِرِينَ عَلَيْهَا، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، مَعَ اتِّفَاقِ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلاَةِ، إِلاَّ عَلَى قَوْل ابْنِ عَقِيلٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ.
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ صَلاَةَ الرَّجُل فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً أَفْضَل مِنْ صَلاَتِهِ مُنْفَرِدًا فِي الْبَيْتِ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - ﵁ - قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَل مِنْ صَلاَةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً (35) وَفِي رِوَايَةٍ: بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً.
أَمَّا فِي حَقِّ النِّسَاءِ فَإِنَّ صَلاَتَهُنَّ فِي الْبَيْتِ أَفْضَل؛ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا: خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ قَعْرُ بُيُوتِهِنَّ (36) وَلِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: صَلاَةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَل مِنْ صَلاَتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلاَتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَل مِنْ صَلاَتِهَا فِي بَيْتِهَا (37) وَعَنْ أُمِّ حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّةِ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ الصَّلاَةَ مَعَكَ، فَقَال ﷺ: قَدْ عَلِمْتُ. وَصَلاَتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاَتِكِ فِي حُجْرَتِكِ، وَصَلاَةٌ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاَتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلاَتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاَتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ، وَصَلاَتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاَتِكِ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ. (38)
قَال النَّوَوِيُّ: يُسْتَحَبُّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْذَنَ لِزَوْجَتِهِ فِي شُهُودِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - ﵁ - قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلاَتٌ. (39) أَيْ تَارِكَاتٌ لِلطِّيبِ. وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا إِذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْل إِلَى الْمَسْجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ. (40)
غَيْرَ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ حُضُورُ جَمَاعَةِ الْمَسْجِدِ إِذَا تَرَتَّبَ عَلَى خُرُوجِهَا مِنَ الْبَيْتِ وَحُضُورِهَا الْجَمَاعَةَ فِتْنَةٌ، وَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ، وَلاَ يَأْثَمُ. وَحُمِل النَّهْيُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى نَهْيِ التَّنْزِيهِ؛ لأَِنَّ حَقَّ الزَّوْجِ فِي مُلاَزَمَةِ الْبَيْتِ وَاجِبٌ، فَلاَ تَتْرُكُهُ لِلْفَضِيلَةِ (41) .
صَلاَةُ النَّافِلَةِ فِي الْبَيْتِ (42) :
14 - مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تُصَلَّى النَّوَافِل فِي الْبَيْتِ. فَقَدْ رَوَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَل صَلاَةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ، إِلاَّ الْمَكْتُوبَةَ. (43) وَوَجْهُ أَفْضَلِيَّتِهَا: أَنَّ الصَّلاَةَ فِي الْبَيْتِ أَقْرَبُ إِلَى الإِْخْلاَصِ، وَأَبْعَدُ مِنَ الرِّيَاءِ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الإِْسْرَارِ بِالْعَمَل الصَّالِحِ، وَهُوَ أَفْضَل مِنَ الإِْعْلاَنِ بِهِ.
وَقَدْ جَاءَ تَعْلِيل أَدَاءِ النَّافِلَةِ فِي الْبَيْتِ فِي قَوْلِهِ ﷺ: اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلاَتِكُمْ، وَلاَ تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا (44) فَالْبَيْتُ الَّذِي لاَ يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ، وَلاَ تُقَامُ فِيهِ الصَّلاَةُ، يَكُونُ كَالْقَبْرِ الْخَرِبِ. بَل مِنَ الْخَيْرِ أَنْ يَجْعَل الْمَرْءُ نَصِيبًا مِنْ صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ، حَتَّى يُعَمِّرَهُ بِالذِّكْرِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَجَاءَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِذَا قَضَى أَحَدُكُمُ الصَّلاَةَ فِي مَسْجِدِهِ، فَلْيَجْعَل لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلاَتِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلاَتِهِ خَيْرًا (45) .
الاِعْتِكَافُ فِي الْبَيْتِ:
15 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلرَّجُل أَنْ يَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهِ، وَهُوَ الْمَكَانُ الْمَعْزُول الْمُهَيَّأُ الْمُتَّخَذُ لِلصَّلاَةِ فِي الْبَيْتِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ اعْتِكَافِ الْمَرْأَةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا كَذَلِكَ. مُسْتَدِلِّينَ بِالأَْثَرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: سُئِل عَنِ امْرَأَةٍ جَعَلَتْ عَلَيْهَا - أَيْ نَذَرَتْ - أَنْ تَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا، فَقَال: بِدْعَةٌ، وَأَبْغَضُ الأَْعْمَال إِلَى اللَّهِ الْبِدَعُ، فَلاَ اعْتِكَافَ إِلاَّ فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الصَّلاَةُ وَلأَِنَّ مَسْجِدَ الْبَيْتِ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ حَقِيقَةً وَلاَ حُكْمًا. وَلَوْ جَازَ لَفَعَلَتْهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَوْ مَرَّةً، تَبْيِينًا لِلْجَوَازِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى جَوَازِ اعْتِكَافِ الْمَرْأَةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا؛ لأَِنَّ مَوْضِعَ الاِعْتِكَافِ فِي حَقِّهَا هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَكُونُ صَلاَتُهَا فِيهِ أَفْضَل، كَمَا فِي حَقِّ الرَّجُل، وَصَلاَتُهَا فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا أَفْضَل، فَكَانَ مَوْضِعُ الاِعْتِكَافِ مَسْجِدَ بَيْتِهَا. كَمَا ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مُعْتَكَفِهَا فِي الْبَيْتِ إِلَى نَفْسِ الْبَيْتِ. كَمَا فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ (46) .
حُكْمُ الْحَلِفِ عَلَى سُكْنَى الْبَيْتِ:
16 - لَوْ حَلَفَ لاَ يَسْكُنُ بَيْتًا، وَلاَ نِيَّةَ لَهُ، فَسَكَنَ بَيْتًا مِنْ شَعْرٍ أَوْ فُسْطَاطًا أَوْ خَيْمَةً، لَمْ يَحْنَثْ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْل الأَْمْصَارِ، وَحَنِثَ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْل الْبَادِيَةِ؛ لأَِنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِمَوْضِعٍ يُبَاتُ فِيهِ، وَالْيَمِينُ تَتَقَيَّدُ بِمَا عُرِفَ مِنْ مَقْصُودِ الْحَالِفِ، وَأَهْل الْبَادِيَةِ يَسْكُنُونَ الْبُيُوتَ الْمُتَّخَذَةَ مِنَ الشَّعْرِ، فَإِذَا كَانَ الْحَالِفُ بَدَوِيًّا يَحْنَثُ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا كَانَ مِنْ أَهْل الأَْمْصَارِ (47) .
__________
(1) حديث: " بشروا خديجة. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 615 ط السلفية) واللفظ له. ومسلم (4 / 1884 ط عيسى البابي) .
(2) سورة النور / 36.
(3) لسان العرب، والمصباح المنير، والمغرب في ترتيب المعرب، والكليات لأبي البقاء 1 / 413، 414 بتصرف.
(4) المبسوط للسرخسي 8 / 160، 161 ط السعادة.
(5) روضة الطالبين 11 / 30 ط المكتب الإسلامي.
(6) الكليات لأبي البقاء 1 / 413، 414، ولسان العرب، والمبسوط للسرخسي 8 / 160، 161.
(7) الكليات لأبي البقاء 1 / 413، ولسان العرب، والمصباح المنير مادة: " نزل ".
(8) المغرب في ترتيب المعرب، والمبسوط للسرخسي 8 / 164، 168.
(9) حديث: " من بات على ظهر بيت ليس له حجار. . . " أخرجه أبو داود (5 / 295 ط عبيد الدعاس) . وأحمد (4 / 79 ط المكتب الإسلامي) وفي مجمع الزوائد (8 / 99 ط مكتبة القدسي) وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
(10) فيض القدير6 / 91.
(11) حاشية ابن عابدين 4 / 20، 47، 63، 104 ط بيروت لبنان، نهاية المحتاج3 / 389، 392، ومغني المحتاج 2 / 11، 15 ط مصطفى الحلبي بمصر. وكشاف القناع 3 / 170 وما بعدها، ونيل الأوطار 5 / 244 ط دار الجيل بيروت لبنان.
(12) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 170، 171 ط مصطفى الحلبي بمصر.
(13) رد المحتار على الدر المختار 4 / 63، ومغني المحتاج 2 / 18، والمغني لابن قدامة 3 / 580.
(14) مغني المحتاج 2 / 18، وكشاف القناع 3 / 163 ـ 165، والمغني لابن قدامة 3 / 580.
(15) حديث: " قضى النبي ﷺ بالشفعة في كل. . . . " أخرجه البخاري في صحيحه (الفتح 4 / 436) ط السلفية.
(16) حديث: " قضاؤه ﷺ في كل مشترك لم يقسم. . . " أخرجه مسلم في صحيحه (3 / 1229) ط عيسى البابي الحلبي.
(17) حاشية الدسوقي 3 / 473 وما بعدها، ومغني المحتاج 2 / 296، 297، وكشاف القناع 4 / 138، 140، والمغني لابن قدامة5 / 80 - 85، ونيل الأوطار شرح منتقى الأخبار 5 / 80 - 85.
(18) رد المحتار على الدر المختار 5 / 138، 139.
(19) روضة الطالبين 5 / 194، والشرح الصغير 4 / 10، وكشاف القناع 3 / 559، والاختيار 2 / 60، وحاشية ابن عابدين 5 / 251.
(20) حديث: " مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت. . . " أخرجه البخاري في صحيحه (الفتح 10 / 441) ط السلفية. ومسلم (4 / 2025) ط عيسى البابي الحلبي.
(21) قوله ﷺ: " والله لا يؤمن. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 443 ـ ط السلفية) .
(22) المغني 5 / 36، وروضة الطالبين 4 / 211.
(23) حديث: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. . . " أخرجه أحمد (5 / 72) ط المكتب الإسلامي، والبيهقي (6 / 100) نشر دار المعرفة. وعزاه الزيلعي إلى الدارقطني، وقال: إسناده جيد (انظر نصب الراية) (4 / 169 ط دار المأمون) .
(24) سورة النور / 27، وتفسير القرطبي 12 / 212، 213.
(25) حاشية ابن عابدين 5 / 126، وأسهل المدارك 3 / 354، 355 ط عيسى الحلبي بمصر.
(26) حاشية ابن عابدين 3 / 180ـ 181.
(27) مصنف عبد الرزاق 7 / 401.
(28) حديث: " لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 243) ط السلفية. ومسلم (3 / 1699) ط عيسى البابي، واللفظ للبخاري.
(29) سورة النور / 29.
(30) والمراد بالمتاع جميع الانتفاع، لأن الداخل فيها إنما هو لما له من الانتفاع، ويكون المراد بالبيوت غير المسكونة المدارس لطلب العلم، والفنادق والدكان، والخلاء، وكل يؤتى على وجهه من بابه (تفسير القرطبي 12 / 221) .
(31) مطالب أولي النهى 5 / 258، وشرح فتح القدير 4 / 407.
(32) حديث: " لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا. . . . " أخرجه البخاري في صحيحه (الفتح 5 / 295) ط السلفية.
(33) حديث: " كان إذا خرج من بيته قال بسم الله وتوكلت على الله. . " أخرجه أبو داود (5 / 327) ط عبيد الدعاس. والترمذي (5 / 490) ط مصطفى البابي. وقال: حسن صحيح.
(34) حديث: " إذا ولج الرجل بيته. . . " أخرجه أبو داود (5 / 328) ط عبيد الدعاس. وفي سنده انقطاع بين شرح ابن عبيد الحضرمي وبين أبي مالك راوي الحديث، فالحديث ضعيف انظر (تهذيب التهذيب 4 / 328ـ 329) ط دار صادر.
(35) حديث: " صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده. . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 131) ط السلفية. ومسلم (1 / 449) ط عيسى البابي الحلبي واللفظ له.
(36) حديث أم سلمة: " خير مساجد النساء. . " أخرجه أحمد (6 / 297ـ ط الميمنية) . نقل المناوي في الفيض عن الذهبي أنه قال: إسناده صويلح. فيض القدير (3 / 491 ـ ط المكتبة التجارية) .
(37) حديث: " صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها. . " أخرجه أبو داود (1 / 383) ط عبيد الدعاس. قال النووي في المجموع (4 / 198 ط إدارة الطباعة المنيرية) رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم.
(38) حديث: " أم حميد. . . " أخرجه أحمد (6 / 371 ـ ط الميمنية) . وحسنه ابن حجر كما في نيل الأوطار (3 / 161 ـ ط دار الجيل) .
(39) حديث: " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن. . . . " أخرجه أبو داود (1 / 381) ط عبيد الدعاس. وقال النووي في المجموع (4 / 199) ط إدارة الطباعة المنيرية: إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم. والشطر الأول منه أخرجه مسلم (1 / 327) ط عيسى الحلبي.
(40) حديث: " إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد. . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 347) ط السلفية. ومسلم (1 / 327) ط عيسى البابي الحلبي.
(41) روضة الطالبين 1 / 341، والشرح الصغير 1 / 424، والاختيار 1 / 57، وكشاف القناع 1 / 455، والمجموع 4 / 189، 199.
(42) المجموع 3 / 491.
(43) حديث: " صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة. . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 214) ط السلفية. وانظر المغني لابن قدامة 2 / 141.
(44) حديث: " اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورا " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 62) ط السلفية. ومسلم (1 / 538) ط عيسى البابي الحلبي.
(45) حديث: " إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته. . . " أخرجه مسلم (1 / 539) ط عيسى البابي الحلبي.
(46) فتح القدير 2 / 309، والشرح الصغير 1 / 725، والمجموع 6 / 480، وكشاف القناع 2 / 352.
(47) المبسوط للسرخسي 8 / 167 (ر: المساكنة) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 225/ 8