الواحد
كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...
مُخالَفَةُ القِياسِ النَّصَّ أو الإِجْماعَ.
فَسادُ الاِعْتِبارِ مِن الأَسْئِلَةِ والاِعْتراضاتِ الوارِدَةِ على القِياسِ، وذلك بِأن يُبَيِّنَ المُعْتَرِضُ أنَّ الحُكْمَ الذي دَلَّ عليه القِياسُ مُخالِفٌ لدَلِيلٍ مِن الكِتابِ أو السُّنَّةِ أو الإِجْماعِ. ومِثال مُخالَفَتِهِ النَّصَّ قَوْلُهُم: يَصِحُّ أن تُزَوِّجَ المَرْأَةُ الرَّشِيدَةُ نَفْسَها بِغَيْرِ وَليٍّ قِياسًا على صِحَّةِ بَيْعِها مالَها بِغَيْرِ وَليٍّ، وهذا فاسِدٌ؛ لِوُجودِ الدَّلِيلِ مِن السُّنَّةِ على بُطْلانِ نِكاحِ المَرْأَةِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ. ومِثالُ مُخالَفَتِهِ الإِجْماعَ قَوْلُهم: لا يُغَسِّلُ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ المَيِّتَةَ لِحُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْها قِياسًا على الأَجْنَبِيَّةِ، فَيُعْتَرَضُ عليه بأنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه غَسَّلَ فَاطِمَةَ رضي الله عنها ولم يُنْكِرْ عليه أَحَدٌ مِن الصَّحابَةِ؛ فَصارَ إِجْماعًا.
* الإحكام في أصول الأحكام : (4/76)
* البحر المحيط في أصول الفقه : (5/319)
* التقرير والتحبير : (3/252)
* شرح الكوكب المنير : (2/198)
* كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم : (2/1272)
* الأصول من علم الأصول : (ص 67) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْفَسَادُ فِي اللُّغَةِ: نَقِيضُ الصَّلاَحِ (1) .
وَالاِعْتِبَارُ فِي اللُّغَةِ: يَكُونُ بِمَعْنَى الاِخْتِبَارِ وَالاِمْتِحَانِ، مِثْل اعْتَبَرْتُ الدَّرَاهِمَ فَوَجَدْتُهَا أَلْفًا، وَيَكُونُ بِمَعْنَى الاِتِّعَاظِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَْبْصَارِ} (2) وَيَكُونُ الاِعْتِبَارُ بِمَعْنَى الاِعْتِدَادِ بِالشَّيْءِ فِي تَرَتُّبِ الْحُكْمِ، كَقَوْلِهِمْ: وَالْعِبْرَةُ بِالْعَقِبِ؛ أَيْ وَالاِعْتِدَادُ فِي التَّقَدُّمِ بِالْعَقِبِ (3) .
وَاصْطِلاَحًا عَرَّفَهُ الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ بِكَوْنِ الْقِيَاسِ مُعَارَضًا بِالنَّصِّ أَوِ الإِْجْمَاعِ (4) .
قَال السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَِنَّ اعْتِبَارَ الْقِيَاسِ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ فَاسِدٌ وَإِنْ كَانَ وَضْعُهُ وَتَرْكِيبُهُ صَحِيحًا، لِكَوْنِهِ عَلَى الْهَيْئَةِ الصَّالِحَةِ لاِعْتِبَارِهِ فِي تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ (5) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
فَسَادُ الْوَضْعِ:
2 - فَسَادُ الْوَضْعِ هُوَ أَنْ لاَ يَكُونَ الدَّلِيل عَلَى الْهَيْئَةِ الصَّالِحَةِ لاِعْتِبَارِهِ فِي تَرْتِيبِ الْحُكْمِ، كَتَرْتِيبِ الْحُكْمِ مِنْ وَضْعٍ يَقْتَضِي ضِدَّهُ، كَالضِّيقِ مِنَ التَّوَسُّعِ، وَالتَّخْفِيفِ مِنَ التَّغْلِيظِ، وَالإِْثْبَاتِ مِنَ النَّفْيِ. وَقَدْ صَرَّحَ الأُْصُولِيُّونَ بِأَنَّ فَسَادَ الاِعْتِبَارِ أَعَمُّ مِنْ فَسَادِ الْوَضْعِ، فَكُل فَاسِدِ الْوَضْعِ فَاسِدُ الاِعْتِبَارِ وَلاَ يَنْعَكِسُ.
وَجَعَلَهُمَا الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ شَيْئًا وَاحِدًا.
وَقَال ابْنُ بُرْهَانَ: هُمَا شَيْئَانِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا، وَقَالُوا: فَسَادُ الْوَضْعِ هُوَ أَنْ يُعَلَّقَ عَلَى الْعِلَّةِ ضِدُّ مَا يَقْتَضِيهِ. وَفَسَادُ الاِعْتِبَارِ هُوَ أَنْ يُعَلَّقَ عَلَى الْعِلَّةِ خِلاَفُ مَا يَقْتَضِيهِ.
قَال الزَّرْكَشِيُّ: اصْطِلاَحُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَغَايُرُ فَسَادِ الْوَضْعِ وَفَسَادِ الاِعْتِبَارِ، فَالأَْوَّل بَيَانُ مُنَاسَبَةِ الْوَصْفِ لِنَقِيضِ الْحُكْمِ، وَالثَّانِي اسْتِعْمَال الْقِيَاسِ عَلَى مُنَاقَضَةِ النَّصِّ أَوِ الإِْجْمَاعِ، فَهُوَ أَعَمُّ. وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ فَعِنْدَهُمْ أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ (6) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 - الأَْصْل فِي الْقِيَاسِ أَنَّهُ يُسْتَعْمَل إِذَا عُدِمَ النَّصُّ، وَقَدْ نَقَل الزَّرْكَشِيُّ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الرِّسَالَةِ: " الْقِيَاسُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ، لأَِنَّهُ لاَ يَحِل الْقِيَاسُ وَالْخَبَرُ مَوْجُودٌ، كَمَا يَكُونُ التَّيَمُّمُ طَهَارَةً عِنْدَ الإِْعْوَازِ مِنَ الْمَاءِ وَلاَ يَكُونُ طَهَارَةً إِذَا وُجِدَ الْمَاءُ " (7) .
لِذَا يَعْتَبِرُ الأُْصُولِيُّونَ الْقِيَاسَ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ أَوِ الإِْجْمَاعِ وَمُخَالَفَتِهِ لَهُمَا فَاسِدَ الاِعْتِبَارِ (8) .
وَفَسَادُ الاِعْتِبَارِ مِنَ الاِعْتِرَاضَاتِ الَّتِي تَرِدُ عَلَى الْقِيَاسِ، وَيَكُونُ الْقِيَاسُ فَاسِدَ الاِعْتِبَارِ عِنْدَمَا يُخَالِفُ نَصًّا أَوْ إِجْمَاعًا أَوْ كَانَتْ إِحْدَى مُقَدِّمَاتِهِ كَذَلِكَ، أَوْ كَانَ الْحُكْمُ مِمَّا لاَ يُمْكِنُ إِثْبَاتُهُ بِالْقِيَاسِ، وَذَلِكَ كَإِلْحَاقِ الْمُصَرَّاةِ بِغَيْرِهَا مِنَ الْعُيُوبِ فِي حُكْمِ الرَّدِّ وَعَدَمِهِ، وَوُجُوبِ بَدَل لَبَنِهَا الْمَوْجُودِ فِي الضَّرْعِ، أَوْ كَانَ تَرْكِيبُهُ مُشْعِرًا بِنَقِيضِ الْحُكْمِ الْمَطْلُوبِ (9) . وَمِنْ أَمْثِلَةِ فَسَادِ الاِعْتِبَارِ أَنْ يُقَال: لاَ يَصِحُّ الْقَرْضُ فِي الْحَيَوَانِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ كَالْمُخْتَلِطَاتِ - أَنْوَاعِ الْمَعَاجِينِ - فَيُعْتَرَضُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ ﵁ أَنَّهُ ﷺ اسْتَسْلَفَ بَكْرًا وَرَدَّ رَبَاعِيًّا وَقَال: إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً. (10) وَكَأَنْ يُقَال: لاَ يَجُوزُ لِلرَّجُل أَنْ يُغَسِّل زَوْجَتَهُ الْمَيِّتَةَ لِحُرْمَةِ النَّظَرِ إِلَيْهَا كَالأَْجْنَبِيَّةِ، فَيُعْتَرَضُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلإِْجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ فِي تَغْسِيل عَلِيٍّ فَاطِمَةَ ﵄ (11)
__________
(1) ) لسان العرب، والمصباح المنير.
(2) سورة الحشر / 59.
(3) المصباح المنير.
(4) التقرير والتحبير 3 / 252، ط الأميرية 1317هـ.
(5) حاشية التفتازاني على العضد 2 / 259.
(6) البحر المحيط للزركشي 5 / 319 وما بعدها ط وزارة الأوقاف الكويتية 1988م إرشاد الفحول 2 / 230 ط مصطفى الحلبي 1937م، وحاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 368.
(7) البحر المحيط 5 / 33.
(8) حاشية التفتازاني على العضد 2 / 259، وانظر التقرير والتحبير 3 / 252.
(9) البحر المحيط للزركشي 5 / 260، 319.
(10) (1) حديث أنه ﷺ " استلف بكرًا. . . ". 50 أخرجه مسلم (3 / 1224) .
(11) حاشية العطار على جمع الجوامع 1 / 368.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 127/ 32