الجواد
كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...
زَوَال بكارَةِ المرأة بِالْوَطْءِ، وَلَوْ حَرَامًا . ومن أمثلته القول باعتبار المرأة ثيباً بوطئها، ولو من زنا . ومن شواهده حديثه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : "الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ، وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ، وَالرَّجْمُ ." مسلم :1690.
زَوَال بكارَةِ المرأة بِالْوَطْءِ، وَلَوْ حَرَامًا.
التَّعْرِيفُ:
1 - الثُّيُوبَةُ مَصْدَرٌ صِنَاعِيٌّ مِنْ ثَابَ يَثُوبُ إِذَا رَجَعَ، وَيُقَال لِلإِْنْسَانِ إِذَا تَزَوَّجَ ثَيِّبٌ، وَإِطْلاَقُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَكْثَرُ؛ لأَِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهَا بِوَجْهٍ غَيْرِ الأَْوَّل.
وَوَرَدَ فِي الْخَبَرِ: الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لِكَلِمَةِ الثُّيُوبَةِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. وَقَرِيبٌ مِنَ الثُّيُوبَةِ (الإِْحْصَانُ) لأَِنَّهُ حُصُول الْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْبَكَارَةُ:
2 - الْبَكَارَةُ هِيَ: عُذْرَةُ الْمَرْأَةِ، وَمَوْلُودٌ بِكْرٌ إِذَا كَانَ أَوَّل وَلَدِ أَبَوَيْهِ (3) فَالْبَكَارَةُ بِالْمَعْنَى الأَْوَّل ضِدُّ الثُّيُوبَةِ لاَ يَجْتَمِعَانِ وَلاَ يَرْتَفِعَانِ.
ب - الإِْحْصَانُ:
3 - مِنْ مَعَانِي الإِْحْصَانِ: التَّزَوُّجُ، وَهُوَ شَرْعًا النِّكَاحُ الصَّحِيحُ الْمُقْتَرِنُ بِالدُّخُول مَعَ الْبُلُوغِ وَالإِْسْلاَمِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثُّيُوبَةِ وَالإِْحْصَانِ أَنَّ الثُّيُوبَةَ قَدْ تَكُونُ بِالْوَطْءِ بِالزَّوَاجِ وَقَدْ تَكُونُ بِغَيْرِهِ.
تَحَقُّقُ الثُّيُوبَةِ:
4 - يَخْتَلِفُ الْمُرَادُ بِالثُّيُوبِةِ بِاخْتِلاَفِ مَوَاطِنِ بَحْثِهَا.
فَبِالنِّسْبَةِ لاِشْتِرَاطِ الْبَكَارَةِ فِي الزَّوَاجِ، وَفِي رَدِّ الأَْمَةِ الْمَبِيعَةِ عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ إِذَا ظَهَرَتْ ثَيِّبًا. وَكَذَلِكَ فِي الْوَكَالَةِ بِالتَّزْوِيجِ، وَالْوَصِيَّةِ لِلْبِكْرِ أَوِ الثَّيِّبِ.
يُرَادُ بِالثُّيُوبِةِ زَوَال الْعُذْرَةِ مُطْلَقًا بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ.
وَيُرَادُ بِالثُّيُوبِةِ فِي اسْتِئْمَارِ الثَّيِّبِ فِي النِّكَاحِ زَوَال الْعُذْرَةِ بِالْجِمَاعِ فَقَطْ، وَيُرَادُ بِالثُّيُوبِةِ فِي الرَّجْمِ بِالزِّنَا لِلرَّجُل أَوِ الْمَرْأَةِ سَبْقُ الْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ بِشُرُوطِهِ. . وَيُرْجَعُ فِي تَفْصِيل ذَلِكَ إِلَى مَوَاطِنِهَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَمُصْطَلَحَاتِ: (نِكَاحٌ، وَوَصِيَّةٌ، وَزِنًا (2)) . الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
5 - يَظْهَرُ أَثَرُ الثُّيُوبَةِ فِي الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ فِي النِّكَاحِ.
أَمَّا الْكَبِيرَةُ فَلاَ يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا إِلاَّ بِإِذْنِهَا فِي قَوْل عَامَّةِ أَهْل الْعِلْمِ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: لاَ تُنْكَحُ الأَْيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (4) . وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال: لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مِنَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ (5) .
وَبِقَوْلِهِ ﷺ: الأَْيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا (6) وَقَال الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لِلأَْبِ تَزْوِيجُ الثَّيِّبِ الْكَبِيرَةِ وَإِنْ كَرِهَتْ (7) .
وَأَمَّا الثَّيِّبُ الصَّغِيرَةُ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ إِلَى أَنَّ لِلأَْبِ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ الثَّيِّبَ الصَّغِيرَةَ وَلاَ يَسْتَأْمِرَهَا، لأَِنَّهَا صَغِيرَةٌ فَجَازَ إِجْبَارُهَا كَالْبِكْرِ وَالصَّبِيِّ (8) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا لِعُمُومِ الأَْخْبَارِ الْمُسْتَلْزِمَةِ اسْتِئْمَارَهَا، وَعِبَارَتُهَا فِي الأَْمْرِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِصِغَرِهَا، وَلأَِنَّ الإِْجْبَارَ يَخْتَلِفُ بِالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ لاَ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، وَهَذِهِ ثَيِّبٌ، وَلأَِنَّ فِي تَأْخِيرِهَا فَائِدَةً، وَهِيَ أَنْ تَبْلُغَ فَتَخْتَارَ لِنَفْسِهَا (9) .
6 - وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ فِي أَنَّ إِذْنَ الثَّيِّبِ النُّطْقُ مِنَ النَّاطِقَةِ، وَالإِْشَارَةُ أَوِ الْكِتَابَةُ مِنْ غَيْرِهَا لِقَوْلِهِ ﵊: الثَّيِّبُ تُشَاوَرُ (10) وَلأَِنَّ النُّطْقَ لاَ يُعْتَبَرُ عَيْبًا مِنْهَا.
وَالثَّيِّبُ الْمُعْتَبَرُ نُطْقُهَا هِيَ الْمَوْطُوءَةُ فِي الْقُبُل إِذَا كَانَ الْوَطْءُ حَلاَلاً، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ مَا حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لاَ فَرْقَ فِي الثُّيُوبَةِ بَيْنَ الْوَطْءِ الْحَلاَل وَالْحَرَامِ إِذَا كَانَ فِي الْقُبُل، وَأَمَّا إِنْ ذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا بِغَيْرِ جِمَاعٍ، فَحُكْمُهَا حُكْمُ الأَْبْكَارِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ أَنَّهَا كَالثَّيِّبِ لِزَوَال الْعُذْرَةِ (11) .
7 - وَقَدْ تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَحْكَامِ الثُّيُوبَةِ فِي النِّكَاحِ عِنْدَ الْكَلاَمِ عَنِ الْعُيُوبِ الْمُجَوِّزَةِ لِلْفَسْخِ، فَرَأَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ إِذَا شَرَطَ الزَّوْجُ بَكَارَةَ الزَّوْجَةِ فَتَبَيَّنَتْ ثَيِّبًا فَلَهُ الْفَسْخُ (12) ، وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ بَكَارَةٍ، كَمَا تَكَلَّمُوا عَنْهَا فِي بَابِ الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ فِي الْبَيْتُوتَةِ إذَا تَزَوَّجَ ثَيِّبًا وَعِنْدَهُ غَيْرُهَا، فَإِنَّهُ يَبِيتُ عِنْدَهَا ثَلاَثًا ثُمَّ يَقْسِمُ، وَفِي الشَّهَادَةِ لإِِثْبَاتِ الثُّيُوبَةِ حَيْثُ تُقْبَل شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (قَسْمٌ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ) .
__________
(1) حديث: " البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ". أخرجه مسلم (3 / 1316 - ط الحلبي) من حديث عبادة بن الصامت.
(2) تاج العروس، ولسان العرب، والمصباح المنير مادة: (ثوب) .
(3) المصباح المنير مادة: (بكر) .
(4) حديث: " لا تنكح الأيم حتى تستأمر. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 191 ط السلفية) ومسلم (2 / 1037 ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(5) حديث: " ليس للولي من الثيب أمر. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 579 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والدارقطني (3 / 239 ط دار المحاسن) وأعله الدارقطني بمخالفة أحد رواته متنا، وإسنادا لمن اشترك معه في الرواية عن شيخه صالح بن كيسان فاللفظ الصحيح له هو ما أخرجه مسلم: " الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن من نفسها وإذنها صماتها " صحيح مسلم (2 / 1037 ط الحلبي) .
(6) حديث: " الأيم أحق بنفسها من وليها. . . ". أخرجه مسلم (2 / 1037 - ط الحلبي) من حديث ابن عباس.
(7) ابن عابدين 2 / 296، والفتاوى الهندية 1 / 289، ومواهب الجليل 3 / 427، والقوانين الفقهية 203، والقليوبي 3 / 223، وروضة الطالبين 7 / 54، والمغني 6 / 491، 492، 493.
(8) المراجع السابقة.
(9) الهداية 1 / 197 ط مصطفى الحلبي، والفتاوى الهندية 1 / 289، 290، والقوانين الفقهية 204، والقليوبي 3 / 323، والمغني 6 / 493.
(10) حديث: " الثيب تشاور. . . " ذكره صاحب الهداية من الحنفية وقال الزيلعي: (غريب بهذا اللفظ، وتقدم معناه قريبا) نصب الراية (3 / 195 ط المجلس العلمي) .
(11) الهداية 1 / 197، والفتاوى الهندية 1 / 289، 290، ومواهب الجليل 3 / 427، والقوانين الفقهية 203، والقليوبي 3 / 223، وروضة الطالبين 7 / 54، والمغني 6 / 492.
(12) فتح القدير 4 / 122 ط دار إحياء التراث العربي، والاختيار لتعليل المختار 4 / 116، ومواهب الجليل 3 / 491، وجواهر الإكليل 1 / 300، 301 ط مصطفى البابي الحلبي، وروضة الطالبين 7 / 355، ونهاية المحتاج 8 / 312 ط مصطفى البابي الحلبي.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 65/ 15
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".