البحث

عبارات مقترحة:

المهيمن

كلمة (المهيمن) في اللغة اسم فاعل، واختلف في الفعل الذي اشتقَّ...

الرفيق

كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...

القدوس

كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...

السِّتْر


من معجم المصطلحات الشرعية

صفةٌ فعليةٌ لله -عزَّ وجلَّ - ثابتةٌ بالسنة الصحيحة، مشتقة من أسمه تعالى "السِّتِّير "


انظر : النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، 2/341، الأسماء والصفات للبيهقي، ص : 91

من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف اللغوي

السَّتْرُ: الإِخْفاءُ والِإضْمارُ، يُقال: سَتَرَ الشَّيْءَ، يَسْتُرُهُ، سَتْراً، أيْ: أَخْفاهُ. وضِدُّهُ: الإِظْهارُ والإِبْرازُ والكَشْفُ، ورَجُلٌ سُتُورٌ وسِتِّيرٌ، أيْ: كَثِيرُ السَّتْر على الآخَرِينَ. وأَصْلُه: التَّغْطِيَةُ، يُقال: سَتَرَ الإِناءَ، أيْ: غَطّاهُ، وشَيْءٌ مَسْتُورٌ، أيْ: مُغَطَّى غَيْرُ مَكْشُوفٍ. والسِّتارُ والسُّتْرَةُ: الغِطاءُ. ومِن مَعانيِه أيضاً: الكِتْمانُ والحَجْبُ.

إطلاقات المصطلح

يَرِد مُصْطلَح (سَتْر) في الفقه في مَواطِنَ كَثِيرَةٍ، منها: كتاب النِّكاحِ، باب: حُقُوق الزَّوْجَيْنِ، وكتاب الحُدودِ، باب: الإِقْرار بِالزِّنا، وكتاب القَضاءِ، باب: شَهادَة الفاسِقِ، وكتاب الجامِعِ في الآدابِ، باب: ستر عُيوبِ المُسلِمِ. ويُطلَق في كتاب الصَّلاةِ، باب: شُروط الصَّلاةِ، ويُراد بِه: إِخْفاءُ ما لا يَجوزُ كَشْفُهُ مِن الجِسْمِ بِالثِّيابِ ونَحْوِها. ويُطْلَق في عِلمِ العَقِيدَةِ، باب: توحيد الأسماء والصِّفات، عند الكلامِ عن اسمِهِ " السِّتِّير "، ويُراد به: إخفاءُ الله تعالى عُيوبَ عِبادِهِ عن خَلْقِهِ، وعدَم إظهارِها لِلعَلَنِ.

جذر الكلمة

ستر

المعنى الاصطلاحي

إِخْفاءُ عَيْبِ غَيْرِه وعَدَمُ إِظْهارِهِ لِلنَّاسِ.

الشرح المختصر

السَّتْرُ: هو تَغْطِيَةُ القَبِيحِ وإِخْفاؤُهُ حِسِّيّاً كان أو مَعْنَوِيّاً، ومِن ذلك: أن يَسْتُرَ الإنْسانُ على المُسْلِمِ إن اطَّلَعَ مِنْهُ على عَيْبٍ أو ذَنْبٍ أو فُجورٍ إذا كان مِمَّن لم يُعْرَف بِالشَّرِّ والأَذَى، ولم يَشْتَهِرْ بِالفَسادِ، ولم يَكُن داعِياً إِلَيْهِ، فلا يَكْشِفُهُ لِلْعامَّةِ ولا لِلْخاصَّةِ.

التعريف اللغوي المختصر

السَّتْرُ: الإِخْفاءُ والِإضْمارُ، وضِدُّهُ: الإِظْهارُ والإِبْرازُ والكَشْفُ. وأَصْلُه: التَّغْطِيَةُ. ومِن مَعانيِه أيضاً: الكِتْمانُ، والحَجْبُ.

التعريف

إخفاء الشيء، وحجبه سواء في خاصة الإنسان، أو الآخرين.

المراجع

* الآداب الشرعية والمنح المرعية : (1/235)
* الكليات : (ص 666)
* تهذيب اللغة : (12/265)
* مقاييس اللغة : (3/132)
* مختار الصحاح : (ص 142)
* لسان العرب : (4/343)
* تاج العروس : (11/502)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (24/168) -

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - السَّتْرُ لُغَةً: تَغْطِيَةُ الشَّيْءِ، وَسَتَرَ الشَّيْءَ يَسْتُرُهُ سَتْرًا أَيْ أَخْفَاهُ، وَتَسَتَّرَ أَيْ تَغَطَّى، وَفِي الْحَدِيثِ: إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ. (1) أَيْ مِنْ شَأْنِهِ وَإِرَادَتِهِ حُبُّ السَّتْرِ وَالصَّوْنِ لِعِبَادِهِ.
وَيُقَال: رَجُلٌ سُتُورٌ وَسِتِّيرٌ، أَيْ عَفِيفٌ.
وَالسَّتْرُ مَا يُسْتَتَرُ بِهِ، وَالاِسْتِتَارُ: الاِخْتِفَاءُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ} (2) وَالسُّتْرَةُ مَا اسْتَتَرْتَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ كَائِنًا مَا كَانَ. (3)
وَلاَ يَخْرُجُ مَعْنَاهُ الاِصْطِلاَحِيُّ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ. الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّتْرِ:
أ - سَتْرُ عُيُوبِ الْمُؤْمِنِ:
2 - أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ أَوْ ذَنْبٍ أَوْ فُجُورٍ لِمُؤْمِنٍ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ أَوْ نَحْوِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالشَّرِّ وَالأَْذَى وَلَمْ يُشْتَهَرْ بِالْفَسَادِ، وَلَمْ يَكُنْ دَاعِيًا إِلَيْهِ، كَأَنْ يَشْرَبَ مُسْكِرًا أَوْ يَزْنِيَ أَوْ يَفْجُرَ مُتَخَوِّفًا مُتَخَفِّيًا غَيْرَ مُتَهَتِّكٍ وَلاَ مُجَاهِرٍ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَسْتُرَهُ، وَلاَ يَكْشِفَهُ لِلْعَامَّةِ أَوِ الْخَاصَّةِ، وَلاَ لِلْحَاكِمِ أَوْ غَيْرِ الْحَاكِمِ، لِلأَْحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْحَثِّ عَلَى سَتْرِ عَوْرَةِ الْمُسْلِمِ وَالْحَذَرِ مِنْ تَتَبُّعِ زَلاَّتِهِ، وَمِنْ هَذِهِ الأَْحَادِيثِ: قَوْلُهُ ﷺ: مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي رِوَايَةٍ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ (4) " وَقَوْلُهُ ﷺ: أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ. (5)
وَقَوْلُهُ ﷺ: مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ. (6)
وَلأَِنَّ كَشْفَ هَذِهِ الْعَوْرَاتِ، وَالْعُيُوبِ وَالتَّحَدُّثَ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى غِيبَةٍ مُحَرَّمَةٍ وَإِشَاعَةٍ لِلْفَاحِشَةِ.
قَال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: اجْتَهِدْ أَنْ تَسْتُرَ الْعُصَاةَ، فَإِنَّ ظُهُورَ مَعَاصِيهِمْ عَيْبٌ فِي أَهْل الإِْسْلاَمِ، وَأَوْلَى الأُْمُورِ سَتْرُ الْعُيُوبِ. قَال الْفُضَيْل بْنُ عِيَاضٍ: الْمُؤْمِنُ يَسْتُرُ وَيَنْصَحُ، وَالْفَاجِرُ يَهْتِكُ وَيُعَيِّرُ.
أَمَّا مَنْ عُرِفَ بِالأَْذَى وَالْفَسَادِ وَالْمُجَاهَرَةِ بِالْفِسْقِ وَعَدَمِ الْمُبَالاَةِ بِمَا يَرْتَكِبُ، وَلاَ يَكْتَرِثُ لِمَا يُقَال عَنْهُ فَيُنْدَبُ كَشْفُ حَالِهِ لِلنَّاسِ وَإِشَاعَةُ أَمْرِهِ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَتَوَقَّوْهُ وَيَحْذَرُوا شَرَّهُ، بَل تُرْفَعُ قِصَّتُهُ إِلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ إِنْ لَمْ يَخَفْ مَفْسَدَةً أَكْبَرَ؛ لأَِنَّ السَّتْرَ عَلَى هَذَا يُطْمِعُهُ فِي الإِْيذَاءِ وَالْفَسَادِ وَانْتِهَاكِ الْحُرُمَاتِ وَجَسَارَةِ غَيْرِهِ عَلَى مِثْل فِعْلِهِ. فَإِنِ اشْتَدَّ فِسْقُهُ وَلَمْ يَرْتَدِعْ مِنَ النَّاسِ فَيَجِبُ أَنْ لاَ يَسْتُرَ عَلَيْهِ بَل يَرْفَعَ إِلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ حَتَّى يُؤَدِّبَهُ وَيُقِيمَ عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى فَسَادِهِ شَرْعًا مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ مَا لَمْ يَخْشَ مَفْسَدَةً أَكْبَرَ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي سَتْرِ مَعْصِيَةٍ وَقَعَتْ فِي الْمَاضِي وَانْقَضَتْ. أَمَّا الْمَعْصِيَةُ الَّتِي رَآهُ عَلَيْهَا وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِهَا فَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِإِنْكَارِهَا وَمَنْعِهِ مِنْهَا عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ، فَلاَ يَحِل تَأْخِيرُهُ وَلاَ السُّكُوتُ عَنْهَا، فَإِنْ عَجَزَ لَزِمَهُ رَفْعُهَا إِلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ أَكْبَرُ، لِقَوْلِهِ ﷺ: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَانِ. (7)
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْل الْعُلَمَاءِ: إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لأَِحَدٍ أَنْ يَتَجَسَّسَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَتَتَبَّعَ عَوْرَاتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَجَسَّسُوا} (8) الآْيَةَ.
وَلِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ النَّهْيِ عَنِ التَّجَسُّسِ (9) النهي عن التجسس. ورد من حديث أبي هريرة، أخرجه مسلم (4 / 1985 - ط الحلبي) . وَالتَّحَسُّسِ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ.
إِلاَّ أَنَّهُمُ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ مَا يَتَعَلَّقُ بِجَرْحِ الرُّوَاةِ، وَالشُّهُودِ، وَالأُْمَنَاءِ عَلَى الصَّدَقَاتِ، وَالأَْوْقَافِ، وَالأَْيْتَامِ، وَنَحْوِهِمْ، فَيَجِبُ جُرْحُهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَلاَ يَحِل السَّتْرُ عَلَيْهِمْ إِذَا رَأَى مِنْهُمْ مَا يَقْدَحُ فِي أَهْلِيَّتِهِمْ، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ، بَل هُوَ مِنَ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ.
كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ مَنْ يُنْدَبُ السَّتْرُ عَلَيْهِ إِلَى السُّلْطَانِ فَلاَ إِثْمَ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّ السَّتْرَ عَلَيْهِ أَوْلَى (10) .

سَتْرُ الْمُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ:
3 - يُنْدَبُ لِلْمُسْلِمِ إِذَا وَقَعَتْ مِنْهُ هَفْوَةٌ أَوْ زَلَّةٌ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ وَيَتُوبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ﷿ وَأَنْ لاَ يَرْفَعَ أَمْرَهُ إِلَى السُّلْطَانِ، وَلاَ يَكْشِفَهُ لأَِحَدٍ كَائِنًا مَا كَانَ؛ لأَِنَّ هَذَا مِنْ إِشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ الَّتِي تَوَعَّدَ عَلَى فَاعِلِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ} (11) وَلأَِنَّهُ هَتْكٌ لِسَتْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَمُجَاهَرَةٌ بِالْمَعْصِيَةِ (12) . قَال النَّبِيُّ ﷺ اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ، فَمَنْ أَلَمَّ فَلْيَسْتَتِرْ بِسَتْرِ اللَّهِ وَلْيَتُبْ إِلَى اللَّهِ، فَإِنَّ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. (13) وَقَال ﷺ: كُل أُمَّتِي مُعَافًى إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَل الرَّجُل بِاللَّيْل عَمَلاً ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَيَقُول: يَا فُلاَنُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَلَيْهِ. (14)

سَتْرُ السُّلْطَانِ عَلَى الْعَاصِي:
4 - يُنْدَبُ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ إِذَا رَفَعَ الْعَاصِي أَمْرَهُ إِلَيْهِ مِمَّا فِيهِ حَدٌّ أَوْ تَعْزِيرٌ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مُعْلِنًا تَوْبَتَهُ أَنْ يَتَجَاهَلَهُ وَأَنْ لاَ يَسْتَفْسِرَهُ، بَل يَأْمُرَهُ بِالسِّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَأْمُرَ غَيْرَهُ بِالسِّتْرِ عَلَيْهِ، وَيُحَاوِل أَنْ يَصْرِفَهُ عَنِ الإِْقْرَارِ، وَلاَ سِيَّمَا إِذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالصَّلاَحِ وَالاِسْتِقَامَةِ أَوْ كَانَ مَسْتُورَ الْحَال.
لِمَا رَوَاهُ أَنَسٌ ﵁ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ: أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ قَال: وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى مَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ قَال: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْ فِي كِتَابَ اللَّهِ قَال: هَل حَضَرْتَ الصَّلاَةَ مَعَنَا؟ قَال: نَعَمْ: قَال: قَدْ غُفِرَ لَكَ. (15) سِتْرُ الْمَظْلُومِ عَنِ الظَّالِمِ:
5 - قَال الْعُلَمَاءُ: إِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتُرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ إِذَا سَأَلَهُ عَنْهُ إِنْسَانٌ ظَالِمٌ يُرِيدُ قَتْلَهُ أَوْ أَخْذَ مَالِهِ ظُلْمًا، وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ وَدِيعَةٌ وَسَأَل عَنْهَا ظَالِمٌ يُرِيدُ أَخْذَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ سِتْرُهَا وَإِخْفَاؤُهَا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْكَذِبُ بِإِخْفَاءِ ذَلِكَ، وَلَوِ اسْتَحْلَفَهُ عَلَيْهَا لَزِمَهُ أَنْ يَحْلِفَ، وَلَكِنَّ الأَْحْوَطَ فِي هَذَا كُلِّهِ أَنْ يُوَرِّيَ، وَلَوْ تَرَكَ التَّوْرِيَةَ وَأَطْلَقَ عِبَارَةَ الْكَذِبِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ فِي هَذِهِ الْحَال (16) وَاسْتَدَلُّوا بِجَوَازِ الْكَذِبِ فِي هَذِهِ الْحَال بِحَدِيثِ أُمِّ كُلْثُومٍ ﵂: أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُول خَيْرًا. (17)

سِتْرُ الأَْسْرَارِ:
6 - يُنْدَبُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتُرَ أَسْرَارَ إِخْوَانِهِ الَّتِي عَلِمَ بِهَا، وَأَنْ لاَ يُفْشِيَهَا لأَِحَدٍ كَائِنًا مَا كَانَ، حَتَّى وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ ذَلِكَ لأَِنَّ إِفْشَاءَ السِّرِّ يُعْتَبَرُ خِيَانَةً لِلأَْمَانَةِ، وَيُسْتَدَل لِهَذَا بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا:
(16) قَوْله تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً} . (19) وَقَوْل أَبِي بَكْرٍ ﵁ لِعُمَرَ ﵁: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أُرْجِعْ إِلَيْكَ شَيْئًا، قَال عُمَرُ: فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَال " فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ عَلَيَّ إِلاَّ أَنِّي كُنْتُ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لأُِفْشِيَ سِرَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَلَوْ تَرَكَهَا النَّبِيُّ ﷺ لَقَبِلْتُهَا (20)
(21) وَعَنْ أَنَسٍ ﵁ قَال: أَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَبَعَثَنِي فِي حَاجَةٍ فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي فَلَمَّا جِئْتُ قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ: بَعَثَنِي رَسُول اللَّهِ ﷺ لِحَاجَةٍ. قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ. قَالَتْ: لاَ تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُول اللَّهِ أَحَدًا (22) .
(23) وَقَوْل السَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ ﵂ لأُِمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ ﵂ عِنْدَمَا سَأَلَتْهَا مَا قَال لَكِ رَسُول اللَّهِ ﷺ: " مَا كُنْتُ لأُِفْشِيَ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ سِرَّهُ (21) .
(25) وَقَدْ جَاءَ فِي الأَْثَرِ: إِذَا حَدَّثَ الرَّجُل الْحَدِيثَ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ. (26)
وَيَدْخُل فِي هَذَا الْبَابِ حِفْظُ الأَْسْرَارِ الزَّوْجِيَّةِ، حَيْثُ يَجِبُ عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَسْتُرَ سِرَّ الآْخِرِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ تَفَاصِيل مَا يَقَعُ حَال الْجِمَاعِ وَقَبْلَهُ مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْسْرَارِ الْبَيْتِيَّةِ (27) . لِقَوْلِهِ ﷺ: إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُل يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرَ سِرَّهَا. (28)
وَلأَِنَّ الرَّسُول ﷺ أَقْبَل عَلَى صَفِّ الرِّجَال بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَال لَهُمْ: هَل مِنْكُمْ إِذَا أَتَى عَلَى أَهْلِهِ أَرْخَى بَابَهُ وَأَرْخَى سِتْرَهُ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُحَدِّثُ فَيَقُول: فَعَلْتُ بِأَهْلِي كَذَا وَفَعَلْتُ بِأَهْلِي كَذَا؟ فَسَكَتُوا. فَأَقْبَل عَلَى النِّسَاءِ. فَقَال: هَل مِنْكُنَّ مَنْ تُحَدِّثُ؟ فَقَالَتْ فَتَاةٌ مِنْهُنَّ: وَاللَّهِ إِنَّهُمْ لَيُحَدِّثُونَ وَإِنَّهُنَّ لَيُحَدِّثْنَ. فَقَال: هَل تَدْرُونَ مَا مَثَل مَنْ فَعَل ذَلِكَ؟ إِنَّ مَثَل مَنْ فَعَل ذَلِكَ مَثَل شَيْطَانٍ وَشَيْطَانَةٍ، لَقِيَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالسِّكَّةِ قَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمَا. (29)
__________
(1) حديث: " إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر ". أخرجه أبو داود (4 / 302 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث يعلى بن أمية وإسناده صحيح.
(2) سورة فصلت / 22.
(3) لسان العرب، غريب القرآن للأصفهاني.
(4) حديث: " من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة " وفي رواية: " ستره الله في. . . " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 97 - ط السلفية) ، ومسلم (4 / 1996 - ط الحلبي) في حديث ابن عمر. والرواية الأخرى أخرجها الترمذي (5 / 195 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(5) حديث: " أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم ". أخرجه أبو داود (4 / 540 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عائشة: وضعف المنذري أحد رواته، ونقل عن ابن عدي أنه استنكر الحديث بهذا الإسناد. وقال: روي هذا الحديث من أوجه أخرى، ليس منها شيء يثبت. كذا في مختصر السنن (6 / 213 - نشر دار المعرفة) .
(6) حديث: " من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة ". أخرجه ابن ماجه (2 / 850 - ط الحلبي) من حديث ابن عباس، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 70 - ط دار الجنان) .
(7) حديث: " من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده. . . " أخرجه مسلم (1 / 69 - ط الحلبي) من حديث أبي سعيد الخدري.
(8) سورة الحجرات / 12.
(9) حديث:
(10) حاشية ابن عابدين 3 / 143، الآداب الشرعية 1 / 263، دليل الفالحين شرح رياض الصالحين 2 / 15، روضة الطالبين 8 / 328، القوانين الفقهية ص 433.
(11) سورة النور / 19.
(12) ) دليل الفالحين 2 / 29، الآداب الشرعية 1 / 267، الأذكار للإمام النووي ص 567، جواهر الإكليل 2 / 289، مغني المحتاج 4 / 150.
(13) حديث: " اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها ". أخرجه الحاكم (4 / 244 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عمر. وصححه ووافقه الذهبي.
(14) حديث: " كل أمتي معافى إلا المجاهرين ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 486 - ط السلفية) ومسلم (4 / 2291 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، واللفظ للبخاري
(15) حديث أنس: " جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله. . . " أخرجه مسلم (4 / 2117 - ط الحلبي) .
(16) القوانين الفقهية ص 434، دليل الفالحين 4 / 382، الأذكار للإمام النووي ص 580.
(17) حديث: " ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس. . . " أخرجه مسلم (4 / 2011 - 2012 - ط الحلبي) .
(18) القوانين الفقهية ص 434، دليل الفالحين 4 / 382، الأذكار للإمام النووي ص 580.
(19) سورة الإسراء / 34.
(20) قول أبي بكر - ﵁ - لعمر - ﵁ -: " لعلك وجدت. . . " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 176 - ط السلفية) .
(21) قول السيدة فاطمة: " ما كنت لأفشي على رسول الله ﷺ سره ". أخرجه البخاري (الفتح 11 / 80 - ط السلفية) ، ومسلم (4 / 1905 - ط الحلبي) من حديث عائشة.
(22) حديث أنس: " أتى عليَّ النبي ﷺ وأنا ألعب. . . " أخرجه مسلم (4 / 1429 - ط الحلبي) .
(23)
(24) قول السيدة فاطمة: " ما كنت لأفشي على رسول الله ﷺ سره ". أخرجه البخاري (الفتح 11 / 80 - ط السلفية) ، ومسلم (4 / 1905 - ط الحلبي) من حديث عائشة.
(25)
(26) دليل الفالحين 3 / 148، القوانين الفقهية ص 435. وحديث: " إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة ". أخرجه الترمذي (4 / 301 - ط دار الكتب العلمية) من حديث جابر بن عبد الله، وقال: حديث حسن.
(27) كشاف القناع 5 / 194، دليل الفالحين 3 / 149.
(28) حديث: " إن من أشر الناس عند الله منزلة ". أخرجه مسلم (2 / 1060 - ط الحلبي) من حديث أبي سعيد الخدري.
(29) حديث: " هل منكم إذا أتى على أهله. . . " أخرجه أحمد (2 / 541 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وهو حسن لشواهده.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 168/ 24