الشكور
كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّجْهِيزُ لُغَةً: تَهْيِئَةُ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ. يُقَال: جَهَّزْتُ الْمُسَافِرَ: إِذَا هَيَّأْتَ لَهُ جِهَازَ سَفَرِهِ. وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى تَجْهِيزِ الْعَرُوسِ وَالْمَيِّتِ وَالْغُزَاةِ، وَيُقَال: جَهَّزْتُ عَلَى الْجَرِيحِ - بِالتَّثْقِيل - إِذَا أَتْمَمْتَ عَلَيْهِ وَأَسْرَعْتَ قَتْلَهُ، وَذَلِكَ لِلْمُبَالَغَةِ (وَمِثْلُهُ أَجْهَزْتُ) وَفِعْلُهُ مِنْ بَابِ نَفَعَ، وَيَأْتِي عَلَى وَزْنِ أَفْعَل. (1)
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الإِْعْدَادُ:
2 - الإِْعْدَادُ: التَّهْيِئَةُ وَالإِْحْضَارُ. فَالتَّجْهِيزُ أَعَمُّ مِنَ الإِْعْدَادِ؛ لأَِنَّ التَّجْهِيزَ يَشْمَل الإِْعْدَادَ وَغَيْرَهُ.
ب - التَّزْوِيدُ:
3 - التَّزْوِيدُ: مَصْدَرُ زَوَّدْتُهُ: أَعْطَيْتَهُ زَادًا، فَهُوَ أَخَصُّ مِنَ التَّجْهِيزِ. لأَِنَّ التَّجْهِيزَ يَكُونُ بِالطَّعَامِ وَغَيْرِهِ، أَمَّا التَّزْوِيدُ فَهُوَ بِإِعْدَادِ الزَّادِ أَوْ إِعْطَائِهِ (2) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالتَّجْهِيزِ:
وَيَتَكَلَّمُ الْفُقَهَاءُ فِي تَجْهِيزِ الْعَرُوسِ وَالْمُجَاهِدِينَ وَالْمَيِّتِ، عَلَى مَنْ يَجِبُ، وَالْحُكْمِ فِيهِ، وَمِقْدَارِهِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:
تَجْهِيزُ الْعَرُوسِ:
4 - مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: عَدَمُ إِجْبَارِ الْمَرْأَةِ عَلَى الْجِهَازِ، (3) وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ نُصُوصِ الْحَنَابِلَةِ، فَلاَ تُجْبَرُ هِيَ وَلاَ غَيْرُهَا عَلَى التَّجْهِيزِ، فَقَدْ جَاءَ فِي مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ: وَتُمْلَكُ زَوْجَةٌ بِعَقْدِ جَمِيعِ الْمُسَمَّى، وَلَهَا نَمَاءٌ مُعَيَّنٌ كَدَارٍ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ. (4)
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ: فَقَدْ نَقَل الْحَصْكَفِيُّ عَنِ الزَّاهِدِيِّ فِي الْقُنْيَةِ: أَنَّهُ لَوْ زُفَّتِ الزَّوْجَةُ إِلَى الزَّوْجِ بِلاَ جِهَازٍ يَلِيقُ بِهِ فَلَهُ مُطَالَبَةُ الأَْبِ بِالنَّقْدِ. وَزَادَ فِي الْبَحْرِ عَنِ الْمُنْتَقَى: إِلاَّ إِذَا سَكَتَ طَوِيلاً فَلاَ خُصُومَةَ لَهُ. لَكِنْ فِي النَّهْرِ عَنِ الْبَزَّازِيَّةِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لاَ يَرْجِعُ عَلَى الأَْبِ بِشَيْءٍ؛ لأَِنَّ الْمَال فِي النِّكَاحِ غَيْرُ مَقْصُودٍ. (5) وَمَفْهُومُ هَذَا أَنَّ الأَْبَ هُوَ الَّذِي يُجَهِّزُ، لَكِنَّ هَذَا إِذَا كَانَ هُوَ الَّذِي قَبَضَ الْمَهْرَ، فَإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ هِيَ الَّتِي قَبَضَتْهُ فَهِيَ الَّتِي تُطَالَبُ بِهِ عَلَى الْقَوْل بِوُجُوبِ الْجِهَازِ، وَهُوَ بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ. (6)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا قَبَضَتِ الْحَال مِنْ صَدَاقِهَا قَبْل بِنَاءِ الزَّوْجِ بِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ عَلَى الْعَادَةِ مِنْ حَضَرٍ أَوْ بَدْوٍ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْعُرْفُ شِرَاءَ دَارٍ لَزِمَهَا ذَلِكَ، وَلاَ يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِأَزْيَدَ مِنْهُ. وَمِثْل حَال الصَّدَاقِ مَا إِذَا عَجَّل لَهَا الْمُؤَجَّل وَكَانَ نَقْدًا. وَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَبْضُ عَنِ الْبِنَاءِ لَمْ يَلْزَمْهَا التَّجْهِيزُ سَوَاءٌ أَكَانَ حَالًّا أَمْ حَل، إِلاَّ لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ. (أَيْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا التَّجْهِيزُ لِلشَّرْطِ أَوِ الْعُرْفِ (2)) . .
تَجْهِيزُ الْغُزَاةِ:
5 - يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ لاَ يُعَطِّلُوا الْجِهَادَ فِي سَبِيل اللَّهِ، وَأَنْ يُجَهِّزُوا لِذَلِكَ الْغُزَاةَ بِمَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ عُدَّةٍ وَعَتَادٍ وَزَادٍ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيل اللَّهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (7) وَقَوْلِهِ ﷿: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْل تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيل اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} (8) وَتَجْهِيزُ الْغُزَاةِ وَاجِبُ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا، حُكَّامًا وَمَحْكُومِينَ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيل اللَّهِ فَقَدْ غَزَا (9)
وَمِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي يُمْكِنُ تَجْهِيزُ الْغُزَاةِ مِنْهَا: الزَّكَاةُ مِنْ صِنْفِ (سَبِيل اللَّهِ) .
وَقَدْ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْغُزَاةَ يُعْطَوْنَ مِنَ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ.
لَكِنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَيَّدُوهُ بِأَنْ يَكُونَ الْمُعْطَوْنَ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْجِهَادُ. وَقَيَّدَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَلاَّ تَكُونَ أَسْمَاؤُهُمْ فِي دِيوَانِ الْجُنْدِ. (10)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْغَازِيَ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ إِذَا كَانَ مِنْ مُنْقَطِعِي الْغُزَاةِ، وَهُمُ الَّذِينَ عَجَزُوا عَنِ الاِلْتِحَاقِ بِجَيْشِ الإِْسْلاَمِ لِفَقْرِهِمْ. (11) وَسَبَبُ اخْتِلاَفِهِمْ فِي هَذَا هُوَ اخْتِلاَفُهُمْ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى فِي مَصَارِفِ الصَّدَقَاتِ: {وَفِي سَبِيل اللَّهِ} (12) وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (زَكَاةٌ) .
تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ:
6 - يَجِبُ تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِهِ، وَلأَِنَّ سُتْرَتَهُ وَاجِبَةٌ فِي الْحَيَاةِ، فَهِيَ وَاجِبَةٌ كَذَلِكَ بِالْكَفَنِ فِي الْمَمَاتِ.
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ تَجْهِيزَ الْمَيِّتِ فَرْضُ كِفَايَةٍ إِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ.
وَنَفَقَاتُ التَّجْهِيزِ تَكُونُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إِنْ تَرَكَ مَالاً، وَتُقَدَّمُ عَلَى دُيُونِهِ وَوَصِيَّتِهِ وَإِرْثِهِ، إِلاَّ أَعْيَانَ التَّرِكَةِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ لِلْغَيْرِ، كَعَيْنِ الرَّهْنِ وَالْمَبِيعِ وَنَحْوِهِمَا. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، وَجَبَ تَجْهِيزُهُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فِي حَال حَيَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلاَءِ، وَجَبَ تَجْهِيزُهُ فِي بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ إِنْ وُجِدَ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ كَانَ مَوْجُودًا وَلَمْ يُمْكِنِ الأَْخْذُ فَتَجْهِيزُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَرْضُ كِفَايَةٍ. وَلاَ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ تَجْهِيزُ زَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِلاَ خِلاَفٍ. (13)
وَفِي وُجُوبِ تَجْهِيزِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ الْمُتَوَفَّاةِ، خِلاَفٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ مَعَ تَفْصِيل الْبَحْثِ فِي مُصْطَلَحِ: (جَنَائِزُ) .
__________
(1) المصباح، والصحاح، والمعجم الوسيط.
(2) المصباح.
(3) الجمل 4 / 264.
(4) منتهى الإرادات 2 / 207 نشر مكتبة دار العروبة.
(5) شرح الدر 2 / 367.
(6) في ابن عابدين في الموضع نفسه إشارة إلى هذا.
(7) سورة البقرة / 195.
(8) سورة الأنفال / 60.
(9) حديث: " من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا " أخرجه البخاري ومسلم من حديث زيد بن خالد ﵁ مرفوعا (فتح الباري 6 / 49 ط السلفية، وصحيح مسلم 3 / 1507 ط الحلبي) .
(10) وهم الآن من لهم في بيت المال رزق أي مرتب.
(11) البدائع 2 / 45، وابن عابدين 2 / 61، والقرطبي 8 / 185، 186، ومغني المحتاج 1 / 111، والمغني 2 / 670.
(12) سورة التوبة / 60.
(13) البدائع 1 / 308، 309، والشرح الكبير 1 / 413، 414، والمجموع 5 / 188، 189، والمغني 2 / 521.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 170/ 10