المتعالي
كلمة المتعالي في اللغة اسم فاعل من الفعل (تعالى)، واسم الله...
التَّعْرِيفُ اللُّغَوِيُّ:
1 - الأَْشْبَاهُ جَمْعٌ مُفْرَدُهُ شَبَهٌ، وَالشَّبَهُ وَالشِّبْهُ: الْمِثْل، وَالْجَمْعُ أَشْبَاهٌ، وَأَشْبَهَ الشَّيْءَ مَاثَلَهُ، وَبَيْنَهُمْ أَشْبَاهٌ أَيْ أَشْيَاءُ يَتَشَابَهُونَ بِهَا (1) .
التَّعْرِيفُ الاِصْطِلاَحِيُّ:
أ - عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:
2 - لاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِلَفْظِ الأَْشْبَاهِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
ب - عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ:
3 - اخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِي تَعْرِيفِ الشَّبَهِ، حَتَّى قَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيُّ: لاَ يُمْكِنُ تَحْدِيدُهُ، وَقَال غَيْرُهُ: يُمْكِنُ تَحْدِيدُهُ.
فَقِيل: هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الأَْصْل وَالْفَرْعِ بِوَصْفٍ يُوهِمُ اشْتِمَالَهُ عَلَى الْحِكْمَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِحُكْمٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، كَقَوْل الشَّافِعِيِّ فِي النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ: طَهَارَتَانِ فَأَنَّى تَفْتَرِقَانِ.
وَقَال الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: هُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ لاَ يُنَاسِبُ الْحُكْمَ بِذَاتِهِ، لَكِنَّهُ يَكُونُ مُسْتَلْزِمًا لِمَا يُنَاسِبُهُ بِذَاتِهِ. وَحَكَى الأَْبْيَارِيُّ فِي " شَرْحِ الْبُرْهَانِ " عَنِ الْقَاضِي أَنَّهُ: مَا يُوهِمُ الاِشْتِمَال عَلَى وَصْفٍ مُخَيَّلٍ.
وَقِيل: الشَّبَهُ هُوَ الَّذِي لاَ يَكُونُ مُنَاسِبًا لِلْحُكْمِ وَلَكِنْ عُرِفَ اعْتِبَارُ جِنْسِهِ الْقَرِيبِ فِي الْجِنْسِ الْقَرِيبِ (2) .
وَأَوْضَحُ تَعْرِيفٍ لَهُ هُوَ مَا قَالَهُ شَارِحُ مُسْلِمٍ الثُّبُوتُ: الشَّبَهُ هُوَ مَا لَيْسَ بِمُنَاسِبٍ لِتُرَاثِهِ، بَل يُوهِمُ الْمُنَاسَبَةَ، وَذَلِكَ التَّوَهُّمُ إِنَّمَا هُوَ بِالْتِفَاتِ الشَّارِعِ إِلَيْهِ فِي بَعْضِ الأَْحْكَامِ، فَيُتَوَهَّمُ فِيهِ الْمُنَاسَبَةُ، كَقَوْلِكَ: إِزَالَةُ الْخَبَثِ طَهَارَةٌ تُرَادُ لِلصَّلاَةِ فَتَعَيَّنَ فِيهَا الْمَاءُ، وَلاَ يَجُوزُ مَائِعٌ آخَرُ، كَإِزَالَةِ الْحَدَثِ يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْمَاءُ (3) .
وَفِي الْمُسْتَصْفَى: قِيَاسُ الشَّبَهِ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْفَرْعِ وَالأَْصْل بِوَصْفٍ، مَعَ الاِعْتِرَافِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْوَصْفَ لَيْسَ عِلَّةً لِلْحُكْمِ، وَذَلِكَ كَقَوْل أَبِي حَنِيفَةَ مَسْحُ الرَّأْسِ لاَ يَتَكَرَّرُ تَشْبِيهًا لَهُ بِمَسْحِ الْخُفِّ وَالتَّيَمُّمِ، وَالْجَامِعُ أَنَّهُ مَسْحٌ، فَلاَ يُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّكْرَارُ قِيَاسًا عَلَى التَّيَمُّمِ وَمَسْحِ الْخُفِّ (&# x663 ;) .
وَفِي الرِّسَالَةِ يَقُول الشَّافِعِيُّ فِي قِيَاسِ الشَّبَهِ: يَكُونُ الشَّيْءُ لَهُ فِي الأُْصُول أَشْبَاهٌ، فَذَلِكَ يَلْحَقُ بِأَوْلاَهَا بِهِ وَأَكْثَرِهَا شَبَهًا فِيهِ، فَقَدْ يَخْتَلِفُ الْقَايِسُونَ فِي هَذَا (4) . صِفَتُهُ (الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ) :
أَوَّلاً: عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:
4 - إِذَا نِيطَ الْحُكْمُ بِأَصْلٍ فَتَعَذَّرَ انْتَقَل إِلَى أَقْرَبِ شَبَهٍ لَهُ (5) . وَلِذَلِكَ اعْتَبَرَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الشَّبَهَ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْحُكْمِ فِي أَبْوَابٍ مُعَيَّنَةٍ، مِنْ ذَلِكَ جَزَاءُ صَيْدِ الْمُحْرِمِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْل مَا قَتَل مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} (6) أَيْ يَحْكُمَانِ فِيهِ بِأَشْبَهِ الأَْشْيَاءِ (7) ، وَمِنْ ذَلِكَ فِي النَّسَبِ مَا رُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: دَخَل عَلَيَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مَسْرُورٌ تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَال: أَيْ عَائِشَةُ.، أَلَمْ تَرَيْ إِلَى مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ دَخَل فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَال: إِنَّ هَذِهِ الأَْقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ (8) .
وَذَلِكَ يَدُل عَلَى أَنَّ إِلْحَاقَ الْقَافَةِ يُفِيدُ النَّسَبَ لِسُرُورِ النَّبِيِّ ﷺ بِهِ، وَهُوَ لاَ يُسَرُّ بِبَاطِلٍ. وَقَدْ أَخَذَ بِهَذَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ خِلاَفًا لِلْحَنَفِيَّةِ.
5 - وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَضَاءِ بِالشَّبَهِ قَوْل أَهْل الْخِبْرَةِ وَالْمَعْرِفَةِ فِي الأَْمْرِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ التَّخَاصُمُ، كَاعْتِبَارِ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ مِنْ أَهْل الْخِبْرَةِ فِي الْقِيَافَةِ (9) . 6 - لَكِنَّ الاِعْتِمَادَ عَلَى الشَّبَهِ بِقَوْل أَهْل الْخِبْرَةِ يَكُونُ فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ أَوْ حُكْمٌ، وَلِذَلِكَ يُعْتَبَرُ اللِّعَانُ مَانِعًا مِنْ إِعْمَال الشَّبَهِ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ ﷺ فِي قِصَّةِ الْمُتَلاَعِنَيْنِ: إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَل الْعَيْنَيْنِ، سَابِغَ الأَْلْيَتَيْنِ، مُدْلِجَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَال النَّبِيُّ ﷺ: لَوْلاَ مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ (10) .
وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلنَّصِّ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ فَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَقَدْ قَضَى الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ، كَقَوْل عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ: " فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ (11) . وَمَا لَمْ يَقْضِ فِيهِ الصَّحَابَةُ فَيُرْجَعُ فِيهِ إِلَى قَوْل عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْل الْخِبْرَةِ (12) .
7 - وَيُلاَحَظُ أَنَّ الإِْمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ يُخَالِفُونَ الْجُمْهُورَ فِي الاِعْتِمَادِ عَلَى الشَّبَهِ فِي النَّسَبِ. كَمَا أَنَّ الشَّبَهَ فِي حَزَّاءِ الصَّيْدِ هُوَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْ حَيْثُ الْخِلْقَةِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْمِثْل هُوَ الْقِيمَةُ (13) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مَوَاضِعِهِ. 8 - كَذَلِكَ يُعْتَمَدُ عَلَى الشَّبَهِ فِي الاِخْتِلاَفِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.
جَاءَ فِي تَبْصِرَةِ الْحُكَّامِ: إِنْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ، فَإِنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا ثَمَنًا يُشْبِهُ ثَمَنَ السِّلْعَةِ، وَادَّعَى الآْخَرُ مَالاً يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لَهَا، فَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ فَائِتَةً (أَيْ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَلاَكٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِمَا) فَالْقَوْل قَوْل مُدَّعِي الأَْشْبَهِ مِنْهُمَا اتِّفَاقًا (أَيْ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ) ، لأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ التَّغَابُنِ، وَالشِّرَاءُ بِالْقِيمَةِ وَمَا يُقَارِبُهَا. وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لاَ يُرَاعَى الأَْشْبَهُ، لأَِنَّهُمَا قَادِرَانِ عَلَى رَدِّ السِّلْعَةِ (14) . وَفِي الْمَنْثُورِ فِي الْقَوَاعِدِ لِلزَّرْكَشِيِّ فِي بَابِ الرِّبَا: إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ لاَ يُكَال وَلاَ يُوزَنُ فَيُعْتَبَرُ بِأَقْرَبِ الأَْشْيَاءِ شَبَهًا بِهِ عَلَى أَحَدِ الأَْوْجُهِ (15) .
وَالصُّلْحُ مَعَ الإِْقْرَارِ يُحْمَل عَلَى الْبَيْعِ أَوِ الإِْجَارَةِ أَوِ الْهِبَةِ. وَالأَْصْل فِيهِ أَنَّ الصُّلْحَ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى أَقْرَبِ الْعُقُودِ إِلَيْهِ وَأَشْبَهِهَا بِهِ، لِتَصْحِيحِ تَصَرُّفِ الْعَاقِدِ مَا أَمْكَنَ (16) . ر: (صُلْحٌ) .
ثَانِيًا: عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ
9 - اخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ هَل الشَّبَهُ حُجَّةٌ أَمْ لاَ؟ فَقِيل: إِنَّهُ حُجَّةٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الأَْكْثَرُونَ، وَقِيل: إِنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَبِهِ قَال أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ. وَقِيل غَيْرُ ذَلِكَ (17) . وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ (الْقِيَاسُ) .
الْمُرَادُ بِفَنِّ الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي عِلْمِ الْفِقْهِ:
10 - الْمُرَادُ بِفَنِّ الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ - كَمَا ذَكَرَ الْحَمَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى أَشْبَاهِ ابْنِ نُجَيْمٍ -: الْمَسَائِل الَّتِي يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا مَعَ اخْتِلاَفِهَا فِي الْحُكْمِ لأُِمُورٍ خَفِيَّةٍ أَدْرَكَهَا الْفُقَهَاءُ بِدِقَّةِ أَنْظَارِهِمْ (18) .
وَفَائِدَتُهُ كَمَا ذَكَرَ السُّيُوطِيُّ (19) أَنَّهُ فَنٌّ بِهِ يُطَّلَعُ عَلَى حَقَائِقِ الْفِقْهِ وَمَدَارِكِهِ وَمَأْخَذِهِ وَأَسْرَارِهِ، وَيُتَمَهَّرُ فِي فَهْمِهِ وَاسْتِحْضَارِهِ، وَيُقْتَدَرُ عَلَى الإِْلْحَاقِ وَالتَّخْرِيجِ، وَمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الْمَسَائِل الَّتِي لَيْسَتْ بِمَسْطُورَةٍ، وَالْحَوَادِثِ وَالْوَقَائِعِ الَّتِي لاَ تَنْقَضِي عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ.
وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ: اعْرِفِ الأَْمْثَال وَالأَْشْبَاهَ، ثُمَّ قِسِ الأُْمُورَ عِنْدَكَ، فَاعْمَدْ إِلَى أَحَبِّهَا إِلَى اللَّهِ وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ فِيمَا تَرَى (20) .
__________
(1) لسان العرب مادة (شبه) .
(2) إرشاد الفحول للشوكاني ص 219 ط مصطفى الحلبي.
(3) فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت بهامش المستصفى 2 / 301 ط بولاق (الأميرية) .
(4) الرسالة ص 479 ط مصطفى الحلبي تحقيق الشيخ أحمد شاكر.
(5) المنثور في القواعد للزركشي 2 / 223.
(6) سورة المائدة / 95.
(7) المغني 3 / 511 ط الرياض، ومنحة الجليل 1 / 538.
(8) حديث " أي عائشة ألم تري. . . " أخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة ﵂ (فتح الباري 12 / 56 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 1082 ط عيسى الحلبي) .
(9) الطرق الحكمية ص 195، 196، 198، والتبصرة 2 / 108.
(10) حديث " لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن " أخرجه البخاري (الفتح 8 / 449 ط السلفية) .
(11) " في النعامة بدنة " من قول عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن عباس ومعاوية. أخرجه الشافعي في الأم (2 / 190 ط دار المعرفة وعنه البيهقي 5 / 182 ط دائرة المعارف العثمانية) وقال الشافعي: هذا لا يثبت عند أهل العلم بالحديث. ونقله عنه البيهقي وأقره، ونقل عنهما ابن حجر في التلخيص (3 / 284 ط دار المحاسن) .
(12) الطرق الحكمية ص 200، 201.
(13) المغني 3 / 511، والاختيار 1 / 166، ومنح الجليل 1 / 539، والمهذب 1 / 223.
(14) التبصرة بهامش فتح العلي المالك 2 / 50.
(15) المنثور في القواعد 2 / 224.
(16) الهداية 3 / 194.
(17) إرشاد الفحول ص 219، 220 ط مصطفى الحلبي.
(18) الأشباه والنظائر لابن نجيم والحموي عليه 1 / 18 ط دار الطباعة العامرة.
(19) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 6، 7 ط مصطفى الحلبي.
(20) والأثر عن عمر بن الخطاب ﵁ " اعرف الأمثال والأشباه. . . " أخرجه الدارقطني (4 / 206، 207 ط دار المحاسن بالقاهرة) . وقواه ابن حجر في التلخيص (4 / 196 ط دار المحاسن بالقاهرة) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 287/ 4
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".