القوي
كلمة (قوي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من القرب، وهو خلاف...
استقرار المسافر في بلد أربعة أيام يتم فيها صلاته، فلا يقصرها، ولا يجمعها . وعند الحنفية يقيم خمسة عشر يوماً لا يقصرها . ومن شواهده أنه يُسَنُّ الحدر -الإسراع - في إقامة الصلاة، والتَّرَسُّل في أداء الأذان؛ لحديث : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ لِبِلاَلٍ : "يَا بِلاَلُ، إِذَا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّلْ فِي أَذَانِكَ، وَإِذَا أَقَمْتَ فَاحْدُرْ ." الترمذي :195، وضعفه الألباني .
الإِقامَةُ: الثَّباتُ والاِسْتِقْرارُ، يُقالُ: أَقامَ بِالـمَكانِ، أيْ: ثَبَتَ واسْتَقَرَّ فِيهِ، وتُطْلَقُ بِـمعنى الدَّوامِ على الشَّيْءِ، كَقَوْلِهِم: أَقامَ الشَّيْءَ بـِمعنى أَدامَهُ. ومِن مَعانِيها: القِيامُ بِالشَّيِْءِ، مِن أَقامَ الشَّيْءَ: إذا قَوَّمَهُ وسَوّاهُ، كَما تُطْلَقُ الإِقامَةُ أيضاً ويُرادُ بـِها: جَعْلُ القاعِدِ قائماً.
يُطلَقُ مُصْطلَح (إِقامَة) في الفقهِ في كِتابِ الطَّهارَةِ، باب: المَسْح على الخُفَّيْنِ، وفي كِتابِ الصَّلاةِ، باب: صَلاة الـمُسافِرِ، وباب: شُروط صلاةِ الجُمُعةِ، وفي كِتابِ الصِّيامِ، باب: صَوْم الـمُسافِرِ، وفي كِتابِ الحَجِّ، باب: صِفَة الحَجِّ، وفي كِتابِ النِّكاحِ، باب: النَّفَقَة على الزَّوْجَةِ، ويُرادُ بهِ: نِيَّةُ الـمُكْثِ والبَقاءِ في مَكانٍ ما مُدَّةً مَعلُومَةً اخْتَلَفَ الفُقهاءُ في مِقْدارِها. ويُطْلَقُ في كِتابِ الجِناياتِ والحُدودِ، باب: إِقامَة الحَدِّ، ويُرادُ بِهِ: تَنْفيذُ الحُدودِ وأَداؤُها. ويُطْلَقُ في كِتابِ الجِهادِ، وكِتابِ القَضاءِ والسِّياسَةِ الشَّرِعِيَةِ، ويُرادُ بِهِ: البِناءُ والتَّأْسِيسُ، فَيُقالُ: إِقَامَةُ الدَّولَةِ العادِلَةِ، وإقامَةُ صلاةِ الجُمُعَةِ في الأمْصارِ، وإقامَةُ العَدْلِ.
قوم
الإعْلامُ بِالشُّرُوعِ في الصَّلاةِ بِألفاظٍ مَخْصوصَةٍ وَرَدَ بِـها الشَّرْعُ.
الإقامَةُ: هي إعْلامُ الحاضِرِين المُتَأَهِّبِينَ لِلصَّلاةِ بِالقِيامِ إليْها، بِألْفاظٍ مَخْصوصَةٍ وصِفَةٍ مَخْصوصَةٍ، وقد اتَّفَقَتِ المَذاهِبُ على أنّ ألْفاظَ الإقامَةِ هي نَفْسُ ألْفاظِ الأذانِ في الجُمْلَةِ بِزِيادَةِ: "قد قامَتِ الصَّلاةُ" بعد "حَيَّ على الفَلاحِ"، كما اتَّفَقوا على أنّ التَّرْتِيبَ بين أَلفاظِها هو نَفْسُ تَرْتِيبِ ألْفاظِ الأذانِ.
الإِقامَةُ: الثَّباتُ والاِسْتِقْرارُ، ومِن معانِيها: القِيامُ بِالشَّيء، وجَعْلُ القاعِدِ قائِماً.
استقرار المسافر في بلد أربعة أيام يتم فيها صلاته، فلا يقصرها، ولا يجمعها. وعند الحنفية يقيم خمسة عشر يوماً.
* معجم لغة الفقهاء : (ص 82)
* الكليات : (ص 160)
* أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء : (ص 22)
* فتح القدير لابن الهمام : (1/178)
* حاشية ابن عابدين : (1/388)
* العين : (5/232)
* تهذيب اللغة : (9/267)
* المحكم والمحيط الأعظم : (6/590)
* مختار الصحاح : (ص 262)
* تاج العروس : (33/310)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (1/230)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 82)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (1/257)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (6/6) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الإِْقَامَةُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ: أَقَامَ، وَأَقَامَ بِالْمَكَانِ: ثَبَتَ بِهِ، وَأَقَامَ الشَّيْءَ: ثَبَّتَهُ أَوْ عَدَّلَهُ، وَأَقَامَ الرَّجُل الشَّرْعَ: أَظْهَرَهُ، وَأَقَامَ الصَّلاَةَ: أَدَامَ فِعْلَهَا، وَأَقَامَ لِلصَّلاَةِ إقَامَةً: نَادَى لَهَا. (1)
وَتُطْلَقُ الإِْقَامَةُ فِي الشَّرْعِ بِمَعْنَيَيْنِ:
الأَْوَّل: الثُّبُوتُ فِي الْمَكَانِ، فَيَكُونُ ضِدَّ السَّفَرِ.
الثَّانِي: إعْلاَمُ الْحَاضِرِينَ الْمُتَأَهِّبِينَ لِلصَّلاَةِ بِالْقِيَامِ إلَيْهَا، بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ وَصِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ (2) .
أَوَّلاً: أَحْكَامُ الإِْقَامَةِ الَّتِي بِمَعْنَى الثُّبُوتِ فِي الْمَكَانِ
أ - إقَامَةُ الْمُسَافِرِ:
2 - يُصْبِحُ الْمُسَافِرُ مُقِيمًا إذَا دَخَل وَطَنَهُ، أَوْ نَوَى الإِْقَامَةَ فِي مَكَانٍ مَا بِالشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ، وَيَنْقَطِعُ بِذَلِكَ عَنْهُ حُكْمُ السَّفَرِ، وَتَنْطَبِقُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُقِيمِ، كَامْتِنَاعِ الْقَصْرِ فِي الصَّلاَةِ، وَعَدَمِ جَوَازِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ. (3) وَإِقَامَةُ الآْفَاقِيِّ دَاخِل الْمَوَاقِيتِ الْمَكَانِيَّةِ، أَوْ فِي الْحَرَمِ - تُعْطِيهِ حُكْمَ الْمُقِيمِ دَاخِل الْمَوَاقِيتِ أَوْ دَاخِل الْحَرَمِ مِنْ حَيْثُ الإِْحْرَامُ، وَطَوَافُ الْوَدَاعِ، وَالْقُدُومُ، وَالْقِرَانُ، وَالتَّمَتُّعُ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلاَتُ ذَلِكَ فِي (قِرَان - تَمَتُّع - حَجّ - إحْرَام) .
إقَامَةُ الْمُسْلِمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ:
3 - إقَامَةُ الْمُسْلِمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لاَ تَقْدَحُ فِي إسْلاَمِهِ، إلاَّ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَخْشَى عَلَى دِينِهِ، بِحَيْثُ لاَ يُمْكِنُهُ إظْهَارَهُ، تَجِبُ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ إلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَْرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} (4) وَهَذَا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ الْهِجْرَةُ وَلَمْ يَكُنْ بِهِ عَجْزٌ، لِمَرَضٍ أَوْ إِكْرَاهٍ عَلَى الإِْقَامَةِ.
أَمَّا إذَا كَانَ لاَ يَخْشَى الْفِتْنَةَ وَيَتَمَكَّنُ مِنْ إِظْهَارِ دِينِهِ مَعَ إِقَامَتِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْهِجْرَةُ إلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ، لِتَكْثِيرِ الْمُسْلِمِينَ وَمَعُونَتِهِمْ، وَلاَ تَجِبُ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ. وَقَدْ كَانَ الْعَبَّاسُ عَمُّ النَّبِيِّ ﷺ مُقِيمًا بِمَكَّةَ مَعَ إسْلاَمِهِ (5) .
وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلاَتٌ كَثِيرَةٌ فِي ذَلِكَ: (ر: جِهَاد - دَارُ الْحَرْبِ - دَارُ الإِْسْلاَمِ - هِجْرَة) .
ثَانِيًا: الإِْقَامَةُ لِلصَّلاَةِ
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ بِإِقَامَةِ الصَّلاَةِ:
4 - هُنَاكَ أَلْفَاظٌ لَهَا صِلَةٌ بِالإِْقَامَةِ لِلصَّلاَةِ، مِنْهَا:
أ - الأَْذَانُ: يُعَرَّفُ الأَْذَانُ بِأَنَّهُ: إعْلاَمٌ بِدُخُول وَقْتِ الصَّلاَةِ بِأَلْفَاظٍ مَعْلُومَةٍ مَأْثُورَةٍ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ يَحْصُل بِهَا الإِْعْلاَمُ، (6) .
فَالأَْذَانُ وَالإِْقَامَةُ يَشْتَرِكَانِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إِعْلاَمٌ، وَيَفْتَرِقَانِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الإِْعْلاَمَ فِي الإِْقَامَةِ هُوَ لِلْحَاضِرِينَ الْمُتَأَهِّبِينَ لاِفْتِتَاحِ الصَّلاَةِ، وَالأَْذَانُ لِلْغَائِبِينَ لِيَتَأَهَّبُوا لِلصَّلاَةِ، كَمَا أَنَّ صِيغَةَ الأَْذَانِ قَدْ تَنْقُصُ أَوْ تَزِيدُ عَنِ الإِْقَامَةِ عَلَى خِلاَفٍ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ.
ب - التَّثْوِيبُ:
التَّثْوِيبُ عَوْدٌ إِلَى الإِْعْلاَمِ بَعْدَ الإِْعْلاَمِ. وَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، زِيَادَةُ " الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ " (7) .
حُكْمُ الإِْقَامَةِ التَّكْلِيفِيُّ:
5 - فِي حُكْمِ الإِْقَامَةِ التَّكْلِيفِيِّ رَأْيَانِ:
الأَْوَّل: أَنَّ الإِْقَامَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ إِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنِ الآْخَرِينَ، وَإِذَا تُرِكَ أَثِمُوا جَمِيعًا.
قَال بِهَذَا الْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ رَأْيٌ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَلِبَعْضٍ آخَرَ لِلْجُمُعَةِ فَقَطْ. وَهُوَ رَأْيُ عَطَاءٍ وَالأَْوْزَاعِيِّ، حَتَّى رُوِيَ عَنْهُمَا أَنَّهُ إِنْ نَسِيَ الإِْقَامَةَ أَعَادَ الصَّلاَةَ، وَقَال مُجَاهِدٌ: إِنْ نَسِيَ الإِْقَامَةَ فِي السَّفَرِ أَعَادَ، (8) وَلَعَلَّهُ لِمَا فِي السَّفَرِ مِنَ الْحَاجَةِ إِلَى إِظْهَارِ الشَّعَائِرِ.
وَاسْتُدِل لِلْقَوْل بِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ بِكَوْنِهَا مِنْ شَعَائِرِ الإِْسْلاَمِ الظَّاهِرَةِ، وَفِي تَرْكِهَا تَهَاوُنٌ، فَكَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ مِثْل الْجِهَادِ. (9) الثَّانِي: أَنَّ الإِْقَامَةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَال مُحَمَّدٌ بِالْوُجُوبِ، وَلَكِنَّ الْمُرَادَ بِالسُّنَّةِ هُنَا السُّنَنُ الَّتِي هِيَ مِنْ شَعَائِرِ الإِْسْلاَمِ الظَّاهِرَةِ، فَلاَ يَسَعُ الْمُسْلِمِينَ تَرْكُهَا، وَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ أَسَاءَ، لأَِنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ يُوجِبُ الإِْسَاءَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَعَائِرِ الإِْسْلاَمِ، فَهَذَا أَوْلَى، وَفَسَّرَ أَبُو حَنِيفَةَ السُّنِّيَّةَ بِالْوُجُوبِ، حَيْثُ قَال فِي التَّارِكِينَ: أَخْطَئُوا السُّنَّةَ وَخَالَفُوا وَأَثِمُوا، وَالإِْثْمُ إِنَّمَا يَلْزَمُ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ. (10) وَاحْتَجُّوا لِلسُّنِّيَّةِ بِقَوْلِهِ ﷺ لِلأَْعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ صَلاَتَهُ: افْعَل كَذَا وَكَذَا. (11) وَلَمْ يَذْكُرِ الأَْذَانَ وَلاَ الإِْقَامَةَ مَعَ أَنَّهُ ﷺ ذَكَرَ الْوُضُوءَ وَاسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ وَأَرْكَانَ الصَّلاَةِ، وَلَوْ كَانَتِ الإِْقَامَةُ وَاجِبَةً لَذَكَرَهَا.
تَارِيخُ تَشْرِيعِ الإِْقَامَةِ، وَحِكْمَتُهَا:
6 - تَارِيخُ تَشْرِيعِ الإِْقَامَةِ هُوَ تَارِيخُ تَشْرِيعِ الأَْذَانِ (ر: أَذَان) .
أَمَّا حِكْمَتُهَا: فَهِيَ إِعْلاَءُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْمِ رَسُولِهِ ﷺ وَإِقْرَارٌ لِلْفَلاَحِ وَالْفَوْزِ عِنْدَ كُل صَلاَةٍ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، لِتَرْكِيزِ ذَلِكَ فِي نَفْسِ الْمُسْلِمِ، وَإِظْهَارٌ لِشَعِيرَةٍ مِنْ أَفْضَل الشَّعَائِرِ (12) .
كَيْفِيَّةُ الإِْقَامَةِ:
7 - اتَّفَقَتِ الْمَذَاهِبُ عَلَى أَنَّ أَلْفَاظَ الإِْقَامَةِ هِيَ نَفْسُ أَلْفَاظِ الأَْذَانِ فِي الْجُمْلَةِ بِزِيَادَةِ: " قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ " بَعْدَ " حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ ".
وَكَذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ أَلْفَاظِهَا هُوَ نَفْسُ تَرْتِيبِ أَلْفَاظِ الأَْذَانِ، إِلاَّ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَكْرَارِ وَإِفْرَادِ أَلْفَاظِهَا عَلَى الْوَجْهِ الآْتِي:
اللَّهُ أَكْبَرُ.
تُقَال فِي بَدْءِ الإِْقَامَةِ " مَرَّتَيْنِ " عِنْدَ الْمَذَاهِبِ الثَّلاَثَةِ، وَأَرْبَعَ مَرَّاتٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ.
تُقَال " مَرَّةً وَاحِدَةً " عِنْدَ الْمَذَاهِبِ الثَّلاَثَةِ " وَمَرَّتَيْنِ " عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ.
تُقَال " مَرَّةً وَاحِدَةً " عِنْدَ الْمَذَاهِبِ الثَّلاَثَةِ " وَمَرَّتَيْنِ " عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ.
تُقَال: " مَرَّةً وَاحِدَةً " عِنْدَ الْمَذَاهِبِ الثَّلاَثَةِ " وَمَرَّتَيْنِ " عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ.
تُقَال: " مَرَّةً وَاحِدَةً " عِنْدَ الْمَذَاهِبِ الثَّلاَثَةِ " وَمَرَّتَيْنِ " عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ.
تُقَال " مَرَّتَيْنِ " عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ " وَمَرَّةً وَاحِدَةً " عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
اللَّهُ أَكْبَرُ.
تُقَال " مَرَّتَيْنِ " عَلَى الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ.
لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ.
تُقَال " مَرَّةً وَاحِدَةً " عَلَى الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ.
وَيُسْتَخْلَصُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَذَاهِبَ الثَّلاَثَةَ تَخْتَلِفُ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ بِإِفْرَادِ أَكْثَرِ أَلْفَاظِ الإِْقَامَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ قَال: أُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَْذَانَ وَيُوتِرَ الإِْقَامَةَ. (13) وَبِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: إِنَّمَا كَانَ الأَْذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَالإِْقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً. (14)
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَيَجْعَلُونَ الإِْقَامَةَ مِثْل الأَْذَانِ بِزِيَادَةِ " قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ " مَرَّتَيْنِ بَعْدَ " حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ (15) ".
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الأَْنْصَارِيِّ، أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَجُلاً قَامَ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ، فَقَامَ عَلَى حَائِطٍ فَأَذَّنَ مَثْنَى مَثْنَى، وَأَقَامَ مَثْنَى مَثْنَى وَلِمَا رُوِيَ كَذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فَاسْتَقْبَل الْقِبْلَةَ، يَعْنِي الْمَلَكَ، وَقَال: اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ. . إِلَى آخِرِ الأَْذَانِ. قَال: ثُمَّ أَمْهَل هُنَيْهَةً، ثُمَّ قَامَ فَقَال مِثْلَهَا، إِلاَ أَنَّهُ قَال: زَادَ بَعْدَمَا قَال " حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ ": قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ (16) .
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيَخْتَلِفُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ فِي تَثْنِيَةِ " قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ "، فَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا تُقَال مَرَّةً وَاحِدَةً. لِمَا رَوَى أَنَسٌ قَال: أُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَْذَانَ وَيُوتِرَ الإِْقَامَةَ. (17)
حَدْرُ الإِْقَامَةِ:
8 - الْحَدْرُ هُوَ الإِْسْرَاعُ وَقَطْعُ التَّطْوِيل.
وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى الْحَدْرِ فِي الإِْقَامَةِ وَالتَّرَسُّل فِي الأَْذَانِ، لِحَدِيثِ رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِذَا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّل، وَإِذَا أَقَمْتَ فَاحْدُرْ، وَلِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عُمَرَ ﵁ أَنَّهُ قَال لِمُؤَذِّنِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ: " إِذَا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّل، وَإِذَا أَقَمْتَ فَاحْذِمْ قَال الأَْصْمَعِيُّ: وَأَصْل الْحَذْمِ - بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ - فِي الْمَشْيِ إِنَّمَا هُوَ الإِْسْرَاعُ (18) .
وَقْتُ الإِْقَامَةِ:
9 - شُرِعَتِ الإِْقَامَةُ أُهْبَةً لِلصَّلاَةِ بَيْنَ يَدَيْهَا، تَفْخِيمًا لَهَا كَغُسْل الإِْحْرَامِ، وَغُسْل الْجُمُعَةِ، ثُمَّ لإِِعْلاَمِ النَّفْسِ بِالتَّأَهُّبِ وَالْقِيَامِ لِلصَّلاَةِ، وَإِعْلاَمِ الاِفْتِتَاحِ (19) . وَلاَ يَصِحُّ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِ الصَّلاَةِ، بَل يَدْخُل وَقْتُهَا بِدُخُول وَقْتِ الصَّلاَةِ، وَيُشْتَرَطُ لَهَا شَرْطَانِ، الأَْوَّل: دُخُول الْوَقْتِ، وَالثَّانِي: إِرَادَةُ الدُّخُول فِي الصَّلاَةِ.
فَإِنْ أَقَامَ قُبَيْل الْوَقْتِ بِجُزْءٍ يَسِيرٍ بِحَيْثُ دَخَل الْوَقْتُ عَقِبَ الإِْقَامَةِ، ثُمَّ شَرَعَ فِي الصَّلاَةِ عَقِبَ ذَلِكَ لَمْ تَحْصُل الإِْقَامَةُ، وَإِنْ أَقَامَ فِي الْوَقْتِ وَأَخَّرَ الدُّخُول فِي الصَّلاَةِ بَطَلَتْ إِقَامَتُهُ إِنْ طَال الْفَصْل، لأَِنَّهَا تُرَادُ لِلدُّخُول فِي الصَّلاَةِ، فَلاَ يَجُوزُ إِطَالَةُ الْفَصْل. (20) .
مَا يُشْتَرَطُ لإِِجْزَاءِ الإِْقَامَةِ:
10 - يُشْتَرَطُ فِي الإِْقَامَةِ مَا يَأْتِي:
دُخُول الْوَقْتِ، وَنِيَّةُ الإِْقَامَةِ، وَالأَْدَاءُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَالْخُلُوُّ مِنَ اللَّحْنِ الْمُغَيِّرِ لِلْمَعْنَى، وَرَفْعُ الصَّوْتِ. وَلَكِنْ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالإِْقَامَةِ يَكُونُ أَخَفَّ مِنْ رَفْعِهِ بِالأَْذَانِ، لاِخْتِلاَفِ الْمَقْصُودِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. فَالْمَقْصُودُ مِنَ الأَْذَانِ: إِعْلاَمُ الْغَائِبِينَ بِالصَّلاَةِ، أَمَّا الإِْقَامَةُ فَالْمَقْصُودُ مِنْهَا طَلَبُ قِيَامِ الْحَاضِرِينَ فِعْلاً لِلصَّلاَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الإِْقَامَةِ. وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْكَلِمَاتِ، وَالْمُوَالاَةُ بَيْنَ أَلْفَاظِ الإِْقَامَةِ.
وَفِي هَذِهِ الشُّرُوطِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ " أَذَان (21) ". شَرَائِطُ الْمُقِيمِ:
11 - تَشْتَرِكُ الإِْقَامَةُ مَعَ الأَْذَانِ فِي هَذِهِ الشَّرَائِطِ وَنَذْكُرُهَا إِجْمَالاً، وَمَنْ أَرَادَ زِيَادَةَ تَفْصِيلٍ فَلْيَرْجِعْ إِلَى مُصْطَلَحِ (أَذَان) ، وَأَوَّل هَذِهِ الشُّرُوطِ.
أ - الإِْسْلاَمُ:
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اشْتِرَاطِ الإِْسْلاَمِ فِي الْمُقِيمِ، فَلاَ تَصِحُّ الإِْقَامَةُ مِنَ الْكَافِرِ وَلاَ الْمُرْتَدِّ لأَِنَّهَا عِبَادَةٌ، وَهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا. (22)
ب - الذُّكُورَةُ:
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ أَذَانِ الْمَرْأَةِ وَإِقَامَتِهَا لِجَمَاعَةِ الرِّجَال، لأَِنَّ الأَْذَانَ فِي الأَْصْل لِلإِْعْلاَمِ، وَلاَ يُشْرَعُ لَهَا ذَلِكَ، وَالأَْذَانُ يُشْرَعُ لَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ، وَلاَ يُشْرَعُ لَهَا رَفْعُ الصَّوْتِ، وَمَنْ لاَ يُشْرَعُ فِي حَقِّهِ الأَْذَانُ لاَ يُشْرَعُ فِي حَقِّهِ الإِْقَامَةُ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ مُنْفَرِدَةً أَوْ فِي جَمَاعَةِ النِّسَاءِ فَفِيهِ اتِّجَاهَاتٌ.
الأَْوَّل: الاِسْتِحْبَابُ. وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
الثَّانِي: الإِْبَاحَةُ. وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.
الثَّالِثُ: الْكَرَاهَةُ. وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ. (23)
ج - الْعَقْل:
نَصَّ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ عَلَى بُطْلاَنِ أَذَانِ وَإِقَامَةِ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالسَّكْرَانِ، وَقَالُوا: يَجِبُ إِعَادَةُ أَذَانِهِمْ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا إِلاَّ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فِي السَّكْرَانِ، حَيْثُ قَالُوا بِكَرَاهَةِ أَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ وَاسْتِحْبَابِ إِعَادَتِهِمَا. (24)
د - الْبُلُوغُ: لِلْعُلَمَاءِ فِي إِقَامَةِ الصَّبِيِّ ثَلاَثَةُ آرَاءَ:
الأَْوَّل: لاَ تَصِحُّ إِقَامَةُ الصَّبِيِّ سَوَاءٌ أَكَانَ مُمَيِّزًا أَمْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، وَهُوَ رَأْيٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
الثَّانِي: تَصِحُّ إِقَامَتُهُ إِنْ كَانَ مُمَيِّزًا عَاقِلاً، وَهُوَ رَأْيٌ آخَرُ فِي تِلْكَ الْمَذَاهِبِ.
الثَّالِثُ: الْكَرَاهَةُ إِذَا كَانَ مُمَيِّزًا، وَهُوَ رَأْيٌ لِلْحَنَفِيَّةِ. (25)
هـ - الْعَدَالَةُ: فِي إِقَامَةِ الْفَاسِقِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ (26) :
الأَْوَّل: لاَ يُعْتَدُّ بِهَا، وَهُوَ رَأْيٌ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَرَأْيٌ لِلْحَنَابِلَةِ.
الثَّانِي: الْكَرَاهَةُ: وَهُوَ رَأْيٌ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ.
الثَّالِثُ: يَصِحُّ وَيُسْتَحَبُّ إِعَادَتُهُ. وَهُوَ رَأْيٌ لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل وَتَوْجِيهُ ذَلِكَ فِي (الأَْذَان) .
و الطَّهَارَةُ:
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ الإِْقَامَةِ مَعَ الْحَدَثِ الأَْصْغَرِ، لأَِنَّ السُّنَّةَ وَصْل الإِْقَامَةِ بِالشُّرُوعِ بِالصَّلاَةِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى سُنِّيَّةِ الإِْعَادَةِ مَا عَدَا الْحَنَفِيَّةَ. وَفِي رَأْيٍ لِلْحَنَفِيَّةِ أَنَّ إِقَامَةَ الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ جَائِزَةٌ بِغَيْرِ كَرَاهَةٍ.
أَمَّا مِنَ الْحَدَثِ الأَْكْبَرِ فَفِيهِ رَأْيَانِ:
الأَْوَّل: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، إِلَى كَرَاهَةِ إِقَامَةِ الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَكْبَرَ.
الثَّانِي: الرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: بُطْلاَنُ الأَْذَانِ مَعَ الْحَدَثِ الأَْكْبَرِ، وَهُوَ قَوْل عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ (27) .
مَا يُسْتَحَبُّ فِي الإِْقَامَةِ:
12 - اتَّفَقَتِ الْمَذَاهِبُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْحَدْرِ فِي الإِْقَامَةِ وَالتَّرَسُّل فِي الأَْذَانِ كَمَا مَرَّ (28) . وَفِي الْوَقْفِ عَلَى آخِرِ كُل جُمْلَةٍ فِي الإِْقَامَةِ رَأْيَانِ:
الأَْوَّل: قَال الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلْحَنَفِيَّةِ، الإِْقَامَةُ مُعْرَبَةٌ إِنْ وَصَل كَلِمَةً بِكَلِمَةٍ. فَإِنْ وَقَفَ الْمُقِيمُ وَقَفَ عَلَيْهَا بِالسُّكُونِ.
الثَّانِي: قَال الْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ رَأْيٌ آخَرُ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَرَأْيٌ لِلْمَالِكِيَّةِ: الإِْقَامَةُ عَلَى الْجَزْمِ مِثْل الأَْذَانِ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَمَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ. أَنَّهُ قَال: الأَْذَانُ جَزْمٌ، وَالإِْقَامَةُ جَزْمٌ، وَالتَّكْبِيرُ جَزْمٌ (29) .
وَفِي التَّكْبِيرَتَيْنِ الأُْولَيَيْنِ أَقْوَالٌ، فَالتَّكْبِيرَةُ الأُْولَى فِيهَا قَوْلاَنِ: الأَْوَّل، لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ: فِيهَا الْوَقْفُ بِالسُّكُونِ، وَالْفَتْحُ، وَالضَّمُّ.
الثَّانِي، رَأْيٌ لِلْمَالِكِيَّةِ: فِيهَا السُّكُونُ، أَوِ الضَّمُّ.
أَمَّا التَّكْبِيرَةُ الثَّانِيَةُ فَفِيهَا أَيْضًا قَوْلاَنِ:
الأَْوَّل، رَأْيٌ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَرَأْيٌ لِلْحَنَفِيَّةِ: الْجَزْمُ لاَ غَيْرُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ الإِْقَامَةَ جَزْمٌ.
الثَّانِي: الإِْعْرَابُ وَهُوَ: الضَّمُّ، وَهُوَ رَأْيٌ آخَرُ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَرَأْيٌ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَالْجَمِيعُ جَائِزٌ، وَلَكِنَّ الْخِلاَفَ فِي الأَْفْضَل وَالْمُسْتَحَبِّ. (30)
13 - وَمِنْ مُسْتَحَبَّاتِ الأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ عِنْدَ الْمَذَاهِبِ: اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ، غَيْرَ أَنَّهُمُ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ الاِلْتِفَاتَ عِنْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ " حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ ". وَفِي الاِلْتِفَاتِ عِنْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ فِي الإِْقَامَةِ ثَلاَثَةُ آرَاءَ.
الأَْوَّل: يُسْتَحَبُّ الاِلْتِفَاتُ عِنْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ
الثَّانِي: يُسْتَحَبُّ إِذَا كَانَ الْمَكَانُ مُتَّسَعًا، وَلاَ يُسْتَحَبُّ إِذَا كَانَ الْمَكَانُ ضَيِّقًا، أَوِ الْجَمَاعَةُ قَلِيلَةً.
وَهَذَانِ الرَّأْيَانِ لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ. (31)
الثَّالِثُ: لاَ يُسْتَحَبُّ أَصْلاً لأَِنَّ الاِسْتِحْبَابَ فِي الأَْذَانِ كَانَ لإِِعْلاَمِ الْغَائِبِينَ، وَالإِْقَامَةُ لإِِعْلاَمِ الْحَاضِرِينَ الْمُنْتَظِرِينَ لِلصَّلاَةِ، فَلاَ يُسْتَحَبُّ تَحْوِيل الْوَجْهِ، وَهَذَا الرَّأْيُ لِلْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَرَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ جَوَازُ الاِلْتِفَاتِ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ. وَفِي رَأْيٍ آخَرَ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ هُوَ اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ فِي الاِبْتِدَاءِ. (32)
14 - وَيُسْتَحَبُّ فِيمَنْ يُقِيمُ الصَّلاَةَ: أَنْ يَكُونَ تَقِيًّا، عَالِمًا بِالسُّنَّةِ، وَعَالِمًا بِأَوْقَاتِ الصَّلاَةِ، وَحَسَنَ الصَّوْتِ، مُرْتَفِعَهُ مِنْ غَيْرِ تَطْرِيبٍ وَلاَ غِنَاءٍ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الأَْذَانِ.
15 - وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمُقِيمِ الصَّلاَةِ أَنْ يُقِيمَ وَاقِفًا. وَتُكْرَهُ الإِْقَامَةُ قَاعِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ. فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ فَلاَ بَأْسَ. قَال الْحَسَنُ الْعَبْدِيُّ: " رَأَيْتُ أَبَا زَيْدٍ صَاحِبَ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَكَانَتْ رِجْلُهُ أُصِيبَتْ فِي سَبِيل اللَّهِ، يُؤَذِّنُ قَاعِدًا (33) وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا مَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي مَسِيرٍ فَانْتَهَوْا إِلَى مَضِيقٍ، وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ مِنْ فَوْقِهِمْ، وَالْبِلَّةُ مِنْ أَسْفَل فِيهِمْ، فَأَذَّنَ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَقَامَ، فَتَقَدَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَصَلَّى بِهِمْ يُومِئُ إِيمَاءً، يَجْعَل السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ (34) . كَمَا تُكْرَهُ إِقَامَةُ الْمَاشِي وَالرَّاكِبِ فِي السَّفَرِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ. لِمَا رُوِيَ أَنَّ بِلاَلاً ﵁ " أَذَّنَ وَهُوَ رَاكِبٌ، ثُمَّ نَزَل وَأَقَامَ عَلَى الأَْرْضِ (35) .
وَلأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْزِل لَوَقَعَ الْفَصْل بَيْنَ الإِْقَامَةِ وَالشُّرُوعِ فِي الصَّلاَةِ بِالنُّزُول، وَأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَلأَِنَّهُ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْقِيَامِ لِلصَّلاَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَهَيِّئٍ لَهَا. وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ إِقَامَةَ الرَّاكِبِ فِي السَّفَرِ بِدُونِ عُذْرٍ جَائِزَةٌ بِدُونِ كَرَاهَةٍ (36) .
مَا يُكْرَهُ فِي الإِْقَامَةِ
16 - يُكْرَهُ فِي الإِْقَامَةِ: تَرْكُ شَيْءٍ مِنْ مُسْتَحَبَّاتِهَا الَّتِي سَبَقَتِ الإِْشَارَةُ إِلَيْهَا، وَمِمَّا يُكْرَهُ أَيْضًا: الْكَلاَمُ فِي الإِْقَامَةِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ إِذَا كَانَ كَثِيرًا، أَمَّا إِنْ كَانَ الْكَلاَمُ فِي الإِْقَامَةِ لِضَرُورَةٍ مِثْل مَا لَوْ رَأَى أَعْمَى يَخَافُ وُقُوعَهُ فِي بِئْرٍ، أَوْ حَيَّةً تَدِبُّ إِلَى غَافِلٍ، أَوْ سَيَّارَةً تُوشِكُ أَنْ تَدْهَمَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إِنْذَارَهُ وَيَبْنِي عَلَى إِقَامَتِهِ.
أَمَّا الْكَلاَمُ الْقَلِيل لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَفِيهِ رَأْيَانِ:
الأَْوَّل: لاَ يُكْرَهُ بَل يُؤَدِّي إِلَى تَرْكِ الأَْفْضَل. قَال بِهَذَا الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ تَكَلَّمَ فِي الْخُطْبَةِ، (37) فَالأَْذَانُ أَوْلَى أَلاَّ يَبْطُل، وَكَذَلِكَ الإِْقَامَةُ، وَلأَِنَّهُمَا يَصِحَّانِ مَعَ الْحَدَثِ، وَقَاعِدًا، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّخْفِيفِ. الثَّانِي: يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ، وَيَبْنِي عَلَى إِقَامَتِهِ، وَبِهَذَا قَال الزُّهْرِيُّ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، لأَِنَّ الإِْقَامَةَ حَدْرٌ، وَهَذَا يُخَالِفُ الْوَارِدَ، وَيَقْطَعُ بَيْنَ كَلِمَاتِهَا. (38)
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّمْطِيطَ وَالتَّغَنِّيَ وَالتَّطْرِيبَ بِزِيَادَةِ حَرَكَةٍ أَوْ حَرْفٍ أَوْ مَدٍّ أَوْ غَيْرِهَا فِي الأَْوَائِل وَالأَْوَاخِرِ مَكْرُوهٌ، لِمُنَافَاةِ الْخُشُوعِ وَالْوَقَارِ.
أَمَّا إِذَا تَفَاحَشَ التَّغَنِّي وَالتَّطْرِيبُ بِحَيْثُ يُخِل بِالْمَعْنَى فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بِدُونِ خِلاَفٍ فِي ذَلِكَ (39) . لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً قَال لاِبْنِ عُمَرَ: إِنِّي لأَُحِبُّكَ فِي اللَّهِ. قَال: وَأَنَا أَبْغَضُكَ فِي اللَّهِ، إِنَّكَ تَتَغَنَّى فِي أَذَانِكَ (40) . قَال حَمَّادٌ: يَعْنِي التَّطْرِيبَ.
إِقَامَةُ غَيْرِ الْمُؤَذِّنِ:
17 - قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَلَّى الإِْقَامَةَ مَنْ تَوَلَّى الأَْذَانَ. وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ أَنَّهُ قَال: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِلاَلاً إِلَى حَاجَةٍ لَهُ فَأَمَرَنِي أَنْ أُؤَذِّنَ فَأَذَّنْتُ، فَجَاءَ بِلاَلٌ وَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ، فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَال: إِنَّ أَخَا صِدَاءٍ هُوَ الَّذِي أَذَّنَ، وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ الَّذِي يُقِيمُ (41) وَلأَِنَّهُمَا فِعْلاَنِ مِنَ الذِّكْرِ يَتَقَدَّمَانِ الصَّلاَةَ، فَيُسَنُّ أَنْ يَتَوَلاَّهُمَا وَاحِدٌ كَالْخُطْبَتَيْنِ، وَوَافَقَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ إِذَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ يَتَأَذَّى مِنْ إِقَامَةِ غَيْرِهِ، لأَِنَّ أَذَى الْمُسْلِمِ مَكْرُوهٌ (42) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ رَجُلٌ وَيُقِيمَ غَيْرُهُ، لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ رَأَى الأَْذَانَ فِي الْمَنَامِ فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ فَقَال: أَلْقِهِ عَلَى بِلاَلٍ، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ، فَأَذَّنَ بِلاَلٌ، فَقَال عَبْدُ اللَّهِ: أَنَا رَأَيْتُهُ وَأَنَا كُنْتُ أُرِيدُهُ قَال: أَقِمْ أَنْتَ.
وَلأَِنَّهُ يَحْصُل الْمَقْصُودُ مِنْهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَوَلاَّهُمَا مَعًا، وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ إِذَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ لاَ يَتَأَذَّى مِنْ إِقَامَةِ غَيْرِهِ. (43)
إِعَادَةُ الإِْقَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ:
18 - لَوْ صُلِّيَ فِي مَسْجِدٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، هَل يُكْرَهُ أَنْ يُؤَذَّنَ وَيُقَامَ فِيهِ ثَانِيًا؟ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلاَثَةُ آرَاءَ:
الأَْوَّل لِلْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَرَأْيٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيَّةِ: إِذَا صُلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ كُرِهَ لِمَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ، وَشَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ أَنْ يَكُونَ مَنْ أَذَّنَ وَصَلَّى أَوَّلاً هُمْ أَهْل الْمَسْجِدِ " أَيْ أَهْل حَيِّهِ " فَمَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ فَأَذَانُ الْجَمَاعَةِ وَإِقَامَتُهُمْ لَهُمْ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ.
الثَّانِي فِي الرَّأْيِ الرَّاجِحِ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ لِلْجَمَاعَةِ الثَّانِيَةِ، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ مَا يَسْمَعُونَ، وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ إِذَا كَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى الطَّرِيقِ، وَلَيْسَ لَهُ أَهْلٌ مَعْلُومُونَ، أَوْ صَلَّى فِيهِ غَيْرُ أَهْلِهِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لأَِهْلِهِ أَنْ يُؤَذِّنُوا وَيُقِيمُوا.
الثَّالِثُ لِلْحَنَابِلَةِ: الْخِيَارُ، إِنْ شَاءَ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَيُخْفِيَ أَذَانَهُ وَإِقَامَتَهُ، وَإِنْ شَاءَ صَلَّى مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ وَلاَ إِقَامَةٍ. (44)
مَا يُقَامُ لَهُ مِنَ الصَّلَوَاتِ:
19 - يُقَامُ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الْمَفْرُوضَةِ فِي حَال الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَالاِنْفِرَادِ وَالْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ.
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى طَلَبِ الإِْقَامَةِ لِكُلٍّ مِنَ الصَّلاَتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ، لأَِنَّ الرَّسُول ﷺ جَمَعَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِمُزْدَلِفَةَ وَأَقَامَ لِكُل صَلاَةٍ (45) . وَلأَِنَّهُمَا صَلاَتَانِ جَمَعَهُمَا وَقْتٌ وَاحِدٌ، وَتُصَلَّى كُل صَلاَةٍ وَحْدَهَا، فَاقْتَضَى أَنْ تَكُونَ لِكُل صَلاَةٍ إِقَامَةٌ. (46)
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى طَلَبِ الإِْقَامَةِ لِلصَّلَوَاتِ الْفَوَائِتِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ حِينَ شَغَلَهُمُ الْكُفَّارُ يَوْمَ الأَْحْزَابِ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ أَمَرَ بِلاَلاً أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ لِكُل وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، حَتَّى قَالُوا: أَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى الْعِشَاءَ. (47) وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الإِْقَامَةِ لِلْمُنْفَرِدِ، سَوَاءٌ صَلَّى فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي مَكَانٍ آخَرَ غَيْرِ الْمَسْجِدِ، لِخَبَرِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ الشَّظِيَّةِ لِلْجَبَل يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِلصَّلاَةِ وَيُصَلِّي، فَيَقُول اللَّهُ ﷿: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلاَةَ يَخَافُ مِنِّي، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ (48)
وَلَكِنَّهُ إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى أَذَانِ الْحَيِّ وَإِقَامَتِهِ أَجْزَأَهُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ " صَلَّى بِعَلْقَمَةَ وَالأَْسْوَدِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلاَ إِقَامَةٍ وَقَال: يَكْفِينَا أَذَانُ الْحَيِّ وَإِقَامَتُهُمْ (49) .
الإِْقَامَةُ لِصَلاَةِ الْمُسَافِرِ:
20 - الأَْذَانُ وَالإِْقَامَةُ لِلْفَرْدِ وَالْجَمَاعَةِ مَشْرُوعَانِ فِي السَّفَرِ كَمَا فِي الْحَضَرِ، سَوَاءٌ أَكَانَ السَّفَرُ سَفَرَ قَصْرٍ أَوْ دُونَهُ. (50) الأَْذَانُ لِلصَّلاَةِ الْمُعَادَةِ:
21 - فِي الإِْقَامَةِ لِلصَّلاَةِ الْمُعَادَةِ فِي وَقْتِهَا لِلْفَسَادِ رَأْيَانِ:
الأَْوَّل: لِلْحَنَفِيَّةِ: تُعَادُ الصَّلاَةُ الْفَاسِدَةُ فِي الْوَقْتِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلاَ إِقَامَةٍ، وَأَمَّا إِنْ قَضَوْهَا بَعْدَ الْوَقْتِ قَضَوْهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ. (51)
الثَّانِي: لِلْمَالِكِيَّةِ: يُقَامُ لِلصَّلاَةِ الْمُعَادَةِ لِلْبُطْلاَنِ أَوِ الْفَسَادِ،
وَلَمْ يُعْثَرْ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى تَصْرِيحٍ بِذَلِكَ، وَلَكِنَّ قَوَاعِدَهُمْ لاَ تَأْبَاهُ (52) .
مَا لاَ يُقَامُ لَهُ مِنَ الصَّلَوَاتِ:
22 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُسَنُّ الإِْقَامَةُ لِغَيْرِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعَةِ. فَلاَ أَذَانَ وَلاَ إِقَامَةَ لِصَلاَةِ الْجِنَازَةِ وَلاَ لِلْوَتْرِ وَلاَ لِلنَّوَافِل وَلاَ لِصَلاَةِ الْعِيدَيْنِ وَصَلاَةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ وَالاِسْتِسْقَاءِ. (53) لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَال: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ الْعِيدَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلاَ مَرَّتَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلاَ إِقَامَةٍ. (54) وَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَبَعَثَ مُنَادِيًا يُنَادِي: الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ. (55)
إِجَابَةُ السَّامِعِ لِلْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ:
23 - نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى صِيغَةِ الإِْجَابَةِ بِاللِّسَانِ فَقَالُوا: يَقُول السَّامِعُ مِثْل مَا يَقُول الْمُقِيمُ، إِلاَّ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ " حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ وَحَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ " فَإِنَّهُ يُحَوْقِل " لاَ حَوْل وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاَللَّهِ ".
وَيَزِيدُ عِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ " أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا "، لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّ بِلاَلاً أَخَذَ فِي الإِْقَامَةِ، فَلَمَّا أَنْ قَال: قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ، قَال النَّبِيُّ ﷺ: أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا. (56) وَقَال فِي سَائِرِ الإِْقَامَةِ كَنَحْوِ حَدِيثِ عُمَرَ فِي الأَْذَانِ الَّذِي رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: إِذَا قَال الْمُؤَذِّنُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقَال أَحَدُكُمْ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ (57) وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ أَذَانٍ.
وَحُكْمُ الإِْجَابَةِ بِاللِّسَانِ أَنَّهَا سُنَّةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَإِنَّ الإِْجَابَةَ عِنْدَهُمْ تَكُونُ فِي الأَْذَانِ دُونَ الإِْقَامَةِ (58) . الْفَصْل بَيْنَ الأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ:
24 - صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِاسْتِحْبَابِ الْفَصْل بَيْنَ الأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ بِصَلاَةٍ أَوْ جُلُوسٍ أَوْ وَقْتٍ يَسَعُ حُضُورَ الْمُصَلِّينَ فِيمَا سِوَى الْمَغْرِبِ، مَعَ مُلاَحَظَةِ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ لِلصَّلاَةِ.
وَتُكْرَهُ عِنْدَهُمُ الإِْقَامَةُ لِلصَّلاَةِ بَعْدَ الأَْذَانِ مُبَاشَرَةً بِدُونِ هَذَا الْفَصْل، وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَال لِبِلاَلٍ: اجْعَل بَيْنَ أَذَانِكَ وَإِقَامَتِكَ نَفَسًا حَتَّى يَقْضِيَ الْمُتَوَضِّئُ حَاجَتَهُ فِي مَهْلٍ، وَحَتَّى يَفْرُغَ الآْكِل مِنْ أَكْل طَعَامِهِ فِي مَهْلٍ
وَفِي رِوَايَةٍ: لِيَكُنْ بَيْنَ أَذَانِكَ وَإِقَامَتِكَ مِقْدَارُ مَا يَفْرُغُ الآْكِل مِنْ أَكْلِهِ، وَالشَّارِبُ مِنْ شُرْبِهِ، وَالْمُعْتَصِرُ إِذَا دَخَل لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ. (59)
وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ بِالأَْذَانِ إِعْلاَمُ النَّاسِ بِدُخُول الْوَقْتِ لِيَتَهَيَّئُوا لِلصَّلاَةِ بِالطَّهَارَةِ فَيَحْضُرُوا الْمَسْجِدَ، وَبِالْوَصْل يَنْتَفِي هَذَا الْمَقْصُودُ، وَتَفُوتُ صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. (60)
وَقَدْ وَرَدَ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ تَحْدِيدُ مِقْدَارِ الْفَصْل بَيْنَ الأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ، فَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مِقْدَارَ الْفَصْل فِي الْفَجْرِ قَدْرُ مَا يَقْرَأُ عِشْرِينَ آيَةً، وَفِي الظُّهْرِ قَدْرُ مَا يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، يَقْرَأُ فِي كُل رَكْعَةٍ نَحْوًا مِنْ عَشْرِ آيَاتٍ، وَفِي الْعَصْرِ مِقْدَارُ مَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، يَقْرَأُ فِي كُل رَكْعَةٍ نَحْوًا مِنْ عَشْرِ آيَاتٍ. (61)
أَمَّا فِي الْمَغْرِبِ: فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَعْجِيل الإِْقَامَةِ فِيهَا لِحَدِيثِ رَسُول اللَّهِ ﷺ: بَيْنَ كُل أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ لِمَنْ شَاءَ إِلاَّ الْمَغْرِبَ (62) لأَِنَّ مَبْنَى الْمَغْرِبِ عَلَى التَّعْجِيل، وَلِمَا رَوَى أَبُو أَيُّوبَ الأَْنْصَارِيُّ ﵁ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَال: لَنْ تَزَال أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ إِلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ (63) وَعَلَى هَذَا يُسَنُّ أَنْ يَكُونَ الْفَصْل بَيْنَ الأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ فِيهَا يَسِيرًا.
وَلِلْعُلَمَاءِ فِي مِقْدَارِ هَذَا الْفَصْل الْيَسِيرِ أَقْوَالٌ:
أ - قَال أَبُو حَنِيفَةَ وَالْمَالِكِيَّةُ: يَفْصِل بَيْنَ الأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ فِي الْمَغْرِبِ قَائِمًا بِمِقْدَارِ ثَلاَثِ آيَاتٍ، وَلاَ يَفْصِل بِالصَّلاَةِ، لأَِنَّ الْفَصْل بِالصَّلاَةِ تَأْخِيرٌ، كَمَا لاَ يَفْصِل الْمُقِيمُ بِالْجُلُوسِ، لأَِنَّهُ تَأْخِيرٌ لِلْمَغْرِبِ، وَلأَِنَّهُ لَمْ يَفْصِل بِالصَّلاَةِ فَبِغَيْرِهَا أَوْلَى.
ب - وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَفْصِل بِجَلْسَةٍ خَفِيفَةٍ كَالْجَلْسَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَوَجْهُ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْفَصْل مَسْنُونٌ وَلاَ يُمْكِنُ بِالصَّلاَةِ، فَيَفْصِل بِالْجَلْسَةِ لإِِقَامَةِ السُّنَّةِ.
ج - وَأَجَازَ الْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الْفَصْل بِرَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ فِي الْمَغْرِبِ، أَيْ أَنَّهُمَا لاَ يُكْرَهَانِ وَلاَ يُسْتَحَبَّانِ. (64)
الأُْجْرَةُ عَلَى الإِْقَامَةِ مَعَ الأَْذَانِ:
25 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا وُجِدَ مَنْ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ مُحْتَسِبًا - مِمَّنْ تَتَحَقَّقُ فِيهِ شَرَائِطُ الْمُؤَذِّنِ - فَلاَ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ أَحَدٍ لِلأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ.
وَأَمَّا إِذَا لَمْ يُوجَدِ الْمُتَطَوِّعُ أَوْ وُجِدَ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ فِيهِ الشُّرُوطُ فَهَل يُسْتَأْجَرُ عَلَى الأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ؟
فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلاَثَةُ آرَاءَ:
الأَْوَّل: الْمَنْعُ لأَِنَّهُ طَاعَةٌ، وَلاَ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ أَحَدٍ عَلَى الطَّاعَةِ لأَِنَّهُ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ، وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ آخِرَ مَا عَهِدَ بِهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ لِعُثْمَانَ بْنِ الْعَاصِ ﵁ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ صَلاَةَ أَضْعَفِهِمْ، وَأَنْ يَتَّخِذَ مُؤَذِّنًا لاَ يَأْخُذُ عَلَيْهِ أَجْرًا (65)
وَهَذَا الرَّأْيُ لِمُتَقَدِّمِي الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
الثَّانِي: الْجَوَازُ لأَِنَّهُ كَسَائِرِ الأَْعْمَال، وَهُوَ قَوْلٌ لِمُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ، وَرَأْيٌ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةً إِلَيْهِ، وَقَدْ لاَ يُوجَدُ مُتَطَوِّعٌ. وَلأَِنَّهُ إِذَا انْقَطَعَ لَهُ قَدْ لاَ يَجِدُ مَا يُقِيتُ بِهِ عِيَالَهُ. الثَّالِثُ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ: يَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ دُونَ آحَادِ النَّاسِ لأَِنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى مَصَالِحَ الْمُسْلِمِينَ. وَيَجُوزُ لَهُ الإِْعْطَاءُ مِنْ بَيْتِ الْمَال.
هَذَا، وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الاِسْتِئْجَارُ عَلَى الإِْقَامَةِ فَقَطْ بِدُونِ الأَْذَانِ لأَِنَّهُ عَمَلٌ قَلِيلٌ. (1)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (أَذَان، وَإِجَارَة) .
الإِْقَامَةُ لِغَيْرِ الصَّلاَةِ:
26 - يُسْتَحَبُّ الأَْذَانُ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ الْيُمْنَى وَالإِْقَامَةُ فِي الْيُسْرَى، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَال: رَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحَسَنِ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ بِالصَّلاَةِ. (2)
وَيُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (أَذَان) فِقْرَةُ 51 (ج 2 ص 372) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير مادة: (قوم) ، تفسير الطبري 15 / 290 طبع مصطفى الحلبي
(2) كشاف القناع 1 / 209، وفتح القدير 1 / 178 ط دار صادر.
(3) البدائع 1 / 97.
(4) سورة النساء / 97.
(5) المغني 8 / 457 ط الرياض الحديثة، وكفاية الطالب الرباني 2 / 4 ط مصطفى الحلبي، وقليوبي 4 / 226 ط عيسى الحلبي، وابن عابدين 3 / 254 ط بولاق ثالثة.
(6) الاختيار 1 / 42، وابن عابدين 1 / 256 ط بولاق، والمغني 1 / 413، ط المنار، وفتح القدير 1 / 178.
(7) المبسوط 1 / 120.
(8) كشاف القناع 1 / 210، والمجموع للنووي 3 / 81 - 82.
(9) مغني المحتاج 1 / 134 ط دار إحياء التراث العربي، والمغني لابن قدامة 1 / 417 ط الرياض.
(10) بدائع الصنائع 1 / 403 ط العاصمة، ومواهب الجليل 1 / 461 ط ليبيا، والمجموع للنووي 3 / 81.
(11) حديث: " المسيء صلاته ". أخرجه البخاري (2 / 237 - الفتح ط السلفية) ومسلم (1 / 298 - ط الحلبي) .
(12) فتح القدير 1 / 167، ومواهب الجليل 1 / 423، والمجموع للنووي 3 / 81، ونهاية المحتاج 1 / 384
(13) حديث أنس: " أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة "، أخرجه البخاري (2 / 77 - الفتح ط السلفية) ومسلم (1 / 286 ط الحلبي) وزاد البخاري فيه (2 / 82) قوله: " إلا الإقامة ".
(14) حديث ابن عمر: " إنما كان الأذان على عهد رسول ﷺ مرتين مرتين والإقامة مرة مرة ". أخرجه أبو داود (1 / 350 - ط عزت عبيد دعاس) والنسائي (2 / 21 ط المكتبة التجارية) . وهو ثابت لطرقه. التلخيص الحبير (1 / 196 - ط دار المحاسن) .
(15) فتح القدير 1 / 169، والجمل على شرح المنهج 1 / 301 ط إحياء التراث، ومواهب الجليل 1 / 461 ط ليبيا، والمغني 1 / 406 ط الرياض
(16) حديث عبد الله بن زيد. . أخرجه أبو داود (1 / 337 - ط عزت عبيد دعاس) وحسنه ابن عبد البر. كما في فتح الباري (2 / 81 - ط السلفية) .
(17) شرح الزرقاني 1 / 162 ط دار الفكر، وجواهر الإكليل 1 / 37، والدسوقي 1 / 184 ط دار الفكر. وحديث أنس سبق تخريجه في هذه الفقرة نفسها.
(18) المغني 1 / 407، والاختيار 1 / 43 ط دار المعرفة، ومواهب الجليل 1 / 437، والمجموع 3 / 108، وفتح القدير 1 / 170 ط دار صادر، والأشباه والنظائر بحاشية الحموي 2 ر 244 ط العامرة. وحديث: " وإذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحدر ". رواه الترمذي (1 / 373 - ط الحلبي) وأعله الزيلعي في نصب الراية (1 / 275 - ط المجلس العلمي) بضعف راويين في إسناده. ورواية أبي عبيد بإسناده عن عمر ﵁ " إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحذم " أخرجه الدارقطني (1 / 238 - ط شركة الطباعة الفنية) وفي إسناده جهالة. كذا في التعليق على الدارقطني.
(19) الحطاب 1 / 464 ط ليبيا، والهداية مع فتح القدير 1 / 178.
(20) المجموع للنووي 3 / 89، والمغني 1 / 2 1 4، 6 1 4، وشرح العناية على فتح القدير 171، 172
(21) ابن عابدين 1 / 256، وبدائع الصنائع 1 / 149، 409، والطحطاوي 1 / 105، وحاشية السوقي 1 / 181، 196، والحطاب 1 / 428، 437، 477، والمجموع 3 / 113، وأسنى المطالب 1 / 33 1، والرهوني 1 / 314، والمغني 1 / 439، 449، وكشاف القناع 1 / 211 - 222
(22) ابن عابدين 1 / 263، والبحر الرائق 1 / 279، والجمل 1 / 304، ونهاية المحتاج 1 / 394، والمجموع 3 / 99، والحطاب 1 / 434، وحاشية الدسوقي 1 / 195، والمغني 1 / 429.
(23) تبيين الحقائق 1 / 94، والفتاوى الهندية 1 / 54 ط بولاق، والمغني 1 / 422 ط الرياض، والمهذب 1 / 64، وحاشية الدسوقي 1 / 200 ط دار الفكر، ومواهب الجليل 1 / 463، 464.
(24) ابن عابدين 1 / 263 ط بولاق، والفتاوى الهندية 1 / 54، والحطاب 1 / 434 ط ليبيا، وحاشية الدسوقي 1 / 195، والمجموع 3 / 100، والمغني 1 / 429
(25) ابن عابدين 1 / 263، والحطاب 1 / 435، والمجموع 3 / 100، والمغني 1 / 429
(26) منحة الخالق على البحر الرائق 1 / 278، والمغني 1 / 413 ط الرياض، والخرشي 1 / 232، والنووي 3 / 101.
(27) بدائع الصنائع 1 / 413 ط العاصمة، والبحر الرائق 1 / 277 وحاشية الدسوقي 1 / 195، والمجموع للنووي 3 / 104، 105، والمغني 1 / 413 ط الرياض. ويلاحظ أنه لا يحل للمحدث حدثا أكبر دخول المسجد.
(28)
(29) ابن عابدين 1 / 259، والحطاب 1 / 426، وكشاف القناع 1 / 216، والمغني 1 / 407 وحديث: " الأذان جزم، والإقامة جزم، والتكبير جزم ". قال السخاوي: لا أصل له، إنما هو من قول إبراهيم النخعي. المقاصد الحسنة (ص 160 - ط الخانجي) .
(30) نفس المراجع السابقة.
(31) البحر الرائق 1 / 272، والمجموع للنووي 3 / 07 1.
(32) البحر الرائق 1 / 272، والحطاب والتاج والإكليل عليه 1 / 441 ط ليبيا، وحاشية الدسوقي 1 / 156 ط دار الفكر، والخرشي وحاشية العدوي عليه 1 / 232 ط دار صادر، والمجموع للنووي 3 / 107، والمغني 1 / 426 ط الرياض، وكشاف القناع 1 / 217 ط أنصار السنة
(33) قول الحسن العبدي: رأيت أبا زيد صاحب رسول الله ﷺ يؤذن قاعدا. رواه البيهقي (1 / 392) وإسناده حسن. التلخيص لابن حجر (1 / 303 - ط دار المحاسن) .
(34) حديث: " أن الصحابة كانوا مع رسول الله ﷺ في مسير. . أخرجه الترمذي (2 / 267 ط الحلبي) والبيهقي (2 / 7 - ط دائرة المعارف العثمانية) وقال: وفي إسناده ضعف.
(35) الأثر عن بلال ﵁: أذن بلال وهو راكب ثم نزل أخرجه البيهقي في سننه (1 / 392 - ط دائرة المعارف العثمانية) وأعله بالإرسال.
(36) ابن عابدين 1 / 26، وبدائع الصنائع 1 / 413، 414، وكشاف القناع 1 / 216، 217، والمغني 1 / 424 ط الرياض، والمجموع للنووي 3 / 106، والحطاب 1 / 441.
(37) حديث: " تكلم رسول الله ﷺ في الخطبة ". أخرجه البخاري (2 / 407 - الفتح ط السلفية) ومسلم (2 / 596 - ط الحلبي) .
(38) ابن عابدين 1 / 260 ط بولاق، وحاشية الدسوقي 1 / 179ط دار الفكر، والمجموع للنووي 3 / 115، والمغني 1 / 425 ط الرياض.
(39) المجموع للنووي 3 / 108، وابن عابدين 1 / 259، وكشاف القناع 1 / 222، وحاشية الدسوقي 1 / 196.
(40) روي أن رجلا قال لابن عمر: " إني أحبك في الله ". أخرجه الطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد للهيثمي (2 / 3 - ط القدسي) وقال الهيثمي: فيه يحيى البكاء ضعفه أحمد وأبو حاتم وأبو داود.
(41) حديث: " إن أخا صداء هو الذي أذن ومن أذن فهو الذي يقيم " أخرجه ابن ماجه (1 / 237 - ط الحلبي) وإسناده ضعيف. التلخيص لابن حجر (1 / 209 - ط دار المحاسن) .
(42) بدائع الصنائع 1 / 414 ط العاصمة، والمغني 1 / 415 ط الرياض، والمجموع 3 / 121.
(43) بدائع الصنائع 1 / 414 ط العاصمة، والحطاب 1 / 453 ط ليبيا، والمغني 1 / 416 ط الرياض.
(44) بدائع الصنائع 1 / 418، وحاشية الدسوقي 1 / 198، والمجموع 3 / 85، والمغني 1 / 421
(45) حديث: أن الرسول ﷺ جمع المغرب. . . . "، أخرجه البخاري (3 / 523 - الفتح ط السلفية) .
(46) بدائع الصنائع 1 / 419 ط العاصمة، والمجموع 3 / 83 ط المنيرية، والمغني 1 / 420، وحاشية الدسوقي 1 / 200.
(47) المجموع للنووي 3 / 82، 83، والمغني 1 / 420 ط الأولى، وبدائع الصنائع 1 / 419 وحديث أبي سعيد حين شغلهم الكفار يوم الأحزاب عن أربع صلوات. أخرجه الشافعي (1 / 86 - ط مكتبة الكليات الأزهرية) وصححه أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي (1 / 338 - ط الحلبي) .
(48) حديث: " يعجب ربك. . . " أخرجه النسائي (2 / 20 - ط المكتبة التجارية) وأبو داود (2 / 9 - ط عزت عبيد دعاس) وقال المنذري: رجاله ثقات.
(49) بدائع الصنائع 1 / 416، 417 ط العاصمة، وحاشية الدسوقي 1 / 197، ومواهب الجليل 1 / 451، وابن عابدين 1 / 264، 265، والمجموع للنووي 3 / 85، والمغني 1 / 420 وما بعدها ط الرياض، وكشاف القناع 1 / 211، والأثر عن عبد الله بن مسعود أنه صلى بعلقمة. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1 / 220 ط الدار السلفية) وإسناده صحيح.
(50) (4) بدائع الصنائع 1 / 417، وابن عابدين 1 / 264، ومواهب الجليل 1 / 449، وحاشية الدسوقي 1 / 197، والمجموع للنووي 3 / 82، وكشاف القناع 1 / 211، والمغني 1 / 421.
(51) ابن عابدين 1 / 261 - 262.
(52) الخرشي 1 / 236 ط دار صادر، والدسوقي 1 / 199 ط الحلبي، ونهاية المحتاج 1 / 387 ط المكتب الإسلامي، والمغني 1 / 420 ط الرياض.
(53) بدائع الصنائع 1 / 415، وابن عابدين 1 / 258، والحطاب 1 / 435، وحاشية العدوي على الخرشي 1 / 228، وكشاف القناع 1 / 211، والمجموع 3 / 77، والتحفة 1 / 462.
(54) حديث جابر بن سمرة: " صليت مع النبي ﷺ العيد غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة ". أخرجه مسلم (2 / 604 - ط الحلبي) . .
(55) حديث عائشة: " الصلاة جامعة " أخرجه البخاري (2 / 549 - الفتح - ط السلفية) ، ومسلم (2 / 620 ط الحلبي) .
(56) حديث: " أن بلالا. . . . " أخرجه أبو داود (1 / 362 - ط عزت عبيد دعاس) قال المنذري: في إسناده رجل مجهول. مختصر سنن أبي داود (1 / 285 - نشر دار المعرفة) .
(57) حديث عمر: " إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر " أخرجه مسلم (1 / 289 - ط الحلبي) .
(58) ابن عابدين 1 / 267 وبدائع الصنائع 1 / 422، والقرطبي 18 / 101 ط دار الكتب، والمغني 1 / 427، والمجموع 3 / 122.
(59) حديث: " اجعل من أذانك. . . " أخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (5 / 143 - ط الميمنية) من حديث أبي بن كعب، وذكره الهيثمي في المجمع (2 / 4 - ط القدسي) وأعله بالانقطاع. وحديث: " ليكن بين أذانك وإقامتك مقدار ما يفرغ الأكل ". أخرجه الترمذي (1 / 373 - ط الحلبي) وضعفه ابن حجر في التلخيص (1 / 200 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(60) مراقي الفلاح 1 / 107 وابن عابدين 1 / 261، والخرشي 1 / 235ط بولاق، وبدائع الصنائع ا / 410 ط العاصمة، وأسنى المطالب 1 / 130 ط المكتب الإسلامي، وكشاف القناع 1 / 221.
(61) بدائع الصنائع 1 / 410.
(62) حديث: " بين كل أذانين ركعتين ما خلا صلاة المغرب ". أخرجه الدارقطني (1 / 264 - شركة الطباعة الفنية) والبيهقي في المعرفة كما في نصب الراية (1 / 140 - ط المجلس العلمي) وأعلاه بتفرد أحد رواته ثم قال: " لمن شاء ".
(63) حديث: " لا تزال أمتي بخير " - أو قال: " على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم. " أخرجه أبو داود (1 / 291 - ط عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 190 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه، ووافقه الذهبي.
(64) المراجع السابقة مع بدائع الصنائع 1 / 411.
(65) حديث: " أن يصلي (عثمان بن العاص) بالناس صلاة. . . " أخرجه أبو داود (1 / 363 - ط عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 201 ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 5/ 6
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".