التواب
التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...
الغُبارُ: التُّرابُ أو الرَّمادُ الدَّقِيقُ، يُقال: اغْبَرَّ الثَّوْبُ: إذا تَلَطَّخَ بِالغُبَارِ. والغَبْراءُ: الأرْضُ لِما فِيها مِن الغُبارِ، وشَيْءٌ أَغْبَرُ، أيْ: لَوْنُهُ لَوْنُ الغُبارِ، والغُبارُ أيضاً: ما يَبْقَى مِن التُّرابِ الـمُثارِ. وأَصْلُه مِن الغَبْرِ، وهو: البَقاءُ، يُقال: غَبَرَ الشَّيْءُ، يَغْبُرُ، أيْ: بَقِيَ، والغابِرُ: الباقِي، ومنه سُمِّيَ دَقِيقُ التُّرابِ غُباراً؛ لأنّهُ يَتَبَقَّى مِن التُّرابِ.
يَرِد مُصْطلَح (غُبار) في الفقه في مَواطِنَ، منها: كِتابُ الطَّهارَةِ، باب: النَّجاسات، وكِتابُ الصِّيامِ، باب: مُفْسِدات الصَّوْمِ، وكِتابُ الضَّمانِ، باب: جِنايَة الـحَيَوانِ، عند الكَلامِ عمَّن أَثارَ غُباراً فَاخْتَنَقَ بِهِ شَخْصٌ.
غبر
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 183)
* العين : (4/414)
* مقاييس اللغة : (4/409)
* تهذيب اللغة : (8/123)
* المحكم والمحيط الأعظم : (5/514)
* مختار الصحاح : (ص 224)
* لسان العرب : (5/5)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (31/133)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 328) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْغُبَارُ لُغَةً هُوَ: مَا دَقَّ مِنَ التُّرَابِ، أَوِ الرَّمَادِ، وَهُوَ أَيْضًا مَا يَبْقَى مِنَ التُّرَابِ الْمُثَارِ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ مَعْنَاهُ الاِصْطِلاَحِيُّ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ.
مَا يَتَعَلَّقُ بِالْغُبَارِ مِنْ أَحْكَامٍ:
أَوْرَدَ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ الْغُبَارِ فِي أَبْوَابٍ مِنْهَا:
أ - النَّجَاسَةُ:
2 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى أَنَّ غُبَارَ النَّجَاسَةِ نَجَسٌ إِلاَّ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ إِذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ أَوْ فِي اللَّبَنِ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْمَائِعَاتِ، وَكَذَا إِذَا عَلِقَ بِشَيْءٍ رَطْبٍ كَالثَّوْبِ الْمَبْلُول لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ عَنْ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لاَ تَظْهَرَ لَهُ صِفَةٌ فِي الشَّيْءِ الطَّاهِرِ (2) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (نَجَاسَةٍ)
ب - التَّيَمُّمُ:
3 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ وُجُودِ الْغُبَارِ فِيمَا يُتَيَمَّمُ بِهِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ. وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَإِسْحَاقُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي التُّرَابِ الَّذِي يُتَيَمَّمُ بِهِ غُبَارٌ يَعْلَقُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (3) قَال ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآْيَةِ: الصَّعِيدُ تُرَابُ الْحَرْثِ وَهُوَ التُّرَابُ الْخَالِصُ، وَقَال الشَّافِعِيُّ ﵀: الصَّعِيدُ تُرَابٌ لَهُ غُبَارٌ؛ وَلأَِنَّهُ لاَ يَحْصُل الْمَسْحُ بِشَيْءٍ مِنْهُ - أَيِ الصَّعِيدِ - إِلاَّ أَنْ يَكُونَ ذَا غُبَارٍ يَعْلَقُ بِالْيَدِ، فَإِنْ كَانَ جَرْشًا أَوْ نَدِيًّا لاَ يَرْتَفِعُ لَهُ غُبَارٌ لَمْ يَكْفِ التَّيَمُّمُ بِهِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَتَيَمَّمَ مِنْ غُبَارِ تُرَابٍ عَلَى صَخْرَةٍ أَوْ مِخَدَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ حَصِيرٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ أَدَاةٍ، قَالُوا: لَوْ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ فِيهِ غُبَارٌ، أَوْ عَلَى لِبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ جُوَالِقَ أَوْ بَرْذَعَةٍ فَعَلِقَ بِيَدَيْهِ غُبَارٌ فَتَيَمَّمَ بِهِ جَازَ، لأَِنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ التُّرَابَ حَيْثُ هُوَ، فَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الأَْرْضِ أَوْ عَلَى غَيْرِهَا، وَمِثْل هَذَا لَوْ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى حَائِطٍ أَوْ عَلَى حَيَوَانٍ أَوْ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ فَصَارَ عَلَى يَدِهِ غُبَارٌ، لِحَدِيثِ أَبِي جَهْمِ بْنِ الْحَارِثِ ﵁ عَنْهُ: أَقْبَل النَّبِيُّ ﷺ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى أَقْبَل عَلَى الْجِدَارِ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ (4)
أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى هَذِهِ الأَْشْيَاءِ غُبَارٌ يَعْلَقُ عَلَى الْيَدِ فَلاَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهَا إِلاَّ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يَرَى أَنَّ الْغُبَارَ وَحْدَهُ لاَ يَكْفِي بَل يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ تُرَابٌ؛ لأَِنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ عِنْدَهُ هُوَ التُّرَابُ الْخَالِصُ، وَالْغُبَارُ لَيْسَ بِتُرَابٍ خَالِصٍ بَل هُوَ تُرَابٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ (5) .
وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ - مَا عَدَا أَبَا يُوسُفَ - وَالْمَالِكِيَّةُ التَّيَمُّمَ بِصَخْرَةٍ لاَ غُبَارَ عَلَيْهَا، وَبِتُرَابٍ نَدِيٍّ لاَ يَعْلَقُ مِنْهُ بِالْيَدِ غُبَارٌ، وَبِكُل مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الأَْرْضِ (6)
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (تَيَمُّم ف 26)
ح - الصَّوْمُ.
4 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الصَّائِمَ لاَ يُفْطِرُ بِوُصُول غُبَارِ الطَّرِيقِ إِلَى جَوْفِهِ إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ وَإِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِتَكْلِيفِهِ إِطْبَاقَ فَمِهِ أَوْ نَحْوِهِ عِنْدَ الْغُبَارِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ الشَّدِيدَةِ؛ وَلأَِنَّهُ مِمَّا لاَ يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ الصَّوْمُ فَرْضًا أَمْ نَفْلاً وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْغُبَارُ قَلِيلاً أَمْ كَثِيرًا مَاشِيًا أَوْ غَيْرَ مَاشٍ.
أَمَّا إِذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ بِأَنْ فَتَحَ فَمَهُ عَمْدًا حَتَّى دَخَلَهُ الْغُبَارُ وَوَصَل إِلَى جَوْفِهِ فَعِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ يُفْطِرُ بِذَلِكَ، لِتَقْصِيرِهِ وَإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْ ذَلِكَ.
وَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يُفْطِرُ بِذَلِكَ لأَِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْ جِنْسِهِ (7) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: غُبَارُ الطَّرِيقِ لاَ يُفْطِرُ الصَّائِمَ وَإِنْ قَصَدَ ابْتِلاَعَهُ؛ لأَِنَّ اتِّقَاءَ ذَلِكَ يَشُقُّ.
وَقَال الْمِرْدَاوِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: وَحَكَى فِي الرِّعَايَةِ قَوْلاً: إِنَّهُ يُفْطِرُ مَنْ طَارَ إِلَى حَلْقِهِ غُبَارٌ إِذَا كَانَ غَيْرَ مَاشٍ أَوْ غَيْرَ نَخَّالٍ أَوْ غَيْرَ وَقَّادٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا (8)
5 - وَمِثْل غُبَارِ الطَّرِيقِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ غُبَارُ غَرْبَلَةِ الدَّقِيقِ سَوَاءٌ كَانَ الصَّائِمُ نَخَّالاً أَوْ لَمْ يَكُنْ نَخَّالاً؛ لأَِنَّهُ أَمْرٌ غَالِبٌ وَكَذَا غُبَارُ الْجِبْسِ لِصَانِعِهِ وَبَائِعِهِ، وَكَذَا غُبَارُ الْكَتَّانِ وَالْفَحْمِ وَالشَّعِيرِ وَالْقَمْحِ، قَال الْحَطَّابُ: قَال الْبُرْزُلِيُّ: مَسْأَلَةٌ، الْحُكْمُ فِي غُبَارِ الْكَتَّانِ وَغُبَارِ الْفَحْمِ وَغُبَارِ خَزْنِ الشَّعِيرِ وَالْقَمْحِ كَالْحُكْمِ فِي غُبَارِ الْجَبَّاسِينَ.
وَقَال أَشْهَبُ: إِنَّ غُبَارَ الدَّقِيقِ وَنَحْوَهُ يُفْطِرُ بِهِ الصَّائِمُ إِذَا كَانَ الصَّوْمُ فَرْضًا أَوْ وَاجِبًا. وَلاَ يُفْطِرُ بِهِ إِذَا كَانَ نَفْلاً.
وَقَال ابْنُ بَشِيرٍ: أَمَّا غُبَارُ الْجَبَّاسِينَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا لاَ يُغَذِّي وَيَنْفَرِدُ بِالاِضْطِرَارِ إِلَيْهِ بَعْضُ النَّاسِ فَهَل يَكُونُ كَغُبَارِ الدَّقِيقِ، أَوْ كَغُبَارِ الطَّرِيقِ؟ فَإِنْ عَلَّلْنَا غُبَارَ الطَّرِيقِ بِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا لاَ يُغَذِّي فَهَذَا مِثْلُهُ، وَإِنْ عَلَّلْنَاهُ بِعُمُومِ الاِضْطِرَارِ فَهَذَا بِخِلاَفِهِ. وَقَال بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّ غُبَارَ الدَّقِيقِ وَنَحْوَهُ يُفْطِرُ بِهِ غَيْرُ النَّخَّالِينَ وَالْوَقَّادِينَ وَنَحْوِهِمَا (9) .
__________
(1) لسان العرب، المصباح المنير، المعجم الوسيط، غريب القرآن للأصفهاني.
(2) حاشية ابن عابدين 1 / 147 - 216، مغني المحتاج 1 / 81، كشاف القناع 1 / 186 - 192.
(3) سورة المائدة / 6.
(4) حديث أبي جهم بن الحارث:: " " أقبل النبي - ﷺ - من نحو بئر جمل. . . " ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 441) .
(5) البدائع 1 / 53 - 54، جواهر الإكليل 1 / 27، مغني المحتاج 1 / 96، المجموع 2 / 213 - 219، المغني 1 / 247.
(6) المصادر السابقة.
(7) البدائع 2 / 93، ابن عابدين 2 / 97، جواهر الإكليل 1 / 152، المجموع 6 / 317 - 328، مغني المحتاج 1 / 429، المغني 3 / 106، كشاف القناع 1 / 320.
(8) الإنصاف 3 / 306 - 307، الفروع 3 / 55.
(9) ابن عابدين 2 / 97، البدائع 2 / 93، جواهر الإكليل 1 / 152، مواهب الجليل 2 / 441، الفواكه الدواني 1 / 359، مغني المحتاج 1 / 429، المجموع 6 / 318 - 328، المغني 3 / 106، كشاف القناع 1 / 320. (1) لسان العرب، القاموس المحيط.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 133/ 31