القوي
كلمة (قوي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من القرب، وهو خلاف...
عن أبي السَّمْح قال: كنت أخْدُم النبي ﷺ، فكان إذا أراد أن يغتسل قال: «وَلِّني قَفَاك». فأوَلِّيه قَفَايَ فأَسْتُره به، فأُتِيَ بحسن أو حسين رضي الله عنهما فَبَال على صدره فجئتُ أغسله فقال: «يُغسَلُ مِنْ بوْل الجاريَة، ويُرَشُّ مِنْ بوْل الغُلام».
[صحيح.] - [رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.]
يذكر أبو السمح رضي الله عنه أنه كان يخدم النبي ﷺ, وأنه عليه الصلاة والسلام ربما أراد أن يغتسل فيطلب من أبي السمح أن يوليه ظهره, فكان يستر النبي ﷺ بجسمه بحيث يجعل ظهره مما يلي النبي ﷺ فيستره عن الناس وعن نفسه, ثم ذكر حادثة وقعت له مع النبي ﷺ, حيث أتي بالحسن أو الحسين فبال على ثياب النبي ﷺ من جهة صدره, فأراد أبو السمح أن يغسله, فبيَّن له النبي ﷺ أن بول الرضيع الذي لم يأكل الطعام يكفي في تطهيره -إن أصاب الثوب- أن يُرش بالماء رشّا يعم مكان البول, ولا يجب غسله, بخلاف بول الجارية فالواجب غسل الثوب منه, ولو كانت رضيعة, ومما ذكره أهل العلم من وجوه الفرق بين الصبي والصبية: - كثرة حمل الرجال والنساء للطفل الذكر، فتعم البلوى ببوله فيشق غسله. - أن بوله يخرج بقوة وشدة دفع، فينتشر وتكثر الإصابة منه، فيشق غسل ما أصابه كله، بخلاف بول الأنثى. - أن بول الأنثى أخبث وأنتن من بول الذكر، وسببه حرارة الذكر، ورطوبة الأنثى، فالحرارة تخفف من نتن البول، وتذيب منها ما يحصل مع الرطوبة. هذه من الحِكَمِ التي تلمَّسها العلماء للفرق بين بول الغلام وبين بول الجارية، فإنْ صحَّتْ، فهي حِكَمٌ معقولة؛ لأنَّها فروق واضحة، وإنْ لم تصح فالحكمة هي حُكْمُ الله تعالى؛ فإنَّنا نعلم يقينا أنَّ شرع الله هو الحكمة؛ فانَّ الشرع لا يفرِّقُ بين شيئين متماثلين في الظاهر، إلاَّ والحكمة تقتضي التفريق، ولا يجمع بينهما إلاَّ والحكمة تقتضي الجمع؛ لأنَّ أحكام الله لا تكون إلاَّ وفق المصلحة؛ ولكن قَدْ تظهر وقد لا تظهر.
فأوليه قفاي | أي أنه كان يستر النبي -صلى الله عليه وسلم- بجسمه بحيث يجعل ظهره مما يلي النبي -صلى الله عليه وسلم- فيستره عن الناس وعن نفسه. |
قفاك | القفا مؤخر العنق. |
فبال على صدره | يعني: بال على موضع في الصدر من الثياب. |
الجارية | الجاريه: الفتيَّة من النساء، والمراد هنا: الطفلة الصغيرة في زمن الرضاع. |
يغسل | أي كما يغسل من بول الكبيرات, فحكم بولها كحكم بول الكبيرات, بأن يُغمر الثوب بالماء حتى ينزل عنه. |
يرش | الرش هو النضح، وهو دون الصب؛ بل يكاثر الثوب بالماء مكاثرة لا تبلغ جريان الماء وتقاطره. |
الغلام | هو الابن الصغير من الولادة حتَّى البلوغ، والمراد به هُنا الذي يكون في زمن الرضاع. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".