المهيمن
كلمة (المهيمن) في اللغة اسم فاعل، واختلف في الفعل الذي اشتقَّ...
ما يضعه المصلي أمامه بقدر مؤخرة رحل البعير لمنع غيره من المرور بين يديه . ومن أمثلته استحباب صلاة المرء إلى جدار قريب من موضع سجوده، أو وضعه عصا، ونحوها قريباً من موضع سجوده . ومن شواهده عن عَوْن بْن أَبِي جُحَيْفَةَ، أَنَّ أَبَاهُ قال : رَأَيْتُ بِلَالًا أَخْرَجَ عَنَزَةً، فَرَكَزَهَا "وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مُشَمِّرًا، فَصَلَّى إِلَى الْعَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ، وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيِ الْعَنَزَةِ ."مسلم :503. والعَنَزَة عصا شبه العُكَّازَة .
يَرِد مُصْطلَح (سُتْرَة المُصَلِّي) في كِتابِ الصَّلاةِ، باب: مُفْسِدات الصَّلاةِ.
ما يضعه المصلي أمامه، لمنع غيره من المرور بين يديه.
* حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح : (ص 200)
* جواهر الإكليل : (1/50)
* مغني الـمحتاج فـي شرح الـمنهاج : (1/200)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (1/382)
* التعريفات الفقهية : (ص 111)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 241)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (2/243)
* مواهب الجليل في شرح مختصر خليل : (1/524)
* مغني الـمحتاج فـي شرح الـمنهاج : (1/200)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (1/383) -
التَّعْرِيفُ:
1 - السُّتْرَةُ بِالضَّمِّ مَأْخُوذَةٌ مِنَ السَّتْرِ، وَهِيَ فِي اللُّغَةِ مَا اسْتَتَرْتَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ كَائِنًا مَا كَانَ، وَكَذَا السِّتَارُ وَالسِّتَارَةُ، وَالْجَمْعُ: السَّتَائِرُ وَالسُّتُرُ، وَيُقَال: سَتَرَهُ سَتْرًا وَسِتْرًا: أَخْفَاهُ (1) . وَسُتْرَةُ الْمُصَلِّي فِي الاِصْطِلاَحِ: هِيَ مَا يُغْرَزُ أَوْ يُنْصَبُ أَمَامَ الْمُصَلِّي مِنْ عَصَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (2) ، أَوْ مَا يَجْعَلُهُ الْمُصَلِّي أَمَامَهُ لِمَنْعِ الْمَارِّينَ بَيْنَ يَدَيْهِ (3) .
وَعَرَّفَهَا الْبُهُوتِيُّ: بِأَنَّهَا مَا يُسْتَتَرُ بِهِ مِنْ جِدَارٍ أَوْ شَيْءٍ شَاخِصٍ. . . أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ يُصَلَّى إِلَيْهِ (4) . وَجَمِيعُ هَذِهِ التَّعْرِيفَاتِ مُتَقَارِبَةٌ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
2 - يُسَنُّ لِلْمُصَلِّي إِذَا كَانَ فَذًّا (مُنْفَرِدًا) أَوْ إِمَامًا أَنْ يَتَّخِذَ أَمَامُهُ سُتْرَةً تَمْنَعُ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَتُمَكِّنُهُ مِنَ الْخُشُوعِ فِي أَفْعَال الصَّلاَةِ، وَذَلِكَ لِمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَل إِلَى سُتْرَةٍ، وَلْيَدْنُ مِنْهَا، وَلاَ يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ. (5)
وَلِقَوْلِهِ ﷺ: لِيَسْتَتِرْ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ وَلَوْ بِسَهْمٍ (6) ، وَهَذَا يَشْمَل السَّفَرَ وَالْحَضَرَ، كَمَا يَشْمَل الْفَرْضَ وَالنَّفْل.
وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا كَفُّ بَصَرِ الْمُصَلِّي عَمَّا وَرَاءَهَا، وَجَمْعُ الْخَاطِرِ بِرَبْطِ خَيَالِهِ كَيْ لاَ يَنْتَشِرَ، وَمَنْعُ الْمَارِّ كَيْ لاَ يَرْتَكِبَ الإِْثْمَ بِالْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ. (7)
وَالأَْمْرُ فِي الْحَدِيثِ لِلاِسْتِحْبَابِ لاَ لِلْوُجُوبِ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ (8) : صَرَّحَ فِي الْمُنْيَةِ بِكَرَاهَةِ تَرْكِهَا، وَهِيَ تَنْزِيهِيَّةٌ، وَالصَّارِفُ لِلأَْمْرِ عَنْ حَقِيقَتِهِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ الْفَضْل بْنِ الْعَبَّاسِ ﵄: قَال أَتَانَا رَسُول اللَّهِ ﷺ وَنَحْنُ فِي بَادِيَةٍ لَنَا فَصَلَّى فِي صَحْرَاءَ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ. (9)
وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ الْحَنَابِلَةُ قَال الْبُهُوتِيُّ (10) : وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى فِي فَضَاءٍ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ (11) هَذَا، وَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي الْمَشْهُورِ، لِلإِْمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ إِذَا ظَنَّ مُرُورًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَإِلاَّ فَلاَ تُسَنُّ السُّتْرَةُ لَهُمَا (12) . وَنُقِل عَنْ مَالِكٍ الأَْمْرُ بِهَا مُطْلَقًا، وَبِهِ قَال ابْنُ حَبِيبٍ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (13) .
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَأَطْلَقُوا الْقَوْل بِأَنَّهَا سُنَّةٌ، وَلَمْ يَذْكُرُوا قَيْدًا (14) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: تُسَنُّ السُّتْرَةُ لِلإِْمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ وَلَوْ لَمْ يَخْشَ مَارًّا (15) . أَمَّا الْمَأْمُومُ فَلاَ يُسْتَحَبُّ لَهُ اتِّخَاذُ السُّتْرَةِ اتِّفَاقًا؛ لأَِنَّ سُتْرَةَ الإِْمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ، أَوْ لأَِنَّ الإِْمَامَ سُتْرَةٌ لَهُ، عَلَى اخْتِلاَفٍ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ (16) . وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ.
مَا يُجْعَل سُتْرَةً:
3 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَسْتَتِرَ الْمُصَلِّي بِكُل مَا انْتَصَبَ مِنَ الأَْشْيَاءِ كَالْجِدَارِ وَالشَّجَرِ وَالأُْسْطُوَانَةِ وَالْعَمُودِ، أَوْ بِمَا غُرِزَ كَالْعَصَا وَالرُّمْحِ وَالسَّهْمِ وَمَا شَاكَلَهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا غَيْرَ شَاغِلٍ لِلْمُصَلِّي عَنِ الْخُشُوعِ (17) .
وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ الاِسْتِتَارَ بِحَجَرٍ وَاحِدٍ وَقَالُوا: يُكْرَهُ بِهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ لِشَبَهِهِ بِعِبَادَةِ الصَّنَمِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ جَازَ، كَمَا يَجُوزُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ (18) .
أَمَّا الاِسْتِتَارُ بِالآْدَمِيِّ أَوِ الدَّابَّةِ أَوِ الْخَطِّ أَوْ نَحْوِهَا فَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ، وَبَيَانُهُ فِيمَا يَلِي:
أ - الاِسْتِتَارُ بِالآْدَمِيِّ:
4 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى صِحَّةِ الاِسْتِتَارِ بِالآْدَمِيِّ فِي الصَّلاَةِ (19) ، وَذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي التَّفَاصِيل.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: يَصِحُّ أَنْ يَسْتَتِرَ بِظَهْرِ كُل رَجُلٍ قَائِمٍ أَوْ قَاعِدٍ، لاَ بِوَجْهِهِ، وَلاَ بِنَائِمٍ، وَمَنَعُوا الاِسْتِتَارَ بِالْمَرْأَةِ غَيْرِ الْمَحْرَمِ.
أَمَّا ظَهْرُ الْمَرْأَةِ الْمَحْرَمِ فَاخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي جَوَازِ الاِسْتِتَارِ بِهِ، كَمَا ذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ فِيهِ قَوْلَيْنِ أَرْجَحُهُمَا عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ الْجَوَازُ (20) .
وَالأَْوْجَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ عَدَمُ الاِكْتِفَاءِ بِالسُّتْرَةِ بِالآْدَمِيِّ، وَلِهَذَا قَرَّرُوا أَنَّ بَعْضَ الصُّفُوفِ - لاَ يَكُونُ سُتْرَةً لِبَعْضٍ آخَرَ (21) .
وَفَصَّل بَعْضُهُمْ فَقَالُوا: لَوْ كَانَتِ السُّتْرَةُ آدَمِيًّا أَوْ بَهِيمَةً وَلَمْ يَحْصُل بِسَبَبِ ذَلِكَ اشْتِغَالٌ يُنَافِي خُشُوعَهُ فَقِيل يَكْفِي، وَإِنْ حَصَل لَهُ الاِشْتِغَال لاَ يُعْتَدُّ بِتِلْكَ السُّتْرَةِ (22) .
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ أَطْلَقُوا جَوَازَ الاِسْتِتَارِ بِآدَمِيٍّ غَيْرِ كَافِرٍ (23) .
وَأَمَّا الصَّلاَةُ إِلَى وَجْهِ الإِْنْسَانِ فَتُكْرَهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ، لِمَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي وَسَطَ السَّرِيرِ وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، تَكُونُ لِيَ الْحَاجَةُ فَأَكْرَهُ أَنْ أَقُومَ فَأَسْتَقْبِلَهُ، فَأَنْسَل انْسِلاَلاً. (24) وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ ﵁ أَدَّبَ عَلَى ذَلِكَ (25) .
ب - الاِسْتِتَارُ بِالدَّابَّةِ:
5 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ الاِسْتِتَارِ بِالدَّابَّةِ مُطْلَقًا (26) ، قَال الْمَقْدِسِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَلَى الْمُقْنِعِ (27) : لاَ بَأْسَ أَنْ يَسْتَتِرَ بِبَعِيرٍ أَوْ حَيَوَانٍ، فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى إِلَى بَعِيرٍ. (28)
وَمَنَعَ الْمَالِكِيَّةُ الاِسْتِتَارَ بِالدَّابَّةِ، إِمَّا لِنَجَاسَةِ فَضْلَتِهَا كَالْبَغْل وَالْحِمَارِ وَنَحْوِهِمَا، وَإِمَّا لِعَدَمِ ثَبَاتِهَا كَالشَّاةِ، وَإِمَّا لِكِلْتَا الْعِلَّتَيْنِ كَالْفَرَسِ. وَقَالُوا: إِنْ كَانَتْ فَضْلَتُهَا طَاهِرَةً وَرُبِطَتْ جَازَ الاِسْتِتَارُ بِهَا (29) .
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَالأَْوْجَهُ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الاِسْتِتَارُ بِالدَّابَّةِ كَمَا لاَ يَجُوزُ بِالإِْنْسَانِ. وَلأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ أَنْ يَشْتَغِل بِهِ فَيَتَغَافَل عَنْ صَلاَتِهِ (30) .
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَهُمْ: يَجُوزُ الاِسْتِتَارُ بِالْبَهِيمَةِ. قَال مُحَمَّدٌ الرَّمْلِيُّ: أَمَّا الدَّابَّةُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَفْعَلُهُ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغِ الشَّافِعِيَّ، وَيَتَعَيَّنُ الْعَمَل بِهِ، وَحَمَل بَعْضُهُمُ الْمَنْعَ عَلَى غَيْرِ الْبَعِيرِ (31) .
ج - التَّسَتُّرُ بِالْخَطِّ:
6 - إِنْ لَمْ يَجِدِ الْمُصَلِّي مَا يَنْصِبُهُ أَمَامَهُ فَلْيَخُطَّ خَطًّا، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: (الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ) لِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَل تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا، ثُمَّ لاَ يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ. (32) وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ جَمْعُ الْخَاطِرِ بِرَبْطِ الْخَيَال كَيْ لاَ يَنْتَشِرَ، وَهُوَ يَحْصُل بِالْخَطِّ.
وَرَجَّحَ الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ صِحَّةَ التَّسَتُّرِ بِالْخَطِّ وَقَال: لأَِنَّ السُّنَّةَ أَوْلَى بِالاِتِّبَاعِ (33) .
وَقَاسَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْخَطِّ الْمُصَلَّى، كَسَجَّادَةٍ مَفْرُوشَةٍ، قَال الطَّحْطَاوِيُّ: وَهُوَ قِيَاسٌ أَوْلَى؛ لأَِنَّ الْمُصَلَّى أَبْلَغُ فِي دَفْعِ الْمَارِّ مِنَ الْخَطِّ (34) . وَلِهَذَا قَدَّمَ الشَّافِعِيَّةُ الْمُصَلَّى عَلَى الْخَطِّ وَقَالُوا: قُدِّمَ عَلَى الْخَطِّ لأَِنَّهُ أَظْهَرُ فِي الْمُرَادِ (35) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يَصِحُّ التَّسَتُّرُ بِخَطٍّ يَخُطُّهُ فِي الأَْرْضِ، وَهَذَا قَوْل مُتَقَدِّمِي الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَحْصُل بِهِ الْمَقْصُودُ، إِذْ لاَ يَظْهَرُ مِنْ بَعِيدٍ (36) .
التَّرْتِيبُ فِيمَا يُجْعَل سُتْرَةً:
7 - ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ لاِتِّخَاذِ السُّتْرَةِ أَرْبَعَ مَرَاتِبَ وَقَالُوا: لَوْ عَدَل إِلَى مَرْتَبَةٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَا قَبْلَهَا لَمْ تَحْصُل سُنَّةُ الاِسْتِتَارِ. فَيُسَنُّ عِنْدَهُمْ أَوَّلاً التَّسَتُّرُ بِجِدَارٍ أَوْ سَارِيَةٍ، ثُمَّ إِذَا عَجَزَ عَنْهَا فَإِلَى نَحْوِ عَصًا مَغْرُوزَةٍ، وَعِنْدَ عَجْزِهِ عَنْهَا يَبْسُطُ مُصَلَّى كَسَجَّادَةٍ، وَإِذَا عَجَزَ عَنْهَا يَخُطُّ قُبَالَتَهُ خَطًّا طُولاً، وَذَلِكَ أَخْذًا بِنَصِّ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَل تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا، ثُمَّ لاَ يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ (37) وَقَالُوا: الْمُرَادُ بِالْعَجْزِ عَدَمُ السُّهُولَةِ (38) .
وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلاَمِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِالْمَرَاتِبِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الْمَفْهُومُ مِنْ كَلاَمِهِمْ أَنَّهُ عِنْدَ إِمْكَانِ الْغَرْزِ لاَ يَكْفِي الْوَضْعُ، وَعِنْدَ إِمْكَانِ الْوَضْعِ لاَ يَكْفِي الْخَطُّ (39) .
وَعِبَارَةُ الْحَنَابِلَةِ تُفِيدُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَاخِصًا وَتَعَذَّرَ غَرْزُ عَصًا وَنَحْوِهَا، وَضَعَهَا بِالأَْرْضِ، وَيَكْفِي خَيْطٌ وَنَحْوُهُ. . فَإِنْ لَمْ يَجِدْ خَطَّ خَطًّا.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ لاَ يُجِيزُونَ الْخَطَّ (40) . مِقْدَارُ السُّتْرَةِ وَصِفَتُهَا:
8 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا صَلَّى فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ فِيمَا يُخْشَى الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَغْرِزَ سُتْرَةً بِطُول ذِرَاعٍ فَصَاعِدًا. قَال الْحَنَفِيَّةُ: فِي الاِعْتِدَادِ بِأَقَل مِنَ الذِّرَاعِ خِلاَفٌ (41) . وَالْمُرَادُ بِالذِّرَاعِ ذِرَاعُ الْيَدِ، وَهُوَ شِبْرَانِ (42) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: طُول السُّتْرَةِ يَكُونُ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ تَقْرِيبًا (43) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ كَانَ فِي فَضَاءٍ صَلَّى إِلَى سُتْرَةٍ بَيْنَ يَدَيْهِ مُرْتَفِعَةً قَدْرَ ذِرَاعٍ فَأَقَل (44) .
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ حَدِيثُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ﵁ مَرْفُوعًا: إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْل مُؤَخَّرَةِ الرَّحْل فَلْيُصَل وَلاَ يُبَال مَنْ مَرَّ وَرَاءَ ذَلِكَ. (45)
وَمُؤَخِّرَةُ الرَّحْل هِيَ الْعُودُ الَّذِي فِي آخِرِ الرَّحْل يُحَاذِي رَأْسَ الرَّاكِبِ عَلَى الْبَعِيرِ. قَال الْحَنَفِيَّةُ: فُسِّرَتْ بِأَنَّهَا ذِرَاعٌ فَمَا فَوْقَهُ (46) . وَقَال الْحَنَابِلَةُ: تَخْتَلِفُ، فَتَارَةً تَكُونُ ذِرَاعًا وَتَارَةً تَكُونُ دُونَهُ (47) .
وَأَمَّا قَدْرُهَا فِي الْغِلَظِ فَلَمْ يُحَدِّدْهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، فَقَدْ تَكُونُ غَلِيظَةً كَالْحَائِطِ وَالْبَعِيرِ، أَوْ رَقِيقَةً كَالسَّهْمِ، لأَِنَّهُ ﷺ صَلَّى إِلَى حَرْبَةٍ وَإِلَى بَعِيرٍ (48) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ صَرَّحُوا فِي أَكْثَرِ الْمُتُونِ بِأَنْ تَكُونَ السُّتْرَةُ بِغِلَظِ الأُْصْبُعِ، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ لأَِنَّ مَا دُونَهُ رُبَّمَا لاَ يَظْهَرُ لِلنَّاظِرِ فَلاَ يَحْصُل الْمَقْصُودُ مِنْهَا (49) . لَكِنْ قَال ابْنُ عَابِدِينَ: جَعَل فِي الْبَدَائِعِ بَيَانَ الْغِلَظِ قَوْلاً ضَعِيفًا، وَأَنَّهُ لاَ اعْتِبَارَ بِالْعُرْضِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ (50) . وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَرَدَ أَنَّهُ ﷺ قَال: يُجْزِئُ مِنَ السُّتْرَةِ قَدْرُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْل وَلَوْ بِدِقَّةِ شَعْرَةٍ. (51)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَكُونُ غِلَظُهَا غِلَظَ رُمْحٍ عَلَى الأَْقَل، فَلاَ يَكْفِي أَدَقُّ مِنْهُ، وَنُقِل عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ قَال: لاَ بَأْسَ أَنْ تَكُونَ السُّتْرَةُ دُونَ مُؤَخَّرَةِ الرَّحْل فِي الطُّول وَدُونَ الرُّمْحِ فِي الْغِلَظِ (52) .
كَيْفِيَّةُ نَصْبِ أَوْ وَضْعِ السُّتْرَةِ:
9 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي السُّتْرَةِ أَنْ تُنْصَبَ أَوْ تُغْرَزَ أَمَامَ الْمُصَلِّي، وَتُجْعَل عَلَى جِهَةِ أَحَدِ حَاجِبَيْهِ، وَهَذَا إِذَا كَانَ غَرْزُهَا مُمْكِنًا، وَإِلاَّ بِأَنْ كَانَتِ الأَْرْضُ صُلْبَةً مَثَلاً، فَهَل يَكْفِي وَضْعُ السُّتْرَةِ أَمَامَ الْمُصَلِّي طُولاً أَوْ عَرْضًا؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُلْقِي مَا مَعَهُ مِنْ عَصًا أَوْ غَيْرِهَا طُولاً، كَأَنَّهُ غَرَزَ ثُمَّ سَقَطَ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لاَ يُجْزِئُ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَنْصِبُهُ فَلْيَخُطَّ خَطًّا بِالْعُرْضِ مِثْل الْهِلاَل، أَوْ يَجْعَلُهُ طُولاً بِمَنْزِلَةِ الْخَشَبَةِ الْمَغْرُوزَةِ أَمَامَهُ (53) . فَيَصِيرُ شِبْهَ ظِل الْعَصَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ (54) .
وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، يَقُول الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: إِذَا عَجَزَ عَنْ غَيْرِهِ فَلْيَخُطَّ أَمَامَهُ خَطًّا طُولاً (55) . وَفِي حَاشِيَةِ الْجَمَل: هَذَا هُوَ الأَْكْمَل وَيَحْصُل أَصْل السُّنَّةِ بِجَعْلِهِ عَرْضًا (56) . وَعِبَارَةُ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ تَعَذَّرَ غَرْزُ عَصًا وَنَحْوِهَا يَكْفِي وَضْعُهَا بِالأَْرْضِ. . وَوَضْعُهَا عَرْضًا أَعْجَبُ إِلَى أَحْمَدَ مِنَ الطُّول. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ خَطَّ خَطًّا كَالْهِلاَل لاَ طُولاً. لَكِنْ نَقَل الْبُهُوتِيُّ عَنِ الشَّرْحِ: وَكَيْفَمَا خَطَّ أَجْزَأَهُ (57) .
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَاشْتَرَطُوا أَنْ تَكُونَ السُّتْرَةُ ثَابِتَةً وَلاَ يُجِيزُونَ الْخَطَّ أَصْلاً (58) .
مَوْقِفُ الْمُصَلِّي مِنَ السُّتْرَةِ:
10 - يُسَنُّ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى سُتْرَةٍ أَنْ يَقْرَبَ مِنْهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَذْرُعٍ مِنْ قَدَمَيْهِ وَلاَ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ. لِحَدِيثِ سَهْل بْنِ أَبِي حَثْمَةَ مَرْفُوعًا: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا، لاَ يَقْطَعُ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلاَتَهُ. (59)
وَعَنْ سَهْل بْنِ سَعْدٍ قَال: كَانَ بَيْنَ مُصَلَّى رَسُول اللَّهِ ﷺ وَبَيْنَ الْجِدَارِ مَمَرُّ الشَّاةِ. (60) وَوَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ ثَلاَثَةُ أَذْرُعٍ. (61) وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (62) .،
وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ لأَِنَّ الْفَاصِل بَيْنَ الْمُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ يَكُونُ بِمِقْدَارِ مَا يَحْتَاجُهُ لِقِيَامِهِ وَرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ؛ لأَِنَّ الأَْرْجَحَ عِنْدَهُمْ أَنَّ حَرِيمَ الْمُصَلِّي هُوَ هَذَا الْمِقْدَارُ، سَوَاءٌ أَصَلَّى إِلَى سُتْرَةٍ أَمْ لاَ. (63)
وَيُسَنُّ انْحِرَافُ الْمُصَلِّي عَنِ السُّتْرَةِ يَسِيرًا، بِأَنْ يَجْعَلَهَا عَلَى جِهَةِ أَحَدِ حَاجِبَيْهِ، وَلاَ يَصْمُدُ إِلَيْهَا صَمْدًا أَيْ لاَ يُقَابِلُهَا مُسْتَوِيًا مُسْتَقِيمًا، لِمَا رُوِيَ عَنِ الْمِقْدَادِ ﵁ أَنَّهُ قَال: مَا رَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي إِلَى عُودٍ وَلاَ عَمُودٍ وَلاَ شَجَرَةٍ إِلاَّ جَعَلَهُ عَلَى حَاجِبَيْهِ الأَْيْمَنِ أَوِ الأَْيْسَرِ، وَلاَ يَصْمُدُ لَهُ صَمْدًا (64) . وَهَذَا إِذَا كَانَتِ السُّتْرَةُ نَحْوَ عَصًا مَنْصُوبَةٍ أَوْ حَجَرٍ بِخِلاَفِ الْجِدَارِ الْعَرِيضِ وَنَحْوِهِ، وَبِخِلاَفِ الصَّلاَةِ عَلَى السَّجَّادَةِ؛ لأَِنَّ الصَّلاَةَ تَكُونُ عَلَيْهَا لاَ إِلَيْهَا (65) .
سُتْرَةُ الإِْمَامِ سُتْرَةٌ لِلْمَأْمُومِينَ:
11 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ سُتْرَةَ الإِْمَامِ تَكْفِي الْمَأْمُومِينَ سَوَاءٌ أَصَلَّوْا خَلْفَهُ أَمْ بِجَانِبَيْهِ. فَلاَ يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَتَّخِذَ سُتْرَةً (66) . وَذَلِكَ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى بِالأَْبْطُحِ إِلَى عَنَزَةٍ رُكِزَتْ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْقَوْمِ سُتْرَةٌ. (67)
وَاخْتَلَفُوا: هَل سُتْرَةُ الإِْمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ، أَوْ هِيَ سُتْرَةٌ لَهُ خَاصَّةً وَهُوَ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ، فَفِي أَكْثَرِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّ سُتْرَةَ الإِْمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ. وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ الْخِلاَفَ فِي ذَلِكَ (68) . قَال بَعْضُهُمْ: الْخِلاَفُ لَفْظِيٌّ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وَقَال آخَرُونَ: الْخِلاَفُ حَقِيقِيٌّ وَلَهُ ثَمَرَةٌ، فَإِنْ قُلْنَا: الإِْمَامُ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ كَمَا نُقِل عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ يُمْتَنَعُ الْمُرُورُ بَيْنَ الإِْمَامِ وَبَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ كَمَا يُمْنَعُ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ؛ لأَِنَّهُ مُرُورٌ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ فِيهِمَا، وَيَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ وَالصَّفِّ الَّذِي بَعْدَهُ لأَِنَّهُ قَدْ حَال بَيْنَهُمَا حَائِلٌ وَهُوَ الصَّفُّ الأَْوَّل، وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ سُتْرَةَ الإِْمَامِ سُتْرَةٌ لَهُمْ كَمَا يَقُول عَبْدُ الْوَهَّابِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرُهُ فَيَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ الصَّفِّ الأَْوَّل وَالإِْمَامِ لِوُجُودِ الْحَائِل وَهُوَ الإِْمَامُ. قَال الدُّسُوقِيُّ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْخِلاَفَ حَقِيقِيٌّ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْل مَالِكٍ (69) .
الْمُرُورُ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ:
12 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمُرُورَ وَرَاءَ السُّتْرَةِ لاَ يَضُرُّ، وَأَنَّ الْمُرُورَ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَيَأْثَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، لِقَوْلِهِ ﷺ: لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ مِنَ الإِْثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ. (70)
وَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّ الْمَارَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي آثِمٌ وَلَوْ لَمْ يُصَل إِلَى سُتْرَةٍ (71) . وَذَلِكَ إِذَا مَرَّ قَرِيبًا مِنْهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْقُرْبِ. قَال بَعْضُهُمْ: ثَلاَثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَل (72) . أَوْ مَا يَحْتَاجُ لَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ (73) . وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ تَحْدِيدُ ذَلِكَ بِمَا إِذَا مَشَى إِلَيْهِ، وَدَفْعُ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ لاَ تُبْطِل صَلاَتَهِ (74) . وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْمُرُورُ مِنْ مَوْضِعِ قَدَمِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ قَدْرُ مَا يَقَعُ بَصَرُهُ عَلَى الْمَارِّ لَوْ صَلَّى بِخُشُوعٍ، أَيْ رَامِيًا بِبَصَرِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ (75) .
وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ الإِْثْمَ بِمَا إِذَا مَرَّ فِي حَرِيمِ الْمُصَلِّي مَنْ كَانَتْ لَهُ مَنْدُوحَةٌ أَيْ سَعَةُ الْمُرُورِ بَعِيدًا عَنْ حَرِيمِ الْمُصَلِّي، وَإِلاَّ فَلاَ إِثْمَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ يُصَلِّي بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ مَنْ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَقَالُوا: يَأْثَمُ مُصَلٍّ تَعَرَّضَ بِصَلاَتِهِ مِنْ غَيْرِ سُتْرَةٍ فِي مَحَلٍّ يَظُنُّ بِهِ الْمُرُورَ، وَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَحَدٌ (76) .
وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ هُنَا صُوَرًا أَرْبَعًا:
الأُْولَى: أَنْ يَكُونَ لِلْمَارِّ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْمُرُورِ بَيْنِ يَدَيِ الْمُصَلِّي وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُصَلِّي لِذَلِكَ فَيَخْتَصُّ الْمَارُّ بِالإِْثْمِ إِنْ مَرَّ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمُصَلِّي تَعَرَّضَ لِلْمُرُورِ وَالْمَارُّ لَيْسَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْمُرُورِ، فَيَخْتَصُّ الْمُصَلِّي بِالإِْثْمِ دُونَ الْمَارِّ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَتَعَرَّضَ الْمُصَلِّي لِلْمُرُورِ وَيَكُونَ لِلْمَارِّ مَنْدُوحَةٌ، فَيَأْثَمَانِ مَعًا، أَمَّا الْمُصَلِّي فَلِتَعَرُّضِهِ، وَأَمَّا الْمَارُّ فَلِمُرُورِهِ مَعَ إِمْكَانِ أَنْ لاَ يَفْعَل.
الرَّابِعَةُ: أَنْ لاَ يَتَعَرَّضَ الْمُصَلِّي وَلاَ يَكُونَ لِلْمَارِّ مَنْدُوحَةٌ، فَلاَ يَأْثَمُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (77) .
وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ (78) .
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَدْ صَرَّحُوا بِحُرْمَةِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّى إِلَى سُتْرَةٍ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَارُّ سَبِيلاً آخَرَ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَتَعَدَّ الْمُصَلِّي بِصَلاَتِهِ فِي الْمَكَانِ، وَإِلاَّ كَأَنْ وَقَفَ بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ أَوِ اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ فِي مَكَانٍ مَغْصُوبٍ فَلاَ حُرْمَةَ وَلاَ كَرَاهَةَ. وَلَوْ صَلَّى بِلاَ سُتْرَةٍ، أَوْ تَبَاعَدَ عَنْهَا، أَوْ لَمْ تَكُنِ السُّتْرَةُ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلاَ يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ الْمَارِّ لِتَعَدِّيهِ بِصَلاَتِهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ (79) .
هَذَا وَاسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ مِنَ الإِْثْمِ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي لِلطَّائِفِ أَوْ لِسَدِّ فُرْجَةٍ فِي صَفٍّ أَوْ لِغُسْل رُعَافٍ أَوْ مَا شَاكَل ذَلِكَ (80) .
أَثَرُ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي فِي قَطْعِ الصَّلاَةِ:
13 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ مُرُورَ شَيْءٍ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ لاَ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ وَلاَ يُفْسِدُهَا، أَيًّا كَانَ، وَلَوْ كَانَ بِالصِّفَةِ الَّتِي تُوجِبُ الإِْثْمَ عَلَى الْمَارِّ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ ﷺ: لاَ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ شَيْءٌ وَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ (81)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ مِثْل ذَلِكَ، إِلاَّ أَنَّهُمُ اسْتَثْنَوُا الْكَلْبَ الأَْسْوَدَ الْبَهِيمَ فَرَأَوْا أَنَّهُ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ (82) . دَفْعُ الْمَارِّ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ:
14 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَدْفَعَ الْمَارَّ مِنْ إِنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةٍ إِذَا مَرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، لِمَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ أَحَادِيثَ مِنْهَا. مَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ. (83) قَال الصَّنْعَانِيُّ: أَيْ فِعْلُهُ فِعْل الشَّيْطَانِ فِي إِرَادَةِ التَّشْوِيشِ عَلَى الْمُصَلِّي، وَقِيل: الْمُرَادُ بِأَنَّ الْحَامِل لَهُ عَلَى ذَلِكَ شَيْطَانٌ، وَيَدُل عَلَى ذَلِكَ مَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ أَيْ شَيْطَانٌ، وَالْحَدِيثُ دَالٌّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُصَلِّي سُتْرَةٌ فَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ. اهـ. (84) وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (85) .
15 - وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الدَّفْعَ لَيْسَ وَاجِبًا، وَكَأَنَّ الصَّارِفَ لِلْحَدِيثِ عَنِ الْوُجُوبِ شِدَّةُ مُنَافَاتِهِ مَقْصُودَ الصَّلاَةِ مِنَ الْخُشُوعِ وَالتَّدَبُّرِ، وَأَيْضًا لِلاِخْتِلاَفِ فِي تَحْرِيمِ الْمُرُورِ كَمَا وَجَّهَهُ الشِّرْبِينِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ (86) . وَمِثْلُهُ مَا فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ (87) .
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي أَفْضَلِيَّةِ الدَّفْعِ، فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: رُخِّصَ لِلْمُصَلِّي الدَّفْعُ، وَالأَْوْلَى تَرْكُ الدَّفْعِ لأَِنَّ مَبْنَى الصَّلاَةِ عَلَى السُّكُونِ وَالْخُشُوعِ، وَالأَْمْرُ بِالدَّرْءِ لِبَيَانِ الرُّخْصَةِ، كَالأَْمْرِ بِقَتْل الأَْسْوَدَيْنِ (الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ) فِي الصَّلاَةِ (88) .
وَقَرِيبٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا: لِلْمُصَلِّي دَفْعُ ذَلِكَ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ دَفْعًا خَفِيفًا لاَ يَشْغَلُهُ (89) .
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا: يُسَنُّ ذَلِكَ لِلْمُصَلِّي إِذَا صَلَّى إِلَى سُتْرَةٍ مِنْ جِدَارٍ أَوْ سَارِيَةٍ أَوْ عَصًا أَوْ نَحْوِهَا، لِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁ الْمُتَقَدِّمِ نَصُّهُ (90) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَرُدَّ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ وَبَهِيمَةٍ (91) ، لِمَا وَرَدَ أَنَّهُ ﷺ رَدَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ وَزَيْنَبَ وَهُمَا صَغِيرَانِ. (92) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُصَلِّي فَمَرَّتْ شَاةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَسَاعَاهَا إِلَى الْقِبْلَةِ حَتَّى أَلْزَقَ بَطْنَهُ بِالْقِبْلَةِ. (93)
كَيْفِيَّةُ دَفْعِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ:
16 - اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْفُقَهَاءِ فِي كَيْفِيَّةِ الدَّفْعِ وَمَا يَنْشَأُ عَنْهُ مِنْ ضَمَانٍ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَكُونَ دَفْعٌ بِالتَّدْرِيجِ، وَيُرَاعَى فِيهِ الأَْسْهَل فَالأَْسْهَل (94) .
قَال النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ: مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ اسْتِحْبَابُ التَّسْبِيحِ لِلرَّجُل وَالتَّصْفِيقِ لِلْمَرْأَةِ، وَبِهِ قَال أَحْمَدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَقَال مَالِكٌ: تُسَبِّحُ الْمَرْأَةُ أَيْضًا. أهـ (95) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَدْفَعُهُ بِالإِْشَارَةِ أَوِ التَّسْبِيحِ، وَكُرِهَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَيَدْفَعُهُ الرَّجُل بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ، وَتَدْفَعُهُ الْمَرْأَةُ بِالإِْشَارَةِ أَوِ التَّصْفِيقِ بِظَهْرِ أَصَابِعِ الْيُمْنَى عَلَى صَفْحَةِ كَفِّ الْيُسْرَى وَلاَ تَرْفَعُ صَوْتَهَا؛ لأَِنَّهُ فِتْنَةٌ، وَلاَ يُقَاتَل الْمَارُّ، وَمَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الْحَدِيثِ مُؤَوَّلٌ بِأَنَّهُ كَانَ جَوَازُ مُقَاتَلَتِهِ فِي ابْتِدَاءِ الإِْسْلاَمِ وَقَدْ نُسِخَ. وَلاَ يَجُوزُ لَهُ الْمَشْيُ مِنْ مَوْضِعِهِ لِيَرُدَّهُ، وَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ وَيَرُدُّهُ مِنْ مَوْضِعِهِ؛ لأَِنَّ مَفْسَدَةَ الْمَشْيِ أَعْظَمُ مِنْ مُرُورِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ (96) .
وَقَرِيبٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا: لِلْمُصَلِّي دَفْعُ ذَلِكَ الْمَارِّ دَفْعًا خَفِيفًا لاَ يَشْغَلُهُ عَنِ الصَّلاَةِ. فَإِنْ كَثُرَ أَبْطَل صَلاَتَهُ (97) .
__________
(1) المصباح المنير ولسان العرب ومتن اللغة مادة: (ستر) .
(2) قواعد الفقه للبركتي ص 319.
(3) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 200، والشرح الصغير للدردير 1 / 334.
(4) حاشية مراقي الفلاح ص 200، 201، وجواهر الإكليل 1 / 50، ومغني المحتاج 1 / 200، وكشاف القناع 1 / 382.
(5) حديث: " إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها، ولا يدع أحدًا يمر بين يديه ". أخرجه ابن ماجه (1 / 307 - ط الحلبي) وأصله في البخاري (الفتح 1 / 582 ط السلفية) ومسلم (1 / 363 - ط الحلبي) .
(6) حديث: " ليستتر أحدكم في صلاته ولو بسهم ". أخرجه أحمد (3 / 404 - ط الميمنية) ، والطبراني في المعجم الكبير (7 / 134 - ط وزارة الأوقاف العراقية) واللفظ له، من حديث سبرة بن معبد، وقال الهيثمي في المجمع (2 / 58 - ط القدسي) : رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح.
(7) المراجع السابقة.
(8) رد المحتار 1 / 428.
(9) حديث: " الفضل بن العباس ". أخرجه أبو داود (1 / 459 - 460 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وفي إسناده مقال كما في مختصر السنن للمنذري (1 / 350 - نشر دار المعرفة) .
(10) كشاف القناع 1 / 382، ونحوه ما ذكره الطحطاوي الحنفي في حاشيته على الدر (1 / 269) .
(11) حديث: " أن النبي ﷺ صلى في فضاء ليس بين يديه شيء ". أخرجه أحمد (1 / 224 - ط الميمنية) ، وإسناده صحيح.
(12) مراقي الفلاح 1 / 200، وابن عابدين 1 / 428، وجواهر الإكليل 1 / 50.
(13) جواهر الإكليل 1 / 50.
(14) مغني المحتاج 1 / 200.
(15) كشاف القناع 1 / 382.
(16) مراقي الفلاح 1 / 201، وجواهر الإكليل 1 / 50، وكشاف القناع 1 / 383.
(17) مراقي الفلاح 1 / 200، 201، وجواهر الإكليل 1 / 50، والحطاب 1 / 524، 533، ومغني المحتاج 1 / 200، 201، كشاف القناع 1 / 383، 384.
(18) جواهر الإكليل 1 / 50.
(19) حاشية مراقي الفلاح 1 / 201، والدسوقي 1 / 246، ونهاية المحتاج 2 / 52، وما بعدها.
(20) جواهر الإكليل 1 / 50، وحاشية الدسوقي 1 / 446، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 1 / 201.
(21) نهاية المحتاج 2 / 52.
(22) نفس المرجع السابق.
(23) كشاف القناع 1 / 382، 383.
(24) حديث عائشة: " كان النبي ﷺ يصلي وسط السرير ". أخرجه البخاري (الفتح 11 / 67 - ط السلفية) ، ومسلم (1 / 366 - ط الحلبي) واللفظ للبخاري.
(25) المراجع السابقة، والشرح الكبير مع المغني 1 / 624.
(26) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 1 / 201.
(27) الشرح الكبير مع المغني 1 / 624.
(28) حديث ابن عمر: " أن النبي ﷺ صلى إلى بعير ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 580 - ط السلفية) بلفظ: " كان يعرض راحلته فيصلي إليها ". وأخرجه مسلم (1 / 359 - 340 ط الحلبي) بلفظ: " صلى إلى بعير ".
(29) جواهر الإكليل 1 / 50.
(30) نهاية المحتاج 2 / 52، وحاشية الرملي على شرح الروض 1 / 184.
(31) حاشية الرملي على أسنى المطالب 1 / 184.
(32) حديث: " إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا ". أخرجه أبو داود (1 / 433 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة، وضعفه الشافعي والبغوي كما في التلخيص لابن حجر (1 / 286 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(33) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 201، وفتح القدير مع الهداية 1 / 354، 355، ومغني المحتاج 1 / 200، 201، وكشاف القناع 1 / 382، 383.
(34) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 101.
(35) مغني المحتاج 1 / 200.
(36) ابن عابدين 1 / 428، والهداية مع الفتح 1 / 354، 355.
(37) حديث: " إذا صلى أحدكم. . . " تقدم ف / 6.
(38) الجمل على شرح المنهج 1 / 436، ومغني المحتاج 1 / 200 وما بعدها، وأسنى المطالب 1 / 184.
(39) ابن عابدين 1 / 428.
(40) كشاف القناع 1 / 382، 383، ومطالب أولي النهى 1 / 488، 489.
(41) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 201، وجواهر الإكليل 1 / 50.
(42) ابن عابدين 1 / 428.
(43) مغني المحتاج 1 / 200.
(44) شرح منتهى الإرادات 1 / 202.
(45) حديث: " إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل ". أخرجه مسلم (1 / 358 - ط الحلبي) .
(46) الطحطاوي ص 201.
(47) شرح منتهى الإرادات 1 / 202.
(48) مغني المحتاج 1 / 200، وكشاف القناع 1 / 382.
(49) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 201، وابن عابدين 1 / 428.
(50) الرد المحتار على الدر المختار 1 / 428.
(51) حديث: " يجزئ من السترة قدر مؤخرة الرحل ولو بدقة شعرة ". أخرجه ابن عدي في " الكامل " (6 / 2254 - ط دار الفكر) وفي إسناده راو ضعيف، ذكره الذهبي في الميزان (4 / 11 - ط الحلبي) وذكر من منكراته هذا الحديث
(52) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 201.
(53) جواهر الإكليل 1 / 50، الحطاب مع المواق 1 / 532، 533.
(54) نفس المرجع السابق.
(55) مغني المحتاج 1 / 200.
(56) حاشية الجمل 1 / 436، وانظر نهاية المحتاج 2 / 50.
(57) شرح منتهى الإرادات 1 / 202، وكشاف القناع 1 / 383.
(58) جواهر الإكليل 1 / 50.
(59) حديث: " إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها ". أخرجه أبو داود (1 / 446 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 251 - 252 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
(60) حديث: " كان بين مصلى رسول الله ﷺ وبين الجدار ممر الشاة ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 574 - ط السلفية) .
(61) حديث: " صلى في الكعبة وبينه وبين الجدار ثلاثة أذرع ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 579 - ط السلفية) من حديث بلال.
(62) شرح منتهى الإرادات 1 / 202، 203، ومراقي الفلاح ص 101، والقليوبي 1 / 192، ونهاية المحتاج 2 / 50.
(63) حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير 1 / 246.
(64) حديث: " ما رأيت رسول الله ﷺ يصلي إلى عمود ولا شجرة ". أخرجه أبو داود (1 / 445 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وأعله ابن القطان بجهالة بعض رواته. كذا في نصب الراية (2 / 84 - ط المجلس العلمي) .
(65) مراقي الفلاح والطحطاوي عليها ص 201، ومغني المحتاج 1 / 200، نهاية المحتاج 2 / 50، والدسوقي 1 / 246 وما بعدها، والقليوبي 1 / 192، وشرح منتهى الإرادات 1 / 202 وما بعدها.
(66) مراقي الفلاح ص 201، وابن عابدين 1 / 428، والدسوقي 1 / 245، وكشاف القناع 1 / 383، 384، وشرح منتهى الإرادات 1 / 202، 203.
(67) حديث: " صلى بالأبطح إلى عنزة ركزت له ولم يكن للقوم سترة ". ورد عن أبي جحيفة قال: " إن النبي ﷺ صلى بهم بالبطحاء وبين يديه عنزة - الظهر ركعتين والعصر ركعتين - تمر بين يديه المرأة والحمار ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 573 - ط السلفية) ومسلم (1 / 361 - ط الحلبي) . وقال العيني في البناية (2 / 439 - ط دار الفكر) : (قوله: ولم يكن للقوم سترة، ليس هذا في الحديث) . والعنزة: عصا أقصر من الرمح ولها زج أي حديدة في أسفلها.
(68) الشرح الصغير للدردير 1 / 334، والطحطاوي ص 201، وكشاف القناع 1 / 383، 384.
(69) الدسوقي 1 / 245، والشرح الصغير مع حاشية الصاوي 1 / 334، 335، والحطاب 1 / 533، 535، وانظر المغني 2 / 237، 238.
(70) حديث: " لو يعلم المار بين يدي المصلي. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 584 - ط السلفية) ومسلم (1 / 363 - ط الحلبي) من حديث أبي جهيم، وقوله: " من الإثم " ورد في إحدى [روايات] البخاري كما قال ابن حجر في شرحه (1 / 585) .
(71) ابن عابدين 1 / 428، وجواهر الإكليل 1 / 50، والمغني 2 / 245، 253.
(72) مغني المحتاج 1 / 200، 201، وكشاف القناع 1 / 383، ونهاية المحتاج 2 / 53.
(73) جواهر الإكليل 1 / 50، وابن عابدين 1 / 426، نهاية المحتاج 2 / 53.
(74) المغني 2 / 254.
(75) ابن عابدين 1 / 426.
(76) الشرح الصغير 1 / 336، 337، والدسوقي 1 / 246.
(77) ابن عابدين 1 / 427.
(78) الشرح الصغير 1 / 337.
(79) نهاية المحتاج 2 / 52، 53، ومغني المحتاج 1 / 200.
(80) ابن عابدين 1 / 427، وجواهر الإكليل 1 / 50، ومغني المحتاج 1 / 200.
(81) حديث: " لا يقطع الصلاة شيء وادرؤوا ما استطعتم ". أخرجه أبو داود (1 / 460 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي سعيد الخدري، وقال الزيلعي عن راويه مجالد بن سعيد: " فيه مقال " كذا في نصب الراية (2 / 76 - ط المجلس العلمي) .
(82) مغني المحتاج 1 / 101، وسبل السلام 1 / 296، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار 1 / 426 - 428، والحطاب 1 / 532 - 534، والمغني لابن قدامة 2 / 249، وكشاف القناع 1 / 383.
(83) حديث: " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 582 - ط السلفية) ، ومسلم (1 / 363 - ط الحلبي) .
(84) سبل السلام 1 / 299.
(85) مغني المحتاج 1 / 200.
(86) مغني المحتاج 1 / 200، 201.
(87) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 201، والدسوقي 1 / 246، والشرح الصغير للدردير 1 / 334، 335.
(88) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 201.
(89) الدسوقي 1 / 246.
(90) مغني المحتاج 1 / 200، 201.
(91) المغني 2 / 246.
(92) حديث: " ورد أنه ﷺ رد عمر بن أبي سلمة وزينب وهما صغيران ". أخرجه ابن ماجه (1 / 305 - ط الحلبي) من حديث أم سلمة، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 187 - ط دار الجنان) .
(93) حديث ابن عباس: " أن النبي ﷺ كان يصلي فمرت شاة ". أخرجه الحاكم (1 / 254 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه، ووافقه الذهبي.
(94) كشاف القناع 1 / 375، 376، والمغني لابن قدامة 2 / 246.
(95) المجموع 4 / 82.
(96) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 201، 202.
(97) الدسوقي 1 / 241.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 177/ 24