الإِهَابُ
من معجم المصطلحات الشرعية
جلد الْبَقَرِ، والْغَنَمِ، ونحوه من الحيوان قبل أن يدبغ . ومن أمثلته طهارة الإهاب بالدبغ، وفي الحديث الشريف : "إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ ". مسلم :366.
من موسوعة المصطلحات الإسلامية
التعريف
جلد الْبَقَرِ، والْغَنَمِ، ونحوه من الحيوان قبل أن يدبغ.
من الموسوعة الكويتية
التَّعْرِيفُ:
1 - الإِْهَابُ فِي اللُّغَةِ: الْجِلْدُ مِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْوَحْشِ مَا لَمْ يُدْبَغْ. (1)
وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ جِلْدَ الإِْنْسَانِ لاَ يُسَمَّى إِهَابًا.
وَيُطْلِقُ الْفُقَهَاءُ الإِْهَابَ عَلَى مَا يُطْلِقُهُ عَلَيْهِ أَهْل اللُّغَةِ. قَال فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: الإِْهَابُ: اسْمٌ لِغَيْرِ الْمَدْبُوغِ مِنَ الْجِلْدِ. (2)
وَالْجِلْدُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَدْبُوغًا أَوْ غَيْرَ مَدْبُوغٍ. وَاسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ الْجِلْدَ لِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ جِلْدِ الْحَيَوَانِ، فَيَشْمَل جِلْدَ الإِْنْسَانِ (3) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالإِْهَابِ:
أ - جِلْدُ الْمُذَكَّى ذَكَاةً شَرْعِيَّةً:
2 - الْحَيَوَانَاتُ عَلَى نَوْعَيْنِ: حَيَوَانَاتٌ مَأْكُولَةُ اللَّحْمِ، وَحَيَوَانَاتٌ غَيْرُ مَأْكُولَةِ اللَّحْمِ. فَالْحَيَوَانَاتُ مَأْكُولَةُ اللَّحْمِ إِذَا ذُبِحَتِ الذَّبْحَ الشَّرْعِيَّ كَانَ جِلْدُهَا طَاهِرًا بِالاِتِّفَاقِ، وَإِنْ لَمْ يُدْبَغْ.
أَمَّا الْحَيَوَانَاتُ غَيْرُ الْمَأْكُولَةِ اللَّحْمِ فَهِيَ عَلَى نَوْعَيْنِ أَيْضًا: نَجِسَةٌ فِي حَال الْحَيَاةِ، وَطَاهِرَةٌ.
أَمَّا نَجِسَةُ الْعَيْنِ، وَهِيَ الْخِنْزِيرُ بِالاِتِّفَاقِ، وَالْكَلْبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، فَإِنَّ الذَّكَاةَ لاَ تُطَهِّرُ جِلْدَهَا.
وَأَمَّا غَيْرُ نَجِسَةِ الْعَيْنِ مِمَّا لاَ يُؤْكَل لَحْمُهُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَطْهِيرِ إِهَابِهَا بِالذَّكَاةِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَطْهُرُ بِالذَّبْحِ، وَحُجَّةُ هَؤُلاَءِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنِ افْتِرَاشِ جُلُودِ السِّبَاعِ (4) وَرُكُوبِ النُّمُورِ (5) . وَهُوَ عَامٌّ فِي الْمُذَكَّى وَغَيْرِهِ؛ وَلأَِنَّهُ ذَبْحٌ لاَ يُطَهِّرُ اللَّحْمَ فَلَمْ يُطَهِّرِ الْجِلْدَ، كَذَبْحِ الْمَجُوسِيِّ أَوْ أَيِّ ذَبْحٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ، فَأَشْبَهَ الأَْصْل، ثُمَّ إِنَّ الدَّبْغَ إِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي مَأْكُول اللَّحْمِ فَكَذَلِكَ مَا شُبِّهَ بِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى طَهَارَةِ الإِْهَابِ بِالذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَاسْتَدَل هَؤُلاَءِ بِقَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ: دِبَاغُ الأَْدِيمِ ذَكَاتُهُ (6) ؛ وَلأَِنَّ الذَّكَاةَ تَعْمَل عَمَل الدِّبَاغِ فِي إِزَالَةِ الرُّطُوبَاتِ النَّجِسَةِ، أَمَّا النَّهْيُ عَنِ افْتِرَاشِ جُلُودِ السِّبَاعِ وَرُكُوبِ النُّمُورِ فَلأَِنَّ ذَلِكَ مَرَاكِبُ أَهْل الْخُيَلاَءِ، أَوْ لأَِنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَعْمِلُونَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تُدْبَغَ. (7)
وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ إِهَابَ الْحَيَوَانِ الَّذِي لاَ يَحْتَمِل الدِّبَاغَةَ، كَإِهَابِ الْفَأْرَةِ، وَإِهَابِ الْحَيَّةِ الصَّغِيرَةِ - لاَ ثَوْبَهَا - فَإِنَّهُ لاَ تُطَهِّرُهُ الذَّكَاةُ. (8)
ب - إِهَابُ الْمَيْتَةِ:
3 - إِهَابُ الْمَيْتَةِ نَجَسٌ بِلاَ خِلاَفٍ، (9) وَلاَ يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ قَبْل الدِّبَاغِ بِالاِتِّفَاقِ، إِلاَّ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ مِنْ جَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْل الدِّبَاغِ، (10) فَإِذَا دُبِغَ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي طَهَارَتِهِ بَعْدَ الدِّبَاغِ عَلَى اتِّجَاهَاتٍ.
4 - الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل: أَنَّهُ لاَ يَطْهُرُ شَيْءٌ مِنَ الْجُلُودِ بِالدِّبَاغَةِ، وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ، قَال النَّوَوِيُّ: وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْل عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - وَلَيْسَ بِمُحَرَّرٍ عَنْهُ كَمَا حَقَّقْنَاهُ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَاسْتَدَل هَؤُلاَءِ بِمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ مِنْ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال قَبْل مَوْتِهِ بِشَهْرٍ: لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلاَ عَصَبٍ. (11)
5 - الاِتِّجَاهُ الثَّانِي: أَنَّ جُلُودَ الْمَيْتَةِ كُلِّهَا - وَمِنْهَا الْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ - تَطْهُرُ بِالدِّبَاغَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَهَذَا الْمَذْهَبُ مَرْوِيٌّ عَنِ الإِْمَامِ أَبِي يُوسُفَ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَنَصَرَهُ الشَّوْكَانِيُّ فِي نَيْل الأَْوْطَارِ، وَاسْتَدَل هَؤُلاَءِ بِعُمُومِ الأَْحَادِيثِ، إِذْ أَنَّ الأَْحَادِيثَ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ خِنْزِيرٍ وَغَيْرِهِ.
6 - الاِتِّجَاهُ الثَّالِثُ: يَطْهُرُ بِالدِّبَاغَةِ جُلُودُ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ الْمَيِّتَةِ إِلاَّ الْخِنْزِيرَ، وَيَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَبَاطِنُهُ، وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الأَْشْيَاءِ الْيَابِسَةِ وَالْمَائِعَةِ، وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَأْكُول اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَاحْتَجُّوا لِذَلِكَ بِقَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِذَا دُبِغَ الإِْهَابُ فَقَدْ طَهُرَ (12) ، وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ الْخِنْزِيرِ فَقَدْ كَانَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} (13) حَيْثُ جَعَلُوا الضَّمِيرَ فِي (إِنَّهُ) عَائِدًا إِلَى الْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَهُوَ كَلِمَةُ (خِنْزِيرٍ) .
7 - الاِتِّجَاهُ الرَّابِعُ: كَالثَّالِثِ، إِلاَّ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ الدِّبَاغَةَ لاَ تُطَهِّرُ جِلْدَ الْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ، حَيْثُ قَاسُوا الْكَلْبَ عَلَى الْخِنْزِيرِ لِلنَّجَاسَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ.
8 - الاِتِّجَاهُ الْخَامِسُ: كَالثَّالِثِ إِلاَّ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ الدِّبَاغَةَ لاَ تُطَهِّرُ جِلْدَ الْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ وَالْفِيل، وَهُوَ قَوْل الإِْمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ.
9 - الاِتِّجَاهُ السَّادِسُ: يَطْهُرُ بِالدِّبَاغَةِ جِلْدُ مَأْكُول اللَّحْمِ وَلاَ يَطْهُرُ غَيْرُهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الأَْوْزَاعِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ، وَاسْتَدَل هَؤُلاَءِ بِقَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي الأُْهُبِ دِبَاغُهَا ذَكَاتُهَا (14) أَيْ كَذَكَاتِهَا (وَالذَّكَاةُ) الْمُشَبَّهُ بِهَا فِي الْحَدِيثِ لاَ يَحِل بِهَا غَيْرُ الْمَأْكُول، فَكَذَلِكَ (الدِّبَاغُ) الْمُشَبَّهُ لاَ يُطَهِّرُ جِلْدَ غَيْرِ الْمَأْكُول.
10 - الاِتِّجَاهُ السَّابِعُ: يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ ظَاهِرُ جِلْدِ الْمَيْتَةِ دُونَ بَاطِنِهِ، وَعَلَى هَذَا فَإِنَّهُ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهِ فِي الأَْشْيَاءِ الْيَابِسَةِ دُونَ الْمَائِعَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الإِْمَامِ مَالِكٍ ﵀ تَعَالَى. وَشَبِيهٌ بِهَذَا الاِتِّجَاهِ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهِيَ جَوَازُ الاِنْتِفَاعِ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ فِي الْيَابِسَاتِ. (15) ذَبْحُ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْمَأْكُول مِنْ أَجْل إِهَابِهِ:
11 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حِل ذَبْحِ أَوْ صَيْدِ غَيْرِ مَأْكُول اللَّحْمِ مِنْ أَجْل الاِنْتِفَاعِ بِجِلْدِهِ أَوْ شَعْرِهِ أَوْ رِيشِهِ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى تَحْرِيمِ ذَبْحِ مَا لاَ يُؤْكَل، كَبَغْلٍ وَحِمَارٍ لِلاِنْتِفَاعِ بِجِلْدِهِ (16) ؛ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ إِلاَّ لِمَأْكَلَةٍ. (17)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى حِل اصْطِيَادِ مَا لاَ يُؤْكَل لَحْمُهُ؛ لِمَنْفَعَةِ جِلْدِهِ أَوْ شَعْرِهِ أَوْ رِيشِهِ؛ لأَِنَّ الاِنْتِفَاعَ غَايَةٌ مَشْرُوعَةٌ. (18) وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ فِي اعْتِبَارِ الْمَنْفَعَةِ مُسَوِّغًا لِذَكَاةِ مَا لاَ يُؤْكَل. (19) وَلَمْ نَعْثُرْ عَلَى مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ فِي ذَلِكَ.
بَيْعُ الْحَيَوَانِ مِنْ أَجْل إِهَابِهِ:
12 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْحَيَوَانِ الَّذِي لاَ يُنْتَفَعُ بِهِ حَيًّا مِنْ أَجْل إِهَابِهِ، فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَفِي ذَلِكَ يَقُول الْقَاضِي زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ: بَيْعُ غَيْرِ الْجَوَارِحِ الْمُعَلَّمَةِ كَالأَْسَدِ وَالذِّئْبِ بَاطِلٌ، وَلاَ نَظَرَ لِمَنْفَعَةِ الْجِلْدِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلاَ لِمَنْفَعَةِ الرِّيشِ. (20)
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ لاَ يُبِيحُونَ ذَبْحَ الْحَيَوَانِ مِنْ أَجْل جِلْدِهِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ الَّذِي لاَ يُنْتَفَعُ بِهِ حَيًّا، كَالسَّبُعِ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ وَالْهِرِّ وَنَحْوِهِ لِلْجِلْدِ (21) ؛ لأَِنَّهُمُ اعْتَبَرُوا الاِنْتِفَاعَ بِالْجِلْدِ مَنْفَعَةً مَشْرُوعَةً مَقْصُودَةً، فَصَارَ الْحَيَوَانُ مُنْتَفَعًا بِهِ، فَيَجُوزُ بَيْعُهُ.
سَلْخُ إِهَابِ الذَّبِيحَةِ:
13 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ سَلْخِ إِهَابِ الذَّبِيحَةِ قَبْل زَهُوقِ رُوحِهَا؛ لِنَهْيِ رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، فَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ بَعَثَ بُدَيْل بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ، يَصِيحُ فِي فِجَاجِ مِنًى: لاَ تُعَجِّلُوا الأَْنْفُسَ أَنْ تُزْهَقَ (22) . وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ زِيَادَةِ أَلَمِ الْحَيَوَانِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ إِحْسَانِ الذِّبْحَةِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِقَوْلِهِ: وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ (23) . فَإِنْ سَلَخَ إِهَابَهَا قَبْل أَنْ تُزْهَقَ رُوحُهَا فَقَدْ أَسَاءَ، وَجَازَ أَكْلُهَا؛ لأَِنَّ زِيَادَةَ أَلَمِهَا لاَ تَقْتَضِي تَحْرِيمَ أَكْلِهَا (24) .
بَيْعُ إِهَابِ الأُْضْحِيَّةِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ:
14 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ الإِْهَابَ وَلاَ شَيْءَ مِنَ الأُْضْحِيَّةِ إِلَى الْجَزَّارِ أُجْرَةً لَهُ عَلَى ذَبْحِهَا.
وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ بَيْعِ جِلْدِ الأُْضْحِيَّةِ.
فَذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الأَْوْزَاعِيِّ إِلَى جَوَازِ بَيْعِهِ مُقَايَضَةً بِآلَةِ الْبَيْتِ كَالْغِرْبَال وَالْمُنْخُل وَنَحْوِ ذَلِكَ، مِمَّا تَبْقَى عَيْنُهُ دُونَ مَا يُسْتَهْلَكُ؛ لأَِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ هُوَ وَغَيْرُهُ، فَجَرَى مَجْرَى تَفْرِيقِ اللَّحْمِ، فَإِنْ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ وَجَازَ، إِلاَّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ فَلاَ يُكْرَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ.
وَذَهَبَ الأَْئِمَّةُ الثَّلاَثَةُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُ إِهَابِ الأُْضْحِيَّةِ مُطْلَقًا لاَ بِآلَةِ الْبَيْتِ وَلاَ بِغَيْرِهَا. (25)
أَمَّا الْكَلاَمُ عَنْ دِبَاغِ الإِْهَابِ فَيُنْظَرُ فِي (دِبَاغَةٌ) .
__________
(1) لسان العرب والمصباح المنير.
(2) فتح القدير 1 / 65، طبع بولاق، والنهاية في غريب الحديث، وعمدة القارئ 21 / 133، الطبعة المنيرية.
(3) المصباح المنير، وانظر لسان العرب، ومفردات الراغب الأصفهاني مادة: (جلد) .
(4) حديث: " نهى عن جلود السباع. . . . " أخرجه أحمد (5 / 74، 75 ط المكتب الإسلامي) ، وأبو داود في اللباس (4 / 374 / 4132 ط الدعاس) ، والحاكم في الطهارة (1 / 144 ط الكتاب العربي) وصحح إسناده ووافقه الذهبي.
(5) حديث: " نهى عن ركوب النمار. . . . " أخرجه أبو داود في الخاتم (4 / 437 / 4239) ط عزت الدعاس، وابن ماجه في اللباس (2 / 1205 / 3656) وصححه الشوكاني في النيل (2 / 88) .
(6) حديث: " دباغ الأديم ذكاته " أخرجه أحمد (3 / 476) ط المكتب الإسلامي، والحاكم في الأشربة 1 / 141) ط دار الكتاب العربي. وقال: وهذا حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. وقال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير (1 / 49) : إسناده صحيح.
(7) نيل الأوطار 1 / 75 طبع مصطفى البابي الحلبي.
(8) فتح القدير 1 / 66، وحاشية ابن عابدين 1 / 136 وما بعدها، طبعة بولاق الأولى، والمغني 1 / 71، وما بعدها، ومواهب الجليل 1 / 88، نشر دار الفكر في بيروت، والإفصاح لابن هبيرة 1 / 15، وأسنى المطالب 1 / 17.
(9) المغني 1 / 66.
(10) عمدة القارئ 21 / 133.
(11) حديث: " أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب. . . . " أخرجه أبو داود في الفروع (7 / 175) ط الحلبي، وضعفه الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير (1 / 48) .
(12) حديث: " إذا دبغ الإهاب فقد طهر. . . " أخرجه مسلم في الحيض (1 / 277 / 366) ط البابي الحلبي.
(13) سورة الأنعام / 145.
(14) حديث: " دباغها ذكاتها. . . . " أخرجه أحمد (3 / 476) ط المكتب الإسلامي، قال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير (1 / 49) : إسناده صحيح.
(15) عمدة القارئ 21 / 133، وشرح النووي لصحيح مسلم 4 / 54 طبع المطبعة المصرية، ونيل الأوطار 1 / 77 طبع مصطفى البابي الحلبي، والإفصاح 1 / 51، ومشكل الآثار 1 / 71، ومصنف عبد الرزاق 1 / 77 طبع المكتب الإسلامي في بيروت، وحاشية ابن عابدين 1 / 136، وفتح القدير 1 / 63، وبدائع الصنائع 1 / 270، طبع مطبعة الإمام وما بعدها، وآثار أبي يوسف 231، والتاج والإكليل بهامش مواهب الجليل 1 / 101، والشرح الصغير 1 / 52، وأسنى المطالب 1 / 18، وحاشية قليوبي 1 / 18، والمغني 1 / 66، وما بعدها، والمجموع شرح المهذب 1 / 214 وما بعدها نشر المكتبة السلفية في المدينة المنورة.
(16) أسنى المطالب 1 / 18.
(17) النهي عن ذبح الحيوان. . . . . أصله حديث: " ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقها بغير حقها، إلا سأله الله ﷿ عنها. قيل: يا رسول الله وما حقها؟ قال: يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها فيرمي بها ". أخرجه النسائي في الصيد (7 / 207) وضعفه الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير (4 / 154) لأن في سنده صهيب مولى ابن عامر ونقل عن ابن القطان تضعيفه.
(18) حاشية ابن عابدين 5 / 305.
(19) الدسوقي 2 / 108.
(20) أسنى المطالب 2 / 10.
(21) الشرح الصغير 3 / 24، وطبع كشاف القناع 3 / 156، وابن عابدين 4 / 7 ط بولاق.
(22) حديث: " ألا ولا تعجلوا الأنفس أن تزهق. . . . " أخرجه الدارقطني في الصيد (4 / 283 / 45) ط دار المحاسن. وقد نوه بضعفه البيهقي في الضحايا (9 / 278) .
(23) حديث: " وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح. . . . ". أخرجه مسلم في الصيد (3 / 1548 / 1955) ط الحلبي، والترمذي في الديات (4 / 23 / 1409) ط أحمد شاكر.
(24) شرح الزرقاني على خليل 3 / 17، وأسنى المطالب 1 / 554، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 5 / 292 نشر دار المعرفة في بيروت، كشاف القناع 6 / 211.
(25) الإفصاح 1 / 203، وما بعدها، والمغني 8 / 634 وما بعدها، وابن عابدين 5 / 208، وأسنى المطالب 1 / 546.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 95/ 7