اللُّقَطَةُ
من معجم المصطلحات الشرعية
مالٌ ضائع يوجد على الأرض، ولا يعرف له مالك . ومن أمثلته الإشهاد على اللقطة، وتعريفها . ومن شواهده الحديث الشريف : "مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً، فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ، أَوْ ذَوِي عَدْلٍ، وَلَا يَكْتُمْ، وَلَا يُغَيِّبْ، فَإِنْ وَجَدَ صَاحِبَهَا، فَلْيَرُدَّهَا عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ - يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ". أبو داود :1709، صحيح .
من موسوعة المصطلحات الإسلامية
التعريف اللغوي
اللُّقَطَةُ: الشَّيْءُ المَلْقُوطُ، وهي اسْمٌ لِلشَّيْءِ الذي تَجِدُهُ مُلْقًى على الأَرْضِ فَتَأْخُذهُ، واللُّقاطَةُ: الشَّيْءُ السَّاقِطُ لا قِيمَةَ لَهُ. وأَصْلُها مِن اللَّقْطِ، وهو: أَخْذُ الشَّيْءِ مِن الأَرْضِ، يُقَالُ: لَقَطَ الطَّائِرُ الحَبَّ: إذا أَخَذَهُ مِن الأَرْضِ. ويأْتي بِمعنى الرَّفْعِ، فيُقال: لَقَطَ الثَّوْبَ لَقْطاً: إذا رَفَعَهُ. وتُطْلَقُ اللُّقَطَةُ على الضَّائِعِ مِن الصِّبْيانِ، ويُسَمَّى لَقِيطاً، واللَّقِيطَةُ: المَرْأَةُ المَهِينَةُ السَّاقِطَةُ.
إطلاقات المصطلح
يَرِد مُصْطلَح (لُقَطَة) في الفِقْهِ عِدَّة مواضِع، منها: كتاب الزَّكاةِ، باب: زَكاة النَّقْدَيْنِ، وكتاب البُيوعِ، باب: الخِيار في البَيْعِ، والوَدِيعَة، والغَصْب، والجُعالَة، وغَيْر ذلك مِن الأبواب.
جذر الكلمة
لقط
المعنى الاصطلاحي
المالُ المُحْتَرَمُ شَرْعًا يَجِدُهُ شَخْصٌ في غَيْرِ حِرْزٍ ولا يَعْرِفُ مالِكَهُ.
الشرح المختصر
اللُّقَطَةُ: هي المالُ الضَّائِعُ مِن صاحِبِهِ يَلْتَقِطُهُ غَيْرُهُ، وقيل: هي المالُ المعْصُومُ - سَواء كان لِمُسْلِمٍ أو لِكافِرٍ مُعاهَدٍ - الذي ضاعَ مِن صاحِبِهِ سَهْواً أو غَفْلَةً أو نحوَ ذلك في غَيْرِ حِرْزٍ، والمُراد بِالحِرْزِ: ما جُعِلَ عادَةً لِحِفْظِ أَمْوالِ النَّاسِ، كالدَّارِ والحانُوتِ ونحوِ ذلك، فَيَجِدُهُ غَيْرُهُ ولا يَعْرِفُ مُسْتَحِقَّهُ، أي: مالِكَهُ، فَيَأْخُذَهُ لِحِفْظِهِ أو تَمَلُّكِهِ بعد التّعْرِيفِ بِه سَنَةً كامِلَةً، فَخَرَجَ بذلك ما عُرِفَ مُسْتَحِقُّهُ، كَمَن وَجَدَ مِحْفَظَةً فيها نُقُودٌ ومَعَها بِطاقَةُ صاحِبِها، وأمَّا ما ليس له مُسْتَحِقٌّ أَصْلاً، فهو المالُ المُباحُ، وهو لِآخِذِهِ. واللُّقَطَةُ لها ثَلاثُ حالاتٍ، ولِكلِّ حالَةٍ أحكامُها في كتُبِ الفقه: 1- أن تكون شَيْئاً حَقِيراً لا يَهْتَمُّ لَهُ أَوْساطُ النَّاسِ، كالسَّوْطِ والرَّغِيفِ والثَّمَرَةِ والعَصا. 2- أن تكون مِمَّا يَحْمِي نَفْسَهُ مِن صِغارِ السِّباعِ؛ إمَّا لِضَخامَتِهِ كالإِبِلِ والخَيْلِ، وإمَّا لِطَيَرانِهِ كالطُّيُورِ، وإمَّا لِسُرْعَةِ عَدْوِهِ كالظِّباءِ، وإمَّا لِدِفاعِهِ عن نَفْسِهِ بِنابِهِ كالفُهودِ، ويُلْحَقُ بِذلك الأَدَواتُ الكَبِيرَةُ كالقِدْرِ الضَّخْمَةِ والخَشَبِ والحَدِيدِ ونحوِ ذلك مِمَّا لا يَنْتَقِلُ عن مَكانِهِ. 3- أن تكون مِن سائِرِ الأَمْوالِ كالنُّقُودِ والذَّهَبِ والفِضَّةِ وما لا يَحْمِي نَفْسَهُ مِن صِغار السِّباعِ كالغَنَمِ، وهذه على ثَلاثَةِ أَنْواعٍ: الأَوَّلُ: حَيَوانٌ مَأْكُولٌ كَشاةٍ ودَجاجَةٍ ونحوِهِما. الثَّانِي: ما يُخْشَى فَسادُهُ كَفاكِهَةٍ ونَحوِها. الثَّالِثُ: سائِرُ الأَمْوالِ ما عدا القِسْمَيْنِ السَّابِقَيْنِ كالنُّقودِ والأَوانِي وما شابَهَ ذلك.
التعريف اللغوي المختصر
اللُّقَطَةُ: اسْمٌ لِلشَّيْءِ الذي تَجِدُهُ مُلْقًى على الأَرْضِ فَتَأْخُذهُ، وأَصْلُها مِن اللَّقْطِ، وهو: أَخْذُ الشَّيْءِ مِن الأَرْضِ، يُقال: لَقَطَ الطَّائِرُ الحَبَّ: إذا أَخَذَهُ مِن الأَرْضِ.
التعريف
مالٌ ضائع يوجد على الأرض، ولا يعرف له مالك.
المراجع
* العين : (5/100)
* مقاييس اللغة : (5/262)
* الاختيار لتعليل المختار : (3/32)
* مغني الـمحتاج فـي شرح الـمنهاج : (2/406)
* فتح القدير لابن الهمام : (6/118)
* بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع : (6/200)
* منح الجليل شرح مختصر خليل : (8/224)
* روضة الطالبين : (5/418)
* البحر الرائق شرح كنز الدقائق : (5/82)
* تهذيب اللغة : (9/16)
* المحكم والمحيط الأعظم : (6/279)
* لسان العرب : (7/392)
* تاج العروس : (20/75)
* مواهب الجليل في شرح مختصر خليل : (6/69)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (4/209)
* القاموس الفقهي : (ص 332)
* الـمغني لابن قدامة : (3/18) -
من الموسوعة الكويتية
التَّعْرِيفُ:
1 - اللُّقَطَةُ فِي اللُّغَةِ: مِنْ لَقَطَ أَيْ أَخَذَ الشَّيْءَ مِنَ الأَْرْضِ، وَكُل نُثَارَةٍ مِنْ سُنْبُلٍ أَوْ تَمْرٍ لَقْطٌ (1) .
وَاللُّقَطَةُ شَرْعًا هِيَ الْمَال الضَّائِعُ مِنْ رَبِّهِ يَلْتَقِطُهُ غَيْرُهُ، أَوِ الشَّيْءُ الَّذِي يَجِدُهُ الْمَرْءُ مُلْقًى فَيَأْخُذُهُ أَمَانَةً (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - اللَّقِيطُ:
2 - سُمِّيَ لَقِيطًا وَمَلْقُوطًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُلْقَطُ، وَمَنْبُوذًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُنْبَذُ، وَيُسَمَّى أَيْضًا دَعِيًّا (3) ، وَشَرْعًا اللَّقِيطُ: اسْمُ الْمَوْلُودِ طَرَحَهُ أَهْلُهُ خَوْفًا مِنَ الْعَيْلَةِ أَوْ فِرَارًا مِنْ تُهْمَةِ الزِّنَا، أَوْ هُوَ طِفْلٌ نَبِيذٌ بِنَحْوِ شَارِعٍ لاَ يُعْرَفُ لَهُ مُدَّعٍ (4) . قَال تَعَالَى: {فَالْتَقَطَهُ آل فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} (5) وَاللُّقَطَةُ أَعَمُّ مِنَ اللَّقِيطِ.
ب - الْكَنْزُ:
3 - الْكَنْزُ هُوَ الْمَال الْمَدْفُونُ الَّذِي لاَ يُعْرَفُ دَافِنُهُ (6) .
وَاللُّقَطَةُ وَالْكَنْزُ صَاحِبُهُمَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ.
حُكْمُ الاِلْتِقَاطِ
4 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الاِلْتِقَاطِ عَلَى مَا يَأْتِي:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (7) إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ رَفْعُ اللُّقَطَةِ مِنْ عَلَى الأَْرْضِ إِنْ أَمِنَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى نَفْسِهِ تَعْرِيفَهَا، وَإِلاَّ فَالتَّرْكُ أَوْلَى مِنَ الرَّفْعِ، وَإِنْ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ حَرُمَ، لأَِنَّهَا كَالْغَصْبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
وَيُفْرَضُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا إِذَا خَافَ مِنَ الضَّيَاعِ، لأَِنَّ لِمَال الْمُسْلِمِ حُرْمَةً كَمَال نَفْسِهِ فَلَوْ تَرَكَهَا حَتَّى ضَاعَتْ كَانَ آثِمًا.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ كَانَ الاِلْتِقَاطُ حَرَامًا، وَإِنْ كَانَ يَخَافُ أَنْ يَسْتَفِزَّهُ الشَّيْطَانُ وَلاَ يَتَحَقَّقُ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا، وَإِنْ كَانَ يَثِقُ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ نَاسٍ لاَ بَأْسَ بِهِمْ وَلاَ يَخَافُ عَلَيْهَا الْخَوَنَةَ، وَإِمَّا أَنْ يَخَافَهُمْ فَإِنْ خَافَهُمْ وَجَبَ عَلَيْهِ الاِلْتِقَاطُ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْهُمْ فَلِمَالِكٍ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ:
الأَْوَّل: الاِسْتِحْبَابُ مُطْلَقًا.
الثَّانِي: الاِسْتِحْبَابُ فِيمَا لَهُ بَالٌ فَقَطْ.
الثَّالِثُ: الْكَرَاهَةُ (8) .
وَقَال الشَّافِعِيُّ: إِذَا وَجَدَهَا بِمَضِيعَةِ وَأَمِنَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا فَالأَْفْضَل أَخْذُهَا، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ ذَلِكَ وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّهُ يَجِبُ أَخْذُهَا صِيَانَةً لِلْمَال عَنِ الضَّيَاعِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (9) . فَإِذَا كَانَ الْمُؤْمِنُ وَلِيًّا لِلْمُؤْمِنِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ حِفْظُ مَالِهِ فَلاَ يَتْرُكُهُ عُرْضَةً لِلضَّيَاعِ.
وَمِمَّنْ رَأَى أَخْذَهَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَخَذَهَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فِعْلاً (10) .
وَيَرَى أَحْمَدُ أَنَّ الأَْفْضَل تَرْكُ الاِلْتِقَاطِ وَرُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ ﵃ وَبِهِ قَال جَابِرٌ وَابْنُ زَيْدٍ وَالرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ وَعَطَاءٌ، وَحُجَّتُهُمْ: حَدِيثُ الْجَارُودِ مَرْفُوعًا: ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرْقُ النَّارِ (11) . وَلأَِنَّهُ تَعْوِيضٌ لِنَفْسِهِ لأَِكْل الْحَرَامِ وَتَضْيِيعِ الْوَاجِبِ فِي تَعْرِيفِهَا وَأَدَاءِ الأَْمَانَةِ فِيهَا فَكَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى وَأَسْلَمَ (12) .
مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الاِلْتِقَاطُ
5 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الاِلْتِقَاطُ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ اتِّجَاهَانِ:
الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الاِلْتِقَاطُ مِنْ أَيِّ إِنْسَانٍ سَوَاءٌ كَانَ مُكَلَّفًا أَمْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، رَشِيدًا أَمْ لاَ.
وَعَلَى ذَلِكَ يَصِحُّ الاِلْتِقَاطُ مِنَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالسَّفِيهِ وَمِنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ، وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ الْمَجْنُونَ فَلاَ يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ عِنْدَهُمْ وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ فِي قَوْلٍ، وَقَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا يَلِي:
أ - عُمُومُ الأَْخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي اللُّقَطَةِ، فَلَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ مُلْتَقِطٍ وَآخَرَ. ب - أَنَّ الاِلْتِقَاطَ تَكَسُّبٌ فَصَحَّ مِنْ هَؤُلاَءِ كَالاِصْطِيَادِ وَالاِحْتِشَاشِ (13) .
الاِتِّجَاهُ الثَّانِي:
ذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ هُوَ كُل حُرٍّ مُسْلِمٍ، بَالِغٍ، وَعَلَى ذَلِكَ لاَ يَصِحُّ الاِلْتِقَاطُ عِنْدَهُ مِنَ الْعَبْدِ وَلاَ مِنَ الذِّمِّيِّ وَلاَ مِنَ الصَّبِيِّ، وَوَافَقَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي عَدَمِ جَوَازِ الاِلْتِقَاطِ مِنَ الذِّمِّيِّ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا يَأْتِي:
أ - أَنَّ اللُّقَطَةَ وِلاَيَةٌ وَلاَ وِلاَيَةَ لِلْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ وَالصَّغِيرِ.
ب - أَنَّ اللُّقَطَةَ أَمَانَةٌ وَالذِّمِّيُّ لَيْسَ أَهْلاً لِلأَْمَانَاتِ.
وَإِنْ تَلِفَتِ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ مَنْ يَجُوزُ لَهُ الاِلْتِقَاطُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ، لأَِنَّهُ أَخَذَ مَا لَهُ الْحَقُّ فِي أَخْذِهِ.
أَمَّا إِنْ كَانَ التَّلَفُ بِتَفْرِيطِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا مِنْ مَالِهِ هُوَ (14) .
وَإِذَا عَلِمَ الْوَلِيُّ بِالْتِقَاطِ مَنْ عَلَيْهِ الْوِلاَيَةُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَخْذُهَا مِنْهُ، لأَِنَّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْحِفْظِ وَالأَْمَانَةِ، فَإِنْ تَرَكَهَا الْوَلِيُّ فِي يَدِهِ كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا، لأَِنَّهُ يَلْزَمُهُ حِفْظُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الصَّبِيِّ، وَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّهُ، فَإِذَا تَرَكَهَا فِي يَدِهِ كَانَ مُضَيِّعًا لَهَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا، وَإِذَا أَخَذَهَا الْوَلِيُّ عَرَّفَهَا هُوَ، لأَِنَّ وَاجِدَهَا لَيْسَ مِنْ أَهْل التَّعْرِيفِ، فَإِذَا عَرَّفَهَا خِلاَل مُدَّةِ التَّعْرِيفِ دَخَلَتْ فِي مِلْكِ وَاجِدِهَا وَلَيْسَ فِي مِلْكِ الْوَلِيِّ لأَِنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ تَمَّ شَرْطُهُ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ.
الإِْشْهَادُ عَلَى اللُّقَطَةِ
6 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُسَنُّ الإِْشْهَادُ عَلَى اللُّقَطَةِ حِينَ يَجِدُهَا، لأَِنَّ فِي الإِْشْهَادِ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ عَنِ الطَّمَعِ فِيهَا وَكَتْمِهَا وَحِفْظِهَا مِنْ وَرَثَتِهِ إِنْ مَاتَ، وَمِنْ غُرَمَائِهِ إِنْ أَفْلَسَ، وَيُشْهِدُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ أَكَانَ الاِلْتِقَاطُ لِلتَّمَلُّكِ أَمْ لِلْحِفْظِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ مُقَابِل الْمَذْهَبِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى وُجُوبِ الإِْشْهَادِ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوِي عَدْلٍ وَلاَ يَكْتُمْ وَلاَ يُغَيِّبْ (15) ، وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ ادِّعَاءَ مِلْكِيَّتِهَا.
وَيَكُونُ الإِْشْهَادُ بِقَوْلِهِ عَلَى مَسْمَعٍ مِنَ النَّاسِ: إِنِّي أَلْتَقِطُ لُقَطَةً، أَوْ عِنْدِي لُقَطَةٌ، فَأَيُّ النَّاسِ أَنْشَدَهَا فَدُلُّوهُ عَلَيَّ، فَإِذَا أَشْهَدَ عَلَيْهَا ثُمَّ هَلَكَتْ فَالْقَوْل قَوْل الْمُلْتَقِطِ وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ.
وَيَذْكُرُ فِي الإِْشْهَادِ بَعْضَ صِفَاتِ اللُّقَطَةِ لِيَكُونَ فِي الإِْشْهَادِ فَائِدَةٌ وَلاَ يَسْتَوْعِبُ صِفَاتِهَا لِئَلاَّ يَنْتَشِرَ ذَلِكَ فَيَدَّعِيهَا مَنْ لاَ يَسْتَحِقُّهَا مِمَّنْ يَذْكُرُ صِفَاتِهَا الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُلْتَقِطُ، وَلَكِنْ يَذْكُرُ لِلشُّهُودِ مَا يَذْكُرُهُ فِي التَّعْرِيفِ مِنَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ، أَوْ عِفَاصِهَا أَوْ وِكَائِهَا (16) .
تَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ
7 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ تَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ سَوَاءٌ أَرَادَ تَمَلُّكَهَا أَوْ حِفْظَهَا لِصَاحِبِهَا لِمَا وَرَدَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَال: أَصَبْتُ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَال: عَرِّفْهَا حَوْلاً فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَال: عَرِّفْهَا حَوْلاً فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ ثَلاَثًا فَقَال: احْفَظْ وِعَاءَهَا وَعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلاَّ فَاسْتَمْتِعْ بِهَا (17) . وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ أَرَادَ حِفْظَهَا وَمَنْ أَرَادَ تَمَلُّكَهَا، وَلأَِنَّ حِفْظَهَا لِصَاحِبِهَا إِنَّمَا يُقَيِّدُ بِاتِّصَالِهَا إِلَيْهِ وَطَرِيقَةِ التَّعْرِيفِ، أَمَّا بَقَاؤُهَا فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ مِنْ غَيْرِ وُصُولِهَا إِلَى صَاحِبِهَا وَهَلاَكِهَا سِيَّانِ، وَلأَِنَّ إِمْسَاكَهَا مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ تَضْيِيعٌ لَهَا عَنْ صَاحِبِهَا فَلَمْ يَجُزْ، وَلأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبِ التَّعْرِيفُ لَمَا جَازَ الاِلْتِقَاطُ، لأَِنَّ بَقَاءَهَا فِي مَكَانِهَا إِذًا أَقْرَبُ إِلَى وُصُولِهَا إِلَى صَاحِبِهَا، إِمَّا بِأَنْ يَطْلُبَهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي ضَاعَتْ فِيهِ فَيَجِدُهَا، وَإِمَّا بِأَنْ يَجِدَهَا مَنْ يَعْرِفُهَا، وَأَخْذُهَا يُفَوِّتُ الأَْمْرَيْنِ فَيَحْرُمُ، فَلَمَّا جَازَ الاِلْتِقَاطُ وَجَبَ التَّعْرِيفُ كَيْ لاَ يَحْصُل هَذَا الضَّرَرُ، وَلأَِنَّ التَّعْرِيفَ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ أَرَادَ تَمَلُّكَهُ، فَكَذَلِكَ عَلَى مَنْ أَرَادَ حِفْظَهَا.
وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَتَوَلَّى التَّعْرِيفَ أَنْ يَكُونَ عَاقِلاً ثِقَةً وَلاَ تُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ إِذَا كَانَ مَوْثُوقًا بِقَوْلِهِ، كَمَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَشْهُورٍ بِالْخَلاَعَةِ وَالْمُجُونِ وَهُوَ عَدَمُ الْمُبَالاَةِ بِمَا يَصْنَعُ (18) .
مُدَّةُ التَّعْرِيفِ:
8 - يَرَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ أَنَّ اللُّقَطَةَ تُعَرَّفُ سَنَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ، وَهَذَا رَأْيُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ ﵁ أَنْ يُعَرِّفَ اللُّقَطَةَ سَنَةً مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ، وَلأَِنَّ السُّنَّةَ لاَ تَتَأَخَّرُ عَنْهَا الْقَوَافِل، وَيَمْضِي فِيهَا الزَّمَانُ الَّذِي تُقْصَدُ فِيهِ الْبِلاَدُ مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالاِعْتِدَال فَصَلَحَتْ قَدْرًا.
وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ وَبَقِيَّةُ أَصْحَابِهِ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ فَإِنْ كَانَتْ أَقَل مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَرَّفَهَا أَيَّامًا عَلَى حَسَبِ مَا يَرَى أَنَّهَا كَافِيَةٌ لِلإِْعْلاَمِ، وَأَنَّ صَاحِبَهَا لاَ يَطْلُبُهَا بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ عَشَرَةً فَصَاعِدًا عَرَّفَهَا حَوْلاً، لأَِنَّ التَّقْدِيرَ بِالْحَوْل وَرَدَ فِي لُقَطَةٍ كَانَتْ مِائَةَ دِينَارٍ تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ (19) .
لِمَا وَرَدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ، فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَال: اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ فَشَأْنُكَ بِهَا قَال: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَال: هِيَ لَكَ أَوْ لأَِخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ قَال: فَضَالَّةُ الإِْبِل؟ قَال: مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُل الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا (20) . زَمَانُ التَّعْرِيفِ وَمَكَانُهُ:
9 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ يُعَرِّفُ اللُّقَطَةَ خِلاَل مُدَّةِ التَّعْرِيفِ، فِي النَّهَارِ دُونَ اللَّيْل لأَِنَّ النَّهَارَ مَجْمَعُ النَّاسِ وَمُلْتَقَاهُمْ دُونَ اللَّيْل، وَيَكُونُ التَّعْرِيفُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ وَلأُِسْبُوعٍ بَعْدَهُ، لأَِنَّ الطَّلَبَ فِيهِ أَكْثَرُ فَيُعَرِّفُهَا فِي كُل يَوْمٍ.
وَيُعَرِّفُهَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إِلَى الْوُصُول إِلَى صَاحِبِهَا، لأَِنَّهُ يَطْلُبُهَا غَالِبًا حَيْثُ افْتَقَدَهَا، كَمَا تُعَرَّفُ أَيْضًا عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَالْجَوَامِعِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجْتَمِعُونَ فِيهِ كَأَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ، وَلاَ يَنْشُدُهَا دَاخِل الْمَسْجِدِ، لأَِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا، وَلِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ (21) ، كَمَا يُعَرِّفُهَا أَيْضًا فِي الأَْسْوَاقِ وَالْمَجَامِعِ وَالْمَحَافِل وَمَحَال الرِّحَال وَمُنَاخِ الأَْسْفَارِ، وَإِنِ الْتَقَطَ فِي الصَّحْرَاءِ وَهُنَاكَ قَافِلَةٌ تَبِعَهَا وَعَرَّفَ فِيهَا (22) .
مَرَّاتُ التَّعْرِيفِ وَمُؤْنَتُهُ:
10 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ أَنْ يَسْتَغْرِقَ جَمِيعَ الْحَوْل بِالتَّعْرِيفِ كُل يَوْمٍ، بَل يُعَرِّفُ فِي أَوَّل السَّنَةِ كُل يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ مَرَّةً كُل أُسْبُوعٍ، ثُمَّ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فِي كُل شَهْرٍ، وَإِنَّمَا جُعِل التَّعْرِيفُ فِي أَوَّل السَّنَةِ أَكْثَرَ، لأَِنَّ طَلَبَ الْمَالِكِ فِيهَا أَكْثَرُ، وَكُلَّمَا طَالَتِ الْمُدَّةُ عَلَى فَقْدِ اللُّقَطَةِ قَل طَلَبُ الْمَالِكِ لَهَا.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَأَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ إِنْ أَخَذَهَا لِيَحْفَظَهَا لِمَالِكِهَا لاَ تَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ إِنْ كَانَتْ لَهَا مُؤْنَةٌ بَل يُرَتِّبُهَا الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَال أَوْ يَقْتَرِضُ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ لَزِمَهُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَوِ اسْتَنَابَ غَيْرَهُ لَتَعْرِيفِهَا فَالأَْجْرُ مِنَ اللُّقَطَةِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَتَوَلَّى التَّعْرِيفَ بِنَفْسِهِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ غَيْرَهُ، فَإِنْ وَجَدَ مُتَبَرِّعًا بِذَلِكَ، وَإِلاَّ إِنِ احْتَاجَ إِلَى أَجْرٍ فَهُوَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ.
قَال الشَّافِعِيَّةُ وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا اسْتَنَابَ مِنْ يَحْفَظُ اللُّقَطَةَ وَيُعَرِّفُهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَلاَ يُسَافِرُ بِهَا، أَمَّا إِذَا الْتَقَطَ اثْنَانِ لُقَطَةً عَرَّفَهَا كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ سَنَةٍ، أَوْ عَرَّفَهَا أَحَدُهُمَا سَنَةً كَامِلَةً نِيَابَةً عَنِ الآْخَرِ، وَيُعَرِّفُهَا كُلَّهَا لاَ نِصْفَهَا لِيَكُونَ لِلتَّعْرِيفِ فَائِدَةٌ. وَإِنْ أَرَادَ التَّخَلُّصَ مِنْ تَعَبِ التَّعْرِيفِدَفَعَهَا إِلَى حَاكِمٍ أَمِينٍ، أَوْ إِلَى الْقَاضِي، وَيَلْزَمُهُمَا الْقَبُول حِفْظًا لَهَا عَلَى صَاحِبِهَا (23) .
كَيْفِيَّةُ التَّعْرِيفِ
11 - يَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ مَنْ يَتَوَلَّى التَّعْرِيفَ جِنْسَ اللُّقَطَةِ وَنَوْعَهَا وَمَكَانَ وُجُودِهَا وَتَارِيخَ الْتِقَاطِهَا، وَلاَ سِيَّمَا إِذَا تَأَخَّرَ فِي التَّعْرِيفِ، كَمَا لَهُ أَنْ يَذْكُرَ عِفَاصَهَا أَوْ وِكَاءَهَا، لأَِنَّ فِي ذِكْرِ الْجِنْسِ أَوِ النَّوْعِ أَوِ الْعِفَاصِ أَوِ الْوِكَاءِ مَا يُؤَدِّي إِلَى انْتِشَارِ ذَلِكَ بَيْنَ النَّاسِ فَيُؤَدِّي إِلَى الظَّفَرِ بِالْمَالِكِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُعَرِّفِ أَنْ لاَ يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ أَوْصَافِ اللُّقَطَةِ حَتَّى لاَ يَعْتَمِدَهَا كَاذِبٌ فَيُفَوِّتُهَا عَلَى مَالِكِهَا (24) .
تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ
12 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إِذَا أَشْهَدَ عَلَى اللُّقَطَةِ فَيَدُهُ عَلَيْهَا أَثَنَاءَ الْحَوْل يَدُ أَمَانَةٍ، إِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ، لأَِنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِهِ، وَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَ الْمُلْتَقِطِ أَثْنَاءَ الْحَوْل بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ أَوْ نَقَصَتْ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ كَالْوَدِيعَةِ، وَإِنْ أَقَرَّ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ يَضْمَنُ لأَِنَّهُ أَخَذَ مَال غَيْرِهِ بِدُونِ إِذْنِهِ وَبِدُونِ إِذْنِ الشِّرْعِ.
وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهَا وَقَال أَخَذْتُهَا لِلْحِفْظِ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ يَضْمَنُ، وَعِنْدَ الْبَقِيَّةِ مِنَ الْفُقَهَاءِ لاَ يَضْمَنُ، وَالْقَوْل قَوْل الْمُلْتَقِطِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنَّمَا قِيل بِعَدِمِ الضَّمَانِ لأَِنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ لاِخْتِيَارِهِ الْحِسْبَةَ دُونَ الْمَعْصِيَةِ، لأَِنَّ فِعْل الْمُسْلِمِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَحِل لَهُ شَرْعًا، وَالَّذِي يَحِل لَهُ هُوَ الأَْخَذُ لِلرِّدِّ لاَ لِنَفْسِهِ، فَيُحْمَل مُطْلَقُ فِعْلِهِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الدَّلِيل الشَّرْعِيُّ قَائِمٌ.
مَقَامَ الإِْشْهَادِ مِنْهُ، وَأَمَّا أَنَّ الْقَوْل قَوْلُهُ فَلأَِنَّ صَاحِبَهَا يَدِّعِي عَلَيْهِ سَبَبَ الضَّمَانِ وَوُجُوبَ الْقِيمَةِ فِي ذِمَّتِهِ، وَهُوَ مُنْكَرٌ لِذَلِكَ، وَالْقَوْل قَوْل الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ، كَمَا لَوِ ادَّعَى عَلَيْهِ الْغَصْبَ.
وَوَجْهُ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَهُوَ أَخَذُ مَال الْغَيْرِ، وَادَّعَى مَا يُبَرِّئُهُ وَهُوَ الأَْخَذُ لِلْمَالِكِ، وَفِيهِ وَقَعَ الشَّكُّ فَلاَ يَبْرَأُ.
وَإِنْ أَتْلَفَهَا الْمُلْتَقِطُ أَوْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ بِتَفْرِيطِهِ ضَمِنَهَا بِمِثْلِهَا إِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الأَْمْثَال وَبِقِيمَتِهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِثْلٌ، وَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ الْحَوْل ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ مِثْلُهَا أَوْ قِيمَتُهَا بِكُل حَالٍ، لأَِنَّهَا دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ وَتَلِفَتْ مِنْ مَالِهِ سَوَاءٌ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ، وَإِنْ جَاءَصَاحِبُهَا بَعْدَ الْحَوْل وَوَجَدَ الْعَيْنَ نَاقِصَةً أَخَذَ الْعَيْنَ وَأَرْشَ نَقْصِهَا، لأَِنَّ جَمِيعَهَا مَضْمُونٌ إِذَا تَلِفَتْ فَكَذَلِكَ إِذَا نَقَصَتْ، لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ السَّابِقَيْنِ، وَإِنْ وَجَدَ الْعَيْنَ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ مِلْكِ الْمُلْتَقِطِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا، وَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهَا لأَِنَّ تَصَرُّفَ الْمُلْتَقِطِ وَقَعَ صَحِيحًا لِكَوْنِهَا صَارَتْ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ وَجَدَهَا رَجَعَتْ إِلَى الْمُلْتَقِطِ بِفَسْخٍ أَوْ شِرَاءٍ فَلَهُ أَخْذُهَا لأَِنَّهُ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ فِي يَدِ مُلْتَقِطِهِ فَكَانَ لَهُ أَخْذُهُ، وَقِيمَةُ اللُّقَطَةِ تُعْتَبَرُ يَوْمَ التَّمَلُّكِ، لأَِنَّهُ يَوْمُ دُخُول الْعَيْنِ فِي ضَمَانِهِ (25) .
رِدُّ اللُّقَطَةِ إِلَى مَوْضِعِهَا
13 - يَرَى أَبُو حَنِيفَةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَمَالِكٌ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إِذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ ثُمَّ رَدَّهَا إِلَى مَكَانِهَا الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأَِنَّهُ أَخَذَهَا مُحْتَسِبًا مُتَبَرِّعًا لِيَحْفَظَهَا عَلَى صَاحِبِهَا، فَإِذَا رَدَّهَا إِلَى مَكَانِهَا فَقَدْ فَسَخَ التَّبَرُّعَ مِنَ الأَْصْل، فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا أَصْلاً، وَهَذَا الْحُكْمُ إِذَا أَخَذَهَا لِيَحْفَظَهَا لِصَاحِبِهَا وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالإِْشْهَادِ عَلَيْهَا حِينَ الاِلْتِقَاطِ، أَمَّا إِذَا أَخَذَهَا لِيَتَمَلَّكَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لاَ يَضْمَنُ سَوَاءٌ أَشْهَدَ أَمْ لاَ، وَيَكُونُ الْقَوْل قَوْل الْمُلْتَقِطِ مَعَ يَمِينِهِ. وَيَرَى أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إِذَا رَدَّ اللُّقَطَةَ بَعْدَ أَخْذِهَا فَضَاعَتْ أَوْ هَلَكَتْ ضَمِنَهَا، لأَِنَّهَا أَمَانَةٌ حَصَلَتْ فِي يَدِهِ فَلَزِمَهُ حِفْظُهَا فَإِذَا ضَيَّعَهَا لَزِمَهُ ضَمَانُهَا كَمَا لَوْ ضَيَّعَ الْوَدِيعَةَ، أَمَّا إِذَا ضَاعَتِ اللُّقَطَةُ مِنْ مُلْتَقِطِهَا بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأَِنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، فَإِنْ ضَاعَتْ مِنَ الأَْوَّل فَالْتَقَطَهَا آخِرُ فَعَرَفَ أَنَّهَا ضَاعَتْ مِنَ الأَْوَّل فَعَلَيْهِ رَدُّهَا إِلَيْهِ، لأَِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ التَّمَوُّل، وَوِلاَيَةُ التَّعْرِيفِ وَالْحِفْظِ، فَلاَ يَزُول ذَلِكَ بِالضَّيَاعِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفِ الثَّانِي مِمَّنْ ضَاعَتْ حَتَّى عَرَّفَهَا حَوْلاً مَلَكَهَا لأَِنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ وُجِدَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عُدْوَانٍ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ بِهِ، وَلاَ يَمْلِكُ الأَْوَّل انْتِزَاعَهَا مِنْهُ، لأَِنَّ الْمِلْكَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ التَّمَلُّكِ، وَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا فَلَهُ أَخْذُهَا مِنَ الثَّانِي وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الأَْوَّل لأَِنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْحِفْظِ (26) .
تَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ
14 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ جِوَازَ تَمَلُّكِ الْمُلْتَقِطِ اللُّقَطَةَ إِذَا عَرَّفَهَا لِلتَّمَلُّكِ سَنَةً أَوْ دُونَهَا وَلَمْ تُعْرَفْ، وَصَارَتْ مِنْ مَالِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ غَنِيًّا أَمْ فَقِيرًا وَتَدْخُل فِي مِلْكِهِ عِنْدَ تَمَامِ التَّعْرِيفِ، كَمَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَرَى أَنَّ اللُّقَطَةَ لاَ تَدْخُل مِلْكَ الْمُلْتَقِطِ حَتَّى يَخْتَارَ التَّمَلُّكَ بِلَفْظٍ يَدُل عَلَى الْمِلْكِ كَتَمَلَّكْتُ مَا الْتَقَطْتُهُ، أَمَّا الأَْخْرَسُ فَتَكْفِي إِشَارَتُهُ الْمُفْهِمَةُ كَسَائِرِ عُقُودِهِ.
وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ تَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ وَالاِنْتِفَاعُ بِهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ فَقِيرًا، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَحْقِيقِ النَّظَرِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، نَظَرُ الثَّوَابِ لِلْمَالِكِ، وَنَظَرُ الاِنْتِفَاعِ لِلْمُلْتَقِطِ، وَلِهَذَا جَازَ الدَّفْعُ إِلَى فَقِيرٍ غَيْرِهِ، كَمَا يَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَى أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ إِذَا كَانُوا فُقَرَاءَ وَإِنْ كَانَ هُوَ غَنِيًّا.
وَوَلَدُ اللُّقَطَةِ كَاللُّقَطَةِ إِنْ كَانَتْ حَامِلاً عِنْدَ الْتِقَاطِهَا وَانْفَصَل مِنْهَا قَبْل تَمَلُّكِهَا، وَإِلاَّ مَلَكَهُ تَبَعًا لأُِمِّهِ.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْهَاشِمِيِّ وَغَيْرِهِ، وَلاَ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ فِي جِوَازِ تَمَلُّكِ اللُّقَطَةِ، أَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَيَرَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ تَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ لِمَنْ لاَ تَحِل لَهُ الصَّدَقَةُ كَالْغَنِيِّ.
وَإِذَا الْتَقَطَهَا اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ مَلَكَاهَا جَمِيعًا، وَإِنْ رَآهَا أَحَدُهُمَا وَأَخَذَهَا الآْخَرُ مَلَكَهَا الآْخِذُ دُونَ مَنْ رَآهَا، لأَِنَّ اسْتِحْقَاقَ اللُّقَطَةِ بِالأَْخَذِلاَ بِالرُّؤْيَةِ كَالاِصْطِيَادِ (27) .
وَاللُّقَطَةُ تُمْلَكُ مِلْكًا مُرَاعًى يَزُول بِمَجِيءِ صَاحِبِهَا، وَيَضْمَنُ لَهُ بَدَلَهَا إِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنَّمَا يَتَجَدَّدُ وُجُوبُ الْعِوَضِ بِمَجِيءِ صَاحِبِهَا.
وَاسْتَدَل مَنْ ذَهَبَ إِلَى جِوَازِ تَمَلُّكِ اللُّقَطَةِ بَعْدَ حَوْل التَّعْرِيفِ، بِالْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوِي عَدْلٍ وَلاَ يَكْتُمْ وَلاَ يُغَيِّبْ، فَإِنْ وَجَدَ صَاحِبَهَا فَلْيَرُدَّهَا عَلَيْهِ، وَإِلاَّ فَهُوَ مَال اللَّهِ ﷿ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ (28) .
وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مِنْ جِوَازِ التَّمَلُّكِ الْحَالاَتِ الآْتِيَةَ:
أ - اللُّقَطَةُ الَّتِي دَفَعَهَا لِلْحَاكِمِ وَتَرَكَ التَّعْرِيفَ وَالتَّمَلُّكَ ثُمَّ نَدِمَ وَأَرَادَ أَنْ يُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ فَإِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ لأَِنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ.
ب - أَخْذُ اللُّقَطَةِ لِلْخِيَانَةِ.
ج - لُقَطَةُ الْحَرَمِ.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَإِذَا مَاتَ الْمُلْتَقِطُ وَاللُّقَطَةُ مَوْجُودَةٌ عِنْدَهُ بِعَيْنِهَا قَامَ مُوَرَّثُهُ مَقَامَهُ بِإِتْمَامِ تَعْرِيفِهَا إِنْ مَاتَ قَبْل الْحَوْل، وَيَمْلِكُهَا بَعْدَ إِتْمَامِ التَّعْرِيفِ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْحَوْل وَرِثَهَا الْوَارِثُ كَسَائِرِ أَمْوَال الْمَيِّتِ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا مِنَ الْوَارِثِ كَمَا يَأْخُذُهَا مِنَ الْمُوَرِّثِ، فَإِنْ كَانَتْ مَعْدُومَةَ الْعَيْنِ فَصَاحِبُهَا غَرِيمٌ لِلْمَيِّتِ بِمِثْلِهَا إِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الأَْمْثَال، أَوْ بِقِيمَتِهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، فَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ إِنِ اتَّسَعَتْ لِذَلِكَ، فَإِنْ ضَاقَتِ التَّرِكَةُ زَاحَمَ الْغُرَمَاءَ بِبَدَلِهَا، سَوَاءٌ تَلِفَتْ بَعْدَ الْحَوْل بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، لأَِنَّهَا دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ بِمُضِيِّ الْحَوْل، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا تَلِفَتْ قَبْل الْحَوْل بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلاَ شَيْءَ لِصَاحِبِهَا لأَِنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ فَلَمْ يَضْمَنْهَا كَالْوَدِيعَةِ، وَكَذَلِكَ إِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ الْحَوْل قِيل يَمْلِكُهَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ عَلَى رَأْيِ مَنْ رَأَى أَنَّهَا لاَ تَدْخُل فِي مِلْكِهِ حَتَّى يَتَمَلَّكَهَا وَذَلِكَ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (29) .
الاِتِّجَارُ فِي اللُّقَطَةِ
15 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ يَدَ الْمُلْتَقِطِ عَلَى اللُّقَطَةِ يَدُ أَمَانَةٍ وَحِفْظٍ خِلاَل الْحَوْل، وَلِذَلِكَ لاَ يَجُوزُ لَهُ الاِتِّجَارُ فِيهَا خِلاَل هَذِهِ الْمُدَّةِ، لأَِنَّ فِي ذَلِكَ تَعْرِيضًا لِلْهَلاَكِ أَوِ الضَّيَاعِ أَوِ النَّقْصِ بِفِعْلٍ مِنَ الْمُلْتَقِطِ عَنْ قَصْدٍ، إِذِ التِّجَارَةُ تَحْتَمِل الرِّبْحَ وَالْخَسَارَةَ، وَالْمُلْتَقِطُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَعْرِيضِ مَا الْتَقَطَهُ لِلْهَلاَكِ أَوِ الضَّيَاعِ أَوِ النُّقْصَانِ، وَإِذَا اتَّجَرَ فِيهَا خِلاَل الْحَوْل فَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا، أَوْ ضَامِنٌ لأَِرْشِ نَقْصِهَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَإِذَا رَبِحَتْ خِلاَل الْحَوْل وَجَاءَ صَاحِبُهَا فَيَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ رَدُّهَا إِلَيْهِ مَعَ زِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ أَوِ الْمُنْفَصِلَةِ (30) .
النَّفَقَةُ عَلَى اللُّقَطَةِ
16 - اللُّقَطَةُ خِلاَل مُدَّةِ التَّعْرِيفِ إِمَّا أَنْ تَحْتَاجَ إِلَى نَفَقَةٍ لِلإِْبْقَاءِ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ الْحَال بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأَْنْعَامِ مِثْل نَفَقَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَأُجْرَةِ الرَّاعِي، وَإِمَّا أَنْ لاَ تَحْتَاجَ إِلَى نَفَقَةٍ كَمَا فِي النُّقُودِ، وَإِمَّا أَنْ تَحْتَاجَ إِلَى بَعْضِ النَّفَقَةِ كَمَا فِي أُجْرَةِ الْحَمْل بِالنِّسْبَةِ لِلأَْمْتِعَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مُلْتَقِطَ الأَْنْعَامِ إِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَأَمْرِهِ كَانَ مَا أَنْفَقَهُ دَيْنًا عَلَى صَاحِبِهَا لأَِنَّ لِلْحَاكِمِ وَالْقَاضِي وِلاَيَةً فِي مَال الْغَائِبِ نَظَرًا لَهُ، وَقَدْ يَكُونُ النَّظَرُ بِالإِْنْفَاقِ، وَكَذَلِكَ الْحَال إِذَا أَنْفَقَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ عَلَى رَأْيِ مَالِكٍ بَيْنَمَا يَرَى الأَْئِمَّةُ الثَّلاَثَةُ أَنَّهُ إِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ أَوِ الْقَاضِي فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِمَا أَنْفَقَهُ لِقُصُورِ وِلاَيَتِهِ فِي مَال الْغَائِبِ بِإِشْغَال ذِمَّتِهِ بِالدَّيْنِ بِدُونِ أَمْرِهِ، وَيَجْرِي الْخِلاَفُ السَّابِقُ فِيمَا إِذَا الْتَقَطَ مَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ بِلاَ إِنْفَاقٍ عَلَيْهِ كَالرُّطَبِ الَّذِي يَتَتَمَّرُ وَالْعِنَبِ الَّذِي يَتَزَبَّبُ وَاللَّبَنِ الَّذِي يَتَحَوَّل إِلَى أَقِطٍ إِنْ كَانَ الأَْحَظَّ وَالأَْفْضَل لِصَاحِبِهِ الإِْبْقَاءُ عَلَيْهِ وَالاِحْتِفَاظُ بِهِ، وَإِلاَّ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِبَيْعِهِ وَالاِحْتِفَاظِ بِثَمَنِهِ.
وَإِذَا رَفَعَ الْمُلْتَقِطُ الأَْمْرَ إِلَى الْحَاكِمِ نَظَرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ لِلْبَهِيمَةِ مَنْفَعَةٌ وَثَمَّ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا أَجَّرَهَا وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ أُجْرَتِهَا، لأَِنَّ فِيهِ إِبْقَاءً لِلْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا مِنْ غَيْرِ إِلْزَامِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْفَعَةٌ وَخَافَ أَنْ تَسْتَغْرِقَ النَّفَقَةُ قِيمَتَهَا بَاعَهَا وَأَمَرَ بِحِفْظِ ثَمَنِهَا، إِبْقَاءً لَهُ مَعْنًى عِنْدَ تَعَذُّرِ إِبْقَائِهِ صُورَةً، لأَِنَّ الثَّمَنَ يَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنِ إِذْ يَصِل بِهِ إِلَى مِثْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ الأَْصْلَحُ الإِْنْفَاقَ عَلَيْهَا أَذِنَ فِي ذَلِكَ وَجَعَل النَّفَقَةَ دَيْنًا عَلَى مَالِكِهَا، لأَِنَّهُ نُصِبَ نَاظِرًا، وَفِي هَذَا نَظَرٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَإِنَّمَا يَأْمُرُ بِالإِْنْفَاقِ مُدَّةَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ عَلَى قَدْرِ مَا يُرْجَى أَنْ يَظْهَرَ مَالِكُهَا، فَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ يَأْمُرُ بِبَيْعِهَا لأَِنَّ دَوَامَ النَّفَقَةِ مُسْتَأْصِلَةٌ بِالْعَيْنِ مَعْنًى، بَل رُبَّمَا تَذْهَبُ بِالْعَيْنِ وَيَبْقَى الدَّيْنُ عَلَى مَالِكِهَا وَلاَ نَظَرَ فِي ذَلِكَ أَصْلاً، بَل يَنْبَغِي أَنْ لاَ يَنْفُذَ ذَلِكَ مِنَ الْقَاضِي لَوْ أَمَرَ بِهِ لِلتَّيَقُّنِ بِعَدِمِ النَّظَرِ، وَإِذَا بَاعَهَا أُعْطِيَ الْمُلْتَقِطُ مِنْ ثَمَنِهَا مَاأَنْفَقَ فِي الْيَوْمَيْنِ أَوِ الثَّلاَثَةِ، لأَِنَّ الثَّمَنَ مَال صَاحِبِهَا وَالنَّفَقَةَ دَيْنٌ عَلَيْهِ بِعِلْمِ الْقَاضِي، وَصَاحِبُ الدَّيْنِ إِذَا ظَفِرَ بِجَنْسِ حَقِّهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، فَإِنْ بَاعَهَا الْمُلْتَقِطُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْقَاضِي لاَ يَنْفُذُ الْبَيْعُ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إِذْنِ الْمَالِكِ، فَإِنْ جَاءَ وَهِيَ قَائِمَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ أَبْطَلَهُ وَأَخَذَهَا مِنْ يَدِهِ، وَإِنْ جَاءَ وَهِيَ هَالِكَةٌ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهَا، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ، فَإِنْ ضَمِنَ الْبَائِعُ نَفَذَ الْبَيْعُ لأَِنَّهُ مَلَكَ اللُّقَطَةَ مِنْ حِينِ أَخْذِهَا، وَكَانَ الثَّمَنُ لِلْبَائِعِ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ.
وَإِذَا حَضَرَ الْمَالِكُ وَقَدْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا الْمُلْتَقِطُ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْهُ حَتَّى يُحْضِرَ النَّفَقَةَ، لأَِنَّهَا حَيَّةٌ بِنَفَقَتِهِ، فَصَارَ الْمَالِكُ كَأَنَّهُ اسْتَفَادَ الْمِلْكَ مِنْ جِهَةِ الْمُلْتَقِطِ فَأَشْبَهَ الْمَبِيعَ، ثُمَّ لاَ يَسْقُطُ دَيْنُ النَّفَقَةِ بِهَلاَكِ اللُّقَطَةِ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ قَبْل الْحَبْسِ، وَيَسْقُطُ إِذَا هَلَكَ بَعْدَ الْحَبْسِ لأَِنَّهَا تَصِيرُ بِالْحَبْسِ شَبِيهَةً بِالرَّهْنِ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ حَقِّهِ بِهَا.
أَمَّا إِنْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللُّقَطَةِ وَانْتَفَعَ بِهَا كَأَنْ تَكُونَ دَابَّةً فَرَكِبَهَا أَوْ مَاشِيَةً فَحَلَبَهَا وَشَرِبَ لَبَنَهَا فَلاَ يَرْجِعُ عَلَى مَالِكِهَا " بِالنَّفَقَةِ (31) التَّصَدُّقُ بِاللُّقَطَةِ
17 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جِوَازِ التَّصَدُّقِ بِاللُّقَطَةِ إِذَا عَرَّفَهَا الْمُلْتَقِطُ وَلَمْ يَحْضُرْ صَاحِبُهَا مُدَّةَ التَّعْرِيفِ، وَلاَ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى إِذْنِ الْحَاكِمِ، وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ.
وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّ صَاحِبَ اللُّقَطَةِ إِذَا جَاءَ بَعْدَمَا تَصَدَّقَ بِهَا الْمُلْتَقِطُ فَهُوَ بِأَحَدِ خِيَارَاتٍ ثَلاَثٍ:
أ - إِنْ شَاءَ أَمَضَى الصَّدَقَةَ، لأَِنَّ التَّصَدُّقَ وَإِنْ حَصَل بِإِذْنِ الشِّرْعِ لَمْ يَحْصُل بِإِذْنِ الْمَالِكِ، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَتِهِ، وَحُصُول الثَّوَابِ لِلإِْنْسَانِ يَكُونُ بِفِعْلٍ مُخْتَارٍ لَهُ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ قَبْل لُحُوقِ الإِْذْنِ وَالرِّضَا، فَبِالإِْجَازَةِ وَالرِّضَا يَصِيرُ كَأَنَّهُ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ لِرِضَاهُ بِذَلِكَ.
ب - وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُلْتَقِطُ، لأَِنَّهُ سَلَّمَ مَالَهُ إِلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ بِإِبَاحَةٍ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ، وَهَذَا لاَ يُنَافِي الضَّمَانَ حَقًّا لِلْعَبْدِ، كَمَا فِي تَنَاوُل مَال الْغَيْرِ حَالَةَ الْمَخْمَصَةِ، وَالْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ مَعَ ثُبُوتِ الضَّمَانِ.
ج - وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمِسْكِينُ إِذَا هَلَكَالْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ فِي يَدِهِ، لأَِنَّهُ قَبَضَ مَالَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَأَيَّهَا ضَمِنَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ (32) .
تَرْكُ الْمَتَاعِ
18 - سَبَقَ الْقَوْل أَنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ لاَ يَزُول إِلاَّ بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ، وَقَدْ يَظْهَرُ مِنْ فِعْلِهِ مَا يَدُل عَلَى تَخَلِّيهِ عَنْ مِلْكِهِ لِعَدَمِ حَاجَتِهِ، أَوْ لِتَقْصِيرِهِ عَنِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ، أَوْ لِحَقَارَةِ مَا فَقَدَهُ أَوْ سَقَطَ مِنْهُ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَالِكَ قَدْ تَخَلَّى عَنْهُ لِمَا تَقَدَّمَ فَيَجُوزُ أَخْذُهُ وَتَمَلُّكُهُ، وَلاَ يُعَرِّفُهُ الآْخِذُ لأَِنَّ التَّعْرِيفَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ أَجْل مَعْرِفَةِ صَاحِبِهِ وَالْوُصُول إِلَيْهِ لِرِدِّ مَا فَقَدَهُ، أَمَّا وَأَنَّ الْمَالِكَ قَدْ تَخَلَّى عَنْهُ فَلاَ يُرَدُّ إِلَيْهِ، كَمَا فِي إِلْقَاءِ بَعْضِ الأَْثَاثِ فِي مَوَاضِعِ الْقُمَامَةِ أَوْ خَارِجَ الْبُيُوتِ لَيْلاً، وَكَمَا هُوَ الْحَال بِالنِّسْبَةِ لِلسَّنَابِل السَّاقِطَةِ أَثْنَاءَ الْحَصَادِ وَعَلَى الطُّرُقَاتِ وَكَسُقُوطِ السَّوْطِ وَالْعَصَا وَحَبَّاتٍ مِنَ التَّمْرِ فِي الطَّرِيقِ، فَمِثْل هَذِهِ الأَْشْيَاءِ يَجُوزُ أَخْذُهَا وَالاِنْتِفَاعُ بِهَا وَلاَ تُعَرَّفُ (33) .
الْجُعْل عَلَى اللُّقَطَةِ
19 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ جِوَازَ أَخْذِ الْجُعْل، إِنْ جَعَل صَاحِبُ اللُّقَطَةِ جُعْلاً مَعْلُومًا لِمَنْ وَجَدَهَا، فَلِلْمُلْتَقِطِ أَخْذُ الْجُعْل إِنْ كَانَ الْتَقَطَهَا بَعْدَ أَنْ بَلَغَهُ الْجُعْل، لأَِنَّ الْجَعَالَةَ فِي رَدِّ الضَّالَّةِ وَالآْبِقِ وَغَيْرِهِمَا جَائِزَةٌ بِدَلِيل قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْل بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} (34) .
وَمِنَ الْحَدِيثِ مَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ﵁ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَتَوْا حَيًّا مِنَ الْعَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ فَقَالُوا: هَل فِيكُمْ رَاقٍ؟ فَقَالُوا: لَمْ تَقْرُونَا فَلاَ نَفْعَل حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعَ شِيَاهٍ، فَجَعَل رَجُلٌ يَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفُل وَيَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، فَبَرَأَ الرَّجُل فَأَتَوْا بِالشَّاةِ فَقَالُوا: لاَ نَأْخُذُهَا حَتَّى نَسْأَل عَنْهَا رَسُول اللَّهِ ﷺ فَسَأَلُوهُ فَقَال: وَمَا يَدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا (35) .
وَالْحَاجَةُ تَدْعُو أَحْيَانًا كَثِيرَةً إِلَى جَعْل جُعْلٍ عَلَى رِدِّ اللُّقَطَةِ، طَلَبًا لِلسُّرْعَةِ فِي رَدِّهَا، وَلأَِنَّهُ قَدْ لاَ يَجِدُ مَنْ يَتَبَرَّعُ بِهِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَل الْجُعْل لِشَخْصٍ بِعَيْنِهِ فَيَقُول: إِنْ رَدَدْتَ لُقَطَتِي فَلَكَ دِينَارٌ مَثَلاً، فَيَجْتَهِدُ هَذَا فِي الْبَحْثِ عَنْهَا وَرَدِّهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَل الْجُعْل لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَيَقُول: مَنْ رَدَّ عَلَيَّ ضَالَّتِي فَلَهُ كَذَا فَمَنْ رَدَّهَا عَلَيْهِ اسْتَحَقَّ الْجُعْل (36) ، أَمَّا إِنْ رَدَّ اللُّقَطَةَ أَوِ الضَّالَّةَ عَلَى صَاحِبِهَا وَلَمْ يَجْعَل جُعْلاً عَلَيْهَا فَلاَ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، لأَِنَّهُ عَمَلٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْعِوَضَ مَعَ الْمُعَاوَضَةِ فَلاَ يَسْتَحِقُّ مَعَ عَدِمِهَا كَالْعَمَل فِي الإِْجَارَةِ، كَمَا أَنَّهُ لاَ يَسْتَحِقُّ الْجُعْل إِنِ الْتَقَطَ قَبْل أَنْ يَبْلُغَهُ الْجُعْل فَرَدَّهَا لِعِلَّةِ الْجُعْل، لأَِنَّهُ الْتَقَطَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَعَمِل فِي مَال غَيْرِهِ بِغَيْرِ جَعْل جُعْلٍ فَلاَ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، كَمَا لَوِ الْتَقَطَهَا وَلَمْ يَجْعَل رَبُّهَا فِيهَا شَيْئًا (37) .
رَدُّ اللُّقَطَةِ إِلَى صَاحِبِهَا
20 - يُشْتَرَطُ لِرِدِّ اللُّقَطَةِ إِلَى صَاحِبِهَا أَنْ يَصِفَهَا وَيَتَعَرَّفَ عَلَيْهَا بِذِكْرِ عَلاَمَاتٍ تُمَيِّزُهَا عَنْ غَيْرِهَا، كَذِكْرِ عَدَدِهَا أَوْ بَعْضِ عَلاَمَاتِ الدَّابَّةِ وَمَكَانِ فَقْدِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، أَوْ يَثْبُتُ أَنَّهَا لَهُ بِالْبَيِّنَةِ، فَإِذَا ذَكَرَ عَلاَمَاتِهَا مِنَ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَالْعَدَدِ وَالْوَزْنِ فَيَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْهُ كَفِيلاً زِيَادَةً فِي الاِسْتِيثَاقِ، لأَِنَّ رَدَّهَا إِلَيْهِ إِذَا وَصَفَهَا مِمَّا وَرَدَ بِهِ الشِّرْعُ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ هَل يُجْبَرُ قَضَاءً عَلَى رَدِّهَا لِصَاحِبِهَا بِمُجَرَّدِ ذِكْرِ عَلاَمَاتِهَا الْمُمَيَّزَةِ أَمْ لاَ بُدَّ مِنَ الْبَيِّنَةِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ مِنَ الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لاَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ اللُّقَطَةِ إِلَى مُدَّعِيهَا بِلاَ بَيِّنَةٍ، لأَِنَّهُ مُدَّعٍ فَيَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ كَغَيْرِهِ، وَلأَِنَّ اللُّقَطَةَ مَالٌ لِلْغَيْرِ فَلاَ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ بِالْوَصْفِ كَالْوَدِيعَةِ، لَكِنْ يَرَى الْحَنَفِيَّةُ جِوَازَ تَسْلِيمِهَا لِمُدَّعِيهَا عِنْدَ إِصَابَةِ عَلاَمَتِهَا، كَمَا يَرَى الشَّافِعِيَّةُ جِوَازَ تَسْلِيمِهَا إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُلْتَقِطِ صَدْقُ مُدَّعِيهَا.
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ ﷺ: ". فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَ عِفَاصَهَا وَعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ، وَإِلاَّ فَهِيَ لَكَ (38) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ اللُّقَطَةِ لِصَاحِبِهَا إِذَا وَصَفَهَا بِصِفَاتِهَا الْمَذْكُورَةِ، سَوَاءٌ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صَدْقُهُ أَمْ لاَ، وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ، عَمَلاً بِظَاهِرِ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ السَّابِقِ وَفِيهِ:. . . اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ فَاسْتَنْفِقْهَا، وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ، فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إِلَيْهِ (39) . وَقَوْلُهُ ﷺ: فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِهَا وَوِعَائِهَا وَوِكَائِهَا فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ (40) .
وَلأَِنَّهُ مِنَ الْمُتَعَذِّرِ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى اللُّقَطَةِ، لأَِنَّهَا ضَاعَتْ مِنْ صَاحِبِهَا حَال السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ شُهُودٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ الأَْوْصَافِ وَالْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ مِنَ الْبَيِّنَةِ (41) .
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا لِمُدَّعِيهَا إِذَا لَمْ يَصِفْهَا بِصِفَاتِهَا وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَلَيْهَا، وَلَمْ يَعْلَمِ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهَا لَهُ، وَلاَ يُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى دَفْعِهَا إِلَيْهِ، لأَِنَّ النَّاسَ لاَ يُعْطَوْنَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، فَإِنِ ادَّعَاهَا اثْنَانِ وَوَصَفَاهَا، أَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ أَقْرَعَ الْمُلْتَقِطُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ وَقَعَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ حَلَفَ وَدُفِعَتْ إِلَيْهِ، لأَِنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِيمَا يُسْتَحَقُّ بِهِ الدَّفْعُ فَتَسَاوَيَا فِيهِ (42) .
اللُّقَطَةُ فِي الْحَرَمِ
21 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ لُقَطَةِ الْحِل وَلُقَطَةِ الْحَرَمِ مِنْ حَيْثُ جِوَازِ الاِلْتِقَاطِ وَالتَّعْرِيفِ لِمُدَّةِ سَنَةٍ، لأَِنَّ اللُّقَطَةَ كَالْوَدِيعَةِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُهَا بِالْحِل وَالْحَرَمِ، وَالأَْحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ الشَّرِيفَةُ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ لُقَطَةِ الْحِل وَالْحَرَمِ، مِثْل قَوْلِهِ: اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً (43) .
وَيَرَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ لُقَطَةَ الْحَرَمِ لاَ يَحِل أَخْذُهَا إِلاَّ لِلتَّعْرِيفِ وَأَنَّهَا تُعَرَّفُ عَلَى الدَّوَامِ، إِذْ إِنَّ الأَْحَادِيثَ الْخَاصَّةَ بِلُقَطَةِ الْحَرَمِ لَمْ تُوَقِّتِ التَّعْرِيفَ بِسَنَةٍ كَغَيْرِهَا، فَدَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْرِيفَ عَلَى الدَّوَامِ، وَإِلاَّ فَلاَ فَائِدَةَ مِنَ التَّخْصِيصِ، وَلأَِنَّ مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ، مَثَابَةٌ لِلنَّاسِ يَعُودُونَ إِلَيْهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ، فَرُبَّمَا يَعُودُ مَالِكُهَا مِنْ أَجْلِهَا مَرَّةً ثَانِيَةً، أَوْ يَبْعَثُ فِي طَلَبِهَا، فَكَأَنَّهُ جَعَل مَالَهُ بِهِ مَحْفُوظًا مِنَ الضَّيَاعِ (44) .
اللُّقَطَةُ فِي دَارِ الْحَرْبِ
22 - مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنْ كَانَ فِي الْجَيْشِ عَرَّفْهَا سَنَةً فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ ثُمَّ يَطْرَحُهَا فِي الْمَغْنَمِ، وَإِنَّمَا يُعَرِّفُهَا فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ لأَِنَّ أَمْوَال أَهْل الْحَرْبِ مُبَاحَةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِمُسْلِمٍ، وَلأَِنَّهُ قَدْ لاَ يُمْكِنُهُ الْمُقَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِتَعْرِيفِهَا، وَابْتِدَاءُ التَّعْرِيفِ يَكُونُ فِي الْجَيْشِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، لاِحْتِمَال أَنَّهَا لأَِحَدِ أَفْرَادِهِ، فَإِذَا قَفَل رَاجِعًا أَتَمَّ التَّعْرِيفَ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، أَمَّا إِنْ دَخَل دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَوَجَدَ لُقَطَةً فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَهَا فِي دَارِهِمْ، لأَِنَّ أَمْوَالَهُمْ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ تُعَرَّفْ مَلَكَهَا كَمَا يَمْلِكُهَا فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، وَإِنْ دَخَل دَارَهُمْ مُتَلَصَّصًا فَوَجَدَ لُقَطَةً عَرَّفَهَا فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، لأَِنَّ أَمْوَالَهُمْ مُبَاحَةٌ لَهُ، ثُمَّ يَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ غَنِيمَتِهِ (45) .
زَكَاةُ اللُّقَطَةِ
23 - اللُّقَطَةُ الَّتِي لاَ يَعْرِفُ عَنْهَا صَاحِبُهَا شَيْئًا لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا خِلاَل فَتْرَةِ فَقْدِهَا وَضَيَاعِهَا، لأَِنَّ مِلْكَهُ لَهَا لَيْسَ تَامًّا إِذْ إِنَّهَا لَيْسَتْ تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهَا، وَلاَ يُزَكِّيهَا الْمُلْتَقِطُ فِي عَامِ التَّعْرِيفِ لأَِنَّهُ لاَ يَمْلِكُهَا خِلاَل هَذِهِ الْمُدَّةِ، فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ خِلاَل حَوْل التَّعْرِيفِ زَكَّاهَا لِلْحَوْل الَّذِي كَانَ الْمُلْتَقِطُ مَمْنُوعًا مِنْهَا إِنْ بَلَغَتِ النِّصَابَ، فَإِنْ كَانَتْ مَاشِيَةً فَإِنَّمَا تَجِبُ زَكَاتُهَا عَلَى صَاحِبِهَا إِذَا كَانَتْ سَائِبَةً عِنْدَ الْمُلْتَقِطِ، فَإِنْ عَلَفَهَا فَلاَ زَكَاةَ عَلَى صَاحِبِهَا، وَزَكَاتُهَا بَعْدَ الْحَوْل الأَْوَّل عَلَى الْمُلْتَقِطِ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَحْمَدَ لأَِنَّهَا تَدْخُل فِي مِلْكِهِ كَالْمِيرَاثِ فَتَصِيرُ كَسَائِرِ مَالِهِ.
أَمَّا إِذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ لِلتَّمَلُّكِ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا لِلْعَامِ الَّذِي عَرَّفَهَا فِيهِ، فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا لَمْ يُزَكِّهَا لِذَلِكَ الْحَوْل، وَلاَ يَرْجِعُ الْمُلْتَقِطُ عَلَى مَالِكِهَا بِزَكَاتِهَا كَمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا (46) .
__________
(1) لسان العرب، والقاموس المحيط، ومعجم مقاييس اللغة.
(2) فتح القدير 6 / 118، ومغني المحتاج 2 / 406، وفتح الجواد 1 / 630، والمغني والشرح الكبير 6 / 318.
(3) لسان العرب.
(4) التعريفات للجرجاني.
(5) سورة القصص / 8.
(6) لسان العرب، والتعريفات للجرجاني.
(7) حاشية ابن عابدين 4 / 277، وشرح الكنز للزيلعي 3 / 302، والمبسوط للسرخسي 11 / 2، وبدائع الصنائع 6 / 200.
(8) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب 6 / 71، وبداية المجتهد لابن رشد 2 / 336 - 337، وحاشية الدسوقي 4 / 120، والخرشي 7 / 123.
(9) سورة التوبة / 71.
(10) مغني المحتاج 2 / 406 - 407، ونهاية المحتاج 5 / 423، والمهذب 1 / 429.
(11) حديث الجارود: " ضالة المسلم حرق النار ". أخرجه النسائي في السنن الكبرى (3 / 418) وصحح إسناده ابن حجر في الفتح (5 / 92) .
(12) المغني لابن قدامة 5 / 693، والمقنع 2 / 295، ومنتهى الإرادات 1 / 554.
(13) ابن عابدين 3 / 319، ومغني المحتاج 2 / 426، والمهذب 1 / 433، والمغني 5 / 731 - 732، والمقنع 2 / 301، ومنتهى الإرادات 1 / 558.
(14) المراجع السابقة وبداية المجتهد لابن رشد 2 / 333.
(15) حديث: " من وجد لقطة فليشهد. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 335) من حديث عياض بن حمار وإسناده صحيح.
(16) حاشية ابن عابدين 3 / 319، وحاشية الدسوقي 4 / 126، ومغني المحتاج 2 / 407، والمغني والشرح الكبير 6 / 335.
(17) حديث أبي بن كعب: " أصبت صرة فيها مائة دينار. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 78) ومسلم (3 / 1350) واللفظ للبخاري.
(18) فتح القدير 6 / 120، والدسوقي 4 / 120، والمدونة 6 / 173، والأم 4 / 66، والمغني والشرح الكبير 6 / 319، 320، وفتح الباري 5 / 78، 92، ومغني المحتاج 2 / 412 - 413.
(19) فتح القدير 6 / 122، والمدونة 6 / 173، ومغني المحتاج 2 / 413، والمغني والشرح الكبير 6 / 320 - 325.
(20) حديث زيد بن خالد الجهني: " جاء رجل إلى النبي ﷺ فسأله عن اللقطة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 46) مسلم (3 / 1346 - 1348) .
(21) حديث النهي عن إنشاد الضالة في المسجد. أخرجه مسلم (1 / 397) من حديث أبي هريرة.
(22) ابن عابدين 3 / 319 - 320، وبدائع الصنائع 6 / 202، ومغني المحتاج 2 / 413، وروضة الطالبين 5 / 409، والمغني 6 / 321، 322، والمدونة 6 / 174، ومواهب الجليل 6 / 73.
(23) تبيين الحقائق 3 / 302، 303، البناية شرح الهداية 6 / 20، 23، وحاشية الدسوقي 4 / 120، ومغني المحتاج 2 / 412 - 414، والمغني والشرح الكبير 6 / 322.
(24) فتح القدير 6 / 122، 123، وبدائع الصنائع 6 / 202، ومغني المحتاج 2 / 413، 414، وروضة الطالبين 5 / 408، والمغني والشرح الكبير 6 / 323.
(25) فتح القدير 6 / 118 - 120، والمدونة 6 / 178، وبدائع الصنائع 6 / 3866 - 3868، ومغني المحتاج 2 / 416، وروضة الطالبين 5 / 415، والمغني والشرح الكبير 6 / 339 - 343.
(26) بدائع الصنائع 6 / 3867 - 3868، والمدونة الكبرى 6 / 178، والمغني والشرح الكبير 6 / 341 - 343.
(27) تبيين الحقائق 3 / 307، وحاشية الدسوقي 4 / 121، ومغني المحتاج 2 / 415، والمغني والشرح الكبير 6 / 326 - 330.
(28) حديث: " من وجد لقطة فليشهد. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 335) من حديث عياض بن حمار.
(29) مغني المحتاج 2 / 415 - 417 والمغني والشرح الكبير 6 / 349.
(30) فتح القدير 6 / 118 - 120، وبدائع الصنائع 6 / 202 - 203، والمدونة الكبرى 6 / 175، 178، ومغني المحتاج 2 / 416، وروضة الطالبين 5 / 415، والمغني والشرح الكبير 6 / 339 - 343.
(31) فتح القدير 6 / 125 - 127، وبدائع الصنائع 6 / 3871، ومختصر الطحاوي ص140، 141، والمدونة الكبرى 6 / 176، ومغني المحتاج 2 / 410 - 414، والمغني والشرح الكبير 6 / 366، 367.
(32) فتح القدير 6 / 124، وتبيين الحقائق 3 / 304، وبدائع الصنائع 6 / 3870، والمدونة الكبرى 6 / 180، ومغني المحتاج 2 / 410، والقواعد لابن رجب ص 240.
(33) الشرح الكبير مع الدسوقي 4 / 120، ومغني المحتاج 2 / 414، وكشاف القناع 4 / 209.
(34) سورة يوسف / 72.
(35) حديث أبي سعيد: " أن ناسًا من أصحاب رسول الله ﷺ أتوا حيًّا من العرب. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 453) ومسلم (4 / 1727) .
(36) المغني 5 / 724، 725.
(37) المغني والشرح الكبير 6 / 350 - 358، والبناية شرح الهداية 6 / 35.
(38) حديث: " فإن جاءها صاحبها فعرف عفاصها. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1349) من حديث زيد بن خالد الجهني.
(39) حديث: " اعرف وكاءها وعفاصها. . . ". أخرج هذه الرواية مسلم (3 / 1349) .
(40) حديث: " فإن جاء أحد يخبرك بعددها. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1351) .
(41) فتح القدير 6 / 129، 130، والمدونة الكبرى 6 / 174، 175، وتبيين الحقائق 3 / 306، ومغني المحتاج 2 / 416، 417، والمغني والشرح الكبير 6 / 336، 337.
(42) المغني والشرح الكبير 6 / 337.
(43) حديث: " اعرف وكاءها. . . ". تقدم تخريجه ف8.
(44) فتح القدير 6 / 128، الأم 4 / 67، مغني المحتاج 2 / 417، والمغني والشرح الكبير 6 / 332.
(45) المغني والشرح الكبير 6 / 348، نهاية المحتاج 5 / 426.
(46) فتح القدير 6 / 119، والبناية شرح الهداية 6 / 17، والمغني والشرح الكبير 6 / 449، 450، ومغني المحتاج 4 / 412.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 295/ 35