الرءوف
كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...
الاتكاء على شيء، والاحتباء عليه . ومثاله : الاتكاء على الجدار، أو السارية . ومن شواهده قول ابن رشد : "واختلف في الاستناد فقيل إنه كالجلوس، وقيل إنه كالاضطجاع . فإذا نام الرجل مضطجعا، وجب عليه الوضوء بالاستثقال، وإن لم يطل ".
الاِسْتِنادُ: الاِعْتِمادُ على الشَّيْءِ والارْتِكازُ علَيْهِ، يُقالُ: اسْتَنَدَ إلى الـحائِطِ، أي: اعْتَمَدَ عَلَيْهِ وجَعَلَهُ سَنَداً لَهُ. والسَّنَدُ: الـمَكانُ الـمُرْتَفِعُ، ويُطْلَقُ على كُلِّ ما يُعْتَمَدُ عليه كَالدِّعامَةِ والعَمُودِ ونَحْوِهِما مِمَّا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ. ويأتي بِـمعنى الاِلْتِجاءِ، يُقالُ: اسْتَنَدَ فُلانٌ إلى اللهِ تعالى، أيْ: لـَجَأَ إلَيْهِ. ومِن مَعانِيهِ: الاِتِّكاءُ والـمَيَلانُ والاِسْتِعانَةُ والاتِّصالُ.
يَرِد مُصْطلَح (اسْتِناد) في الفقه في كِتابِ الصَّلاةِ، باب: صِفَة الصَّلاةِ، وفي كِتابِ البُيُوعِ، باب: أَحْكام الجِوارِ. ويُطْلَقُ بِـمَعنى:" التَّسَبُّب" في مَواطِنَ منها: كِتابُ الطَّهَارَةِ، باب: أَحْكام الـمِياهِ، وفي كِتابِ النِّكاحِ، باب: عُيوب النِّكاحِ، وغير ذلك من الأبواب. ويُطْلَقُ في جَميعِ أَبْوابِ الفقهِ وأُصُولِهِ بمعنى: الاِحْتِجاج بالشَّيْءِ والاِسْتِدْلال بِهِ.
سند
الاِتِّكاءُ على الشَّيْءِ والاِعْتِمادُ عَلَيْهِ.
الاِسْتِنادُ: الاِعْتِمادُ على الشَّيْءِ والارْتِكازُ علَيْهِ، يُقالُ: اسْتَنَدَ إلى الـحائِطِ، أيْ: اعْتَمَدَ علَيْهِ وجَعَلَهُ سَنَداً لَهُ، والسَّنَدُ: الـمَكانُ الـمُرْتَفِعُ، ومِن مَعانِيهِ: الاِتِّكاءُ والـمَيَلانُ والاِسْتِعانَةُ والاتِّصالُ.
الاتكاء على شيء، والاحتباء عليه.
* معجم مقاييس اللغة : (3/105)
* تاج العروس : (8/216)
* الكليات : (ص 158)
* نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج : (1/445)
* الـمجموع شرح الـمهذب : (3/259)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 65)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (4/105)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (1/162)
* المعجم الوسيط : (1/454) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الاِسْتِنَادُ لُغَةً: مَصْدَرُ اسْتَنَدَ. وَأَصْلُهُ سَنَدَ. يُقَال: سَنَدْتُ إلَى الشَّيْءِ، وَأَسْنَدْتُ إلَيْهِ وَاسْتَنَدْتُ إلَيْهِ: إِذَا مِلْتَ إلَيْهِ وَاعْتَمَدْتَ عَلَيْهِ. وَالْمَسْنَدُ: مَا اسْتَنَدْتَ إلَيْهِ مِنَ الْمَتَاعِ، وَاسْتَنَدَ إلَى فُلاَنٍ: لَجَأَ إلَيْهِ فِي طَلَبِ الْعَوْنِ. (1) وَلِلاِسْتِنَادِ فِي الاِصْطِلاَحِ مَعَانٍ ثَلاَثَةٌ:
الأَْوَّل: الاِسْتِنَادُ الْحِسِّيُّ، وَهُوَ أَنْ يَمِيل الإِْنْسَانُ عَلَى الشَّيْءِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ، وَالاِسْتِنَادُ بِهَذَا الْمَعْنَى طِبْقَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الثَّانِي: الاِسْتِنَادُ إلَى الشَّيْءِ بِمَعْنَى الاِحْتِجَاجِ بِهِ.
الثَّالِثُ: الاِسْتِنَادُ بِمَعْنَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ بِأَثَرٍ رَجْعِيٍّ، وَهُوَ بِالْمَعْنَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ يُعْتَبَرُ اسْتِنَادًا مَعْنَوِيًّا.
الْمَبْحَثُ الأَْوَّل
الاِسْتِنَادُ الْحِسِّيُّ:
2 - الاِسْتِنَادُ إلَى الشَّيْءِ بِهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمَيْل عَلَى الشَّيْءِ مَعَ الاِعْتِمَادِ عَلَيْهِ. وَمِمَّا لَهُ صِلَةٌ بِالاِسْتِنَادِ: الاِتِّكَاءُ. وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْبَقَاءِ أَنَّ الاِسْتِنَادَ عَلَى الشَّيْءِ الاِتِّكَاءُ عَلَيْهِ بِالظَّهْرِ خَاصَّةً، قَال: الاِتِّكَاءُ أَعَمُّ مِنْ الاِسْتِنَادِ، وَهُوَ - يَعْنِي الاِتِّكَاءَ - الاِعْتِمَادُ عَلَى الشَّيْءِ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ، وَبِأَيِّ جَانِبٍ كَانَ.
وَالاِسْتِنَادُ: اتِّكَاءٌ بِالظَّهْرِ لاَ غَيْرُ. (2) وَلَمْ نَطَّلِعْ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ.
أَوَّلاً: أَحْكَامُ الاِسْتِنَادِ فِي الصَّلاَةِ:
أ - الاِسْتِنَادُ فِي الصَّلاَةِ الْمَفْرُوضَةِ:
3 - الاِسْتِنَادُ إلَى عِمَادٍ - كَحَائِطٍ أَوْ سَارِيَةٍ - فِي صَلاَةِ الْفَرِيضَةِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ مُسْتَقِلًّا دُونَ اعْتِمَادٍ. لِلْفُقَهَاءِ فِيهِ اتِّجَاهَاتٌ ثَلاَثَةٌ:
الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل: يَرَى الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ مَنْعَهُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ. قَالُوا: مَنِ اعْتَمَدَ عَلَى عَصًا أَوْ حَائِطٍ وَنَحْوِهِ بِحَيْثُ يَسْقُطُ لَوْ زَال الْعِمَادُ، لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ، قَالُوا: لأَِنَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ أَرْكَانِهَا الْقِيَامُ، وَمَنِ اسْتَنَدَ عَلَى الشَّيْءِ بِحَيْثُ لَوْ زَال مِنْ تَحْتِهِ سَقَطَ، لاَ يُعْتَبَرُ قَائِمًا.
أَمَّا إنْ كَانَ لاَ يَسْقُطُ لَوْ زَال مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ، فَهُوَ عِنْدَهُمْ مَكْرُوهٌ، صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ. قَال الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: يُكْرَهُ اتِّفَاقًا - أَيْ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ - لِمَا فِيهِ مِنْ إسَاءَةِ الأَْدَبِ وَإِظْهَارِ التَّجَبُّرِ. وَعَلَّل ابْنُ أَبِي تَغْلِبَ - مِنَ الْحَنَابِلَةِ - لِلْكَرَاهَةِ بِكَوْنِ الاِسْتِنَادِ يُزِيل مَشَقَّةَ الْقِيَامِ.
وَالاِتِّجَاهُ الثَّانِي: قَوْل الشَّافِعِيَّةِ الْمُقَدَّمُ لَدَيْهِمْ أَنَّ صَلاَةَ الْمُسْتَنِدِ تَصِحُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ، قَالُوا: لأَِنَّهُ يُسَمَّى قَائِمًا وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيل مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ لَسَقَطَ. وَالاِتِّجَاهُ الثَّالِثُ: أَنَّ اسْتِنَادَ الْقَائِمِ فِي صَلاَةِ الْفَرْضِ جَائِزٌ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي ذَرٍّ ﵄ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ.
ثُمَّ إنَّ الصَّلاَةَ الْمَفْرُوضَةَ - الَّتِي هَذَا حُكْمُ الاِسْتِنَادِ فِيهَا - تَشْمَل الْفَرْضَ الْعَيْنِيَّ وَالْكِفَائِيَّ، كَصَلاَةِ الْجِنَازَةِ، وَصَلاَةِ الْعِيدِ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَهَا.
وَتَشْمَل الْوَاجِبَ بِالنَّذْرِ عَلَى مَنْ نَذَرَ الْقِيَامَ فِيهِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الدُّسُوقِيُّ، وَأَلْحَقَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ سُنَّةَ الْفَجْرِ عَلَى قَوْلٍ لِتَأَكُّدِهَا. (3)
ب - الاِسْتِنَادُ فِي الْفَرْضِ فِي حَال الضَّرُورَةِ:
4 - يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا وُجِدَتْ الضَّرُورَةُ، بِحَيْثُ لاَ يَسْتَطِيعُ الْمُصَلِّي أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا إِلاَّ بِالاِسْتِنَادِ، أَنَّ الاِسْتِنَادَ جَائِزٌ لَهُ. (4) وَلَكِنْ هَل يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الْقِيَامِ فَيَجُوزُ لَهُ الصَّلاَةُ جَالِسًا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْقِيَامِ بِالاِسْتِنَادِ؟ لِلْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اتِّجَاهَانِ:
الأَْوَّل: أَنَّ الْقِيَامَ وَاجِبٌ حِينَئِذٍ وَلاَ تَصِحُّ صَلاَتُهُ جَالِسًا. وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ، وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَقَوْلٌ مَرْجُوحٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ.
قَال شَارِحُ الْمُنْيَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا أَوْ خَادِمٍ. قَال الْحَلْوَانِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ مُتَّكِئًا.
الثَّانِي: وَهُوَ الْمُقَدَّمُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَمُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَمُقْتَضَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ - كَمَا تَقَدَّمَ - أَنَّ فَرْضَ الْقِيَامِ سَاقِطٌ عَنْهُ حِينَئِذٍ، وَتَجُوزُ صَلاَتُهُ جَالِسًا. قَال الْحَطَّابُ نَقْلاً عَنِ ابْنِ رُشْدٍ: لأَِنَّهُ لَمَّا سَقَطَ عَنْهُ الْقِيَامُ، وَجَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا، صَارَ قِيَامُهُ نَافِلَةً، فَجَازَ أَنْ يَعْتَمِدَ فِيهِ كَمَا يَعْتَمِدُ فِي النَّافِلَةِ، وَالْقِيَامُ مَعَ الاِعْتِمَادِ أَفْضَل.
وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ لِجَوَازِ الصَّلاَةِ مَعَ الاِعْتِمَادِ أَنْ يَكُونَ اسْتِنَادُهُ لِغَيْرِ حَائِضٍ أَوْ جُنُبٍ، فَإِنْ صَلَّى مُسْتَنِدًا إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، أَيِ الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ لاَ الاِخْتِيَارِيِّ. (5)
ج - الاِسْتِنَادُ فِي الصَّلاَةِ أَثْنَاءَ الْجُلُوسِ:
5 - الْحُكْمُ فِي الاِسْتِنَادِ فِي الْجُلُوسِ كَالْحُكْمِ فِي الاِسْتِنَادِ فِي الْقِيَامِ تَمَامًا، عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ: فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقُعُودِ مُسْتَوِيًا، وَقَدَرَ مُتَّكِئًا، يَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ مُتَّكِئًا أَوْ مُسْتَنِدًا (6)
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ قَال الدَّرْدِيرُ مَا مَعْنَاهُ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقِيَامَ مُسْتَنِدًا أَوْلَى مِنَ الْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا. (7) أَمَّا الْجُلُوسُ مُسْتَقِلًّا فَوَاجِبٌ لاَ يَعْدِل عَنْهُ إلَى الْجُلُوسِ مُسْتَنِدًا إلاَّ عِنْدَ الْعَجْزِ. وَكَذَا لاَ يُصَارُ إلَى الْجُلُوسِ مُسْتَنِدًا مِمَّنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ بِالاِسْتِنَادِ. وَمِثْل ذَلِكَ الْجُلُوسِ مُسْتَنِدًا، فَهُوَ مُقَدَّمٌ وُجُوبًا عَلَى الصَّلاَةِ مُضْطَجِعًا، وَلَمْ نَجِدْ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ذِكْرًا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
د - الاِسْتِنَادُ فِي النَّفْل:
6 - قَال النَّوَوِيُّ: الاِتِّكَاءُ فِي صَلاَةِ النَّفْل جَائِزٌ عَلَى الْعِصِيِّ وَنَحْوِهَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ إلاَّ ابْنَ سِيرِينَ فَقَدْ نُقِلَتْ عَنْهُ كَرَاهَتُهُ. وَقَال مُجَاهِدٌ: يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ بِقَدْرِهِ (8) .
وَقَدْ فَصَّل الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي التَّطَوُّعِ كَمَا هُوَ مَكْرُوهٌ فِي الْفَرْضِ.
لَكِنْ لَوْ افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ قَائِمًا ثُمَّ أَعْيَا - أَيْ كَل وَتَعِبَ - فَلاَ بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَكَّأَ عَلَى عَصًا أَوْ حَائِطٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (9)
وَإِنَّمَا فَرَّقَ الْجُمْهُورُ بَيْنَ الاِسْتِنَادِ فِي الْفَرْضِ فَمَنَعُوهُ، وَأَجَازُوهُ فِي النَّفْل، لأَِنَّ النَّفَل تَجُوزُ صَلاَتُهُ مِنْ جُلُوسٍ دُونَ قِيَامٍ، فَكَذَا يَجُوزُ الاِسْتِنَادُ فِيهِ مَعَ الْقِيَامِ.
الاِسْتِنَادُ فِي غَيْرِ الصَّلاَةِ:
أ - اسْتِنَادُ النَّائِمِ الْمُتَوَضِّئِ:
7 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ لِلْحَنَابِلَةِ إلَى أَنَّهُ إِذَا نَامَ مُسْتَنِدًا إلَى شَيْءٍ - بِحَيْثُ لَوْ زَال لَسَقَطَ - لاَ يَنْتَقِضُ وُضُوءُ الْمُسْتَنِدِ فِي الأَْصَحِّ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ، وَهَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ مَقْعَدَتُهُ زَائِلَةً عَنِ الأَْرْضِ وَإِلاَّ نُقِضَ اتِّفَاقًا.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إلَى أَنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، لأَِنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنَ النَّوْمِ الثَّقِيل، فَإِنْ كَانَ لاَ يَسْقُطُ فَهُوَ مِنَ النَّوْمِ الْخَفِيفِ الَّذِي لاَ يَنْقُضُ.
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ نَوْمَ الْمُسْتَنِدِ قَلِيلاً كَانَ أَوْ كَثِيرًا يَنْقُضُ (10) . ب - الاِسْتِنَادُ إلَى الْقُبُورِ:
8 - يُكْرَهُ الاِسْتِنَادُ إلَى الْقُبُورِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَقَدْ أَلْحَقُوا الاِسْتِنَادَ بِالْجُلُوسِ الَّذِي وَرَدَتِ الأَْحَادِيثُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: يُكْرَهُ الْجُلُوسُ عَلَى الْقَبْرِ، وَالاِتِّكَاءُ عَلَيْهِ، وَالاِسْتِنَادُ إلَيْهِ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: لأََنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ (11) .
وَقَال الْخَطَّابِيُّ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى رَجُلاً قَدِ اتَّكَأَ عَلَى قَبْرٍ فَقَال: لاَ تُؤْذِ صَاحِبَ الْقَبْرِ (12) .
وَقَدْ قَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ الْكَرَامَةَ بِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الاِسْتِنَادِ، وَبِكَوْنِ الاِسْتِنَادِ إلَى قَبْرِ مُسْلِمٍ. وَقَوَاعِدُ غَيْرِهِمْ لاَ تَأْبَى هَذَا التَّقْيِيدَ.
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيَرَوْنَ أَنَّهُ لاَ كَرَاهَةَ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى الاِسْتِنَادُ إلَيْهِ. قَال الدُّسُوقِيُّ: يَجُوزُ الْجُلُوسُ عَلَى الْقَبْرِ مُطْلَقًا. وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ حُرْمَةِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْجُلُوسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ (13) . الْمَبْحَثُ الثَّانِي
الاِسْتِنَادُ بِمَعْنَى الاِحْتِجَاجِ:
9 - يَأْتِي الاِسْتِنَادُ بِمَعْنَى الاِحْتِجَاجِ بِمَا يُقَوِّي الْقَضِيَّةَ الْمُدَّعَاةَ، وَيَكُونُ إمَّا فِي مَقَامِ الْمُنَاظَرَةِ وَالاِسْتِدْلاَل وَالاِجْتِهَادِ، فَيُرْجَعُ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهِ إلَى أَبْوَابِ الأَْدِلَّةِ، وَبَابِ الاِجْتِهَادِ مِنْ عِلْمِ الأُْصُول.
وَإِمَّا فِي دَعْوَى أَمَامَ الْقَضَاءِ، فَيُرْجَعُ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهِ إلَى مُصْطَلَحِ (إثْبَاتٌ) .
الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ.
الاِسْتِنَادُ بِمَعْنَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ بِأَثَرٍ رَجْعِيٍّ:
10 - الاِسْتِنَادُ بِهَذَا الْمَعْنَى: هُوَ أَنْ يَثْبُتَ الْحُكْمُ فِي الْحَال لِتَحَقُّقِ عِلَّتِهِ، ثُمَّ يَعُودُ الْحُكْمُ الْقَهْقَرِيُّ لِيَثْبُتَ فِي الْمَاضِي تَبَعًا لِثُبُوتِهِ فِي الْحَاضِرِ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: أَنَّ الْمَغْصُوبَ إِذَا تَلِفَ تَحْتَ يَدِ الْغَاصِبِ بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ يَضْمَنُهُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ، فَإِذَا ضَمِنَهُ مَلَكَهُ مِلْكًا مُسْتَنِدًا إِلَى وَقْتِ وُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ، حَتَّى أَنَّهُ يَمْلِكُ زَوَائِدَهُ الْمُتَّصِلَةَ الَّتِي وُجِدَتْ مِنْ حِينِ الْغَصْبِ إِلَى حِينِ الضَّمَانِ، لأَِنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِهِ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ أَيْضًا أَنَّ الْبَيْعَ الْمَوْقُوفَ نَفَاذُهُ عَلَى إجَازَةِ مَنْ لَهُ حَقُّ الإِْجَازَةِ - كَبَيْعِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ يَقِفُ نَفَاذُهُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ - إِذَا أَجَازَهُ نَفَذَ نَفَاذًا مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِ الْعَقْدِ، حَتَّى يَمْلِكَ الْمُشْتَرِي زَوَائِدَهُ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْفَصِلَةَ. (14) وَاسْتِعْمَال لَفْظِ الاِسْتِنَادِ بِهَذَا الْمَعْنَى هُوَ مُصْطَلَحٌ لِلْحَنَفِيَّةِ خَاصَّةً. وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يَسْتَعْمِلُونَ بَدَلاً مِنْهُ اصْطِلاَحَ " التَّبَيُّنِ "، (15) وَالْمَالِكِيَّةُ يُعَبِّرُونَ أَيْضًا عَنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى " بِالاِنْعِطَافِ ". (16)
وَمَعْنَى الاِسْتِنَادِ فِي الإِْجَازَةِ مَثَلاً أَنَّ الْعَقْدَ الْمَوْقُوفَ إِذَا أُجِيزَ يَكُونُ لِلإِْجَازَةِ اسْتِنَادٌ وَانْعِطَافٌ، أَيْ تَأْثِيرٌ رَجْعِيٌّ، فَبَعْدَ الإِْجَازَةِ يَسْتَفِيدُ الْعَاقِدُ مِنْ ثَمَرَاتِ الْعَقْدِ مُنْذُ انْعِقَادِهِ، لأَِنَّ الإِْجَازَةَ لَمْ تُنْشِئِ الْعَقْدَ إنْشَاءً بَل أَنْفَذَتْهُ إنْفَاذًا، أَيْ فَتَحَتْ الطَّرِيقَ لآِثَارِهِ الْمَمْنُوعَةِ الْمُتَوَقِّفَةِ لِكَيْ تَمُرَّ وَتَسْرِيَ، فَتَلْحَقُ تِلْكَ الآْثَارُ بِالْعَقْدِ الْمُوَلِّدِ لَهَا اعْتِبَارًا مِنْ تَارِيخِ انْعِقَادِهِ، لاَ مِنْ تَارِيخِ الإِْجَازَةِ فَقَطْ. فَبَعْدَ الإِْجَازَةِ يُعْتَبَرُ الْفُضُولِيُّ كَوَكِيلٍ عَنْ صَاحِبِ الْعَقْدِ قَبْل الْعَقْدِ، وَبِمَا أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْوَكِيل نَافِذَةٌ عَلَى الْمُوَكِّل مُنْذُ صُدُورِهَا، يَكُونُ عَقْدُ الْفُضُولِيِّ نَافِذًا عَلَى الْمُجِيزِ نَفَاذًا مُسْتَنِدًا إلَى تَارِيخِ الْعَقْدِ. (17)
هَذَا، وَمِنْ أَجْل أَنَّ هَذَا الاِصْطِلاَحَ خَاصٌّ بِالْحَنَفِيَّةِ فَسَيَكُونُ كَلاَمُنَا فِي هَذَا الْمَبْحَثِ مُعَبِّرًا عَنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ خَاصَّةً، إلاَّ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَنُصُّ فِيهَا عَلَى غَيْرِهِمْ.
11 - وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ نُجَيْمٍ أَنَّ الأَْحْكَامَ تَثْبُتُ بِطُرُقٍ أَرْبَعٍ، فَذَكَرَ مَعَ الاِسْتِنَادِ الَّذِي سَبَقَ بَيَانُهُ:
أ - الاِقْتِصَارَ: وَهُوَ الأَْصْل. كَمَا إِذَا أَنْشَأَ طَلاَقًا مُنَجَّزًا غَيْرَ مُعَلَّقٍ، فَإِنَّ الطَّلاَقَ يَقَعُ عِنْدَ هَذَا الْقَوْل فِي الْحَال، فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وَلاَ يَكُونُ لَهُ أَثَرٌ رَجْعِيٌّ.
ب - وَالاِنْقِلاَبَ: هُوَ أَنْ يَثْبُتَ الْحُكْمُ فِي وَقْتٍ لاَحِقٍ مُتَأَخِّرٍ عَنِ الْقَوْل، كَمَا لَوْ قَال لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، لاَ يَثْبُتُ بِهِ الطَّلاَقُ فِي الْحَال، لَكِنْ إِنْ دَخَلَتْهَا طُلِّقَتْ بِدُخُولِهَا. وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهِ انْقِلاَبًا: أَنَّ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ - وَهُوَ الصِّيغَةُ الْمُعَلَّقَةُ - انْقَلَبَ عِلَّةً بِوُجُودِ الدُّخُول، إِذْ إِنَّ قَوْلَهُ: أَنْتِ طَالِقٌ لَيْسَ بِعِلَّةٍ لِلطَّلاَقِ قَبْل دُخُولِهَا الْبَيْتَ، وَمَتَى دَخَلَتِ انْقَلَبَ فَأَصْبَحَ عِلَّةً، لأَِنَّ ذَلِكَ الْقَائِل جَعَل لِلْعِلِّيَّةِ شَرْطًا وَقَدْ تَحَقَّقَ.
ج - وَالتَّبَيُّنَ أَوِ الظُّهُورَ: (18) وَهُوَ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَال أَنَّ الْحُكْمَ كَانَ ثَابِتًا مِنْ قَبْل، كَمَا لَوْ قَال يَوْمَ الْجُمُعَةِ: إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ يَوْمَ السَّبْتِ أَنَّ زَيْدًا كَانَ فِي الدَّارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ الطَّلاَقَ يَقَعُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ ذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ وَقَعَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلاَّ فِي يَوْمِ السَّبْتِ. وَالْعِدَّةُ تَبْتَدِئُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
التَّفْرِيقُ بَيْنَ الاِسْتِنَادِ وَالتَّبَيُّنِ:
12 - فِي حَالَةِ الاِسْتِنَادِ لَمْ يَكُنِ الْحُكْمُ ثَابِتًا فِي نَفْسِ الأَْمْرِ فِي الْمَاضِي، ثُمَّ لَمَّا ثَبَتَ فِي الْحَاضِرِ رَجَعَ ثُبُوتُهُ الْقَهْقَرِيُّ فَانْسَحَبَ عَلَى الْمُدَّةِ السَّابِقَةِ، أَمَّا فِي التَّبَيُّنِ فَقَدْ كَانَ الْحُكْمُ ثَابِتًا فِي نَفْسِ الأَْمْرِ وَلَكِنْ تَأَخَّرَ الْعِلْمُ بِهِ، وَمِنْ هُنَا ظَهَرَ بَيْنَ الأَْمْرَيْنِ الْفُرُوقُ التَّالِيَةُ:
الأَْوَّل: أَنَّ حَالَةَ التَّبَيُّنِ يُمْكِنُ أَنْ يَطَّلِعَ الْعِبَادُ فِيهَا عَلَى الْحُكْمِ. وَفِي الاِسْتِنَادِ لاَ يُمْكِنُ. فَفِي الْمِثَال السَّابِقِ لِلتَّبَيُّنِ وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ عَلِمَ كَوْنَهُ فِي الدَّارِ بَعْدَ مُدَّةٍ، فَإِنَّ الْعِلْمَ بِكَوْنِهِ فِي الدَّارِ مِمَّا يَدْخُل فِي طَوْقِ الْعِبَادِ، بِخِلاَفِ الْعِلْمِ بِإِجَازَةِ الْوَلِيِّ لِبَيْعِ الصَّبِيِّ، فَإِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِإِجَازَتِهِ قَبْل أَنْ يُجِيزَ.
الثَّانِي: أَنَّ حَالَةَ التَّبَيُّنِ لاَ يُشْتَرَطُ فِيهَا قِيَامُ الْمَحَل عِنْدَ حُصُول تَبَيُّنِ الْحُكْمِ، وَلاَ اسْتِمْرَارُ وُجُودِهِ إلَى حِينِ التَّبَيُّنِ. فَلَوْ قَال لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ، فَحَاضَتْ ثَلاَثَ حِيَضٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ زَيْدًا كَانَ فِي الدَّارِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، لاَ تَقَعُ الثَّلاَثُ، لأَِنَّهُ تَبَيَّنَ وُقُوعُ الأَْوَّل، وَأَنَّ إِيقَاعَ الثَّلاَثِ كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
أَمَّا فِي حَالَةِ الاِسْتِنَادِ فَلاَ بُدَّ مِنْ قِيَامِ الْمَحَل حَال ثُبُوتِ الْحُكْمِ، وَعَدَمِ انْقِطَاعِ وُجُودِهِ مِنْ وَقْتِ ثُبُوتِ الْحُكْمِ، عَوْدًا إلَى الْوَقْتِ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ، كَمَا فِي الزَّكَاةِ تَجِبُ بِتَمَامِ الْحَوْل، وَيَسْتَنِدُ وُجُوبُهَا إلَى وَقْتِ وُجُودِ النِّصَابِ، فَلَوْ كَانَ عِنْدَ تَمَّامِ الْحَوْل مَفْقُودًا، أَوِ انْقَطَعَ أَثْنَاءَهُ لَمْ يَثْبُتِ الْوُجُوبُ فِي آخِرِ الْحَوْل. (19)
الاِسْتِنَادُ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ:
13 - إِذَا اسْتَنَدَ الْمِلْكُ فَإِنَّهُ فِي الْفَتْرَةِ مَا بَيْنَ التَّصَرُّفِ إلَى حُصُول الإِْجَازَةِ وَمَا يَقُومُ مَعَهَا - كَضَمَانِ الْمَضْمُونَاتِ - مِلْكٌ نَاقِصٌ، وَلَيْسَ كَغَيْرِهِ مِنَ الْمِلْكِ التَّامِّ.
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرْعَانِ:
الْفَرْعُ الأَْوَّل: لَوْ غَصَبَ عَيْنًا فَزَادَتْ عِنْدَهُ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ، أَوْ مُنْفَصِلَةً كَالْوَلَدِ، فَإِذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ فِيمَا بَعْدُ، مَلَكَهُ مِلْكًا مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ. أَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ كَسِمَنِ الدَّابَّةِ فَلاَ يَضْمَنُهَا، لأَِنَّهَا تَكُونُ قَدْ حَدَثَتْ عَلَى مِلْكِهِ. وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ الَّتِي حَصَلَتْ بَعْدَ الْغَصْبِ وَقَبْل الضَّمَانِ، لَوْ بَاعَهَا أَوِ اسْتَهْلَكَهَا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا، لأَِنَّهَا فِي الأَْصْل غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ، إذْ قَدْ حَدَثَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ فَلاَ يَضْمَنُهَا إلاَّ بِالتَّعَدِّي أَوِ التَّفْرِيطِ، وَبِبَيْعِهَا أَوِ اسْتِهْلاَكِهَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا، فَكَانَ غَاصِبًا لَهَا فَيَضْمَنُهَا عَلَى تَفْصِيلٍ مَوْطِنُهُ الْغَصْبُ.
فَظَهَرَ الاِسْتِنَادُ مِنْ جِهَةِ الزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ، وَاقْتَصَرَ الْمِلْكُ عَلَى الْحَال مِنْ جِهَةِ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ. قَال الْكَاسَانِيُّ: أَثْبَتْنَا الْمِلْكَ بِطَرِيقِ الاِسْتِنَادِ، فَالْمُسْتَنَدُ يَظْهَرُ مِنْ وَجْهٍ وَيَقْتَصِرُ عَلَى الْحَال مِنْ وَجْهٍ، فَيَعْمَل بِشَبَهِ الظُّهُورِ فِي الزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ، وَبِشَبَهِ الاِقْتِصَارِ فِي الْمُنْفَصِلَةِ، لِيَكُونَ عَمَلاً بِالشَّبَهَيْنِ بِقَدْرِ الإِْمْكَانِ. (20)
الْفَرْعُ الثَّانِي: لَوِ اسْتَغَل الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ، كَمَا لَوْ آجَرَ الدَّابَّةَ، فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْغَلَّةِ عَلَى قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَلاَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْغَلَّةِ عَلَى قَوْل أَبِي يُوسُفَ، لأَِنَّهُ حَصَل فِي مِلْكِهِ حِينَ أَدَّى ضَمَانَهُ مُسْتَنِدًا إلَى حِينِ الْغَصْبِ. وَقَال الْبَابَرْتِيُّ: وَإِنَّمَا قَال أَبُو حَنِيفَةَ بِالتَّصَدُّقِ بِالْغَلَّةِ لأَِنَّهَا حَصَلَتْ بِسَبَبٍ خَبِيثٍ وَهُوَ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، وَهُوَ وَإِنْ دَخَل فِي مِلْكِهِ مِنْ حِينِ الْغَصْبِ، إلاَّ أَنَّ الْمِلْكَ الْمُسْتَنَدَ نَاقِصٌ لِكَوْنِهِ ثَابِتًا فِيهِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، وَلِهَذَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمَغْصُوبِ الْقَائِمِ دُونَ الْفَائِتِ، فَلاَ يَنْعَدِمُ فِيهِ الْخُبْثُ. (21)
مَا نَشَأَ عَنِ اعْتِبَارِ الإِْجَازَةِ مُسْتَنِدَةً فِي الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ:
14 - نَشَأَ عَنْ نَظَرِيَّةِ اسْتِنَادِ إِجَازَةِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَوْقُوفَةِ إلَى وَقْتِ الاِنْعِقَادِ إنِ اشْتَرَطُوا لِصِحَّةِ الإِْجَازَةِ قِيَامَ الْمُجِيزِ وَالْمَحَل عِنْدَ الْعَقْدِ، بِالإِْضَافَةِ إلَى قِيَامِ الْعَاقِدَيْنِ. وَلِذَا يَقُول الْحَصْكَفِيُّ: كُل تَصَرُّفٍ صَدَرَ مِنَ الْفُضُولِيِّ وَلَهُ مُجِيزٌ - أَيْ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى إمْضَائِهِ حَال وُقُوعِهِ - انْعَقَدَ مَوْقُوفًا، وَمَا لاَ مُجِيزَ لَهُ لاَ يَنْعَقِدُ أَصْلاً. فَلَوْ أَنَّ صَبِيًّا بَاعَ عَيْنًا ثُمَّ بَلَغَ قَبْل إِجَازَةِ وَلِيِّهِ فَأَجَازَهُ بِنَفْسِهِ جَازَ، لأَِنَّ لَهُ وَلِيًّا يُجِيزُهُ حَالَةَ الْعَقْدِ، بِخِلاَفِ مَا لَوْ طَلَّقَ مَثَلاً ثُمَّ بَلَغَ فَأَجَازَهُ بِنَفْسِهِ، لأَِنَّهُ وَقْتَ قِيَامِ التَّصَرُّفِ لاَ مُجِيزَ لَهُ - أَيْ لأَِنَّ وَلِيَّهُ لاَ يَمْلِكُ إِجَازَةَ الطَّلاَقِ - فَيَبْطُل، إِلاَّ أَنْ يُوقِعَ الطَّلاَقَ حِينَئِذٍ، كَأَنْ يَقُول بَعْدَ الْبُلُوغِ: أَوْقَعْتُ ذَلِكَ الطَّلاَقَ. (22)
مَا يَدْخُلُهُ الاِسْتِنَادُ:
15 - يَدْخُل الاِسْتِنَادُ فِي تَصَرُّفَاتٍ شَرْعِيَّةٍ كَثِيرَةٍ: مِنْهَا فِي الْعِبَادَةِ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي الأَْشْبَاهِ: أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ بِتَمَامِ الْحَوْل مُسْتَنِدًا إلَى أَوَّل وُجُودِ النِّصَابِ.
وَكَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ، تُنْتَقَضُ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ مُسْتَنِدًا إِلَى وَقْتِ الْحَدَثِ، لاَ إِلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَكَطَهَارَةِ الْمُتَيَمِّمِ، تَنْتَقِضُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْحَدَثِ لاَ إلَى رُؤْيَةِ الْمَاءِ، فَلَوْ لَبِسَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الْخُفَّ مَعَ السَّيَلاَنِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ تَمْسَحْ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَبِسَ الْمُتَيَمِّمُ الْخُفَّ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ لاَ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ. (23)
وَوَضَّحَ ذَلِكَ الْكَرْلاَنِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَحَاضَةِ بِأَنَّ الثَّابِتَ بِالاِسْتِنَادِ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، لأَِنَّهُ بَيْنَ الظُّهُورِ وَالاِقْتِصَارِ، لأَِنَّ انْتِقَاضَ الْوُضُوءِ حُكْمُ الْحَدَثِ، وَالْحَدَثُ وُجِدَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، فَهَذَا يَقْتَضِي صَيْرُورَتَهَا مُحْدَثَةً مُعَلَّقَةً بِخُرُوجِ الْوَقْتِ، وَخُرُوجُ الْوَقْتِ وُجِدَ الآْنَ، فَهَذَا يَقْتَضِي صَيْرُورَتَهَا مُحْدَثَةً فِي الْحَال، فَجَعَلْنَاهُ ظُهُورًا مِنْ وَجْهٍ اقْتِصَارًا مِنْ وَجْهٍ، وَلَوْ كَانَ ظُهُورًا مِنْ كُل وَجْهٍ لاَ يَجُوزُ الْمَسْحُ، وَلَوْ كَانَ اقْتِصَارًا مِنْ كُل وَجْهٍ لَجَازَ الْمَسْحُ، فَقُلْنَا لاَ يَجُوزُ الْمَسْحُ أَخْذًا بِالاِحْتِيَاطِ. (24)
16 - وَيَكُونُ الاِسْتِنَادُ أَيْضًا فِي الْبُيُوعِ الْمَوْقُوفِ نَفَاذُهَا عَلَى الإِْجَازَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَمِنَ الْبُيُوعِ الْمَوْقُوفَةِ بَيْعُ الْمُكْرَهِ وَالْمُرْتَدِّ، وَمَا صَدَرَ مِنْ مَالِكٍ غَيْرِ أَهْلٍ لِتَوَلِّي طَرَفَيِ الْعَقْدِ، كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالسَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَبَيْعِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِحَقِّ الدَّائِنِينَ، وَمَا صَدَرَ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ وِلاَيَةٌ شَرْعِيَّةٌ كَالْفُضُولِيِّ. وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْمَالِكُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ كَالْمَرْهُونِ.
وَيَدْخُل الاِسْتِنَادُ أَيْضًا سَائِرَ الْعُقُودِ وَالإِْسْقَاطَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَتَوَقَّفُ عَلَى الإِْجَازَةِ، فَمَثَلاً كُل تَصَرُّفٍ صَدَرَ مِنَ الْفُضُولِيِّ تَمْلِيكًا كَتَزْوِيجٍ، أَوْ إِسْقَاطًا كَطَلاَقٍ وَإِعْتَاقٍ، يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى الإِْجَازَةِ وَيَسْتَنِدُ. وَالْقَاعِدَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ " الإِْجَازَةَ اللاَّحِقَةَ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ (25) " (ر: إجَازَةٌ) .
وَكَذَا الْعُقُودُ الَّتِي فِيهَا الْخِيَارُ لِلطَّرَفَيْنِ، أَوْ لأَِحَدِهِمَا إِذَا أَجَازَهَا مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَلَزِمَتْ، فَإِنَّهَا تَلْزَمُ لُزُومًا مُسْتَنِدًا إِلَى وَقْتِ الاِنْعِقَادِ، لأَِنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى قَوْلٍ، (26) وَالْمَضْمُونَاتُ تُمْلَكُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ مِلْكًا مُسْتَنِدًا إِلَى وَقْتِ سَبَبِ الضَّمَانِ. (27)
وَيَكُونُ الاِسْتِنَادُ أَيْضًا فِي الْوَصِيَّةِ إِذَا قَبِل الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنَ مَا أُوْصِيَ لَهُ بِهِ، عِنْدَ مَنْ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ مِنْ حِينِ مَوْتِ الْمُوصِي، وَهُوَ الْقَوْل الأَْصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ وَجْهٌ مَرْجُوحٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَعَلَيْهِ فَيُطَالِبُ الْمُوصَى لَهُ بِثَمَرَةِ الْمُوصَى بِهِ، وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَفِطْرَتُهُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حِينِ مَوْتِ الْمُوصِي. (28)
وَمِمَّا يَدْخُلُهُ الاِسْتِنَادُ: الْوَصِيَّةُ لأَِجْنَبِيٍّ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، أَوْ لِوَارِثٍ، وَتَبَرُّعَاتُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، إِذْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَيَسْتَنِدُ إِلَى وَقْتِ وَفَاةِ الْمُوصِي عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ.
الاِسْتِنَادُ فِي الْفَسْخِ وَالاِنْفِسَاخِ:
17 - مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْفَسْخَ لاَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ، وَإِنَّمَا فِي فَسْخٍ فِيمَا يُسْتَقْبَل مِنَ الزَّمَانِ دُونَ الْمَاضِي عَلَى مَا نَقَل شَيْخُ الإِْسْلاَمِ خُوَاهَرْ زَادَهْ (29) . وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْقَوْل الْمَرْجُوحِ، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ لِلْحَنَابِلَةِ يَسْتَنِدُ الْفَسْخُ إِلَى وَقْتِ الْعَقْدِ. (1)
__________
(1) اللسان، والمرجع في اللغة مادة (سند) .
(2) الكليات 1 / 38 ط دمشق.
(3) شرح منية المصلي ص 271 ط دارالسعادة 1325 هـ، وابن عابدين 1 / 299 ط بولاق، وحاشية الدسوقي 1 / 255 - 258 ط عيسى الحلبي، ونهاية المحتاج 1 / 445، 446 ط مصطفى الحلبي، ونيل المآرب 1 / 39، 40 ط بولاق.
(4) المجموع 3 / 259 ط المنيرية.
(5) الشرح الكبير بهامش الدسوقي 2 / 257، والمواق بهامش مواهب الجليل 2 / 3، وشرح منية المصلي ص 262، وكشاف القناع 1 / 498.
(6) الفتاوى الهندية 1 / 34 نقلا عن الذخيرة.
(7) الشرح الكبير بهامش الدسوقي 2 / 257.
(8) المجموع 3 / 259، والحطاب 2 / 7.
(9) شرح منية المصلي ص 271.
(10) ابن عابدين 1 / 95، 96، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 52، وشرح الزرقاني 1 / 86، وكفاية الطالب 1 / 111، والمجموع 2 / 16، 17، ونهاية المحتاج 1 / 100، 101، والمغني 1 / 129، والإنصاف 1 / 201.
(11) حديث " لأن يجلس أحدكم على جمرة. . . " أخرجه مسلم وأحمد والنسائي وأبو داود وابن ماجه مرفوعا من حديث أبي هريرة ﵁ (نيل الأوطار 4 / 135 ط الجيل 1973 م) .
(12) حديث: روي عن النبي ﷺ أنه " رأى رجلا اتكأ على قبر فقال: لا تؤذ صاحب القبر ". أخرجه أحمد من حديث عمرو بن حزم مرفوعا بلفظ: " رآني رسول الله ﷺ متكئا على قبر فقال: لا تؤذ صاحب هذا القبر، أو لا تؤذوه " قال الحافظ في الفتح: إسناده صحيح. (نيل الأوطار 4 / 135، 136 ط دار الجيل 1973 م) .
(13) ابن عابدين 1 / 606، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 428، وشرح المنهاج ومعه حاشية القليوبي 1 / 342، والمغني 2 / 508 ط 3
(14) الأشباه والنظائر لابن نجيم، وحاشية الحموي ص 156، 157 ط استانبول، وكشاف اصطلاحات الفنون 3 / 647.
(15) حاشية الدسوقي 2 / 396، ونهاية المحتاج 6 / 67، والمغني 6 / 25.
(16) المدخل الفقهي العام للشيخ مصطفى الزرقاء 1 / 534 (الحاشية) مطبعة الجامعة السورية الطبعة الخامسة.
(17) الأشباه والنظائر بتوضيح يسير ص 156 - 157.
(18) كذا ورد في بعض المواضع " التبيّن " وهو أولى. والغالب في كلامهم (التبيين) .
(19) حاشية الأشباه والنظائر للحموي ص 157، 158.
(20) البدائع 7 / 144 ط دار الكتاب العربي - بيروت.
(21) الهداية وشرحها العناية للبابرتي 8 / 356.
(22) الدر المختار بهامش ابن عابدين 2 / 327 و 4 / 135.
(23) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 158.
(24) الكفاية مطبوع مع شرح فتح القدير 1 / 129.
(25) ابن عابدين 4 / 138، 139.
(26) ابن عابدين 4 / 45، 140.
(27) فتح القدير وشروح الهداية 8 / 256.
(28) نهاية المحتاج 6 / 45، 67، والمغني 6 / 5.
(29) حاشية شلبي على تبيين الحقائق 4 / 37، 38 وشرح الأشباه ص 527 ط الهند، والأشباه للسيوطي ص 236، 237.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 104/ 4