البارئ
(البارئ): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو...
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "ما منْ امْرِئٍ مسلم تَحْضُرُهُ صلاة مكتوبة فَيُحْسِنُ وضوءها؛ وخشوعها، وركوعها، إلا كانت كفَّارة لما قبلها من الذنوب ما لم تُؤتَ كبيرة، وذلك الدهر كلَّه".
[صحيح.] - [رواه مسلم.]
"ما من امرئ مسلم"، ومثله المرأة المسلمة، "تحضره صلاة مكتوبة"، أي: يدخل وقتها وهو مخاطب بأدائها "فيحسن وضوءها"، فيؤديه على الوجه المشروع "وخشوعها وركوعها "، أي: وسائر أركانها بأن أتى بكل من ذلك على أكمل هيئاته من فرض وسنة، فإحسان الوضوء: الإتيان به جامع الفرائض والسنن والآداب، وإحسان الخشوع: كمال الإقبال والتوجه، "إلا كانت"، هذه الصلاة، "كفارة"، أي: مكفرة، "لما قبلها من الذنوب"، أي: المعاصي الصغائر، "ما لم تُؤتَ كبيرةٌ"، أي: لم يعمل كبيرة من كبائر الذنوب، "وذلك"، أي: تكفير ما ذكر من الذنوب بحسن الوضوء والخشوع "الدهر كله"، تنبيهاً على تعميم تكفير الطاعات للصغائر كل زمن، وأن ذلك غير مقصور على أشرف الأزمنة من عصره ﷺ وعصر الصحابة -رضي اللّه عنهم-؛ بل عام لسائر الأعصار.
مكتوبة | مفروضة. |
كفارة | ساترة وماحية. |
خشوعها | إقباله على الله -تعالى- بقلبه فيها. |
الوضوء | استعمال ماء طهور في الأعضاء الأربعة (وهي الوجه واليدان، والرأس، والرجلان) على صفة مخصوصة في الشرع. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".