المصور
كلمة (المصور) في اللغة اسم فاعل من الفعل صوَّر ومضارعه يُصَوِّر،...
الرَّاحَةُ مع الأَصابِعِ، سُمِّيَت بِذلك؛ لأنَّها تَكُفُّ الأذَى عن البَدَن، وقيل: الكَفُّ: اليَد، سُمِّيَت بذلك؛ لأنَّها تَكُفُّ صاحِبَها، أو لأنَّها تَقْبِض الشَّيْءَ. والكَفُّ أيضاً: التَّرْكُ والمَنْعُ، يُقال: كَفَّ الرَّجُلُ عن الأَمْرِ، يَكُفُّ كَفّاً، أي: انْصَرَفَ وامْتَنَعَ، وكَفَّ عن الشَّيء كَفّاً: إذا تَرَكَه. والجَمع: كُفُوفٌ وأَكُفٌّ.
يَرِد مُصطَلح (كفّ) في الفقه في عِدَّة مواطِن، منها: كتاب الطَّهارة، باب: صِفة التَّيمُّمِ، وفي كتاب الحدود، باب: حدّ السَّرقة، وباب: حدّ الحِرابَة، وفي كتاب الجنيات، باب: الجِنايَة فيما دون النَّفس، وكتاب الدّيات، باب: دِية الأعضاء والمنافع، وغير ذلك. ويُطلَق في كتاب الصَّلاة، باب: صِفة الصَّلاةِ عند الكلام على كَفِّ الشَّعْرِ أو الثَّوْبِ، ويُراد به: قَبْضُه وضَمُّه إليه، ورَفْعُه مِن بين يَديْه إذا أراد السُّجود. ويُطلَق في عِلمِ أصول الفقه، باب: الأحكام التَّكلِيفِيَّة، ويُراد بِه: الانتِهاءُ عن فِعْلِ المَنهِيِّ عنه.
كفف
* تحرير ألفاظ التنبيه : (ص 38)
* مقاييس اللغة : (5/129)
* تـهذيب الأسـماء واللغات : (4/117)
* النهاية في غريب الحديث والأثر : (2/553)
* شرح مختصر الروضة : (1/242)
* شرح الكوكب المنير : (1/385)
* التقرير والتحبير : (2/81)
* لسان العرب : (12/124)
* تاج العروس : (24/316)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 282)
* المغرب في ترتيب المعرب : (ص 411)
* التعريفات الفقهية : (ص 182)
* المغرب في ترتيب المعرب : (ص 412)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 382) -
التَّعْرِيفُ
: 1 - الْكَفُّ فِي اللُّغَةِ: رَاحَةُ الْيَدِ مَعَ الأَْصَابِعِ، يُؤَنَّثُ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُذَكَّرُ، وَجَمْعُهَا كُفُوفٌ وَأَكُفٌّ، مِثْل فَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَأَفْلُسٍ.
سُمِّيَتْ بِذَلِكَ، لأَِنَّهَا تَكُفُّ الأَْذَى عَنِ الْبَدَنِ.
وَتَكَفَّفَ الرَّجُل النَّاسَ وَاسْتَكَفَّهُمْ: مَدَّ كَفَّهُ إِلَيْهِمْ بِالْمَسْأَلَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ ﷺ فِي الْحَدِيثِ: إِنَّكَ إِنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ (1) .
وَقِيل: مَعْنَى اسْتَكَفَّ النَّاسَ: أَخَذَ الشَّيْءَ بِيَدِهِ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) . الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الإِْصْبَعُ:
2 - الإِْصْبَعُ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى السُّلاَمَى وَالظُّفُرُ وَالأُْنْمُلَةُ وَالأُْطْرَةُ وَالْبُرْجُمَةُ مَعًا. وَيُسْتَعَارُ لِلأَْمْرِ الْحِسِّيِّ فَيُقَال: لَكَ عَلَى فُلاَنٍ إِصْبَعٌ كَقَوْلِكَ: لَكَ عَلَيْهِ يَدٌ، وَالْجَمْعُ أَصَابِعُ.
وَالإِْصْبَعُ مُؤَنَّثَةٌ وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَسْمَائِهَا مِثْل الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ، قَال الصَّغَانِيُّ: يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَالْغَالِبُ التَّأْنِيثُ. وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (3) .
وَالْعِلاَقَةُ بَيْنَ الْكَفِّ وَالإِْصْبَعِ الْجُزْئِيَّةُ حَيْثُ إِنَّ الإِْصْبَعَ أَحَدُ أَطْرَافِ الْكَفِّ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْكَفِّ:
أَوَّلاً: غَسْل الْكَفَّيْنِ فِي أَوَّل الْوُضُوءِ
3 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ غَسْل الْكَفَّيْنِ إِلَى الْكُوعَيْنِ فِي أَوَّل الْوُضُوءِ لِفِعْل النَّبِيِّ ﷺ ذَلِكَ، فَقَدْ رَوَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ﵁ وَصْفَ وُضُوءِ النَّبِيِّ ﷺ فَقَال: دَعَا بِإِنَاءٍ فَأُفْرِغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ أَدْخَل يَمِينَهُ فِي الإِْنَاءِ (4) . وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْغَسْل عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ وَذَلِكَ بَعْدَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ غَسْلَهُمَا مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ لِغَيْرِ الْقَائِمِ مِنَ النُّوُمِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّ غَسْل الْكَفَّيْنِ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ سَوَاءٌ قَامَ الْمُتَوَضِّئُ مِنْ نَوْمٍ أَوْ لَمْ يَقُمْ مِنْ نَوْمٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا النَّوْمُ مِنْ نَوْمِ اللَّيْل أَوْ مِنْ نَوْمِ النَّهَارِ، لأَِنَّ آيَةَ الْوُضُوءِ لَمْ تَذْكُرْ غَسْل الْكَفَّيْنِ مِنْ بَيْنِ الْفُرُوضِ وَالْوَاجِبَاتِ، وَلأَِنَّ الْحَدِيثَ يَدُل عَلَى الاِسْتِحْبَابِ لِتَعْلِيلِهِ بِمَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ ﷺ: إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلاَ يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِْنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاَثًا فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ (5) ، حَيْثُ إِنَّ طُرُوءَ الشَّكِّ عَلَى الْيَقِينِ لاَ يُؤَثِّرُ فِيهِ.
وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنْ أَحْمَدَ هِيَ وُجُوبُ غَسْل الْكَفَّيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ لِلأَْمْرِ بِهِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَأَمْرُهُ ﷺ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُوجِبُونَ فِي أَيِّ نَوْمٍ يَجِبُ مِنْهُ الْغَسْل؟
فَذَهَبَ أَحْمَدُ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ بِالْوُجُوبِ إِلَى أَنَّ وُجُوبَ الْغَسْل يَكُونُ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ نَوْمِ اللَّيْل وَلاَ يَجِبُ غَسْلُهُمَا مِنْ نَوْمِ النَّهَارِ بِدَلاَلَةِ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ، حَيْثُ قَال: فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ، وَالْمَبِيتُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِلَيْلٍ، وَلأَِنَّ نَوْمَ اللَّيْل مَظِنَّةُ الاِسْتِغْرَاقِ فَإِصَابَتُهُ فِيهِ بِالنَّجَاسَةِ أَكْثَرُ احْتِمَالاً.
وَسَوَّى الْحَسَنُ بَيْنَ نَوْمِ اللَّيْل وَنَوْمِ النَّهَارِ فِي الْوُجُوبِ (6) لِعُمُومِ قَوْلِهِ ﷺ: إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نُوُمِهِ. . . إِلَخْ.
ثَانِيًا: غَسْل الْكَفَّيْنِ مَعَ الْيَدَيْنِ فِي الْوُضُوءِ
: 4 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ غَسْل الْكَفَّيْنِ مَعَ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ مِنْ أَرْكَانِ الْوُضُوءِ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (7) .
وَلِلأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي وَصْفِ وُضُوءِ النَّبِيِّ (8) ﷺ وَمِنْهَا: أَنَّهُ ﷺ تَوَضَّأَ فَغَسَل وَجْهَهُ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ ثُمَّ غَسَل يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ، ثُمَّ يَدَهُ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ. . . (9) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (وُضُوءٌ) .
ثَالِثًا: مَسْحُ الْكَفَّيْنِ فِي التَّيَمُّمِ:
5 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ مَسْحِ الْكَفَّيْنِ بِالتُّرَابِ عِنْدَ التَّيَمُّمِ وَأَنَّ هَذَا رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (10) ، وَلِلأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي هَذَا الْبَابِ، مِنْهَا: عَنْ عَمَّارٍ ﵁ قَال: بَعَثَنِي النَّبِيُّ ﷺ فِي حَاجَةٍ، فَأَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَال: إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُول بِيَدَيْكَ هَكَذَا، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الأَْرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَال عَلَى الْيَمِينِ وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ (11) .
وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مَسْحِ مَا عَدَا الْكَفَّيْنِ مِنَ السَّاعِدِ وَالْمِرْفَقِ (12) . وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَيَمُّمٌ ف 7 - 11) .
رَابِعًا: غَسْل الْكَفَّيْنِ قَبْل الأَْكْل وَبَعْدَهُ:
6 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى اسْتِحْبَابِ غَسْل الْكَفَّيْنِ قَبْل الأَْكْل وَبَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُكْثِرَ اللَّهُ خَيْرَ بَيْتِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ إِذَا حَضَرَ غِذَاؤُهُ وَإِذَا رُفِعَ (13) .
وَعَنْهُ ﷺ: مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمْرٍ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلاَ يَلُومَن إِلاَّ نَفْسَهُ (14) .
قَال الْعُلَمَاءُ: الْمُرَادُ بِالْوُضُوءِ فِي هَذِهِ الأَْحَادِيثِ هُوَ غَسْل الْيَدَيْنِ لاَ الْوُضُوءُ الشَّرْعِيُّ.
وَقَال الصَّاوِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: غَسْل الْيَدِ قَبْل الطَّعَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُنَّةً عِنْدَنَا فَهُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ، أَمَّا بَعْدَ الأَْكْل فَيُنْدَبُ الْغَسْل.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يُكْرَهُ الْغَسْل قَبْل الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ يُكْرَهُ قَبْلَهُ (&# x663 ;) . خَامِسًا: قَطْعُ الْكَفِّ فِي الْقِصَاصِ:
7 - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي قَطْعِ الْكَفِّ إِذَا تَوَفَّرَتْ فِي الْجِنَايَةِ شُرُوطُ الْقِصَاصِ، لِوُجُوبِ الْمُمَاثَلَةِ وَلإِِمْكَانِ الاِسْتِيفَاءِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ.
فَإِذَا قُطِعَتْ يَدُ الْمَجْنِي عَلَيْهِ مِنْ مَفْصِل الْكُوعِ وَجَبَ الْقِصَاصُ لِلْمَجْنِي عَلَيْهِ، وَلَهُ قَطْعُ يَدِ الْجَانِي مِنْ مَفْصِل الْكُوعِ، لأَِنَّهُ أَمْكَنَهُ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ دُونَ الْخَوْفِ مِنْ حَيْفٍ.
وَقَال الْفُقَهَاءُ لَيْسَ لَهُ الْتِقَاطُ - أَيْ قَطْعُ - أَصَابِعِ الْجَانِي لأَِنَّ هَذَا غَيْرُ مَحَل الْجِنَايَةِ فَلاَ يَجُوزُ الاِسْتِيفَاءُ مِنْ غَيْرِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَحَل الْجِنَايَةِ، وَمَهْمَا أَمْكَنَهُ الْمُمَاثَلَةَ فَلَيْسَ لَهُ الْعُدُول عَنْهَا.
قَال الشَّافِعِيَّةُ: حَتَّى لَوْ طَلَبَ قَطْعَ أُنْمُلَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَل وَقَطَعَ الأَْصَابِعَ عُزِّرَ لِعُدُولِهِ عَنِ الْمُسْتَحَقِّ وَلاَ غُرْمَ لأَِنَّ لَهُ إِتْلاَفَ الْجُمْلَةِ فَلاَ يَلْزَمُهُ بِإِتْلاَفِ الْبَعْضِ غُرْمٌ.
وَالأَْصَحُّ أَنَّ لَهُ قَطْعَ الْكَفِّ بَعْدَ ذَلِكَ (15) .
سَادِسًا: دِيَةُ الْكَفِّ
8 - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ نِصْفِ دِيَةٍ فِي قَطْعِ الْيَدِ مِنْ مَفْصِل الْكَفِّ الصَّحِيحِ إِذَا كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، وَعُفِيَ عَنِ الْقِصَاصِ أَوْ كَانَتْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ لِحَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ﵁ قَال: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: وَفِي الْيَدَيْنِ الدِّيَةُ (16) الْحَدِيثَ، وَلِمَا وَرَدَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ ﷺ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ﵁: وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ مِنَ الإِْبِل (17) .
وَالْمُرَادُ مِنَ الْيَدِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الدِّيَةُ الْوَارِدَةُ فِي الْحَدِيثَيْنِ هِيَ الْكَفُّ، لأَِنَّ اسْمَ الْيَدِ عِنْدَ الإِْطْلاَقِ يَنْصَرِفُ إِلَيْهَا بِدَلِيل: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا قَال: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (18) كَانَ الْوَاجِبُ قَطْعُهُمَا مِنَ الْكُوعِ، وَلأَِنَّ فِيهِمَا جَمَالاً ظَاهِرًا وَمَنْفَعَةً كَامِلَةً، وَلَيْسَ فِي الْبَدَنِ مِنْ جِنْسِهِمَا غَيْرُهُمَا، فَكَانَ فِيهِمَا الدِّيَةُ كَالْعَيْنَيْنِ، وَلأَِنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ فِي الْيَدِ مِنَ الْبَطْشِ وَالأَْخَذِ وَالدَّفْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ تَتِمُّ بِالْكَفِّ، وَمَا زَادَ تَابِعٌ لِلْكَفِّ (19) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (دِيَاتٌ ف 43) . سَابِعًا: قَطْعُ كَفِّ السَّارِقِ
9 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ يَدَ السَّارِقِ تُقْطَعُ عِنْدَ اسْتِيفَاءِ شُرُوطِ السَّرِقَةِ مِنْ مَفْصِل الْكَفِّ وَهُوَ الْكُوعُ لِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَطَعَ يَدَ سَارِقٍ مِنَ الْمَفْصِل (20) ، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعُمَرَ ﵄ أَنَّهُمَا قَالاَ: " إِذَا سَرَقَ السَّارِقُ فَاقْطَعُوا يَمِينَهُ مِنَ الْكُوعِ "، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ ﵄: أَنَّهُمَا قَطَعَا الْيَدَ مِنَ الْمَفْصِل.
قَال الْكَاسَانِيُّ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَطَعَ يَدَ السَّارِقِ مِنْ مَفْصِل الزَّنْدِ، فَكَانَ فِعْلُهُ بَيَانًا لِلْمُرَادِ مِنَ الآْيَةِ الشَّرِيفَةِ، كَأَنَّهُ نَصَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَقَال: فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا مِنْ مَفْصِل الزَّنْدِ، وَعَلَيْهِ عَمَل الأُْمَّةِ مِنْ لَدُنْ رَسُول اللَّهِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا (21) .
وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ: أَنَّ يَدَ السَّارِقِ تُقْطَعُ مِنَ الْمِرْفَقِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: تُقْطَعُ مِنْ مَنْبَتِ الأَْصَابِعِ.
وَقِيل: تُقْطَعُ مِنَ الْمَنْكِبِ، وَأَدِلَّةُ هَؤُلاَءِ جَمِيعًا ظَاهِرُ آيَةِ السَّرِقَةِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} الآْيَةَ، قَالُوا: إِنَّ اسْمَ الْيَدِ يَقَعُ عَلَى هَذَا الْعُضْوِ إِلَى الْمَنْكِبِ بِدَلِيل أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ ﵄ فَهِمَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ قَوْله تَعَالَى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (22) ، فَمَسَحَ بِالتُّرَابِ إِلَى الْمَنْكِبِ، وَلَمْ يَخْطَأْ مِنْ طَرِيقِ اللُّغَةِ (23) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (سَرِقَةٌ ف 65 و66) .
ثَامِنًا: قَطْعُ كَفِّ قَاطِعِ الطَّرِيقِ
10 - ذَهَبَ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ يَدَ قَاطِعِ الطَّرِيقِ الَّذِي تَتَوَفَّرُ فِيهِ شُرُوطُ الْقَطْعِ تُقْطَعُ مِنْ مَفْصِل الْكَفِّ (24) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (حَدٌّ ف 33) .
__________
(1) حديث: " إنك إن تذر ورثتك. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 123) ، ومسلم (3 / 1251) من حديث سعد بن أبي وقاص، واللفظ لمسلم.
(2) لسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط، والمغرب في ترتيب المعرب مادة (كف) .
(3) المراجع السابقة
(4) حديث " عثمان في وصف وضوء النبي ﷺ ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 259) ، ومسلم (1 / 204) واللفظ للبخاري.
(5) حديث: " إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 263) ، ومسلم (1 / 233) من حديث أبي هريرة واللفظ لمسلم.
(6) حاشية ابن عابدين 1 / 75، وجواهر الإكليل 1 / 16، والمجموع للنووي 1 / 347، ومغني المحتاج 1 / 57، والمغني لابن قدامة 1 / 97.
(7) سورة المائدة / 6.
(8) حاشية ابن عابدين 1 / 66، ومغني المحتاج 1 / 52، وجواهر الإكليل 1 / 14، والمغني لابن قدامة 1 / 122.
(9) حديث " أنه ﷺ توضأ فغسل وجهه. . . ". أخرجه مسلم (1 / 216) من حديث أبي هريرة.
(10) سورة المائدة / 6.
(11) حديث عمار: " بعثني النبي ﷺ في حاجة فأجنبت. . . ". أخرجه مسلم (1 / 280) .
(12) حاشية ابن عابدين 1 / 153، وجواهر الإكليل 1 / 27، ومغني المحتاج 1 / 99، والمغني لابن قدامة 1 / 244.
(13) حديث: " من أحب أن يكثر الله خير بيته. . . ". أخرجه ابن ماجه (2 / 1085) من حديث أنس بن مالك، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 174) .
(14) حديث: " من بات وفي يده ريح غمر. . . ". أخرجه الترمذي (4 / 289) من حديث أبي هريرة وقال: حديث حسن.
(15) البدائع 7 / 297، و298، وجواهر الإكليل 2 / 259، ومغني المحتاج 4 / 25 - 29، والمغني لابن قدامة 7 / 708.
(16) حديث: " وفي اليدين الدية ". أورده الزيلعي في نصب الراية (4 / 371) من حديث سعيد بن المسيب، وقال: " غريب ".
(17) حديث: " وفي اليد خمسون من الإبل ". أخرجه النسائي (8 / 59) ، ونقل ابن حجر في التلخيص (4 / 17 - 18) تصحيحه عن جماعة من العلماء.
(18) سورة المائدة / 38.
(19) البدائع 7 / 314، والقوانين الفقهية ص 344، ومغني المحتاج 4 / 65، والمغني 8 / 27.
(20) حديث: " أن رسول الله ﷺ قطع يد سارق من المفصل ". أخرجه البيهقي (8 / 271) من حديث جابر بن عبد الله
(21) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 7 / 88.
(22) سورة المائدة / 6.
(23) تفسير القرطبي 6 / 171، وأحكام القرآن للجصاص 2 / 510، والبدائع 7 / 88، جواهر الإكليل 2 / 289، ومغني المحتاج 4 / 178، والمغني لابن قدامة 8 / 259.
(24) أحكام القرآن للجصاص 2 / 493، وتفسير القرطبي 6 / 147، والبدائع 7 / 96، ومغني المحتاج 4 / 180، والمغني لابن قدامة 8 / 286.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 30/ 35
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".