الولي
كلمة (الولي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (وَلِيَ)،...
الخاصَّة من الناس الذين يُفضِي إليهم المرء بأسـراره . ومن شواهده قوله تعالى : ﱫﭿ ﴾ ﴿ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞﱪآل عمران : 118.
البِطانَةُ: أَصْحابُ الشَّخْصِ وخاصَّتُهُ، يُقال: أَبْطَنْتَ الرَّجُلَ، أيْ: جَعَلْتَهُ مِن بِطانَتِكَ وخَواصِّكَ، وقَرَّبْتَهُ وأَطْلَعْتَهُ على أَسْرارِكَ، وفُلانٌ بِطانَةٌ لِفُلانٍ، أيْ: مُداخِلٌ لَهُ مُخْتَصٌّ بِهِ. وأَصْلُها مِن الإِبْطانِ، وهو الإِخْفاءُ، يُقال: أَبْطَنَ السِرَّ في نَفْسِهِ، أيْ: أَخْفاهُ، وبِطانَةُ الثَّوْبِ: داخِلُهُ، وهو خِلافُ الظِّهارَةِ، وهي كُلُّ ما يَظْهَرُ لِلْعَيْنِ. ومن مَعانِيها أيضاً: السَّرِيرَةُ.
يَرِد مُصْطلَح (بِطانَة) في السِّياسَةِ الشَّرْعِيَّةِ، باب: الإمامَة، وفي كتاب الجِهَادِ، باب: أَحْكَام أَهْلِ الذِّمَّةِ، وفي كتاب القضاء، باب: آداب القاضِي، وفي كتاب الآدابِ الشَّرْعِيَّةِ، باب: صُحْبَة الأَخْيارِ مِن النّاسِ. ويُطْلَق في كتاب الطَّهارَةِ، باب: النَّجاساتِ، وباب: الـمَسْح على الخُفَّيْنِ، وفي كتاب الصَّلاةِ، باب: صَلاة التَّطَوُّعِ، وفي كتاب البُيُوعِ، باب: شُروط البَيْعِ، ويُراد به: باطِن الثَّوْبِ وداخِلُهُ.
بطن
أَصْحابُ سِرِّ الرَّجُلِ الذين يُشاوِرُهُمْ في أُمُورِهِ الخاصَّةِ والعامَّةِ، ويَثِقُ بِمَودَّتِهِم.
بِطانَةُ الشَّخْصِ: هم خاصَّةُ أَصْحابِهِ الذين يَعْتَمِدُ عليهم في أُمورِهِ كُلِّها، ويُقَرِّبُهُم ويُفْضِي إلَيهِم بِأَسْرارِه، مِثْلُ: الوُكَلاءِ والأَعْوانِ والكُتَّابِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَاضِي، ومِثْلُ: الوُزَراءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحاكمِ. والبِطانَةُ قِسْمانِ: 1- بِطانَةُ خَيْرٍ، وهي: البِطانَةُ الصّالِحَةُ مِنْ أَهْلِ التَّقْوَى والأَمانَةِ ومِمَّنْ يَخْشَى اللهَ تعالى. 2- بِطانَةُ سُوءٍ، وهي: البِطانَةُ الفاسِدَةُ مِنْ أَهْلِ الخِيانَةِ والفُجُورِ.
البِطانَةُ: أَصْحابُ الشَّخْصِ وخاصَّتُهُ، يُقال: أَبْطَنْتَ الرَّجُلَ، أيْ: جَعَلْتَهُ مِن بِطانَتِكَ وخَواصِّكَ، وقَرَّبْتَهُ وأَطْلَعْتَهُ على أَسْرارِكَ. وأَصْلُها مِن الإِبْطانِ، وهو الإِخْفاءُ.
الخاصَّة من الناس الذين يُفضِي إليهم المرء بأسـراره.
* جمهرة اللغة : (1/361)
* تهذيب اللغة : (13/250)
* الصحاح : (6/357)
* المحكم والمحيط الأعظم : (9/193)
* القاموس المحيط : (ص 1180)
* مختار الصحاح : (ص 36)
* منح الجليل شرح مختصر خليل : (4/147)
* تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام : (1/54)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 79)
* الكليات : (ص 251)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (5/277)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (8/102) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْبِطَانَةُ: بِطَانَةُ الثَّوْبِ، وَهِيَ: مَا يُجْعَل وِقَاءً لَهُ مِنَ الدَّاخِل، وَهِيَ خِلاَفُ الظِّهَارَةِ. وَبِطَانَةُ الرَّجُل: خَاصَّتُهُ، وَأَبْطَنْتُ الرَّجُل: جَعَلْتُهُ مِنْ خَوَاصِّكَ، وَفِي الْحَدِيثِ: وَمَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ وَلاَ اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلاَّ كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (1)
وَهُوَ مَصْدَرٌ سُمِّيَ بِهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ.
وَالْبِطَانَةُ اصْطِلاَحًا: خَاصَّةُ الرَّجُل الْمُقَرَّبُونَ الَّذِينَ يُفْضِي إِلَيْهِمْ بِأَسْرَارِهِ. (2)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْحَاشِيَةُ:
2 - الْحَاشِيَةُ: هِيَ وَاحِدَةُ حَوَاشِي الثَّوْبِ. وَتُطْلَقُ عَلَى صِغَارِ الإِْبِل. وَعَلَى مَا يُكْتَبُ عَلَى جَوَانِبِ صَفَحَاتِ الْكِتَابِ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: أَهْل الرَّجُل مِنْ غَيْرِ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ كَالإِْخْوَةِ وَالأَْعْمَامِ. (3)
ب - أَهْل الشُّورَى:
3 - الشُّورَى: اسْمُ مَصْدَرٍ مِنَ التَّشَاوُرِ. وَأَهْل الشُّورَى: هُمْ أَهْل الرَّأْيِ الَّذِينَ يُقَدِّمُونَ الْمَشُورَةَ لِمَنْ يَسْتَشِيرُهُمْ، وَقَدْ يَكُونُونَ مِنْ بِطَانَةِ الرَّجُل أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ. (4)
مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبِطَانَةِ مِنْ أَحْكَامٍ:
أَوَّلاً: الْبِطَانَةُ بِمَعْنَى خَاصَّةِ الرَّجُل.
اتِّخَاذُ الْبِطَانَةِ الصَّالِحَةِ:
4 - لَمَّا كَانَتِ الشُّورَى مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ، وَمِنْ لَوَازِمِ الْحُكْمِ فِي الإِْسْلاَمِ، وَإِنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَنَّ الإِْنْسَانَ يَطْمَئِنُّ إِلَى بِطَانَتِهِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى وُلاَةِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَّخِذُوا بِطَانَةً صَالِحَةً، مِنْ أَهْل التَّقْوَى وَالأَْمَانَةِ، وَمِمَّنْ يَخْشَى اللَّهَ.
قَال ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ: وَاجِبٌ عَلَى الْوُلاَةِ مُشَاوَرَةُ الْعُلَمَاءِ فِيمَا لاَ يَعْلَمُونَ، وَمَا أَشْكَل عَلَيْهِمْ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ، وَمُشَاوَرَةُ وُجُوهِ الْجَيْشِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَرْبِ، وَمُشَاوَرَةُ وُجُوهِ النَّاسِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَصَالِحِ، وَمُشَاوَرَةُ وُجُوهِ الْكُتَّابِ وَالْوُزَرَاءِ وَالْعُمَّال فِيمَا يَفْعَلُونَ بِمَصَالِحِ الْبِلاَدِ وَعِمَارَتِهَا. (5)
وَجَاءَ فِي كِتَابِ " الأَْحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ " لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي مَعْرِضِ عَدِّ وَاجِبَاتِ الإِْمَامِ: اسْتِكْفَاءُ الأُْمَنَاءِ، وَتَقْلِيدُ النُّصَحَاءِ فِيمَا يُفَوِّضُهُ إِلَيْهِمْ مِنَ الأَْعْمَال، وَيَكِلُهُ إِلَيْهِمْ مِنَ الأَْمْوَال؛ لِتَكُونَ الأَْعْمَال بِالْكَفَاءَةِ مَضْبُوطَةً، وَالأَْمْوَال بِالأُْمَنَاءِ مَحْفُوظَةً. (6)
وَفِي الأَْثَرِ الصَّحِيحِ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِالأَْمِيرِ خَيْرًا جَعَل لَهُ وَزِيرَ صِدْقٍ، إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ، وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ، وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ جَعَل لَهُ وَزِيرَ سُوءٍ: إِنْ نَسِيَ لَمْ يُذَكِّرْهُ، وَإِنْ ذَكَرَ لَمْ يُعِنْهُ. (7)
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَال: مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ وَلاَ اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلاَّ كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. (8)
اتِّخَاذُ بِطَانَةٍ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ:
5 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الإِْسْلاَمِ فِي أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لأَِوْلِيَاءِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ، يُطْلِعُونَهُمْ عَلَى سَرَائِرِهِمْ، وَمَا يُضْمِرُونَهُ لأَِعْدَائِهِمْ، وَيَسْتَشِيرُونَهُمْ فِي الأُْمُورِ؛ لأَِنَّ هَذَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَضُرَّ مَصْلَحَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَيُعَرِّضَ أَمْنَهُمْ لِلْخَطَرِ، وَقَدْ وَرَدَ التَّنْزِيل بِتَحْذِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مُوَالاَةِ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ يُخَالِفُونَهُمْ فِي الْعَقِيدَةِ وَالدِّينِ، وَقَال عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآْيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} . (9) وَقَال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُول وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَل سَوَاءَ السَّبِيل} . (10)
وَنَهَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ اتِّخَاذِ بِطَانَةٍ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، يُطْلِعُونَهُمْ عَلَى سَرَائِرِهِمْ، وَيَكْشِفُونَ لَهُمْ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ. بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} . (11) وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي شَأْنِ بِطَانَةِ السُّوءِ.
وَقَال ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قِيل لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: ﵁: إِنَّ هُنَا غُلاَمًا مِنْ أَهْل الْحِيرَةِ حَافِظًا كَاتِبًا، فَلَوِ اتَّخَذْتَهُ كَاتِبًا؟ قَال: اتَّخَذْتُ إِذَنْ بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ. (12) قَال ابْنُ كَثِيرٍ: فِي الأَْثَرِ مَعَ هَذِهِ الآْيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ اسْتِعْمَال أَهْل الذِّمَّةِ فِي الْكِتَابَةِ، الَّتِي فِيهَا اسْتِطَالَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَاطِّلاَعٌ عَلَى دَخَائِل أُمُورِهِمُ الَّتِي يُخْشَى أَنْ يُفْشُوهَا إِلَى الأَْعْدَاءِ مِنْ أَهْل الْحَرْبِ. (13) وَقَال السُّيُوطِيُّ نَقْلاً عَنْ إِلْكِيَا الْهِرَّاسِيِّ: فِي قَوْله تَعَالَى: {لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} فِيهِ دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الاِسْتِعَانَةُ بِأَهْل الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ. (14)
وَقَال الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآْيَةِ: أَكَّدَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الزَّجْرَ عَنِ الرُّكُونِ إِلَى الْكُفَّارِ وَهُوَ مُتَّصِلٌ بِمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} ، (15) وَنَهَى الْمُؤْمِنِينَ بِهَذِهِ الآْيَةِ أَنْ يَتَّخِذُوا مِنَ الْكُفَّارِ وَأَهْل الأَْهْوَاءِ دُخَلاَءَ وَوُلَجَاءَ، يُفَاوِضُونَهُمْ فِي الآْرَاءِ، وَيُسْنِدُونَ إِلَيْهِمْ أُمُورَهُمْ. ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ نَهَى عَنِ الْمُوَاصَلَةِ فَقَال: {لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} يَعْنِي لاَ يَتْرُكُونَ الْجَهْدَ فِي إِفْسَادِكُمْ، أَيْ أَنَّهُمْ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فَإِنَّهُمْ لاَ يَتْرُكُونَ الْجَهْدَ فِي الْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ. (16)
وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَْشْعَرِيَّ اسْتَكْتَبَ ذِمِّيًّا، فَعَنَّفَهُ عُمَرُ ﵄ وَتَلاَ عَلَيْهِ هَذِهِ الآْيَةَ. وَعَنْ عُمَرَ ﵁ أَنَّهُ قَال أَيْضًا: لاَ تَسْتَعْمِلُوا أَهْل الْكِتَابِ فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ الرِّشَا، وَاسْتَعِينُوا عَلَى أُمُورِكُمْ وَعَلَى رَعِيَّتِكُمْ بِالَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى.
ثَانِيًا: الْبِطَانَةُ فِي الثَّوْبِ:
الصَّلاَةُ عَلَى ثَوْبٍ بِطَانَتُهُ نَجِسَةٌ:
6 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْحَنَابِلَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى أَنَّهُ تَصِحُّ الصَّلاَةُ عَلَى بِسَاطٍ ظَاهِرُهُ طَاهِرٌ، وَبِطَانَتُهُ نَجِسٌ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ حَامِلاً وَلاَ لاَبِسًا، وَلاَ مُبَاشِرًا لِلنَّجَاسَةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ طَرَفُهُ نَجِسٌ، أَوْ مَفْرُوشٍ عَلَى نَجِسٍ. وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ الصَّلاَةُ عَلَيْهِ؛ نَظَرًا لاِتِّحَادِ الْمَحَل، فَاسْتَوَى ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ. (17) حُكْمُ لُبْسِ الرَّجُل ثَوْبًا بِطَانَتُهُ مِنْ حَرِيرٍ:
7 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل لُبْسُ ثَوْبٍ بِطَانَتُهُ مِنْ حَرِيرٍ، لِحَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: لاَ تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ، فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآْخِرَةِ. (18)
وَفِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ، بَعْدَ بَيَانِ تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ عَلَى الرِّجَال وَالاِسْتِدْلاَل بِالْحَدِيثِ، قَال: وَلَوْ كَانَ الْحَرِيرُ بِطَانَةً، لِعُمُومِ الْخَبَرِ، لَكِنْ قَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ حُرْمَةَ الْمُبَطَّنِ بِالْحَرِيرِ بِمَا إِذَا كَانَ كَثِيرًا، كَمَا قَال الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ.
وَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا جَاءَ فِي ابْنِ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْهِنْدِيَّةِ، وَقَال فِي تَعْلِيلِهِ: لأَِنَّ الْبِطَانَةَ مَقْصُودَةٌ. (19) وَالْكَرَاهَةُ حَيْثُ أُطْلِقَتْ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَهِيَ لِكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ. وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (حَرِير) .
__________
(1) حديث: " ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة. . . " أخرجه البخاري (الفتح 13 / 189 - ط السلفية) .
(2) ترتيب القاموس مادة: " بطن ".
(3) الصحاح.
(4) القرطبي 4 / 249.
(5) تفسير القرطبي 4 / 250 - 251.
(6) الأحكام السلطانية للماوردي: 12 - 13.
(7) حديث: " إذا أراد الله بالأمير خيرا. . . " أخرجه أبو داود (3 / 345 - ط عزت عبيد دعاس) وجود إسناده النووي في رياض الصالحين (ص 317 - ط الرسالة) .
(8) الحديث: سبق تخريجه (ف / 1) .
(9) سورة آل عمران / 118.
(10) سورة الممتحنة / 1.
(11) سورة النساء / 144.
(12) أثر عمر بن الخطاب. . . أخرجه ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير (2 / 101 - 102 ط دار الأندلس) .
(13) تفسير ابن كثير 1 / 313.
(14) الإكليل للسيوطي ص: 56.
(15) سورة آل عمران / 100.
(16) تفسير القرطبي 4 / 178 - 179.
(17) حاشية ابن عابدين 1 / 420 - 421، ومراقي الفلاح بحاشية الطحطاوي 129، ومغني المحتاج 1 / 190، والمغني لابن قدامة 2 / 57، وشرح الزرقاني 1 / 9.
(18) الحديث: " لا تلبسوا الحرير. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 284 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1642 - ط الحلبي) .
(19) لسان العرب والمصباح المنير مادة: (بطل) ، والتلويح على التوضيح 1 / 215.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 102/ 8