المجيد
كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...
السُّقوطُ مِن عُلُوٍّ إلى سُفْلٍ، يُقالُ: تَرَدَّى فُلانٌ، أيْ: سَقَطَ في بِئْرٍ، والمُتَرَدِيَّةُ: السَّاقِطَةُ مِنْ عُلُوٍّ، ومنه: الحَيوانُ الذي يَقَعُ مِن جَبَلٍ، أو يَسْقُطُ في بِئْرٍ فَيَموتُ، وأَصْلُه مِن الرَّدْيِ، وهو: الرَّمْيُ، يُقالُ: رَدَيْتُهُ بِالحِجَارَةِ، أَرْدِيهِ، رَدْياً، أي: رَمَيْتُهُ. ويأْتي التَّرَدِّي بِمعنى: الهَلاك والتَّهَوُّر.
يَرِد مُصْطلَح (ترَدِّي) في كِتابِ الصَّيْدِ والذَّبائِحِ، باب: ما يُباحُ من الذَّبائِحِ، وفي كِتابِ الهَدْي والأضاحِي، باب: صِفَة الأُضْحِيَةِ، وفي كِتابِ الجِناياتِ، باب: التَّسَبُّب في الجِنايَةِ.
ردي
السُّقُوطُ مِنْ مَكانٍ عالٍ.
السُّقوطُ مِن عُلُوٍّ إلى سُفْلٍ، يُقالُ: تَرَدَّى فُلانٌ، أيْ: سَقَطَ في بِئْرٍ، والمُتَرَدِيَّةُ: السَّاقِطَةُ مِنْ عُلُوٍّ، وأَصْلُه مِن الرَّدْيِ، وهو: الرَّمْيُ.
* معجم مقاييس اللغة : (2/506)
* لسان العرب : (14/316)
* المعجم الوسيط : (1/340)
* الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي : (ص 403)
* طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية : (ص 100)
* مطالب أولي النهى : (6/332)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 128) -
التَّعْرِيفُ:
1 - لِلتَّرَدِّي فِي اللُّغَةِ مَعَانٍ، مِنْهَا: السُّقُوطُ مِنْ عُلُوٍّ إِلَى سُفْلٍ يُقَال: تَرَدَّى فِي مُهْوَاةٍ: إِذَا سَقَطَ فِيهَا، وَرَدَيْتُهُ تَرْدِيَةً: أَسْقَطْتُهُ (1) وَهُوَ فِي الاِصْطِلاَحِ لاَ يَخْرُجُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى فَقَدْ عَرَّفَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ: السُّقُوطُ مِنْ عَالٍ إِلَى سَافِلٍ (2) .
وَمِنْهُ الْمُتَرَدِّيَةُ: وَهِيَ الَّتِي وَقَعَتْ فِي بِئْرٍ أَوْ مِنْ جَبَلٍ (3) .
وَفِي النَّظْمِ الْمُسْتَعْذَبِ: هِيَ الَّتِي تَتَرَدَّى مِنَ الْجَبَل فَتَسْقُطُ (4) .
وَفِي مَطَالِبِ أُولِي النُّهَى: هِيَ الْوَاقِعَةُ مِنْ عُلُوٍّ كَجَبَلٍ وَحَائِطٍ، وَسَاقِطَةٌ فِي نَحْوِ بِئْرٍ (5) . الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - يَقُول اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِّل لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَل السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَْزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ. . .} (6) فَقَدْ حَرَّمَ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ الآْيَةِ أَنْوَاعًا مِنْهَا: الْمُتَرَدِّيَةُ إِلاَّ إِذَا ذُكِّيَتْ ذَكَاةً شَرْعِيَّةً، اخْتِيَارِيَّةً كَانَتْ بِالذَّبْحِ أَوِ النَّحْرِ فِي مَحَلِّهِ. أَوِ اضْطِرَارِيَّةً بِالْجُرْحِ بِالطَّعْنِ وَإِنْهَارِ الدَّمِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ تَيَسَّرَ مِنَ الْبَدَنِ. وَلاَ يَنْتَقِل إِلَى الثَّانِيَةِ إِلاَّ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الأُْولَى (7) .
وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الذَّكَاةَ: إِمَّا اخْتِيَارِيَّةٌ فِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، وَتَكُونُ بِالذَّبْحِ فِيمَا يُذْبَحُ، كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، أَوِ النَّحْرِ فِيمَا يُنْحَرُ كَالإِْبِل، وَلاَ تَحِل بِغَيْرِ الذَّكَاةِ فِي مَحَلِّهَا. وَإِمَّا اضْطِرَارِيَّةٌ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، كَالْحَيَوَانِ الْمُتَوَحِّشِ الشَّارِدِ وَالْمُتَرَدِّي فِي بِئْرٍ مَثَلاً، وَتَعَذَّرَتْ ذَكَاتُهُ فِي مَحَلِّهَا، وَهِيَ - أَيِ الاِضْطِرَارِيَّةُ - تَكُونُ بِالْعُقْرِ، وَهُوَ الْجُرْحُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنَ الْبَدَنِ (8) . وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ الشَّاةَ إِذَا نَدَّتْ فِي الْمِصْرِ، فَقَالُوا بِعَدَمِ جَوَازِ عَقْرِهَا، حَيْثُ يُمْكِنُ الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا وَإِمْسَاكُهَا (9) .
3 - فَمَا تَرَدَّى مِنَ النَّعَمِ فِي بِئْرٍ مَثَلاً، وَوَقَعَ الْعَجْزُ عَنْ تَذْكِيَتِهِ الذَّكَاةَ الاِخْتِيَارِيَّةَ، فَذَكَاتُهُ الْعَقْرُ وَالْجُرْحُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ جِسْمِهِ تَيَسَّرَ لِلْعَاقِرِ فِعْلُهُ، كَالنَّادِّ غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ. وَبِذَلِكَ يَحِل أَكْلُهُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ رَأْسُهُ فِي الْمَاءِ، فَلاَ يَحِل أَكْلُهُ؛ لأَِنَّ الْمَاءَ يُعِينُ عَلَى قَتْلِهِ، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ قَتْلُهُ بِالْمَاءِ - فِي قَوْل أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَفِي قَوْلٍ لاِبْنِ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ) - لِمَا رَوَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ ﵁ قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَنَدَّ بَعِيرٌ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ، فَقَال النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا، وَفِي لَفْظٍ فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا (10) . وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي الْعُشَرَاءِ الدَّارِمِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَال: يَا رَسُول اللَّهِ. أَمَا تَكُونُ الذَّكَاةُ إِلاَّ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ؟ فَقَال ﷺ: لَوْ طُعِنَتْ فِي فَخِذِهَا لأََجْزَأَكَ (11) قَال أَبُو دَاوُدَ: هَذَا لاَ يَصِحُّ إِلاَّ فِي الْمُتَرَدِّيَةِ وَالْمُتَوَحِّشِ. وَقَال الْمَجْدُ: هَذَا فِيمَا لاَ يُقْدَرُ عَلَيْهِ (12) .
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - سِوَى ابْنِ حَبِيبٍ - أَنَّ الْمُتَرَدِّيَةَ لاَ يُحِلُّهَا الْعَقْرُ، وَإِنَّمَا تُحِلُّهَا الذَّكَاةُ بِالذَّبْحِ إِنْ كَانَتْ مِمَّا يُذْبَحُ، أَوِ النَّحْرِ إِنْ كَانَتْ مِمَّا يُنْحَرُ (13) .
4 - وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ رَمَى صَيْدًا فَوَقَعَ فِي مَاءٍ فَيَحْرُمُ؛ لاِحْتِمَال قَتْلِهِ بِالْمَاءِ، أَوْ وَقَعَ عَلَى سَطْحٍ أَوْ جَبَلٍ فَتَرَدَّى مِنْهُ إِلَى الأَْرْضِ حَرُمَ؛ لأَِنَّ الاِحْتِرَازَ عَنْ مِثْل هَذَا مُمْكِنٌ (14) .
5 - وَفِي الْمُغْنِي وَمَطَالِبِ أُولِي النُّهَى لِلْحَنَابِلَةِ: لَوْ رَمَى حَيَوَانًا فَوَقَعَ فِي مَاءٍ يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ، أَوْ تَرَدَّى تَرَدِّيًا يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ لَمْ يُؤْكَل؛ لأَِنَّهُ يُحْتَمَل أَنَّ الْمَاءَ أَعَانَ عَلَى خُرُوجِ رُوحِهِ. أَمَّا لَوْ وَقَعَ الْحَيَوَانُ فِي الْمَاءِ عَلَى وَجْهٍ لاَ يَقْتُلُهُ، مِثْل أَنْ يَكُونَ رَأْسُهُ خَارِجًا مِنَ الْمَاءِ، أَوْ يَكُونَ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ الَّذِي لاَ يَقْتُلُهُ الْمَاءُ، أَوْ كَانَ التَّرَدِّي لاَ يَقْتُل مِثْل ذَلِكَ الْحَيَوَانِ فَلاَ خِلاَفَ فِي إِبَاحَتِهِ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال:. . . فَإِنْ وَجَدْتَهُ غَرِيقًا فِي الْمَاءِ فَلاَ تَأْكُلْهُ (15)
وَلأَِنَّ الْوُقُوعَ فِي الْمَاءِ وَالتَّرَدِّي إِنَّمَا حَرُمَ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ قَاتِلاً أَوْ مُعِينًا عَلَى الْقَتْل. فَإِنْ رَمَى طَائِرًا فِي الْهَوَاءِ أَوْ عَلَى شَجَرَةٍ أَوْ جَبَلٍ فَوَقَعَ إِلَى الأَْرْضِ فَمَاتَ حَل (16) ؛ لأَِنَّ الاِحْتِرَازَ مِنْهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ.
6 - وَلَوْ تَرَدَّى بَعِيرَانِ - مَثَلاً - أَحَدُهُمَا فَوْقَ الآْخَرِ فِي نَحْوِ بِئْرٍ. فَإِنْ مَاتَ الأَْسْفَل بِثِقَل الأَْعْلَى مَثَلاً لَمْ يَحُل، بِخِلاَفِ مَا لَوْ طَعَنَ الأَْعْلَى بِنَحْوِ سَهْمٍ أَوْ رُمْحٍ، فَوَصَل إِلَى الأَْسْفَل وَأَثَّرَ فِيهِ يَقِينًا، فَهُمَا حَلاَلٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِالأَْسْفَل (17) .
__________
(1) المصباح المنير مادة: " ردي ".
(2) جواهر الإكليل 1 / 211.
(3) ابن عابدين 5 / 303.
(4) النظم المستعذب بأسفل المهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 258.
(5) مطالب أولي النهى 6 / 332 - 333.
(6) سورة المائدة / 3.
(7) ابن عابدين 5 / 186 - 187، 192، والفتاوى الهندية 5 / 285.
(8) الفتاوى الهندية 5 / 285، والاختيار شرح المختار 3 / 142، 145 ط مصطفى الحلبي 1355 هـ، والخرشي على مختصر خليل 3 / 2، والإقناع للشربيني الخطيب 5 / 33 - 34 ط محمد على صبيح، ومنار السبيل في شرح الدليل 2 / 424 - 425 م المكتب الإسلامي.
(9) الفتاوى الهندية 5 / 285.
(10) حديث: " إن لهذه البهائم. . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 188 و 9 / 638 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1558 ط عيسى الحلبي) .
(11) حديث: " لو طعنت في. . . " أخرجه أبو داود (3 / 251 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وأعله ابن حجر في التلخيص (4 / 134 - ط شركة الطباعة الفنية) بجهالة أحد رواته.
(12) ابن عابدين 5 / 303 - 304، وفتح القدير 8 / 416 ط دار إحياء التراث العربي، ونهاية المحتاج للرملي 8 / 108، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 262، ومنار السبيل في شرح الدليل 2 / 424 المكتب الإسلامي، والمغني لابن قدامة 8 / 566 - 567 م الرياض الحديثة، فتح الباري بشرح صحيح البخاري 9 / 629.
(13) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 2 / 103.
(14) ابن عابدين 5 / 304.
(15) حديث: " فإن وجدته غريقا في الماء فلا تأكله " أخرجه مسلم (3 / 1531 - ط عيسى الحلبي) .
(16) المغني، لابن قدامة 8 / 555 - 556 م الرياض الحديثة، ومطالب أولي النهى 6 / 345 - 346
(17) منهاج الطالبين 4 / 242.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 187/ 11