القدير
كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...
مقاربة الاحتلام . ومن شواهده قول ابن شاس المالكي في شرط من يلزمه القتال : "بأن يكون مسلماً حراً ذكراً مطيقاً للقتال بالبلوغ، أو المراهَقَة ."
المُراهَقَةُ: مُقارَبَةُ البُلُوغِ، يُقال: راهَقَ الغُلامُ مُراهَقَةً: إذا قارَبَ البُلُوغَ ولم يًبْلُغْ بَعْدُ. وتُطْلَق على المرحلةِ التي قَبْلَ البُلُوغِ إلى الرُّشْدِ. وأَصْلُ الكَلِمَةِ: الاقْتِرابُ مِن الشَّيْءِ، يُقال: رَهِقْتُ الشَّيْءَ: إذا اقْتَرَبْتُ ودَنَوْتُ مِنْهُ، ويأْتي الرَّهَقُ بِمعنى الجَهْلِ والسَّفَهِ والعَجَلَةِ، والمُرْهَقُ: المَوْصوفُ بِالجَهْلِ وخِفَّةِ العَقْلِ، وضِدُّهُ: الرُّشْدُ والعَقْلُ.
يرِد مُصْطلَح (مُراهَقَة) في الفقه في عِدَّة مَواطِنَ، مِنْها: كتاب الجَنائِزِ، باب: الصَّلاة على المَيِّتِ، وباب: غُسْل المَيِّتِ، وكتاب الحَجِّ، باب: شُرُوط الحَجِّ، وفي كتاب النِّكاحِ، باب: الخِطْبَة، وباب: شُروط النِّكاحِ، وباب: الطَّلاق، وفي كتاب القَضاءِ، باب: شُروط الشَّهادَةِ، وغَيْر ذلك مِن الأبواب.
رَهَقَ
المَرْحَلَةُ التي تُقارِبُ حَدَّ البُلُوغِ في عُمْرِ الإِنْسانِ.
المُراهَقَةُ: مَرْحَلَةٌ مِن مَراحِلِ عُمْرِ الإِنْسانِ بين الطُّفُولَةِ والبُلوغِ، وبهِ انْتِهاءُ حَدِّ الصِّغَرِ، وهي وَصْفٌ يَلْحَقُ الإِنْسانَ في صِغَرِهِ عند قُرْبِهِ مِن سِنِّ التَّكْلِيفِ الشَّرْعِيِّ. وتَنْقَسِمُ مَراحِلُ الصِّغَرِ -أيْ ما قَبْلَ البُلُوغِ- إلى مَرْحَلَتَيْنِ: 1- مَرْحَلَةُ عَدَمِ التَّمْيِيزِ: وتَبْدَأُ مُنْذُ الوِلادَةِ إلى سِنِّ التَّمْيِيزِ بين الأَشْياءِ، وهو سَبْعُ سِنِينَ غالِبًا. 2- مَرْحَلَةُ التَّمْيِيزِ: وهو أن يكون لِلطِّفْلِ إِدْراكٌ يُفَرِّقُ به بين النَّفْعِ والضَّرَرِ، وتَبْدَأُ مِن سِنِّ السَّابِعَةِ غالِبًا، وقد يَسبقُ ذلك، وتَسْتَمِرُّ إلى سِنِّ البُلُوغِ، وهو خَمْسَة عَشَرَ سَنَةً غالِباً وقد يَسبق ذلك. والمُراهَقَةُ مرحلةٌ زَمَنِيَّةٌ تكون في مَرْحَلَةِ التَّمْيِيزِ وتَمْتَدُّ إلى حَدِّ البُلُوغِ، وأَقَلُّ عُمْرٍ لِلْأُنْثَى المُراهِقَةِ تِسْعٌ، وللذَّكَرِ اثْنا عَشَرَ؛ لأنَّ ذلك أَقَلّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ فيها البُلُوغُ، وتَتَمَّيُزُ مَرْحَلَةُ المُراهَقَةِ بِحُصولِ تَغَيُّراتٍ شامِلَةٍ تَشْمَلُ النَّفسِ والجَسَدِ والعَقْلِ والرُّوحِ.
المُراهَقَةُ: مُقارَبَةُ البُلُوغِ، يُقال: راهَقَ الغُلامُ مُراهَقَةً: إذا قارَبَ البُلُوغَ ولم يًبْلُغْ بَعْدُ، وأَصْلُ الكَلِمَةِ: الاقْتِرابُ مِن الشَّيْءِ، أو الجَهْلُ والسَّفَهُ والعَجَلَةُ.
مقاربة الاحتلام.
* تهذيب اللغة : (5/259)
* مقاييس اللغة : (2/451)
* الكليات : (ص 871)
* نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار : (1/348)
* كشف الأسرار شرح أصول البزدوي : (4/1358)
* الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) : (3/35)
* لسان العرب : (10/130)
* تاج العروس : (25/383)
* جواهر الإكليل : (1/22)
* حاشيتا قليوبي وعميرة : (3/300)
* طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية : (ص 11)
* مطالب أولي النهى : (4/474)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 420) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمُرَاهَقَةُ لُغَةً مَصْدَرٌ يُقَال: رَاهَقَ الْغُلاَمُ مُرَاهَقَةً: قَارَبَ الاِحْتِلاَمَ وَلَمْ يَحْتَلِمْ بَعْدُ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لِلْمُرَاهَقَةِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْبُلُوغُ:
2 - مِنْ مَعَانِي الْبُلُوغِ لُغَةً: الْوُصُول، وَمِنْ مَعَانِيهِ إِدْرَاكُ سِنِّ التَّكْلِيفِ الشَّرْعِيِّ، يُقَال: بَلَغَ الصَّبِيُّ: احْتَلَمَ وَأَدْرَكَ وَقْتَ التَّكْلِيفِ، وَكَذَلِكَ بَلَغَتِ الْفَتَاةُ (3) .
وَاصْطِلاَحًا عَرَّفَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ انْتِهَاءُ حَدِّ الصِّغَرِ (4) . وَعَرَّفَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ قُوَّةٌ تَحْدُثُ لِلشَّخْصِ تَنْقُلُهُ مِنْ حَالَةِ الطُّفُولِيَّةِ إِلَى حَال الرُّجُولِيَّةِ (5) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمُرَاهَقَةِ وَالْبُلُوغِ أَنَّ الْمُرَاهَقَةَ تَسْبِقُ الْبُلُوغَ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُرَاهِقِ
عَوْرَةُ الْمُرَاهِقِ
3 - ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَوْرَةَ الْمُرَاهِقِ فِي أَحْكَامِ الْعَوْرَةِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَخُصُّوهُ بِحُكْمٍ فِيهَا، لَكِنَّ بَعْضَهُمْ خَصَّهُ بِحُكْمٍ فِي بَعْضِ مَسَائِل الْعَوْرَةِ.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: مُرَاهِقَةٌ صَلَّتْ عُرْيَانَةً أَوْ بِغَيْرِ وُضُوءٍ تُؤْمَرُ بِالإِْعَادَةِ، وَإِنْ صَلَّتْ بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَصَلاَتُهَا تَامَّةٌ اسْتِحْسَانًا (6) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: نُدِبَ لِحُرَّةٍ صَغِيرَةٍ سَتْرُ عَوْرَةٍ فِي الصَّلاَةِ كَالْوَاجِبِ عَلَى الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ فَإِنْ كَانَتْ مُرَاهِقَةً وَصَلَّتْ بِغَيْرِ قِنَاعٍ أَعَادَتِ الصَّلاَةَ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلاِصْفِرَارِ، وَفِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لِلطُّلُوعِ، وَقَال سَحْنُونٌ: لاَ إِعَادَةَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُرَاهِقَةِ كَبِنْتِ ثَمَانِي سِنِينَ فَلاَ خِلاَفَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِأَنْ تَسْتُرَ مِنْ نَفْسِهَا مَا تَسْتُرُهُ الْحُرَّةُ الْبَالِغَةُ وَلاَ إِعَادَةَ عَلَيْهَا إِنْ صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ أَوْ بَادِيَةَ الصَّدْرِ (7) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: عَوْرَةُ حُرَّةٍ مُرَاهِقَةٍ وَمُمَيِّزَةٍ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَيُسْتَحَبُّ اسْتِتَارُهُمَا كَالْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ احْتِيَاطًا (8) .
نَظَرُ الْمُرَاهِقِ إِلَى الأَْجْنَبِيَّةِ
4 - نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَاهِقَ فِي نَظَرِهِ لِلأَْجْنَبِيَّةِ كَالْبَالِغِ فَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ مَنْعُهُ مِنْهُ وَيَلْزَمُهَا الاِحْتِجَابُ مِنْهُ لِظُهُورِهِ عَلَى الْعَوْرَاتِ، وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى: {أَوِ الطِّفْل الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} .
وَالثَّانِي: وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ: لَهُ النَّظَرُ كَالْمَحْرَمِ (9) .
تَزْوِيجُ الْمَجْنُونِ الْمُرَاهِقِ
5 - نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ ذَكَرٌ صَغِيرٌ - أَيْ لاَ يَجُوزُ وَلاَ يَصِحُّ - وَلَوْ مُرَاهِقًا وَاحْتَاجَ إِلَى الْخِدْمَةِ وَظَهَرَ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ لأَِنَّهُ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى الزَّوَاجِ فِي الْحَال، وَبَعْدَ الْبُلُوغِ لاَ يُدْرَى كَيْفَ يَكُونُ الأَْمْرُ (10) .
قَسْمُ الْمُرَاهِقِ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ
6 - قَال الْفُقَهَاءُ: إِنَّ الْقَسْمَ لِلزَّوْجَاتِ مُسْتَحَقٌّ عَلَى كُل زَوْجٍ وَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا، وَاشْتَرَطُوا: لاِسْتِحْقَاقِ الْقَسْمِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ.
وَلِلتَّفْصِيل (ر: قَسْمُ الزَّوْجَاتِ ف 8 - 9)
طَلاَقُ الْمُرَاهِقِ
7 - قَال النَّوَوِيُّ: لاَ يَقَعُ طَلاَقُ صَبِيٍّ وَلاَ مَجْنُونٍ لاَ تَنْجِيزًا وَلاَ تَعْلِيقًا لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ، فَلَوْ قَال مُرَاهِقٌ: إِذَا بَلَغْتُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَبَلَغَ، أَوْ قَال أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا فَبَلَغَ قَبْل الْغَدِ فَلاَ طَلاَقَ (11) .
تَحْلِيل الْمُرَاهِقِ الْمُطَلَّقَةَ ثَلاَثًا
8 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ قَوْل بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلاَثًا يُحِلُّهَا وَطْءُ مَنْ تَزَوَّجَهَا بِعَقْدٍ صَحِيحٍ وَلَوْ مُرَاهِقًا يُجَامِعُ مِثْلُهُ.
وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّ الْمُرَاهِقَ هُوَ الدَّانِي مِنَ الْبُلُوغِ، وَلاَ بُدَّ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ لأَِنَّ طَلاَقَهُ - أَيْ قَبْل الْبُلُوغِ - غَيْرُ وَاقِعٍ، وَقَيَّدَ الْمُرَاهِقَ بِأَنَّهُ الَّذِي يُجَامِعُ مِثْلُهُ وَقِيل: هُوَ الَّذِي تَتَحَرَّكُ آلَتُهُ وَيَشْتَهِي النِّسَاءَ (12) .
وَلَمْ يُعَبِّرِ الشَّافِعِيَّةُ بِلَفْظِ الْمُرَاهِقِ وَلَكِنْ عَبَّرُوا بِكَوْنِهِ مِمَّنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ لاَ طِفْلاً لاَ يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ (13) . اعْتِبَارُ الْمُرَاهِقِ مَحْرَمًا
9 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى اعْتِبَارِ الْمُرَاهِقِ كَالْبَالِغِ الَّذِي لاَ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ السَّفَرُ إِلاَّ بِرُفْقَتِهِ إِنْ كَانَ مِنْ مَحَارِمِهَا (14) .
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ فَاشْتَرَطُوا أَنْ يَكُونَ الْمَحْرَمُ بَالِغًا عَاقِلاً، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: قِيل لأَِحْمَدَ فَيَكُونُ الصَّبِيُّ مَحْرَمًا؟ قَال: لاَ حَتَّى يَحْتَلِمَ، لأَِنَّهُ لاَ يَقُومُ بِنَفْسِهِ فَكَيْفَ يَخْرُجُ مَعَ امْرَأَةٍ وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ بِالْمَحْرَمِ حِفْظُ الْمَرْأَةِ وَلاَ يَحْصُل إِلاَّ مِنَ الْبَالِغِ الْعَاقِل (15) .
شَهَادَةُ الْمُرَاهِقِ
- قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ يَنْعَقِدُ - أَيِ النِّكَاحُ - بِشَهَادَةِ صَبِيَّيْنِ لأَِنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْل الشَّهَادَةِ وَيُحْتَمَل أَنْ يَنْعَقِدَ بِشَهَادَةِ مُرَاهِقَيْنِ عَاقِلَيْنِ (16) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والقاموس المحيط، والصحاح والمعجم الوسيط.
(2) تكملة فتح القدير 7 / 323 - ط الأميرية، وجواهر الإكليل 1 / 22، والقليوبي وعميرة 3 / 300، ومطالب أولي النهى 4 / 474.
(3) لسان العرب، والمصباح المنير.
(4) حاشية ابن عابدين 5 / 97، وتكملة فتح القدير 7 / 323 - ط. الأميرية.
(5) شرح الزرقاني 5 / 290، والشرح الصغير 1 / 133 - ط. دار المعارف بمصر.
(6) الفتاوى الهندية 1 / 58.
(7) حاشية الدسوقي 1 / 216.
(8) كشاف القناع 1 / 266.
(9) مغني المحتاج 3 / 130.
(10) شرح المنهاج، وحاشية القليوبي 3 / 237.
(11) روضة الطالبين 6 / 22 - ط. دار الكتب العلمية.
(12) الدر المختار مع حاشية رد المحتار 2 / 537 - 538، وتفسير القرطبي 3 / 150.
(13) مغني المحتاج 3 / 182.
(14) ابن عابدين 2 / 145، ومراقي الفلاح ص397، وحاشية الجمل 2 / 385، ومواهب الجليل للحطاب 2 / 524.
(15) المغني 3 / 99 - ط. دار الفكر.
(16) المغني 6 / 453.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 338/ 36