الوهاب
كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...
استدعاء المني، وإخراجه بغير جماع، باليد، وبالنظر، وغيره . ويطلق عليه في الاصطلاح المعاصر العادة السرية . وقد قال جمهور الفقهاء بتحريمه؛ لقوله تعالى : ﱫﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﱪ المؤمنون :5ـ 7
استدعاء المني، وإخراجه بغير جماع، باليد، وبالنظر، وغيره. ويطلق عليه في الاصطلاح المعاصر العادة السرية.
التَّعْرِيفُ:
1 - الاِسْتِمْنَاءُ: مَصْدَرُ اسْتَمْنَى، أَيْ طَلَبَ خُرُوجَ الْمَنِيِّ.
وَاصْطِلاَحًا: إخْرَاجُ الْمَنِيِّ بِغَيْرِ جِمَاعٍ، مُحَرَّمًا كَانَ، كَإِخْرَاجِهِ بِيَدِهِ اسْتِدْعَاءً لِلشَّهْوَةِ، أَوْ غَيْرَ مُحَرَّمٍ كَإِخْرَاجِهِ بِيَدِ زَوْجَتِهِ. (1) 2 - وَهُوَ أَخَصُّ مِنَ الإِْمْنَاءِ وَالإِْنْزَال، فَقَدْ يَحْصُلاَنِ فِي غَيْرِ الْيَقِظَةِ وَدُونَ طَلَبٍ، أَمَّا الاِسْتِمْنَاءُ فَلاَ بُدَّ فِيهِ مِنِ اسْتِدْعَاءِ الْمَنِيِّ فِي يَقَظَةِ الْمُسْتَمْنِي بِوَسِيلَةٍ مَا. وَيَكُونُ الاِسْتِمْنَاءُ مِنَ الرَّجُل وَمِنَ الْمَرْأَةِ.
وَيَقَعُ الاِسْتِمْنَاءُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْحَائِل. جَاءَ فِي ابْنِ عَابِدِينَ: لَوْ اسْتَمْنَى بِكَفِّهِ بِحَائِلٍ يَمْنَعُ الْحَرَارَةَ يَأْثَمُ أَيْضًا. وَفِي الشِّرْوَانِيِّ عَلَى التُّحْفَةِ: إنْ قَصَدَ بِضَمِّ امْرَأَةٍ الإِْنْزَال - وَلَوْ مَعَ الْحَائِل - يَكُونُ اسْتِمْنَاءً مُبْطِلاً لِلصَّوْمِ. بَل صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ الاِسْتِمْنَاءَ يَحْصُل بِالنَّظَرِ. (2)
وَلَمَّا كَانَ الإِْنْزَال بِالاِسْتِمْنَاءِ يَخْتَلِفُ أَحْيَانًا عَنِ الإِْنْزَال بِغَيْرِهِ كَالْجِمَاعِ وَالاِحْتِلاَمِ أُفْرِدَ بِالْبَحْثِ.
وَسَائِل الاِسْتِمْنَاءِ:
3 - يَكُونُ الاِسْتِمْنَاءُ بِالْيَدِ، أَوْ غَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمُبَاشَرَةِ، أَوْ بِالنَّظْرِ، أَوْ بِالْفِكْرِ.
الاِسْتِمْنَاءُ بِالْيَدِ.
4 - أ - الاِسْتِمْنَاءُ بِالْيَدِ إنْ كَانَ لِمُجَرَّدِ اسْتِدْعَاءِ الشَّهْوَةِ فَهُوَ حَرَامٌ فِي الْجُمْلَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (3) .
وَالْعَادُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ الْمُتَجَاوِزُونَ، فَلَمْ يُبِحِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الاِسْتِمْتَاعَ إلاَّ بِالزَّوْجَةِ وَالأَْمَةِ، وَيَحْرُمُ بِغَيْرِ ذَلِكَ.
وَفِي قَوْلٍ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالإِْمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا.
ب - وَإِنْ كَانَ الاِسْتِمْنَاءُ بِالْيَدِ لِتَسْكِينِ الشَّهْوَةِ الْمُفْرِطَةِ الْغَالِبَةِ الَّتِي يُخْشَى مَعَهَا الزِّنَى فَهُوَ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ، بَل قِيل بِوُجُوبِهِ، لأَِنَّ فِعْلَهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ قَبِيل الْمَحْظُورِ الَّذِي تُبِيحُهُ الضَّرُورَةُ، وَمِنْ قَبِيل ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ.
وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لِلإِْمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يَحْرُمُ وَلَوْ خَافَ الزِّنَى، لأَِنَّ لَهُ فِي الصَّوْمِ بَدِيلاً، وَكَذَلِكَ الاِحْتِلاَمُ مُزِيلٌ لِلشَّبَقِ.
وَعِبَارَاتُ الْمَالِكِيَّةِ تُفِيدُ الاِتِّجَاهَيْنِ: الْجَوَازَ لِلضَّرُورَةِ، وَالْحُرْمَةَ لِوُجُودِ الْبَدِيل، وَهُوَ الصَّوْمُ. (4)
ج - وَصَرَّحَ ابْنُ عَابِدِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّهُ لَوْ تَعَيَّنَ الْخَلاَصُ مِنَ الزِّنَى بِهِ وَجَبَ. (5)
الاِسْتِمْنَاءُ بِالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ:
5 - الاِسْتِمْنَاءُ بِالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ يَشْمَل كُل اسْتِمْتَاعٍ - غَيْرَ النَّظَرِ وَالْفِكْرِ - مِنْ وَطْءٍ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ، أَوْ تَبْطِينٍ، أَوْ تَفْخِيذٍ، أَوْ لَمْسٍ، أَوْ تَقْبِيلٍ. وَلاَ يَخْتَلِفُ أَثَرُ الاِسْتِمْنَاءِ بِهَذِهِ الأَْشْيَاءِ فِي الْعِبَادَةِ عَنْ أَثَرِهَا فِي الاِسْتِمْنَاءِ بِالْيَدِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ. وَيَبْطُل بِهِ الصَّوْمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، دُونَ كَفَّارَةٍ. وَلاَ يَخْتَلِفُ أَثَرُهُ فِي الْحَجِّ عَنْ أَثَرِ الاِسْتِمْنَاءِ بِالْيَدِ فِيهِ. (6)
الاِغْتِسَال مِنْ الاِسْتِمْنَاءِ:
6 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْغُسْل يَجِبُ بِالاِسْتِمْنَاءِ، إِذَا خَرَجَ الْمَنِيُّ عَنْ لَذَّةٍ وَدَفْقٍ، وَلاَ عِبْرَةَ بِاللَّذَّةِ وَالدَّفْقِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلٌ بِذَلِكَ لَكِنَّهُ خِلاَفُ الْمَشْهُورِ. وَاشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ لِتَرَتُّبِ الأَْثَرِ عَلَى الْمَنِيِّ أَنْ يَخْرُجَ بِلَذَّةٍ وَدَفْقٍ، وَهُوَ مَشْهُورُ الْمَالِكِيَّةِ، فَلاَ يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ مَا لَمْ تَكُنْ لَذَّةٌ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ أَحْمَدَ عَلَى هَذَا، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأَْصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. (7)
أَمَّا إنْ أَحَسَّ بِانْتِقَال الْمَنِيِّ مِنْ صُلْبِهِ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْحَال، وَلاَ عَلِمَ خُرُوجَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلاَ غُسْل عَلَيْهِ عِنْدَ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَلَّقَ الاِغْتِسَال عَلَى الرُّؤْيَةِ. (8) وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْل، لأَِنَّهُ لاَ يَتَصَوَّرُ رُجُوعُ الْمَنِيِّ، وَلأَِنَّ الْجَنَابَةَ فِي حَقِيقَتِهَا هِيَ: انْتِقَال الْمَنِيِّ عَنْ مَحَلِّهِ وَقَدْ وُجِدَ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْغُسْل يُرَاعَى فِيهِ الشَّهْوَةُ، وَقَدْ حَصَلَتْ بِانْتِقَالِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ظَهَرَ.
فَإِنْ سَكَنَتِ الشَّهْوَةُ ثُمَّ أَنْزَل بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْل عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَأَصْبَغَ وَابْنِ الْمَوَّازِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ: لاَ يَغْتَسِل، وَلَكِنْ يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ، وَهُوَ قَوْل الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ. (9)
وَلِتَفْصِيل مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ اُنْظُرْ مُصْطَلَحَ (غُسْلٌ) .
اغْتِسَال الْمَرْأَةِ مِنْ الاِسْتِمْنَاءِ:
7 - يَجِبُ الْغُسْل عَلَى الْمَرْأَةِ إنْ أَنْزَلَتْ بِالاِسْتِمْنَاءِ بِأَيِّ وَسِيلَةٍ حَصَل. وَالْمُرَادُ بِالإِْنْزَال أَنْ يَصِل إلَى الْمَحَل الَّذِي تَغْسِلُهُ فِي الاِسْتِنْجَاءِ، وَهُوَ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ جُلُوسِهَا وَقْتَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ. وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَبِهَذَا قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَدَا (سَنَدٍ) ، فَقَدْ قَال: إنَّ بُرُوزَ الْمَنِيِّ مِنَ الْمَرْأَةِ لَيْسَ شَرْطًا، بَل مُجَرَّدُ الاِنْفِصَال عَنْ مَحَلِّهِ يُوجِبُ الْغُسْل، لأَِنَّ عَادَةَ مَنِيِّ الْمَرْأَةِ أَنْ يَنْعَكِسَ إلَى الرَّحِمِ. (10) أَثَرُ الاِسْتِمْنَاءِ فِي الصَّوْمِ:
8 - الاِسْتِمْنَاءُ بِالْيَدِ يُبْطِل الصَّوْمَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، (11) وَعَامَّةُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى ذَلِكَ، (12) لأَِنَّ الإِْيلاَجَ مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ مُفْطِرٌ، فَالإِْنْزَال بِشَهْوَةٍ أَوْلَى. وَقَال أَبُو بَكْرِ بْنُ الإِْسْكَافِ، وَأَبُو الْقَاسِمِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لاَ يَبْطُل بِهِ الصَّوْمُ، لِعَدَمِ الْجِمَاعِ صُورَةً وَمَعْنًى. (13)
وَلاَ كَفَّارَةَ فِيهِ مَعَ الإِْبْطَال عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ مُقَابِل الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَأَحَدُ قَوْلَيِ الْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّهُ إفْطَارٌ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، وَلأَِنَّهُ لاَ نَصَّ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِيهِ وَلاَ إجْمَاعَ.
وَمُعْتَمَدُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ مَعَ الْقَضَاءِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَعُمُومُ رِوَايَةِ الرَّافِعِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَاَلَّتِي حَكَاهَا عَنْ أَبِي خَلَفٍ الطَّبَرِيِّ يُفِيدُ ذَلِكَ، فَمُقْتَضَاهَا وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِكُل مَا يَأْثَمُ بِالإِْفْطَارِ بِهِ، وَالدَّلِيل عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ: أَنَّهُ تَسَبُّبٌ فِي إنْزَالٍ فَأَشْبَهَ الإِْنْزَال بِالْجِمَاعِ. (14)
9 - أَمَّا الاِسْتِمْنَاءُ بِالنَّظَرِ فَإِنَّهُ يُبْطِل الصَّوْمَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، تَكَرَّرَ النَّظَرُ أَمْ لاَ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ عَادَتُهُ الإِْنْزَال أَمْ لاَ، وَالْحَنَابِلَةُ مَعَهُمْ فِي الإِْبْطَال إنْ تَكَرَّرَ النَّظَرُ. وَالاِسْتِمْنَاءُ بِالتَّكْرَارِ مُبْطِلٌ لِلصَّوْمِ فِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا، وَقِيل. إنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الإِْنْزَال أَفْطَرَ، وَفِي " الْقُوتِ " أَنَّهُ إِذَا أَحَسَّ بِانْتِقَال الْمَنِيِّ فَاسْتَدَامَ النَّظَرَ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ لاَ يُفْطِرُ بِهِ الصَّائِمُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَلاَ كَفَّارَةَ فِيهِ إلاَّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْحَالاَتِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ. إنْ تَكَرَّرَ النَّظَرُ وَكَانَتْ عَادَتُهُ الإِْنْزَال أَوِ اسْتَوَتْ حَالَتَاهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ قَطْعًا.
وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ الإِْنْزَال فَقَوْلاَنِ.
أَمَّا مُجَرَّدُ النَّظَرِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدَامَةٍ فَظَاهِرُ كَلاَمِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لاَ كَفَّارَةَ. وَقَال الْقَابِسِيُّ: كَفَّرَ إنْ أَمْنَى مِنْ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ. (15)
10 - وَأَمَّا الاِسْتِمْنَاءُ بِالتَّفْكِيرِ فَلاَ يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ عَنْ حُكْمِ الاِسْتِمْنَاءِ بِالنَّظَرِ، مِنْ حَيْثُ الإِْبْطَال وَالْكَفَّارَةُ وَعَدَمُهُمَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ، عَدَا أَبِي حَفْصٍ الْبَرْمَكِيِّ، فَقَالُوا بِعَدَمِ الإِْفْسَادِ بِالإِْنْزَال بِالتَّفْكِيرِ، لِقَوْلِهِ ﷺ: عُفِيَ لأُِمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَل أَوْ تَتَكَلَّمْ بِهِ. (16)
وَقَال أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ بِالإِْبْطَال، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، لأَِنَّ الْفِكْرَةَ تُسْتَحْضَرُ وَتَدْخُل تَحْتَ الاِخْتِيَارِ، وَمَدَحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الَّذِينَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ، وَنَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ التَّفَكُّرِ فِي ذَاتِ اللَّهِ، وَأَمَرَ بِالتَّفَكُّرِ فِي الآْلاَءِ. (17) وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ ذَلِكَ بِهَا. (18)
أَثَرُ الاِسْتِمْنَاءِ فِي الاِعْتِكَافِ:
11 - يَبْطُل الاِعْتِكَافُ بِالاِسْتِمْنَاءِ بِالْيَدِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، إلاَّ أَنَّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ مَنْ ذَكَرَهُ قَوْلاً وَاحِدًا، وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَظْهَرَ الْبُطْلاَنَ. (19)
وَلِتَفْصِيل ذَلِكَ اُنْظُرْ (اعْتِكَاف) .
أَمَّا الاِسْتِمْنَاءُ بِالنَّظَرِ وَالتَّفْكِيرِ فَلاَ يَبْطُل بِهِ الاِعْتِكَافُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَيَبْطُل بِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَكَذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ، إذْ يُفْهَمُ مِنْ كَلاَمِهِمْ بُطْلاَنُ الاِعْتِكَافِ، لِفِقْدَانِ شَرْطِ الطَّهَارَةِ مِمَّا يُوجِبُ الْغُسْل. (20)
أَثَرُ الاِسْتِمْنَاءِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ:
12 - لاَ يَفْسُدُ الْحَجُّ بِالاِسْتِمْنَاءِ بِالْيَدِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لَكِنْ يَجِبُ فِيهِ دَمٌ، لأَِنَّهُ كَالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فِي التَّحْرِيمِ وَالتَّعْزِيرِ، فَكَانَ بِمَنْزِلَتِهَا فِي الْجَزَاءِ. (21) وَيَفْسُدُ الْحَجُّ بِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَأَوْجَبُوا فِيهِ الْقَضَاءَ وَالْهَدْيَ وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا، لأَِنَّهُ أَنْزَل بِفِعْلٍ مَحْظُورٍ.
وَلِبَيَانِ نَوْعِ الدَّمِ وَوَقْتِهِ اُنْظُرْ (إحْرَامٌ) .
وَالْعُمْرَةُ فِي ذَلِكَ كَالْحَجِّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ عُمُومِ كَلاَمِ الْبَاجِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلاَمِ بَهْرَامٌ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَا يُوجِبُ الْفَسَادَ فِي الْحَجِّ فِي بَعْضِ الأَْحْوَال مِنْ وَطْءٍ وَإِنْزَالٍ يُوجِبُ الْهَدْيَ فِي الْعُمْرَةِ، لأَِنَّ أَمْرَهَا أَخَفُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا. (22)
13 - أَمَّا الاِسْتِمْنَاءُ بِالنَّظَرِ وَالْفِكْرِ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ الْحَجُّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، بِاسْتِدْعَاءِ الْمَنِيِّ بِنَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ مُسْتَدَامَيْنِ، فَإِنْ خَرَجَ بِمُجَرَّدِ الْفِكْرِ أَوِ النَّظَرِ لَمْ يَفْسُدْ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ وُجُوبًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ عَمْدًا أَمْ جَهْلاً أَمْ نِسْيَانًا. وَلاَ يَفْسُدُ بِهِ الْحَجُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَلاَ فِدْيَةَ فِيهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ تَجِبُ الْفِدْيَةُ فِي النَّظَرِ، وَأَمَّا التَّفْكِيرُ فَانْفَرَدَ بِالْفِدْيَةِ فِيهِ مِنْهُمْ أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ (23) .
الاِسْتِمْنَاءُ عَنْ طَرِيقِ الزَّوْجَةِ:
14 - أَغْلَبُ الْفُقَهَاءِ عَلَى جَوَازِ الاِسْتِمْنَاءِ بِالزَّوْجَةِ مَا لَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ، (24) لأَِنَّهَا مَحَل اسْتِمْتَاعِهِ، كَمَا لَوْ أَنْزَل بِتَفْخِيذٍ أَوْ تَبْطِينٍ، وَلِبَيَانِ الْمَانِعِ اُنْظُرْ (حَيْضٌ، نِفَاسٌ، صَوْمٌ، اعْتِكَافٌ، حَجٌّ) .
وَقَال بِكَرَاهَتِهِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، نَقَل صَاحِبُ الدُّرِّ عَنِ الْجَوْهَرَةِ: وَلَوْ مَكَّنَ امْرَأَتَهُ مِنَ الْعَبَثِ بِذَكَرِهِ فَأَنْزَل كُرِهَ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، غَيْرَ أَنَّ ابْنَ عَابِدِينَ حَمَلَهَا عَلَى الْكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِيَّةِ. وَفِي نِهَايَةِ الزَّيْنِ: وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي: لَوْ غَمَرَتِ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ زَوْجِهَا بِيَدِهَا كُرِهَ وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ إِذَا أَمْنَى، لأَِنَّهُ يُشْبِهُ الْعَزْل، وَالْعَزْل مَكْرُوهٌ. (25) عُقُوبَةُ الاِسْتِمْنَاءِ:
15 - الاِسْتِمْنَاءُ الْمُحَرَّمُ يُعَزَّرُ فَاعِلُهُ بِاتِّفَاقٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} . (1)
__________
(1) ترتيب القاموس (مني) ، وابن عابدين 2 / 100، 3 / 156، ونهاية المحتاج 3 / 169، والشرواني على التحفة 3 / 410.
(2) الدسوقي 2 / 68، وشرح الروض 1 / 314، وكشف المخدرات 159، والشرواني على التحفة 3 / 409، وألحق ابن عابدين بالاستمناء في الإثم من أدخل ذكره في حائط حتى أمنى (ابن عابدين 2 / 100) .
(3) سورة المؤمنون / 5 - 7.
(4) ابن عابدين 2 / 100، والزيلعي 1 / 323، والحطاب 6 / 320، والشرح الصغير 2 / 331، والمهذب 2 / 270، ونهاية المحتاج 1 / 312، والبيجوري 1 / 303، وروضة الطالبين 10 / 91، وكشاف القناع 6 / 102، والإنصاف 10 / 251.
(5) ابن عابدين 2 / 100 - 101، واللجنة ترى أن ما صرح به ابن عابدين ينسجم مع قواعد الشريعة من حيث ارتكاب الضرر الأخف لاتقاء الضرر الأشد.
(6) الزيلعي 1 / 324، والبحر الرائق 2 / 213، والهندية 1 / 204، 213، 244، والمبسوط 3 / 123، وابن عابدين 2 / 208، والدسوقي 1 / 529، 2 / 68، والحطاب 2 / 416، ومغني المحتاج 1 / 430، 431، 452، 522، والشرواني 3 / 410، والمغني مع الشرح الكبير 3 / 47.
(7) الهندية 1 / 14، والرهوني 1 / 206، والمجموع 2 / 139، والإنصاف 1 / 228 وما قبلها.
(8) أخرج البخاري ومسلم وأبو داود قصة من حديث أبي سعيد الخدري قال: " خرجت مع رسول الله ﷺ إلى قباء، حتى إذا كنا في بني سالم، وقف رسول الله ﷺ على باب عتبان (بن مالك) فصرخ به، فخرج يجر إزاره، فقال رسول الله ﷺ: أعجلنا الرجل ماذا عليه؟ قال رسول الله ﷺ: إنما الماء من الماء " (جامع الأصول في أحاديث الرسول 7 / 271 - 272 نشر مكتبة الحلواني، ونصب الراية 1 / 80 - 81 ط مطبعة دار المأمون 1357 هـ) .
(9) الهندية 1 / 14، والخانية 1 / 44، والرهوني 1 / 24، والحطاب 1 / 306، 307، والمجموع 2 / 140، ونهاية المحتاج 1 / 199، 200، والمغني 1 / 200 ط الرياض، وشرح المفردات ص 42، 43.
(10) ابن عابدين 1 / 108، والخانية 1 / 44، والدسوقي 1 / 126، 127، والخرشي 1 / 162، والحطاب 1 / 307، والمجموع 2 / 140، والإنصاف 1 / 231.
(11) الشرح الصغير 1 / 707، والدسوقي 1 / 529، والمهذب 1 / 183، والمجموع 6 / 322، ومغني المحتاج 1 / 430، ومنتهى الإرادات 1 / 221، والمغني والشرح الكبير 3 / 48، والكافي 1 / 477.
(12) الزيلعي 1 / 323، والهندية 1 / 205، والخانية 1 / 208.
(13) شرح العناية بهامش فتح القدير 2 / 64، والهندية 1 / 205.
(14) المجموع 6 / 322، ومغني المحتاج 1 / 430، والدسوقي 1 / 529، والشرح الصغير 2 / 94، والمغني مع الشرح 3 / 50، 337.
(15) الزيلعي 1 / 323، والبحر الرائق 2 / 293، 299، وفتح القدير 2 / 64، وشرح ميارة 1 / 1769، والدسوقي على الدردير 1 / 523، 529، ومغني المحتاج 1 / 430، وشرح الروض 1 / 414، والمغني والشرح الكبير 3 / 49.
(16) حديث: " عفي لأمتي ما حدثت به. . . " أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة بلفظ: " إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يعملوا به أو يتكلموا ". وأخرجه أبو داود بلفظ مقارب (جامع الأصول في أحاديث الرسول 2 / 62 نشر مكتبة الحلواني 1389 هـ) .
(17) حديث: " نهى النبي ﷺ عن التفكر في ذات الله. . . " أخرجه أبو الشيخ والطبراني وابن عدي والبيهقي من حديث ابن عمر. قال البيهقي: هذا إسناد فيه نظر. قال الحافظ العراقي: فيه الوزاع بن نافع متروك. قال السخاوي: أسانيدها ضعيفة، لكن اجتماعها يكتسب قوة. ورمز الألباني لحسنه (فيض القدير 3 / 263 ط المكتبة التجارية 1356 هـ، والمقاصد الحسنة ص 159 نشر مكتبة الخانجي بمصر، وصحيح الجامع الصغير تحقيق الألباني 3 / 49) .
(18) فتح القدير 2 / 70، والدسوقي على الدردير 1 / 523، 529، وشرح الروض 1 / 414، ومغني المحتاج 1 / 430، والمغني والشرح الكبير 3 / 49.
(19) الهندية 1 / 213، والمبسوط 3 / 123، والحطاب 2 / 456، 457، والجمل 2 / 363، وإعانة الطالبين 2 / 263، وشرح الروض 1 / 334، ونهاية المحتاج 3 / 214، ومغني المحتاج 1 / 452، والكافي 1 / 504.
(20) البحر الرائق 2 / 328، والحطاب 2 / 456، ونهاية المحتاج 2 / 263، 3 / 214، وكشاف المخدرات ص 166.
(21) المهذب 1 / 216، وفتح القدير 2 / 239، والهندية 1 / 244، والدسوقي 2 / 68، ومغني المحتاج 1 / 522، ونهاية المحتاج 3 / 329، 330، وشرح الروض 1 / 563، والجمل 2 / 321، 517، ومنتهى الإرادات 1 / 262، والشرواني على التحفة 4 / 174، والمغني مع الشرح + الكبير 3 / 341.
(22) الحطاب 2 / 423، ونهاية المحتاج 3 / 330.
(23) الدسوقي على الدردير 2 / 68، والهندية 1 / 244، والمبسوط 3 / 120، 121، والرهوني 2 / 459، ونهاية المحتاج 3 / 214، ومغني المحتاج 1 / 452، والشرواني على التحفة 4 / 174، والجمل 2 / 517، والشرح الكبير مع المغني 3 / 341، وكشاف القناع 2 / 287، 3 / 399.
(24) ابن عابدين 2 / 100، 3 / 156، والخرشي 1 / 208، والدسوقي 1 / 173، ونهاية المحتاج 3 / 169، وكشاف القناع 5 / 148، والإنصاف 4 / 152.
(25) ابن عابدين 3 / 156، ونهاية الزين في إرشاد المبتدئين ص 349.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 97/ 4