العفو
كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...
لِبَاسٌ -عِمامة - للرَأْسِ مُتَعَدِّدُ الأنْواع، والأشْكَال، والألْوان، وجمعُها قَلانِس، وقَلانِيس . يشهد له عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهمَا - أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : "لاَ يَلْبَسُ القُمُصَ، وَلاَ العَمَائِمَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ البَرَانِسَ، وَلاَ الخِفَافَ إِلَّا أَحَدٌ لاَ يَجِدُ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ، أو وَرْسٌ ." البخاري :1543. ومن الأمثلة : حُكْمُ لُبْس الْمُحْرِمِ الْقَلَنْسُوَة .
مَا يُلْبَسُ عَلَى الرَّأْسِ كالعمامة.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْقَلَنْسُوَةُ لُغَةً: مِنْ مَلاَبِسِ الرُّءُوسِ. وَالتَّقْلِيسُ: لُبْسُ الْقَلَنْسُوَةِ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .
مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَلَنْسُوَةِ مِنْ أَحْكَامٍ:
حُكْمُ الْمَسْحِ عَلَيْهَا فِي الْوُضُوءِ:
2 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْمَسْحُ فِي الْوُضُوءِ عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ لِعَدَمِ الْحَرَجِ فِي نَزْعِهَا.
قَال إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: قَال أَحْمَدُ: لاَ يُمْسَحُ عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ (3) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ إِنْ خِيفَ مِنْ نَزْعِهَا ضَرَرٌ (4) . وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ عَسُرَ رَفْعُ الْقَلَنْسُوَةِ، أَوْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ كَمَّل بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَبِسَهَا عَلَى حَدَثٍ، لِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ ﷺ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ (5) ، وَسَوَاءٌ أَعَسُرَ عَلَيْهِ تَنْحِيَتُهَا أَمْ لاَ
حُكْمُ لُبْسُ الْمُحْرِمِ الْقَلَنْسُوَةَ:
3 - يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ لُبْسُ الْقَلَنْسُوَةِ، لأَِنَّ سَتْرَ الرَّأْسِ مِنْ مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال فِي الْمُحْرِمِ: لاَ يَلْبَسُ الْقُمُصَ وَلاَ الْعَمَائِمَ وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ وَلاَ الْبَرَانِسَ وَلاَ الْخِفَافَ إِلاَّ أَحَدٌ لاَ يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَل مِنَ الْكَعْبَيْنِ (6) .
قَال ابْنُ بَطَّالٍ: (قَوْلُهُ وَلاَ الْبَرَانِسَ) قَال فِي الصِّحَاحِ الْبُرْنُسُ: قَلَنْسُوَةٌ طَوِيلَةٌ وَكَانَ النُّسَّاكُ يَلْبَسُونَهَا فِي صَدْرِ الإِْسْلاَمِ.
فَإِنْ لَبِسَ الْمُحْرِمُ الْقَلَنْسُوَةَ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ (7) . حُكْمُ لُبْسِ أَهْل الذِّمَّةِ الْقَلاَنِسَ:
4 - مِنْ أَحْكَامِ أَهْل الذِّمَّةِ أَنَّهُمْ يُلْزَمُونَ بِلُبْسٍ يُمَيِّزُهُمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، لأَِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ صَالَحَهُمْ عَلَى تَغْيِيرِ زِيِّهِمْ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ (8) ، فَإِذَا لَبِسُوا الْقَلاَنِسَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُخَالِفَةً لِلْقَلاَنِسِ الَّتِي يَلْبَسُهَا الْمُسْلِمُونَ وَذَلِكَ بِتَمْيِيزِهَا بِعَلاَمَةٍ يُعْرَفُونَ بِهَا.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: يُمْنَعُ أَهْل الذِّمَّةِ مِنْ لُبْسِ الْقَلاَنِسِ الصِّغَارِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ طَوِيلَةً مِنْ كِرْبَاسٍ مَصْبُوغَةً بِالسَّوَادِ مَضْرَبَةً مُبَطَّنَةً وَهَذَا فِي الْعَلاَمَةِ أَوْلَى (9) .
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ بِإِلْزَامِهِمْ لُبْسَ الْقَلاَنِسِ الطَّوِيلَةِ الْمَضْرَبَةِ وَأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَانَ يَأْمُرُ بِذَلِكَ، أَيْ تَكُونُ عَلاَمَةً يُعْرَفُونَ بِهَا (10) .
وَقَال الشِّيرَازِيُّ: إِنْ لَبِسُوا الْقَلاَنِسَ جَعَلُوا. فِيهَا خِرَقًا لِيَتَمَيَّزُوا عَنْ قَلاَنِسِ الْمُسْلِمِينَ، لِمَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ لِعُمَرَ حِينَ صَالَحَ نَصَارَى الشَّامِ فَشَرَطَ أَنْ لاَ تَتَشَبَّهَ بِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ لِبَاسِهِمْ مِنْ قَلَنْسُوَةٍ وَلاَ عِمَامَةٍ (11) . وَبِمِثْل ذَلِكَ قَال الْحَنَابِلَةُ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُلْزَمُونَ بِلُبْسٍ يُمَيِّزُهُمْ (2) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، ومختار الصحاح مادة (قلس) .
(2) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 1 / 181، والدسوقي 1 / 163، والمغني 1 / 304، وكشاف القناع 1 / 113.
(3) ابن عابدين 1 / 181، والاختيار 1 / 25، وكشاف القناع 1 / 113، والمغني 1 / 304.
(4) حاشية الدسوقي 1 / 163.
(5) خبر " أنه توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة ". أخرجه مسلم (1 / 230) من حديث المغيرة بن شعبة.
(6) حديث ابن عمر: " أن النبي ﷺ قال في المحرم: لا يلبس القمص ولا العمائم. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 401) ومسلم (2 / 835) واللفظ للبخاري.
(7) الاختيار 1 / 144، وابن عابدين 2 / 163، 203، والدسوقي 2 / 55، 58، 66، والمهذب 1 / 214، والإفصاح 1 / 283.
(8) مغني المحتاج 4 / 256 - 257.
(9) حاشية ابن عابدين 3 / 274.
(10) ابن عابدين 3 / 274.
(11) المهذب 2 / 255، مغني المحتاج 4 / 256 - 257.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 54/ 34
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".