الحسيب
(الحَسِيب) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على أن اللهَ يكفي...
تَشْيِيعُ الشَّخْصِ وَتَحِيَّتُهُ عِنْدَ مُفَارَقَتِهِ، تَقُولُ: وَدَّعْتُهُ وَدَاعًا وَتَوْدِيعًا أَيْ حَيَّيْتُهُ عِندَ سَفَرِهِ وَرَحِيلِهِ، وَالتَّوْدِيعُ يَكُونُ للحَيِّ وللمَيِّتِ، وَيُطْلَقُ الوَدَاعُ عَلَى الفِرَاقِ وَالرَّحِيلِ، كَقَوْلِ: يَوْمُ الوَدَاعِ أَيْ يَوْمِ الرَّحِيلِ وَالفِرَاقِ، وَأَصْلُ الوَدَاعِ مِنَ الوَدْعِ وَهُوَ: التَّرْكُ وَالتَّخْلِيَةُ، يُقَالُ: وَدَعَ الشيءَ يَدَعُهُ وَدْعًا إِذَا تَركَهُ، فَهُو مُودِعٌ وَمُسْتَوْدِعٌ، وَيُطْلَقُ الوَدْعُ بِمَعْنَى: السُّكُونُ وَالاِسْتِقْرَارُ، يُقَالُ: وَدَعَ الشَّيْءَ يَدَعُ إِذَا سَكَنَ وَاسْتَقَرَّ، وَالوَدِيعُ: الرَّجُلُ السَّاكِنُ، وَالدَّعَةُ: السُّكُونُ وَالرَّاحَةُ، وَالوَدْعُ أيْضًا: الحِفْظُ وَالصِّيَانَةُ، وَمِنْهُ الوَدِيعَةُ وَهِيَ كُلُّ مَا يُطْلَبُ حِفْظُهُ وَصِيَانَتُهُ، وَسُمِّيَ الوَدَاعُ بِذَلِكَ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكٍ وَمُفَارَقَةٍ وَأَيْضًا دُعَاءٌ بِالحِفْظِ وَالسُّكُونِ فِي السَّفَرِ.
يَذْكُرُ الفُقَهَاءُ الوَدَاعَ فِي كِتَابِ الجَنَائِزِ فِي بَابِ احْتِضَارِ المَيِّتِ، وَكِتَابِ الجِهَادِ فِي بَابِ الخُرُوجِ لِلْجِهَادِ، وَيُطْلَقُ فِي كِتَابِ الحَجِّ فِي بَابِ صِفَةِ الحَجِّ وَيُرادُ بِهِ: الطَّوَافُ بِالكَعْبَةِ سَبْعَ أَشْواطٍ قَبْلَ الخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ.
وَدَعَ
تَحِيَّةُ الشَّخْصِ بِالقَوْلِ أَوِ الفِعْلِ عِنْدَ مُفَارَقَتِهِ.
الوَدَاعُ هُوَ تَحِيَّةُ الشَّخْصِ لِآخَرَ عِنْدَ رَحِيلِهِ عَنْهُ، وَيَكونُ بِقَوْلِ كَالسَّلاَمِ وَالدُّعَاءِ وَنحْوِ ذَلِكَ، وَيَكونُ بِالفِعْلِ كَمُصَافَحَتِهِ وَمُعَانَقَتِهِ وَاتِّبَاعِهِ وَالمَشْيِ مَعَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالوَدَاعُ يَقَعُ لِلْأَحْيَاءِ وَالأَمْواتِ، سَواءً كَانَ لِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهُ.
تَشْيِيعُ الشَّخْصِ وَتَحِيَّتُهُ عِنْدَ مُفَارَقَتِهِ، وَيَكُونُ للحَيِّ وللمَيِّتِ، وَيُطْلَقُ الوَدَاعُ عَلَى الفِرَاقِ وَالرَّحِيلِ، وَأَصْلُ الوَدَاعِ مِنَ الوَدْعِ وَهُوَ: التَّرْكُ وَالتَّخْلِيَةُ.
* معجم مقاييس اللغة : (6 /96)
* مختار الصحاح : ص 335 - معجم مقاييس اللغة : (6 /96) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْوَدَاعُ - بِفَتْحِ الْوَاوِ - لُغَةً: اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى التَّوْدِيعِ، كَالسَّلاَمِ وَالْكَلاَمِ بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ وَالتَّكْلِيمِ.
قَال الْفَيُّومِيُّ: وَادَعْتُهُ مُوَادَعَةً صَالَحْتُهُ وَالاِسْمُ الْوِدَاعُ - بِالْكَسْرِ - وَوَدَّعْتُهُ تَوْدِيعًا، وَالاِسْمُ الْوَدَاعُ بِالْفَتْحِ، وَهُوَ أَنْ تُشَيِّعَهُ عِنْدَ سَفَرِهِ (1) .
وَقَال ابْنُ مَنْظُورٍ: الْوَدَاعُ تَوْدِيعُ النَّاسِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عِنْدَ الْمَسِيرَةِ (2) .
وَكُلٌّ مِنَ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ مُوَدِّعٌ وَمُوَدَّعٌ، يُقَال: أَرَادَ فُلاَنٌ السَّفَرَ، فَوَدَّعَنَا وَوَدَّعْنَاهُ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوَدَاعِ:
يَتَعَلَّقُ بِالْوَدَاعِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
تَوْدِيعُ الْمُسَافِرِ أَهْلَهُ وَأَصْحَابَهُ قَبْل سَفَرِهِ:
2 - يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِ إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ لِسَفَرِهِ أَنْ يُوَدِّعَ إِخْوَانَهُ وَأَهْلَهُ وَأَقَارِبَهُ وَأَصْحَابَهُ وَجِيرَانَهُ وَيَسْأَلَهُمُ الدُّعَاءَ لَهُ وَيَدْعُوَ لَهُمْ.
قَال الشَّعْبِيُّ: " السُّنَّةُ إِذَا خَرَجَ الرَّجُل إِلَى سَفَرٍ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى إِخْوَانِهِ فَيُوَدِّعَهُمْ وَيَغْتَنِمَ دُعَاءَهُمْ، وَإِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَنْ يَأْتُوا إِلَيْهِ فَيُسَلِّمُوا عَلَيْهِ (3) ".
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لاِبْنِ الْهُمَامِ: يُوَدِّعُ الْمُسَافِرُ أَهْلَهُ وَإِخْوَانَهُ، وَيَسْتَحِلُّهُمْ، وَيَطْلُبُ دُعَاءَهُمْ، وَيَأْتِي إِلَيْهِمْ لِذَلِكَ، وَهُمْ يَأْتُونَ إِلَيْهِ إِذَا قَدِمَ (4) .
قَال ابْنُ عِلاَّنٍ: وَهَذَا لِمَا وَرَدَ أَنَّهُ ﷺ كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَتَى أَصْحَابَهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَتَوْا إِلَيْهِ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ (5) قَال: وَإِنَّمَا كَانَ هُوَ الْمُوَدِّعَ لأَِنَّهُ الْمُفَارِقُ، وَالتَّوْدِيعُ مِنْهُ. وَالْقَادِمُ يُؤْتَى إِلَيْهِ لِيُهَنَّأَ بِالسَّلاَمَةِ (6) .
مَا يَقُولُهُ الْمُسَافِرُ فِي التَّوْدِيعِ لِمَنْ يَخْلُفُهُ مِنْ أَهْلِهِ وَضَيْعَتِهِ:
3 - قَال أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ لِرَجُلٍ: أُوَدِّعُكَ كَمَا وَدَّعَنِي رَسُول اللَّهِ، ﷺ: " أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ الَّذِي لاَ يُضَيِّعُ وَدَائِعَهُ (7) "، وَفِي الْفُرُوعِ يَقُول: " اللَّهُمَّ هَذَا دِينِي وَأَهْلِي وَمَالِي وَدِيعَةٌ عِنْدَكَ. اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْمَال وَالأَْهْل وَالْوَلَدِ (8) ".
مَا يُقَال لِلْمُسَافِرِ عِنْدَ التَّوْدِيعِ:
4 - قَال النَّوَوِيُّ: السُّنَّةُ أَنْ يَقُول الْمُوَدِّعُ لِلْمُسَافِرِ مَا وَرَدَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ﵁ كَانَ يَقُول لِلرَّجُل إِذَا أَرَادَ سَفَرًا: ادْنُ مِنِّي أُوَدِّعْكَ كَمَا كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يُوَدِّعُنَا فَيَقُول: أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ (9) ".
قَال الْخَطَّابِيُّ: الأَْمَانَةُ هُنَا أَهْلُهُ وَمَنْ يَخْلُفُهُ مِنْهُمْ وَمَالُهُ الَّذِي يُودِعُهُ وَيَسْتَحْفِظُهُ أَمِينَهُ وَوَكِيلَهُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا، وَجَرَى ذِكْرُ الدِّينِ مَعَ الْوَدَائِعِ لأَِنَّ السَّفَرَ مَوْضِعُ خَوْفٍ وَخَطَرٍ، وَقَدْ تُصِيبُهُ فِيهِ الْمَشَقَّةُ وَالتَّعَبُ، فَيَكُونُ سَبَبًا لإِِهْمَال بَعْضِ الأُْمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالدِّينِ فَدَعَا لَهُ بِالْمَعُونَةِ وَالتَّوْفِيقِ.
وَعَنْ أَنَسٍ ﵁ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا فَزَوِّدْنِي، قَال: زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى، قَال: زِدْنِي، قَال: وَغَفَرَ ذَنْبَكَ، قَال: زِدْنِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي. قَال: وَيَسَّرَ لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ (10) ، وَعَلَّمَ النَّبِيُّ ﷺ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ يَقُول عِنْدَ التَّوْدِيعِ: " أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ الَّذِي لاَ يُضَيِّعُ وَدَائِعَهُ (11) ".
طَلَبُ الدُّعَاءِ مِنَ الْمُسَافِرِ وَالدُّعَاءُ لَهُ:
5 - رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ﵁ " أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ ﷺ فِي الْعُمْرَةِ، فَقَال: أَيْ أَخِي أَشْرِكْنَا فِي دُعَائِكَ وَلاَ تَنْسَنَا (12) "، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ سَفَرًا فَلْيُسَلِّمْ عَلَى إِخْوَانِهِ فَإِنَّهُمْ يُزِيدُونَهُ إِلَى دُعَائِهِ خَيْرًا (13) .
الْمُصَافَحَةُ وَالتَّقْبِيل عِنْدَ التَّوْدِيعِ:
6 - وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا وَدَّعَ رَجُلاً أَخَذَ بِيَدِهِ، فَلاَ يَدَعُهَا حَتَّى يَكُونَ الرَّجُل هُوَ يَدَعُ يَدَ النَّبِيِّ ﷺ وَيَقُول: أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَآخِرَ عَمَلِكَ (14) .
وَيُكْرَهُ تَحْرِيمًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَقْبِيل الرَّجُل فَمَ الرَّجُل أَوْ شَيْئًا مِنْهُ، وَكَذَا تَقْبِيل الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ عِنْدَ لِقَاءٍ أَوْ وَدَاعٍ إِنْ كَانَ عَنْ شَهْوَةٍ، أَمَّا عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ فَجَائِزٌ إِنْ أُمِنَ الشَّهْوَةُ (15) وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ تَقْبِيل الْفَمِ بِلاَ شَهْوَةٍ لاَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ إِنْ كَانَ التَّقْبِيل عَلَى سَبِيل الْوَدَاعِ لِلزَّوْجَةِ أَوْ لِذَاتِ مَحْرَمٍ وَهَذَا يُفِيدُ جَوَازَ التَّقْبِيل لِلْوَدَاعِ (16) .
(انْظُرْ تَقْبِيل ف 7)
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يُسَنُّ التَّقْبِيل لِنَحْوِ قُدُومٍ مِنْ سَفَرٍ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ إِلاَّ فِي نَحْوِ أَمْرَدَ فَيَحْرُمُ، وَفِي نَحْوِ أَبْرَصَ أَوْ أَجْذَمَ فَيُكْرَهُ (17) .
انْظُرْ تَقْبِيل ف 7) تَوْدِيعُ الْمُسَافِرِ مَنْزِلَهُ بِرَكْعَتَيْنِ:
7 - يُسْتَحَبُّ لِلشَّخْصِ عِنْدَ إِرَادَتِهِ الْخُرُوجَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ لِمَا رَوَى أَنَسٌ ﵁ قَال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لاَ يَنْزِل مَنْزِلاً إِلاَّ وَدَّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ (18) ، وَعَنْهُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَال: " إِنِّي نَذَرْتُ سَفَرًا، وَقَدْ كَتَبْتُ وَصِيَّتِي فَإِلَى مَنْ أَدْفَعُهَا: إِلَى أَبِي أَمْ إِلَى أَخِي أَمْ إِلَى ابْنِي؟ فَقَال ﷺ: مَا اسْتَخْلَفَ عَبْدٌ فِي أَهْلِهِ مِنْ خَلِيفَةٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ يُصَلِّيهِنَّ فِي بَيْتِهِ إِذَا شَدَّ عَلَيْهِ ثِيَابَ سَفَرِهِ (19) ".
وَلِمَا رَوَى الْمُطْعِمُ بْنُ الْمِقْدَامِ الصَّنْعَانِيُّ (20) عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مَا خَلَّفَ عَبْدٌ عَلَى أَهْلِهِ أَفْضَل مِنْ رَكْعَتَيْنِ يَرْكَعُهُمَا عِنْدَهُمْ حِينَ يُرِيدُ السَّفَرَ (21) تَوْدِيعُ الْمُجَاهِدِينَ إِذَا خَرَجُوا فِي سَبِيل اللَّهِ:
8 - وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ الْجَيْشَ قَال: أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكُمْ وَأَمَانَتَكُمْ وَخَوَاتِيمَ أَعْمَالِكُمْ (22) .
وَوَرَدَ عَنِ ابْن عَبَّاسٍ ﵄: قَال: مَشَى مَعَهُمْ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ ثُمَّ وَجَّهَهُمْ وَقَال: انْطَلِقُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ، وَقَال: اللَّهُمَّ أَعِنْهُمْ (23) .
تَوْدِيعُ الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ أَهْلَهُ وَأَصْحَابَهُ وَالْمَسْجِدَ:
9 - يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ أَنْ يُوَدِّعَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَهْلَهُ وَأَقَارِبَهُ وَأَصْحَابَهُ، لأَِنَّهُ مُسَافِرٌ، كَغَيْرِهِ مِنَ الْمُسَافِرِينَ، وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ: مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ وَآدَابِهِ أَنَّ الْمُسَافِرَ لِلْحَجِّ يُوَدِّعُ الْمَسْجِدَ - أَيْ مَسْجِدَ بَلَدِهِ - بِرَكْعَتَيْنِ، وَيُوَدِّعُ مَعَارِفَهُ وَيَسْتَحِلُّهُمْ وَيَلْتَمِسُ دُعَاءَهُمْ (24) .
تَوْدِيعُ الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ لِلْبَيْتِ الْحَرَامِ عِنْدَ الْخُرُوجِ:
10 - يَكُونُ تَوْدِيعُ الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ بِأَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا. وَيُسَمَّى هَذَا طَوَافَ الْوَدَاعِ، أَوْ طَوَافَ الصَّدْرِ.
وَتُنْظَرُ أَحْكَامُهُ فِي (حَجّ ف 70 - 74، عُمْرَة ف 11)
__________
(1) الْقَامُوس الْمُحِيط، والمصباح الْمُنِير.
(2) انْظُرْ لِسَان الْعَرَبِ، والقاموس الْمُحِيط.
(3) الآْدَاب الشَّرْعِيَّة لاِبْن مُفْلِح 1 / 450 بَيْرُوت، مؤسسة الرِّسَالَة.
(4) فَتْح الْقَدِير 2 / 319.
(5) حَدِيث " كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَتَى أَصْحَابه. . . ". أَخْرَجَهُ ابْن عَدِيٍّ فِي الْكَامِل فِي الضُّعَفَاءِ (5 / 1931 - ط دَار الْفِكْرِ) ، وَقَال عَنْ رَاوِيهِ عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيه لاَ يُتَابِع وأخرج أَحْمَد فِي الْمُسْنَدِ (5 / 455 - ط الميمنية) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ كَعْب بْن مَالِك أَحَد الثَّلاَثَة الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ أَنْ كَعَّبَ بْن مَالِك قَال: " كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأ بِالْمَسْجِدِ، فَسَبَّحَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ فَجَلَسَ فِي مُصَلاَّهُ، فَيَأْتِيهِ النَّاسُ فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ
(6) شَرْح الأَْذْكَار 5 / 112، 113.
(7) حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ لِرَجُل: " أَوْدَعَك كَمَا وَدَّعَنِي رَسُول اللَّهِ. . . " أَخْرَجَهُ أَحْمَد (2 / 403 - ط الميمنية) ، وحسنه ابْن حَجَرٍ كَمَا فِي الْفُتُوحَاتِ لأَِبِي عِلاَن (5 / 114 - ط المنيرية) .
(8) فَتْح الْقَدِير 2 / 319، والفروع 3 / 274.
(9) حَدِيث: أَنَّ ابْن عُمَر كَانَ يَقُول لِلرَّجُل إِذَا أَرَادَ سَفَرًا. . . " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ (5 / 499 - ط الْحَلَبِيّ) وَقَال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(10) حَدِيث: " جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا. . . " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ (5 / 500 - ط الْحَلَبِيّ) وَقَال: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
(11) إِحْيَاء عُلُوم الدِّينِ 6 / 1096 ط الشَّعْب، والآداب الشَّرْعِيَّة 1 / 448. وَحَدِيثٌ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ عَلَّمَهُ أَنْ يَقُول عِنْدَ التَّوْدِيعِ. . . أَخْرَجَهُ أَحْمَد (2 / 403 - ط الميمنية) ، ونقل ابْن عِلاَنٍ فِي الْفُتُوحَاتِ (5 / 114) عَنِ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ قَال: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
(12) حَدِيث عُمَر: أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ ﷺ فِي الْعُمْرَةِ. . . ". أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ (5 / 560 - ط الْحَلَبِيّ) ، وأحمد (1 / 29 - ط الميمنية) ، وقال الهيثمي فِي مَجْمَع الزَّوَائِد (3 / 279 - ط السَّعَادَة) : فِيهِ عَاصِم بْن عُبَيْد اللَّهِ وَهُوَ ضَعِيف.
(13) حَدِيث: " إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ سَفَرًا. . " أَوْرَدَهُ الهيثمي فِي مَجْمَع الزَّوَائِد (3 / 210 - ط الْقُدْسِيّ) وَقَال: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الأَْوْسَطِ، وَفِيهِ يَحْيَى بْن الْعَلاَء الْبَجَلِيّ، وَهُوَ ضَعِيف.
(14) حَدِيث: (كَانَ النَّبِيّ ﷺ إِذَا وَدَّعَ رَجُلاً أَخَذَ بِيَدِهِ. . . " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ (5 / 99 - ط الْحَلَبِيّ) ، وَقَال: حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
(15) الْفُتُوحَات الرَّبَّانِيَّة شَرْح الأَْذْكَار 3 / 112، والآداب الشَّرْعِيَّة 1 / 450، ورد الْمُحْتَار ط بُولاَق 5 / 244.
(16) حَاشِيَة الدُّسُوقِيّ عَلَى الشَّرْحِ الْكَبِيرِ 1 / 121، المواق بِهَامِش الْحَطَّاب 1 / 296، 297.
(17) الْقَلْيُوبِيّ عَلَى شَرْحِ الْمِنْهَاجِ 3 / 213.
(18) حَدِيث: " كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لاَ يَنْزِل مَنْزِلاً إِلاَّ وَدَّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ. أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ (2 / 101 - ط دَائِرَة الْمَعَارِفِ الْعُثْمَانِيَّة) ، وأعله الذَّهَبِيّ بِضَعْفِ رَاوِيَيْنِ فِيهِ.
(19) حَدِيث: " مَا اسْتَخْلَفَ عَبْد فِي أَهْلِهِ مِنْ خَلِيفَة. . . " أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِ نَيْسَابُورَ كَمَا فِي الْفُتُوحَاتِ لاِبْنِ عِلاَن (5 / 107 - ط المنيرية) ، ثُمَّ نَقَل ابْنُ عِلاَنٍ عَنِ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ أَعُلْهُ بِجَهَالَة رَ
(20) شَرْح الأَْذْكَارِ 5 / 105، 107.
(21) حَدِيث: " مَا خَلَّفَ عَبْد عَلَى أَهْلِهِ. . . " أَخْرَجَهُ ابْن أَبِي شَيْبَة فِي الْمُصَنَّفِ (2 / 81 - ط الدَّار السَّلَفِيَّة) مِنْ حَدِيثِ الْمَطْعَمِ بْن الْمِقْدَامِ مُرْسَلاً.
(22) حَدِيث: " كَانَ رَسُول اللَّهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَوْحِ الْجَيْشُ. . . . " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد (3 / 77 - ط حِمْصَ) وَصَحَّحَ إِسْنَاده النَّوَوِيّ فِي الأَْذْكَارِ (ص 196 - ط دَار الْكِتَابِ الْعَرَبِيِّ) .
(23) حَدِيث: " مَشَى مَعَهُمْ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِلَى بَقِيع الْغَرْقَد. . . " أَخْرَجَهُ أَحْمَد (1 / 266 - ط الميمنية) ، والحاكم (2 / 98 - ط دَائِرَة الْمَعَارِفِ الْعُثْمَانِيَّة) وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
(24) الدُّرّ بِهَامِش حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 2 / 150.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 370/ 42
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".