المجيد
كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...
ما أوصل إلى ظن راجح . مثل دليل القياس إن لم يكن قطعياً، وخبر الواحد، الذي لم تصحبه قرائن تقوّيه، والاستدلال بالمصلحة المرسلة، وسد الذرائع
ما أوصل إلى ظن راجح.
التَّعْرِيفُ:
1 - الأَْمَارَةُ لُغَةً: الْعَلاَمَةُ. (1)
وَهِيَ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ: الدَّلِيل الظَّنِّيُّ، وَهُوَ مَا يُمْكِنُ التَّوَصُّل بِصَحِيحِ النَّظَرِ فِيهِ إِلَى مَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ ظَنِّيٍّ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ
: أ - الدَّلِيل:
2 - الدَّلِيل: هُوَ مَا يُتَوَصَّل بِصَحِيحِ النَّظَرِ فِيهِ إِلَى مَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ قَطْعِيٍّ أَوْ ظَنِّيٍّ. وَقَدْ يُخَصُّ بِالْقَطْعِيِّ (3) . ب - الْعَلاَمَةُ:
3 - الدَّلِيل الظَّنِّيُّ يُسَمَّى أَمَارَةً وَعَلاَمَةً (4) ، إِلاَّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنَّ الأَْمَارَةَ لَيْسَتْ بِشُهْرَةِ الْعَلاَمَةِ، بَل الْعَلاَمَةُ أَشْهَرُ.
وَالْعَلاَمَةُ لاَ تَنْفَكُّ عَنِ الشَّيْءِ، بِخِلاَفِ الأَْمَارَةِ (5) .
ج - الْوَصْفُ الْمُخَيِّل:
4 - الْوَصْفُ الْمُخَيِّل يُفِيدُ الظَّنَّ الضَّعِيفَ، أَمَّا الأَْمَارَةُ فَإِنَّهَا تُفِيدُ الظَّنَّ الْقَوِيَّ. (6)
د - الْقَرِينَةُ:
5 - الْقَرِينَةُ كَثِيرًا مَا تُطْلَقُ عَلَى الأَْمَارَةِ، وَالْعَكْسُ كَذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ الْقَرِينَةَ قَدْ تَكُونُ قَاطِعَةً (7) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
6 - عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ دَلاَلَةٌ قَاطِعَةٌ، بَل عَلَيْهِ أَمَارَةٌ فَقَطْ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ، فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ أَنْ يَعْمَل بِمُوجِبِ هَذَا الظَّنِّ الَّذِي ثَبَتَ عِنْدَهُ بِهَذِهِ الأَْمَارَةِ، وَهَذَا بِخِلاَفِ الْمُقَلِّدِ، لأَِنَّ ظَنَّهُ لاَ يَصِيرُ وَسِيلَةً إِلَى الْعِلْمِ. (8) وَيَأْخُذُ الْفُقَهَاءُ بِالأَْمَارَاتِ، فَفِي مَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ يَسْتَدِلُّونَ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ، وَمَطَالِعِ النُّجُومِ. (9)
وَفِي الْبُلُوغِ يَرَى أَغْلِبُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ نَبَاتَ شَعْرِ الْعَانَةِ الْخَشِنِ أَمَارَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ (10) ، وَكَذَلِكَ يَرَى الْبَعْضُ أَنَّ فَرْقَ أَرْنَبَةِ الأَْنْفِ، وَغِلَظَ الصَّوْتِ وَشُهُودَ الثَّدْيِ، وَنَتْنَ الإِْبِطِ - أَمَارَاتٌ عَلَى الْبُلُوغِ. (11)
7 - وَفِي الْقَضَاءِ: الْحُكْمُ بِالأَْمَارَاتِ مَحَل خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، مِنْهُمْ مَنْ يَرَى الْحُكْمَ بِهَا قَوْلاً وَاحِدًا عَمَلاً بِقَوْل اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} . (12) رُوِيَ أَنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ لَمَّا أَتَوْا بِقَمِيصِ يُوسُفَ إِلَى أَبِيهِمْ يَعْقُوبَ، تَأَمَّلْهُ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ خَرْقًا وَلاَ أَثَرَ نَابٍ، فَاسْتَدَل بِذَلِكَ عَلَى كَذِبِهِمْ. فَاسْتَدَل الْفُقَهَاءُ بِهَذِهِ الآْيَةِ عَلَى إِعْمَال الأَْمَارَاتِ فِي مَسَائِل كَثِيرَةٍ مِنَ الْفِقْهِ. (13)
وَقَدْ خَصَّصَ الْعَلاَمَةُ ابْنُ فَرْحُونَ الْبَابَ الْمُتَمِّمَ السَّبْعِينَ مِنْ تَبْصِرَتِهِ فِي الْقَضَاءِ بِمَا يَظْهَرُ مِنْ قَرَائِنِ الأَْحْوَال وَالأَْمَارَاتِ وَحُكْمِ الْفِرَاسَةِ، وَأَيَّدَ الْحُكْمَ بِهَا بِأَدِلَّةٍ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَذَكَرَ مَا يَرْبُو عَنْ سِتِّينَ مَسْأَلَةً مِنْهَا مَا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا مَا تَفَرَّدَ بِهِ بَعْضُهُمْ.
وَالْبَعْضُ لاَ يَأْخُذُ بِالْقَرَائِنِ، مُسْتَدِلًّا بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُ فُلاَنَةَ، فَقَدْ ظَهَرَ مِنْهَا الرِّيبَةُ فِي مَنْطِقِهَا وَهَيْئَتِهَا وَمَنْ يَدْخُل عَلَيْهَا. (1)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (قَرِينَة) وَفِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
__________
(1) لسان العرب المحيط (أمر) . كشاف اصطلاحات الفنون 1 / 72
(2) مسلم الثبوت 1 / 20، وتسهيل الوصول إلى علم الأصول ص 12، والتقرير والتحبير 3 / 184، وتيسير التحرير 4 / 29 ط صبيح
(3) مسلم الثبوت 1 / 20
(4) تسهيل الوصول ص 16، والقليوبي 2 / 300 ط مصطفى الحلبي
(5) تيسير التحرير 4 / 55 ط صبيح، والتعريفات للجرجاني ط مصطفى الحلبي
(6) حاشية الشريف الجرجاني على العضد 1 / 4 ط ليبيا
(7) مجلة الأحكام 1741
(8) شرح العضد وحواشيه 1 / 30 ط ليبيا، والمعتمد 2 / 987
(9) نهاية المحتاج1 / 423 ط مصطفى الحلبي
(10) الدسوقي 3 / 293 ط الحلبي، ونهاية المحتاج 4 / 347، والقليوبي 2 / 300، والمغني 4 / 509 ط الرياض
(11) الشرح الكبير 3 / 293، والجوهرة 1 / 315، والقليوبي 4 / 238
(12) سورة يوسف / 18
(13) تبصرة الحكام لابن فرحون 2 / 101، 102 ط التجارية
الموسوعة الفقهية الكويتية: 194/ 6