الغني
كلمة (غَنِيّ) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (غَنِيَ...
مَا يذبح عَنِ الْمَوْلُودِ شُكْرًا لِلَّهِ –تعَالَى - بِنِيَّةٍ، وَشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ . ومن أمثلته استحباب الْعَقِيقَة فِي سَابِعِ يوم الْوِلاَدَةِ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ، وَالْحَلْقِ، وَالتَّصَدُّقِ . ومن شواهده قول النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : "كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ، وَيُسَمَّى ." ابن ماجه :3165.
العَقِيقَةُ: الذَّبِيحَةُ التي تُذْبَحُ عن المَوْلُودِ يَوْمَ سابِعِهِ، وأَصْلُ الكلِمَة مِن العَقِّ، وهو: الشَّقُّ، ومنه سُمِّيَ الشَّعْرُ الذي يُولَدُ بِهِ الطِّفْلُ عَقِيقَةً؛ لأنّه يَشُقُّ الجِلْدَ عند خُروجِهِ، يُقال: عَقَّ عن ابْنِهِ، يَعِقُّ، ويَعُقُّ، أيْ: حَلَقَ عَقِيقَتَهُ أو ذَبَحَ عَنْهُ شاةً، ومنه سُـمِّيَتْ تِلْكَ الشَّاةُ عَقِيقَةً؛ لأنَّهُ يُحْلَقُ الشَّعْرُ عند الذَّبْحِ، وقِيل: لأنّها تُذْبَحُ ويُشَقُّ حُلْقُومُها.
عقق
الذَّبِيحَةُ التي تُذْبَحُ عن المَوْلُودِ تَقَرُّبا للهِ تعالى.
العَقِيقَةُ: الذَّبِيحَةُ التي تُذْبَحُ عن المَوْلُودِ يَوْمَ سابِعِهِ. وأَصْلُ الكلِمَة مِن العَقِّ، وهو: الشَّقُّ.
مَا يذبح عَنِ الْمَوْلُودِ شُكْرًا لِلَّهِ –تعَالَى- بِنِيَّةٍ، وَشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ.
* العين : (1/62)
* جمهرة اللغة : (1/156)
* تهذيب اللغة : (1/47)
* مشارق الأنوار : (2/100)
* النهاية في غريب الحديث والأثر : (3/276)
* بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع : (5/69)
* حاشية الدسوقي على الشرح الكبير : (2/126)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (3/24)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (2/527)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 318) -
التَّعْرِيفُ:
1 - تُطْلَقُ الْعَقِيقَةُ فِي اللُّغَةِ عَلَى: الْخَرَزَةِ الْحَمْرَاءِ مِنَ الأَْحْجَارِ الْكَرِيمَةِ، وَقَدْ تَكُونُ صَفْرَاءَ أَوْ بَيْضَاءَ، وَعَلَى: شَعْرِ كُل مَوْلُودٍ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ يَنْبُتُ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَعَلَى الذَّبِيحَةِ الَّتِي تُذْبَحُ عَنِ الْمَوْلُودِ عِنْدَ حَلْقِ شَعْرِهِ.
وَيُقَال: عَقَّ فُلاَنٌ يَعُقُّ بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْضًا: حَلَقَ عَقِيقَةَ مَوْلُودِهِ، وَعَقَّ فُلاَنٌ عَنْ مَوْلُودِهِ يَعُقُّ بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْضًا: ذَبَحَ عَنْهُ (1) .
وَالْعَقِيقَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: مَا يُذَكَّى عَنِ الْمَوْلُودِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى بِنِيَّةٍ وَشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ.
وَكَرِهَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ تَسْمِيَتَهَا عَقِيقَةً وَقَالُوا: يُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهَا: نَسِيكَةً أَوْ ذَبِيحَةً (2) الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الأُْضْحِيَّةُ:
2 - الأُْضْحِيَّةُ: مَا يُذَكَّى تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَيَّامِ النَّحْرِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ.
وَكُلٌّ مِنَ الْعَقِيقَةِ وَالأُْضْحِيَّةِ يُذْبَحُ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَشُكْرًا لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى نِعَمِهِ.
غَيْرَ أَنَّ الْعَقِيقَةَ تُذْبَحُ لِلتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالشُّكْرِ لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى إِنْعَامِهِ عَلَى الْوَالِدَيْنِ بِالْمَوْلُودِ، وَعَلَى الْمَوْلُودِ بِنِعْمَةِ الْحَيَاةِ، وَلَيْسَ لَهَا مِنَ الْعَامِ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، فَهِيَ مُرْتَبِطَةٌ بِوِلاَدَةِ الْمَوْلُودِ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنَ الْعَامِ.
وَأَمَّا الأُْضْحِيَّةُ فَإِنَّهَا تُذْبَحُ لِلتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالشُّكْرِ لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى نِعْمَةِ الْحَيَاةِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ، وَهِيَ وَقْتُهَا.
ب - الْهَدْيُ:
3 - الْهَدْيُ مَا يُذَكَّى مِنَ الأَْنْعَامِ فِي الْحَرَمِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ لِلتَّمَتُّعِ وَنَحْوِهِ وَتَجْتَمِعُ الْعَقِيقَةُ وَالْهَدْيُ فِي أَنَّهُمَا قُرْبَةٌ، غَيْرَ أَنَّ الْعَقِيقَةَ مُرْتَبِطَةٌ بِوَقْتِ وِلاَدَةِ الْمَوْلُودِ، وَفِي أَيِّ مَكَانٍ، أَمَّا الْهَدْيُ فَفِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَفِي الْحَرَمِ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ الْعَقِيقَةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ (3) . وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تُبَاحُ الْعَقِيقَةُ فِي سَابِعِ الْوِلاَدَةِ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ وَالْحَلْقِ وَالتَّصَدُّقِ، وَقِيل: يَعُقُّ تَطَوُّعًا بِنِيَّةِ الشُّكْرِ لِلَّهِ تَعَالَى (4) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ (5) . وَالْمَنْدُوبُ عِنْدَهُمْ أَقَل مِنَ الْمَسْنُونِ.
وَاسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى كَوْنِهَا سُنَّةً مُؤَكَّدَةً بِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ (6) ، مِنْهَا: حَدِيثُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ﵁ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: الْغُلاَمُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ، يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ (7) وَفِي رِوَايَةٍ: كُل غُلاَمٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَيُحْلَقُ وَيُسَمَّى. (8)
وَمَعْنَى " مُرْتَهَنٌ " " وَرَهِينٌ " قِيل: لاَ يَنْمُو نُمُوَّ مِثْلِهِ حَتَّى يُعَقَّ عَنْهُ
. حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ الْعَقِيقَةِ:
5 - شُرِعَتِ الْعَقِيقَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ إِظْهَارٍ لِلْبِشْرِ وَالنِّعْمَةِ وَنَشْرِ النَّسَبِ.
الْعَقِيقَةُ عَنِ الْمَيِّتِ:
6 - قَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ مَاتَ الْمَوْلُودُ قَبْل السَّابِعِ اسْتُحِبَّتِ الْعَقِيقَةُ عَنْهُ كَمَا تُسْتَحَبُّ عَنِ الْحَيِّ.
وَقَال الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَالِكٌ: لاَ تُسْتَحَبُّ الْعَقِيقَةُ عَنْهُ (9) .
الْعَقِيقَةُ عَنِ الأُْنْثَى:
7 - ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الأُْنْثَى تُشْرَعُ الْعَقِيقَةُ عَنْهَا كَمَا تُشْرَعُ عَنِ الذَّكَرِ لِحَدِيثِ أُمِّ كُرْزٍ الْخُزَاعِيَّةِ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول فِي الْعَقِيقَةِ: عَنِ الْغُلاَمِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ (10)
مَنْ تُطْلَبُ مِنْهُ الْعَقِيقَةُ:
8 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعَقِيقَةَ تُطْلَبُ مِنَ الأَْصْل الَّذِي تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْمَوْلُودِ بِتَقْدِيرِ فَقْرِهِ، فَيُؤَدِّيهَا مِنْ مَال نَفْسِهِ لاَ مِنْ مَال الْمَوْلُودِ، وَلاَ يَفْعَلُهَا مَنْ لاَ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ إِلاَّ بِإِذْنِ مَنْ تَلْزَمُهُ.
وَلاَ يَقْدَحُ فِي الْحُكْمِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ (11) ، مَعَ أَنَّ الَّذِي تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمَا هُوَ وَالِدُهُمَا؛ لأَِنَّهُ يُحْتَمَل أَنَّ نَفَقَتَهُمَا كَانَتْ عَلَى الرَّسُول ﷺ لاَ عَلَى وَالِدَيْهِمَا، وَيُحْتَمَل أَنَّهُ ﵊ عَقَّ عَنْهُمَا بِإِذْنِ أَبِيهِمَا.
وَمَنْ بَلَغَ مِنَ الأَْوْلاَدِ وَلَمْ يَعُقَّ عَنْهُ أَحَدٌ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَعُقَّ عَنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (12) .
وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُطَالَبِ بِالْعَقِيقَةِ عِنْدَهُمْ: أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهَا فَاضِلَةً عَنْ مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ قَبْل مُضِيِّ أَكْثَرِ مُدَّةِ النِّفَاسِ وَهِيَ سِتُّونَ يَوْمًا فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تُسَنَّ لَهُ (13) .
وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْمُطَالَبَ بِالْعَقِيقَةِ هُوَ الأَْبُ (14) .
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ لاَ يَعُقُّ غَيْرُ أَبٍ إِلاَّ إِنْ تَعَذَّرَ بِمَوْتٍ أَوِ امْتِنَاعٍ، فَإِنْ فَعَلَهَا غَيْرُ الأَْبِ لَمْ تُكْرَهْ وَلَكِنَّهَا لاَ تَكُونُ عَقِيقَةً، وَإِنَّمَا عَقَّ النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ؛ لأَِنَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.
وَصَرَّحُوا بِأَنَّهَا تُسَنُّ فِي حَقِّ الأَْبِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، وَيَقْتَرِضُ إِنْ كَانَ يَسْتَطِيعُ الْوَفَاءَ.
قَال أَحْمَدُ: إِذَا لَمْ يَكُنْ مَالِكًا مَا يَعُقُّ فَاسْتَقْرَضَ أَرْجُو أَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ أَحْيَا سُنَّةَ رَسُول اللَّهِ ﷺ (15) .
وَقْتُ الْعَقِيقَةِ:
9 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ وَقْتَ ذَبْحِ الْعَقِيقَةِ يَبْدَأُ مِنْ تَمَامِ انْفِصَال الْمَوْلُودِ، فَلاَ تَصِحُّ عَقِيقَةٌ قَبْلَهُ، بَل تَكُونُ ذَبِيحَةً عَادِيَةً.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ وَقْتَ الْعَقِيقَةِ يَكُونُ فِي سَابِعِ الْوِلاَدَةِ وَلاَ يَكُونُ قَبْلَهُ (16) .
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ كَوْنِ الذَّبْحِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ عَلَى اخْتِلاَفٍ فِي وَقْتِ الإِْجْزَاءِ كَمَا سَبَقَ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ يَوْمَ الْوِلاَدَةِ يُحْسَبُ مِنَ السَّبْعَةِ، وَلاَ تُحْسَبُ اللَّيْلَةُ إِنْ وُلِدَ لَيْلاً، بَل يُحْسَبُ الْيَوْمُ الَّذِي يَلِيهَا (17) . وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يُحْسَبُ يَوْمُ الْوِلاَدَةِ فِي حَقِّ مَنْ وُلِدَ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَأَمَّا مَنْ وُلِدَ مَعَ الْفَجْرِ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنَّ الْيَوْمَ يُحْسَبُ فِي حَقِّهِ (18) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ وَقْتَ الْعَقِيقَةِ يَفُوتُ بِفَوَاتِ الْيَوْمِ السَّابِعِ (19) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ وَقْتَ الإِْجْزَاءِ فِي حَقِّ الأَْبِ وَنَحْوِهِ يَنْتَهِي بِبُلُوغِ الْمَوْلُودِ (20) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنْ فَاتَ ذَبْحُ الْعَقِيقَةِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ يُسَنُّ ذَبْحُهَا فِي الرَّابِعَ عَشَرَ، فَإِنْ فَاتَ ذَبْحُهَا فِيهِ انْتَقَلَتْ إِلَى الْيَوْمِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ وِلاَدَةِ الْمَوْلُودِ فَيُسَنُّ ذَبْحُهَا فِيهِ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا (21) .
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْعَقِيقَةَ لاَ تَفُوتُ بِتَأْخِيرِهَا لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَلاَّ تُؤَخَّرَ عَنْ سِنِّ الْبُلُوغِ فَإِنْ أُخِّرَتْ حَتَّى يَبْلُغَ سَقَطَ حُكْمُهَا فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَوْلُودِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْعَقِيقَةِ عَنْ نَفْسِهِ، وَاسْتَحْسَنَ الْقَفَّال الشَّاشِيُّ أَنْ يَفْعَلَهَا، وَنَقَلُوا عَنْ نَصِّهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ: أَنَّهُ لاَ يَفْعَل ذَلِكَ وَاسْتَغْرَبُوهُ (22) مَا يُجْزِئُ فِي الْعَقِيقَةِ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنْهَا:
10 - يُجْزِئُ فِي الْعَقِيقَةِ الْجِنْسُ الَّذِي يُجْزِئُ فِي الأُْضْحِيَّةِ، وَهُوَ الأَْنْعَامُ مِنْ إِبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ، وَلاَ يُجْزِئُ غَيْرُهَا، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (23) وَمُقَابِل الأَْرْجَحِ أَنَّهَا لاَ تَكُونُ إِلاَّ مِنَ الْغَنَمِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُجْزِئُ فِيهَا الْمِقْدَارُ الَّذِي يُجْزِئُ فِي الأُْضْحِيَّةِ وَأَقَلُّهُ شَاةٌ كَامِلَةٌ، أَوِ السُّبُعُ مِنْ بَدَنَةٍ أَوْ مِنْ بَقَرَةٍ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: لاَ يُجْزِئُ فِي الْعَقِيقَةِ إِلاَّ بَدَنَةٌ كَامِلَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ كَامِلَةٌ (24) .
11 - وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ (25) إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَعُقَّ عَنِ الذَّكَرِ بِشَاتَيْنِ مُتَمَاثِلَتَيْنِ وَعَنِ الأُْنْثَى بِشَاةٍ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَمَرَهُمْ عَنِ الْغُلاَمِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ. (26) وَيَجُوزُ الْعَقُّ عَنِ الذَّكَرِ بِشَاةٍ وَاحِدَةٍ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ﵄ كَبْشًا كَبْشًا. (27)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ (28) إِلَى أَنَّهُ يَعُقُّ عَنِ الْغُلاَمِ وَالْجَارِيَةِ شَاةً شَاةً وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا يَفْعَلُهُ.
وَقَال الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ لاَ عَقِيقَةَ عَنِ الْجَارِيَةِ (29) .
12 - وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعَقِيقَةِ عِنْدَ الذَّبْحِ مَا يُشْتَرَطُ فِي أَيِّ ذَبِيحَةٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُول: اللَّهُمَّ لَكَ وَإِلَيْكَ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلاَنٍ (30) ، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَقَال: قُولُوا بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ لَكَ وَإِلَيْكَ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلاَنٍ. (31)
طَبْخُ الْعَقِيقَةِ:
13 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ طَبْخُ الْعَقِيقَةِ كُلِّهَا حَتَّى مَا يُتَصَدَّقَ بِهِ مِنْهَا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂: السُّنَّةُ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ عَنِ الْغُلاَمِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ، تُطْبَخُ جُدُولاً وَلاَ يَكْسِرُ عَظْمًا، وَيَأْكُل وَيُطْعِمُ وَيَتَصَدَّقُ وَذَلِكَ يَوْمَ السَّابِعِ. (1)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَجُوزُ فِي الْعَقِيقَةِ تَفْرِيقُهَا نِيئَةً وَمَطْبُوخَةً (2) .
وَيَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ عِنْدَ الْكَلاَمِ عَنِ الْعَقِيقَةِ أُمُورًا مِنْهَا تَسْمِيَةُ الْمَوْلُودِ، وَحَلْقُ رَأْسِهِ، وَمَا يُقَال فِي أُذُنَيْهِ، وَتَحْنِيكُهُ، وَخِتَانُهُ، وَالتَّهْنِئَةُ بِمَوْلِدِهِ. . . وَتُنْظَرُ كُلُّهَا فِي مُصْطَلَحَاتِهَا
__________
(1) القاموس المحيط، والمعجم الوسيط.
(2) تحفة المحتاج بحاشية الشرواني 8 / 164، 165، ونهاية المحتاج بحاشيتي الرشيدي والشبراملسي 8 / 137، ومطالب أولي النهى 2 / 492.
(3) نهاية المحتاج بحاشيتي الرشيدي والشبراملسي 8 / 137 والمجموع للنووي 8 / 435، مطالب أولي النهى 2 / 488.
(4) البدائع 5 / 59 وابن عدي 5 / 213.
(5) الشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقي 2 / 126.
(6) نهاية المحتاج: بحاشيتي الرشيدي والشبراملسي 8 / 137، والمجموع للنووي 8 / 435.
(7) حديث: " الغلام مرتهن بعقيقته. . . ". أحرجه الترمذي (4 / 101) من حديث سمرة. وقال: حديث حسن صحيح.
(8) حديث: " كل غلام رهينة بعقيقته. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 260) والحاكم (4 / 237) من حديث سمرة. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.
(9) المجموع للنووي 8 / 448.
(10) حديث أم كرز " عن الغلام شاتان. . . ". أخرجه الترمذي (4 / 97) وقال: حديث حسن صحيح.
(11) حديث: " عق النبي ﷺ عن الحسن والحسين. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 261 - 262) من حديث ابن عباس. وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في فتح الباري (9 / 589) .
(12) نهاية المحتاج 8 / 138، وتحفة المحتاج بحاشية الشرواني 8 / 166.
(13) نفس المرجعين.
(14) الشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقي 2 / 126.
(15) مطالب أولي النهى 2 / 489.
(16) الطحطاوي على الدر 4 / 168، وحاشية الدسوقي 2 / 126.
(17) المجموع 8 / 431.
(18) الشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقي 2 / 126.
(19) المرجع السابق.
(20) نهاية المحتاج 8 / 138، وتحفة المحتاج 8 / 166.
(21) المحلى 7 / 528، وحاشية الدسوقي 2 / 126، والمغني 11 / 121.
(22) المجموع 8 / 431، وروضة الطالبين 3 / 229.
(23) المجموع للنووي 8 / 447، تحفة المحتاج بحاشية الشرواني 8 / 167، البدائع 5 / 72 وحاشية ابن عابدين 5 / 213، ومطالب أولي النهى 2 / 489، وحاشيتا الرهوني وكنون على الزرقاني 3 / 67، 68، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي 2 / 126.
(24) الشرح الكبير أيضًا والمطالب أيضًا.
(25) نهاية المحتاج 8 / 138، ومطالب أولي النهى 2 / 489.
(26) حديث عائشة: " أمرهم عن الغلام شاتان. . . ". أخرجه الترمذي (4 / 97) وقال: حديث حسن صحيح.
(27) حديث ابن عباس: " أن النبي ﷺ عق. . . " سبق تخريجه ف7.
(28) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 5 / 213، الشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقي 2 / 126.
(29) المجموع للنووي 8 / 447.
(30) المرجع السابق.
(31) حديث: " قولوا بسم الله والله أكبر. . . ". أخرجه البيهقي (9 / 304) وحسن إسناده النووي في المجموع (8 / 428) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 276/ 30
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".