العزيز
كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...
ما يميل إليه الطبع، ويمكن ادخاره لوقت الحاجة .
ما يميل إليه الطبع، ويمكن ادخاره لوقت الحاجة.
التَّعْرِيفُ:
1 - يُطْلَقُ الْمَال فِي اللُّغَةِ: عَلَى كُل مَا تَمَلَّكَهُ الإِْنْسَانُ مِنَ الأَْشْيَاءِ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْرِيفِ الْمَال ذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
عَرَّفَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ الْمَال بِتَعْرِيفَاتٍ عَدِيدَةٍ، فَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: الْمُرَادُ بِالْمَال مَا يَمِيل إِلَيْهِ الطَّبْعُ، وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ.
وَالْمَالِيَّةُ تَثْبُتُ بِتَمَوُّل النَّاسِ كَافَّةً أَوْ بَعْضِهِمْ (2) .
وَعَرَّفَ الْمَالِكِيَّةُ الْمَال بِتَعْرِيفَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَقَال الشَّاطِبِيُّ: هُوَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْمِلْكُ، وَيَسْتَبِدُّ بِهِ الْمَالِكُ عَنْ غَيْرِهِ إِذَا أَخَذَهُ مِنْ وَجْهِهِ (3) . وَقَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: هُوَ مَا تَمْتَدُّ إِلَيْهِ الأَْطْمَاعُ، وَيَصْلُحُ عَادَةً وَشَرْعًا لِلاِنْتِفَاعِ بِهِ (4) . وَقَال عَبْدُ الْوَهَّابِ الْبَغْدَادِيُّ: هُوَ مَا يُتَمَوَّل فِي الْعَادَةِ وَيَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ (5) .
وَعَرَّفَ الزَّرْكَشِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ الْمَال بِأَنَّهُ مَا كَانَ مُنْتَفَعًا بِهِ، أَيْ مُسْتَعِدًّا لأَِنْ يُنْتَفَعَ بِهِ (6) . وَحَكَى السُّيُوطِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَال: لاَ يَقَعُ اسْمُ الْمَال إِلاَّ عَلَى مَا لَهُ قِيمَةٌ يُبَاعُ بِهَا، وَتَلْزَمُ مُتْلِفَهُ، وَإِنْ قَلَّتْ، وَمَا لاَ يَطْرَحُهُ النَّاسُ، مِثْل الْفَلْسِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (7) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الْمَال شَرْعًا مَا يُبَاحُ نَفْعُهُ مُطْلَقًا، أَيْ فِي كُل الأَْحْوَال، أَوْ يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ بِلاَ حَاجَةٍ (8) .
مَا اخْتُلِفَ فِي مَالِيَّتِهِ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَالِيَّةِ الْمَنَافِعِ كَمَا تَبَايَنَتْ أَنْظَارُهُمْ حَوْل مَالِيَّةِ الدُّيُونِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أ - مَالِيَّةُ الْمَنَافِعِ:
2 - الْمَنَافِعُ: جَمْعُ مَنْفَعَةٍ. وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: سُكْنَى الدَّارِ وَلُبْسُ الثَّوْبِ وَرُكُوبُ الدَّابَّةِ (9) . وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَالِيَّتِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا لِلْحَنَفِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّ الْمَنَافِعَ لَيْسَتْ أَمْوَالاً مُتَقَوِّمَةً فِي حَدِّ ذَاتِهَا؛ لأَِنَّ صِفَةَ الْمَالِيَّةِ لِلشَّيْءِ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِالتَّمَوُّل، وَالتَّمَوُّل يَعْنِي صِيَانَةَ الشَّيْءِ وَادِّخَارَهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ، وَالْمَنَافِعُ لاَ تَبْقَى زَمَانَيْنِ، لِكَوْنِهَا أَعْرَاضًا، فَكُلَّمَا تَخْرُجُ مِنْ حَيِّزِ الْعَدَمِ إِلَى حَيِّزِ الْوُجُودِ تَتَلاَشَى، فَلاَ يُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّمَوُّل.
غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَعْتَبِرُونَ الْمَنَافِعَ أَمْوَالاً مُتَقَوِّمَةً إِذَا وَرَدَ عَلَيْهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، كَمَا فِي الإِْجَارَةِ، وَذَلِكَ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ، وَمَا كَانَ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ فَغَيْرُهُ عَلَيْهِ لاَ يُقَاسُ (10) .
وَالثَّانِي لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: وَهُوَ أَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ بِذَاتِهَا؛ لأَِنَّ الأَْعْيَانَ لاَ تُقْصَدُ لِذَاتِهَا، بَل لِمَنَافِعِهَا، وَعَلَى ذَلِكَ أَعْرَافُ النَّاسِ وَمُعَامَلاَتُهُمْ.
وَلأَِنَّ الشَّرْعَ قَدْ حَكَمَ بِكَوْنِ الْمَنْفَعَةِ مَالاً عِنْدَمَا جَعَلَهَا مُقَابَلَةً بِالْمَال فِي عَقْدِ الإِْجَارَةِ، وَهُوَ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَكَذَا عِنْدَمَا أَجَازَ جَعْلَهَا مَهْرًا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، وَلأَِنَّ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهَا أَمْوَالاً تَضْيِيعًا لِحُقُوقِ النَّاسِ وَإِغْرَاءً لِلظَّلَمَةِ فِي الاِعْتِدَاءِ عَلَى مَنَافِعِ الأَْعْيَانِ الَّتِي يَمْلِكُهَا غَيْرُهُمْ، وَفِي ذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ وَالْجَوْرِ مَا يُنَاقِضُ مَقَاصِدَ الشَّرِيعَةِ وَعَدَالَتَهَا.
وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: الْمَنَافِعُ لَيْسَتْ أَمْوَالاً عَلَى الْحَقِيقَةِ، بَل عَلَى ضَرْبٍ مِنَ التَّوَسُّعِ وَالْمَجَازِ، بِدَلِيل أَنَّهَا مَعْدُومَةٌ لاَ قُدْرَةَ عَلَيْهَا (11) .
ب - مَالِيَّةُ الدُّيُونِ:
3 - الدَّيْنُ فِي الاِصْطِلاَحِ الْفِقْهِيِّ هُوَ لُزُومُ حَقٍّ فِي الذِّمَّةِ (12) . وَقَدْ يَكُونُ مَحَلُّهُ مَالاً كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَمَلاً أَوْ عِبَادَةً كَصَوْمِ وَصَلاَةٍ وَحَجٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (ر: دَيْنٌ ف 37، دَيْنُ اللَّهِ ف 3) .
وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْحَقَّ الْوَاجِبَ فِي الذِّمَّةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَالِيًّا، فَإِنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ مَالاً، وَلاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الدَّيْنُ الشَّاغِل لِلذِّمَّةِ مَالِيًّا، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اعْتِبَارِهِ مَالاً حَقِيقَةً، وَذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا لِلْحَنَفِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ مَالاً حَقِيقِيًّا؛ إِذْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ وَصْفٍ شَاغِلٍ لِلذِّمَّةِ، وَلاَ يُتَصَوَّرُ قَبْضُهُ حَقِيقَةً، وَلَكِنْ نَظَرًا لِصَيْرُورَتِهِ مَالاً فِي الْمَآل سُمِّيَ مَالاً مَجَازًا (13) .
وَالثَّانِي قَال الزَّرْكَشِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: الدَّيْنُ: هَل هُوَ مَالٌ فِي الْحَقِيقَةِ أَوْ هُوَ حَقُّ مُطَالَبَةٍ يَصِيرُ مَالاً فِي الْمَآل؟ فِيهِ طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا الْمُتَوَلِّي، وَوَجْهُ الأَْوَّل: أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ حُكْمُ الْيَسَارِ حَتَّى تَلْزَمَهُ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ وَكَفَّارَتُهُمْ وَلاَ تَحِل لَهُ الصَّدَقَةُ.
وَوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْمَالِيَّةَ مِنْ صِفَاتِ الْمَوْجُودِ، وَلَيْسَ هَهُنَا شَيْءٌ مَوْجُودٌ، قَال: وَإِنَّمَا اسْتُنْبِطَ هَذَا مِنْ قَوْل الشَّافِعِيِّ: فَمَنْ مَلَكَ دُيُونًا عَلَى النَّاسِ، هَل تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ؟ الْمَذْهَبُ الْوُجُوبُ، وَفِي الْقَدِيمِ قَوْلٌ أَنَّهَا لاَ تَجِبُ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ فُرُوعٌ.
مِنْهَا: هَل يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ؟ إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ مَالٌ جَازَ، أَوْ حَقٌّ فَلاَ؛ لأَِنَّ الْحُقُوقَ لاَ تَقْبَل النَّقْل إِلَى الْغَيْرِ. وَمِنْهَا: أَنَّ الإِْبْرَاءَ عَنِ الدَّيْنِ إِسْقَاطٌ أَوْ تَمْلِيكٌ؟ وَمِنْهَا: حَلَفَ لاَ مَال لَهُ، وَلَهُ دَيْنٌ حَالٌّ عَلَى مَلِيءٍ، حَنِثَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَكَذَا الْمُؤَجَّل، أَوْ عَلَى الْمُعْسِرِ فِي الأَْصَحِّ (14) . أَقْسَامُ الْمَال:
قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَال تَقْسِيمَاتٍ كَثِيرَةً بِحَسَبِ الاِعْتِبَارَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَدِّدَةِ، وَذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
أ - بِالنَّظَرِ إِلَى التَّقَوُّمِ:
4 - لَمْ يَجْعَل الْحَنَفِيَّةُ مِنْ عَنَاصِرِ الْمَالِيَّةِ إِبَاحَةَ الاِنْتِفَاعِ شَرْعًا، وَاكْتَفَوْا بِاشْتِرَاطِ الْعَيْنِيَّةِ وَالاِنْتِفَاعِ الْمُعْتَادِ وَتَمَوُّل النَّاسِ فِي اعْتِبَارِ الشَّيْءِ مَالاً، وَقَدْ حَدَاهُمُ الْتِزَامُ هَذَا الْمَفْهُومِ لِلْمَال إِلَى تَقْسِيمِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ: مُتَقَوِّمٍ، وَغَيْرِ مُتَقَوِّمٍ. فَالْمَال الْمُتَقَوِّمُ عِنْدَهُمْ: هُوَ مَا يُبَاحُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا فِي حَالَةِ السَّعَةِ وَالاِخْتِيَارِ.
وَالْمَال غَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ: هُوَ مَا لاَ يُبَاحُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ فِي حَالَةِ الاِخْتِيَارِ، كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلذِّمِّيِّينَ فَهِيَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ؛ لأَِنَّهُمْ لاَ يَعْتَقِدُونَ حُرْمَتَهَا ويَتَمَوَّلُونَها، وَقَدْ أُمِرْنَا بِتَرْكِهِمْ وَمَا يَدِينُونَ (15) .
وَقَدْ بَنَوْا عَلَى ذَلِكَ التَّقْسِيمِ: أَنَّ مَنِ اعْتَدَى عَلَى مَالٍ مُتَقَوِّمٍ ضَمِنَهُ، أَمَّا غَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ فَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ هَدَرٌ، وَلاَ يَلْزَمُ مُتْلِفَهُ ضَمَانٌ. كَمَا أَنَّ إِجَازَةَ التَّصَرُّفِ الشَّرْعِيِّ بِالْمَال مَنُوطَةٌ بِتَقَوُّمِهِ، فَالْمَال الْمُتَقَوِّمُ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالرَّهْنِ وَغَيْرِهَا.
أَمَّا غَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ فَلاَ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ شَرْعًا بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ وَنَحْوِهَا.
عَلَى أَنَّهُ لاَ تَلاَزُمَ بَيْنَ التَّقَوُّمِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَبَيْنَ الْمَالِيَّةِ فِي نَظَرِ الْحَنَفِيَّةِ، فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ مُتَقَوِّمًا، أَيْ مُبَاحَ الاِنْتِفَاعِ، وَلاَ يَكُونُ مَالاً، لِفُقْدَانِ أَحَدِ عَنَاصِرِ الْمَالِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عِنْدَهُمْ، وَذَلِكَ كَالْحَبَّةِ مِنَ الْقَمْحِ وَالْكِسْرَةِ الصَّغِيرَةِ مِنْ فُتَاتِ الْخُبْزِ وَالتُّرَابِ الْمُبْتَذَل وَنَحْوِ ذَلِكَ.
نَقَل ابْنُ نُجَيْمٍ عَنِ الْكَشْفِ الْكَبِيرِ: الْمَالِيَّةُ تَثْبُتُ بِتَمَوُّل النَّاسِ كَافَّةً أَوْ بَعْضِهِمْ، وَالتَّقَوُّمُ يَثْبُتُ بِهَا وَبِإِبَاحَةِ الاِنْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا، فَمَا يُبَاحُ بِلاَ تَمَوُّلٍ لاَ يَكُونُ مَالاً، كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ، وَمَا يَتَمَوَّل بِلاَ إِبَاحَةِ انْتِفَاعٍ لاَ يَكُونُ مُتَقَوِّمًا كَالْخَمْرِ، وَإِذَا عُدِمَ الأَْمْرَانِ لَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَالدَّمِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَال أَعَمُّ مِنَ الْمُتَقَوِّمِ؛ لأَِنَّ الْمَال مَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُبَاحٍ كَالْخَمْرِ، وَالْمُتَقَوِّمُ مَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ مَعَ الإِْبَاحَةِ، فَالْخَمْرُ مَالٌ لاَ مُتَقَوِّمٌ (16) .
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ عَدَمَ التَّقَوُّمِ لاَ يُنَافِي الْمِلْكِيَّةَ، فَقَدْ تَثْبُتُ الْمِلْكِيَّةُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى مَالٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ، كَمَا لَوْ تَخَمَّرَ الْعَصِيرُ عِنْدَهُ، أَوْ عِنْدَهُ خَمْرٌ أَوْ خِنْزِيرٌ مَمْلُوكَيْنِ لَهُ وَأَسْلَمَ عَلَيْهِمَا، وَمَاتَ قَبْل أَنْ يُزِيلَهُمَا وَلَهُ وَارِثٌ مُسْلِمٌ فَيَرِثُهُمَا، وَاصْطَادَ الْخِنْزِيرَ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمِلْكِيَّةَ تَثْبُتُ عَلَى الْمَال، وَالْمَالِيَّةُ ثَابِتَةٌ فِي غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ، وَلَكِنْ عَدَمُ التَّقَوُّمِ يُنَافِي وُرُودَ الْعُقُودِ مِنَ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمَال غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ (17) .
وَقَدْ يُرَادُ أَحْيَانًا بِالْمُتَقَوِّمِ عَلَى أَلْسِنَةِ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ مَعْنَى الْمُحْرَزِ، حَيْثُ إِنَّهُمْ يُطْلِقُونَ مُصْطَلَحَ (غَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ) أَيْضًا عَلَى الْمَال الْمُبَاحِ قَبْل الإِْحْرَازِ، كَالسَّمَكِ فِي الْبَحْرِ، وَالأَْوَابِدِ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَالأَْشْجَارِ فِي الْغَابَاتِ، وَالطَّيْرِ فِي جَوِّ السَّمَاءِ، فَإِذَا اصْطِيدَ أَوِ احْتُطِبَ صَارَ مُتَقَوِّمًا بِالإِْحْرَازِ (18) .
أَمَّا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ الْحَنَابِلَةِ فَقَدِ اعْتَبَرُوا إِبَاحَةَ الاِنْتِفَاعِ عُنْصُرًا مِنْ عَنَاصِرِ الْمَالِيَّةِ، فَالشَّيْءُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُبَاحٌ الاِنْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا فَلَيْسَ بِمَالٍ أَصْلاً، وَلِذَلِكَ لَمْ يَظْهَرْ عِنْدَهُمْ تَقْسِيمُ الْمَال إِلَى مُتَقَوِّمٍ وَغَيْرِ مُتَقَوِّمٍ بِالْمَعْنَى الَّذِي قَصَدَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُمْ إِذَا أَطْلَقُوا لَفْظَ (الْمُتَقَوِّمُ) أَرَادُوا بِهِ مَا لَهُ قِيمَةٌ بَيْنَ النَّاسِ وَ (غَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ) مَا لَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ فِي عُرْفِهِمْ.
وَعَلَى ذَلِكَ جَاءَ فِي شَرْحِ الرَّصَّاعِ عَلَى حُدُودِ ابْنِ عَرَفَةَ: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي التَّقْوِيمِ إِنَّمَا هُوَ مُرَاعَاةُ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي أَذِنَ الشَّارِعُ فِيهَا، وَمَا لاَ يُؤْذَنُ فِيهِ فَلاَ عِبْرَةَ بِهِ، فَلاَ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ؛ لأَِنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا (19) .
وَعَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَعْتَبِرْ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ فِي عِدَادِ الأَْمْوَال أَصْلاً بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَلَمْ يُوجِبُوا الضَّمَانَ عَلَى مُتْلِفِهِمَا مُطْلَقًا، فِي حِينِ عَدَّهُمَا الْحَنَفِيَّةُ مَالاً مُتَقَوِّمًا فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ، وَأَلْزَمُوا مُتْلِفَهُمَا مُسْلِمًا كَانَ أَمْ ذِمِّيًّا الضَّمَانَ (20) .
وَقَدْ وَافَقَ الْمَالِكِيَّةُ الْحَنَفِيَّةَ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى مُتْلِفِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ، لاِعْتِبَارِهِ مَالاً فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ لاَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ عِنْدَهُمْ، دُونَ أَنْ يُوَافِقُوا الْحَنَفِيَّةَ عَلَى تَقْسِيمِهِمُ الْمَال إِلَى مُتَقَوِّمٍ وَغَيْرِ مُتَقَوِّمٍ بِالْمَعْنَى الَّذِي أَرَادُوهُ (21) .
ب - بِالنَّظَرِ إِلَى كَوْنِهِ مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا:
5 - قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَال إِلَى قِسْمَيْنِ: مِثْلِيٍّ، وَقِيَمِيٍّ
فَالْمَال الْمِثْلِيُّ: هُوَ مَا يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي السُّوقِ بِدُونِ تَفَاوُتٍ يُعْتَدُّ بِهِ (22) .
وَهُوَ فِي الْعَادَةِ: إِمَّا مَكِيلٌ (أَيْ مُقَدَّرٌ بِالْكَيْل) كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَنَحْوِهِمَا، أَوْ مَوْزُونٌ كَالْمَعَادِنِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ وَنَحْوِهَا، أَوْ مَذْرُوعٌ كَأَنْوَاعٍ مِنَ الْمَنْسُوجَاتِ الَّتِي لاَ تَفَاوُتَ بَيْنَهَا، أَوْ مَعْدُودٌ كَالنُّقُودِ الْمُتَمَاثِلَةِ وَالأَْشْيَاءِ الَّتِي تُقَدَّرُ بِالْعَدَدِ، وَلَيْسَ بَيْنَ أَفْرَادِهَا تَفَاوُتٌ يُعْتَدُّ بِهِ، كَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ وَنَحْوِهِمَا.
وَالْمَال الْقِيمِيُّ: هُوَ مَا لاَ يُوجَدُ لَهُ مِثْلٌ فِي السُّوقِ، أَوْ يُوجَدُ لَكِنْ مَعَ التَّفَاوُتِ الْمُعْتَدِّ بِهِ فِي الْقِيمَةِ (23) ، وَقَدْ سُمِّيَ هَذَا النَّوْعُ مِنَ الأَْمْوَال (قِيَمِيًّا) نِسْبَةً لِلْقِيمَةِ الَّتِي يَتَفَاوَتُ بِهَا كُل فَرْدٍ مِنْهُ عَنْ سِوَاهُ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْقِيمِيِّ: كُل الأَْشْيَاءِ الْقَائِمَةِ عَلَى التَّغَايُرِ فِي النَّوْعِ أَوْ فِي الْقِيمَةِ أَوْ فِيهِمَا مَعًا كَالْحَيَوَانَاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ الآْحَادِ مِنَ الْخَيْل وَالإِْبِل وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَنَحْوِهَا، وَكَذَا الدُّورُ وَالْمَصْنُوعَاتُ الْيَدَوِيَّةُ مِنْ حُلِيٍّ وَأَدَوَاتٍ وَأَثَاثٍ مَنْزِلِيٍّ - الَّتِي تَتَفَاوَتُ فِي أَوْصَافِهَا وَمُقَوِّمَاتِهَا، وَيَتَمَيَّزُ كُل فَرْدٍ مِنْهَا بِمَزَايَا لاَ تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ، حَتَّى أَصْبَحَ لَهُ قِيمَةٌ خَاصَّةٌ بِهِ.
وَمِنْهَا أَيْضًا: الْمِثْلِيَّاتُ الَّتِي فُقِدَتْ مِنَ الأَْسْوَاقِ أَوْ أَصْبَحَتْ نَادِرَةً، كَبَعْضِ الْمَصْنُوعَاتِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي انْقَطَعَتْ مِنَ الأَْسْوَاقِ، وَأَصْبَحَ لَهَا اعْتِبَارٌ خَاصٌّ فِي قِيمَتِهَا يَنْقُلُهَا إِلَى زُمْرَةِ الْقِيمِيَّاتِ، وَكَذَا كُل وَحْدَةٍ لَمْ تُعَدَّ مُتَسَاوِيَةً مَعَ نَظَائِرِهَا مِنْ وَحَدَاتِ الْمِثْلِيِّ، بِأَنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا لِعَيْبٍ أَوِ اسْتِعْمَالٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا تُصْبِحُ مِنَ الْقِيمِيَّاتِ، كَالأَْدَوَاتِ وَالآْلاَتِ وَالسَّيَّارَاتِ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهَا، وَذَلِكَ لِتَغَيُّرِ أَوْصَافِهَا وَقِيَمِهَا (24) .
وَالْوَاجِبُ فِي إِتْلاَفِ الْمِثْلِيَّاتِ هُوَ ضَمَانُ الْمِثْل؛ لأَِنَّهُ الْبَدَل الْمُعَادِل، بِخِلاَفِ الْقِيمِيَّاتِ فَإِنَّهَا تُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ؛ إِذْ لاَ مِثْل لَهَا.
وَالْمِثْلِيُّ يَصِحُّ كَوْنُهُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، أَمَّا الْقِيمِيُّ فَهُنَاكَ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ فِي جَوَازِ جَعْلِهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ.
(ر: دَيْنٌ ف 8) .
ج - بِالنَّظَرِ إِلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ:
6 - يَنْقَسِمُ الْمَال بِالنَّظَرِ إِلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ: مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ غَيْرِ الْمَالِكِ، وَمَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِ مَالِكِهِ.
فَالْمَال الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ: هُوَ الَّذِي ارْتَبَطَتْ عَيْنُهُ أَوْ مَالِيَّتُهُ بِحَقٍّ مُقَرَّرٍ لِغَيْرِ مُلاَّكِهِ، كَالْمَال الْمَرْهُونِ، فَلاَ يَكُونُ لِمَالِكِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا يُخِل بِحُقُوقِ الْمُرْتَهِنِ. (ر: رَهْنٌ ف 17) .
وَأَمَّا الْمَال الَّذِي لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ: فَهُوَ الْمَال الْخَالِصُ لِمَالِكِهِ، دُونَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ أَحَدٍ غَيْرَهُ، وَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ - رَقَبَةً وَمَنْفَعَةً - بِكُل وُجُوهِ التَّصَرُّفِ الْمَشْرُوعَةِ، بِدُونِ تَوَقُّفٍ عَلَى إِذْنِ أَحَدٍ أَوْ إِجَازَتِهِ لِسِلاَمَتِهِ وَخُلُوصِهِ مِنَ ارْتِبَاطِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ.
د - بِالنَّظَرِ إِلَى النَّقْل وَالتَّحْوِيل:
7 - قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَال بِالنَّظَرِ إِلَى إِمْكَانِ نَقْلِهِ وَتَحْوِيلِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ: مَنْقُولٌ، وَعَقَارٌ.
فَالْمَال الْمَنْقُول: هُوَ كُل مَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَتَحْوِيلُهُ. فَيَشْمَل النُّقُودَ وَالْعُرُوضَ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْمَكِيلاَتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (25) .
وَالْعَقَارُ: هُوَ مَا لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ لاَ يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَتَحْوِيلُهُ. كَالأَْرَاضِيِ وَالدُّورِ وَنَحْوِهَا (26) .
قَال أَبُو الْفَضْل الدِّمَشْقِيُّ: الْعَقَارُ صِنْفَانِ، أَحَدُهُمَا: الْمُسَقَّفُ، وَهُوَ الدُّورُ وَالْفَنَادِقُ وَالْحَوَانِيتُ وَالْحَمَّامَاتُ وَالأَْرْحِيَةُ وَالْمَعَاصِرُ وَالْفَوَاخِيرُ وَالأَْفْرَانُ وَالْمَدَابِغُ وَالْعِرَاصُ. وَالآْخَرُ: الْمُذْدَرَعُ، وَيَشْتَمِل عَلَى الْبَسَاتِينِ وَالْكُرُومِ وَالْمَرَاعِي وَالْغِيَاضِ وَالآْجَامِ وَمَا تَحْوِيهِ مِنَ الْعُيُونِ وَالْحُقُوقِ فِي مِيَاهِ الأَْنْهَارِ (27) .
8 - وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ الثَّابِتِ، هَل يُعْتَبَرَانِ مِنَ الْعَقَارِ أَمِ الْمَنْقُول؟ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُمَا مِنَ الْعَقَارِ. وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُعْتَبَرَانِ مِنَ الْمَنْقُولاَتِ، إِلاَّ إِذَا كَانَا تَابِعَيْنِ لِلأَْرْضِ، فَيَسْرِي عَلَيْهِمَا حِينَئِذٍ حُكْمُ الْعَقَارِ بِالتَّبَعِيَّةِ (28) .
هـ - بِالنَّظَرِ إِلَى النَّقْدِيَّةِ:
9 - قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَال بِالنَّظَرِ إِلَى اتِّصَافِهِ بِالنَّقْدِيَّةِ إِلَى قِسْمَيْنِ: نُقُودٌ، وَعُرُوضٌ.
فَالنُّقُودُ: جَمْعُ نَقْدٍ، وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَعَلَى ذَلِكَ نَصَّتْ مَجَلَّةُ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ عَلَى أَنَّ النَّقْدَ هُوَ: عِبَارَةٌ عَنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، سَوَاءٌ كَانَا مَسْكُوكَيْنِ أَوْ لَمْ يَكُونَا كَذَلِكَ، وَيُقَال لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ: النَّقْدَانِ (29) .
وَيَلْحَقُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي الْحُكْمِ الأَْوْرَاقُ الرَّائِجَةُ فِي الْعَصْرِ الْحَاضِرِ.
وَالْعُرُوضُ: جَمْعُ عَرْضٍ، وَهُوَ كُل مَا لَيْسَ بِنَقْدٍ مِنَ الْمَتَاعِ (30) . قَال فِي الْمُغْنِي: الْعَرْضُ هُوَ غَيْرُ الأَْثْمَانِ مِنَ الْمَال عَلَى اخْتِلاَفِ أَنْوَاعِهِ، مِنَ النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ وَسَائِرِ الْمَال (31) . وَقَدْ أَدْخَل بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَابِلَةِ النَّقْدَ فِي الْعُرُوضِ إِذَا كَانَ مُتَّخَذًا لِلاِتِّجَارِ بِهِ، تَأْسِيسًا عَلَى أَنَّ الْعَرْضَ هُوَ كُل مَا أُعِدَّ لِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ لأَِجْل الرِّبْحِ، وَلَوْ مِنْ نَقْدٍ، قَال الْبُهُوتِيُّ: سُمِّيَ عَرْضًا لأَِنَّهُ يُعْرَضُ لِيُبَاعَ وَيُشْتَرَى؛ تَسْمِيَةً لِلْمَفْعُول بِالْمَصْدَرِ، كَتَسْمِيَةِ الْمَعْلُومِ عِلْمًا، أَوْ لأَِنَّهُ يَعْرِضُ ثُمَّ يَزُول وَيَفْنَى (32) .
وَ - بِالنَّظَرِ إِلَى رَجَاءِ صَاحِبِهِ فِي عَوْدِهِ إِلَيْهِ:
10 - قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَال بِالنَّظَرِ إِلَى رَجَاءِ صَاحِبِهِ فِي عَوْدِهِ إِلَيْهِ بَعْدَ زَوَال يَدِهِ عَنْهُ إِلَى قِسْمَيْنِ: ضِمَارٌ، وَمَرْجُوٌّ.
فَالْمَال الضِّمَارُ: هُوَ الْمَال الَّذِي لاَ يَتَمَكَّنُ صَاحِبُهُ مِنَ اسْتِنْمَائِهِ لِزَوَال يَدِهِ عَنْهُ، وَانْقِطَاعِ أَمَلِهِ فِي عَوْدِهِ إِلَيْهِ (33) . وَأَصْلُهُ مِنَ الإِْضْمَارِ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: التَّغَيُّبُ وَالاِخْتِفَاءُ. وَعَلَى ذَلِكَ عَرَّفَهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِقَوْلِهِ: هُوَ كُل مَا بَقِيَ أَصْلُهُ فِي مِلْكِهِ، وَلَكِنْ زَال عَنْ يَدِهِ زَوَالاً لاَ يُرْجَى عَوْدُهُ فِي الْغَالِبِ (34) . وَقَال سِبْطُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ: وَتَفْسِيرُ الضِّمَارِ أَنْ يَكُونَ الْمَال قَائِمًا، وَيَنْسَدَّ طَرِيقُ الْوُصُول إِلَيْهِ (35) .
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: الْمَال الْمَغْصُوبُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ عَلَى الْغَاصِبِ بَيِّنَةٌ، وَالْمَال الْمَفْقُودُ كَبَعِيرٍ ضَالٍّ وَعَبْدٍ آبِقٍ؛ إِذْ هُوَ كَالْهَالِكِ لِعَدَمِ قُدْرَةِ صَاحِبِهِ عَلَيْهِ. وَكَذَا الْمَال السَّاقِطُ فِي الْبَحْرِ؛ لأَِنَّهُ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ، وَالْمَال الْمَدْفُونُ فِي بَرِّيَّةٍ أَوْ صَحْرَاءَ إِذَا نَسِيَ صَاحِبُهُ مَكَانَهُ، وَالدَّيْنُ الْمَجْحُودُ إِذَا جَحَدَهُ الْمَدِينُ عَلاَنِيَةً، وَلَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ (36) . وَالْمَال الْمَرْجُوُّ: هُوَ الْمَال الَّذِي يَرْجُو صَاحِبُهُ عَوْدَهُ إِلَيْهِ، لإِِقْرَارِ صَاحِبِ الْيَدِ لَهُ بِالْمِلْكِ، وَعَدَمِ امْتِنَاعِهِ عَنِ الرَّدِّ عِنْدَ الطَّلَبِ أَوْ عِنْدَ حُلُول الأَْجَل الْمَضْرُوبِ لِرَدِّهِ. وَمِنْهُ الدَّيْنُ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ، الَّذِي يَأْمُل الدَّائِنُ اقْتِضَاءَهُ، لِكَوْنِ الْمَدِينِ حَاضِرًا مُقِرًّا بِهِ مَلِيئًا بَاذِلاً لَهُ، أَوْ جَاحِدًا لَهُ، لَكِنْ لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ كَذَلِكَ مِنَ الرَّجَاءِ، الَّذِي هُوَ فِي اللُّغَةِ: ظَنٌّ يَقْتَضِي حُصُول مَا فِيهِ مَسَرَّةٌ (37) . وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ هَذَا التَّقْسِيمِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ، حَيْثُ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي زَكَاةِ الْمَال الضِّمَارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنَ الأَْحْكَامِ. (ر: ضِمَارٌ ف 12) .
ز - بِالنَّظَرِ إِلَى نَمَائِهِ:
11 - قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَال بِالنَّظَرِ إِلَى نَمَائِهِ أَوْ عَدَمِ نَمَائِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ: نَامٌّ، وَقِنْيَةٌ.
فَالْمَال النَّامِي: هُوَ الَّذِي يَزِيدُ وَيَكْثُرُ. مِنَ النَّمَاءِ الَّذِي يَعْنِي فِي اللُّغَةِ الزِّيَادَةَ وَالْكَثْرَةَ. وَهُوَ فِي الشَّرْعِ نَوْعَانِ: حَقِيقِيٌّ، وَتَقْدِيرِيٌّ.
فَالْحَقِيقِيُّ: الزِّيَادَةُ بِالتَّوَالُدِ وَالتَّنَاسُل وَالتِّجَارَاتِ. وَالتَّقْدِيرِيُّ: تَمَكُّنُهُ مِنَ الزِّيَادَةِ، بِكَوْنِ الْمَال فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ نَائِبِهِ (38) . وَمَال الْقِنْيَةِ: هُوَ الَّذِي يَتَّخِذُهُ الإِْنْسَانُ لِنَفْسِهِ لاَ لِلتِّجَارَةِ. قَال الأَْزْهَرِيُّ: الْقِنْيَةُ: الْمَال الَّذِي يُؤَثِّلُهُ الرَّجُل وَيَلْزَمُهُ وَلاَ يَبِيعُهُ لِيَسْتَغِلَّهُ (39) .
وَيَظْهَرُ أَثَرُ التَّقْسِيمِ فِي الزَّكَاةِ؛ إِذْ إِنَّهَا تَجِبُ فِي الْمَال النَّامِي دُونَ مَال الْقِنْيَةِ، وَذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيل فِي (زَكَاةٌ ف 27) .
الزَّكَاةُ فِي الأَْمْوَال الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ:
12 - الأَْمْوَال بِالنَّظَرِ إِلَى وُجُوبِ دَفْعِ زَكَاتِهَا إِلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ لِتَوْزِيعِهَا عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا قِسْمَانِ: بَاطِنَةٌ وَظَاهِرَةٌ.
وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ أَدَاءَ زَكَاةِ الأَْمْوَال الْبَاطِنَةِ مُفَوَّضٌ إِلَى أَرْبَابِهَا، أَمَّا الأَْمْوَال الظَّاهِرَةُ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (زَكَاةٌ ف 142 - 143) .
التَّخَلُّصُ مِنَ الْمَال الْحَرَامِ:
13 - إِذَا كَانَ الْمَال الَّذِي فِي يَدِ الْمُسْلِمِ حَرَامًا فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ إِمْسَاكُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّخَلُّصُ مِنْهُ، وَهَذَا الْمَال إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَرَامًا مَحْضًا وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ حُكْمِهِ وَطَرِيقَةُ التَّخَلُّصِ مِنْهُ فِي مُصْطَلَحِ (كَسْبٌ ف 17) .
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُخْتَلِطًا بِأَنْ كَانَ بَعْضُهُ حَلاَلاً وَبَعْضُهُ حَرَامًا، وَلاَ يَتَمَيَّزُ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ هَذَا الْمَال أَنْ يُخْرِجَ قَدْرَ الْحَرَامِ وَيَدْفَعَهُ لِمُسْتَحِقِّهِ وَيَكُونُ الْبَاقِي فِي يَدِهِ حَلاَلاً.
قَال أَحْمَدُ فِي الْمَال الْمُشْتَبِهُ حَلاَلُهُ بِحَرَامِهِ: إِنْ كَانَ الْمَال كَثِيرًا أَخْرَجَ مِنْهُ قَدْرَ الْحَرَامِ وَتَصَرَّفَ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ الْمَال قَلِيلاً اجْتَنَبَهُ كُلَّهُ، وَهَذَا لأَِنَّ الْقَلِيل إِذَا تَنَاوَل مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّهُ تَبْعُدُ مَعَهُ السَّلاَمَةُ مِنَ الْحَرَامِ، بِخِلاَفِ الْكَثِيرِ. وَذَهَبَ بَعْضُ الْغُلاَةِ مِنْ أَرْبَابِ الْوَرَعِ كَمَا قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ إِلَى أَنَّ الْمَال الْحَلاَل إِذَا خَالَطَهُحَرَامٌ حَتَّى لَمْ يَتَمَيَّزْ ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْهُ مِقْدَارُ الْحَرَامِ الْمُخْتَلِطِ بِهِ لَمْ يَحِل وَلَمْ يَطِبْ؛ لأَِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي أُخْرِجَ هُوَ الْحَلاَل وَالَّذِي بَقِيَ هُوَ الْحَرَامَ (40) .
حُرْمَةُ مَال الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ:
14 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ مَال الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ، وَأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ غَصْبُهُ وَلاَ الاِسْتِيلاَءُ عَلَيْهِ، وَلاَ أَكْلُهُ بِأَيِّ شَكْلٍ كَانَ وَإِنْ كَانَ قَلِيلاً؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (41) وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَمُ: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا (42) وَقَوْلِهِ: أَلاَ مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا أَوِ انْتَقَصَهُ حَقَّهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (43)
. وَلِلتَّفْصِيل ر: (أَهْل الذِّمَّةِ ف 20 غَصْبٌ ف 7 وَمَا بَعْدَهَا) . دَفْعُ مَال الْمَحْجُورِ إِلَيْهِ:
15 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ تُسَلَّمُ لِلصَّغِيرِ أَمْوَالُهُ حَتَّى يَبْلُغَ رَاشِدًا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (44) . وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: الصَّغِيرُ إِذَا بَلَغَ بِالسِّنِّ رَشِيدًا وَمَالُهُ فِي يَدِ وَصِيِّهِ أَوْ وَلِيِّهِ فَإِنَّهُ يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَالُهُ، وَإِنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ لاَ يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَالُهُ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، فَإِذَا بَلَغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَالُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ مَا شَاءَ (45) .
وَلِلتَّفْصِيل ر: (صِغَرٌ ف 37، وَرُشْدٌ ف 7 - 10) .
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلِينَ بِالْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ إِلَى أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ لاَ يُفَكُّ إِلاَّ بَعْدَ إِينَاسِ الرُّشْدِ مِنْهُ. وَلِلتَّفْصِيل (ر: حَجْرٌ ف 8، 11) .
اكْتِسَابُ الْمَال:
16 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ اكْتِسَابَ الْمَال بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَقَضَاءِ دُيُونِهِ وَنَفَقَةِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فَرْضٌ.
فَإِنْ تَرَكَ الاِكْتِسَابَ بَعْدَ ذَلِكَ وَسِعَهُ، وَإِنِ اكْتَسَبَ مَا يَدَّخِرُهُ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ فَهُوَ فِي سَعَةٍ، وَتُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَى الْفَرْضِ لِيُوَاسِيَ بِهِ فَقِيرًا أَوْ يُجَازِيَ بِهِ قَرِيبًا فَإِنَّهُ أَفْضَل مِنَ التَّخَلِّي لِنَفْل الْعِبَادَةِ (46) .
وَلِلاِكْتِسَابِ طُرُقٌ مُخْتَلِقَةٌ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (كَسْبٌ ف 10 - 11) .
أَكْل الْوَصِيِّ أَوِ الْقَيِّمِ مِنْ مَال مَنْ عَلَيْهِ الْوِصَايَةُ أَوِ الْقِوَامَةُ:
17 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّ وَالْقَيِّمَ، إِذَا شُغِلاَ أَيٌّ مِنْهُمَا عَنْ كَسْبِ قُوتِهِ بِتَدْبِيرِ مَال مَنْ عَلَيْهِ الْوِصَايَةُ أَوِ الْقِوَامَةُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لأَِيٍّ مِنْهُمَا مَالٌ يَأْكُل مِنْهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُل مِنْ مَال الْيَتِيمِ بِالْمَعْرُوفِ، فَإِنْ لَمْ يُشْغَل أَيٌّ مِنْهُمَا عَنْ كَسْبِ قُوتِهِ أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَأْكُل مِنْهُ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ التَّعَفُّفُ عَنِ الأَْكْل مِنْ مَال مَنْ عَلَيْهِ الْوِصَايَةُ أَوِ الْقِوَامَةُ (47) .
لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} (48) .
وَلِلتَّفْصِيل (ر: وِلاَيَةٌ وَيَتِيمٌ) .
تَنْمِيَةُ الْمَال:
18 - شَرَعَ الإِْسْلاَمُ تَنْمِيَةَ الْمَال حِفَاظًا عَلَيْهِ لِمَصْلَحَةِ مَالِكِهِ وَمَصْلَحَةِ الْجَمَاعَةِ، وَالْحِفَاظُ عَلَى الْمَال مَقْصِدٌ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ وَتَنْمِيَةُ الْمَال تَكُونُ بِتِجَارَةٍ أَوْ زِرَاعَةٍ أَوْ صِنَاعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فِي حُدُودِ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (إِنْمَاءٌ ف 12 وَمَا بَعْدَهَا) .
مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَال مِنْ حُقُوقٍ:
19 - الْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَال إِمَّا حُقُوقٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِمَّا حُقُوقٌ لِلْعِبَادِ.
أَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَهِيَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّفْعُ الْعَامُّ فَلاَ يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدٌ، وَإِنَّمَا هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ، وَنُسِبَ هَذَا الْحَقُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ.
وَمِنْ هَذِهِ الْحُقُوقِ: زَكَاةُ الْمَال وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ وَالْكَفَّارَاتُ وَالْخَرَاجُ عَلَى الأَْرْضِ الزِّرَاعِيَّةِ وَغَيْرُهَا مِنَ الْحُقُوقِ.
وَأَمَّا حُقُوقُ الْعِبَادِ فَهِيَ مَا لِبَعْضِ الْعِبَادِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالدَّيْنِ وَالنَّفَقَاتِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْحُقُوقِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (حَقٌّ ف 12 وَمَا بَعْدَهَا) .
الأَْمْوَال الرِّبَوِيَّةُ وَغَيْرُهَا:
20 - الأَْمْوَال تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
أ - الأَْمْوَال الرِّبَوِيَّةُ: وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُمِنْهَا عَلَى الأَْصْنَافِ السِّتَّةِ الَّتِي وَرَدَ بِهَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى، الآْخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ (1) .
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا وَرَاءَ هَذِهِ الأَْصْنَافِ السِّتَّةِ وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (رِبًا ف 35 وَمَا بَعْدَهَا) .
ب - الأَْمْوَال غَيْرُ الرِّبَوِيَّةِ: وَهِيَ مَا عَدَا الأَْصْنَافَ السِّتَّةَ الْوَارِدَةَ فِي الْحَدِيثِ وَالأَْصْنَافَ الَّتِي أَلْحَقَهَا الْفُقَهَاءُ بِهَذِهِ الأَْصْنَافِ لِوُجُودِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (رِبًا ف 20 وَمَا بَعْدَهَا) .
__________
(1) المغرب، والمصباح، والمغني في الإنباء عن غريب المهذب والأسماء لابن باطيش 1 / 447.
(2) رد المحتار 4 / 3.
(3) الموافقات 2 / 10.
(4) أحكام القرآن لابن العربي 2 / 607.
(5) الإشراف على مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب 2 / 271.
(6) المنثور في القواعد للزركشي 3 / 222.
(7) الأشباه والنظائر للسيوطي ص327.
(8) شرح منتهى الإرادات 2 / 142.
(9) مغني المحتاج 2 / 377.
(10) المبسوط 11 / 78، 79، وتبيين الحقائق 5 / 234، وكشف الأسرار عن أصول البزدوي 1 / 172، وفتح الغفار شرح المنار لابن نجيم 1 / 52.
(11) روضة الطالبين 5 / 12، 13، ومغني المحتاج 2 / 2، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 442، والمنثور في القواعد للزركشي 3 / 197، 222، وتخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص 225، والمغني مع الشرح الكبير 6 / 3.
(12) فتح الغفار لابن نجيم 3 / 20.
(13) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص354، وبدائع الصنائع 5 / 324.
(14) المنثور في القواعد للزركشي 2 / 160، 161.
(15) منحة الخالق على البحر الرائق 5 / 277، تبيين الحقائق 5 / 235 المبسوط 13 / 25.
(16) رد المحتار 4 / 3، وانظر البحر الرائق 5 / 277
(17) رد المحتار 4 / 120.
(18) درر الحكام 1 / 101.
(19) شرح حدود ابن عرفة للرصاع الملكي 2 / 651.
(20) انظر بدائع الصنائع 7 / 147، والمبسوط 13 / 25، والدرر على الغرر 2 / 268، ونهاية المحتاج 5 / 167، ومغني المحتاج 2 / 285، 4 / 253، وشرح منتهى الإرادات 2 / 137.
(21) حاشية الدسوقي 3 / 447، والمدونة 5 / 368، والفواكه الدواني 2 / 380.
(22) المادة 145، 1119 من المجلة العدلية، والمادة 399 من مرشد الحيران، ودرر الحكام 1 / 105، 3 / 109، ورد المحتار 4 / 171، وأدب القضاء لابن أبي الدم ص600.
(23) المادة 146 من المجلة العدلية والمادة 399 من مرشد الحيران.
(24) المصباح المنير 2 / 629، ودرر الحكام 1 / 105، 3 / 109، رد المحتار 4 / 171، مجلة الأحكام العدلية مادة 1119.
(25) المصباح المنير، ومرشد الحيران م3، والمجلة العدلية م128.
(26) المغرب، تحرير ألفاظ التنبيه ص197، مرشد الحيران م2، المجلة العدلية م29.
(27) الإشارة إلى محاسن التجارة لأبي الفضل جعفر بن علي الدمشقي ص25.
(28) رد المحتار 4 / 361، والخرشي 6 / 164، ومغني المحتاج 2 / 71 كشاف القناع 3 / 273، 274، وانظر م 1019، 1020، من مجلة الأحكام العدلية.
(29) المادة 130 من المجلة العدلية.
(30) رد المحتار 2 / 30، شرح أبي الحسن المالكي على الرسالة 1 / 424.
(31) المغني 3 / 30.
(32) شرح منتهى الإرادات 1 / 407.
(33) الزرقاني على الموطأ 2 / 106.
(34) الفتاوى الهندية 1 / 174.
(35) إيثار الإنصاف في آثار الخلاف ص60.
(36) فتح القدير مع الهداية 2 / 122، مجمع الأنهر 1 / 194، رد المحتار 2 / 9، البناية على الهداية 3 / 25، البحر الرائق 2 / 223، الفتاوى الهندية 1 / 174، والخرشي 2 / 180، مواهب الجليل 2 / 297، والكافي لابن عبد البر ص94، ومغني المحتاج 1 / 409، وتحفة المحتاج 3 / 332، والمبدع 2 / 295.
(37) القاموس المحيط، وأساس البلاغة ص291، والأموال لأبي عبيد ص466.
(38) المصباح، والفروق للعسكري ص173، والمغرب، ورد المحتار 2 / 7.
(39) الزاهر للأزهري ص158، وانظر النظم المستعذب 1 / 269، والمصباح المنير، والمغرب.
(40) أحكام القرآن لابن العربي 1 / 245، وبدائع الفوائد 3 / 257، وجامع العلوم والحكم 1 / 200.
(41) سورة النساء / 29.
(42) حديث: " إن دماءكم وأموالكم. . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 158) ، ومسلم (3 / 1305، 1306) من حديث أبي بكرة واللفظ لمسلم.
(43) حديث: " ألا من ظلم معاهدًا. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 437) وقال العراقي: إسناده جيد (تنزيه الشريعة 2 / 182 نشر مكتبة القاهرة) .
(44) سورة النساء / 6.
(45) الفتاوى الهندية 5 / 56.
(46) الفتاوى الهندية 5 / 348 - 349، ومطالب أولي النهى 6 / 342، مغني المحتاج 3 / 448.
(47) تفسير القرطبي 5 / 41، 44.
(48) سورة النساء / 6.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 31/ 36