الجبار
الجَبْرُ في اللغة عكسُ الكسرِ، وهو التسويةُ، والإجبار القهر،...
1 - الْبُلْعُومُ لُغَةً وَاصْطِلاَحًا: هُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَمَوْضِعُ الاِبْتِلاَعِ مِنَ الْحَلْقِ. (1)
أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِالْبُلْعُومِ:
الْبُلْعُومُ - بِاعْتِبَارِهِ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ بَيْنَ آخِرِ الْفَمِ (أَيْ أَقْصَاهُ، وَهُوَ اللَّهَاةُ) وَالْمَعِدَةِ - تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامٌ، مِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِمَا يُفْطِرُ بِهِ الصَّائِمُ، وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّذْكِيَةِ وَقَطْعِ الْبُلْعُومِ فِيهَا، وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَالدِّيَةِ فِيهِ.
أ - مَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّوْمِ وَمُفْطِرَاتِهِ:
2 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ كُل مَا أُدْخِل فِي الْبُلْعُومِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ دَوَاءٍ فِي فَتْرَةِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ فِي الْجُمْلَةِ. وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلاَتٌ تُنْظَرُ فِي (الصَّوْمِ) .
وَإِنِ اسْتَقَاءَ وَجَاوَزَ الْقَيْءُ الْبُلْعُومَ أَفْطَرَ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ. (2) وَفِي ذَلِكَ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (الصَّوْمُ) أَيْضًا.
ب - مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّذْكِيَةِ:
3 - اتَّفَقَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى ضَرُورَةِ قَطْعِ الْبُلْعُومِ أَثْنَاءَ الذَّبْحِ، ضِمْنَ مَا يُقْطَعُ مِنْ عُرُوقٍ فِي الْمَذْبُوحِ مَعْلُومَةٍ. وَهِيَ الْحُلْقُومُ وَهُوَ: مَجْرَى النَّفَسِ، وَالْوَدَجَانِ وَهُمَا: عِرْقَانِ فِي جَانِبَيِ الْعُنُقِ بَيْنَهُمَا الْحُلْقُومُ وَالْمَرِيءُ، وَيَتَّصِل بِهِمَا أَكْثَرُ عُرُوقِ الْبَدَنِ، وَيَتَّصِلاَنِ بِالدِّمَاغِ. هَذَا بِالإِْضَافَةِ إِلَى الْمَرِيءِ (الْبُلْعُومِ) .
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلَمْ يَشْتَرِطُوا قَطْعَهُ، بَل قَالُوا بِقَطْعِ جَمِيعِ الْحُلْقُومِ، وَقَطْعِ جَمِيعِ الْوَدَجَيْنِ. (3) وَفِيمَا يُجْزِئُ فِي الذَّبْحِ خِلاَفٌ، مُجْمَلُهُ فِيمَا يَلِي:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الذَّابِحَ إِنْ قَطَعَ جَمِيعَهَا حَل الأَْكْل؛ لِوُجُودِ الذَّكَاةِ. وَكَذَلِكَ إِنْ قَطَعَ ثَلاَثَةً مِنْهَا، أَيَّ ثَلاَثَةٍ كَانَتْ. وَقَال أَبُو يُوسُفَ: لاَ بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَأَحَدِ الْوَدَجَيْنِ. وَقَال مُحَمَّدٌ: إِنَّهُ يُعْتَبَرُ الأَْكْثَرُ مِنْ كُل عِرْقٍ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ قَوْل مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي يُوسُفَ، وَحَمَل الْكَرْخِيُّ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ " وَإِنْ قُطِعَ أَكْثَرُهَا حَل " عَلَى مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ قَطْعَ أَيِّ ثَلاَثَةٍ مِنْهَا يَكْفِي.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يُسْتَحَبُّ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْوَدَجَيْنِ؛ لأَِنَّهُ أَسْرَعُ وَأَرْوَحُ لِلذَّبِيحَةِ، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ أَجْزَأَهُ؛ لأَِنَّ الْحُلْقُومَ مَجْرَى النَّفَسِ، وَالْمَرِيءَ مَجْرَى الطَّعَامِ، وَالرُّوحَ لاَ تَبْقَى مَعَ قَطْعِهِمَا. (4)
وَشَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ قَطْعَ جَمِيعِ الْحُلْقُومِ، وَهُوَ الْقَصَبَةُ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا النَّفَسُ، وَقَطْعَ جَمِيعِ الْوَدَجَيْنِ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا قَطْعَ الْمَرِيءِ. (5)
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَاشْتَرَطُوا قَطْعَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ، وَاكْتَفَوْا بِقَطْعِ الْبَعْضِ مِنْهُمَا، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا إِبَانَتَهُمَا؛ لأَِنَّهُ قَطْعٌ فِي مَحَل الذَّبْحِ مَا لاَ تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَهُ، وَاشْتَرَطُوا فَرْيَ الْوَدَجَيْنِ، وَذَكَرَ ابْنُ تَيْمِيَةَ وَجْهًا أَنَّهُ يَكْفِي قَطْعُ ثَلاَثَةٍ مِنَ الأَْرْبَعَةِ، وَقَال: إِنَّهُ الأَْقْوَى، وَسُئِل عَمَّنْ قَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْوَدَجَيْنِ لَكِنْ فَوْقَ الْجَوْزَةِ؟ فَقَال: هَذَا فِيهِ نِزَاعٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَحِل. (6) وَالتَّفْصِيل يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى: (تَذْكِيَة) .
ج - مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِنَايَةِ:
4 - الْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْجُرُوحَ - فِيمَا عَدَا الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ - تَنْقَسِمُ إِلَى جَائِفَةٍ وَغَيْرِ جَائِفَةٍ.
قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الْجَائِفَةَ هِيَ الَّتِي تَصِل إِلَى الْجَوْفِ مِنَ الْبَطْنِ أَوِ الظَّهْرِ أَوِ الْوَرِكِ أَوِ الثَّغْرِ (ثُغْرَةِ النَّحْرِ) أَوِ الْحَلْقِ أَوِ الْمَثَانَةِ، وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ مَا وَصَل مِنَ الرَّقَبَةِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي لَوْ وَصَل إِلَيْهِ مِنَ الشَّرَابِ قَطْرَةٌ لأََفْطَرَ يَكُونُ جَائِفَةً؛ لأَِنَّهُ لاَ يُفْطِرُ إِلاَّ إِذَا كَانَ وَصَل إِلَى الْجَوْفِ.
وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، فَإِنْ نَفَذَتْ فَهِيَ جَائِفَتَانِ (7) قَال ﵊ فِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ (1) وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ ﵁ أَنَّهُ حَكَمَ فِي جَائِفَةٍ نَفَذَتْ بِثُلُثَيِ الدِّيَةِ (2) لأَِنَّهَا إِنْ نَفَذَتْ فَهِيَ جَائِفَتَانِ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ قَالُوا: إِنَّ الْجَائِفَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْبَطْنِ وَالظَّهْرِ، وَفِيهَا ثُلُثٌ مِنَ الدِّيَةِ الْمُخَمَّسَةِ، فَإِنْ نَفَذَتْ فَهِيَ جَائِفَتَانِ. (3) وَالتَّفْصِيل فِي (الْجِنَايَات، وَالدِّيَات) .
__________
(1) المصباح المنير، ومختار الصحاح، ولسان العرب، والمغرب في ترتيب المعرب، والشرح الكبير 2 / 99، والنظم المستعذب 1 / 259، ورد المحتار على الدر المختار 5 / 187، ومنار السبيل في شرح الدليل 2 / 422 ط المكتب الإسلامي، ونيل المآرب بشرح دليل الطالب 2 / 159 ط الفلاح.
(2) الاختيار شرح المختار 1 / 131 ـ 133 ط دار المعرفة، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 1 / 523 ـ 527، والمهذب 1 / 189، 190، ونيل المآب بشرح دليل الطالب 1 / 99 - 100 ط الفلاح.
(3) رد المحتار على الدر المختار 5 / 186ـ 187، والاختيار شرح المختار 3 / 142 - 144 ط مصطفى الحلبي 1936م، والمهذب 1 / 259، ونهاية المحتاج 8 / 110ـ 111، والشرح الكبير 2 / 99، ومنار السبيل في شرح الدليل 2 / 421ـ 423ط المكتب الإسلامي، ونيل المآب بشرح دليل الطالب 2 / 158ـ 159م الفلاح.
(4) الاختيار شرح المختار 3 / 144، والمهذب 1 / 259.
(5) الشرح الكبير 2 / 99.
(6) منار السبيل في شرح الدليل 2 / 422 - 423 المكتب الإسلامي، ونيل المآرب بشرح دليل الطالب 2 / 159 ط الفلاح.
(7) الاختيار شرح المختار 5 / 42 ط دار المعرفة، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 7 / 296، وتكملة فتح القدير 8 / 813، والمهذب في شرح فقه الإمام الشافعي 2 / 200 - 201، ومنار السبيل في شرح الدليل 2 / 352 - 353، ط المكتب الإسلامي، ونيل المآرب بشرح دليل الطالب 2 / 135 ط الفلاح.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 183/ 8