المبين
كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...
الغِيلَةُ: الخَدِيعَةُ والاستغفالُ، يُقال: قُتِلَ فُلانٌ غِيلَةً، أيْ: على غَفْلَةٍ مِنْهُ، والغائِلَةُ: الفَسادُ والشَّرُّ. وأَصْلُ الكلِمةِ يَدُلُّ على خَتْلٍ وأَخْذٍ مِنْ حَيْثُ لا يُدْرَى. يُقال: غالَهُ غَوْلاً، أيْ: أَهْلَكَهُ مِنْ حيث لا يدْرِي. وتأْتي الغِيلَةُ بِمعنى جِماعِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ وهي تُرْضِعُ. وإِرْضاعُ المَرْأَةِ وَلَدَها وهي حامِلٌ.
يُطْلَقُ مُصْطلَح (غِيلَة) في كتاب النِّكاحِ، باب: الرَّضاع، وباب: عِشْرَة النِّساءِ، ويُرادُ بِهِ: جِماعُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ المُرْضِعَ، وقِيلَ: إرْضاعُ المرأةِ وَلَدَها وهي حامِلٌ.
غيل
قَتْلُ المُكَلَّفِ شَخْصاً مَعْصُوماً وهو في حالِ غَفْلَةٍ وأَمانٍ.
الغِيَلَةُ: هي نَوْعٌ مِن القَتْلِ العَمْدِ الذي يكون بِتَنْظِيمٍ وتَرْتِيبٍ مِن القاتِلِ، كأن يَسْتَدْرِجَ شَخْصاً ويُخْرِجَهُ إلى موضِعٍ ما، فإذا صارَ إليه قَتَلَهُ، وهو مِنْ أَسْوَإ أَنْواعِ القَتْلِ؛ لأنّ فيه نَوْعُ مُحارَبَةٍ.
الغِيلَةُ: الخَدِيعَةُ والغَفْلَةُ، يُقال: قُتِلَ فُلانٌ غِيلَةً، أيْ: على غَفْلَةٍ مِنْهُ، وأَصْلُ الاِغْتِيالِ: أَخْذُ الشَّيْءِ مِنْ حيث لا يَدْرِي.
* المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج : (10/33)
* نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار : (12/305)
* العين : (4/447)
* تهذيب اللغة : (8/171)
* المحكم والمحيط الأعظم : (6/15)
* مقاييس اللغة : (4/402)
* مختار الصحاح : (ص 232)
* تاج العروس : (30/134)
* القوانين الفقهية : (ص 227)
* المغرب في ترتيب المعرب : (ص 349)
* التعريفات الفقهية : (ص 160)
* شرح حدود ابن عرفة : (ص 227)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (3/26) -
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي الْغِيلَةِ فِي اللُّغَةِ: الْخَدِيعَةُ. يُقَال: قُتِل فُلاَنٌ غِيلَةً، أَيْ: خُدْعَةً، وَهُوَ أَنْ يَخْدَعَهُ فَيَذْهَبَ بِهِ إِلَى مَوْضِعٍ، فَإِذَا صَارَ إِلَيْهِ قَتَلَهُ.
وَالْغِيلَةُ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ: إِيصَال الشَّرِّ وَالْقَتْل إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُ وَلاَ يَشْعُرُ.
وَمِنْ مَعَانِي الْغِيلَةِ فِي اللُّغَةِ كَذَلِكَ: وَطْءُ الرَّجُل زَوْجَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ، وَإِرْضَاعُ الْمَرْأَةِ وَلَدَهَا وَهِيَ حَامِلٌ. (1) وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. (2)
مَا يَتَعَلَّقُ بِالْغِيلَةِ مِنْ أَحْكَامٍ:
الْقَتْل غِيلَةٌ:
2 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّ عُقُوبَةَ الْقَتْل الْعَمْدِ عُدْوَانًا الْقِصَاصُ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْقَتْل غِيلَةً أَمْ لَمْ يَكُنْ. وَاخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ الْمَسَائِل، فِيمَا إِذَا كَانَ الْقَتْل غِيلَةً. وَمِنْ هَذِهِ الْمَسَائِل:
أ - قَتْل الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ:
3 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى الْقَوْل بِأَنَّ الْمُسْلِمَ لاَ يُقْتَل بِالذِّمِّيِّ مُطْلَقًا، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل الرَّسُول ﷺ لاَ يُقْتَل مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ (3) ، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ، وَلاَ يَبْلُغُ بِحَبْسِهِ سَنَةً، وَقَال الْحَنَابِلَةُ: عَلَيْهِ الدِّيَةُ فَقَطْ. (4)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُقْتَل الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (5) ، وَلِمَا رَوَى جَابِرٌ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَادَ مُسْلِمًا بِذِمِّيٍّ، وَقَال: أَنَا أَحَقُّ مَنْ وَفَّى بِذِمَّتِهِ (6) ؛ وَلاِسْتِوَائِهِمَا فِي الْعِصْمَةِ الْمُؤَبَّدَةِ؛ وَلأَِنَّ عَدَمَ الْقِصَاصِ فِيهِ تَنْفِيرٌ لَهُمْ عَنْ قَبُول عَقْدِ الذِّمَّةِ. (7) وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا قَتَلَهُ غِيلَةً بِأَنْ خَدَعَهُ حَتَّى ذَهَبَ بِهِ إِلَى مَوْضِعٍ فَقَتَلَهُ، يُقْتَل بِهِ سِيَاسَةً لاَ قِصَاصًا، أَمَّا إِذَا لَمْ يَقْتُلْهُ غِيلَةً، فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فَقَطْ. (8)
ب - قَتْل الْحُرِّ بِالْعَبْدِ:
4 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى الْقَوْل بِأَنَّ الْحُرَّ لاَ يُقَادُ بِالْعَبْدِ مُطْلَقًا، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} (9) - وَقَالُوا: إِنَّ قَوْله تَعَالَى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (10) مُطْلَقٌ، وَهَذِهِ الآْيَةُ مُقَيِّدَةٌ: " وَبِقَوْل الرَّسُول ﷺ: لاَ يُقْتَل حُرٌّ بِعَبْدٍ (11) وَبِمَا رُوِيَ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵁ أَنَّهُ قَال: لاَ يُقْتَل حُرٌّ بِعَبْدٍ؛ وَلأَِنَّ الْعَبْدَ مَنْقُوصٌ بِالرِّقِّ فَلاَ يُقْتَل بِهِ الْحُرُّ. (12) وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى الْقَوْل بِأَنَّ الْحُرَّ يُقْتَل بِالْعَبْدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (13) وَقَوْل الرَّسُول ﷺ: الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ (14) وَلأَِنَّهُ آدَمِيٌّ مَعْصُومٌ، فَأَشْبَهَ الْحُرَّ. (15) وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ الْحُرَّ يُقْتَل بِهِ إِلاَّ إِذَا كَانَ سَيِّدَهُ، وَاسْتَدَل بِحَدِيثِ: لاَ يُقَادُ مَمْلُوكٌ مِنْ مَالِكِهِ، وَلاَ وَلَدٌ مِنْ وَالِدِهِ. (16)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يُقْتَل الْحُرُّ بِالْعَبْدِ إِلاَّ إِذَا كَانَ الْقَتْل غِيلَةً، فَيُقْتَل حِينَئِذٍ بِهِ، وَأَنَّ الْقَتْل لِلْفَسَادِ لاَ لِلْقِصَاصِ. (17)
ح - قَتْل الْوَالِدِ بِالْوَلَدِ:
5 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى الْقَوْل: بِأَنَّ الأَْبَ لاَ يُقْتَل مُطْلَقًا إِذَا قَتَل ابْنَهُ، (18) وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل الرَّسُول ﷺ: لاَ يُقَادُ الأَْبُ مِنَ ابْنِهِ. (19)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يُقَادُ الأَْبُ بِالاِبْنِ إِلاَّ أَنْ يُضْجِعَهُ فَيَذْبَحَهُ، فَأَمَّا إِذَا حَذَفَهُ بِسَيْفٍ أَوْ عَصًا فَقَتَلَهُ لَمْ يُقْتَل. وَكَذَلِكَ الْجَدُّ مَعَ حَفِيدِهِ. (20) د - الْعَفْوُ عَنِ الْقَاتِل غِيلَةً:
6 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ خِلاَفًا لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَوْ عَفَا وَلِيُّ الْمَقْتُول غِيلَةً عَنِ الْقَاتِل، فَإِنَّ عَفْوَهُ لاَ يُسْقِطُ عُقُوبَةَ الْقَتْل؛ لأَِنَّ الْحَقَّ لَيْسَ لَهُ، وَإِنَّمَا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَيُعْتَبَرُ الْقَتْل غِيلَةً حِرَابَةً فِي حَالَةِ مَا إِذَا كَانَ الْقَاتِل ظَاهِرًا عَلَى وَجْهٍ يُتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ. (21)
حُكْمُ الْغِيلَةِ بِالإِْرْضَاعِ أَوِ الْوَطْءِ:
7 - كَانَ الْعَرَبُ يَكْرَهُونَ وَطْءَ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعِ. وَإِرْضَاعَ الْمَرْأَةِ الْحَامِل وَلَدَهَا، وَيَتَّقُونَهُ لأَِنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى فَسَادِ اللَّبَنِ، فَيُصْبِحُ دَاءً، فَيَفْسُدُ بِهِ جِسْمُ الصَّبِيِّ وَيَضْعُفُ، وَلَوْ كَانَ هَذَا حَقًّا لَنَهَى عَنْهُ الرَّسُول ﷺ. قَال ﷺ: لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ، فَنَظَرْت فِي الرُّومِ وَفَارِسَ، فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ أَوْلاَدَهُمْ. فَلاَ يَضُرُّ أَوْلاَدَهُمْ ذَلِكَ شَيْئًا (22) وَمَعْنَى هَذَا: لَوْ كَانَ الْجِمَاعُ حَال الرَّضَاعِ، أَوِ الإِْرْضَاعُ حَال الْحَمْل مُضِرًّا. لَضَرَّ أَوْلاَدَ الرُّومِ وَفَارِسٍ، لأَِنَّهُمْ كَانُوا يَصْنَعُونَ ذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ الأَْطِبَّاءِ عِنْدَهُمْ، فَلَوْ كَانَ مُضِرًّا لَمَنَعُوهُمْ مِنْهُ، وَلِهَذَا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ ﷺ.
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ﵁: أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ فَقَال: إِنِّي أَعْزِل عَنِ امْرَأَتِي، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: لِمَ تَفْعَل ذَلِكَ؟ فَقَال: أُشْفِقُ عَلَى وَلَدِهَا، أَوْ عَلَى أَوْلاَدِهَا. فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ ضَارًّا ضَرَّ فَارِسَ وَالرُّومَ (23) وَقَال الْفُقَهَاءُ اسْتِنَادًا إِلَى حَدِيثِ: لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ. . .، وَحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ بِجَوَازِ وَطْءِ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعِ وَإِرْضَاعِ الْمَرْأَةِ الْحَامِل؛ لأَِنَّهُ لاَ ضَرَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ لَنَهَى عَنْهُ الرَّسُول ﷺ إِرْشَادًا. لأَِنَّهُ رَءُوفٌ بِالْمُؤْمِنِينَ.
وَقَال الأَْبِيُّ: وَالْغِيلَةُ وَطْءُ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعِ. وَتَجُوزُ الْغِيلَةُ، وَهِيَ إِرْضَاعُ الْحَامِل، وَتَرْكُهَا أَوْلَى إِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ مَرَضُ الرَّضِيعِ، وَإِلاَّ مُنِعَتْ. (24)
__________
(1) لسان العرب.
(2) نيل الأوطار 7 / 13، الشرح الكبير والدسوقي 4 / 238، والموطأ 2 / 45، وشرح الموطأ للزرقاني 4 / 182.
(3) حديث: " لا يقتل مسلم بكافر ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 204) من حديث علي بن أبي طالب.
(4) الأم 6 / 33، والمغني 9 / 341.
(5) سورة المائدة / 45.
(6) حديث جابر: " أن النبي ﷺ " قاد مسلمًا بذمي. . . ". أخرجه الدارقطني (3 / 135) من حديث ابن البيلماني مرسلاً، وضعف الدارقطني ابن البيلماني.
(7) بدائع الصنائع 7 / 237.
(8) شرح الموطأ للرزقاني 5 / 159.
(9) سورة البقرة / 178.
(10) سورة المائدة / 45.
(11) حديث: " لا يقتل حر بعبد ". أخرجه البيهقي (8 / 35) من حديث ابن عباس، وضعف إسناده.
(12) الأم 6 / 21، والمغني 9 / 348 - 349.
(13) سورة المائدة / 45.
(14) حديث: " المؤمنون تتكافأ دماؤهم ". أخرجه أبو داود (4 / 667) من حديث علي بن أبي طالب.
(15) بدائع الصنائع 7 / 237.
(16) سبل السلام 3 / 233. وحديث: " لا يقاد مملوك من مالكه. . . ". أخرجه ابن عدي في الكامل (5 / 1713) من حديث عمر بن الخطاب، وأسند عن البخاري أنه قال في أحد رواته: منكر الحديث.
(17) الخرشي على مختصر خليل 8 / 3.
(18) بدائع الصنائع 7 / 235، والأم 6 / 29، والمغني 9 / 359.
(19) حديث: " لا يقاد الأب من ابنه ". أخرجه البيهقي في المعرفة (12 / 40) من حديث عمر بن الخطاب، وصحح إسناده.
(20) الدسوقي 4 / 238.
(21) الدسوقي 4 / 238.
(22) حديث: " لقد هممت أن أنهي عن الغيلة. . . ". أخرجه مسلم (2 / 1067) من حديث جدامة بنت وهب الأسدية.
(23) حديث سعد بن أبي وقاص: أن رجلاً جاء إلى رسول الله ﷺ. . . ". أخرجه مسلم (2 / 1067) .
(24) جواهر الإكليل 1 / 402.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 342/ 31
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".