البحث

عبارات مقترحة:

المحسن

كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...

المعطي

كلمة (المعطي) في اللغة اسم فاعل من الإعطاء، الذي ينوّل غيره...

الشَّارِبُ


من معجم المصطلحات الشرعية

اسْمٌ لِلشَّعْرِ الَّذِي فوق الشفة العليا من الْفَمِ، ومثناه شَارِبَانِ بِاعْتِبَارِ الطَّرَفَيْنِ، وَالْجَمْعُ شَوَارِبُ . ومن أمثلته استحباب قص الشارب في كل جمعة، وأن لا يزيد على أربعين لَيْلَةً . ومن شواهده عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ : "وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، وَنَتْفِ الْإِبْطِ، وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ."ابن ماجه :295، وصححه الألباني .


انظر : المجموع للنووي، 1/353، الروض المربع للبهوتي، 1/46، المحلى لابن حزم، 2/219، المصباح المنير للفيومي، مادة : " الشراب ".
هذا المصطلح مرادف لـ من يشرب من الإناء - شارب الخمر .

من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف اللغوي

الشَّارِبُ: الذي يَشْرَبُ الماءَ ونَحْوَهُ مِن المائِعاتِ، يُقال: شَرِبَ، يَشْرَبُ، شَرْباً وشُرْباً، أيْ: تَناوَلَ الشَّرابَ مِن ماءٍ ونَحْوِهِ. والشَّرابُ والمَشْرُوبُ: السَّائِلُ المُعَدُّ لِلشُّرْبِ. والشِّرْبُ: النَّصِيبُ مِن الشُّرْبِ. ويأْتي الشَّارِبُ بِمعنى الشَّعْرِ الذي يَنْبُتُ على الشَّفَةِ العُلْيا. وجمعُه: شَوارِبٌ. ومِن مَعانِيه أيضاً: مَجْرَى الماءِ في العَيْنِ.

إطلاقات المصطلح

يَرِد مُصْطلَح (شارِب) في الفقه في عِدَّة مواضِع، منها: كتاب الجَنائِزِ، باب: غَسْل المَيِّتِ، وكتاب الاعْتِكافِ، باب: شُرُوط الاعْتِكافِ، وكتاب الحَجِّ، باب: مَحْظُورات الإِحْرامِ، وكتاب الجِناياتِ، باب: دِية الأَعْضاءِ والمنافِع، وغَيْر ذلك مِن الأبواب. ويُطْلَق في كتاب الأَشْرِبَةِ، باب: ما يُباحُ مِن الشَّرابِ، وكتاب الحُدودِ، باب: حَدّ المُسْكِرِ، ويُراد بِه: الذي يَتَناوَلَ المُسْكِرَ ويَشْرَبُهُ كالخَمْرِ ونَحْوِهِ. ويُطْلَق في كتاب الطَّهارَةِ، باب: الآسار، وفي كتاب الصِّيامِ، باب: مُفْسِدات الصِّيامِ، ويُراد بِه: الذي يَشْرَبُ الماءَ. ويُطْلَق أيضاً في كتاب الصُّلْحِ، ويُراد بِه: صاحِبُ الشِّرْبِ، وهو الحَظُّ والنَّصِيبُ مِن الماءِ.

جذر الكلمة

شرب

التعريف

اسْمٌ لِلشَّعْرِ الَّذِي فوق الشفة العليا من الْفَمِ، ومثناه شَارِبَانِ بِاعْتِبَارِ الطَّرَفَيْنِ، وَالْجَمْعُ شَوَارِبُ.

المراجع

* مقاييس اللغة : (3/268)
* تهذيب اللغة : (11/241)
* الـمجموع شرح الـمهذب : (1/377)
* طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية : (ص 154)
* البناية شرح الهداية : (6/349)
* نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج : (8/12)
* المحكم والمحيط الأعظم : (8/52)
* مختار الصحاح : (ص 163)
* لسان العرب : (1/487)
* تاج العروس : (3/110)
* القاموس الفقهي : (ص 191)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 255)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (25/316) -

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - الشَّارِبُ: اسْمُ فَاعِل شَرِبَ، يُقَال: شَرِبَ الْمَاءَ أَوْ غَيْرَهُ شُرْبًا فَهُوَ شَارِبٌ، وَمِنْهُ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} (1) .
وَرَجُلٌ شَارِبٌ وَشَرُوبٌ وَشَرَّابٌ وَشِرِّيبٌ: مُولَعٌ بِالشَّرَابِ، كَخِمِّيرٍ، وَالشَّرْبُ وَالشُّرُوبُ: الْقَوْمُ يَشْرَبُونَ وَيَجْتَمِعُونَ عَلَى الشَّرَابِ، قَال ابْنُ سِيدَهْ: الشَّرْبُ اسْمُ جَمْعٍ لِشَارِبٍ، كَرَكْبٍ وَرَجْلٍ، وَقِيل: هُوَ جَمْعٌ، وَالشُّرُوبُ جَمْعُ شَارِبٍ، كَشَاهِدٍ وَشُهُودٍ.
وَالشَّارِبُ - أَيْضًا - اسْمٌ لِلشَّعْرِ الَّذِي يَسِيل عَلَى الْفَمِ، قَال أَبُو حَاتِمٍ: وَلاَ يَكَادُ يُثَنَّى، وَقَال أَبُو عُبَيْدَةَ: قَال الْكِلاَبِيُّونَ: شَارِبَانِ، بِاعْتِبَارِ الطَّرَفَيْنِ، وَالْجَمْعُ شَوَارِبُ (2) . وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (3) .

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - اللِّحْيَةُ:
2 - اللِّحْيَةُ: وَهِيَ - بِكَسْرِ اللاَّمِ وَفَتْحِهَا - الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الذَّقَنِ خَاصَّةً، وَالْجَمْعُ: لِحًى وَلُحِيٌّ مَا يَنْبُتُ مِنَ الشَّعْرِ عَلَى ظَاهِرِ اللَّحْيِ، وَهُوَ فَكُّ الْحَنَكِ الأَْسْفَل.
وَالشَّارِبُ وَاللِّحْيَةُ كِلاَهُمَا مِنْ شَعْرِ الْوَجْهِ، لَكِنِ الشَّارِبُ يَكُونُ عَلَى الشَّفَةِ الْعُلْيَا، وَاللِّحْيَةُ تَكُونُ عَلَى الذَّقَنِ (4) .

ب - الْعِذَارُ:
3 - الْعِذَارُ عِنْدَ أَهْل اللُّغَةِ وَالْفِقْهِ: هُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ الْمُحَاذِي لِلأُْذُنَيْنِ بَيْنَ الصُّدْغِ وَالْعَارِضِ وَهُوَ أَوَّل مَا يَنْبُتُ لِلأَْمْرَدِ غَالِبًا (5) .
وَالشَّارِبُ وَالْعِذَارُ كِلاَهُمَا مِنْ شَعْرِ الْوَجْهِ، لَكِنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي مَوْضِعِهِمَا مِنَ الْوَجْهِ. ج - الْعَنْفَقَةُ:
4 - الْعَنْفَقَةُ: شُعَيْرَاتٌ بَيْنَ الشَّفَةِ السُّفْلَى وَالذَّقَنِ، وَقِيل: الْعَنْفَقَةُ مَا بَيْنَ الذَّقَنِ وَطَرَفِ الشَّفَةِ السُّفْلَى كَانَ عَلَيْهَا شَعْرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَقِيل: الْعَنْفَقَةُ مَا نَبَتَ عَلَى الشَّفَةِ السُّفْلَى مِنَ الشَّعْرِ (6) .

د - الْعُثْنُونُ:
5 - الْعُثْنُونُ: اللِّحْيَةُ أَوْ مَا فَضَل مِنْهَا بَعْدَ الْعَارِضَيْنِ، أَوْ مَا نَبَتَ عَلَى الذَّقَنِ وَتَحْتَهُ سُفْلاً (7) .

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالشَّارِبِ (مِنَ الشُّرْبِ) :
6 - يُطْلَقُ الشَّارِبُ - كَمَا سَبَقَ فِي التَّعْرِيفِ - عَلَى مَنْ شَرِبَ الْمَاءَ أَوْ غَيْرَهُ، وَلَكِنِ الشَّارِبُ الَّذِي عُنِيَ الْفُقَهَاءُ بِالأَْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ هُوَ شَارِبُ الْخَمْرِ وَسَائِرِ الْمُسْكِرَاتِ.
وَشُرْبُ الْخَمْرِ مِنْ كَبَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ، بَل إِنَّ الْخَمْرَ أُمُّ الْكَبَائِرِ كَمَا قَال عُمَرُ وَعُثْمَانُ - ﵄ - وَالأَْصْل فِي تَحْرِيمِهَا، قَوْل اللَّهِ ﷿: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَْنْصَابُ وَالأَْزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَل الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (8) . انْظُرْ: (أَشْرِبَة، سُكْر) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالشَّارِبِ (الشَّعْرِ عَلَى الشَّفَةِ الْعُلْيَا) :

أَوَّلاً: تَطْهِيرُ الشَّارِبِ:
أ - فِي الْوُضُوءِ:
7 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْل الشَّارِبِ مَعَ الْوَجْهِ فِي الْوُضُوءِ، وَعَلَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْل بَشَرَةِ الشَّارِبِ إِذَا كَانَ خَفِيفًا بِحَيْثُ لاَ يَسْتُرُ شَعْرُ الشَّارِبِ الْبَشَرَةَ؛ أَيِ الْجِلْدَ تَحْتَهُ، فَإِنْ لَمْ تُغْسَل الْبَشَرَةُ - أَيْ لَمْ يَصِل الْمَاءُ إِلَيْهَا - فَلاَ يُجْزِئُ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ (9) .
وَلَكِنِ الْفُقَهَاءُ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ إيصَال الْمَاءِ إِلَى بَشَرَةِ الشَّارِبِ فِي الْوُضُوءِ إِذَا كَانَ الشَّعْرُ كَثِيفًا يَسْتُرُ الْبَشَرَةَ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ فِي الْوُضُوءِ غَسْل بَاطِنِ شَعْرِ الشَّارِبِ وَإِيصَال الْمَاءِ إِلَى الْبَشَرَةِ تَحْتَهُ إِذَا كَانَ كَثِيفًا، لَكِنِ الشَّارِبُ إِذَا كَانَ طَوِيلاً يَسْتُرُ حُمْرَةَ الشَّفَتَيْنِ وَجَبَ تَخْلِيلُهُ لأَِنَّهُ يَمْنَعُ ظَاهِرًا وُصُول الْمَاءِ إِلَى جَمِيعِ الشَّفَةِ أَوْ بَعْضِهَا، وَلاَ سِيَّمَا إِنْ كَانَ كَثِيفًا، وَتَخْلِيلُهُ مُحَقِّقٌ لِوُصُول الْمَاءِ إِلَى جَمِيعِهَا (10) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْوُضُوءِ مَعَ غَسْل الْوَجْهِ غَسْل ظَاهِرِ الشَّعْرِ إِذَا كَانَ كَثِيفًا، وَيُكْرَهُ تَخْلِيل الشَّعْرِ الْكَثِيفِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ (11) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْوُضُوءِ مَعَ غَسْل الْوَجْهِ غَسْل الشَّارِبِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَإِيصَال الْمَاءِ إِلَى الْبَشَرَةِ تَحْتَهُ وَإِنْ كَثُفَ الشَّعْرُ؛ لأَِنَّ كَثَافَتَهُ نَادِرَةٌ فَأُلْحِقَ بِالْغَالِبِ، وَالْمُرَادُ بِالظَّاهِرِ: الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ، وَبِالْبَاطِنِ: خِلاَل الشَّعْرِ وَالْبَشَرَةُ الَّتِي تَحْتَهُ، وَقِيل: الظَّاهِرُ مَا ظَهَرَ مِنَ الْجِهَتَيْنِ، وَالْبَاطِنُ مَا بَيْنَهُمَا وَأُصُول الشَّعْرِ (12) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْل الشَّارِبِ مَعَ الْوَجْهِ فِي الْوُضُوءِ. فَإِنْ كَانَ شَعْرُ الشَّارِبِ كَثِيفًا لاَ يَصِفُ الْبَشَرَةَ أَجْزَأَ غَسْل ظَاهِرِهِ، وَيُسَنُّ تَخْلِيل الشَّارِبِ إِذَا كَانَ كَثِيفًا وَغَسْل بَاطِنِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلاَفِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ ذَكَرَ فِي الشَّارِبِ وَجْهًا آخَرَ فِي وُجُوبِ غَسْل بَاطِنِهِ وَإِنْ كَانَ كَثِيفًا؛ لأَِنَّهُ يَسْتُرُ مَا تَحْتَهُ عَادَةً، وَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ كَانَ نَادِرًا فَلاَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ (13) .

ب - فِي الْغُسْل:
8 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْغُسْل تَعْمِيمُ الشَّارِبِ شَعْرًا وَبَشَرَةً بِالْمَاءِ، كَثِيفًا كَانَ الشَّارِبُ أَوْ خَفِيفًا، لِقَوْلِهِ ﷺ: إِنَّ تَحْتَ كُل شَعْرَةٍ جَنَابَةً فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَ (14) . وَلِمَا رَوَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَال: مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ يَغْسِلْهَا فُعِل بِهِ مِنَ النَّارِ كَذَا وَكَذَا قَال عَلِيٌّ - ﵁ -: " فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْتُ شَعْرِي ثَلاَثًا " وَكَانَ يَجُزُّ شَعْرَهُ (15) . وَلأَِنَّ الْحَدَثَ فِي الْغُسْل مِنَ الْجَنَابَةِ عَمَّ جَمِيعَ الْبَدَنِ فَوَجَبَ تَعْمِيمُهُ بِالْغُسْل، وَلأَِنَّ مَا تَحْتَ الشَّعْرِ بَشَرَةٌ أَمْكَنَ إيصَال الْمَاءِ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، فَلَزِمَ كَسَائِرِ بَشَرَتِهِ؛ وَلأَِنَّهُ شَعْرٌ نَابِتٌ فِي مَحَل الْغُسْل فَوَجَبَ غَسْلُهُ؛ وَلأَِنَّ مِنْ ضَرُورَةِ غَسْل الْبَشَرَةِ غَسْلُهُ، فَوَجَبَ غَسْلُهُ لأَِنَّ الْوَاجِبَ لاَ يَتِمُّ إِلاَّ بِهِ (16) .

ج - إِعَادَةُ التَّطَهُّرِ بَعْدَ حَلْقِ الشَّارِبِ:
9 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ أَوِ اغْتَسَل ثُمَّ حَلَقَ شَارِبَهُ أَوْ قَصَّهُ، لاَ يَلْزَمُهُ إِعَادَةُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْل، وَلاَ يَلْزَمُهُ إِعَادَةُ غَسْل مَحَل الْحَلْقِ أَوِ الْقَصِّ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ فِيمَا يَشْمَل هَذِهِ الْحَالَةَ: وَمَتَى غَسَل هَذِهِ الشُّعُورَ ثُمَّ زَالَتْ عَنْهُ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي طَهَارَتِهِ، قَال يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: مَا زَادَهُ ذَلِكَ إِلاَّ طَهَارَةً، وَهَذَا قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ؛ لأَِنَّ فَرْضَ الْغَسْل انْتَقَل إِلَى الشَّعْرِ أَصْلاً، بِدَلِيل أَنَّهُ لَوْ غَسَل الْبَشَرَةَ دُونَ الشَّعْرِ لَمْ يُجْزِهِ، بِخِلاَفِ الْخُفَّيْنِ فَإِنَّ مَسْحَهُمَا بَدَلٌ عَنْ غَسْل الرِّجْلَيْنِ فَيُجْزِئُ غَسْل الرِّجْلَيْنِ دُونَ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ (17) .
وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ أَنَّ ظُهُورَ بَشَرَةِ الْوَجْهِ بَعْدَ غَسْل شَعْرِهِ يُوجِبُ غَسْلَهَا قِيَاسًا عَلَى ظُهُورِ قَدَمِ الْمَاسِحِ عَلَى الْخُفِّ (18) . ثَانِيًا: الأَْخْذُ مِنَ الشَّارِبِ:
10 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الأَْخْذَ مِنَ الشَّارِبِ مِنَ الْفِطْرَةِ؛ لِمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - ﵁ - عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال: الْفِطْرَةُ خَمْسٌ - أَوْ: خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ - الْخِتَانُ وَالاِسْتِحْدَادُ وَتَقْلِيمُ الأَْظْفَارِ وَنَتْفُ الإِْبْطِ وَقَصُّ الشَّارِبِ (19) .
قَال النَّوَوِيُّ: وَتَفْسِيرُ الْفِطْرَةِ بِالسُّنَّةِ هُنَا هُوَ الصَّوَابُ؛ لِمَا وَرَدَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال: مِنَ السُّنَّةِ قَصُّ الشَّوَارِبِ وَنَتْفُ الإِْبْطِ وَتَقْلِيمُ الأَْظْفَارِ (20) .
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الأَْخْذَ مِنَ الشَّارِبِ مِنَ السُّنَّةِ (21) ، لِلْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَلِمَا وَرَدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ - ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا (22) .
11 - لَكِنِ الْفُقَهَاءُ اخْتَلَفُوا فِي ضَابِطِ الأَْخْذِ مِنَ الشَّارِبِ، هَل يَكُونُ بِالْقَصِّ أَمْ بِالْحَلْقِ أَمْ بِالإِْحْفَاءِ؟ (23) .
فَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَا يُسَنُّ فِي الشَّارِبِ، وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ الْخِلاَفَ فَقَال: الْمَذْهَبُ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا أَنَّهُ الْقَصُّ، قَال فِي الْبَدَائِعِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَال الطَّحَاوِيُّ: الْقَصُّ حَسَنٌ وَالْحَلْقُ أَحْسَنُ، وَهُوَ قَوْل عُلَمَائِنَا الثَّلاَثَةِ.
وَأَمَّا طَرَفَا الشَّارِبِ، وَهُمَا السَّبَالاَنِ، فَقِيل: هُمَا مِنْهُ، وَقِيل: مِنَ اللِّحْيَةِ، وَعَلَيْهِ فَلاَ بَأْسَ بِتَرْكِهِمَا، وَقِيل: يُكْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالأَْعَاجِمِ وَأَهْل الْكِتَابِ، وَهَذَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ. وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ تَوْفِيرَ الشَّارِبِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِلْغَازِي مَنْدُوبٌ؛ لِيَكُونَ أَهْيَبَ فِي عَيْنِ الْعَدُوِّ (24) .
وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَهُمْ قَصُّ الشَّارِبِ كُل أُسْبُوعٍ، وَالأَْفْضَل يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَرَاءَ الأَْرْبَعِينَ لِمَا رَوَاهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - ﵁ - قَال: وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الأَْظْفَارِ وَنَتْفِ الإِْبْطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لاَ تُتْرَكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً (25) وَهُوَ مِنَ الْمُقَدَّرَاتِ الَّتِي لَيْسَ لِلرَّأْيِ فِيهَا مَدْخَلٌ فَيَكُونُ كَالْمَرْفُوعِ (26) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: قَصُّ الشَّارِبِ مِنَ الْفِطْرَةِ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: قُصُّوا الشَّوَارِبَ (27) وَهُوَ سُنَّةٌ خَفِيفَةٌ، فَلَيْسَ الأَْمْرُ فِي الْحَدِيثِ لِلْوُجُوبِ، وَالسُّنَّةُ: الْقَصُّ لاَ الإِْحْفَاءُ، وَالشَّارِبُ لاَ يُحْلَقُ بَل يُقَصُّ، قَال يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُول: يُؤْخَذُ مِنَ الشَّارِبِ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ وَهُوَ الإِْطَارُ، وَلاَ يَجُزُّهُ فَيُمَثِّل بِنَفْسِهِ. وَفِي قَصِّ السَّبَالَتَيْنِ عِنْدَهُمْ قَوْلاَنِ.
وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ حَلْقُ مَا خُلِقَ لَهَا مِنْ شَارِبٍ (28) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: قَصُّ الشَّارِبِ سُنَّةٌ لِلأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَيُسْتَحَبُّ فِي قَصِّ الشَّارِبِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْجَانِبِ الأَْيْمَنِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي كُل شَيْءٍ (29) . وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقُصَّ شَارِبَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَقُصَّهُ لَهُ غَيْرُهُ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُل مِنْ غَيْرِ هَتْكِ مُرُوءَةٍ.
وَأَمَّا حَدُّ مَا يَقُصُّهُ: فَالْمُخْتَارُ أَنْ يَقُصَّ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ، وَلاَ يَحُفُّهُ مِنْ أَصْلِهِ، قَالُوا: وَحَدِيثُ: أَحْفُوا الشَّوَارِبَ. . . (30) مَحْمُولٌ عَلَى مَا طَال عَلَى الشَّفَتَيْنِ، وَعَلَى الْحَفِّ مِنْ طَرَفِ الشَّفَةِ لاَ مِنْ أَصْل الشَّعْرِ، وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُصُّ أَوْ يَأْخُذُ مِنْ شَارِبِهِ (31) ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيل الرَّحْمَنِ يَفْعَلُهُ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ شُرَحْبِيل بْنِ مُسْلِمٍ الْخَوْلاَنِيِّ قَال: رَأَيْتُ خَمْسَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُصُّونَ شَوَارِبَهُمْ وَيَعْفُونَ لِحَاهُمْ وَيُصَغِّرُونَهَا: أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ، وَالْحَجَّاجُ بْنُ عَامِرٍ الثَّمَالِيُّ، وَالْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيُّ، كَانُوا يَقُصُّونَ شَوَارِبَهُمْ مَعَ طَرَفِ الشَّفَةِ (32) .
وَقَال الْمُحَاطِيُّ وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ حَلْقُ الشَّارِبِ.
وَقَال الْبَاجُورِيُّ: إِحْفَاءُ الشَّارِبِ بِالْحَلْقِ أَوِ الْقَصِّ مَكْرُوهٌ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَحْلِقَ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى تَظْهَرَ الشَّفَةُ، وَأَنْ يَقُصَّ مِنْهُ شَيْئًا وَيُبْقِيَ مِنْهُ شَيْئًا.
وَنَقَل الزَّرْكَشِيُّ عَنْ أَبِي حَامِدٍ وَالصَّيْمَرِيِّ؛ اسْتِحْبَابَ الإِْحْفَاءِ، ثُمَّ قَال: وَلَمْ نَجِدْ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ نَصًّا، وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ رَأَيْنَاهُمْ كَالْمُزَنِيِّ وَالرَّبِيعِ كَانَا يُحْفِيَانِ شَوَارِبَهُمَا، فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا أَخَذَا ذَلِكَ عَنْهُ، وَقَال الزَّرْكَشِيُّ: وَزَعَمَ الْغَزَالِيُّ فِي الإِْحْيَاءِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ.
وَلاَ بَأْسَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِتَرْكِ السَّبَالَتَيْنِ، وَهُمَا طَرَفَا الشَّارِبِ، لِفِعْل عُمَرَ - ﵁ - وَغَيْرِهِ؛ وَلأَِنَّهُمَا لاَ يَسْتُرَانِ الْفَمَ، وَلاَ يَبْقَى فِيهِمَا غَمَرُ الطَّعَامِ إِذْ لاَ يَصِل إِلَيْهِمَا.
وَيُكْرَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَأْخِيرُ قَصِّ الشَّارِبِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، وَالتَّأْخِيرُ إِلَى مَا بَعْدَ الأَْرْبَعِينَ أَشَدُّ كَرَاهَةً لِخَبَرِ مُسْلِمٍ الْمُتَقَدِّمِ. قَال فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَعْنَى الْخَبَرِ أَنَّهُمْ لاَ يُؤَخِّرُونَ هَذِهِ الأَْشْيَاءَ فَإِنْ أَخَّرُوهَا فَلاَ يُؤَخِّرُونَهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ، لاَ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُؤَخِّرُونَهَا إِلَى الأَْرْبَعِينَ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالأَْصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَقْلِيمُ الأَْظْفَارِ وَالأَْخْذُ مِنْ هَذِهِ الشُّعُورِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (33) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُسَنُّ قَصُّ الشَّارِبِ - أَيْ قَصُّ الشَّعْرِ الْمُسْتَدِيرِ عَلَى الشَّفَةِ - أَوْ قَصُّ طَرَفِهِ، وَحَفُّهُ أَوْلَى نَصًّا، قَال فِي النِّهَايَةِ: إِحْفَاءُ الشَّوَارِبِ أَنْ تُبَالِغَ فِي قَصِّهَا، وَمِنَ الشَّارِبِ السَّبَالاَنِ وَهُمَا طَرَفَاهُ، لِحَدِيثِ أَحْمَدَ: قُصُّوا سِبَالَكُمْ وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ وَخَالِفُوا أَهْل الْكِتَابِ (34) .
وَقَالُوا: يُسَنُّ الأَْخْذُ مِنَ الشَّارِبِ كُل جُمُعَةٍ لِمَا رُوِيَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَأْخُذُ أَظْفَارَهُ وَشَارِبَهُ كُل جُمُعَةٍ (35) فَإِنْ تَرَكَهُ فَوْقَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا كُرِهَ لِحَدِيثِ أَنَسٍ السَّابِقِ: وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ. . . إِلَخْ؛ وَعَلَّلُوا الأَْخْذَ مِنَ الشَّارِبِ كُل جُمُعَةٍ بِأَنَّهُ إِذَا تُرِكَ يَصِيرُ وَحْشًا. (36)

ثَالِثًا: الأَْخْذُ مِنَ الشَّارِبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ:
12 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ يُرِيدُ حُضُورَ الْجُمُعَةِ تَحْسِينُ هَيْئَتِهِ بِقَصِّ الشَّارِبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأُْمُورِ الْمَنْدُوبَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الَّذِي رَوَاهُ الْبَغَوِيُّ، وَقَدْ سَبَقَ؛ وَلأَِنَّ الْجُمُعَةَ مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ الإِْسْلاَمِ فَاسْتُحِبَّ أَنْ يَكُونَ الْمُقِيمُ لَهَا عَلَى أَحْسَنِ وَصْفٍ، وَإِظْهَارًا لِفَضِيلَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ سَيِّدُ الأَْيَّامِ (37) .
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الأَْخْذَ مِنَ الشَّارِبِ يَكُونُ قَبْل حُضُورِ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ، وَلَكِنِ الْحَنَفِيَّةُ قَالُوا: إِنَّ حَلْقَ الشَّعْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ أَفْضَل لِتَنَالَهُ بَرَكَةُ الصَّلاَةِ (38) .

رَابِعًا: إِزَالَةُ الشَّارِبِ فِي الإِْحْرَامِ:
13 - مِنْ مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إِزَالَةُ الشَّعْرِ مِنْ جَمِيعِ بَدَنِ الْمُحْرِمِ وَمِنْهُ الشَّارِبُ، لِقَوْل اللَّهِ ﷿: {وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} (39) أَيْ: شُعُورَهَا، نَصَّ عَلَى حَلْقِ شَعْرِ الرَّأْسِ وَعَدَّى إِلَى شَعْرِ سَائِرِ الْبَدَنِ لأَِنَّهُ فِي مَعْنَاهُ، إِذْ حَلْقُهُ يُؤْذِنُ بِالرَّفَاهِيَةِ، وَهُوَ يُنَافِي الإِْحْرَامَ، لِكَوْنِ الْمُحْرِمِ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، وَقِيسَ عَلَى الْحَلْقِ النَّتْفُ وَالْقَلْعُ وَنَحْوُهُمَا لأَِنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْحَلْقِ مِنْ حَيْثُ إِزَالَةُ الشَّعْرِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْحَلْقِ فِي الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ لأَِنَّهُ هُوَ الْغَالِبُ (40) ، أَمَّا مَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ فَيُنْظَرُ فِي (إِحْرَام) (وَحَلْق) .

خَامِسًا: الأَْخْذُ مِنْ شَارِبِ الْمَيِّتِ:
14 - إِذَا مَاتَ الْمُحْرِمُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلاَ يُؤْخَذُ مِنْ شَارِبِهِ وَلاَ مِنْ شَعْرِهِ شَيْءٌ؛ مُرَاعَاةً لإِِحْرَامِهِ، لأَِنَّهُ يَظَل عَلَيْهِ، وَيُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا (41) كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الأَْعْرَابِيِّ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ فَمَاتَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَال النَّبِيُّ ﷺ: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا (42) .
وَأَمَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ مِنَ الْمَوْتَى فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الأَْخْذِ مِنْ شَارِبِهِ: وَلِلشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلاَنِ:
قَال النَّوَوِيُّ: يَحْصُل مِنْ كَلاَمِ الشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْخْذِ مِنْ شَارِبِ الْمَيِّتِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ الْمُخْتَارُ: أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَالثَّانِي: لاَ يُكْرَهُ وَلاَ يُسْتَحَبُّ، وَالثَّالِثُ: يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَابِلَةِ إِذَا كَانَ الشَّارِبُ طَوِيلاً؛ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: اصْنَعُوا بِمَوْتَاكُمْ مَا تَصْنَعُونَ بِعَرَائِسِكُمْ (43) . وَلأَِنَّ تَرْكَهُ يُقَبِّحُ مَنْظَرَهُ، وَلأَِنَّهُ فِعْلٌ مَسْنُونٌ فِي الْحَيَاةِ لاَ مَضَرَّةَ فِيهِ فَشُرِعَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَالْغُسْل، وَمِمَّنِ اسْتَحَبَّهُ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ. وَمِمَّنْ كَرِهَهُ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْمُزَنِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَنَقَلَهُ الْعَبْدَرِيُّ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.
وَصَرَّحَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ الأَْخْذُ مِنْ شَارِبِ الْمَيِّتِ بِأَنَّ الأَْخْذَ مِنْهُ يَكُونُ قَبْل الْغُسْل.
وَقَال النَّوَوِيُّ: وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْجُمْهُورُ - يَعْنِي جُمْهُورَ الأَْصْحَابِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ - لِدَفْنِ هَذِهِ الأَْجْزَاءِ مَعَ الْمَيِّتِ، وَقَال صَاحِبُ الْعُدَّةِ: مَا يُؤْخَذُ مِنْهَا يُصَرُّ فِي كَفَنِهِ، وَوَافَقَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي الشَّعْرِ الْمُنَتَّفِ فِي تَسْرِيحِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، وَقَال بِهِ غَيْرُهُمْ.
وَقَال صَاحِبُ الْحَادِي: الاِخْتِيَارُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لاَ يُدْفَنُ مَعَهُ إِذْ لاَ أَصْل لَهُ (44) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا أُخِذَ الشَّعْرُ جُعِل مَعَهُ فِي أَكْفَانِهِ؛ لأَِنَّهُ مِنَ الْمَيِّتِ فَيُسْتَحَبُّ جَعْلُهُ فِي أَكْفَانِهِ كَأَعْضَائِهِ، فَيُغَسَّل وَيُجْعَل مَعَهُ (45) .

سَادِسًا: أَخْذُ الْمُعْتَكِفِ مِنْ شَارِبِهِ:
15 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَضُرُّ فِي الاِعْتِكَافِ أَخْذُ الْمُعْتَكِفِ مِنْ شَارِبِهِ إِذَا لَمْ يُلَوِّثِ الْمَسْجِدَ بِذَلِكَ، لِعَدَمِ وُرُودِ تَرْكِ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَلاَ الأَْمْرِ بِهِ، وَالأَْصْل بَقَاءُ الإِْبَاحَةِ.
لَكِنِ الْمَالِكِيَّةُ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَارِبِهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَوْ جَمَعَ مَا يَأْخُذُهُ فِي ثَوْبِهِ وَأَلْقَاهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لِحُرْمَتِهِ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ يُبْطِل اعْتِكَافَهُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ مِنْهُمْ بِإِبْطَال الاِعْتِكَافِ بِكُل مَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَلاَ يَبْطُل اعْتِكَافُهُ عِنْدَ مَنْ خَصَّ الإِْبْطَال بِالْكَبِيرَةِ.
وَقَالُوا: إِذَا احْتَاجَ الْمُعْتَكِفُ إِلَى قَصِّ شَارِبِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُدْنِيَ رَأْسَهُ لِمَنْ يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَيُصْلِحُهُ، وَلاَ يَخْرُجُ فِي ذَلِكَ إِلَى بَيْتِهِ وَلاَ إِلَى دُكَّانِ الْحَجَّامِ، لأَِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ (46) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُسَنُّ صَوْنُ الْمَسَاجِدِ عَنْ كُل قَذَرٍ كَقَصِّ الشَّارِبِ وَنَحْوِهِ (47) .

سَابِعًا: الْوُضُوءُ وَالْغُسْل بَعْدَ قَصِّ الشَّارِبِ:
16 - نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ الْوُضُوءُ لِمَنْ قَصَّ شَارِبَهُ، وَكَذَلِكَ الْغُسْل (48) .

ثَامِنًا: الْجِنَايَةُ عَلَى الشَّارِبِ:
17 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الشَّارِبِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، لأَِنَّ الشَّارِبَ تَبَعٌ لِلِّحْيَةِ فَصَارَ كَبَعْضِ أَطْرَافِهَا (1) . وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ (حُكُومَة عَدْلٍ) .
__________
(1) سورة الواقعة / 54، 55.
(2) المصباح المنير، والقاموس المحيط، ولسان العرب مادة (شرب) .
(3) الإقناع للشربيني 1 / 38، المفردات ص 257.
(4) المصباح المنير، الخرشي 1 / 121، الإقناع 1 / 38.
(5) المصباح المنير، ولسان العرب، الإقناع للشربيني 1 / 38، نهاية المحتاج 1 / 154.
(6) لسان العرب، والقاموس المحيط.
(7) القاموس المحيط مادة (عثن) .
(8) سورة المائة / 90.
(9) رد المحتار 1 / 66 - 69، الخرشي 1 / 122، نهاية المحتاج 1 / 154، المغني 1 / 116.
(10) رد المحتار 1 / 69، فتح القدير 1 / 10.
(11) الخرشي 1 / 122.
(12) الإقناع للشربيني وحاشية الباجوري 1 / 38.
(13) كشاف القناع 1 / 96، المغني 1 / 116.
(14) حديث: " إن تحت كل شعرة جنابة ". أخرجه أبو داود (1 / 172 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة، ثم أعله بضعف أحد رواته.
(15) حديث: " من ترك موضع شعرة. . . . ". أخرجه أبو داود (1 / 173 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ولمح ابن حجر في التلخيص (1 / 142 - ط شركة الطباعة الفنية) إلى أن الصواب وقفه على عليّ بن أبي طالب.
(16) رد المحتار 1 / 103، الخرشي 1 / 168، مغني المحتاج 1 / 73، المغني 1 / 227 - 228.
(17) الدر المختار ورد المحتار 1 / 69، شرح الزرقاني 1 / 60، المغني 1 / 117.
(18) المغني 1 / 117.
(19) حديث: " الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة. . . . ". أخرجه مسلم (1 / 221 - ط الحلبي) .
(20) قوله: من السنة قص الشوارب تعقب الحافظ ابن حجر كلام النووي، أنه لم ير هذا اللفظ في شيء من نسخ البخاري وأن الصواب أنه عند البخاري بلفظ: " الفطرة " كذا في فتح الباري (10 / 339 - ط السلفية) . ولفظ: " من الفطرة قص الشارب " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 334 - ط السلفية) من حديث ابن عمر.
(21) صحيح مسلم بشرح النووي 3 / 146 - 148، المجموع شرح المهذب 1 / 248 - 287.
(22) حديث: " من لم يأخذ من شاربه فليس منا ". أخرجه الترمذي (5 / 93 - ط الحلبي) وقوى إسناده ابن حجر في الفتح (10 / 337 - ط السلفية) .
(23) القص: أصل القص القطع، يقال: قصصت ما بينهما أي: قطعت، وقص الشعر قطعه، وأخذه بالمقص. الحلق: الإزالة يقال: حلق رأسه يحلقه حلقا وتحلاقا إذا زال شعره. (القاموس المحيط) . الإحفاء: الاستئصال، يقال: أحفى الرجل شاربه إذا بالغ في أخذه وقصه. (لسان العرب، المصباح المنير) .
(24) رد المحتار 2 / 204، 5 / 260 - 261، الاختيار 4 / 177، فتح القدير 2 / 232.
(25) حديث أنس: " وقت لنا في قص الشارب. . . ". أخرجه مسلم (1 / 222 - ط الحلبي) .
(26) رد المحتار 5 / 261 - ط بولاق.
(27) حديث: " قصوا الشوارب. . . ". أخرجه أحمد (2 / 229 - ط الميمنية) من حديث أبي هريرة، وإسناده حسن.
(28) حاشية العدوي على الفواكه الدواني 2 / 353، الفواكه الدواني 1 / 152، القوانين الفقهية 430.
(29) حديث: " كان يحب التيامن. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 523 - ط السلفية) ومسلم (1 / 226 - ط الحلبي) من حديث عائشة.
(30) حديث: " أحفوا الشوارب. . . . ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 349 - ط السلفية) ومسلم (1 / 222 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر.
(31) حديث: " كان يقص أو يأخذ من شاربه. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 93 - ط الحلبي) ، وقال: " حديث حسن غريب ".
(32) أثر شرحبيل بن مسلم. أخرجه البيهقي (1 / 151 - ط دائرة المعارف العثمانية) .
(33) صحيح مسلم بشرح النووي 3 / 149، حاشية الباجوري على الإقناع 2 / 246، أسنى المطالب 1 / 551، المجموع 1 / 287 - 288، روضة الطالبين 2 / 108، 3 / 234.
(34) حديث: " قصوا سبالكم ". أخرجه أحمد (5 / 265 - ط الميمنية) من حديث أبي أمامة، وأورده الهيثمي في المجمع (5 / 131 - ط القدسي) وقال: " رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح، خلا القاسم وهو ثقة، وفيه كلا لا يضر ".
(35) حديث: " أن النبي ﷺ كان يأخذ أظفاره وشاربه كل جمعة ". ورد من حديث أبي هريرة. أخرجه البزار (الكشف / 299 - ط الرسالة) . وقال الهيثمي: " رواه البزار والطبراني في الأوسط، وفيه إبراهيم بن قدامة قال البزار: ليس بحجة إذا انفرد بحديث، وقد تفرد بهذا ". كذا في مجمع الزوائد (2 / 170 - 171 - ط القدسي) .
(36) مطالب أولي النهى 1 / 85 - 87، 2 / 425.
(37) حديث: " الجمعة سيد الأيام. . . ". أخرجه ابن ماجه (1 / 344 - ط الحلبي) من حديث أبي لبابة بن عبد المنذر، وحسنه البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 204 - ط دار الجنان) .
(38) بدائع الصنائع 1 / 269، رد المحتار 1 / 554، جواهر الإكليل 1 / 96، كفاية الطالب 1 / 296، أسنى المطالب 1 / 266، كشاف القناع 2 / 42، مطالب أولي النهى 1 / 87.
(39) سورة البقرة / 196.
(40) رد المحتار 2 / 209، كفاية الطالب 1 / 420، أسنى المطالب 1 / 509، المغني 421 - 422.
(41) فتح العزيز (مع المجموع) 5 / 129.
(42) حديث: " اغسلوه بماء وسدر. . . . ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 136 - ط السلفية) ومسلم (2 / 865 - ط الحلبي) من حديث ابن عباس.
(43) حديث: " اصنعوا بموتاكم ما تصنعون بعرائسكم. . . ". أورده ابن قدامة في المغني (2 / 541 - ط الرياض) ولم يعزه إلى أي مصدر.
(44) الوسيط 2 / 807 - 808، روضة الطالبين 2 / 108، 5 / 178 - 179 - 180.
(45) المغني 2 / 541.
(46) الدسوقي 1 / 549، جواهر الإكليل 1 / 159، مواهب الجليل 2 / 463، الجمل 2 / 363.
(47) مطالب أولي النهى 2 / 254، كشاف القناع 2 / 364.
(48) نهاية المحتاج 2 / 321، الإقناع للشربيني 1 / 47.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 316/ 25