التواب
التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...
الْمُنَازَعَةُ، وَالْجَدَل بِالْحُجَّةِ، مما يصير معه في القلب قصد الانتقام من الخصم . ومن أمثلته لا تقبل شهادة الخصم على خصمه . ومن شواهده ما ثبت أن الناس في عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، يتبايعون الثمار، فإذا جد الناس، وحضر تقاضيهم، قال المبتاع : إنه أصاب ... عاهات يحتجون بها، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - لما كثرت عنده الخصومة في ذلك :"فإما لا، فلا تتبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر ." البخاري : 2193.
الْمُنَازَعَةُ، وَالْجَدَل بِالْحُجَّةِ، مما يصير معه في القلب قصد الانتقام من الخصم.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْخُصُومَةُ لُغَةً: الْمُنَازَعَةُ، وَالْجَدَل، وَالْغَلَبَةُ بِالْحُجَّةِ (1) .
وَالْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَقَدِ اسْتَعْمَل الْفُقَهَاءُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي رَفْعِ الدَّعْوَى أَمَامَ الْقَضَاءِ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْعَدَاوَةُ:
2 - الْعَدَاوَةُ، هِيَ مَا يَتَمَكَّنُ فِي الْقَلْبِ مِنْ قَصْدِ الإِْضْرَارِ وَالاِنْتِقَامِ، وَأَصْلُهُ مِنْ تَجَاوُزِ الْحَدِّ فِي الشَّيْءِ (3) .
قَال الرَّاغِبُ: الْعَدْوُ التَّجَاوُزُ وَمُنَافَاةُ الاِلْتِئَامِ، فَتَارَةً يُعْتَبَرُ بِالْقَلْبِ، فَيُقَال لَهُ: الْعَدَاوَةُ وَالْمُعَادَاةُ، وَتَارَةً بِالْمَشْيِ، فَيُقَال لَهُ الْعَدْوُ، وَتَارَةً فِي الإِْخْلاَل بِالْعَدَالَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ، فَيُقَال لَهُ الْعُدْوَانُ وَالْعَدُوُّ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (4) .
قَال أَبُو هِلاَلٍ الْعَسْكَرِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَادَاةِ وَالْمُخَاصَمَةِ أَنَّ الْمُخَاصَمَةَ، مِنْ قَبِيل الْقَوْل، وَالْمُعَادَاةُ مِنْ أَفْعَال الْقُلُوبِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُخَاصِمَ الإِْنْسَانُ غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَادِيَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعَادِيَهُ وَلاَ يُخَاصِمَهُ (5) .
ب - الدَّعْوَى:
3 - عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا قَوْلٌ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْقَاضِي يُقْصَدُ بِهِ طَلَبُ حَقٍّ قِبَل غَيْرِهِ، أَوْ دَفْعُهُ عَنْ حَقِّ نَفْسِهِ. فَالْخُصُومَةُ وَالدَّعْوَى مِنْ حَيْثُ التَّعْرِيفُ مُتَسَاوِيَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَعَرَّفَهَا الشَّافِعِيَّةُ، بِأَنَّهَا إِخْبَارٌ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ.
فَالدَّعْوَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى طَلَبِ الْحَقِّ مِنَ الْمُدَّعِي، أَمَّا الْخُصُومَةُ فَمَا يَقَعُ مِنَ الْخَصْمَيْنِ (الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَمَامَ الْقَاضِي (6) .
أَقْسَامُ الْخُصُومَةِ:
4 - تَنْقَسِمُ الْخُصُومَةُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
الأَْوَّل: مَا يَكُونُ الْخَصْمُ فِيهِ مُنْفَرِدًا. وَهُوَ الَّذِي لاَ يَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ آخَرَ مَعَهُ، كَمَنْ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ، فَهُوَ خَصْمٌ فِي حَالَةِ إِنْكَارِهِ.
وَنَظَائِرُ هَذَا فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى) .
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: الْخُصُومَةُ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ طَرَفٍ آخَرَ، كَمَسَائِل الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالإِْجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْغَصْبِ وَنَظَائِرِهَا (7) . وَانْظُرْ تَفْصِيلَهَا فِي مَظَانِّهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ بِهَا فِي الْمَوْسُوعَةِ، وَمُصْطَلَحَيْ: (قَضَاءٌ وَدَعْوَى) .
ضَابِطُ الْخُصُومَةِ:
5 - (8) فِي الْمُدَّعِي: إِذَا ادَّعَى أَحَدٌ شَيْئًا، وَكَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِقْرَارِهِ حُكْمٌ إِذَا أَقَرَّ، يَكُونُ بِإِنْكَارِهِ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى.
ب - فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إِذَا كَانَ لاَ يَصِحُّ إِقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَيْ فِي حَالَةِ إِقْرَارِهِ لاَ يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى إِقْرَارِهِ، فَبِإِنْكَارِهِ لاَ يَكُونُ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى (9) . وَذَلِكَ كَمَا لَوِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ بِدَيْنٍ أَوْ بِحَقٍّ فَأَقَرَّ بِهِ، فَإِنَّ إِقْرَارَهُ لاَ يُقْبَل لِمَا فِيهِ مِنَ الإِْضْرَارِ بِالْحُجُورِ عَلَيْهِ.
وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذَا الضَّابِطِ مَسَائِل تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى) .
__________
(1) لسان العرب، المفردات، معجم متن اللغة، المعجم الوسيط مادة: " خصم " وتكملة فتح القدير 6 / 96، والعناية 6 / 96
(2) المراجع السابقة، ومعين الحكام 22، وتبصرة الحكام 1 / 32، والروضة 11 / 138
(3) النهاية 3 / 193، والتعريفات 191
(4) سورة الأنعام / 108. وانظر المفردات ص 326
(5) الفروق 107
(6) ابن عابدين 4 / 419، قليوبي وعميرة 4 / 334، مجلة الأحكام م 1613
(7) درر الحكام 4 / 199، والفتاوى الهندية 4 / 36
(8)
(9) درر الحكام 4 / 200
الموسوعة الفقهية الكويتية: 126/ 19