الحي
كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...
نماء المال نتيجة البيع، والشراء . ومن أمثلته شراء سلعة بخمسين، وبيعها بستين، فتكون العشرة رِبْحاً . ومن شواهده عَنْ عُرْوَةَ البارقي -رَضِيَ اللهُ عَنْه - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : " أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ، وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ . " البخاري : 3642.
الرِّبْحُ: النَّماءُ والزِّيادَةُ، يُقال: رَبِحَ المالُ، أيْ: نَمَى وزادَ. ويأْتي بِمعنى الفائِدَةِ، يُقال: مالٌ رابِحٌ، أيْ: ذُو فائِدَةٍ. ومِن مَعانِيهِ أيضاً: المَكْسَبُ والمَغْنَمُ والنَّتاجُ.
يَرِد مُصْطلَح (رِبْح) في الفقهِ في مَواطِنَ، منها: كِتاب البُيوعِ، باب: الشَّرِكات، وباب: الرِّبا، وباب: البُيوع الفاسِدَةِ، وباب: الغَصْب. ويُطْلَق في عِلمِ الاِقْتِصادِ، ويُراد بِهِ: الفَرْقُ بين ثَمَنِ البَيْعِ ونَفَقَةِ الإِنْتاجِ.
ربح
نماء المال نتيجة البيع، والشراء.
* العين : (3/217)
* تهذيب اللغة : (5/21)
* مقاييس اللغة : (2/474)
* المحكم والمحيط الأعظم : (3/322)
* مختار الصحاح : (ص 116)
* لسان العرب : (2/442)
* تاج العروس : (6/379)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 173)
* شرح حدود ابن عرفة : (ص 72)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 219)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (22/83) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الرِّبْحُ وَالرَّبَحُ وَالرَّبَاحُ لُغَةً النَّمَاءُ فِي التِّجَارَةِ، وَيُسْنَدُ الْفِعْل إِلَى التِّجَارَةِ مَجَازًا، فَيُقَال: رَبِحَتْ تِجَارَتُهُ، فَهِيَ رَابِحَةٌ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} (1) .
قَال الأَْزْهَرِيُّ: رَبِحَ فِي تِجَارَتِهِ إِذَا أَفْضَل فِيهَا، وَأَرْبَحَ فِيهَا: صَادَفَ سُوقًا ذَاتَ رِبْحٍ، وَأَرْبَحْتُ الرَّجُل إِرْبَاحًا: أَعْطَيْتُهُ رِبْحًا.
وَبِعْتُهُ الْمَتَاعَ وَاشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ مُرَابَحَةً: إِذَا سَمَّيْتُ لِكُل قَدْرٍ مِنَ الثَّمَنِ رِبْحًا (2) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَنْ ذَلِكَ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
النَّمَاءُ:
2 - النَّمَاءُ الزِّيَادَةُ، وَكُل شَيْءٍ عَلَى وَجْهِ الأَْرْضِ إِمَّا نَامٍ أَوْ صَامِتٌ، فَالنَّامِي مِثْل النَّبَاتِ وَالأَْشْجَارِ، وَالصَّامِتُ كَالْحَجَرِ وَالْجَبَل، وَالنَّمَاءُ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ مَجَازٌ، وَفِي الْمَاشِيَةِ حَقِيقَةٌ؛ لأَِنَّهَا تَزِيدُ بِتَوَالُدِهَا (3) . وَالنَّمَاءُ قَدْ يَكُونُ بِطَبِيعَةِ الشَّيْءِ أَوْ بِالْعَمَل. فَالنَّمَاءُ أَعَمُّ مِنَ الرِّبْحِ.
الْغَلَّةُ:
3 - تُطْلَقُ الْغَلَّةُ عَلَى الدَّخْل الَّذِي يَحْصُل مِنْ رَيْعِ الأَْرْضِ أَوْ أُجْرَتِهَا، أَوْ أُجْرَةِ الدَّارِ وَاللَّبَنِ وَالنِّتَاجِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَفِي الْحَدِيثِ: الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ قَال ابْنُ الأَْثِيرِ: هُوَ كَحَدِيثِهِ ﷺ. الآْخَرِ: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ (4) .
وَاسْتِغْلاَل الْمُسْتَغَلاَّتِ، أَخْذُ غَلَّتِهَا، وَأَغَلَّتِ الضَّيْعَةُ أَعْطَتِ الْغَلَّةَ فَهِيَ مُغِلَّةٌ: إِذَا أَتَتْ بِشَيْءٍ وَأَصْلُهَا بَاقٍ (5) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
4 - الرِّبْحُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَشْرُوعًا، أَوْ غَيْرَ مَشْرُوعٍ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ.
فَالرِّبْحُ الْمَشْرُوعُ هُوَ مَا نَتَجَ عَنْ تَصَرُّفٍ مُبَاحٍ كَالْعُقُودِ الْجَائِزَةِ، مِثْل الْبَيْعِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ وَغَيْرِهَا فَالرِّبْحُ النَّاتِجُ عَنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُبَاحَةِ حَلاَلٌ بِالإِْجْمَاعِ مَعَ مُرَاعَاةِ أَنَّ لِكُل عَقْدٍ مِنْ هَذِهِ الْعُقُودِ قَوَاعِدَ وَشَرَائِطَ شَرْعِيَّةً لاَ بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهَا (6) .
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحَاتِ: (بَيْعٌ، شَرِكَةٌ، مُرَابَحَةٌ) .
وَالرِّبْحُ غَيْرُ الْمَشْرُوعِ: هُوَ مَا نَتَجَ عَنْ تَصَرُّفٍ مُحَرَّمٍ كَالرِّبَا وَالْقِمَارِ وَالتِّجَارَةِ بِالْمُحَرَّمَاتِ لِقَوْلِهِ ﷿: {وَأَحَل اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (7) .
وَقَوْلِهِ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَْصْنَامِ (8) (ر: رِبًا، أَشْرِبَةٌ، بَيْعٌ) .
وَأَمَّا الرِّبْحُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ، فَمِنْهُ مَا نَتَجَ عَنِ التَّصَرُّفِ فِيمَا كَانَ تَحْتَ يَدِ الإِْنْسَانِ مِنْ مَال غَيْرِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ يَدَ أَمَانَةٍ كَالْمُودَعِ، أَمْ يَدَ ضَمَانٍ كَالْغَاصِبِ وَخِلاَفِهِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ:
فَالْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لاَ يَطِيبُ لِمَنْ تَصَرَّفَ فِي الْمَغْصُوبِ أَوِ الْوَدِيعَةِ، هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلاَفًا لأَِبِي يُوسُفَ. وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ حَصَل التَّصَرُّفُ فِي ضَمَانِهِ وَمِلْكِهِ. أَمَّا الضَّمَانُ فَظَاهِرٌ؛ لأَِنَّ الْمَغْصُوبَ دَخَل فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ، وَأَمَّا الْمِلْكُ؛ فَلأَِنَّهُ يَمْلِكُهُ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إِذَا ضُمِّنَ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ التَّصَرُّفَ حَصَل فِي مِلْكِهِ وَضَمَانِهِ، لَكِنَّهُ بِسَبَبٍ خَبِيثٍ؛ لأَِنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَمَا هُوَ كَذَلِكَ فَسَبِيلُهُ التَّصَدُّقُ بِهِ، إِذِ الْفَرْعُ يَحْصُل عَلَى وَصْفِ الأَْصْل، وَأَصْلُهُ حَدِيثُ الشَّاةِ حَيْثُ أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِالتَّصَدُّقِ بِلَحْمِهَا عَلَى الأَْسْرَى (9) .
وَأَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْظْهَرِ فَالرِّبْحُ لِمَنْ تَصَرَّفَ فِي الْوَدِيعَةِ وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ؛ لأَِنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ لَضَمِنَهَا، وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: لَوِ اتَّجَرَ الْغَاصِبُ فِي الْمَال الْمَغْصُوبِ فَالرِّبْحُ لَهُ فِي الأَْظْهَرِ، فَإِذَا غَصَبَ دَرَاهِمَ وَاشْتَرَى شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ وَنَقَدَ الدَّرَاهِمَ فِي ثَمَنِهِ وَرَبِحَ رَدَّ مِثْل الدَّرَاهِمِ؛ لأَِنَّهَا مِثْلِيَّةٌ إِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَهُ، وَإِلاَّ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ بِعَيْنِهِ، أَمَّا إِذَا اشْتَرَى بِعَيْنِهِ فَالْجَدِيدُ بُطْلاَنُهُ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: الرِّبْحُ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ أَوْ مَالِكِ الْمَغْصُوبِ (10) .
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِذَا غَصَبَ أَثْمَانًا فَاتَّجَرَ بِهَا أَوْ عُرُوضًا فَبَاعَهَا وَاتَّجَرَ بِثَمَنِهَا فَالرِّبْحُ لِلْمَالِكِ وَالسِّلَعُ الْمُشْتَرَاةُ لَهُ. وَقَال الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ: إِنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِ الْمَال فَالرِّبْحُ لِلْمَالِكِ، قَال الشَّرِيفُ: وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ.
وَإِنِ اشْتَرَاهُ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ نَقَدَ الأَْثْمَانَ فَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ لِلْغَاصِبِ؛ لأَِنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ فِي ذِمَّتِهِ، فَكَانَ الشِّرَاءُ لَهُ، وَالرِّبْحُ لَهُ، وَعَلَيْهِ بَدَل الْمَغْصُوبِ، وَهَذَا قِيَاسُ قَوْل الْخِرَقِيِّ، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ؛ لأَِنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ، فَكَانَ لَهُ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى لَهُ بِعَيْنِ الْمَال، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ حَصَل خُسْرَانٌ فَهُوَ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لأَِنَّهُ نَقْصٌ حَصَل فِي الْمَغْصُوبِ (11) . الرِّبْحُ فِي الْمُضَارَبَةِ:
5 - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ تَحْدِيدَ النِّسْبَةِ فِي قِسْمَةِ الرِّبْحِ مِنْ أَرْكَانِ صِحَّةِ عَقْدِ الْقِرَاضِ (الْمُضَارَبَةِ) وَيَكُونُ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْعَامِل عَلَى مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ مِنَ التَّسَاوِي أَوِ التَّفَاضُل، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْعَامِل نِصْفُ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثُهُ، أَوْ رُبُعُهُ، أَوْ خُمُسُهُ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ، أَيْ يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يَشْرِطَ لِنَفْسِهِ ثُلُثَيِ الرِّبْحِ، أَوْ ثُلُثَهُ، أَوْ رُبُعَهُ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ النِّسَبِ، كَثِيرَةً كَانَتْ أَوْ قَلِيلَةً، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، فَلَوْ قَال الْمَالِكُ لِلْعَامِل: خُذْ هَذَا الْمَال مُضَارَبَةً وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي، أَوْ قَال: كُلُّهُ لَكَ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ رِعَايَةً لِلَّفْظِ؛ لأَِنَّ الْمُضَارَبَةَ تَقْتَضِي كَوْنَ الرِّبْحِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، فَإِذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالرِّبْحِ انْتَفَى مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَفَسَدَ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَكُونُ مُضَارَبَةً صَحِيحَةً فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لأَِنَّهُمَا دَخَلاَ فِي التَّرَاضِي فَإِذَا شَرَطَ لأَِحَدِهِمَا الرِّبْحَ فَكَأَنَّهُ وَهَبَ الآْخَرَ نَصِيبَهُ فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ الْعَقْدِ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا قَال: وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي كَانَ إِبْضَاعًا صَحِيحًا؛ لأَِنَّهُ أَثْبَتَ لَهُ حُكْمَ الإِْبْضَاعِ فَانْصَرَفَ إِلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلٌ آخَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَالإِْبْضَاعُ بَعْثُ الْمَال مَعَ مَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ مُتَبَرِّعًا، وَالْبِضَاعَةُ الْمَال الْمَبْعُوثُ، وَمِنَ الصِّيَغِ الصَّحِيحَةِلِلإِْبْضَاعِ قَوْل الْمَالِكِ لِلْعَامِل: خُذْ هَذَا الْمَال فَاتَّجِرْ بِهِ أَوْ تَصَرَّفْ فِيهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي، وَكَذَا قَوْلُهُ: أَبْضَعْتُكَ هَذَا الْمَال. أَمَّا إِذَا قَال: وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَكَ، فَقَرْضٌ، وَقَدْ جَرَى مِثْل هَذَا الْخِلاَفِ فِيمَا إِذَا قَال: أَبْضَعْتُكَ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لَكَ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ قِرَاضٌ فَاسِدٌ رِعَايَةً لِلْمَعْنَى. وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ إِبْضَاعٌ رِعَايَةً لِلَّفْظِ (12) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (إِبْضَاعٌ، مُضَارَبَةٌ، قَرْضٌ) .
الرِّبْحُ فِي الشَّرِكَةِ:
6 - الرِّبْحُ فِي الشَّرِكَةِ يَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ أَوِ الشُّرَكَاءِ عَلَى مَا يَتَّفِقَانِ أَوْ يَتَّفِقُونَ عَلَيْهِ مِنْ نِصْفٍ، أَوْ ثُلُثٍ، أَوْ رُبُعٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِيهِ مَعَ تَفَاضُلِهِمَا فِي الْمَال وَأَنْ يَتَفَاضَلاَ فِيهِ مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي الْمَال؛ لأَِنَّ الْعَمَل مِمَّا يُسْتَحَقُّ بِهِ الرِّبْحُ، فَجَازَ أَنْ يَتَفَاضَلاَ فِي الرِّبْحِ مَعَ وُجُودِ الْعَمَل مِنْهُمَا؛ لأَِنَّ أَحَدَهُمَا قَدْ يَكُونُ أَبْصَرَ بِالتِّجَارَةِ مِنَ الآْخَرِ وَأَقْوَى عَلَى الْعَمَل، فَجَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ زِيَادَةً فِي الرِّبْحِ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ، كَمَا يَشْتَرِطُ الرِّبْحَ فِي مُقَابَلَةِ عَمَل الْمُضَارِبِ، وَبِهَذَا قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ فَإِنْ تَسَاوَى الْمَالاَنِ فَالرِّبْحُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا بِالتَّسَاوِي، وَإِنْ تَفَاضَل يَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُتَفَاضِلاً، سَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِي الْعَمَل أَوْ تَفَاوَتَا فِيهِ؛ لأَِنَّ الرِّبْحَ هُوَ ثَمَرَةُ الْمَالَيْنِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَدْرِهِمَا، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا مِنَ الرِّبْحِ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ فِي الْمَال (13) .
وَالتَّفَاصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (شَرِكَة) .
زَكَاةُ رِبْحِ التِّجَارَةِ:
7 - يُضَمُّ الرِّبْحُ الْحَاصِل مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْل إِلَى الأَْصْل، وَذَلِكَ لأَِجْل حِسَابِ الزَّكَاةِ. فَلَوِ اشْتَرَى مَثَلاً عَرْضًا فِي شَهْرِ الْمُحَرَّمِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ قَبْل آخِرِ الْحَوْل وَلَوْ بِلَحْظَةٍ ثَلاَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ زَكَّى الْجَمِيعَ آخِرَ الْحَوْل، سَوَاءٌ حَصَل الرِّبْحُ فِي نَفْسِ الْعَرَضِ كَسِمَنِ الْحَيَوَانِ، أَمْ بِارْتِفَاعِ الأَْسْوَاقِ، قِيَاسًا عَلَى النِّتَاجِ مَعَ الأُْمَّهَاتِ؛ وَلأَِنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى حَوْل كُل زِيَادَةٍ مَعَ اضْطِرَابِ الأَْسْوَاقِ مِمَّا يَشُقُّ؛ وَلأَِنَّهُ نَمَاءٌ جَارٍ فِي الْحَوْل تَابِعٌ لأَِصْلِهِ فِي الْمِلْكِ فَكَانَ مَضْمُومًا إِلَيْهِ فِي الْحَوْل، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي قَوْلٍ هُوَ خِلاَفُ الأَْظْهَرِ وَالْحَنَابِلَةِ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَضُمُّ الرِّبْحَ إِلَى الأَْصْل مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نُضُوضٌ فَإِنْ كَانَ فَلاَ يَضُمُّ بَل يُزَكِّي الأَْصْل لِحَوْلِهِ وَيَسْتَأْنِفُ لِلرِّبْحِ حَوْلاً.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: إِنَّهُ يَبْنِي حَوْل كُل مُسْتَفَادٍ عَلَى حَوْل جِنْسِهِ نَمَاءً كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (14) .
وَالتَّفَاصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (زَكَاةُ عُرُوضِ التِّجَارَةِ) .
__________
(1) سورة البقرة / 16.
(2) لسان العرب المصباح المنير مادة: (ربح) .
(3) الفروق ص 95، ولسان العرب.
(4) حديث: " الغلة بالضمان " وفي رواية: " الخراج بالضمان " أخرجه أحمد (6 / 80 - ط الميمنية) ، واللفظ الثاني أخرجه أبو داود (3 / 780 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وصححه ابن القطان كما في التلخيص الحبير (3 / 22 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(5) القاموس والمصباح والمغرب ص 343، والمفردات ص 269
(6) أحكام القرآن لابن العربي 1 / 240 - 245
(7) سورة البقرة / 275.
(8) حديث: " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 424 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1207 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.
(9) حديث الشاة: " عن رجل من الأنصار " لما رجع رسول الله (من جنازة استقبله داعي امرأة، فجاء وجيء بالطعام فوضع يده، ثم وضع القوم فأكلوا، فنظر آباؤنا رسول الله ﷺ يلوك لقمة في فمه ثم قال: " أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها " فأرسلت المرأة قالت: يا ر
(10) فتح القدير لابن الهمام 7 / 373، وكفاية الطالب شرح الرسالة 2 / 222، ومغني المحتاج 2 / 291، والقليوبي وعميرة 3 / 38، ومطالب أولي النهى 4 / 62 - 64، وجواهر الإكليل 2 / 117 - 220، والقوانين الفقهية لابن جزي ص 328
(11) المغني 5 / 275.
(12) المغني لابن قدامة 5 / 30، ومغني المحتاج 2 / 312، وحاشية ابن عابدين 4 / 483، وروضة الطالبين 5 / 122، وجواهر الإكليل 2 / 173.
(13) حاشية العدوي 2 / 188، والقوانين الفقهية ص 288، ومغني المحتاج 2 / 214
(14) المغني لابن قدامة 3 / 37، ومغني المحتاج 1 / 398، 2 / 269، وروض الطالب 1 / 383، وحاشية العدوي 1 / 426.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 83/ 22