البحث

عبارات مقترحة:

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

العليم

كلمة (عليم) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

الكريم

كلمة (الكريم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل)، وتعني: كثير...

دَفْنٌ


من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف اللغوي

الدَّفْنُ: التَّغْطِيَةُ والسَّتْرُ، يُقال: دَفَنَ المَيِّتَ، يَدْفَنُهُ، دَفْنًا، أيْ: غَطَّاهُ وسَتَرَهُ بِالتُّرابِ، ومنه سُمِّيَت الكُنوزُ: دَفائِنَ؛ لأنّها تكون مَخْفِيَّةً، والدَّاءُ الدَّفِينُ: المَرَضُ المُسْتَتِرُ، ويأتي الدَّفْنُ بِمعنى الإِخْفاءِ والكِتْمانِ، يُقال: دَفَنَ سِرَّهُ، أيْ: كَتَمَهُ وأَخْفاهُ.

إطلاقات المصطلح

يَرِد مُصْطلَح (دَفْن) في الفِقْهِ في كتاب القِصاصِ، عند الكَلامِ على حُكمِ مَن تَسَبَّبَ في دَفْنِ شَخْصٍ وهو حَيٌّ. ويُطلَق في كتاب الطَّهارَةِ، باب: سُنَن الفِطْرَةِ، عند الكَلامِ على دَفْنِ الشَّعْرِ والأَظْفارِ وتَغطِيتِها بالتُّراب، وفي كتاب الزَّكاةِ، باب: زَكاة الرِّكازِ عند الكلام على الكَنزِ المَدفونِ.

جذر الكلمة

دفن

المعنى الاصطلاحي

وَضْعُ المَيِّتِ في قَبْرِهِ ورَدِّ التُّرابِ عَلَيْهِ.

الشرح المختصر

الدَّفْنُ مِن حُقوقِ المَيِّتِ على الأَحْياءِ التي أَكْرَمَ اللهُ تعالى بِها الإِنْسانَ، وهو: تَغْيِيبُ جُثَّةِ المَيِّتِ في حُفْرَةٍ تَحْتَ التُّرابِ، بِحَيْثُ تَمْنَعُ مِن نَبْشِها ووُصولِ السِّباعِ إِلَيْها، ولا تَخْرُجُ رائِحَةُ المَيِّتِ منها؛ حِفْظاً لِكَرامَتِهِ ولِئَلَّا تُؤْذِيَ الأَحْياءِ. وَصِفَةُ الدَّفْنِ: أن يُوضَعَ على شِقِّهِ الأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلاً القِبْلَةَ، ويقولُ واضِعُهُ: بِسْمِ اللهِ وعلى مِلَّةِ رَسولِ اللهِ، ثُمّ تُحَلُّ عُقَدُ الكَفَنِ ويُسَوَّى الطُّوبُ على اللَّحْدِ، وتُسَدُّ الفُرَجُ بِالمَدَرِ والقَصَبِ أو غَيْرِ ذلك كي لا يَنْزِلَ التُّرابُ مِنْها على المَيِّتِ.

التعريف اللغوي المختصر

الدَّفْنُ: التَّغْطِيَةُ والسَّتْرُ، يُقال: دَفَنَ المَيِّتَ، يَدْفَنُهُ، دَفْناً، أيْ: غَطَّاهُ وسَتَرَهُ بِالتُّرابِ.

المراجع

* مقاييس اللغة : (2/286)
* المحكم والمحيط الأعظم : (9/349)
* جمهرة اللغة : (2/673)
* لسان العرب : (13/155)
* حاشية الدسوقي على الشرح الكبير : (1/407)
* نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج : (3/3)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (2/133)
* القاموس الفقهي : (ص 132)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 210) -

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - الدَّفْنُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الْمُوَارَاةِ وَالسَّتْرِ. يُقَال: دَفَنَ الْمَيِّتَ وَارَاهُ، وَدَفَنَ سِرَّهُ: أَيْ كَتَمَهُ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: مُوَارَاةُ الْمَيِّتِ فِي التُّرَابِ (2)
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - دَفْنُ الْمُسْلِمِ فَرْضُ كِفَايَةٍ إِجْمَاعًا إِنْ أَمْكَنَ. وَالدَّلِيل عَلَى وُجُوبِهِ: تَوَارُثُ النَّاسِ مِنْ لَدُنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا مَعَ النَّكِيرِ عَلَى تَارِكِهِ.
وَأَوَّل مَنْ قَامَ بِالدَّفْنِ هُوَ قَابِيل الَّذِي أَرْشَدَهُ اللَّهُ إِلَى دَفْنِ أَخِيهِ هَابِيل (3) ، لِمَا جَاءَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَْرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَال يَا وَيْلَتَى أَعْجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْل هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (4) } .
وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ: كَمَا لَوْ مَاتَ فِي سَفِينَةٍ، غُسِّل وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي الْبَحْرِ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا مِنَ الْبَرِّ. وَتَقْدِيرُ الْقُرْبِ: بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَرِّ مُدَّةٌ لاَ يَتَغَيَّرُ فِيهَا الْمَيِّتُ.
وَصَرَّحَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يُثَقَّل بِشَيْءٍ لِيَرْسُبَ، وَقَال الشَّافِعِيُّ: يُثَقَّل إِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، وَإِلاَّ يُرْبَطُ بَيْنَ لَوْحَيْنِ لِيَحْمِلَهُ الْبَحْرُ إِلَى السَّاحِل، فَرُبَّمَا وَقَعَ إِلَى قَوْمٍ يَدْفِنُونَهُ (5) .

أَفْضَل مَكَانٍ لِلدَّفْنِ:
3 - الْمَقْبَرَةُ أَفْضَل مَكَانٍ لِلدَّفْنِ، وَذَلِكَ لِلاِتِّبَاعِ، وَلِنَيْل دُعَاءِ الطَّارِقِينَ، وَفِي أَفْضَل مَقْبَرَةٍ بِالْبَلَدِ أَوْلَى. وَإِنَّمَا دُفِنَ النَّبِيُّ ﷺ فِي بَيْتِهِ؛ لأَِنَّ مِنْ خَوَاصِّ الأَْنْبِيَاءِ أَنَّهُمْ يُدْفَنُونَ حَيْثُ يَمُوتُونَ.
وَيُكْرَهُ الدَّفْنُ فِي الدَّارِ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ صَغِيرًا. وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَكَذَلِكَ الدَّفْنُ فِي مَدْفَنٍ خَاصٍّ كَمَا يَفْعَلُهُ مَنْ يَبْنِي مَدْرَسَةً وَنَحْوَهَا وَيَبْنِي لَهُ بِقُرْبِهِ مَدْفَنًا (6) .

وَأَمَّا الدَّفْنُ فِي الْمَسَاجِدِ، فَقَدْ صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ دَفْنُ الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ لِلصَّلاَةِ فِيهِ.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يَحْرُمُ دَفْنُهُ فِي مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ؛ لِتَعْيِينِ الْوَاقِفِ الْجِهَةَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَيُنْبَشُ عِنْدَهُمْ مَنْ دُفِنَ بِمَسْجِدٍ تَدَارُكًا لِلْعَمَل بِشَرْطِ الْوَاقِفِ. كَمَا يَحْرُمُ دَفْنُهُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِلاَ إِذْنِ رَبِّهِ لِلْعُدْوَانِ، وَلِلْمَالِكِ إِلْزَامُ دَافِنِهِ بِإِخْرَاجِهِ وَنَقْلِهِ؛ لِيَفْرُغَ لَهُ مِلْكُهُ عَمَّا شَغَلَهُ بِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَالأَْوْلَى لَهُ تَرْكُهُ حَتَّى يَبْلَى؛ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ (7) .

نَقْل الْمَيِّتِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ:
4 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ نَقْل الْمَيِّتِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ بَعْدَ الدَّفْنِ مُطْلَقًا. وَأَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِجَوَازِهِ إِلاَّ أَنَّ ابْنَ عَابِدِينَ رَدَّهُ فَقَال نَقْلاً عَنِ الْفَتْحِ: اتِّفَاقُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ فِي امْرَأَةٍ دُفِنَ ابْنُهَا وَهِيَ غَائِبَةٌ فِي غَيْرِ بَلَدِهَا فَلَمْ تَصْبِرْ، وَأَرَادَتْ نَقْلَهُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَسَعُهَا ذَلِكَ، فَتَجْوِيزُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لاَ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ.
وَأَمَّا نَقْل يَعْقُوبَ وَيُوسُفَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ مِنْ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ؛ لِيَكُونَا مَعَ آبَائِهِمَا الْكِرَامِ فَهُوَ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا، وَلَمْ يَتَوَفَّرْ فِيهِ شُرُوطُ كَوْنِهِ شَرْعًا لَنَا.
وَأَمَّا قَبْل دَفْنِهِ فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِنَقْلِهِ مُطْلَقًا، وَقِيل إِلَى مَا دُونَ مُدَّةِ السَّفَرِ، وَقَيَّدَهُ مُحَمَّدٌ بِقَدْرِ مِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ نَقْل الْمَيِّتِ قَبْل الدَّفْنِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى آخَرَ إِلاَّ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ. وَبِهِ قَال الأَْوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ. قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بِالْحَبَشَةِ، فَحُمِل إِلَى مَكَّةَ فَدُفِنَ، فَلَمَّا قَدِمَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَتَتْ قَبْرَهُ، ثُمَّ قَالَتْ: " وَاللَّهِ لَوْ حَضَرْتُكَ مَا دُفِنْتَ إِلاَّ حَيْثُ مِتَّ، وَلَوْ شَهِدْتُكَ مَا زُرْتُكَ (8) ".
وَلأَِنَّ ذَلِكَ أَخَفُّ لِمُؤْنَتِهِ، وَأَسْلَمُ لَهُ مِنَ التَّغْيِيرِ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ جَازَ.
قَال الشَّافِعِيُّ ﵀: لاَ أُحِبُّهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِ مَكَّةَ، أَوِ الْمَدِينَةِ، أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. فَيُخْتَارُ أَنْ يُنْقَل إِلَيْهَا لِفَضْل الدَّفْنِ فِيهَا، وَقَال بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: يُكْرَهُ نَقْلُهُ، وَقَال صَاحِبُ " التَّتِمَّةِ " وَآخَرُونَ: يَحْرُمُ نَقْلُهُ (9) .
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيَجُوزُ عِنْدَهُمْ نَقْل الْمَيِّتِ قَبْل الدَّفْنِ وَكَذَا بَعْدَهُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ بِشُرُوطٍ هِيَ:
- أَنْ لاَ يَنْفَجِرَ حَال نَقْلِهِ
- أَنْ لاَ تُنْتَهَكَ حُرْمَتُهُ
- وَأَنْ يَكُونَ لِمَصْلَحَةٍ: كَأَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَهُ الْبَحْرُ، أَوْ تُرْجَى بَرَكَةُ الْمَوْضِعِ الْمَنْقُول إِلَيْهِ، أَوْ لِيُدْفَنَ بَيْنَ أَهْلِهِ، أَوْ لأَِجْل قُرْبِ زِيَارَةِ أَهْلِهِ، أَوْ دَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ، فَيُتَدَارَكُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْهَا، وَدَفْنِهِ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ. فَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ الثَّلاَثَةِ كَانَ النَّقْل حَرَامًا (10) .

وَاتَّفَقَ الأَْئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الشَّهِيدَ يُسْتَحَبُّ دَفْنُهُ حَيْثُ قُتِل. لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُرَدُّوا إِلَى مَصَارِعِهِمْ (11) . وَأَنَّهُ يُنْزَعُ عَنْهُ الْحَدِيدُ وَالسِّلاَحُ، وَيُتْرَكُ عَلَيْهِ خُفَّاهُ، وَقَلَنْسُوَتُهُ لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَمَرَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمُ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ، وَأَنْ يُدْفَنُوا فِي ثِيَابِهِمْ بِدِمَائِهِمْ (12) . وَدَفْنُ الشَّهِيدِ بِثِيَابِهِ حَتْمٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ عَمَلاً بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَأَوْلَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَنْزِعَ عَنْهُ ثِيَابَهُ، وَيُكَفِّنَهُ بِغَيْرِهَا (13) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (شَهِيد) (وَتَكْفِين) .

وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ الْكَافِرَ إِنْ مَاتَ فِي الْحِجَازِ، وَشَقَّ نَقْلُهُ مِنْهُ لِتَقَطُّعِهِ، أَوْ بُعْدِ الْمَسَافَةِ مِنْ غَيْرِ الْحِجَازِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ دُفِنَ ثَمَّ، أَمَّا الْحَرْبِيُّ فَلاَ يَجِبُ دَفْنُهُ، وَفِي وَجْهٍ لاَ يَجُوزُ، فَإِنْ دُفِنَ فَيُتْرَكُ.
وَأَمَّا فِي حَرَمِ مَكَّةَ فَيُنْقَل مِنْهُ وَلَوْ دُفِنَ؛ لأَِنَّ الْمَحَل غَيْرُ قَابِلٍ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنٍ مِنَ الإِْمَامِ؛ لأَِنَّ إِذْنَ الإِْمَامِ لاَ يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ. وَلأَِنَّ بَقَاءَ جِيفَتِهِ فِيهِ أَشَدُّ مِنْ دُخُولِهِ حَيًّا إِلاَّ إِذَا تَهَرَّى وَتَقَطَّعَ بَعْدَ دَفْنِهِ تُرِكَ. وَلَيْسَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ كَحَرَمِ مَكَّةَ فِيمَا ذُكِرَ؛ لاِخْتِصَاصِ حَرَمِ مَكَّةَ بِالنُّسُكِ (14) .

دَفْنُ الأَْقَارِبِ فِي مَقْبَرَةٍ وَاحِدَةٍ:
5 - صَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُ الأَْقَارِبِ فِي الدَّفْنِ فِي مَقْبَرَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ لَمَّا دَفَنَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ: أَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي (15) . وَلأَِنَّ ذَلِكَ أَسْهَل لِزِيَارَتِهِمْ وَأَكْثَرُ لِلتَّرَحُّمِ عَلَيْهِمْ، وَيُسَنُّ تَقْدِيمُ الأَْبِ، ثُمَّ مَنْ يَلِيهِ فِي السِّنِّ وَالْفَضِيلَةِ إِنْ أَمْكَنَ (16) .

الأَْحَقُّ بِالدَّفْنِ:
6 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الأَْوْلَى بِدَفْنِ الْمَرْأَةِ مَحَارِمُهَا الرِّجَال الأَْقْرَبُ فَالأَْقْرَبُ وَهُمُ الَّذِينَ كَانَ يَحِل لَهُمُ النَّظَرُ إِلَيْهَا فِي حَيَاتِهَا وَلَهَا السَّفَرُ مَعَهُمْ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ﵁ أَنَّهُ قَامَ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُول اللَّهِ ﷺ حِينَ تُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ ﵂، فَقَال: أَلاَ إِنِّي أَرْسَلْتُ إِلَى النِّسْوَةِ مَنْ يُدْخِلُهَا قَبْرَهَا، فَأَرْسَلْنَ: مَنْ كَانَ يَحِل لَهُ الدُّخُول عَلَيْهَا فِي حَيَاتِهَا، فَرَأَيْتُ أَنْ قَدْ صَدَقْنَ.
وَلأَِنَّ امْرَأَةَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لَمَّا تُوُفِّيَتْ قَال لأَِهْلِهَا: أَنْتُمْ أَحَقُّ بِهَا. وَلأَِنَّهُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِوِلاَيَتِهَا حَال الْحَيَاةِ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ، ثُمَّ زَوْجُهَا؛ لأَِنَّهُ أَشْبَهُ بِمَحْرَمِهَا مِنَ النَّسَبِ مِنَ الأَْجَانِبِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ ذُو رَحِمٍ فَلاَ بَأْسَ لِلأَْجَانِبِ وَضْعُهَا فِي قَبْرِهَا، وَلاَ يُحْتَاجُ إِلَى إِحْضَارِ النِّسَاءِ لِلدَّفْنِ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ حِينَ مَاتَتِ ابْنَتُهُ أَمَرَ أَبَا طَلْحَةَ، فَنَزَل فِي قَبْرِ ابْنَتِهِ (17) . وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَارِمَهَا كُنَّ هُنَاكَ، كَأُخْتِهَا فَاطِمَةَ وَلأَِنَّ تَوَلِّيَ النِّسَاءِ لِذَلِكَ لَوْ كَانَ مَشْرُوعًا لَفُعِل فِي عَصْرِ النَّبِيِّ ﷺ وَعَصْرِ خُلَفَائِهِ، وَلَمْ يُنْقَل. ثُمَّ يُقَدَّمُ خَصِيٌّ، ثُمَّ شَيْخٌ، ثُمَّ أَفْضَل دِينًا وَمَعْرِفَةً. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَال: إِنَّهُ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُدْخِلَهَا النِّسَاءُ؛ لأَِنَّهُ مُبَاحٌ لَهُنَّ النَّظَرُ إِلَيْهَا وَهُنَّ أَحَقُّ بِغُسْلِهَا، الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى كَالرِّجَال.
وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ الزَّوْجَ، فَإِنَّهُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّ مَنْظُورَهُ أَكْثَرُ (18) . وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ إِنْ كَانَ رَجُلاً فَيَضَعُهُ فِي قَبْرِهِ الرِّجَال، وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً فَيَتَوَلَّى ذَلِكَ زَوْجُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا وَمَحَارِمُهَا مِنْ أَعْلاَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَصَالِحُوا الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ وُجِدَ مِنَ النِّسَاءِ مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الأَْجَانِبِ (19) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الأَْوْلَى بِدَفْنِ الرِّجَال أَوْلاَهُمْ بِغُسْلِهِ وَالصَّلاَةِ عَلَيْهِ، فَلاَ يَنْزِل الْقَبْرَ إِلاَّ الرِّجَال مَتَى وُجِدُوا؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَحَدَهُ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ وَأُسَامَةُ ﵃، وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا تَوَلَّوْا غُسْلَهُ (20) ، وَلأَِنَّ الْمُقَدَّمَ بِغُسْلِهِ أَقْرَبُ إِلَى سَتْرِ أَحْوَالِهِ، وَقِلَّةِ الاِطِّلاَعِ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ، ثُمَّ ذَوُو أَرْحَامِهِ الأَْقْرَبُ فَالأَْقْرَبُ، ثُمَّ الرِّجَال الأَْجَانِبُ، ثُمَّ مِنْ مَحَارِمِهِ مِنَ النِّسَاءِ، ثُمَّ الأَْجْنَبِيَّاتُ لِلْحَاجَةِ إِلَى دَفْنِهِ وَعَدَمِ غَيْرِهِنَّ (21) .

أَمَّا دَفْنُ الْقَاتِل لِلْمَقْتُول: فَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ لاَ حَقَّ لَهُ فِي دَفْنِهِ لِمُبَالَغَتِهِ فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ (22) .

دَفْنُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ
7 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَدْفِنَ كَافِرًا وَلَوْ قَرِيبًا إِلاَّ لِضَرُورَةٍ، بِأَنْ لاَ يَجِدَ مَنْ يُوَارِيهِ غَيْرَهُ فَيُوَارِيهِ وُجُوبًا.؛ لأَِنَّهُ ﷺ لَمَّا أُخْبِرَ بِمَوْتِ أَبِي طَالِبٍ قَال لِعَلِيٍّ ﵁: اذْهَبْ فَوَارِهِ (23) وَكَذَلِكَ قَتْلَى بَدْرٍ أُلْقُوا فِي الْقَلِيبِ، أَوْ لأَِنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِتَرْكِهِ وَيَتَغَيَّرُ بِبَقَائِهِ. وَلاَ يُسْتَقْبَل بِهِ قِبْلَتَنَا لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلاَ قِبْلَتَهُمْ؛ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهَا، فَلاَ يُقْصَدُ جِهَةٌ مَخْصُوصَةٌ، بَل يَكُونُ دَفْنُهُ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ السُّنَّةِ.
وَكَذَلِكَ لاَ يُتْرَكُ مَيِّتٌ مُسْلِمٌ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ، إِذْ لاَ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ مِنْ دَفْنِهِ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَاسْتِقْبَالِهِ قِبْلَتَهُمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ (24) .

كَيْفِيَّةُ الدَّفْنِ:
8 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْخَل الْمَيِّتُ مِنْ قِبَل الْقِبْلَةِ بِأَنْ يُوضَعَ مِنْ جِهَتِهَا، ثُمَّ يُحْمَل فَيُلْحَدَ، فَيَكُونَ الآْخِذُ لَهُ مُسْتَقْبِل الْقِبْلَةِ حَال الأَْخْذِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁. وَقَال النَّخَعِيُّ: حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى أَهْل الْمَدِينَةِ فِي الزَّمَنِ الأَْوَّل يُدْخِلُونَ مَوْتَاهُمْ مِنْ قِبَل الْقِبْلَةِ، وَأَنَّ السَّل شَيْءٌ أَحْدَثَهُ أَهْل الْمَدِينَةِ (25) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّهُ لاَ بَأْسَ أَنْ يُدْخَل الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ مِنْ أَيِّ نَاحِيَةٍ كَانَ وَالْقِبْلَةُ أَوْلَى (26) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ السَّل، بِأَنْ يُوضَعَ الْمَيِّتُ عِنْدَ آخِرِ الْقَبْرِ ثُمَّ يُسَل مِنْ قِبَل رَأْسِهِ مُنْحَدِرًا. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الأَْنْصَارِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ.
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ ﵃ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سُل مِنْ قِبَل رَأْسِهِ سَلًّا (27) .
وَالْخِلاَفُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ هُنَا خِلاَفٌ فِي الأَْوْلَى، وَعَلَى هَذَا فَإِنْ كَانَ الأَْسْهَل عَلَيْهِمْ أَخْذَهُ مِنَ الْقِبْلَةِ أَوْ مِنْ رَأْسِ الْقَبْرِ فَلاَ حَرَجَ؛ لأَِنَّ اسْتِحْبَابَ أَخْذِهِ مِنْ أَسْفَل الْقَبْرِ إِنَّمَا كَانَ طَلَبًا لِلسُّهُولَةِ عَلَيْهِمْ وَالرِّفْقِ بِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الأَْسْهَل غَيْرَهُ كَانَ مُسْتَحَبًّا، قَال أَحْمَدُ ﵀: كُلٌّ لاَ بَأْسَ بِهِ (28) .
ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى شِقِّهِ الأَْيْمَنِ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْقِبْلَةِ، وَيَقُول وَاضِعُهُ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُول اللَّهِ؛ لِمَا وَرَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا أَدْخَل الْمَيِّتَ فِي الْقَبْرِ، قَال مَرَّةً: بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُول اللَّهِ. وَقَال مَرَّةً: بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ (29)
وَمَعْنَى بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُول اللَّهِ: بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْنَاكَ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُول اللَّهِ سَلَّمْنَاكَ.
وَقَال الْمَاتُرِيدِيُّ: هَذَا لَيْسَ دُعَاءً لِلْمَيِّتِ؛ لأَِنَّهُ إِنْ مَاتَ عَلَى مِلَّةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُبَدَّل حَالُهُ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يُبَدَّل أَيْضًا، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنِينَ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، فَيَشْهَدُونَ بِوَفَاةِ الْمَيِّتِ عَلَى الْمِلَّةِ، وَعَلَى هَذَا جَرَتِ السُّنَّةُ. وَفِيهَا أَقْوَالٌ أُخْرَى ذُكِرَتْ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ (30) .
ثُمَّ تُحَل عُقَدُ الْكَفَنِ لِلاِسْتِغْنَاءِ عَنْهَا، وَيُسَوَّى اللَّبِنُ عَلَى اللَّحْدِ، وَتُسَدُّ الْفُرَجُ بِالْمَدَرِ وَالْقَصَبِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَيْ لاَ يَنْزِل التُّرَابُ مِنْهَا عَلَى الْمَيِّتِ، وَيُكْرَهُ وَضْعُ الآْجُرِّ الْمَطْبُوخِ إِلاَّ إِذَا كَانَتِ الأَْرْضُ رَخْوَةً؛ لأَِنَّهَا تُسْتَعْمَل لِلزِّينَةِ، وَلاَ حَاجَةَ لِلْمَيِّتِ إِلَيْهَا، وَلأَِنَّهُ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ. قَال مَشَايِخُ بُخَارَى: لاَ يُكْرَهُ الآْجُرُّ فِي بِلاَدِنَا لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ لِضَعْفِ الأَْرَاضِي، وَكَذَلِكَ الْخَشَبُ.
وَيُسْتَحَبُّ حَثْيُهُ مِنْ قِبَل رَأْسِهِ ثَلاَثًا: لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ، ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ فَحَثَى عَلَيْهِ مِنْ قِبَل رَأْسِهِ ثَلاَثًا (31) . وَيَقُول فِي الْحَثْيَةِ الأُْولَى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} ، وَفِي الثَّانِيَةِ: {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} ، وَفِي الثَّالِثَةِ: {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} .
وَقِيل: يَقُول فِي الأُْولَى: اللَّهُمَّ جَافِ الأَْرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ: اللَّهُمَّ افْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ، وَفِي الثَّالِثَةِ: اللَّهُمَّ زَوِّجْهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَلِلْمَرْأَةِ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهَا الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ. ثُمَّ يُهَال التُّرَابُ عَلَيْهِ، وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ (32) .

وَيَحْرُمُ أَنْ يُوضَعَ تَحْتَ الْمَيِّتِ عِنْدَ الدَّفْنِ مِخَدَّةٌ أَوْ حَصِيرٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ لأَِنَّهُ إِتْلاَفُ مَالٍ بِلاَ ضَرُورَةٍ، بَل الْمَطْلُوبُ كَشْفُ خَدِّهِ، وَالإِْفْضَاءُ إِلَى التُّرَابِ اسْتِكَانَةً وَتَوَاضُعًا، وَرَجَاءً لِرَحْمَةِ اللَّهِ. وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ جُعِل فِي قَبْرِهِ ﷺ قَطِيفَةٌ (33) ، قِيل: لأَِنَّ الْمَدِينَةَ سَبِخَةٌ، وَقِيل: إِنَّ الْعَبَّاسَ وَعَلِيًّا ﵄ تَنَازَعَا فَبَسَطَهَا شَقْرَانُ تَحْتَهُ؛ لِقَطْعِ التَّنَازُعِ. وَقِيل: كَانَ ﵊ يَلْبَسُهَا وَيَفْتَرِشُهَا، فَقَال شَقْرَانُ: وَاللَّهِ لاَ يَلْبَسُكِ أَحَدٌ بَعْدَهُ أَبَدًا فَأَلْقَاهَا فِي الْقَبْرِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ لِيَكُونَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ، بَل ثَبَتَ عَنْ غَيْرِهِ خِلاَفُهُ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَرِهَ أَنْ يُلْقَى تَحْتَ الْمَيِّتِ شَيْءٌ عِنْدَ الدَّفْنِ.
وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَال: (لاَ تَجْعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَ الأَْرْضِ شَيْئًا) . وَلاَ تَعْيِينَ فِي عَدَدِ مَنْ يَدْخُل الْقَبْرَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَدَدُهُمْ عَلَى حَسَبِ حَال الْمَيِّتِ، وَحَاجَتِهِ، وَمَا هُوَ أَسْهَل فِي أَمْرِهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ قَوْل الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ، إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ وِتْرًا؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَلْحَدَهُ ثَلاَثَةٌ (34) .

وَلَوْ مَاتَ أَقَارِبُ الشَّخْصِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَأَمْكَنَهُ دَفْنُ كُل وَاحِدٍ فِي قَبْرٍ، بَدَأَ بِمَنْ يُخْشَى تَغَيُّرُهُ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ فِي التَّغْيِيرِ، فَإِنْ لَمْ يُخْشَ تَغَيُّرٌ بَدَأَ بِأَبِيهِ، ثُمَّ أُمِّهِ، ثُمَّ الأَْقْرَبِ فَالأَْقْرَبِ، فَإِنْ كَانَا أَخَوَيْنِ فَأَكْبَرُهُمَا، وَإِنْ كَانَتَا زَوْجَتَيْنِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا (35) .

أَقَل مَا يُجْزِئُ فِي الدَّفْنِ
9 - صَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّ أَقَل مَا يُجْزِئُ فِي الدَّفْنِ حُفْرَةٌ تَكْتُمُ رَائِحَةَ الْمَيِّتِ، وَتَحْرُسُهُ عَنِ السِّبَاعِ؛ لِعُسْرِ نَبْشِ مِثْلِهَا غَالِبًا، وَقُدِّرَ الأَْقَل بِنِصْفِ الْقَامَةِ، وَالأَْكْثَرُ بِالْقَامَةِ، وَيُنْدَبُ عَدَمُ تَعْمِيقِهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ لاَ حَدَّ لأَِكْثَرِهِ وَإِنْ كَانَ النَّدْبُ عَدَمَ عُمْقِهِ.
وَيَجُوزُ الدَّفْنُ فِي الشَّقِّ وَاللَّحْدِ، فَاللَّحْدُ: أَنْ يُحْفَرَ حَائِطُ الْقَبْرِ مَائِلاً عَنِ اسْتِوَائِهِ مِنْ أَسْفَلِهِ قَدْرَ مَا يُوضَعُ فِيهِ الْمَيِّتُ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ. وَالشَّقُّ: أَنْ يُحْفَرَ وَسَطُهُ كَالنَّهْرِ، وَيُسَقَّفَ. فَإِنْ كَانَتِ الأَْرْضُ صُلْبَةً فَاللَّحْدُ أَفْضَل، وَإِلاَّ فَالشَّقُّ (36) ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: " قَبْر ".

تَغْطِيَةُ الْقَبْرِ حِينَ الدَّفْنِ:
10 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَغْطِيَةُ قَبْرِ الْمَرْأَةِ حِينَ الدَّفْنِ لأَِنَّهَا عَوْرَةٌ، وَلأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ أَنْ يَبْدُوَ مِنْهَا شَيْءٌ فَيَرَاهُ الْحَاضِرُونَ، وَبِنَاءُ أَمْرِهَا عَلَى السِّتْرِ، وَالْخُنْثَى فِي ذَلِكَ كَالأُْنْثَى احْتِيَاطًا.
وَاخْتَلَفُوا فِي تَغْطِيَةِ قَبْرِ الرَّجُل، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ تَغْطِيَةُ قَبْرِ الرَّجُل إِلاَّ لِعُذْرٍ مِنْ مَطَرٍ وَغَيْرِهِ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁، أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ وَقَدْ دَفَنُوا مَيِّتًا، وَقَدْ بَسَطُوا عَلَى قَبْرِهِ الثَّوْبَ، فَجَذَبَهُ وَقَال: إِنَّمَا يُصْنَعُ هَذَا بِالنِّسَاءِ، مَعَ مَا فِيهِ مِنِ اتِّبَاعِ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ ﷺ (37) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً، وَالْمَرْأَةُ آكَدُ.؛ لأَِنَّهُ رُبَّمَا يَنْكَشِفُ عِنْدَ الاِضْطِجَاعِ وَحَل الشِّدَادِ، فَيَظْهَرُ مَا يُسْتَحَبُّ إِخْفَاؤُهُ.

اتِّخَاذُ التَّابُوتِ:
11 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ يُكْرَهُ الدَّفْنُ فِي التَّابُوتِ إِلاَّ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَرَخَاوَةِ الأَْرْضِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ لَمْ يُنْقَل عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَلاَ عَنْ أَصْحَابِهِ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، وَفِيهِ تَشَبُّهٌ بِأَهْل الدُّنْيَا، وَالأَْرْضُ أَنْشَفُ لِفَضَلاَتِهِ. وَلأَِنَّ فِيهِ إِضَاعَةَ الْمَال.
وَفَرَّقَ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ، فَقَالُوا: لاَ بَأْسَ بِاتِّخَاذِ التَّابُوتِ لَهَا مُطْلَقًا؛ لأَِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى السِّتْرِ، وَالتَّحَرُّزِ عَنْ مَسِّهَا عِنْدَ الْوَضْعِ فِي الْقَبْرِ (38) .

الدَّفْنُ لَيْلاً وَفِي الأَْوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ:
12 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ لَدَى الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ الدَّفْنُ لَيْلاً؛ لأَِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ دُفِنَ لَيْلاً، وَعَلِيٌّ دَفَنَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا لَيْلاً، وَمِمَّنْ دُفِنَ لَيْلاً عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَائِشَةُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ. وَرَخَّصَ فِيهِ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَلَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ نَهَارًا إِنْ أَمْكَنَ؛ لأَِنَّهُ أَسْهَل عَلَى مُتَّبِعِي الْجِنَازَةِ، وَأَكْثَرُ لِلْمُصَلِّينَ عَلَيْهَا، وَأَمْكَنُ لاِتِّبَاعِ السُّنَّةِ فِي دَفْنِهِ.
وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ، وَالْحَسَنُ (39) ؛ لِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَطَبَ يَوْمًا، فَذَكَرَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلاً، فَزَجَرَ النَّبِيُّ ﷺ فِيهِ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُل بِاللَّيْل إِلاَّ أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ (40) .

أَمَّا الدَّفْنُ فِي الأَْوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ الدَّفْنُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَعِنْدَ غُرُوبِهَا، وَعِنْدَ قِيَامِهَا (41) لِقَوْل عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ: ثَلاَثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ (42) . وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ الدَّفْنُ فِي الأَْوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلاَةِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ الدَّفْنُ فِي غَيْرِهَا أَفْضَل (43) .

الدَّفْنُ قَبْل الصَّلاَةِ عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِ غُسْلٍ وَبِلاَ كَفَنٍ:
13 - إِنْ دُفِنَ الْمَيِّتُ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّهُ يُنْبَشُ وَيُغَسَّل، إِلاَّ أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَفَسَّخَ، فَيُتْرَكُ، وَبِهِ قَال أَبُو ثَوْرٍ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ قَوْلٌ لَدَى الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّهُ لاَ يُنْبَشُ لأَِنَّ النَّبْشَ مُثْلَةٌ وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا (44) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (نَبْش) .

أَمَّا إِنْ دُفِنَ قَبْل الصَّلاَةِ عَلَيْهِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الْحَنَابِلَةِ اخْتَارَهَا الْقَاضِي أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ وَلاَ يُنْبَشُ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى عَلَى قَبْرِ الْمِسْكِينَةِ (45) ، وَلَمْ يَنْبُشْهَا، وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُنْبَشُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ دُفِنَ قَبْل وَاجِبٍ فَيُنْبَشُ، كَمَا لَوْ دُفِنَ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، أَمَّا إِنْ تَغَيَّرَ فَلاَ يُنْبَشُ بِحَالٍ (46) .
وَإِنْ دُفِنَ بِغَيْرِ كَفَنٍ، فَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، أَنَّهُ يُتْرَكُ اكْتِفَاءً بِسِتْرِ الْقَبْرِ، وَحِفْظًا؛ لِحُرْمَتِهِ، وَلأَِنَّ الْقَصْدَ بِالْكَفَنِ السَّتْرُ وَقَدْ حَصَل. وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ وَجْهٌ آخَرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يُنْبَشُ، ثُمَّ يُكَفَّنُ، ثُمَّ يُدْفَنُ لأَِنَّ التَّكْفِينَ وَاجِبٌ فَأَشْبَهَ الْغُسْل (47) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (كَفَن) .

دَفْنُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ:
14 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لاَ يُدْفَنُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ كَضِيقِ مَكَانٍ، أَوْ تَعَذُّرِ حَافِرٍ، أَوْ تُرْبَةٍ أُخْرَى؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَدْفِنُ كُل مَيِّتٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ (48) . وَعَلَى هَذَا فِعْل الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ.
فَإِذَا دُفِنَ جَمَاعَةٌ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ: قُدِّمَ الأَْفْضَل مِنْهُمْ إِلَى الْقِبْلَةِ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ فِي الْفَضِيلَةِ عَلَى حَسَبِ تَقْدِيمِهِمْ إِلَى الإِْمَامَةِ فِي الصَّلاَةِ لِمَا رَوَى هِشَامُ بْنُ عَامِرٍ قَال: شَكَوْنَا إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ فَقُلْنَا: يَا رَسُول اللَّهِ: الْحَفْرُ عَلَيْنَا لِكُل إِنْسَانٍ شَدِيدٌ. فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: احْفِرُوا وَأَعْمِقُوا، وَأَحْسِنُوا، وَادْفِنُوا الاِثْنَيْنِ وَالثَّلاَثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، قَالُوا: فَمَنْ نُقَدِّمُ يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا (49) .
ثُمَّ إِنْ شَاءَ سَوَّى بَيْنَ رُءُوسِهِمْ، إِنْ شَاءَ حَفَرَ قَبْرًا طَوِيلاً، وَجَعَل رَأْسَ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْمَوْتَى عِنْدَ رِجْل الآْخَرِ، وَبِهَذَا صَرَّحَ أَحْمَدُ.
وَيُجْعَل بَيْنَ مَيِّتٍ وَآخَرَ حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ وَيُقَدَّمُ الأَْبُ عَلَى الاِبْنِ، إِنْ كَانَ أَفْضَل مِنْهُ لِحُرْمَةِ الأُْبُوَّةِ، وَكَذَا تُقَدَّمُ الأُْمُّ عَلَى الْبِنْتِ.
وَلاَ يُجْمَعُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَال إِلاَّ عِنْدَ تَأَكُّدِ الضَّرُورَةِ، وَيُقَدَّمُ الرَّجُل وَإِنْ كَانَ ابْنًا.
فَإِنِ اجْتَمَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَخُنْثَى وَصَبِيٌّ، قُدِّمَ الرَّجُل، ثُمَّ الصَّبِيُّ، ثُمَّ الْخُنْثَى، ثُمَّ الْمَرْأَةُ.
وَلِذَلِكَ فَيُكْرَهُ الدَّفْنُ فِي الْفَسَاقِي، وَهِيَ كَبَيْتٍ مَعْقُودٍ بِالْبِنَاءِ يَسَعُ لِجَمَاعَةٍ قِيَامًا لِمُخَالَفَتِهَا السُّنَّةَ، وَالْكَرَاهَةُ فِيهَا مِنْ وُجُوهٍ وَهِيَ:
عَدَمُ اللَّحْدِ، وَدَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ بِلاَ ضَرُورَةٍ، وَاخْتِلاَطُ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ بِلاَ حَاجِزٍ، وَتَجْصِيصُهَا وَالْبِنَاءُ عَلَيْهَا، وَخُصُوصًا إِذَا كَانَ فِيهَا مَيِّتٌ لَمْ يُبْل، وَمَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْحَفَّارِينَ مِنْ نَبْشِ الْقُبُورِ الَّتِي لَمْ تُبْل أَرْبَابُهَا، وَإِدْخَال أَجَانِبَ عَلَيْهِمْ، فَهُوَ مِنَ الْمُنْكَرِ الظَّاهِرِ، وَلَيْسَ مِنَ الضَّرُورَةِ الْمُبِيحَةِ لِدَفْنِ مَيِّتَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ.
وَيَرَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا صَارَ الْمَيِّتُ تُرَابًا؛ لأَِنَّ الْحُرْمَةَ بَاقِيَةٌ (50) .

دَفْنُ أَجْزَاءِ الْمَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ:
15 - إِذَا وُجِدَتْ أَطْرَافُ مَيِّتٍ، أَوْ بَعْضُ بَدَنِهِ لَمْ يُغَسَّل، وَلَمْ يُصَل عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، بَل يُدْفَنُ (51) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ عُضْوُ مُسْلِمٍ عُلِمَ مَوْتُهُ يَجِبُ مُوَارَاتُهُ بِخِرْقَةٍ وَدَفْنُهُ، وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْتُ صَاحِبِ الْعُضْوِ لَمْ يُصَل عَلَيْهِ، لَكِنْ يُنْدَبُ دَفْنُهُ، وَيَجِبُ فِي دَفْنِ الْجُزْءِ مَا يَجِبُ فِي دَفْنِ الْجُمْلَةِ.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَالُوا: إِنْ وُجِدَ جُزْءُ الْمَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ غُسِّل، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ الْقَبْرِ، أَوْ نُبِشَ بَعْضُ الْقَبْرِ وَدُفِنَ فِيهِ، وَلاَ حَاجَةَ إِلَى كَشْفِ الْمَيِّتِ؛ لأَِنَّ ضَرَرَ نَبْشِ الْمَيِّتِ وَكَشْفِهِ أَعْظَمُ مِنَ الضَّرَرِ بِتَفْرِقَةِ أَجْزَائِهِ (52) .

دَفْنُ الْمُسْلِمِ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ وَعَكْسُهُ:
16 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ دَفْنُ مُسْلِمٍ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَعَكْسُهُ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ. أَمَّا لَوْ جُعِلَتْ مَقْبَرَةُ الْكُفَّارِ الْمُنْدَرِسَةُ مَقْبَرَةً لِلْمُسْلِمِينَ بَعْدَ نَقْل عِظَامِهَا إِنْ كَانَتْ جَازَ، كَجَعْلِهَا مَسْجِدًا؛ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِمْ. وَالدَّفْنُ فِي غَيْرِ مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ الْمُنْدَرِسَةِ أَوْلَى إِنْ أَمْكَنَ، تَبَاعُدًا عَنْ مَوَاضِعِ الْعَذَابِ. وَلاَ يَجُوزُ الْعَكْسُ، بِأَنْ تُجْعَل مَقْبَرَةُ الْمُسْلِمِينَ الْمُنْدَرِسَةُ مَقْبَرَةً لِلْكُفَّارِ، وَلاَ نَقْل عِظَامِ الْمُسْلِمِينَ لِتُدْفَنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لاِحْتِرَامِهَا (53) .
أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَقَدْ ذَكَرَ الإِْسْنَوِيُّ نَقْلاً عَنِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لاَ يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ لِخُرُوجِهِ بِالرِّدَّةِ عَنْهُمْ، وَلاَ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ؛ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ حُرْمَةِ الإِْسْلاَمِ. وَأَمَّا مَنْ قُتِل حَدًّا فَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ تَارِكُ الصَّلاَةِ (54) .

دَفْنُ كَافِرَةٍ حَامِلٍ مِنْ مُسْلِمٍ:
17 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي دَفْنِ كَافِرَةٍ حَامِلٍ مِنْ مُسْلِمٍ عَلَى أَقْوَالٍ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَذْهَبُ لَدَى الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الأَْحْوَطَ دَفْنُهَا عَلَى حِدَةٍ، وَيُجْعَل ظَهْرُهَا إِلَى الْقِبْلَةِ؛ لأَِنَّ وَجْهَ الْوَلَدِ لِظَهْرِهَا. وَاسْتَدَل الْحَنَابِلَةُ لِذَلِكَ بِأَنَّهَا كَافِرَةٌ، فَلاَ تُدْفَنُ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ فَيَتَأَذَّوْا بِعَذَابِهَا، وَلاَ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ؛ لأَِنَّ وَلَدَهَا مُسْلِمٌ، فَيَتَأَذَّى بِعَذَابِهِمْ، وَتُدْفَنُ مُنْفَرِدَةً، وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَْسْقَعِ.
وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لِلشَّافِعِيَّةِ: إِنَّهَا تُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَتُنَزَّل مَنْزِلَةَ صُنْدُوقِ الْوَلَدِ، وَقِيل: فِي مَقَابِرِ الْكُفَّارِ، وَهُنَاكَ وَجْهٌ رَابِعٌ قَطَعَ بِهِ صَاحِبُ " التَّتِمَّةِ " بِأَنَّهَا تُدْفَنُ عَلَى طَرَفِ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهَا تُدْفَعُ إِلَى أَهْل دِينِهَا؛ لِيَتَوَلَّوْا غُسْلَهَا وَدَفْنَهَا (55) .
وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ: قَال بَعْضُهُمْ: تُدْفَنُ فِي مَقَابِرِنَا تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْوَلَدِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: تُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ؛ لأَِنَّ الْوَلَدَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْهَا مَا دَامَ فِي بَطْنِهَا، وَقَال وَاثِلَةُ بْنُ الأَْسْقَعِ: يُتَّخَذُ لَهَا مَقْبَرَةٌ عَلَى حِدَةٍ، وَهُوَ مَا أَخَذَ بِهِ الْجُمْهُورُ كَمَا سَبَقَ، وَهُوَ الأَْحْوَطُ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْحِلْيَةِ. وَالظَّاهِرُ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ بَعْضُهُمْ: أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ فِيمَا إِذَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ وَإِلاَّ دُفِنَتْ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ (56) .

الْجُلُوسُ بَعْدَ الدَّفْنِ:
18 - صَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْلِسَ الْمُشَيِّعُونَ لِلْمَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ لِدُعَاءٍ وَقِرَاءَةٍ بِقَدْرِ مَا يُنْحَرُ الْجَزُورُ، وَيُفَرَّقُ لَحْمُهُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَال: اسْتَغْفِرُوا لأَِخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإِنَّهُ الآْنَ يُسْأَل (57) . وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ الدَّفْنِ أَوَّل سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَخَاتِمَتَهَا، وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَال: اجْلِسُوا عِنْدَ قَبْرِي قَدْرَ مَا يُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقَسَّمُ، فَإِنِّي أَسْتَأْنِسُ بِكُمْ (58) . أُجْرَةُ الدَّفْنِ:
19 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ) إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الأُْجْرَةِ عَلَى الدَّفْنِ، وَلَكِنِ الأَْفْضَل أَنْ يَكُونَ مَجَّانًا، وَتُدْفَعُ مِنْ مَجْمُوعِ التَّرِكَةِ، وَتُقَدَّمُ عَلَى مَا تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ مِنْ دَيْنٍ. وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَخْذُ الأُْجْرَةِ عَلَى الدَّفْنِ؛ لأَِنَّهُ يَذْهَبُ بِالأَْجْرِ (59) .

دَفْنُ السِّقْطِ:
20 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ السِّقْطَ إِذَا اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ يَجِبُ أَنْ يُدْرَجَ فِي خِرْقَةٍ وَيُدْفَنَ (60) .

دَفْنُ الشَّعْرِ وَالأَْظَافِرِ وَالدَّمِ:
21 - صَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْفَنَ مَا يُزِيلُهُ الشَّخْصُ مِنْ ظُفْرٍ وَشَعْرٍ وَدَمٍ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ مِيل بِنْتِ مِشْرَحٍ الأَْشْعَرِيَّةِ، قَالَتْ: رَأَيْتُ أَبِي يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ، وَيَدْفِنُهُ وَيَقُول: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَفْعَل ذَلِكَ (61) وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال: كَانَ يُعْجِبُهُ دَفْنُ الدَّمِ (62) .
وَقَال أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ. وَكَذَلِكَ تُدْفَنُ الْعَلَقَةُ وَالْمُضْغَةُ الَّتِي تُلْقِيهَا الْمَرْأَةُ (63) .

دَفْنُ الْمُصْحَفِ:
22 - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْمُصْحَفَ إِذَا صَارَ بِحَالٍ لاَ يُقْرَأُ فِيهِ، يُدْفَنُ كَالْمُسْلِمِ، فَيُجْعَل فِي خِرْقَةٍ طَاهِرَةٍ، وَيُدْفَنُ فِي مَحَلٍّ غَيْرِ مُمْتَهَنٍ لاَ يُوطَأُ، وَفِي الذَّخِيرَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَدَ لَهُ وَلاَ يُشَقَّ لَهُ؛ لأَِنَّهُ يُحْتَاجُ إِلَى إِهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ، وَفِي ذَلِكَ نَوْعُ تَحْقِيرٍ إِلاَّ إِذَا جُعِل فَوْقَهُ سَقْفًا بِحَيْثُ لاَ يَصِل التُّرَابُ إِلَيْهِ فَهُوَ حَسَنٌ أَيْضًا. ذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّ أَبَا الْجَوْزَاءِ بَلِيَ لَهُ مُصْحَفٌ، فَحَفَرَ لَهُ فِي مَسْجِدِهِ، فَدَفَنَهُ. وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دَفَنَ الْمَصَاحِفَ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ. أَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الْكُتُبِ فَالأَْحْسَنُ كَذَلِكَ أَنْ تُدْفَنَ (64) .

الْقَتْل بِالدَّفْنِ:
23 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوَاعِدِ الْمَالِكِيَّةِ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، إِلَى أَنَّ مَنْ دُفِنَ حَيًّا فَمَاتَ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ. وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ مَا عَدَا مُحَمَّدًا أَنَّ فِيهِ الدِّيَةَ (65) .
__________
(1) لسان العرب المحيط، ومختار الصحاح مادة: " دفن ".
(2) حاشية الدسوقي 1 / 407 ط دار الفكر.
(3) ابن عابدين 1 / 598 ط دار إحياء التراث العربي، والبدائع 1 / 318 ط دار الكتاب العربي، والتاج والإكليل على هامش مواهب الجليل 2 / 208 ط دار الفكر، وحاشية الدسوقي 1 / 407، 408، وروضة الطالبين 2 / 131 ط المكتب الإسلامي، وكشاف القناع 2 / 126، 131.
(4) سورة المائدة / 31.
(5) ابن عابدين 1 / 598، 599، 600، وجواهر الإكليل 1 / 117 ط دار الباز مكة المكرمة، والقوانين الفقهية / 95 ط دار الكتاب العربي، وروضة الطالبين 2 / 141، 142، والمغني 2 / 500، 501 ط الرياض.
(6) ابن عابدين 1 / 600، حاشية الدسوقي 1 / 424، والقليوبي 1 / 349، وحاشية الجمل 2 / 200، وأسنى المطالب 1 / 324، وروضة الطالبين 2 / 131، والمغني 2 / 510.
(7) مواهب الجليل 2 / 239، وحاشية الدسوقي 1 / 428، وكشاف القناع 2 / 145.
(8) حديث: " أثر عائشة في إتيانها قبر أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر " أخرجه الترمذي (3 / 262 - ط الحلبي) ، وعبد الرزاق في " المصنف ". (3 / 517، 518 - ط المجلس العلمي) .
(9) ابن عابدين 1 / 602، وروضة الطالبين 2 / 143، والمغني 2 / 509.
(10) شرح الزرقاني 2 / 102 ط دار الفكر، وجواهر الإكليل 1 / 111، وحاشية الدسوقي 1 / 421
(11) حديث: " أمر بقتلى أُحُد أن يردوا إلى مصارعهم. . . " أخرجه النسائي (4 / 79 - ط المكتبة التجارية) من حديث جابر بن عبد الله، وأخرجه الترمذي (4 / 315 - ط الحلبي) بلفظ مقارب، وقال: " حديث حسن صحيح ".
(12) حديث ابن عباس: " أن رسول الله أمر بقتلى أحد أن ينزع. . . . . " أخرجه ابن ماجه (1 / 485 - ط الحلبي) : وضعفه ابن حجر في التلخيص (2 / 118 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(13) البدائع 1 / 344، وابن عابدين 1 / 610، وجواهر الإكليل 1 / 111، والقليوبي 1 / 339، وروضة الطالبين 2 / 120، 131، والمغني 2 / 509، 531، 532.
(14) حاشية الجمل 5 / 215، 216، وأسنى المطالب 4 / 214، 215.
(15) حديث: " ادفن إليه من مات من أهلي " أخرجه أبو داود (3 / 543 - تحقيق عزت عبيد دعاس) عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن رجل من الصحابة، وحسنه ابن حجر في التلخيص (2 / 133 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(16) حاشية الدسوقي 1 / 421، والقليوبي 1 / 351، وروضة الطالبين 2 / 142، والمغني 2 / 509.
(17) حديث: " أمر أبا طلحة بالنزول في قبر ابنته ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 208 - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك.
(18) البدائع 1 / 310، وكشاف القناع 2 / 132، 133، وروضة الطالبين 2 / 133.
(19) القوانين الفقهية / 94، 95.
(20) أخرجه أحمد (1 / 259 - ط الميمنية) من حديث ابن عباس، وأعله محقق المسند الشيخ أحمد شاكر بضعف أحد رواته (المسند 4 / 104 - ط دار المعارف) .
(21) روضة الطالبين 2 / 133، وكشاف القناع 2 / 132، 133، والمغني 2 / 503.
(22) كشاف القناع 2 / 89.
(23) حديث: " اذهب فواره " أخرجه أبو داود (3 / 547 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وقال الرافعي: " حديث ثابت مشهور "، كذا في التلخيص لابن حجر (2 / 114 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(24) ابن عابدين 1 / 597، وجواهر الإكليل 1 / 117، 118، وحاشية الدسوقي 1 / 403، وأسنى المطالب 1 / 314، وروضة الطالبين 2 / 119.
(25) البدائع 1 / 318، وابن عابدين 1 / 600، والمغني 2 / 496.
(26) القوانين الفقهية / 94.
(27) حديث ابن عمر وابن عباس: " أن النبي ﷺ سل من قبل رأسه سلا " حديث ابن عباس أخرجه الشافعي، وعنه البيهقي في سننه (4 / 54 - ط دائرة المعارف العثمانية) وفي إسناده جهالة. وأما حديث ابن عمر فقد ذكر ابن حجر في التلخيص (2 / 128 - ط شركة الطباعة الفنية) أن أبا البركات ابن تيمية عزاه إلى أبي بكر النجاد.
(28) روضة الطالبين 2 / 133، وكشاف القناع 2 / 131، والمغني 2 / 496، 497.
(29) حديث عبد الله بن عمر: " أن النبي ﷺ كان إذا أدخل الميت. . . " أخرجه الترمذي (3 / 355 ط الحلبي) ، وابن ماجه (1 / 495) وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
(30) ابن عابدين 1 / 600، والبدائع 1 / 319، والزرقاني 2 / 99، وروضة الطالبين 2 / 134، والمغني 2 / 500.
(31) حديث: " أن رسول الله ﷺ صلى على جنازة. . . " نجده من حديث أبي هريرة، وإنما ورد من حديث أبي أمامة بلفظ مقارب، أخرجه أحمد (5 / 254 - ط الميمنية) وضعفه النووي في المجموع (5 / 294 - ط المنيرية) .
(32) ابن عابدين 1 / 600، 601، والبدائع 1 / 319، وحاشية الدسوقي 1 / 419، وشرح الزرقاني 2 / 99، وجواهر الإكليل 1 / 111، وروضة الطالبين 2 / 136، والمغني 2 / 499 500.
(33) حديث: " جعل في قبره ﷺ قطيفة " أخرجه مسلم (2 / 666 - ط الحلبي) من حديث ابن عباس.
(34) البدائع 1 / 319، والقوانين الفقهية / 94، وروضة الطالبين 2 / 134، 135، والمغني 2 / 503، وكشاف القناع 2 / 131.
(35) أسنى المطالب 1 / 333، وروضة الطالبين 2 / 142.
(36) ابن عابدين 1 / 599، وجواهر الإكليل 1 / 111، وحاشية الدسوقي 1 / 429، وشرح الزرقاني 2 / 114، والقليوبي 1 / 339، 340، وروضة الطالبين 2 / 132، 133، وكشاف القناع 2 / 133، 134.
(37) البدائع 1 / 319، وابن عابدين 1 / 600، وجواهر الإكليل 1 / 111، والقليوبي 1 / 349، وأسنى المطالب 1 / 326، والمغني 2 / 501، وكشاف القناع 2 / 131، 132.
(38) الفتاوى الهندية 1 / 166، وابن عابدين 1 / 599، والزرقاني 2 / 100، وحاشية الدسوقي 1 / 419، 420، وجواهر الإكليل 1 / 112، والقليوبي 1 / 349، والمغني 2 / 503.
(39) ابن عابدين 1 / 607، ومواهب الجليل 2 / 221، والقليوبي 1 / 350، وروضة الطالبين 2 / 142، وحاشية الجمل 2 / 200، والمغني 2 / 555.
(40) حديث: " أن النبي ﷺ خطب يومًا فذكر رجلاً من أصحابه " أخرجه مسلم (2 / 651 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.
(41) مواهب الجليل 2 / 222، وكشاف القناع 2 / 128.
(42) حديث عقبة بن عامر: " ثلاث ساعات. . . " أخرجه مسلم (1 / 568 - 569 - ط الحلبي)
(43) الاختيار 1 / 41، والقليوبي 1 / 350، وروضة الطالبين 2 / 142، 143.
(44) فتح القدير (1 / 452 - ط دار صادر) ، والاختيار 1 / 94، وابن عابدين 1 / 592، وجواهر الإكليل 1 / 111، وروضة الطالبين 2 / 140، والمغني 2 / 553.
(45) حديث: " أن النبي ﷺ صلى على قبر المسكينة " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 552 - ط السلفية) ، ومسلم (2 / 659 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(46) ابن عابدين 1 / 592، والاختيار 1 / 94، وشرح الزرقاني 2 / 122، وجواهر الإكليل 1 / 111، وأسنى المطالب 1 / 323، وروضة الطالبين 2 / 130، والمغني 2 / 553.
(47) روضة الطالبين 2 / 140، والمغني 2 / 554.
(48) خبر: " أن النبي ﷺ كان يدفن كل ميت في قبر واحد ". قال ابن حجر: " لم أره هكذا، لكنه معروف بالاستقراء ". كذا في التلخيص الحبير (2 / 136 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(49) حديث هشام بن عامر: " احفروا وأعمقوا " أخرجه النسائي (4 / 81 - ط المكتبة التجارية) ، والترمذي (4 / 213 - ط الحلبي) ، واللفظ للنسائي، وقال الترمذي: " حسن صحيح ".
(50) الاختيار 1 / 96، 97، والبدائع 1 / 319، وابن عابدين 1 / 598، 599، وحاشية الدسوقي 1 / 422، وجواهر الإكليل 1 / 114، وشرح الزرقاني 2 / 103، ومواهب الجليل 2 / 235، 236، وروضة الطالبين 2 / 138، 142، وكشاف القناع 2 / 143، والمغني 2 / 563.
(51) ابن عابدين 1 / 576، وفتح القدير 2 / 76 ط دار إحياء التراث العربي.
(52) فتح القدير 2 / 76 ط دار إحياء التراث العربي، وابن عابدين 1 / 576، والقليوبي 1 / 337، 338، وروضة الطالبين 2 / 117، والمغني 2 / 540، وكشاف القناع 2 / 124.
(53) ابن عابدين 1 / 599، وجواهر الإكليل 1 / 117، 118، والقليوبي 1 / 329، والجمل 2 / 201، وروضة الطالبين 2 / 142، وكشاف القناع 2 / 124.
(54) أسنى المطالب 4 / 122، وروضة الطالبين 10 / 105.
(55) روضة الطالبين 2 / 135، والمغني 2 / 563.
(56) ابن عابدين (1 / 577) .
(57) حديث: " كان إذا فرغ من دفن الميت. . . " أخرجه أبو داود (3 / 550 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وجود إسناده النووي في المجموع (5 / 292 - ط المنيرية) .
(58) ابن عابدين 1 / 601، وروضة الطالبين 2 / 137، والمغني 2 / 505.
(59) ابن عابدين 1 / 576، وحاشية الدسوقي 1 / 413، وشرح الزرقاني 2 / 93، وجواهر الإكليل 1 / 108، ونهاية المحتاج 6 / 5 ط الحلبي، وكشاف القناع 2 / 126.
(60) ابن عابدين 1 / 595، وشرح الزرقاني 2 / 112، وجواهر الإكليل 1 / 116، وروضة الطالبين 2 / 117، والمغني 2 / 523.
(61) حديث مثلة بنت مشرح الأشعرية: أخرجه ابن أبي قاسم وابن السكن وغيرهما، وإسناده ضعيف جدًا، كذا في الإصابة لابن حجر (3 / 421 - ط السعادة) .
(62) حديث: " كان يعجبه دفن الدم " أخرجه الخلال كما في المغني لابن قدامة (1 / 88 - ط الرياض) وفي إسناده إرسال.
(63) ابن عابدين 5 / 260، ونهاية المحتاج 1 / 341، وأسنى المطالب 1 / 313، وروضة الطالبين 2 / 117، وكشاف القناع 1 / 76.
(64) ابن عابدين 1 / 119، والقليوبي 1 / 36، وكشاف القناع 1 / 137.
(65) ابن عابدين 5 / 349، والشرح الصغير 4 / 339 وما بعدها، وروضة الطالبين 9 / 125، ومطالب أولي النهى 6 / 8.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 8/ 21