البحث

عبارات مقترحة:

الرقيب

كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

الرب

كلمة (الرب) في اللغة تعود إلى معنى التربية وهي الإنشاء...

التَّفْسِيرُ


من معجم المصطلحات الشرعية

بيان معاني الآيات القرآنية، وتوضيحها، وبيان سبب نزولها بألفاظ واضحة سهلة . ومن أمثلته تفسير قوله تعالى : ﱫ﴾ ﴿ ﮂ ﮃ ﮄﱪ الأعراف :33، بأن المراد به الزنى، وشرب الخمر، والكذب، ونحوه من المعاصي . ومن شواهده قوله تعالى : ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﱪ الفرقان :٣٣


انظر : التيسير للكافيجي، ص :21، أسنى المطالب للأنصاري،

من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف اللغوي

التَّفسِيرُ: الكَشْفُ والتَّبْيِينُ، والإظْهارُ والتَّوْضِيحُ، يُقال: فَسَرَ الشَّيْءَ، يَفْسِرُهُ ويَفْسُرُهُ فَسْراً وتَفْسِيراً، أيْ: كَشَفَهُ ووَضَّحَهُ. وضِدُّه: الإجْمالُ والإبْهامُ. ومِن مَعانِيهِ: الإِخْراجُ والتَّبْيِينُ والإظْهارُ والإِفْصاحُ.

إطلاقات المصطلح

يَرِد مُصْطلَح (تَفْسِير) في الفِقْهِ في عِدَّة مواطِن، منها: كِتاب الطَّهارَةِ، باب: نَواقِض الوُضوءِ، وفي كِتابِ الصَّلاةِ، باب: سُجود التِّلاوَةِ، وفي كِتابِ الحدودِ، باب: قَطْع يَدِ السّارِقِ. ويُطْلَق في كِتابِ النِّكاحِ، باب: أَلْفاظ الطَّلاقِ، ويُراد بِه: البَيانُ والإيضاحُ. ويُطلَق في عُلُومِ القرآن، ويُراد به: بَيان معنى الآيَةِ وما يَتَعَلَّقُ بِها مِن أَسْبابِ النُّزولِ والأَحْكام بِلَفْظٍ يَدُلُّ عليه دَلالَةً ظاهِرَةً. وقد يُطْلَق في عِلمِ العَقِيدَةِ، باب: تَوْحِيد الأُلوهِيَّةِ، وباب: تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّةِ، وباب: الإيمان، وغَيْر ذلك، ويُراد بِه: المُفَسَّرُ، وهو مَجْموعَةُ العِباراتِ التي تُبَيِّنُ حَقائِقَ الأَشْياءِ ومَعانِيها.

جذر الكلمة

فسر

المعنى الاصطلاحي

تَوْضِيحُ المُقِرِّ ما أَبْهَمَهُ في الإقْرارِ أَمامَ القاضِي.

الشرح المختصر

التَّفْسِيرُ: هو بَيانُ مَعانِي الأَلْفاظِ، وإِيضاحُ مَدْلُولِها، سَواءً كانت مِن قَبِيلِ المُشْتَرَكِ أو المُشْكِلِ أو المُجْمَلِ أو الخَفِيِّ أو غَيْرِ ذلك، كغَرِيبِ الألفاظِ ونَحْوِها، وسَواءً وافَقَ التَّفْسِيرُ ظاهِرَ الكَلامِ أو خالَفَهُ. ومِن صُور تَفسيِر الكَلامِ: بَيان ما أَبْهَمَهُ المُتكلِّم أمام القاضِي مِن إقْرارٍ، خاصَّةً إن تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لغَيْرِه، فإن امتَنَع صار بِامْتِناعِهِ عن تَفْسِيرِ ما أَقَرَّ بِهِ مُجْمَلاً، كَمَن امْتَنَعَ عن أَداءِ حَقٍّ وَجَبَ عليه.

التعريف اللغوي المختصر

التَّفسِيرُ: الكَشْفُ والتَّبْيِينُ، والإظْهارُ والتَّوْضِيحُ، وضِدُّه: الإجْمالُ والإبْهامُ.

التعريف

قدرة الشخص على إدراك العلاقات الموجودة بين الأفكار؛ ليخرج بنظرة كلية عما تضمنته من معاني.

المراجع

* التعريفات للجرجاني : (ص 87)
* العين : (7/347)
* تهذيب اللغة : (12/282)
* مختار الصحاح : (ص 139)
* لسان العرب : (5/55)
* تاج العروس : (12/323)
* حاشية ابن عابدين : (4/450)
* روضة الطالبين : (4/371)
* الـمغني لابن قدامة : (5/187)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 139)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (13/92)
* الإتقان في علوم القرآن : (2/167)
* حاشية ابن عابدين : (4/449)
* روضة الطالبين : (4/371)
* حاشية الدسوقي على الشرح الكبير : (3/406)
* الـمغني لابن قدامة : (5/187)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (13/98) -

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - التَّفْسِيرُ فِي اللُّغَةِ: الْكَشْفُ وَالإِْظْهَارُ وَالتَّوْضِيحُ. وَفِي الاِصْطِلاَحِ: لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَغَلَبَ عَلَى تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، وَالْمُرَادُ بِهِ، كَمَا قَال الْجُرْجَانِيِّ: تَوْضِيحُ مَعْنَى الآْيَةِ، وَشَأْنِهَا، وَقِصَّتِهَا، وَالسَّبَبِ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، بِلَفْظٍ يَدُل عَلَيْهِ دَلاَلَةً ظَاهِرَةً (1)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - التَّأْوِيل:
2 - التَّأْوِيل مَصْدَرُ أَوَّل. يُقَال: أَوَّل الْكَلاَمَ تَأْوِيلاً: دَبَّرَهُ وَقَدَّرَهُ وَفَسَّرَهُ، وَفِي الاِصْطِلاَحِ: صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ مَعْنَاهُ الظَّاهِرِ إِلَى مَعْنَى يَحْتَمِلُهُ إِذَا كَانَ الْمُحْتَمَل الَّذِي يَرَاهُ مُوَافِقًا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مِثْل قَوْله تَعَالَى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} (2) إِنْ أَرَادَ بِهِ إِخْرَاجَ الطَّيْرِ مِنَ الْبَيْضَةِ كَانَ تَفْسِيرًا، وَإِنْ أَرَادَ إِخْرَاجَ الْمُؤْمِنِ مِنَ الْكَافِرِ، أَوِ الْعَالِمِ مِنَ الْجَاهِل كَانَ تَأْوِيلاً (3) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيل أَنَّ التَّفْسِيرَ أَعَمُّ مِنَ التَّأْوِيل، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَال التَّفْسِيرِ فِي الأَْلْفَاظِ وَمُفْرَدَاتِهَا، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَال التَّأْوِيل فِي الْمَعَانِي وَالْجُمَل. وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَل التَّأْوِيل فِي الْكُتُبِ الإِْلَهِيَّةِ. أَمَّا التَّفْسِيرُ فَيُسْتَعْمَل فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا.
وَقَال قَوْمٌ: مَا وَقَعَ مُبَيَّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَمُعَيَّنًا فِي صَحِيحِ السُّنَّةِ سُمِّيَ تَفْسِيرًا، لأَِنَّ مَعْنَاهُ قَدْ ظَهَرَ، وَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ بِاجْتِهَادٍ وَلاَ غَيْرِهِ، بَل يَحْمِلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ لاَ يَتَعَدَّاهُ، وَالتَّأْوِيل مَا اسْتَنْبَطَهُ الْعُلَمَاءُ الْعَالِمُونَ بِمَعَانِي الْخِطَابِ، الْمَاهِرُونَ بِآلاَتِ الْعُلُومِ.
قَال الْمَاتُرِيدِيُّ: التَّفْسِيرُ الْقَطْعُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ اللَّفْظِ هُوَ هَذَا، وَالشَّهَادَةُ عَلَى اللَّهِ أَنَّهُ عَنَى بِاللَّفْظِ هَذَا الْمَعْنَى، فَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ مَقْطُوعٌ بِهِ فَصَحِيحٌ، وَإِلاَّ فَتَفْسِيرٌ بِالرَّأْيِ، وَهُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ. وَالتَّأْوِيل تَرْجِيحُ أَحَدِ الاِحْتِمَالاَتِ بِدُونِ الْقَطْعِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى اللَّهِ (4)

ب - الْبَيَانُ:
3 - الْبَيَانُ: إِظْهَارُ الْمُتَكَلِّمِ الْمُرَادَ لِلسَّامِعِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ التَّفْسِيرِ، لِشُمُولِهِ - عَدَا بَيَانَ التَّفْسِيرِ - كُلًّا مِنْ بَيَانِ التَّغْيِيرِ، وَبَيَانِ التَّقْرِيرِ، وَبَيَانِ الضَّرُورَةِ، وَبَيَانِ التَّبْدِيل (5) .

حُكْمُ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ:
4 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ بِمَعْنَى اللُّغَةِ، لأَِنَّهُ عَرَبِيٌّ. (6)
وَقَال السُّيُوطِيُّ: قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ التَّفْسِيرَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، وَأَجَل الْعُلُومِ الثَّلاَثَةِ الشَّرْعِيَّةِ (أَيْ: التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ) وَقَال: - نَقْلاً عَنِ الأَْصْفَهَانِيِّ - أَشْرَفُ صِنَاعَةٍ يَتَعَاطَاهَا الإِْنْسَانُ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ.
كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى حَظْرِ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ بِالرَّأْيِ مِنْ غَيْرِ لُغَةٍ وَلاَ نَقْلٍ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُل إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ} إِلَى قَوْلِهِ {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (7) وَقَوْلُهُ ﷺ: مَنْ قَال فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ (8) وَالْمُرَادُ مِنْهُ التَّفْسِيرُ بِالرَّأْيِ مِنْ غَيْرِ لُغَةٍ، وَلاَ نَقْلٍ. (9) أَقْسَامُ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ:
5 - قَسَّمَ الْعُلَمَاءُ مَعَانِيَ الْقُرْآنِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:
أ - مَا لاَ سَبِيل إِلَى الْوُصُول إِلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ، وَحَجَبَ عِلْمَهُ عَنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ، وَمِنْهُ أَوْقَاتُ وُقُوعِ الأُْمُورِ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهَا كَائِنَةٌ، مِثْل وَقْتِ قِيَامِ السَّاعَةِ، وَوَقْتِ نُزُول عِيسَى، وَوَقْتِ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَهَذَا الْقِسْمُ لَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ بِالتَّأْوِيل.
ب - مَا خَصَّ اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ بِعِلْمِ تَأْوِيلِهِ دُونَ سَائِرِ أُمَّتِهِ، وَيَحْتَاجُ الْعِبَادُ إِلَى تَفْسِيرِهِ لأُِمُورِ دِينِهِمْ، وَدُنْيَاهُمْ، فَلاَ سَبِيل لَهُمْ أَيْضًا إِلَى عِلْمِ ذَلِكَ إِلاَّ بِبَيَانِ الرَّسُول ﷺ لَهُمْ تَأْوِيلَهُ.
ج - مَا كَانَ عِلْمُهُ عِنْدَ أَهْل اللِّسَانِ الَّذِي نَزَل بِهِ الْقُرْآنُ، وَذَلِكَ عِلْمُ تَأْوِيل عَرَبِيَّتِهِ وَإِعْرَابِهِ، فَلاَ يُوصَل إِلَى عِلْمِ ذَلِكَ إِلاَّ مِنْ قِبَلِهِمْ (10) .

طُرُقُ التَّفْسِيرِ:
6 - قَال السُّيُوطِيُّ:
قَال الْعُلَمَاءُ: مَنْ أَرَادَ تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ طَلَبَهُ أَوَّلاً مِنَ الْقُرْآنِ نَفْسِهِ، فَمَا أُجْمِل مِنْهُ فِي مَكَانٍ بُسِطَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَمَا اخْتُصِرَ فِي مَكَانٍ بُسِطَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ. فَإِنْ أَعْيَاهُ ذَلِكَ طَلَبَهُ مِنَ السُّنَّةِ، فَإِنَّهَا شَارِحَةٌ لِلْقُرْآنِ، وَمُبَيِّنَةٌ لَهُ. وَقَال الشَّافِعِيُّ ﵁: كُل مَا حَكَمَ بِهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَهُوَ مِمَّا فَهِمَهُ مِنَ الْقُرْآنِ. (11)
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} . (12)
وَقَال ﵊: أَلاَ إِنِّي قَدْ أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ. (13)
وَقَالُوا: فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْقُرْآنِ، وَلاَ فِي السُّنَّةِ مَا يُوَضِّحُ الْمَعْنَى، يُرْجَعُ إِلَى أَقْوَال الصَّحَابَةِ فِي تَفْسِيرِهِ، فَإِنَّهُمْ أَدْرَى بِذَلِكَ لِمَا شَاهَدُوهُ مِنَ الْقَرَائِنِ وَالأَْحْوَال عِنْدَ نُزُولِهِ، وَلِمَا اخْتَصُّوا بِهِ مِنَ الْفَهْمِ الصَّحِيحِ وَالْعَمَل الصَّالِحِ، وَقَدْ قَال الْحَاكِمُ فِي كِتَابِ مَعْرِفَةِ عُلُومِ الْحَدِيثِ: إِنَّ الصَّحَابِيَّ الَّذِي شَهِدَ الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيل، فَأَخْبَرَ عَنْ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ. (14)
وَقَال صَاحِبُ كَشَّافِ الْقِنَاعِ: يَلْزَمُ الرُّجُوعُ إِلَى تَفْسِيرِ الصَّحَابِيِّ لأَِنَّهُمْ شَاهَدُوا التَّنْزِيل، وَحَضَرُوا التَّأْوِيل. فَتَفْسِيرُهُ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ. وَإِذَا قَال الصَّحَابِيُّ مَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ فَهُوَ تَوْقِيفٌ.
وَقَال الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ قُلْنَا: إِنَّ قَوْل الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ لَزِمَ قَبُول تَفْسِيرِهِ، وَإِلاَّ فَإِنَّ نَقْل كَلاَمِ الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ صَيَّرَ إِلَيْهِ، وَإِنْ فَسَّرَهُ اجْتِهَادًا أَوْ قِيَاسًا عَلَى كَلاَمِ الْعَرَبِ لَمْ يَلْزَمْ قَبُول تَفْسِيرِهِ. (15)
7 - أَمَّا تَفْسِيرُ التَّابِعِيِّ فَلاَ يَلْزَمُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ حُجَّةً بِالاِتِّفَاقِ، وَنُقِل عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ: يَلْزَمُ الرُّجُوعُ إِلَى قَوْل التَّابِعِيِّ فِي التَّفْسِيرِ، وَغَيْرِهِ.
وَنَقَل أَبُو دَاوُدَ: إِذَا جَاءَ عَنِ الرَّجُل مِنَ التَّابِعِينَ لاَ يُوجَدُ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ نَقْلٌ لاَ يَلْزَمُ الأَْخْذُ بِهِ. وَقَال الْمَرْوِيُّ: يُنْظَرُ مَا كَانَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ يُؤْخَذُ وُجُوبًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَنِ الصَّحَابَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَنِ التَّابِعِينَ، وَقَال الْقَاضِي: يُمْكِنُ حَمْل هَذَا الْقَوْل عَلَى إِجْمَاعِهِمْ، وَقَوَاعِدُ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى لاَ تَأْبَى ذَلِكَ. (16)
وَالْمَسْأَلَةُ أُصُولِيَّةٌ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.

تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِمُقْتَضَى اللُّغَةِ:
8 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى جَوَازِ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ بِمُقْتَضَى اللُّغَةِ، وَقَالُوا: لأَِنَّهُ عَرَبِيٌّ. قَال الْغَزَالِيُّ: ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَا لاَ تَفْهَمُهُ الْعَرَبُ. فَإِنْ قِيل: الْعَرَبُ إِنَّمَا تَفْهَمُ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} (17) وَ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (18) الْجِهَةَ، وَالاِسْتِقْرَارَ. وَقَدْ أُرِيدَ بِهِ غَيْرُهُ فَهُوَ مُتَشَابِهٌ. قُلْنَا هَيْهَاتَ، فَإِنَّ هَذِهِ كِنَايَاتٌ، وَاسْتِعَارَاتٌ يَفْهَمُهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْعَرَبِ الْمُصَدِّقُونَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَأَنَّهَا مُؤَوَّلَةٌ تَأْوِيلاَتٌ تُنَاسِبُ تَفَاهُمَ الْعَرَبِ. (19)
وَهُنَاكَ مَنْ يَرَى إِثْبَاتَ هَذِهِ الأَْسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَلَى ظَاهِرِهَا، مَعَ الْتِزَامِ التَّنْزِيهِ. وَالتَّفْصِيل فِي عِلْمِ الْعَقِيدَةِ.
وَقَال الطَّبَرِيُّ: وَفِي حَثِّ اللَّهِ تَعَالَى عِبَادَهُ عَلَى الاِعْتِبَارِ بِمَا فِي آيِ الْقُرْآنِ مِنَ الْمَوَاعِظِ، وَالْبَيَانَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَْلْبَابِ} (20) وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ آيِ الْقُرْآنِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ، وَحَثَّهُمْ فِيهَا عَلَى الاِعْتِبَارِ بِأَمْثَال آيِ الْقُرْآنِ وَالاِتِّعَاظِ بِهِ، مَا يَدُل عَلَى أَنَّ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَةَ تَأْوِيل مَا لَمْ يُحْجَبْ عَنْهُمْ تَأْوِيلُهُ مِنْ آيِهِ، لأَِنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُقَال - لِمَنْ لاَ يَفْهَمُ مَا يُقَال لَهُ، وَلاَ يَعْقِل تَأْوِيلَهُ -: اعْتَبِرْ بِمَا لاَ فَهْمَ لَكَ بِهِ، وَلاَ مَعْرِفَةَ مِنَ الْقَوْل وَالْبَيَانِ وَالْكَلاَمِ عَلَى مَعْنَى الأَْمْرِ بِأَنْ يَفْهَمَهُ، وَيَفْقَهَهُ ثُمَّ يَتَدَبَّرَهُ، وَيَعْتَبِرَ بِهِ. فَأَمَّا قَبْل ذَلِكَ فَمُسْتَحِيلٌ أَمْرُهُ بِتَدَبُّرِهِ وَهُوَ جَاهِلٌ عَنْ مَعْنَاهُ.
ثُمَّ قَال: وَإِذَا صَحَّ هَذَا فَقَدْ فَسَدَ قَوْل مَنْ أَنْكَرَ تَفْسِيرَ الْمُفَسِّرِينَ فِي كُتُبِ اللَّهِ، مَا لَمْ يَحْجُبِ اللَّهُ تَأْوِيلَهُ عَنْ خَلْقِهِ. (21) وَقَال الْعُلَمَاءُ: إِنَّ النَّهْيَ عَنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، إِنَّمَا يَنْصَرِفُ إِلَى الْمُتَشَابِهِ مِنْهُ لاَ إِلَى جَمِيعِهِ لأَِنَّ الْقُرْآنَ نَزَل حُجَّةً عَلَى الْخَلْقِ، فَلَوْ لَمْ يَجُزِ التَّفْسِيرُ لَمْ تَكُنِ الْحُجَّةُ بَالِغَةً. فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، جَازَ لِمَنْ عَرَفَ لُغَاتِ الْعَرَبِ وَأَسْبَابَ النُّزُول أَنْ يُفَسِّرَهُ، أَمَّا مَنْ لَمْ يَعْرِفْ وُجُوهَ اللُّغَةِ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُفَسِّرَهُ إِلاَّ بِمِقْدَارِ مَا سَمِعَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْحِكَايَةِ، لاَ عَلَى وَجْهِ التَّفْسِيرِ، وَلَوْ قَال: إِنَّ الْمُرَادَ مِنَ الآْيَةِ كَذَا - وَهُوَ لاَ يَعْرِفُ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ، وَلَمْ يَسْمَعْ فِيهِ شَيْئًا، فَلاَ يَحِل لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ. وَقَال مُجَاهِدٌ: لاَ يَحِل لأَِحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ، وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِلُغَاتِ الْعَرَبِ (22) .

شُرُوطُ الْمُفَسِّرِ لِلْقُرْآنِ، وَآدَابُهُ:
9 - يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِلُغَةِ الْعَرَبِ لأَِنَّ الْقُرْآنَ نَزَل بِهَا، فَبِالْعِلْمِ بِهَا يُعْرَفُ شَرْحُ مُفْرَدَاتِ الأَْلْفَاظِ، وَمَدْلُولاَتِهَا حَسَبَ الْوَضْعِ وَالاِسْتِعْمَال.
وَقَدْ نُقِل عَنْ مُجَاهِدٍ: (لاَ يَحِل لأَِحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ: أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِلُغَاتِ الْعَرَبِ) .
وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالنَّحْوِ؛ لأَِنَّ الْمَعْنَى يَتَغَيَّرُ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الإِْعْرَابِ، وَبِالصَّرْفِ لأَِنَّ بِهِ يَعْرِفُ أَبْنِيَةَ الْكَلِمَاتِ وَاشْتِقَاقَاتِهَا، لأَِنَّ الاِسْمَ إِذَا كَانَ اشْتِقَاقُهُ مِنْ مَادَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ اخْتَلَفَ مَعْنَاهُ بِاخْتِلاَفِهَا.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَعْرِفَ عُلُومَ الْبَلاَغَةِ: الْمَعَانِيَ، وَالْبَيَانَ، وَالْبَدِيعَ، لأَِنَّهُ بِهَذِهِ الْعُلُومِ يَعْرِفُ خَوَاصَّ تَرَاكِيبِ الْكَلاَمِ مِنْ جِهَةِ إِفَادَتِهَا الْمَعْنَى، وَخَوَاصَّهَا مِنْ حَيْثُ اخْتِلاَفُهَا، حَسَبَ وُضُوحِ الدَّلاَلَةِ، وَخَفَائِهَا، وَتَحْسِينِ الْكَلاَمِ، كَمَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِأُصُول الْفِقْهِ، إِذْ بِهِ يَعْرِفُ وُجُوهَ الاِسْتِدْلاَل عَلَى الأَْحْكَامِ، وَطُرُقَ الاِسْتِنْبَاطِ، وَأَنْ يَعْلَمَ أَسْبَابَ النُّزُول، إِذْ بِهِ يَعْرِفُ مَعْنَى الآْيَةِ الْمُنَزَّلَةِ فِيهِ بِحَسَبِ مَا أُنْزِلَتْ.
وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَعْرِفَ النَّاسِخَ، وَالْمَنْسُوخَ لِيَعْلَمَ الْمُحْكَمَ مِنْ غَيْرِهِ، وَالأَْحَادِيثَ الْمُبَيِّنَةَ لِتَفْسِيرِ الْمُجْمَل، وَالْمُبْهَمِ.
وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُفَسِّرِ صِحَّةُ الاِعْتِقَادِ، وَلُزُومُ السُّنَّةِ، وَأَلاَّ يُتَّهَمَ بِإِلْحَادٍ، وَلاَ هَوًى، لأَِنَّهُ لاَ يُؤْتَمَنُ عَلَى الدُّنْيَا مَنْ كَانَ مَغْمُوصًا فِي دِينِهِفَكَيْفَ يُؤْتَمَنُ عَلَى الدِّينِ، ثُمَّ هُوَ لاَ يُؤْتَمَنُ فِي الدِّينِ عَلَى الإِْخْبَارِ عَنْ عَالِمٍ، فَكَيْفَ يُؤْتَمَنُ فِي الإِْخْبَارِ عَنْ أَسْرَارِ اللَّهِ؟ وَكَذَلِكَ لاَ يُؤْتَمَنُ إِذَا كَانَ مُتَّهَمًا بِإِلْحَادٍ أَنْ يَبْغِيَ الْفِتْنَةَ وَيَغُرَّ النَّاسَ بِلَيِّهِ، وَخِدَاعِهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِهَوَى لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَحْمِلَهُ هَوَاهُ عَلَى مَا يُوَافِقُ بِدْعَتَهُ (23)
وَعَدَّ السُّيُوطِيُّ عِلْمَ الْمَوْهِبَةِ قَال: وَهُوَ عِلْمٌ يُورِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَنْ عَمِل بِمَا عَلِمَ، وَإِلَيْهِ الإِْشَارَةُ بِحَدِيثِ: مَنْ عَمِل بِمَا عَلِمَ وَرَّثَهُ اللَّهُ عِلْمَ مَا لَمْ يَعْلَمْ. (24)
10 - وَنَقَل السُّيُوطِيُّ عَنْ أَبِي طَالِبٍ الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ اعْتِمَادُ الْمُفَسِّرِ عَلَى النَّقْل الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ عَنِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ عَاصَرَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ، وَأَنْ يَتَجَنَّبَ الْمُحْدَثَاتِ - أَيِ الأَْقْوَال الْمُبْتَدَعَةَ - وَإِذَا تَعَارَضَتْ أَقْوَال الصَّحَابَةِ، وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهَا فَعَل. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ بَيْنَهَا رَدَّ الأَْمْرَ إِلَى مَا ثَبَتَ فِيهِ السَّمْعُ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَمْعًا، وَكَانَ لِلاِسْتِدْلاَل طَرِيقٌ إِلَى تَقْوِيَةِ أَحَدِهِمَا رَجَّحَ مَا قَوِيَ الاِسْتِدْلاَل فِيهِ، إِذَا كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ صَحِيحِهِ مِنْ ضَعِيفِهِ بِطُرُقِ الاِسْتِدْلاَل، لأَِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنْ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَا لاَ تَفْهَمُهُ الْعَرَبُ (25) ، أَمَّا مَا لاَ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِطُرُقِ الاِسْتِدْلاَل وَلاَ نَقْل فِيهِ فَلاَ سَبِيل إِلَى تَفْسِيرِهِ.
وَعَامَّةُ هَذَا النَّوْعِ مِمَّا لاَ فَائِدَةَ فِيهِ، وَلاَ حَاجَةَ بِنَا إِلَى مَعْرِفَتِهِ كَلَوْنِ كَلْبِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَاسْمِهِ، وَالْبَعْضُ الَّذِي ضُرِبَ بِهِ الْمَيِّتُ مِنَ الْبَقَرَةِ، وَاسْمُ الْغُلاَمِ الَّذِي قَتَلَهُ صَاحِبُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ نَشْغَل أَنْفُسَنَا بِذَلِكَ. (26)
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُفَسِّرُ سَلِيمَ الْمَقْصِدِ فِيمَا يَقُول، لِيَلْقَى التَّسْدِيدَ مِنَ اللَّهِ، قَال تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (27) وَقَال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاَللَّهُ بِكُل شَيْءٍ عَلِيمٌ} (28)

مَسُّ الْمُحْدِثِ كُتُبَ التَّفْسِيرِ وَحَمْلُهُ لَهَا:
11 - يَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لِلْمُحْدِثِ مَسُّ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ وَحَمْلُهَا وَالْمُطَالَعَةُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ جُنُبًا، قَالُوا: لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ التَّفْسِيرِ: مَعَانِي الْقُرْآنِ، لاَ تِلاَوَتُهُ، فَلاَ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْقُرْآنِ.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ الْجَوَازَ مَشْرُوطٌ فِيهِ أَنْ يَكُونَ التَّفْسِيرُ أَكْثَرَ مِنَ الْقُرْآنِ لِعَدَمِ الإِْخْلاَل بِتَعْظِيمِهِ حِينَئِذٍ، وَلَيْسَ هُوَ فِي مَعْنَى الْمُصْحَفِ. وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ، فَأَوْجَبُوا الْوُضُوءَ لِمَسِّ كُتُبِ التَّفْسِيرِ. (29)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (مُصْحَفٌ، وَحَدَثٌ) .

قَطْعُ سَارِقِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ:
12 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَطْعِ سَارِقِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ، فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو ثَوْرٍ إِلَى وُجُوبِ الْقَطْعِ بِسَرِقَتِهَا إِذَا تَمَّتْ شُرُوطُ الْقَطْعِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ الْقَطْعِ عَلَى تَفْصِيلٍ يَرْجِعُ فِيهِ إِلَى مُصْطَلَحِ (سَرِقَةٌ) .

تَفْسِيرُ الْمُقِرِّ مَا أَبْهَمَهُ فِي الإِْقْرَارِ:
13 - إِذَا قَال ابْتِدَاءً أَوْ جَوَابًا عَنْ دَعْوَى صَحِيحَةٍ: لِفُلاَنٍ عَلَيَّ شَيْءٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، صَحَّ الإِْقْرَارُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَفْسِيرُ الْمُبْهَمِ، فَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَا يُتَمَوَّل قُبِل تَفْسِيرُهُ، قَل أَوْ كَثُرَ. (30)
وَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَا لاَ يُتَمَوَّل وَلَكِنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يُتَمَوَّل، كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ يُقْبَل عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، لأَِنَّهُ شَيْءٌ يَحْرُمُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَيَجِبُ رَدُّهُ عَلَى آخِذِهِ.
وَيَشْتَرِطُ الْحَنَفِيَّةُ أَنْ يُفَسَّرَ بِذِي قِيمَةٍ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَوَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. (31)
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ مَا يُتَمَوَّل فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ لِمَنْفَعَتِهِ كَالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ أَوِ الْقَابِل لِلتَّعْلِيمِ، وَالسِّرْجِينِ، فَيُقْبَل تَفْسِيرُهُ بِهِ، وَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَا لاَ يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ، كَخَمْرِ غَيْرِ الذِّمِّيِّ، أَوْ كَكَلْبٍ لاَ يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ، فَلاَ يُقْبَل تَفْسِيرُهُ بِهِ. وَإِنْ فَسَّرَهُ بِوَدِيعَةٍ، أَوْ بِحَقِّ الشُّفْعَةِ قُبِل. (32)
وَإِنِ امْتَنَعَ عَنِ التَّفْسِيرِ حُبِسَ حَتَّى يُفَسِّرَ، لأَِنَّ التَّفْسِيرَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، فَيَصِيرُ بِامْتِنَاعِهِ عَنْ تَفْسِيرِ مَا أَقَرَّ بِهِ مُجْمَلاً - كَمَنِ امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ.
وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ يُحْبَسُ، فَإِنْ وَقَعَ الإِْقْرَارُ الْمُبْهَمُ فِي جَوَابِ دَعْوَى، وَامْتَنَعَ عَنِ التَّفْسِيرِ جُعِل مُنْكِرًا، وَيُعْرَضُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَصَرَّ وَلَمْ يَحْلِفْ جُعِل نَاكِلاً، وَحَلَفَ الْمُدَّعِي، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءً بِلاَ سَبْقِ دَعْوَى ادَّعَى عَلَيْهِ الْمُقِرُّ لَهُ بِالْحَقِّ، وَقَالُوا: حَيْثُ أَمْكَنَ حُصُول الْغَرَضِ فَلاَ يُحْبَسُ. (33)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (إِقْرَارٌ) .
__________
(1) القاموس المحيط، والمصباح المنير، والتعريفات للجرجاني ص 87.
(2) سورة آل عمران / 27.
(3) التعريفات للجرجاني ص 72.
(4) الإتقان للسيوطي 2 / 173، والكليات 2 / 14ـ 15.
(5) التعريفات للجرجاني.
(6) كتاب الفروع للمقدسي 1 / 556، وكشاف القناع 1 / 433.
(7) سورة الأعراف / 33.
(8) حديث: " من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار " أخرجه الترمذي (5 / 199 ط الحلبي) من حديث ابن عباس، وفي أحد رواته ضعف كما في التهذيب لابن حجر (6 / 94ـ 95) .
(9) الإتقان للسيوطي 2 / 175.
(10) تفسير الطبري 1 / 92ـ 93.
(11) الإتقان 2 / 157.
(12) سورة النساء / 105.
(13) حديث: " ألا إني قد أوتيت القرآن ومثله معه. . . " أخرجه أبو داود (5 / 10 تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث المقدام بن معد يكرب، وإسناده صحيح.
(14) الإتقان 2 / 157، ومعرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري ص20 نشر المكتبة العلمية.
(15) كشاف القناع 1 / 434، والفروع 1 / 558.
(16) المصادر السابقة، والمستصفى للغزالي 1 / 161ـ 274.
(17) سورة الأنعام / 18.
(18) سورة طه / 5.
(19) المستصفى 1 / 107.
(20) سورة ص / 129.
(21) مقدمة تفسير الطبري ص 82 - 83.
(22) الإتقان للسيوطي 2 / 181.
(23) الإتقان 2 / 180 - 181.
(24) حديث: " من عمل بما علم ورثه الله علم مالم يعلم " أخرجه أبو نعيم في الحلية (10 / 15 ط السعادة) ثم قال: ذكر أحمد بن حنبل هذا الكلام عن بعض التابعين عن عيسى بن مريم عليه السلام فوهم بعض الرواة أنه ذكره عن النبي ﷺ فوضع هذا الإِسناد عليه لس
(25) الإتقان 2 / 176، والبرهان في علوم القرآن للزركشي 2 / 175، والمستصفى 1 / 107.
(26) مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية ص 13، 14.
(27) سورة العنكبوت / 69.
(28) سورة البقرة / 282.
(29) حاشية الدسوقي 1 / 125، ومغني المحتاج 1 / 27، وروض الطالب 2 / 62، والمغني 1 / 148، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 46.
(30) روضة الطالبين 4 / 371، والمغني 5 / 187، وابن عابدين 4 / 450، وحاشية الدسوقي 3 / 405.
(31) المصادر السابقة.
(32) ابن عابدين 4 / 449 - 448، والمغني 5 / 187، وروضة الطالبين 4 / 371.
(33) المغني 5 / 187، وروضة الطالبين4 / 187، 372، وحاشية الدسوقي 3 / 406.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 92/ 13