التَّجْرِبةُ
من معجم المصطلحات الشرعية
ما يحصل من المعرفة بالتَّكَرُّر . ومن ذلك قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حاكيًا عن موسى عَلَيْهِ السَّلَامُ : "إنَّ أُمَّتك لا تستطيع خمسين صلاةً كلَّ يومٍ، وإني والله قد جربتُ الناسَ قَبْلَك، وعالجتُ بني إسرائيلَ أشدَّ المعالجة، فارجع إلى ربِّك فاسأله التخفيفَ لأُمَّتك ". البخاري :3887.
تعريفات أخرى
- معالجة الشيء مرة بعد أخرى حتى يحصل ذلك العلم بنظائرها .
من موسوعة المصطلحات الإسلامية
التعريف
ما يحصل من المعرفة بالتَّكَرُّر.
من الموسوعة الكويتية
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّجْرِبَةُ: مَصْدَرُ جَرَّبْتُ، وَمَعْنَاهُ: الاِخْتِبَارُ. يُقَال: جَرَّبْتُ الشَّيْءَ تَجْرِيبًا وَتَجْرِبَةً، أَيِ: اخْتَبَرْتَهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. (1) وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - أَثَرُ الْمَرَضِ فِي إِبَاحَةِ الْفِطْرِ عِنْدَ خَوْفِ زِيَادَتِهِ بِالتَّجْرِبَةِ:
يَجُوزُ الْفِطْرُ لِمَرِيضٍ خَافَ زِيَادَةَ مَرَضِهِ بِالتَّجْرِبَةِ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ الْمَرِيضِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَرَضِ. (2)
أَمَّا حُكْمُ الصَّحِيحِ الَّذِي يَخَافُ الْمَرَضَ لَوْ صَامَ، وَضَابِطُ الْمَرَضِ الْمُبِيحِ لِلْفِطْرِ، فَيُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (صَوْمٌ) . تَجْرِبَةُ الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ:
3 - يَجُوزُ تَجْرِبَةُ الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ السِّلْعَةِ، وَإِلَيْكَ بَعْضُ أَنْوَاعِهَا: (3)
أ - تَجْرِبَةُ الثَّوْبِ:
4 - يَجُوزُ تَجْرِبَةُ الثَّوْبِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِمَعْرِفَةِ طُولِهِ وَعَرْضِهِ، وَلاَ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ إِجَازَةً عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، إِلاَّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا لَبِسَ الثَّوْبَ مَرَّةً، ثُمَّ لَبِسَهُ ثَانِيًا لِمَعْرِفَةِ الطُّول وَالْعَرْضِ يَسْقُطُ خِيَارُهُ، لأَِنَّهُ لاَ حَاجَةَ إِلَى تَكْرَارِ اللُّبْسِ فِي الثَّوْبِ، لِحُصُول الْمَقْصُودِ بِاللُّبْسِ مَرَّةً وَاحِدَةً.
وَأَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: فَتَجْرِي فِي لُبْسِ الثَّوْبِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً، حَاصِلُهَا جَوَازُ لُبْسِ الثَّوْبِ بُغْيَةَ التَّجْرِبَةِ وَالاِخْتِيَارِ فِي بَعْضِ تِلْكَ الصُّوَرِ بِشُرُوطٍ ذَكَرُوهَا. (4)
وَلِتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ (خِيَارُ الشَّرْطِ) . ب - تَجْرِبَةُ الدَّارِ:
5 - إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ دَارًا فَسَكَنَهَا الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، أَوْ أَسْكَنَهَا غَيْرَهُ، بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ، يَسْقُطُ خِيَارُهُ، لأَِنَّهُ دَلِيل اخْتِيَارِ الْمِلْكِ أَوْ تَقْرِيرِهِ، فَكَانَ إِجَازَةَ دَلاَلَةٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. (5)
وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَنْ يَسْكُنَ الدَّارَ الْمُشْتَرَاةَ تَيْسِيرًا لِتَجْرِبَتِهَا وَاخْتِبَارِهَا، (6) حَسَبَ تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِي مُصْطَلَحِ (خِيَارُ الشَّرْطِ) .
وَيُؤْخَذُ مِمَّا أَوْرَدَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّ لِلْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ التَّصَرُّفَ بِمَا تَحْصُل بِهِ تَجْرِبَةُ الْمَبِيعِ، فَلَهُ تَجْرِبَةُ الثَّوْبِ أَوِ الدَّارِ وَلاَ يُعْتَبَرُ بِذَلِكَ إِجَازَةً. (7)
ج - (تَجْرِبَةُ الدَّابَّةِ) :
6 - يَرَى الْفُقَهَاءُ جَوَازَ تَجْرِبَةِ الدَّابَّةِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِلنَّظَرِ فِي سَيْرِهَا وَقُوَّتِهَا، عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ فِي كَيْفِيَّةِ التَّجْرِبَةِ وَالْمُدَّةِ الَّتِي يُمْكِنُ تَجْرِيبُ الدَّابَّةِ فِيهَا يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مَوْطِنِهِ، وَفِي مُصْطَلَحِ (خِيَارُ الشَّرْطِ (4)) . تَجْرِبَةُ الصَّبِيِّ لِمَعْرِفَةِ رُشْدِهِ:
7 - يُجَرَّبُ الصَّبِيُّ لِمَعْرِفَةِ رُشْدِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِتَفْوِيضِهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَتَصَرَّفُ فِيهَا أَمْثَالُهُ.
فَإِنْ كَانَ مِنْ أَوْلاَدِ التُّجَّارِ فُوِّضَ إِلَيْهِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ، فَإِذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ فَلَمْ يُغْبَنْ، وَلَمْ يُضَيِّعْ مَا فِي يَدَيْهِ، فَهُوَ رَشِيدٌ.
وَيُجَرَّبُ وَلَدُ الزَّارِعِ بِالزِّرَاعَةِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الْقَائِمِينَ بِمَصَالِحِ الزَّرْعِ مِنْ حَرْثٍ وَحَصْدٍ وَحِفْظٍ، كَمَا يُجَرَّبُ وَلَدُ الْمُحْتَرِفِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحِرْفَةِ أَبِيهِ وَأَقَارِبِهِ.
وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَالنَّخَعِيُّ عَدَمَ تَجْرِبَةِ الشَّخْصِ الَّذِي بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ، إِذَا أَكْمَل الْخَامِسَةَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهِ، فَيَجِبُ عِنْدَهُمْ إِعْطَاؤُهُ مَالَهُ وَلَوْ لَمْ يَصِرْ رَشِيدًا؛ لأَِنَّ مَنْعَهُ مِنْ مَالِهِ هُوَ لِلتَّأْدِيبِ، فَإِذَا لَمْ يَتَأَدَّبْ - وَقَدْ بَلَغَ سِنًّا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ جَدًّا - فَلاَ يَبْقَى أَمَلٌ فِي تَأْدِيبِهِ. (8)
وَلِلْفُقَهَاءِ فِي مَعْنَى الرُّشْدِ وَوَقْتِ تَجْرِبَةِ الصَّبِيِّ لِمَعْرِفَةِ رُشْدِهِ آرَاءٌ وَخِلاَفَاتٌ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِ: (حَجْرٌ، رُشْدٌ، وَسَفَهٌ) .
تَجْرِبَةُ الْقَائِفِ لِمَعْرِفَةِ كَفَاءَتِهِ:
8 - يُشْتَرَطُ فِي الْقَائِفِ - عِنْدَ مَنْ يَرَى الْعَمَل بِقَوْلِهِ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ - أَنْ يَكُونَ مُجَرَّبًا فِي الإِْصَابَةِ، لِخَبَرِ: لاَ حَكِيمَ إِلاَّ ذُو تَجْرِبَةٍ (9) وَلأَِنَّ الْقِيَافَةَ أَمْرٌ عِلْمِيٌّ، فَلاَ بُدَّ مِنَ الْعِلْمِ بِمَعْرِفَةِ الْقَائِفِ لَهُ، وَذَلِكَ لاَ يُعْرَفُ بِغَيْرِ التَّجْرِبَةِ.
وَمِنْ طُرُقِ تَجْرِبَةِ الْقَائِفِ لِمَعْرِفَةِ كَفَاءَتِهِ: أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ، لَيْسَ فِيهِنَّ أُمُّهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ هِيَ فِيهِنَّ، فَإِذَا أَصَابَ فِي الْكُل فَهُوَ مُجَرِّبٌ.
وَتَجْدُرُ الإِْشَارَةُ إِلَى أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ لاَ يُجِيزُونَ الْعَمَل بِقَوْل الْقَائِفِ مُطْلَقًا، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَشْتَرِطُوا شُرُوطًا لاِعْتِبَارِ قَوْل الْقَافَةِ دَلِيلاً يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ (10) .
وَتُنْظَرُ التَّفَاصِيل الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَوْضُوعِ فِي مُصْطَلَحِ: (قِيَافَةٌ) . تَجْرِبَةُ أَهْل الْخِبْرَةِ:
9 - يُشْتَرَطُ فِي أَهْل الْخِبْرَةِ الَّذِينَ يُعْمَل بِقَوْلِهِمْ فِي الْمُنَازَعَاتِ: أَنْ تَثْبُتَ خِبْرَتُهُمْ بِتَجَارِبَ مُنَاسَبَةٍ كَالطَّبِيبِ وَالْمُهَنْدِسِ وَنَحْوِهِمَا.
__________
(1) المصباح المنير، ولسان العرب، ومعجم متن اللغة مادة: " جرب ".
(2) حاشية ابن عابدين 2 / 116 ط بولاق، وحاشية الدسوقي 1 / 535 ط الحلبي.
(3) كشاف القناع 3 / 258 ط عالم الكتب، وحاشية العدوي 2 / 143 ط دار المعرفة.
(4) بدائع الصنائع 5 / 270 ط الجمالية، وتحفة الفقهاء 2 / 90، والشرح الصغير 3 / 136، وحاشية العدوي على شرح أبي الحسن لرسالة ابن أبي زيد 2 / 143 ط دار المعرفة، والجمل 3 / 119، والفروع لابن مفلح 4 / 89، 90، وكشاف القناع 3 / 208 ط عالم الكتب.
(5) بدائع الصنائع 5 / 270، وتحفة الفقهاء2 / 89.
(6) الشرح الصغير 3 / 135، 136، وشرح الزرقاني 5 / 111.
(7) الجمل على شرح المنهج 3 / 119، وأسنى المطالب 2 / 55، والشرح الكبير مع المغني 4 / 72، ومغني المحتاج 2 / 49، وروضة الطالبين 3 / 455، وتصحيح الفروع 4 / 89، 90، وكشاف القناع 3 / 208.
(8) المغني مع الشرح الكبير 4 / 523، ونهاية المحتاج 4 / 351، ومغني المحتاج 2 / 169 ط مصطفى الحلبي، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار 4 / 85، ودرر الحكم شرح مجلة الأحكام مادة (982) ج 2 / 631، وتفسير القرطبي 5 / 38.
(9) حديث: " لا حكيم إلا ذو تجربة " أخرجه أحمد (3 / 8، 69 - ط الميمنية) وإسناده ضعيف. (انظر ميزان الاعتدال للذهبي 2 / 24 - ط الحلبي) .
(10) روضة الطالبين 12 / 102، ونهاية المحتاج 8 / 351، ومطالب أولي النهى 4 / 266 نشر المكتب الإسلامي، والمغني مع الشرح الكبير 6 / 398، وعمدة القاري شرح صحيح البخاري 16 / 109 - 110 ط المنيرية، والموسوعة الفقهية مصطلح: إثبات (1 / 247) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 158/ 10